واجه جبران خليل جبران (1883 - 1931) عصره; فتعارفا وكان صراع .. سافر
شاعرًا في أبعاد العصر ليبلور الحكمة الكامنة, علّه يدفع بالإنسان نحو ذاته
الفضلى.
من (بشرِّي) لبنان (1883 - 1895), حيث ولد وحيث تفتح وجدانه وخياله, انتقل
إلى (بوسطن) (1895 - 1898) التي كانت تشهد -آنذاك- نهضة فكرية, وعاد إلى
(بيروت) (1898 - 1902) ليعيش نكبات شرقه وتخلّفه, بينما كان يستزيد من تعلم
العربية في بلاده. ثم إلى (بوسطن) ثانية (1902 - 1908), ليعيش تجربة الموت
الذي حصد أسرته (1902 - 1904), ثم إلى (باريس) (1908 - 1910) ليسبر عمق
التحول الثقافي والفني الذي كانت تشهده, وبعدها (نيويورك) (1911 - 1913),
حيث يدرك معنى المدينة الحديثة في أوسع مفاهيمها.
ووسط (العالم الجديد), يناديه التاريخ في الحواضر العريقة فيسيح في مصر
وفلسطين وسورية (1903), وتجذبه روما ولندن; فيقرأ فيهما نموّ الوعي الخلاّق
في رحم التاريخ.
وتقدم الحرب العالمية الأولى لجبران أغزر وأغنى مادة للتأمل الجذري في
طبيعة القوة وماهية الضعف في النفس البشرية. |