للوطن
بسرعة وثقة, كما أخبار المنجّمات, تصله الأخبار من الجميع, ارتفاع
قادم للأسعار ومنخفض قطبي بارد, في الحال يذهب الى أحد محلات الأحذية, يطمئن
الى أن سعر الحذاء الرياضي الصيني مازال مستقرا, ويعود مسرعا, مختالا بحذائه
المريح!
يضع قدميه في حذائه, ويديه في جيبي سترته الشتوية, يفتح الباب ويعبّ
من هواء الصباح منطلقا الى عمله, البقّال واللحام وصاحب محل الأحذية و دائنوه
جميعا, يهمّ كلّ منهم بملاحقته حين يلمحه مارّا من أمام محلّه, فيسرع في مشيته
متجاوزا بليونة كل إشغالات الأرصفة!
ترتفع الأسعار كلها, درجات الحرارة تترنح في منزله دون أن تجد موقدا
دافئا تتكئ عليه, معدات صغاره الفارغة تصرخ, فيرتد الصدى في جيوبه الفارغة,
يتشبّث بحذائه وهو يرتديه, يهرب من منزله ومن دائنيه هرولة قافزا برشاقة فوق
حفر الطرقات التي تتسع وتتسع!
ومثل حبل المشنقة ترتفع الأسعار مجددا حول عنقه, يركض هاربا , يخلع
سترته وقد بللها العرق, يوقن بأنها لن تفيده وقد بدأت حمى الركض, يسرع لبيعها
في محل لبيع الألبسة القديمة ويشتري بثمنها مبتسما حذاء رياضيا صينيا جديدا
يعود به الى منزله بخفة غزال!
أطفاله يكادون يتجمدون, لا أخشاب يستطيعون إشعالها, المدفأة
المعدنية باردة حدّ الصقيع, يفرض عليهم برنامجا رياضيا يستمر منذ عودتهم من
المدرسة وحتى موعد نومهم, لا وجبات طعام, لا فروض مدرسية, لا تلفاز, جري ثم
جري, يكتب على باب منزله "الرياضة حياة"!
خلال إحدى دورات الركض التي كان يقوم بها في شوارع المدينة مع
أطفاله شاهده مدرّب وطني أوكلت إليه مهمة اختيار عدّاء ليمثّل الوطن في بطولة
العالم لألعاب القوى, أرسل من يأتيه به, قال له:
- أنت ستركض من أجل الوطن, سترفع اسم الوطن عاليا!
ما ان سمع كلمة "رفع" حتى قفز من مكانه,فبادره المدرّب مسرعا:
- أهنئك على حماستك وحبك لوطنك أيها البطل!
وقف عند خط البداية دون أن يعي ماذا عليه أن يفعل, نظر الى
المدرّجات فوجد دائنيه كلهم, كلهم قد لحقوا به الى هنا, إنهم ينظرون إليه
مباشرة, إنهم آتون صوبه, هل سيقتلونه؟
سمع صوت إطلاق نار, ركض وركض, زملائه في الميدان أصبحوا وراءه,
المعلّقون لم يستطيعوا مجاراته في السرعة, لقد سبقهم جميعا!
أمسكه المدرب وأطبق يديه حول عنقه, رفاقه في البعثة هجموا عليه
وطرحوه أرضا!
استسلم لأيديهم وهو يدرك أنها لحظات فقط ويصل دائنوه!
نظر الى علم الوطن الذي يرتفع ويرتفع, وعيناه مغرورقتان بالدموع!
أضيفت في 23/04/2008/ *
خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة
تعويذة
(مات ؟ ) لفظها و كأنه يستنكر اجتماع الأحرف الثلاث لتكون هذه
الكلمة العجيبة !
ضحك ثم تمالك نفسه , فهو موجود في كل مكان , اذا كيف يموت ؟
نظر برعب حوله فلا شك أن أحد الملاكين الذين لا يملان كتابة
التقارير عن يمينه أو يساره قد سجل أنه ضحك لهذا الخبر !
نعم , هو موجود في كل مكان , لا أحد يستطيع أن يقنعه بغير ذلك , حتى
أنه عندما يدخل إلى الحمام , يستحم مرتديا ثيابه خجلا منه , مما جعله يصاب
بالأمراض الفطرية التي فوجئ بأنها أصابت جميع من في البلاد حتى أن شعار )
حكّلّي لحكّلّك ) أصبح شعارا وطنيا !
مازال يذكر, عندما كان صغيرا خرج في مسيرة , تسلل ليقف تحت الشرفة
التي يطل منها مادا يديه فوق الجماهير المؤمنة ليمنحها بركته , مد يديه هو
الآخر و قد انحفرت على راحتيه آثار اليتم , قال له رجل قربه بفظاظة :
- اذهب من هنا !
_ ألن يعطيني ليرة ؟ أليس هو البابا ؟
فكر , هل يتصل بقريبه ليتأكد من الخبر , وتذكر أنه قد تم الاستغناء
عن خدمات قريبه مع جميع زملائه لتنتشر بدلا منهم تلك العبارة التي قالها في
لحظة وحي عظيمة ووضعت تعويذة في كل مكان من البلاد لحمايتها !
وأخيرا قرر أن يفتح التلفاز واثقا بأن الأخبار ستطمئنه أنه لا يزال
يعيش في الجنة والاعلانات ستؤكد أن السمن هنا لا يصنع ابتداء من حليب
الأبقار بل من تغريد البلابل وخرير المياه العذبة !
وفوجئ عندما رآه لا يزال مطلا عبر التلفاز ليس حيا فحسب بل عاد أصغر
كثيرا مؤكدا أنه فعل ذلك نزولا عند رغبة الناس الذين سمعهم يتحسرون على
الأيام الخوالي ويتنهدون ويقولون ) سقى الله أيام زمان ( !
فصيح
ثلاث صفعات تناوبت على خدّيه جعلته يدير وجهه برعب حوله, لم يعد
يذكر أين رأى الأخبار ذاك المساء, ومن أين تدفّقت صور الدّمار والجثث و
الأشلاء, من فلسطين أم العراق أم لبنان ؟
يضع فصيح رأسه على مخدّته بجانب رأس زوجته, لطالما أغلق باب منزله
المنسيّ على هذه الرّقعة الّتي تقع خلف تخوم الإهمال, أغلقه دون الأخبار
والجيران والدّنيا كلّها ليتفرّغ لأولاده وزوجته وعالمه الصّغير الجميل,
الصّور تجتاح دماغه, هو مواطن عربيّ, ابن هذه الأرض الممتدّة من الماء الى
الماء, والغارقة في الوجع, اثنتان وعشرون دولة عربيّة, يجب أن يشاهد أخبار
إخوته في كلّ دولة, يقرّر أن يخصّص يوما لمشاهدة قناتها أو قنواتها بكلّ ما
تعجّ من أخبار.
يستيقظ في الصّباح التّالي نشيطا كالعادة, يفتح التّلفاز فيطلّ عليه
الزّعيم يلقي خطابا أمام الجماهير:
-هذه الحغب هي حغب التّحغيغ , حغب السّيادة الحقيقّية.
-ينظر الى زوجته وهي تملأ فنجان قهوته فيهمس :
-أحسّ أن قلبي مملوء بالغغام هذا الصباح .
-ماذا تقول : غّم, ولماذا تتأتىء ؟ هل أنت خائف ؟ لا أحد هنا سوانا,
ما بك؟
لم تفهم أنّه يتحدّث عن الغرام , توجّه الى عمله والغمّ يملأ قلبه
حقّا !
في اليوم التّالي, يرى في التّلفاز الزّعيم أيضا يقول أثناء
استقباله ضيفا:
-جميعنا نحبّ العراك, وعلينا أن نساهم جميعا في تكويته, كلّ حسب
إمكانياته.
يمضي الى زملائه في العمل يحدّثهم عن العغاك وسبل صونه, ينظرون
إليه, لم يعهدوه عدائيا, ينفضّون من حوله سريعا فيجد نفسه دون أن يدري يبحث
عن أوراق ليكتب شيئا ما.
في المنزل يخبر زوجته :
-بحثت كثيغا اليوم عن أوغاك في العمل فلم أجد, إن منظغ الأوغاك
البيضاء خاصّة يوحي إلي بالكثيغ ويجعلني أكتب شعغا ونثغا وأعود أكثغ نشاطا.
لم تنتظره زوجته ليكمل
-أنت لم تكن يوما شهوانيّا ولا كريها هكذا, الآن عرفت سرّ هذا
التّغيّر والشّرود, أيّها الخائن, أيّها ال ...
وتبدأ بضربه بكلّ ما يقع بين يديها, ودون أن يستطيع التقاط أنفاسه
ترمي له بطّانيّة ووسادة لينام في غرفة الضّيوف !
عندما استيقظ شاهد الزّعيم مجدّدا يتوجّه بخطاب متلفز الى الأمّة :
-علينا أن نحافظ على الثّلم الأهليّ, مهما كلّفنا الأمر.
يجمع فصيح أبناءه وزوجته ويخاطبهم :
- يجب أن نتعاون للمحافظة على الثّلم وتغثيخه في هذا المنزل .
زوجته تستعين بالأولاد ليبحثوا في المعجم ويخبروها عن معنى كلمة
الثّلم
-الشّق.
تطلب زوجته الطّلاق .
يبات ليلته في منزل أبويه, تستيقظ أمّه من نومها العميق على صوت
الزّعيم الّذي يصرخ :
-أنتم تشاهدون النّزاعات الأهليّة هنا وهناك ولكن أطمئنكم ففي
دولتنا لا أثر لذلك, لأنّ الكلّ يشغل تفكيره السّلب الأهليّ.
يردّد:
-السّلب الأهلي, ولكن كيف ؟
تضربه أمه العجوز بعكّازها
-تسلب أهلك؟ أهذا ما جئت من أجله؟ وأنا أقول لنفسي: منذ زمن طويل لم
يأت ليرانا, أتيت لسلب أهلك؟ لذلك لم تنم يا حرامي, اخرج من هنا, لا أريد
رؤيتك مرّة ثانية.
في الشّارع راح يهذي عن غغامه وحبّه للعغاك والثّلم, السّلب!
رجلان في إحدى الزّوايا راقباه ثمّ التقت نظراتهما وتفاهمت : هذا هو
البديل المطلوب.
مشيا معه, أصغيا إليه مجدّدا, إنها اللّهجة ذاتها والخطاب ذاته !
قال له أحدهما:
-الوطن بحاجة لك ولخطابك هذا.
-كيف؟
-لا تسأل كيف, غدا صباحا سنأخذك لتلقي خطابا بين النّاس, الآن فكّر
فقط بما ستقوله.
خدّراه وأخذاه الى حيث تمّت إطالة أطرافه بوصل الكثير من الأطراف
المقطوعة, ومدّت رقبته عاليا بعدد هائل من الرّقاب, واقتلعت الأشجار
والأزهار والأعشاب وتمّ نقل التّراب من بعيدا لتصبح عيناه فارغتين وشدّت
شفتاه من زاويتيهما ليصبح فمه كبيرا جدا.
أثناء إلقائه الخطاب صوّبت إليه رصاصة غاضبة أصابت ال( قلب ) فاندفع
الدّم غزيرا منه.
في الصباح التّالي بثّت كل محطّات التّلفزة العربيّة صورا لجثّته
وتلي أوّل بيانات النعي وقد استهلّ بعبارة :
( كلب ) عربي آخر يسفح دمه على الأرض العربية !
لا شيء
عندما ولد زغردت النساء و تمتمت والدته المتعبة ( الحمد لله , خلقة
كاملة ),دون أن يلتفت أحد إلى بكائه المتواصل !
في يومه المدرسي الأول وقف بين زملائه في رتل طويل يتقدم ببطء ,
كانوا يستأصلون دماغ التلميذ قبل دخوله الصف , سأل
- لماذا ؟
أجابه الأستاذ الواقف بجواره
-لأن استعمالك لدماغك سيؤدي لإلحاق الأذى بباقي أعضاء جسدك , ولكن
لا تقلق يا بني , سنحشو رأسك بما ينفعك في حياتك .
ووضع الأستاذ يده على رأس الطفل مداعبا دماغه الذي سيرمى بعد قليل
في سلة المهملات !
مهرجانات كثيرة وخطابات عصماء شهدها خلال دراسته , كان يتوجب عليه
أن يصفق دوما وبشكل حاد ومتواصل , لكن يديه الهزيلتين لم تحتملا فسقطتا
أرضا من شدة الإعياء اثر إحدى نوبات التصفيق !
بحث كثيرا عن عمل بعد أن أنهى دراسته , وأخيرا حالفه الحظ في إحدى
شركات القطاع العام حيث كانوا يطلبون أمينا للمستودع , كان ضمن شروط القبول
ألا يكون لدى المتقدم لسان أو عينان أو أذنان , صرخت معدته به فألقى بحواسه
جانبا و أسرع ليكمل الأوراق المطلوبة !
بعد أن تزوج ضاقت به الحال وهزل أطفاله فقرر التبرع بكليته , أحس
بعد خروجه من المستشفى فراغا مخيفا داخله , استقصى الأمر فاكتشف أن الدكتور
قد استأصل جميع أحشائه وأرسلها للمختبر ليحددوا له أيّها الكلية بعد
تحليلها نسيجيا !
خرج إلى الشارع وكل قطرة في دمه تصرخ لاعنة هذا الدكتور , وقبل أن
يدرك الأمر كان رجال يحيطون به ليجروه إلى وجهة مجهولة , وعبثا حاول أن
يفهمهم عن أي دكتور يتحدث , وكغصنين يابسين نحيلين تهشمت رجلاه وسقطتا اثر
فلقة عاصفة !
صدر عفو شمله في إحدى المناسبات الوطنية , ولم يكد يصل إلى الشارع
حتى شاهد مسيرة تجتاحه لتملأ السماء بعبارة واحدة ( بالروح , بالدم ...) ,
انتفض الكرم العربي داخله ودبت فيه النخوة ولم يرض إلا أن يكون أول
المتبرعين بروحه ودمه !
في الآخرة وقف بين يدي الله
- ربي , لم يبق لدي سوى هذا القلب المليء بالإيمان .
- أيها الكاذب !
- أنا ؟ ولكن كيف ؟
- أنسيت أنها أخذت منك قلبك منذ كنت صغيرا أيها العاشق الولهان ؟
الآن انه لا شيء , نعم لا شيء , رحل صوبها مسابقا الريح و ممنيا
النفس بمعانقة كل خلية فيها , فلا أحد بعد اليوم يستطيع تقييده أو حتى
امساكه !
مسمار
لم يعد يذكر متى أتاه هذا الإحساس, أو متى تملكه, كل ما يعرفه في
هذه اللحظة أن رأسه سينفجر, نعم سينفجر !
يتلمس الدروز بين عظام جمجمته, يحس شقوقا تكبر بينها, يصرخ فترد له
حيطان قصره المغلق صرخته سكينا, يركض هاربا منها.
يتحسس رأسه من جديد , في القفا صور لنساء وأطفال وشيوخ ورجال حطم
رؤوسهم وداسها في طريقه الى هذا القصر العالي , الرؤوس أصبحت عظاما ,
والعظام تشظت !
وعند الصدغين صرخاتهم المهملة التي استيقظت الآن وعادت حادة !
وحتى الجبهة العريضة التي تعج بالشتائم والسباب والكلام الجارح
تمزقه عندما يكون وحيدا ولا أحد أمامه يتلقاها إذ ترتد عليه بكل حدتها !
الصور والصرخات والشتائم, أعلنت الآن هجومها من الداخل على رأسه
تريد تهشيمه !
يتجه صوب إحدى النوافذ آخذا معه مسدسه , من هنا , من هذه الزاوية ,
أطل مرارا على جيرانه الذين يقطنون غرفة صغيرة يملؤونها حتى ساعة متأخرة
بأصواتهم وأغانيهم وضحكاتهم , لا بد أنهم ساهرون الآن وسيستطيع تحطيم رأس
أحدهم , إذ أنهم كثر ولا بد أن تعبر الرصاصة شباكهم المفتوح أبدا محطمة
رأسه , سيصرخون ويسعفونه ويقلقون , وبذلك ينسى رأسه آلامه وهو منشغل بهم
ويتأجل انفجاره .
ولكن لا , لا يستطيع فتح النافذة في هذه الليلة , فقد قالت الأخبار
أن الرياح قوية , لا سيبقي النوافذ و الأبواب كلها مغلقة , فلربما هبت
الرياح على التماثيل الخشبية التي تملأ منزله ووقع أحدها على رأسه وحطمه !
انه لا يقوم حتى بمسح الغبار عن هذه التماثيل منذ أمد طويل كي لا
يحركها, ولكن أليس ذلك خطأ ؟ فلربما زاد الغبار المتراكم من وزنها و ..!
يتلمس من جديد عظام رأسه, يحس الشقوق تكبر وتكبر, يكتم صرخته, يفكر:
هل يضع غراء ليسد هذه الشقوق ؟
غراء, لا, سترتفع الحرارة في الصيف ويتشقق الغراء, وتمطر شتاء ويذهب
الغراء مع الماء وتعود الشقوق أفظع مما كانت, لا, لا, انه بحاجة لتثبيته
بقوة !
يبتسم, أخيرا وجدها, يتقدم من علبة المسامير القابعة في إحدى
الزوايا, ينتقي مسمارا ويبدأ بدقه !
منفردة
الأمطار السوداء تغمر كل شيء , تمضي لحظة قبل أن تستقر الحقيقة في
أعماقها ( لقد انقطعت الكهرباء وهي الآن عالقة في المصعد(!
تضغط مطولا على زر مضيء لاستدعاء عمال الصيانة , يجيبها صمت مخيف ,
كالصفعة تتذكر : اليوم هو الخميس , آخر يوم في الشهر , الساعة الآن تجاوزت
الواحدة , ذهب العمال ليقبضوا رواتبهم ! الجمعة عطلة , والسبت أيضا , ستبقى
هنا حتى صباح الأحد !
تتراءى لها صراصير وجرذان تنقض على أطرافها وتأكل عينيها !
تحس بضيق في أنفاسها , تستجمع قواها , تباعد بيديها الضعيفتين بين
مصراعي الباب الداخلي للمصعد ليمتد خيط من الضوء من خلال بابه الخارجي فيدق
قلبها ناقوس الأمل ( لا بدّ أن أخرج , انه ينتظرني) !
ترى الظلمة تهجم نحو الضوء تريد افتراسه وتدفعه للهروب أمام طغيانها
فيفيض الرعب منها , تركل الباب بقدميها , تسمع صوت خطوات تقترب :
- من هناك ؟
-لقد علقت في المصعد , أرجوك استدع العمال
-هل أنت وحدك ؟
-نعم , أسرع , إنني أشعر بالتعب
تدرك أنه لم يعد بمقدورها تحديد موقعها المظلم , الطابق الثالث ؟
الرابع ؟ الذين في الخارج يعرفون , ولكن ذلك غير مهم , المهم الآن هو أنها
تصارع الظلام و يجب أن تنتصر , يدق الناقوس بقوة ( انه ينتظرني , ينتظرني)
طغى الصمت مجددا , شلل في أطرافها , تعرف أنه يوجد كرسي صغير هنا ,
لكن الجلوس عليه يعني الرضا بهذا الظلام كله والاستكانة له , لا , هي غير
راضية , غير راضية , وهي لا تريد الجلوس أرضا والاستكانة للغبار الذي
خلّفته الأحذية , هي لا تريد ذلك , بقيت واقفة !
عاد صوت الخطوات ليملأ أذنيها أملا
-العمال غير موجودين , سأذهب للبحث عنهم وسأعود فورا
-نعم , ابحث عنهم ولا تعد دونهم
لقد اعتادت الظلام الآن , تعلم منذ أيام الدراسة الإعدادية أن
العصي وحدها هي التي تعمل في عينيها أثناء الظلام , العصي وحدها ؟ ترى
ألهذا السبب تؤلمها يداها وقدماها ؟
صرخت معدتها الفارغة ممزقة الصمت ( هنالك أحد يجب أن يموت جوعا ,
أنا أو أبناء هؤلاء العمال , يجب أن يموت أحدنا )
تسمع صوت باب يفتح , في الأسفل ؟ في الأعلى ؟ لم تعد تعلم , يصلها
في أفظع لحظة في حياتها ذاك السؤال الجميل ( هل هنالك أحد في الداخل ؟ ),
وتسمع صداه ( هل هنالك أحد في الداخل ؟ ) كم هو مؤلم هذا السؤال !
تصرخ بكل ما بها من قوة
-نعم , أنا في الداخل , أنا في الداخل !
تمضي لحظات رهيبة قبل أن يفتح الباب ويبهر عينيها الضوء !
وتسرع بالقفز على الأدراج محتضنة الضوء برموشها , وبين أنفاسها
اللاهثة تتدحرج عبارة واحدة ( مازال ينتظرني , نعم , مازال ينتظرني (
أضيفت في 31/01/2007/ *
خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة
بحثا" عن الأوكسجين
لم يكن يستطيع أن يتطلّع إلى عينيها دون أن ينزلق نظره إلى جسدها
المغزلي وهي تسبح وسط رفيقاتها , يشرد حالما" وهو يرى الضوء يلامس حراشفها
فيهمس بكل ألوان العشق !
لم يدر إلا وجسده يصطدم بجسدها , سبح بجانبها
_ ما اسمك ؟
_ سمكمك , وأنت ؟
_ سموكة .
لم ينم تلك الليلة , سهر يحرس الصخرة التي نامت تحتها على ضوء
القناديل , بينما نامت الأسماك حوله فاتحة"عيونها على الرعب الذي أدمنته !
وعبر ضوء الشمس الذي بدأ ينتشر شيئا" فشيئا" وجدت صدفة" كبيرة"
قربها عندما استفاقت فيها باقة من القواقع الملونة !
قال لها وهما يسبحان معا" _ تعلمي أن تفتحي فمك وتأخذي الأوكسجين من
الماء المحيط بك وتخلّفي وراءك كل ّما عداه , وأن تأكلي العوالق دون أن
تفكري بشيء إلا بأننا معا" .
_ سمكمك ؟
_ ماذا ؟!
_ مياه البحر حلوة جدا" هذا اليوم !
كانا يمضيان أبعد مما تخيّلاه , فاجأهما القرش ذو الفم المفتوح
أبدا" والذي يلتهم كلّ شيء في طريقه , وبسرعة دفع سمكمك سموكة باتجاه
الشاطئ
حيث عادا مسرعين .
مرّا بسمكة صغيرة مربوطة بحبل دقيق , اقتربا منها , ليس لالتهامها
فهما يعرفان أن السمكة عندما تبدأ بالالتهام وتلتهم أقرب الأسماك الصغيرة
إليها
تصبح طعاما محتملا" للأسماك الأكبر منها !
فتح سمكمك فمه يريد تخليصه , تحرك الخيط فبدأ الصياد الجالس في
الأعلى على الصخرة بسحبه وبصعوبة بالغة استطاع سمكمك الإفلات و الابتعاد مع
سموكة .
أدرك سمكمك أنه لابد من ثمن باهظ يدفعه إذا استمر في فتح فمه !
غطت سموكة جسده بجسدها الصغير , كانا يفكران في شيء واحد : كيف
يهربان من شبح ظلّ الصياد الذي ارتسم فوقهما في تلك اللحظة ! كانا يفكران
بصمت وقد ملأ الرعب عيونهما !
هل يمضيان حياتهما هاربين داخل شقوق الصّخور أم مختبئين في الرمال
؟!
فتحا فاهيهما للأوكسجين وتقدما تاركين وراءهما شاطئهما الدافئ
وقواقعهما وأصدافهما الملونة وغادرا متجهين غربا" !
وإذا بشبح أضخم يحتل سطح الماء ويلد إصبعا" مشتعلا" يهجم من الأعلى
عليهما , الإصبع المخلوط بالسكر والأسمدة المخصبة بنسب مدروسة والمحضر
بعناية !
التصق سمكمك بجسد سموكة وأمسكها بزعانفه الصغيرة بقوة وقفزا فوق
الأشباح كلها , مفتوحي الفم يستنشقان الهواء !
أرنب وطني
كان لونه أبيض شاحباً لأنه لم ير الشمس أبداً.. وكلما رآه الأطفال
في الشارع غنوا بصوت واحد "قفز الأرنب.. خاف الأرنب.. كنت قريباً منه
ألعب.." لكنه لم يردّعليهم يوماً، أو كأنه لا يسمعهم، كل ما يشغله البحث عن
ما يسدّ رمقه من الجزر.
مرة وضع يده على بطنه وصرخ، فأتى من الشارع رجال أخذوه في سيارة
واستضافوه لديهم وأكرموه ثم قالوا له "إذا كنت تريد الصّراخ فلا مانع
لدينا" وجعلوه يصرخ حتى أنهك تماماً، وعاد، عاد صامتاً تماماً.. يسمع ويسمع
ثم يسمع حتى أصبحت أذناه طويلتان وكبيرتان وأصبح "كلّه آذان صاغية"..
وقالوا له في الجرائد والتلفاز والمذياع بأنّ حالة الكسوف القائمة منذ
أربعين سنة ضوئية ستستمر - بإذن الله – حتى يبقى فراء الأرانب أبيض نقياً
وموحياً بالأمن والسّلام. ولذلك قاموا بوضع ستائر سوداء على كلّ النوافذ
خوفاً على العيون من الأشعة فوق البنفسجية، وعلى الجلد من الاحمرار.
المخزون الوطني من الجزر كان ضئيلاً والدولة في حالة حرب مع دولة
الذئاب وإذاً ليس أمامه سوى أن ينصاع لسياسة التقشف ويأكل جزرة كل أسبوع
وهو يحمد الله لأنه لم يترك سوى اثنين من أسنانه يستمران بالنمو ليقضم بهما
لأن حال البلاد لا يتحمل نمو الأسنان الأخرى على الجانبين الأيمن أو
الأيسر..
كان، ويوماً بعد يوم، يستيقظ في وقت محّدد ويعمل ما يجب عمله ويسمع
ما يجب سماعه ولا يرى إلا ظلالاً بصمت كامل وبشكل أتوماتيكي..
"يبدو كدمية! إنه ليس أرنباً حقيقياً أبداً "قال أحد الأطفال
محرّضاً على تفحّصه أكثر.. فركض وراءه طفل آخر وقفز مادّاً يده ليتلمس بها
ظهره، فنظر إليه مرتعباً وأخرج ورقة وقلماً وكتب "ماذا تريد؟"
"أريد أن أعرف إن كانوا (يقرنونك) بمفتاح في ظهرك"..
فكتب بيد مرتجفة "لا إنهم يتحكمون بي بأجهزة التحكم".
فسأله الطفل بعد شرود "وهل يشحنونك بالكهرباء؟"
دهش وكتب بأحرف كبيرة "الكهرباء؟...آه!...الكهرباء!.."
وضحك ضحكاً هستيرياً، ضحك حتى استلقى على ظهره. ثم وضع يده على قلبه
وحشرج ثم..
رفع الطفل يد الأرنب فانزلقت من بين يديه الصغيرتين، فتركه وعاد إلى
أصدقائه لا مبالياً "ربما هذه أوّل مرّة يضحك فيها، قلبه ليس مصمماً لتحمل
ضحكة واحدة (وطني أكيد)...
أضيفت في 09/05/2006/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة
نهاية رجل شفاف
منذ أن استيقظ هذا الصباح لاحظ أن كل شيء غير عادي , كانت يداه قد
تبخرتا رغم اقتناعه الكامل أنه قد رفع الغطاء بهما , ورغم أنه رفعه عن
الخواء المنتفخ تحته ,فجسده بكامله لم يكن مدركا " بعينيه , لم يكن مدركا"
سوى بعقله , وهكذا عندما وقف أمام المرآة , رأى الحائط , حرك يديه , نطح
المرآة , رقص , ابتسم , عبس , وبقي الحائط الذي ارتسم على المرآة جامدا"!
اتجه صوب المذياع , أداره , سمع صوتا" خشنا" يقول ,,إننا ندخل اليوم
عصر الشفافية,, !
أغلق المذياع وفتح التلفاز , وبعد الفاصل الإعلاني ظهر جسد منفوخ
عليه ملابس شفافة وسمع صوتا رقيقا يهمس ,,صباح الشفافية ,,! شرد طويلا"دون
أن ينتبه للمرأة التي سمع حديثها عن أهمية كوب الماء النقي الشفاف ,بالأخص
الشفاف!
أغلق التلفاز بعصبية وتنهد وهو يرى فنجان القهوة يمتلئ وحده وكل شيء
يعود إلى مكانه وحده , زوجته أيضا" أصبحت شفافة" ! هز رأسه بسرعة عله يتخلص
من هذا الكابوس الرهيب , حاول الصراخ لكن صوته أيضا" ضاع وتلاشى في الهواء
, ورحلت زوجته لتبحث عنه كي يأتي ويتناول فنجان قهوته , رحلت كي تبحث عنه
لأنها لم تره , وكأنه تبخر ورحل مع البخار المتصاعد من فنجانه وركض في
الشارع وركض حتى تعثر ووقع فداسه الرجل الوحيد في الشارع المرئي غير الشفاف
, داسه في بطنه وهو يهم بالصعود إلى سيارته , وصعد وهو يتساءل عما جعل
خطوته اليوم قصيرة والكرسي أقرب , أدار مفتاح المحرك بثقة وأعاد السيارة
إلى الوراء ثم تقدم ينهب الأرض نهبا"!
في ظل الحركة
هذا الصباح أيضا"سكبت الشمس نورها على الأرض بسخائها المعتاد ,دون
أن يصل إلى نباتاتها ,فهي قد فتحت عينيها عندما تدحرجت من بين أهدابها
قطرة ندى ,استبدلت الأوكسجين شيئا" فشيئا" بثاني أو كسيد الكربون ,تململت
ببطء ِِِِِوهي تبتسم للورود التي استقرت في المزهريات استقرارا أبديا ,وعكر
صفو ابتسامتها ملاحظتها أمس أن أطفالها شاحبون ,ربما قد سحبوا تدريجيا
,ولذلك لم تلاحظ ,هزتهم فغادروا أحلامهم بشكل آلي ,وكالمنومين مغناطيسيا"
تبعوها وهي تنسل من شرخ كبير في السقف دون أن تفكر ثانية في فتح أحد
الأبواب و الشبابيك ,توجهت إلى المهندس الزراعي لكي يشخّص لها حالتهم
ويعطيها الدواء وهي تحدث نفسها..
_هذا المهندس الزراعي ذكي فعلا"ودقيق الملاحظة ,لو سمعت أختي في
الغربة بمرضهم لقالت لي (خذيهم إلى الدكتور ,لماذا المهندس الزراعي )
,معذورة فهي لم تره كيف حلل سبب الزكام الذي أصابهم في الربيع وكيف شرح لي
انهم بحاجة إلى التّقسية عند نقلهم من البيت المحمي إلى الأرض الدائمة وان
تعريضهم لظروفها تدريجيا"سيجنبهم الكثير من الانتكاسات المباغتة والسريعة
,وماذا يفهم الدكتور من ذلك كله ..لاشيء..لاشيء..
وهكذا أقنعت نفسها أن المرور الصعب من هذه الكوة الضيقة في جدار
غرفته يستحق العناء ,ثم سحبتهم وراءها واحدا"بعد الآخر..
قال لها – أهلا"!..
فأجابت – أهلا بك ..
_ ماذا هنالك اليوم ؟..
_ الأطفال, الأطفال يا أستاذ , لاحظت بالأمس أنهم يعانون من
الاصفرار !
وضع نظارته على عينيه ثم اقترب منهم وهو يهرش رأسه بيده اليسرى التي
ضاعت في شعره المنتصب أبدا" والكثيف كأشواك تراكم فوق أغصانها الغبار ,ثم
تطلع إليها
_ وأنت أيضا" صفراء !..
ثم ركض صوب الشباك ..
_ وكل هؤلاء الأطفال والناس الآتون من هناك والذاهبون من هنا ,كلهم
شاحبون ,كلهم !..
هدأ قليلا" وسألها بحذر _ هل يلعب أطفالك خارج المنزل ؟
_ نعم !
_إذا" فهم يرون النور ..إلا إذا !!
_إلا إذا ماذا ؟!
_إلا إذا كان هنالك شيء شفاف ضخم يمنع وصول النور إلى الجميع !
_وكيف يمنع وصول النور إذا كان شفافا" ؟!
_حتى الشفاف له ظل ,انظري إلى هذا الكأس مثلا" ,نضعه أمام الضوء ,له
ظل أترين ؟!
_ولكن هذه البلاد بما عليها من بشر تدور مع الأرض ,أي أنها تتحرك ؟!
_وهذا الكأس الشفاف أيضا" يدور مواكبا" حركة الضوء ,مستأثرا" به
,والبلاد تتحرك كلها في
ظل هذه الحركة !
أضيفت في 26/03/2006/ *
خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة
ومضات
علي بابا يرى في الكهف الكنوز وكثيرا" من الذهب الخالص ثم الجواهر
والأحجار الكريمة والحرير والسندس ,ويمضي إلى النهاية ليعرف من أين يأتي كل
هذا ,يتصور أن بالداخل نبعا" يفيض ,أو أن هنالك صندوقا" مفتوحا" يخرج منه
كل مل يراه ,أو صدفة" , أو...,ويكتشف في النهاية بين كل الأشياء الثمينة
والجدار ,خريطة" قديمة" جدا" ومحفورة في مكان ما من ذاته !
#يجتمعون حول الطاولة الحجرية المضاعفة ,والتي لا يتحرك سوى جزئها
العلوي ,كل يلقي بثقله كي تستمر اللعبة وقتا" أطول فأطول ,يبتسمون ويعبسون
,يتبادلون المديح حينا" والسباب حينا" آخر ,يتآمرون بعضهم على بعض كي
يصبحوا اقل وتزداد الغلة ,فاتحين المذياع الذي يبث الأغاني القومية
الحماسية لتغطي على صرخات حبات الحنطة التي أعياها الدوار فأسلمت نفسها
للانسحاق تحت ثقل هذه الرحى الرهيبة !
الفجر يعانق الصحراء مقبلا" أعمدتها البهية ومغاورها وكثبانها
المتحركة ,ويتوغل في ذرات رملها الناعم ليشعل جوفها ,فتتفجر براكين شوقها
وتجفف دموع عينيها الخضراوين الصغيرتين لتتوهج من جديد أحلامها التي دفنها
الليل البارد في ظلمة رحمها ,وفي لحظة التوحد يمنيان النفس بشمس تبزغ من
أحشائها لتغمر العالم بنورها المتنوع الأطياف !
أضيفت في 02/01/2006/ *
خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة
جنين
اجتماع سري جدا' ,هو وهي يلتقيان في الثلث الوحشي للطريق المفضي إلى
الرحم , هي الآتية من المبيض بأهدابها المرتعشة وثوبها الشفاف , يضع رأسه
في أحضانها , تداعب رأسه وتضمه بقوة , ويصبح نواة وجودها !
وتختلط عراه بعراها فأكون أنا الخلية الأولى التي ملأها الحب فراحت
تنقسم وتنقسم موزعة إياه على الخلايا في ثمرة التوت الصغيرة التي تتدحرج
صوب الرحم!
وأصله لأراه متوذما' ,أبحث عن زاوية أبني لنفسي فيها عشا' فتسقطين
على كياني العاري غطاء' من أحشائك ,ألتصق بك بشدة ,أنصت لدقات قلبك ,فيخرج
طائر قلبي ليتعلم منك أول الخفقان ,ثم أكتشف أني مقيد إليك بحبل سري منفتل
وبأنني ماضيك وحاضرك ومستقبلك ,وبأن دمي الذي يجري في عروقي هو دمك ,دمك
الذي ألامسه في المشيمة ,بكل كرياته الحمراء والبيضاء ومصله وصفيحا ته
المفتتة ,يعطيني طعامي ويبوح شاكيا' عن رأسك الذي يستأثر بأطايب الطعام لا
بل ويسلب الكريات التي يراها تمشي آمنة' في الشرايين يسلبها أو كسجينها
وينتصب شامخا' فوق هذا الجسد المنهك غير عابئ بشيء مفكرا' فقط بكيفية
استغلاله اكثر!
أستنهض قواي ,تنمو عظامي وأصابعي ,أتحسس معدتك الفارغة التي تصرخ
وتنكمش على ذاتها لتترك لزنزانتي هذه أن تتسع وتتسع ,أتدركين أنك عندم
تجوعين أنا الذي أزداد نحول'ا ؟ تشربين الماء ولكن الغثيان يعاودك ,وكيف لا
وأنا لا أكف عن التبول في أحشائك والتغوط فيها ؟
أمتص هذا السائل الأمينوسي ولكن عبثا' ,فأنا لا أملك إلا أن أعيد
طرحه وكل ما أفعله هو أنني أزيد حجمه ونسبة تلوثه!
أريد أن أصرخ وأقول لك أني آسف وأني لا أقصد , وأني احبك و..,وأترك
فمي مغلقا' لأني لا أريد الموت قبل أن أراك!
ويعشب جسدي زغبا' ناعما' وينمو شعر رأسي قليلا' ويصبح جلدي اقل
شفافية' خوفا' على دمك المندفع بقوة في شراييني من خفافيش الليل التي تحيط
بك , نعم عيناي تستطيعان التمييز بين الضوء والظلمة ,ثقي بي هذا هو الطريق
نحو الضوء!
دعيني أخرج ,زنزانتي تصغر والرحم يريد أن يقذفني خارجه ,الألم يشتد
عليك ,اصرخي ,نعم اصرخي ,دعيني أسمع صوتك ,فوحده المخاض يعيد لك صوتك !
رأسي يخرج ,ادفعي بي كي لا أختنق في أحشائك ,نعم مزيدا من القوة ,آه
ها قد رايتك ,كم هو وجهك جميل ,أريد أن اصرخ احبك!
|