أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | مواقع | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

إصداراتي الأدبية

أكثر من 25 مليون زائر، لموقع القصة السورية، رغم إنشغالي بالكتابة للثورة السورية، خلال الأعوام العشرة الأخيرة

يَحيَى الصُّوفي

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 04/09/2022

الكاتب: د. فاروق مواسي-فلسطين

       
       
       
       
       

 

رسائل مع يحيى حقي

نماذج من أعمال الكاتب

بطاقة تعريف الكاتب

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتب

 

ولد في باقة الغربية - فلسطين1941-10-11 م لوالدين من عائلة رقيقة الحال.

وقد حفظ فاروق منذ يفاعته الكثير من السور القرآنية والتراتيل الدينية.

 

في سنة 1957 أغلقت المدرسة الثانوية في باقة الغربية أبوابها، فالتحق فاروق بمدرسة الطيبة الثانوية، حيث أنهى دراسته الثانوية هناك سنة 1959 ، وما لبث أن عمل في الصحافة المحلية، ، وعلى أثر ذلك عين معلمًا شباط 1961، وظل في سلك التعليم في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية في المدارس المختلفة ، حتى أحيل على التقاعد بدءًا من أيلول 1996، ولكنه لا زال يعمل محاضرًا في كلية ( القاسمي )  في باقة الغربية ، وحصل مؤخرًا على لقب " محاضر كبير " (وهو عميد شؤون الطلبة بدءًا من سنة 2002 )، كما يحاضر في الكلية العربية في حيفا ( بدءًا من سنة 1998) ، وكان قد عمل مرشدًا لكتابة الأبحاث لطلاب المدارس الثانوية العربية (1995/1994)، ورئيس مركز  اللغة العربية في كلية الشريعة ( القاسمي ) حتى سنة 2005  .

 

عين عضوًا في لجنة إعداد منهاج  قواعد اللغة العربية في جامعة حيفا (بدءًا من سنة 1984)،  وعضوًا في لجنة منهاج خاص لتعليم اللغة العربية والتراث للمدارس العربية ، وعضوًا في اللجنة العليا لشؤون اللغة العربية، وهو عضو مؤسس في  مجمع اللغة العربية .

 

وكان عضوًا في المجلس الشعبي للثقافة والفنون، وعضًوا في دائرة الأدب (الممثل العربي في المجلس الشعبي) وكان كذلك عضوًا في القسم العربي لمجلس الثقافة، وعضوًا في مجلس الكتاب ( بدءًا من سنة 1992 وحتى سنة 2000.

 

وقد شغل مواسي منصب رئيس رابطة الكتاب العرب ضمن اتحاد رابطات الكتاب في البلاد( 1995-1982)، وكان الممثل العربي الوحيد في الإدارة العامة. وعند تأسيس (( اتحاد الكتاب العرب) شغل فاروق نائب الرئيس فيه (1993-1980)،. ويشغل بدءًا من سنة 2003  منصب نائب رئيس نقابة  الكتاب على اختلاف لغاتهم .

 

أما في مجال التحرير، فقد اختير ليكون رئيس تحرير مجلة "مشاوير"- مجلة رابطة الكتاب العرب- (1978-1980)، وكان عضوًا في هيئة تحرير مجلة " الجديد" (1993-1990)، وعضوًا في مجلس تحرير مجلة (48 ) ،  وهو أحد أعضاء أسرة التحرير في مجلة " مواقف " وفي مجلة كلية القاسمي " جامعــة " وفي مجلة نقابة الكتاب في إسرائيل " ג ג " -  بمعنى "  سقف " .

 

وقد شارك مواسي في مهرجانات ثقافية عربية في داخل البلاد وخارجها، ونشط قلمه في الصحافة المحلية والصحافة في الخارج، وذلك بتقديم مقالات أدبية وسياسية واجتماعية.

 

وكان لمواسي نشاطات سياسية في حلقات عربية يهودية كثيرة، فكان من مؤسسي الحركة التقدمية للسلام، وعين قبيل استقالته منها عضوًا في اللجنة المركزية للحركة، وهذه هي المرة الوحيدة التي انضوى فيها مواسي تحت لواء حزب بصورة رسمية.

 

أما التحصيل  الأكاديمي فقد بدأه في جامعة بار إيلان، حيث درس سنة 1970 موضوعي اللغة العربية والتربية. وفي سنة 1973 واصل دراسته للحصول على الماجستير في الأدب العربي. فتم له ذلك سنة 1976 ( الرسالة كانت "لغة الشعر عند بدر شاكر السياب وصلتها بلغة المصادر القديمة" ، وفي أثناء ذلك حصل على شهادة التدريس للغة العربية.

 

والتحق مواسي بجامعة تل أبيب ليقدم أطروحة الدكتوراة فيها بعنوان " أشعار الديوانيين: العقاد والمازني وشكري" بإشراف: الأستاذ ماتي بيلد.

وقد ترجمت أشعاره إلى لغات كثيرة وأبرز ما صدر منها " الأحزان التي لم تفهم " بالعبرية.

 

وفاز مواسي بجائزة التفرغ للإبداع من وزارة الثقافة سنة 1989، كما حصل على جائزة توفيق زياد للعام 2001، ثم حظي بجائزة التفرغ  للإبداع ثانية سنة 2005.

وعرف عن مواسي نشاطه الجمّ في تقديم المحاضرات الكثيرة في المدارس الثانوية والجامعات ودورات الاستكمال للمعلمين وفي المراكز التربوية المختلفة . كما عرفت عنه الفعاليات الكثيرة في سنة اللغة العربية (1991)... وجدير بالذكر أن مواسي كان قد فاز في مسابقة القرآن، وحصل على لقب "حافظ القرآن" سنة 1967.

كما عرف عن مواسي دعمه للأدباء الشبان، فأسس لهم " الورشة الأدبية" بدءًا من سنة 1980 وحتى سنة 1995.

ويعتز مواسي كثيرًا بمكتبته الضخمة المرتبة التي تسعف الكثيرين من طلاب الدراسات العليا..  وله مراسلات مع كبار الأدباء والمبدعين .

 

الإصدارات

الشعر: 

في انتظار القطار، جمعية عمال المطابع، نابلس-1971.

غداة العناق، المطبعة الأهلية، طولكرم-1974.

يا وطني، مكتبة الشعب، كفر قاسم-1977.

اعتناق الحياة والممات، منشورات الأسوار، عكا-1979.

إلى الآفاق (شعر للطلاب) الأسوار، عكا-1979.

الأعمال الشعرية الكاملة (المجلد الأول) وتضم المجموعات الخمس الأولى

 وكذلك مجموعة من شذور التعب، القدس-1987.

الخروج من النهر، دار الشفق، كفر قرع-1989.

قبلة بعد الفراق، مطبعة الرسالة، القدس-1993

ما قبل البعد، مطبعة الرسالة، القدس-1993.

لما فقدت معناها الأسماء، دار الفاروق، نابلس-1996.

خاطرتي والضوء (نبضات)  ، بيت الكاتب، الناصرة-1998.

الأحزان التي لم تفهم ( بالعبرية) ، دار الشفق، كفر قرع-1999.

أغاريد وأناشيد ( أشعار للصغار) مركز أدب الأطفال، الناصرة-2001.

الأعمال الشعرية الكاملــة ( مجلدان )  ، مكتبة كل شيء ، حيفا - 2005 .

 

في الدراسات والنقد

15. عرض ونقد في الشعر المحلي، القدس-1976.

16. صلاح عبد الصبور شاعرا مجددًا،جامعة حيفا-1979.

17. الرؤيا والإشعاع، دراسات في الشعر الفلسطيني، القدس-1984.

18. الجََنى في الشعر الحديث، ( 5 طبعات) القدس-1986.

19.الجنى في النثر الحديث ( 4 طبعات ) القدس-1986 .

20. أدبيات ( مواقف نقدية ) ، القدس-1991 .

21. دراسات وأبحاث في الأدب العربي الحديث ، دار آسيا ، دالية الكرمل-1992 .

22. لغة الشعر عند  بدر شاكر  السياب ، مطبعة الرسالة ، القدس-1993 .

23. أشعار الديوانيين ، إصدار دائرة الثقافة العربية ، الناصرة -  1995 .

24. قصيدة وشاعر ، دار الفاروق ، نابلس-1996 .

25. القدس في الشعر الفلسطيني الحديث ، إصدار مجلة مواقف ، الناصرة-1996 .

26. هدي النجمة ، دائرة الثقافة العربية ، الناصرة-2001 .

27 . تمــرة وجمــرة ، كلية القاسمي ، باقة الغربية - 2005 .

 

في القصة القصيرة

28. أمام المرآة ،  منشورات البيادر، القدس-1985 .

29. أمام المرآة وقصص أخرى ، دار الفاروق ، نابلس-1995 .

 

في السيرة الذاتيــة

30 - أقواس من سيرتــي الذاتيــة ، دار الهدى  ( بإدارة عز الدين عثامنة ) ، كفر قرع  - 2002 .

31 - حوارات كانت معـــي ،  دار الأمانـي ، عرعرة ،- 2005 .

 

 في النقد الاجتماعي

32. أستاذ قد الدنيا ، مكتبة الشعب ، كفر قاسم - 1979 .

33. حديث ذو شجون ( مقالات اجتأدبية ) الناصرة-1994.

 

في النحو والصرف

34-  36  الجديد في قواعد اللغة العربية ( 4 كتب معدة  للطلا ب الثانويين ) بالاشتراك مع د. فهد أبو خضرة ود . إلياس عطا الله، صدرت في طبعات مختلفة وفي سنوات مختلفة.

38. دروس في النحو والصرف ( لطلاب كلية الشريعة في باقة) ، باقة – 1990  -1994.

39. دروس تطبيقية في النحو والإعراب، طولكرم-1995.

40. المرشد في تدريس قواعد اللغة العربية  للمرحلتين الإعدادية والثانوية ، ( بالاشتراك مع مؤلفين آخرين  ) ، وزارة المعارف ، القدس – 2002 .

 

في التعبير

41. فصول في تدريس اللغة العربية والتعبير ( لمعلمي وطلاب المعاهد الأكاديمية ) بالاشتراك مع د. نمر إسمير و د. سليمان جبران، معهد موفيت-1999.

 

ملاحظات نقدية

42. مداعبة / معاتبة بقلم "أحمد منير" =  فاروق مواسي ( جمع وإعداد محمود مرعي -2001.)

 

مقدمات لمجموعات شعرية

1. " سوزان شاعرة الوجدان "- مقدمة ديوان سوزان دبيني. " عندما تضمني إليك" دائرة الثقافة، الناصرة-1994.

2. مقدمة أو تذييل لديوان " الشاعرة الصغيرة" تضاريس الجنون-1991.

3. " قصائدنا ممهورة بالدم" تقديم ديوان الشهيد، كفر قاسم-2001.

4. مقدمة " نص المرايا مرايا النص"- لكتاب النص المجاور ومرايا الناس، لعلا عيسى، كفر قاسم-2001.

5. قراءة في ديوان، أحلام مؤجلة، لعائدة خطيب، دائرة الثقافة، الناصرة-2001.

6. " وشمها على جدار الزمن" مقدمة ديوان منى ظاهر، دائرة الثقافة-2001.

7. تذييل لديوان موسى حلف، معزوفة الطائر الفضي، معليا-1999.

8. مقدمة العدد الخاص من مواقف، عن الشعر الفلسطيني

( جمع واختيار فاروق مواسي ) العدد 24-25/2000 .

9 -  إعداد وتقديم ملف خاص لمجلة  الآداب  البيروتية ، " حجر الزاوية "، الآداب ، 7-8 / 2003 .

10 - إعداد وتقديم كتاب أبحاث ودراسات في اللغة العربية إصدار مركز اللغة  العربية - كلية  القاسمي ، باقة الغربية: (الكتاب الأول 2003 ، الكتاب الثاني  2004)

 

3. كتاب عن شعر فاروق مواسي

الشيخ علي، خلدون: صورة الشهيد الفلسطيني في شعر فاروق مواسي (ويضم الكتاب بين دفتيه مقالات أخرى لحسان نزال وعبد الناصر صالح وبدر الكيلاني وسهام عارضة وسناء بدوي)، منشورات المركز الفلسطيني للثقافة والإعلام، جنين-1995.

*مجلة الشرق  (شفا عمرو / حيفا)  أصدرت  عددين خاصين بالشاعر يضمان المصادر عن دراسة أدبه  ونماذج منه  :

لبلوغه الخامسة والخمسين:  عدد تشرين الأول 1996 (العدد الرابع) .

لبلوغه الستين:  عدد  أيلول  2001 (العدد الثالث)

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتب

وردة الفرحان

الفيل وعزرائيل

سمك

ست قصص قصيرة جدا 

شيخ وأمنية

وقوف على الضريح

 أنفة

عبد الحي

 

 

ست قصص قصيرة جدًا

باقة الغربيـــة

 

 

1 - وطـــن

 

أحب بلاده بتفاصيلها الكبيرة والصغيرة.

قرأ الأحرف ف  لـ  سـ  ـط  ـيـ    ـن  على تضاريس شكلت هذه الحروف.

ابتسم وهو يتنسم عطرها.

حين ابتعد عنها تاه في وحدته، فألف سورة جديدة هي "سورة الوطن".

وقد أطلق عليها اسم حبيبته.

 

2 - صورة سوداء

 

الوحش الضاري يعتدي علينا  بينما نحن منهمكون في أعمالنا.

نسمع الصراخ والاستغاثة...

ولا نجرؤ على الفعل.

رأيته يُجلس أعز أصدقائي على خازوق، وصديقي يصرخ وهو عار...

لم أجرؤ على الفعل.

وعندما أقبل عليّ لم يجرؤ أحد على مقاومته.....

ولم أصرخ...

بل تمكنت –قبل وصوله -  من أن أرسم صورة سوداء لي وهي قاعدة على خازوق .

 

3 - حَيـــرة

 

 

أحس عميقاً بحضورها...وبلغة عينيها......

كان يحس بنشوة اللقاء، وكانت تغرد على شجرته الصبوات...

قالت له بجِــد:

-أنت عندي مثل أخي...

فاحتار ماذا يقول... وماذا يفعل!

 

 

4 -    حـــرام

 

 

بادرت وجاهرت بحبها.

ولما احتضنها حتى الثمالة قالت له بجد:

-  حرام  ....حرام  !!!

ولما رأى إصرارها على قولها خرج إلى المنطقة الحرام.......

 

 

5 - شخص واحد

 

صلى الحفيد كما صلى أبوه...

صلى الأب كما صلى جده...

صلى الجد كما صلى التابعون وتابع التابعين بإحسان إلى يوم الدين ...

قطعوا طريقاً واحدة، ودعَوا نفس الدعوات:

أن ينصرنا ويهزمهم، أن يحفظنا ويلعنهم...

وعلى الرغم من  أن الجيل تلو الجيل كان يمضي في نفس الطريق إلا أن عالم الآثار لم يجد على الرمال إلا آثار قدمين اثنتـــين.

 

6 - الخبز الوفير

 

كلما كتب قصيدة كانوا يقولون له:

- هذا الكلام لا يُطعم خبزًا !

فقرر يوما أن يشتري خبزًا وفيرًا.......

ليُطعم به الناس.

 

 

 

سمــك

 

 

سألته وهي تهاتفه : أي الطعام أحب إليك ؟

أجابها بلا تردد : سمك  !

ولم تكن تحب السمك ......

وألفت نفسها بعد أيام تكثر من شراء السمك  للعائلة  ، تقدمه مقليًا ومشويًا و تأكله  بشهية ....

وتساءلت العائلة : ما سر شراء السمك بهذا القدر ....ترى  هل رخص السمك ؟

 

 

 

الفيل وعزرائيل

 

 

انتفخ كثيرًا كثيرًا حتى أصبح فيلاً  ....

داس على بيوض الطيور .

ولما ضعف رقد لأول مرة على التراب ......وتضاءل كثيرًا كثيرًا حتى غدا مثقال  ذرة .

وكان هناك رجل يجلس على شجرة   ، وينتظر ....وفي يده عود .

 

 

 

وردة الفرحان

 

ظلت وردة  الفرحان  تبيع الزهور  ، وتقدمه  وهي تبتسم لكل العشاق الذين يرتادون معرض  البيع   في البلدة  .

يشتري الناس ، ويمضون دون أن تسمع دعوة  لها .....

وفي المساء كانت تتساءل وما زال فوح الأزهار يعبق  :

 ترى من أين سيشتري  ذلك الرجل البعيد  لي باقة زهر ؟

 

 

 

 

شيخٌ وأمنية ...

 

شيخ وخط الشيب رأسه، واشتعل حافظة وذكريات، هضيم تكاد تجاعيد وجهه تقول إنه تجاوز الثمانين. لحية قصيرة يتأنق في شكلها، وكأنها مرسومة على وجهه، يختبئ بعباءته المقصبة ويتكئ على وسادته كلما وهنت قواه.

على رف من خزانته تتكدس عشرات الكراسات، هي بمجموعها مختارات الحاج أو مؤلفاته، فإذا تطرقنا إلى موضوع فإنه سرعان ما يشير إلى كراسة معينة، يفتحها وكأنه يعرف تماماً أين وجهته.

نأتي إليه ساعات المساء فنراه مستغرقاً في القراءة في كتب لونها أصفر، وطباعتها رديئة، يتصفحها من غير نظارة على عينه. يقرأ وهو يبتسم أحياناً، يرفع تجاعيد جبينه آنا اخر، يهز رأسه يميناً ويساراً، أو طوراً من أعلى إلى أسفل.

إذا أمّ غريب منزله يصاب بالذهول، فكأن أمامه شريط تسجيل يتحرك، وامّا نحن فقد كنا نتلهف عن حكاياته، حتى لو أعادها أكثر من مرة، فهو يقدمها بصورة مغايرة وعلى طبق جديد.

يعشق السفر، كان في صباه يعلّم الكتاتيب في مضارب البدو، ويتاجر كالعطارين الذين يتنقلون على بهائمهم من قرية إلى أخرى، ولكن الربح الحقيقي عنده إذا تعرف على شخص يحب الأشعار والأسمار والكتب-"كنز الكتب أفضل من كنز الذهب"- كان يقول ويشير إلى كتاب " المستطرف"! " انظروا لقد سجلت اسم ابني على الكتاب قبل أن يولد، بل قبل أن أعرف أمه".

حج إلى بيت الله الحرام. فأضاف إلى كراساته كراسة جديدة- الحج سفر، صدقني "حجّة وفرجة". صحبته في أكثر من سفرة، وعندما كنت اقلّه بسيارتي كان يسعد كطفل صغير وجد لعبته.

--" في نيتي أن أزور القدس الشريف، فهل لديك متسع من الوقت لمرافقتي؟".

-" أتشرف بصحبتك، فأنا أبحث عن مصدر مخطوط في المكتبة الإسلامية".

سارت السيارة صوب القدس.

تدخل في نفسية الشيخ:

شيئان لا استطيع التحديق طويلاً بهما: الشمس والموت. لن اكون نهباً للفناء، خير الطرق للتنعم بما بقي لي من الحياة أن أتجاهل الموت. سأموت وحدي، وسيبقى العالم مستمراً من بعدي، هذا الشارع ستمر من فوقه سيارات كثيرة. الناس الذين سيشاركون في جنازتي سينفضّون بعد ساعة، وينسونني في غمرة حياتهم، ساعي البريد سيتوقف عن زيارتي. جسدي سيأكله الدود.

لو يأتي الإنسان في جولة قصيرة بعد موته بعشرين سنة ويكون ضيفاً على ابنائه وأحفاده…لو

لماذا يحافظ الانسان فقط من بين مخلوقات الله على موتاه ويعمل على صيانتهم؟ ربما لأن البشر يتهربون من الفناء والعدم.

ما لي وللموت؟ من يمتلك الحياة لا يمكن أن يخاف الموت.

عندما وصلنا القدس تبدّت عليه أمارات الإعياء، وسار ببطء وتثاقل، حتى وصل رحاب المسجد الأقصى فدبت فيه حيوية غريبة، نشط، وألقى نظراته في الرحاب. كان في عينه بريق أو دموع، وكانت حمرة الأجفان تنم عن ألم شديد.

قبة … مدافن… تكايا …، خطوط…، كل شيء هنا عريق. ربما صلى هنا صلاح الدين. وربما هناك خطب عمر. وها أنت يا جدي تصلي. عريق عريق!

مرّ بالقرب من بوابة الحرم جندي من( الفلاشا)، يحمل عصاً مدببة قد تكون أكبر من حجمه. تأوه الشيخ آهة طويلة، وهو يزفرها نحو الأعلى، حرك يديه بانفعال وكأن حكة اصابتهما، ارتجفت أسنانه، وما لبث أن أركن جسمه على عمود في صحن الحرم.

-"أتعرف، ممّ أخشى؟"

قلت وكأنني أتابع رحلة الموت:

-" أنت تخشى الموت فهذا طبيعي في جيلك".

-" نعم. أخشى الموت،..ولكن…"

-" ولكن ماذا؟"

- " قبل أن تكون صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي " وقطع جملته وقال: "أريد أن أموت في وقت مناسب! أتسمع؟". ونقل نظراته بيني وبين الصخرة وبين جهة السماء:

" أريد أن اموت في وقت مناسب".

 

 

 وقوف على الضريح

 

لكثرة ما سمع محمد من أصحابه عن قدراتهم الخارقة أصابته نوبة ملحة من

التساؤل : لماذا أنا لا .. ؟!

فهذا يصب الماء صبًا ، وذاك فعلها لخمس مرات وما زال كالعصفور . هذا فتن النساء ، وذاك يطلعه على رسائل شوق محترق يشي بأن وراءه ممارسة لحمية شرسة ... وقعد هو والله وشخص ثالث يتناجون ...

واتفقوا على أن يظل الشخص الثالث مستعدًا يقظًا وثابًا و" لعين الوالدين " طوال شهرين بالتمام والكمال .

سعد أولا بهذه الفكرة ، وبقي الشخص الثالث في أوج نشاطه مستوفزًا حتى عزت عليه أماكن العمل ، فكان يثور ويستبد حتى أصبح خطرًا ... عدوانيًا ... شرسًا .

وألقي بمحمد في السجن حتى يفتحوا .

تمنى محمد أن يهدأ هذا الجبار ، أن يغير أسلوبه ، أن يسكن وهيهات ، فالمدة لم تنقض ، والقرار قرار . ومات محمد ، وبقي الشخص الثالث يقظًا يكاد يفتق مواقعه بغضب ، فالباقي من الزمن شهر .

ووقف الشخص الثالث كالمئذنة منتصبًا على ضريح محمد .

 

 

 

أنــَفـَــة

 

جلس حمدي السكاك  في غرفة الاستقبال ملقيًا رجلاً على رجل ، دافعًا بكليته إلى الأمام ، وقد اتكأ على وسادة وثيرة .

كانت نظراته تشي بأنه يدفع الكلمات قسرًا ، وبأنه  تواضع كثيرًا حتى شرّف منزلي  -

بيته الصغير .

رن جرس الهاتف ، وطلب الصوت البعيد  حضرته ....قدمت له السماعة  ، ولم أكن أدري أنني في خدمة الرجل العظيم .

كانت كلماته مع الآخر خفيضة  قصيرة ، وكأنه سيدفع  حساب كل كلمة من حساب عظمته .

انتهت المكالمة ، وظننت أن ضيفي سيعيد السماعة مكانها ما دام الهاتف أقرب عليه  ، ولكنه بقي يحملها  ، وألمح لي بإشارة أن أعدها .

-هل أطلب منه أن يعيد السماعة هو ؟

-لا، هو ضيفي ، احتملها ، يالله .. ...ثم إنه مسترخٍ على الكنبة  ، ويبدو أنه تعب . وماذا يضيرني إن أعدتها أنا ؟

-هؤلاء الناس لا تحترمهم أكثر مما يجب ، تقدم له رأس الإصبع يقضمونه كله .

إنك ستضره قبل أن تضر الناس ، أخرجه من وهمه ، وقل له بهدوء : " ولا تصغر "  ،

أعدها !

-لا ، إنه ضيف .  " سأقوم وأنا عمر وسأعود وأنا عمر " ........

أعدت السماعة مكانها ، وقد ارتفعت حرارة جسمي .

*    *    *

شرب الرجل قهوته ، وما لبث أن انهمك في عضو بارز في وجهه  ، دس سبابته فيه ، وأخذ ينكت النَّغَف  . أخرج أولا قطعة ، وأخذ يكوّرها بين إصبعيه ، حتى اختار اللحظة الملائمة فألقاها طريحة على السجادة .

دس ثانية سبابته ، وعمّق رحلته في جيوب أنفه . وعاد بعد مغالبة بقطعة أخرى أكبر من المخبآت . كوّرها ودوّرها ، حتى إذا ما تغافلت عنه ألقاها بعيدًا ناقفًا إياها لتلتصق بالباب .

وعادت سبابته ثالثة بسلك مخاطي ، فلم تطق إصبعاه هذه السيولة اللزجة ، واحتار ماذا يفعل ...

تداركت الأمر ، وجعلت مناديل الورق على المنضدة أمامه مباشرة ، وقلت مواصلا حديثي عن الوضع المحلي  ، وكأني لا أتابع رحلاته في هذا البارز من  وجهه :

" والسلوك عند علماء النفس المحدَثين مجموع ما يقوم به الكائن الحي من ردود فعل مترتبة على تجاربه السابقة  ، سواء أكانت مشتركة بين أفراد النوع ، أم خاصة بفرد دون آخر . وهو يتضمن الأفعال الجسمانية الظاهرة بالدرجة الأولى .

 

 

 

عبد الحي

 

تقوم من النوم ، تنهض ، تتوثب ، تخرج إلى العمل ، تتحرك – في الحركة بركة - ، تهدأ......... ثم تنام .

هكذا كنت كل يوم تبعث الدفء فيما حولك ، تشع ذكاء ورواء ، عينك لا تكل عن متابعة ومملوءة بالحياة ، ترهف السمع كلما سمعت خبرًا ، تتقصى وتفكر في الأبعاد .

تتمنى أن تحب كل النساء ، تنسى أن بعض الناس لا يحبونك ، ولا يطيقونك ، يكرهونك ، يطردونك ، لكن حبك أقوى من كراهيتهم .

تحلم أن تنتصر عليهم ، تساعدهم ، تشاركهم تتغلب عليهم بعنفوانك . وتخضع لهم ، فالحياة أخذ وعطاء ، ولوج وخروج ، قوة وضعف .

تراقب مناظر الطبيعة الشائقة المتسعة منها والمنفرجة ، المنفسحة منها والضيقة ، المائية والجبلية ، البيضاء والخضراء .

يوم أن مت يا عبد الحي . لم يقرءوا لك الفاتحة ، ولا سورة يس ، ولم يدر بك أحد ، لم يكفنوك ساعة الدفن بقليل ، لم يسألاك : ما دينك ومن ربك وما الذي مت عليه ؟ ولم تقل لهما بلسان طلق بلا فزع ..  .. وبلا جزع : " الكافي لي ولكم الله " ، وبقيت في " نومة الغزال " ، عينك نصف مفتوحة ، تدفع فلا تتحرك ، ولا تحمل عصاك لتتوكأ عليها .

نومة ليست هنيئة ، فيها أحلام مزعجة مرعبة – والله أعلم – فيها سكون غريب مريب .

لعلك تمنيت أن تقطع نفسك من الوريدين ، ولم تجرؤ أن تفعل .

ثلاث سنين في ذكرياتك .

ثلاث سنين .

يوم أن كنت تقفز على ظهر الحصان دفعة واحدة ، فيعجب الناظرون ، وتلعب بالسيف مثل قفقاسي رشيق . ها قد جلست تندب حظك كالنساء ، ولا يدري ببكائك سواي ، ترثي ماضيك ، وتلف جسمك بأوراق الخريف الصفراء ، ولا يقرأ أفكارك غيري .

كنتُ أنا وعبد الحي في رحلة ممتعة رائعة جُبنا فيها سحر بلاد الشرق ، وكان عبد الحي كتابًا في يميني ،

وقلمًا امتشقه ،

وسلاحًا ماضيًا له حجة قوية دافعة وهبه الله إياها ، فيستطيع أن يقنعك بصحة الشيء ونقيضه .

قلت له : أتكهن أنك ورضوان يوم القيامة ستكونان في استقبال الطيبين ، فأنت تعبد الله في حركاتك ، تذكره قيامًا وقعودًا وعلى جنبك .

وغضب عبد الحي لكلامي ...... وتولى .

ثم إذا به يقذف نفسه في النار ؟، يبحث عن ممثلة تشرب وتزني وتتدلل ، ويعود إلي ، وآثار الحروق بادية على ساقه .

ضحكت كثيرًا ، فأخذ المارون يضحكون على ضحكي لغرابته وحدّته ،

وبقينا نضحك ...... حتى نام عبد الحي .

عدت وحيدًا أحمل سبحته وعمامته ، وعلّقتها في صدر بيتي ، فلا يكاد يراها أحد حتى يقرأ الفاتحة على روح عبد الحي ، وبعضهم كان يدّعي قراءتها بحركة يمسح بها يده على وجهه ، ومع ذلك فالكل يذكرونه بالخير ، يعون مآثره وأفضاله وبركاته ، وعبد الحي

لا يستيقظ .

أخذ الناس يتذكرون نومة أهل الكهف ، وتحدثوا عن الطعام الذي سيأتي به أحدهم ، وعن المسجد الذي سيقوم تخليدًا لذكراه .

صار النائم شبحًا يطالع بين الفينة والأخرى ، يعرفونه فلا ينكرونه .

الظاهرة مقبولة وطبيعية ، لعله من الأولياء الصالحين أو تابع من التابعين ، عادوه يوم مَرِض ،

وودّعوه يوم أن سافر إلى الحج ،

واستقبلوه يوم أتى بالمسابح والتمر .

وعند عودته أخذ يخطب عاريًا ، عاريًا يخطب ، لحيته تهتز يمينًا ويسارًا ، وحركته في إيقاع الإيمان المستبد .

قرأت له بعض الآيات معزيًا ، وأذكر منها ( ..... والعاقبة للتقوى ) ، فأصحاب الدنيا ملّوا سماعك ، وبقي لك أهل الله .

أتى برفقتي ، ولبس ملابسه المعلقة على صدر غرفتي ، وجلس يحدثني عن ماض عريق ، ويجمّل لي المستقبل الزاهر :

كل يوم أجمل من سابقــهِ ،

 وكل تجربة أروع من سابقتها ،

 تركته في تهيج عنيف " إكستازا " حادة ، كأنه صوفي استغرق في الوجد .

وعدت إلى بيتي لأبكي صديقي الأثير عبد الحي .

 

أضيفت في 25/11/2005/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتب

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2021  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية