أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | مواقع | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

إصداراتي الأدبية

أكثر من 25 مليون زائر، لموقع القصة السورية، رغم إنشغالي بالكتابة للثورة السورية، خلال الأعوام العشرة الأخيرة

يَحيَى الصُّوفي

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 02/09/2022

دراسات أدبية - أدب الرسائل / نماذج في أدب الرسائل2

مراسلة الكاتبنماذج في أدب الرسائل 2

 

 

لقراءة المشاركات

 

 

المشاركات

رسائل أدبية من باريس مراسلة الكاتب

كثافة عاصفة مراسلة الكاتب

 كان هنا... كان يشبهني مراسلة الكاتب

خمس رسائل إلى أمي لنزار قباني مراسلة الكاتب

مراسلة الكاتب تجربة في أدب الرسائل لحنا مينة

من إبراهيم طوقان إلي أخته فدوى مراسلة الكاتب

بين الجرد.. والخدمة العسكرية مراسلة الكاتب

 رسائل حب شرقية بين مي وجبران مراسلة الكاتب

رسائل حب شرقية بين مي والعقاد مراسلة الكاتب

لين يا غصن البان... لغيداء الطباع مراسلة الكاتب

 مراسلة الكاتب

رسائل بين د. فاروق مواسي ويحيى حقي مراسلة الكاتب

إذا غيرت رأيك واحتجت إلي لغيداء الطباع مراسلة الكاتب

ذات قدر لغيداء الطباع مراسلة الكاتب

رسائل لم تكتب لها لنزار القباني مراسلة الكاتب

 

 

كان هنا... كان يشبهني

 

 

مراسلة الكاتب بقلم الكاتب: عبد السلام العطاري*

 

قالتْ:

"رِسالتُكَ جنونٌ وإعصارٌ وقبضةُ حياةٍ... حاوَلَتُ أن أصلَ بموجةٍ كيْ ترمِيَ نبضتَهَا عَلَى وجهكَ لعلّهَا تفتحُ نافذةَ صحوتِك... لكنَّكَ لمْ تكنْ هناك على الإطلاقِ... كان الصّمتُ يَزيدُني حُزنًا".

 

عزيزتي سهيلة *،

 

تَجَانسُ الرؤى / تقاربُ النّبضِ وخفقةُ القلبِ الدفوقِ الذي يحسُّ ويجسُّ حبّاتِ الوجعِ/ يرسمُ لونَ اللازورد المعشّقِ بشقائقِ النعمانِ وطعْمِ الزّعْتَرِ البريّ الذي يستعجِلُ خطىً متأخرةً عنْ موعدِهَا؛ ليضمّدَ جراحَ الأمسِ المرّةَ التي باتتْ تختلطُ بين قبضاتِ الأصدقاءِ الرابضةِ على مقْربَةٍ دائِمَةٍ مقيمَةٍ من الصّدْرِ والسّنَابلِ / بالقربِ المّكينِ من القلبِ تدثرتُ بالصّورِ التي تجعلُنِي أحلمُ أنّ الشّعرَ موطني وأنّ الشّعْرَ روايتِي التي ما زالتْ تكتبني.

 

أنتِ – إذاً- من تركَ هذا الصَّمتَ هُنَا / كادَ يرنُّ ... كان يرنُّ / يشبهُ جرسَ بابا نويل الفلسطينيّ كانَ يشبهُكِ تمامًا/ أدركتُ أنَّهُ الأجملَ الّذي أتَى وتركَ لي غناءً أشتهِيهُ/ تركَ لي أنشودةَ الميلادِ... أنشودةَ البِلادِ/ تركَ لي بَهْجَةَ العيدِ التي غادرَتْنِي مذْ كنتُ طِفْلا / أذكرُ أنِّي كنتُ كذلكَ... أذكرُ أنِّي كنتُ الطّفْلَ الذي يشبهُ العيدَ حينَ يغادِرُ الكونَ كأرجوحتِهِ الحرّةِ الطليقةِ/ لا أذكرُ إنْ كانَ لي مثلُ هذا العيدِ... أو كانَ لي مثلُ هذا الصّمتِ الّذي تركتيه هنَا صمتٌ يشبهني /يُشْبِهُ ذاكرةً كانتْ تُجَالِسُنِي قربَ نافذَةِ شتَاءٍ يأتي من قصي / يأتيني ببرتقالِ يافَا...كانَ لهُ رائحةُ البَحْرِ / كان له طعْمُ أنثى لم يمسسْها الحنَّاءُ بعدُ/ تداعياتٌ... هي التداعياتُ / جميلٌ أن يتَدَاعى الوعيُ المنسيُّ أحيانًا على وقعِ حزنٍ عتيقٍ مجهولِ النّبرةِ لنكتشفَ بعد حين أنّه الأجمل... الأشياءُ الجميلةُ نشتاقُهَا لم تعدْ بيننَا / أتذكرينَ حينَ كانتْ الطُّفولةُ تسابقُ الأيائلَ في صعودِهَا للسَّمَاءِ وتجرُّ عربةَ الفَرَحِ وتشقُّ ثلجَ الكونِ الّذي تزْيَّنَ لميلادٍ لم نفهَمْ معنَاهُ إلاّ لرقصٍ مجنُونٍ ودقّ دفوفٍ وسهرٍ يتعبُنَا حتّى يشقُّ الفجرُ عنْ عيونِ الصّحْوَةِ غفْوتَه.../ لم تتعبْنَا مسالكُ الحياةِ الضيقةُ...أتعبتنا الذاكرةُ الجميلةُ الّتي لا تأتي ... ولن تأتيَ/ لا ندْرِي هلْ تودِّعُنَا أمْ تستقبلُ الفائتَ منَّا / وهُنَا/ ما زلتُ أردِّدُ لعلّ الصوت يعيدُ لي صمتَكِ الّذي جاءَ / ... / لماذَا تركتِ الصّمتَ / لماذا تركتِ لي هذا الحزنَ هنَا.

*شاعر وكاتب فلسطيني / رام الله

*سهيلة بورزق / كاتبة جزائرية تقيم في واشنطن

أضيفت في 20/01/2008/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة بأدب الرسائل)

 

 

كثافة عاصفة

 

مراسلة الكاتب بقلم الكاتبة: فاديا سعد

 

,أيار 29, 2007

هذه الرسالة لمسة خفيفة، خفّة نسمة صباح في أيار.. سريعة الشّرح سرعة حصان، انطلق من سجنه عبر سهل منبسط، لكنها أيضاً هجمة مشاعر همجية، ولمسة أخيرة فوق صفحة حبّنا، التي انتعشت ووئدت  من غير ضجيج.

قبل أن تأذن لي العاصفة.. عاصفتك بالدخول، دعيت إلى موائد مأطرة باللباقة المتكلفة.

أكلت من صحون هذه اللباقة، لقمة. لقمة. احتسيت من كؤوسها المذهّبة فراغ الكلمات.. فراغ الأفكار.

قبل أن تطلبني العاصفة.. عاصفتك، كنت أقدم الولاء للنسيم. وكان بارداً. منعشاً، وهادئاً..

نوع من السعادة هي. النسيم: مطمئن وآمن.

كنت وراقصوه.. راقصو النسيم، نحسب خطواتنا بدقة.. خطوات رتيبة. آمنة، مستقرة، وواهمة.. كنا ماهرين في حفلاته.

لكن أين هو النسيم من دعوة العاصفة؟ حين أذنت بالدخول إلى مملكتها، و انتعش العشب، وأراد للندى إطالة الإقامة، واهباً شفتيه، محسناً الكلام، والابتسام، والمراوغة

قلت يومها: "هكذا قريبة مني"

لم تتمّ الجملة. أنت لا تكمل جملة. تعرف أن اختصار الكلمات لمشاعر دافقة، تكوّن عاصفة.

سألتني كيف؟

كنت ألهو بالكلمات، فأخطئ. وكنت أنت تقطِّر الأحرف، فتبدو مترفعاً.

وكنت لا تسكت عن مشاعرك، إنما تتحدث عنها قليلاً، وهذا ما يوحي ببعض الغموض المحبّب لديّ..

أنت تعرف مفتاحي: بعض الغموض، وشحّ بالكلمات، ترسلها موحية، فتُخضعها لكثير من التفسيرات.

كنت تضعني داخل فلك الكلمات، ثم تسمح لكثير من الخيال أن يتسلل.

ألم أقل أنك معلم في الهوى؟

هل بحت بسرّي؟ سرّ النساء؟ ها هو.. إليك وحدك: يحببن المراوغة!!

أرأيت؟ يمكن لي البوح بسرّ تعلقي بك، في حين أنك اتهمتني بالبطء في استقبال مشاعرك، وجنون هواك، و... عاصفتك، وكان هذا  نوعاً من المراوغة!

في لحظات معينة، وجدّت أن العالم بأكمله، تكثّف في قلبي، تماماً كالعاصفة، توقفت سرعة دورانها، والبطء بالصحو منها، على قدرتي في تذكر تلك القبلة الخاطفة في الرواق الطويل. المظلم.

حين وضعت يدك اليسرى من جهة القلب، لتضمني بسرعة وقوة.

كنت تبتسم. أنت دائماً تبتسم، بطريقة ساخرة، ولكن أيضاً هادئة، وهذا وحده دفع بالعاصفة إلى أقصاها:

 "على طريقة ريح في شهر كانون"

 أيضاً وأيضاً، مثل هذه الجملة كوّنت عاصفة..

ماذا حصل وحول العاصفة إلى نسيم؟

بدأ الأمر حين تخطينا المراوغة اللطيفة، فانتقلنا بها من الإثارة البريئة إلى مرحلة أخرى: الكذب.

تقول عندما تبدأ حديثك: عزيزتي.. تقول أيضاً: صديقتي.

أنت لا تفرق بين عزيزتي وصديقتي.

أنت لا تعرف أن الشخص العزيز معناه أنّه: ردم المسافة الطويلة نحو القلب. تقدم خطوة واسعة نحو الروح. العزيز هو من تلمست بصيرته الجزء المخفي داخلك عن الآخرين.

أن أكون صديقتك يحتمل أني عزيزة، لكن في نفس الوقت مازلت بعيدة عن هموم قلبك.

أنت كنت عزيزاً، إلا أن الأمر لم يكن بهذا الوضوح سابقاً.

يالله.. ما لي ولهذا الحديث الآن، لكن عيناك، طلبت شرحاً لحظة الوداع، وما كان بحوزتي ما يقال.

أعتذر منك إذا لم تكن الرسالة خفيفة كما وعدتك ولا هي سريعة كما رجوتها.

رغم ادعائي بفهم الآمر، لكني حينها كنت أبادلك كلمات مثيلة بفراغها. اليوم وقبله بكثير عرفت أن تلك الكلمات، كانت هروباً، من كلمة تسيل ذائبة من شفتي: "حبيبي"

طلبت مني الاتزان، وهل لمن يسيطر الخافق عليه اتزان؟! وطلبت أن أخفف حركاتي العشوائية، لكن ألم يكن ذلك لإخفاء اضطرابي؟!

لست مغرورة، وأنت تعلقت بوهم الغرور، أو مشهورة كما تحب مني أن أكون، أو قصية عن الهفوات، لست بتلك المثالية، كما تريدني داخل عقلك.

كنت تطلب أن أكون مثل أهم امرأة في حياتك: والدتك. مثلها تماماُ متزنة مثلها. واسعة التجربة مثلها،

مع لمحة من براءة مرسومة على وجهي.

هل واجهت امرؤ خبر الحياة جيداً، ويحمل ملامح بريئةَ؟! وبذلك ألا ترى أن ملامح البراءة تمثيلية من نوع معين؟

كانت إجابتك: السكوت. وكنت تقول: المرأة؟ هكذا يجب أن تكون!!

وكنت أستغرب فلسفتك عن حواء.

طلب وداعك السريع نظرة عادلة لأمرينا يوم أقلعت الطائرة.

سألتني ماذا عنك؟

أيضاً طلبت منك أن تكون نسخة عن والدي: عطوف مثله، من غير سخاء، كريم اليد والقلب، مع شيء من القسوة، ما عرفت بالضبط هل أريدك رجلاً على طريقة "سي السيد"، أم أريد شخصاً ملامحه بشرية من غير تزويق اجتماعي بصورة معينة.

هكذا رسمنا دائرة وهمية لصورة في خيالنا فما شاهدنا صورنا الواقعية.

من كان مسئولا عن هذا الخطأ؟ خطأ أن تطلب مني أن أكون مثل والدتك، وأن تكون مثل والدي؟!

ليس في هذه الرسالة. قد نلتقي يوماً ونتحدث في الأمر من غير ضغينة.

لقد تعادل سلوكي السلبي، وسلوكك، فما تريده بعد؟

حقاً كنت سأشرح ما عجزت عن شرحه آنذاك، لو أن الخطوط الجوية التي تقلّك، تأخرت مقدار دقائق..

لقلتها، أو نطقت بالكلمة، التي عجزت عن نطقها لو أن رحيلك تأخر كثافة عاصفة، لكن الخطوط الجوية في ذلك اليوم كانت دقيقة في مواعيد إقلاعها، كدقتك بمواعيدك، حساباتك، ومراوغتك!

أعتذر منك: مراوغتنا نحن الاثنين.

لم يكن أمرنا نحن الاثنين كالأفلام السينمائية: واحد مذنب وأخر ضحية، حيث يصل البطل أو البطلة في اللحظة الأخيرة.

لم يكن الأمر فلماً تبدأ قصته وتنتهي،  خلال ساعتين. كان الأمر يتعلق بحياة كاملة مدادها سنوات طويلة.

لو سألتني وقتها ما كان لشرحي أن يكون، فالأمر معك، كان رفّة جفن، وخفقة فؤاد.

وصلت في حبك درجة التبخر، وما عاد أمامي، غير أن أتنشق من الريح عاصفة.. تتعطف السماء عليّ بفسحة.. تغمرني الشمس بحرارتها، كي أعود البحر ثانية.

لن أطلب المبادلة، فما للريح إلا أن تكون ريحاً، وما للنسيم، إلا أن يبقى نسيماً. فشرف الريح أن تبقى ريحاً وشرف النسيم، أن يكون نسيماً.

و كان شرفنا: شرف الريح أن تعصف برأي بليد، وشرف النسيم أن يبلسم جراح الريح

أضيفت في 09/01/2008/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة بأدب الرسائل)

 

 

رسائل أدبية من باريس

 

مراسلة الكاتب بقلم الكاتب: علي جواد الطاهر

 

هذه الرسائل جزء من رسائل متبادلة بين الطاهر وهو يدرس في باريس مع زميله د. شاكر خصباك وهو يدرس في القاهرة وفيها ملاحظات ووقفات كثيرة من الحياة الأدبية منتصف القرن العشرين.

16/9/50

 

.. ما زلت مع جان بول سارتر، رأس الوجودية والوجوديين، وانا مرتاح جداً، واستاهل التهنئة. ولعله بوحي من هذه القراءة ومن تصميم سابق ان ارجوك ان تقرأ فرويد وادلر ويانج، تقرؤهم بالانكليزية طبعاً على انك تجد ادلر قد ترجم.. ترجمته لجنة التاليف والترجمة والنشر بعنوان "ألحياة النفسية" وتقرأ -ان شئت- كتاب سلامة موسى عن العقل الباطن.. الخ.. لتقف على اسرار غير قليلة من اسرار النفس البشرية.. في الاحلام، والشعور بالنقص.. الخ، ارجوك وانا اعلم ان هذه المدارس قد تقادم عهدها نوعا ما..   

 

ارجوك وانا اعلم ان القصة النفسية ليست علم النفس ولا ادري اذا كان وقتك يتسع لتكون علاقة ما باحد الحشاشين، فانت في مصر، ولا تدع هذه الفرصة تفوتك، ولا شك في انك ستعجب من هذا الرجاء.

ورجاء آخر، ان توفر بعض المال فتسهم في سفرة مدرسية جامعية الى اوربا- وان كانت السفرة المدرسية لا تكفي هذا واجب لابد منه على قصاص وعلى كل حال، فقد تتهيأ لك بعثة عاجلاً او آجلاً، بعثة او اجازة دراسية..

***

سمعت ان الجرائد المصرية، و"المصري" -بصورة خاصة- تكلمت غير قليل عن "بشر فارس" ومسرحيته "مفترق الطرق" التي ترجمت الى الفرنسية ومثلت على مسارح باريس!

مسكين الادب العربي، العفو، الفرنسي، لان الحاجة قد مست الى بشر فارس، فكان لم يكن له العدد العديد.. من المعاصرين، ولا ادري اين ذهب "بول كلودل" و"مونترلان" -مثلاً واليك حقيقة الخبر:

ترجم الاستاذ مسرحيته، والله يعلم كم خسر من المال، المهم أنه ترجمها ومثلت جزءاً من ثلاث مسرحيات اخرى، ولكن اين؟ في أي مسرح؟ طبعاً على مسرح الكوميدي فرانسيز او الماريني او ساره برنار!! طبعاً اتدري اين؟ في مسرح هو اصغر مسارح باريس اسمه "مسرح الجيب" يسع ثلاثين شخصاً.

كنت اريد ان اكتب هذا من "زمان" ولكني لم اكتبه الا اليوم ولا ادري لماذا؟

***

سلامي للاستاذ الجليل تيمور.. ولعلك فهمت سؤالي السابق اقول: هل يسر الاستاذ ان يرد اليه احد كتبه التي سبق ان باعها على اثر وفاة ولده ذلك اني رأيت لدى احد العراقيين قاموساً يحمل اسمه فلعلي استطيع الحصول عليه.

 

* اما انها لالتفاتة لطيفة ان تسجل ميل العامة الى الالمان وهذا دليل جديد على اتجاهك الجدي في تصوير العراق.

واقول في هذه المناسبة ان ابرز قصاص فرنسي اخذ على نفسه تاريخ عصره "بالزاك" فقد نسق كتبه الى قصص باريسية وقصص الاقاليم وقصص الحياة الخاصة.. الخ ولا تدري كم يلاقي بالزاك من التقدير في نفوس الفرنسيين.. ان له في باريس تمثالين وبيته محفوظ متحفاً وبيوته الاخرى محفوظة، وهناك جمعية باسمه ومجلة باسمه، ومنذ سنة واكثر من سنة وفرنسا معنية في تمجيده، وذلك بمناسبة مرور (150) سنة على ولادته و(100) سنة على وفاته..

وقد جاء بعده "أميل زولا" وحاول -قصدا- تاريخ عصره في قصصه، وكان نجاحه في عصره منقطع النظير، ولكنه قد تضاءل تضاؤلا عجيباً حتى اصبحت المقارنة ضرباً من الاساطير الادبية.

وكم وددت لو سجلت حياة "الترياكجية" في اقصوصة ما -انها حياة غريبة، ذات مجالات نفسية..

واقول بهذه المناسبة ان "اندره موروا"- وهو من اكبر النقاد المعاصرين قد كتب حواراً في جريدة "الاخبار الادبية" يؤاخذ به على كتاب القصة الحديثة تطرفهم في تسجيل (1) الطابع الاسود من الحياة (2) الغريب الشاذ ولكن هذه المؤاخذة -ان صحت- لا تشمل القصة العربية، فربما كان تصوير الغريب، غريب الاطوار، اقل شيء في قصتنا.

هذا، ومن ملاحظاتي على القصة (قصة الانشودة الخالدة) ان تصحح ما ورد من امثال: مرحى، في نغمة طروبة، تعال يا رجل، حلوة جداً، كلا؟" تصححها بـ": مرحباً، ونغمة طروب، تعال يا معود، حلوة، لا..

وكذلك، لا ارى كلمة "يتمرغوا" في مكانها لان العادة في استعمالها ان تكون في الامور الوسخة، الترابية، غير الخيرة اما قولك: "انهم لم ينظفوا العراق مما يخيم عليه من بؤس" فان "ينظف" لا تتسق مع "يخيم".

ان الفقرات الثلاث او الاربع الاولى بحاجة الى سبك جديد والفقرات الثلاث الاخيرة تدخلنا في نقاش قد يطول. لا شك في انها فقرات مفتعلة لا تتسق وسير القصة الطبيعي. لان "عبد المولى" هذا -اذا اردته انموذجاً- لا زال يؤمن بالالمان، وان هتلر لا يزال حياً، ولو فرضنا انه امن بك انه لم يؤمن بهذه السرعة، وقد يؤمن به سواك، اما هو فيظل على شانه.

* اليس من حق القصاص ان يوجه الاحداث كما يشاء؟ ويجعل قصته ذات هدف وغاية، قصة للحياة؟ -موضوع نقاش طويل. خلاصته لا بأس في ذلك اذا كان يتسق وطبيعة الحادثة، واذا كان الحل فيه يتفق وطبيعة العرض والعقدة.

وعلى ذكر العرض والحل والعقدة، لعلك، بل لا شك في انك تعرف ان هذه الامور من شروط القصة الكلاسيكية.. على انها ما زالت حية ولكن الكثيرين من القصاصين يتمردون عليها.. على اني -كما تتذكر- اتحراها، واراها اموراً تكسب القصة عنصر التشويق وعراقة الفن.

اما ما كان بين الفقرات الاولى والاخيرة فمتسق وجميل ولطيف.. وسبكه جيد، ولكنه ليس "جيد جداً".

لو جعلت بدل اسم "عبد المولى" اسم مهدي او حسين او عبد علي لكان الاسم اعرق في العراقية.

العنوان: "الانشودة الخالدة" غير مناسب ولو جعلته "عبد المولى" كان ادق.

ولعل السبب الذي حدا بك الى اختيار هذا العنوان والى "زج" تلك الخاتمة لعله يرجع الى انك تبغي من وراء القصة التهذيب والاصلاح وهذا هدف سام وجميل ولكن اهم من هذا، ان ياتي تلقائياًُ او شبه تلقائي، وان ياتي منسجماً وطبيعة الاحداث، بل وطبيعة الاشخاص.. لقد كان "احمد افندي" "مصلحا" في سياق القصة وهذا طبيعي لا تؤاخد عليه لانك لم تزج به زجا، وانما هو موجود في العراق.

لئن كان المنتظر من "عبد المولى" ان يتخيل الاوهام لاختفاء هتلر ولانكسار الالمان ولن يضفي على ذلك الاثواب الدينية والفنية (اتنسى ان من العراقيين من جعل من هتلر صاحب الزمان).. اقول لئن كان ذلك منتظراً من عبد المولى واذا كان لابد من مطاوعة "عبد المولى" لاحمد ان ذلك لا يمكن ان يتم بهذه السرعة..

وبهذه المناسبة اقول: ان اقتسار الهدف، وزج طلب الاصلاح.. مما يقلل من مدة خلود القصة واسرع القصص الى الفناء هي القصص "الوعظية" التي لا تلبث ان تفقد قيمتها حال تغير الظرف الذي كتبت له فالقصة ليست منبراً للوعظ المكشوف بعبارات ظاهرة من الدعوة الى الاخلاق والفضيلة.. انما هي تنفذ سراً وبلا شعور.

انا لا اكتب هذا.. لان قصصك من هذا النوع، لا، انك لم تفسر الوعظ، انما هو كلام على الهامش.

ومن بين اكابر كتاب القصة الحديثة: "سارتر" و"مورياك".

وقد قال سارتر: ان مورياك لا يمكن ان يكون قصاصا لماذا؟ لانه هو الذي يسير اشخاصه.."

والحقيقة ان كل قصاص يسير اشخاصه حتى سارتر نفسه ولكن الذي يلوح لي ان المفهوم من كلام سارتر هو الاغراق في هذا التسيير بحيث يخرج عن كونهم اناساً طبيعيين.

والمعروف ان مورياك يخضع كل شيء في حماسه الشديد للدين المسيحي (الكاثوليكي)..

ومما يقدمه النقاد من اسباب لموت لساج وهو من قصاصي القرن الثامن عشر- انه اتخذ القصة منبرا للوعظ.

22/1/50

 

 

نسيت ان اؤكد ظاهرة في قصتك ظاهرة جميلة، وهي خلوه من "الحب" الذي كثيراً ما زج به القصاصون زجا.

اعطيت القصة الى الاخ صلاح خالص فقرأها واعجب كالعادة ولكنه لاحظ -كما لاحظت- ان الاسلوب، اسلوب العبارة، يحتاج الى شد.. ومتانة.. وقرأ الاخ صلاح خالص قصة "بدور ابنة عمي" فاعجب بها كثيراً..

* حصلت امس على مجلة "الاديب" فقرأت نقدك على الاستاذ تيمور ولقد اعجبني كثيرا وهو يدل على نضج.. وتوسع نظرتك الى الفن ثم هناك شيء اخر هو انك لا تحابي.. ولا شك في ان من يقرأ هذا النقد يقدر انك ابن العقد الرابع.

واعجبني اكثر من ذلك متانة العبارة.

والان : "الخاتم الماسي".

العيون الصغيرة كعيون القطط -لا ادري لاية درجة يصدق التشبيه. امارات البلادة: الصحيح امارات (بفتح الهمزة).

خاتماً سريا- الاحسن: خاتماً سحرياً.

ايها الرجل -تكررت- الى الان- مرتين، وهي مصرية بالدرجة الاولى اذ يكرر المصريون يا راجل، يا راجل، وهي بالطبع عربية لكنها ليست عراقية.

خاتماً سريا- الاحسن خاتماً سحرياً

كلمات خرساء- خرس، جمع كل افعل فعلاء، فعل.

وقد ورد في بعض عباراتك تكرار لكلمة واحدة مرتين وهذا حلو كان تقول: كان الشارع خالياً، خالياً، ولكن سير السيارات لم ينقطع لم ينقطع وقد لحظت مثل هذا بارزاً عند لامرتين.

لعل الافضل حذف العبارات التالية: اعداء العدالة في جيبي. والان.

الان فقط يحق لي ان اطمئن، انها اجمل قصة وابدع وامتن متوفرة على كل المزايا اهنئك واهنئ نفسي استمر يا اخي..

*واعود الى قضية الشروط الكلاسيكية للقصة فاقول لك: اني معها ولها، ولقد قرأت اكثر من قصة او شبه قصة مما يتحلل من شروط "العرض والعقدة والحل" فلم استسغها -او اقل لم اعتبرها قصة.

ولعل هذا بعض سر اعجابي "بالخاتم الماسي" أأستطيع ان اقول انها خير أقاصيصك- من الوجهة الفنية على الاقل- فضلاً عما فيها من تحليل نفسي ومن معان اجتماعية واخلاقية.

* تسلمت اليوم رسالتك فكانت الصورة مع الشوارب الفخمة خير "صباح الخير".

تذكر في الرسالة "اليوم سأرى فلم الجريمة والعقاب" والحقيقة ان الفلم الفرنسي يزود المرء بالوقوف على خير القصص العالمية وكم اود لو تواظب على مشاهدة هذه الافلام الفرنسية.

* لعل الصورة النهائية لموضوع اطروحتي الاساسية سيكون: "الشعر العربي في العراق وبلاد العجم اثناء القرن الاول للحكم السلجوقي" ويقع ذلك في الفترة بين سنة 429هـ-529 من التاريخ الهجري واهم شعرائها: صردر، الطغرائي، الابيوردي، ابن الهبارية الارجاني.. واهم مزاياها: "الجدب"!! اما الاطروحة الثانية فهي: "تحقيق ديوان الطغرائي".

وازيد على قصة "الخاتم الماسي" فاقول: لعلها مصرية اكثر منها عراقية.. وقد كدت ان اعرف الحل مبكراً وذلك لان شيئاً من هذا كاد يحدث معي في مصر.

23/10/50 

أضيفت في 09/01/2008/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة بأدب الرسائل)

 

 

رسالتان من إبراهيم طوقان إلي أخته فدوى

 

مراسلة الكاتب بقلم الكاتب: إبراهيم طوقان

 

 

يجب أن تواظبي علـى حفظ القرآن الكريم.. والشعر

 

 

رسائل عديدة تلقتها الشاعرة الكبيرة فدوي طوقان من أخيها الشاعر الكبير ابراهيم طوقان، وتبدو العلاقة بينهما أكثر من علاقة أخت بأخيها الكبير، فهي علاقة شاعرة تتلمذ علي يد أستاذ مرموق.. هكذا كانت بداية فدوي طوقان ونتعرف علي المزيد منها من خلال نصائح أخيها لها ومن بين هذه النصائح حفظ القرآن الكريم وروائع الشعر العربي لكي تتهيأ الموهبة الغضة للتفتح.. نلتقي اليوم مع رسالتين من تلك الرسائل العديدة التي أرسلها ابراهيم طوقان من بيروت حيث كان يعمل مدرسا الي أخته فدوي في نابلس.

 

 

الرسالة الأولي - 14 أكتوبر - تشرين أول سنة 1930

 

أختي العزيزة والدرة المكنونة، القايمة من الجونة، القاعدة علي أذنيها.

بعد تقبيل وجنتيك الخضراوين، أخذت تحريرك الذي كتبته بمداد الشوق، وقد نزلت الي السوق وسألت عن الحبر لأكتب لك به أيضا ولكن لم أجده أبدا، فأرجوك إذا كان موجودا منه عند الحجاوي أن ترسلي اليّ زجاجة وأنا أدفع ثمنها.

يوجد في مكتوبك اغلاط يجب أن تتجنبيها في المكتوب التالي.

1- (مضي زمنا طويلا) غلط.

مضي زمن طويل صح. لأن الذي مضي هو الزمن فهو فاعل، والزمن هذا وصفه أنه طويل، والوصف يكون مثل ما قبله في الإعراب.

2- (ولكن القريحة لم تجود) غلط.

(ولكن القريحة لم تجد) صح بدون واو، مثل قولك ذكري تلك الأيام لم تمح .

فحذفت الألف المقصورة وهذا صح. لأن لم تجزم الفعل المضارع.

3- (أحتاج إلي كثير من التفكير لأن أحفظه) غلط.

(أحتاج الي كثير من التفكير حتي أحفظه أو لكي أحفظه أو كي أحفظه).

لا يوجد غير هذه الاخطاء وهذا جيد جدا وأنا مسرور كل السرور بإنشائك وأعتقد أن في الصف الثاني العلمي شبانا يغلطون أكثر منك في أقل من صحيفة.

بس شوفي مش يكبر راسك؟ يجب أن تقرأئي في الكتب الطيبة دائما، ويجب أن تواظبي علي حفظ القرآن الكريم والشعر، وفوق هذا كله يجب أن تكتبي نثرا وشعرا حتي تتمرني علي الكتابة، وإياك أن تهملي القواعد النحوية فهي مهمة.

إذا لم يساعدك أحد في كتابة المكتوب فأنا أهنئك علي إنشائك الجميل، اكتبي وأنا دائما مستعد لأصلح لك الاغلاط ولكي تدرسي هذا التصليح يجب أن تحفظي نسخة من التحرير الذي ترسلينه لتقابلي فيها الأغلاط، أنا الآن أعطيك موضوعا لتكتبي عنه وترسليه في التحرير القادم وهو ماهي فكاهات نبيهة ونزيهة وحنان في يوم .

هذا هو الموضوع فراقبيهن جيدا، واحفظي فكاهاتهن، ثم رتبيها للإنشاء، وأرسليها في تحرير.

أهنئكم علي الفوتوغراف، أنا منذ سافرت الي هذا اليوم لم أسمع شيئا، قولي الله يصبرك ويدبرك ولكن أنا أرقي منكم اليوم، أنا أحضر السينما الناطقة كل يوم سبت، وقد حضرت موريس شوفاليه وسمعته يغني أغنية انجليزية اسطوانتها موجودة عندكم وهي جميلة جدا جدا عندي مئة وتسعون تلميذا كلهم صاروا يحبون الشعر كثيرا، مئة وثلاثون منهم يدرسون الشعر القديم كامريء القيس وعنترة والخنساء، والستون الباقون منهم خمس بنات يدرسون الشعر العباسي هؤلاء البنات هن: ماري ديب، سلوي خوري، وداد خوري، صبيحة مقدادي، ميليا مالك. وان شاء الله بعد كم سنة نصير نذكر بيهن فدوي طوقان قولي الله كريم .

سألتيني عن أجنت لك الورد وأجنينك الورد،

الاثنتان صحيحتان والبيت:

أجنت لك الورد أغصان وكثبان

فيهن نوعان: تفاح ورمان

معناه: إن النساء الجميلات اللواتي قاماتهن كالاغصان والسمينات اللينات كتلال الرمل جعلنك تجني الورد أي تقطفه من التفاح وهو الخدود ومن الرمان وهو النهود المرة القادمة اكتبي لي الأبيات التي لم تفهمي معناها، واذا كان عندك قصيدة جديدة ارسليها، يلزم لك قاموس ان شاء الله سأرسل لك واحدا، الآن مشغول انتظري حتي اتفضي فأنزل الي السوق واشتريه، وصيتي لك: احفظي، اقرأئي تمرني علي الكتابة نثرا وشعرا.

قولي للوالدة انني مشتاق لها كثيرا، اشكري نجله علي لساني لأنها تعلمك، قولي لرحمي إنني سأكتب لأحمد عن مسألته: لأنه لا يوجد في بيروت ولا مطبعة يشتغل فيها ناس أوادم، كيف أخبار نمر؟ خبريني عنه.

سلامات: تقبيل أيادي العمة المحترمة الشيخة كريمة، السيدة المحترمة أم داود، الخالة العزيزة أم عبدالله، أم علي، أم موسي، سعادة الوالدة المحترمة، تقبيل وجنات أديبة نبيهة، حنان، نزيهة، سلامات الي آسية، ونجلاء وبندر وفتايا يخرب بيتكم ما أكثركم لا أدري كم واحدة نسيت منكم، وبالختام وفقك الله ودمت لأخيك المشتاق.

 

 

الرسالة الثانية - 26 أكتوبر 1930

 

بيروت - الجامعة الأمريكية

أختي العزيزة المجتهدة النشيطة فدوي دام بقاؤها

سلام وتحية، وقبلات وأشواق، نهار أمس أخذت تحريرك الجميل فسررت به جدا ولا سيما عندما أكدت لي فيه أنك تكتبين بدون مساعدة أحد، وسررت جدا فوق ذلك بنشاطك واجتهادك ومواظبتك علي الدروس والحفظ.

منذ ثلاثة أيام وأنا في شغل مستمر متعب، كنت أصلح دفاتر الانشاء للتلاميذ وعددها مئة وأربعون دفترا فتأملي ما أكبر هذه الكمية، ثم تفكري بصعوبة هذا العمل ومشقته عندما يكون أكثر التلاميذ ضعافا، كانت أعلي علامة ثلاثة وثمانين من مئة، وأقل علامة سبعة وخمسين، أي أن الذين أخذوا هذه العلامة الأخيرة سقطوا، وسأكتب لك بعض جمل منها لتصلحيها أنت وترسليها الي في التحرير القادم الجملة الآتية لفتاة اسمها كزين نشأت ولما ذهب نابليون الي مصر أمر أن لجنة من الإفرنسيون تذهب وتري أرض السويس لأن يجب حفر قناط هناك .

وكتب أحد التلاميذ هذه الجملة إن الاخوان رايت الانجليزيان اخترعا أول بالون الذي ظهر للعالم، فكان أول تجربة التي جربها الناس في الطيران .

صلحي هاتين الجملتين وارسليهما الي في التحرير القادم في تحريرك هذا غلطات بسيطة وهي أخف من غلطات التحرير السابق، فانتبهي لتصليحها الآن:

قلت: ولكن طالما يوجد من يساعدني فأنا بلا شك.. الخ!.

طالما لا تدخل علي الفعل المضارع بل علي الفعل الماضي، فالاضبط أن تقولي: ولكن طالما وجدت من يساعدني... الخ وهذه أيضا غلط من جهة المعني في المضارع وفي الماضي لأن معناها وجدت كثيرا وباللغة العامية يالطيف قديش وجدت كأنك تتعجبين من كثرة الذين وجدتهم، مع انك تريدين أن تقولي مادام يوجد من يساعدني أو مادمت قد وجدت من يساعدني فهل عرفت الفرق الآن؟

قلت: هذه هي الأبيات الغير مفهومة ويجب أن تقولي هذه هي الابيات غير المفهومة أعني خذي ال من غير وضعيها علي مفهومة فتصبح الجملة صحيحة وهذه غلطة شائعة كثيرا حتي بين الذين يكتبون في الجرائد والمجلات وبين المعروفين من الكتاب والأدباء.

قلت سخسخ المعلم من الضحك لا تستعملي سخسخ لأنها عامية وقولي وقهقه المعلم ضاحكا وكاد يستلقي... الخ .

قلت وقالت (أي نبيهة أريد كرسي.. كرسياً.. لماذا؟ جاوبيني علي سؤالي في التحرير القادم.

قلت فاشترت لها بندر ما طلبته وثمنه قرشا، وثمنه قرش لماذا؟ تذكري المبتدأ والخبر، التفاح ناضج، حنان جميلة، عمتي دلوعة، ثمنه قرش.

قلت ودقت عليه مسمارا ودقت فيهم مسمارا ومثل هذه أيضا هذا كرسيي وعليه مسمارا وفيه مسمار ومثل ثمنه قرش يجب أن تكون فيه مسمار بالرفع.

أين ابراهيم؟ فتؤشر علي غرفتك فتشير الي....

بواسطة لبانها الصغير كيف تشير بلبانها اللبان هو الصدر أليس كذلك؟ ولكن الكلمة التي تعني إصبع هي بنان ثم لا تقولي بواسطة بل ببنانها الباء وحدها تكفي.

فكاهتها ليست لذيذة لذيذة ليس مثل كان ومازال وأضحي وأمسي وأصبح وبات مثلا:

الجو معتكر كان الجو معتكرا وأمسي معتكرا وأصبح معتكرا... الخ.

وكذلك ليس الجو معتكرا، وكذلك قولك فليس مفهوم يجب أن تكون مفهوما انتبهي لهذه الأغلاط وأرجو ألا تعودي لمثلها.

الأدبيات الصعبة

مستظهرات برأي.. الخ صعوبة البيت في اسماء الاشخاص وكل واحد منهم له قصة قديمة مآلها انه كان ينصح قومه بالآراء الطيبة فلا يسمعون منه فتصيبهم المصائب، فابن الرومي يقول: إن النساء يتمسكن برأي لا يثنيه آراء قصير عمرو ولا عمرو ولا وردان وبعبارة مختصرة إن آراء النساء غير صائبة.

صدقن ما شئن... الخ معناه تقول لهن فيصدقن ما نقول، ولكن مع هذه السلطة التي لنا نحن الرجال عليهن لانزال تصطادنا تقنصنا عيونهن ويصير حبهن فينا إدمانا.

أنكي وأزكي... أي أشد نكاية واشتعالا من النار في قلوبنا، هؤلاء النساء المخلوقات من ماء للطفهن واللواتي ألوانهن كالنيران الخدود والشفاه الحمراء .

اذا ترقرقن .. عندما يتلطفن معنا وتكون وجوههن مشتعلة بالشباب والنضارة لا يستطيع الانسان إلا أن يبوح بسر حبه لهن، ماء ونار مثل البيت الثاني، أي أن الانسان يتعذب ويبكي من لطفهن واشتمال شبابهن، حران معناها مشوب كثير الحرارة، نعيم كل نهار معناه أن الواحدة منهن تشعل العود الطيب في مجامرها لكي تتعطر فيصعد الدخان فيصير النهار مملوءا بالغيوم نعيم من الغيم وهي من جمالها تجعل الليل ضحيان أي كالضخي.

كأنها وعثان الند... العثان = الدخان، أي عندما تفعل ما تفعله بالبيت السابق فينعقد فوقها دخان عود الند تصبح شمسا فوقها ضبابات غيوم وادجان ظلمات .

لما قلت لك في تحريري السابق عن القصائد الجديدة كنت أعني قصائدك التي نظمتها أنت، وأما التمرين علي الكتابة نثرا وشعرا فأعني به أن تلاحظي ما حولك من الامور التي تحدث أو الاشياء التي تقرأين عنها المجلات والجرائد والكتب فتكتبي عنها ما يخطر في بالك مثال ذلك: الاشياء التي تلاحظينها: الآن نحن في فصل الخريف، لاحظي كيف كانت الدنيا قبل شهر ثم تغيرت من السماء الصافية الي السماء المتلبدة بالغيوم وبعدما كانت الاشجار خضراء ناضرة، صارت أوراقها تصفر وتسقط هذه أشياء تحرك العاطفة فافتكري في وصفها بقصيدة أو انشاء، أما الاشياء التي تقرأينها فكثيرة ومنها ماهو مؤثر فانتبهي الي التي تتأثرين بها واكتبي عن هذا التأثير شعرا أو نثرا، هل فهمت قصدي؟

اكتبي شعرا أو نثرا عن الفتياني مثلا.

هذا ما لزم وسلامي لكل واحد وواحدة من اللذين الذين سميتهم ومن اللواتي.. سميتهن في تحريري السابق.

وفي الختام يلعن صفارك ياصفراء.

أخوك المشتاق ابراهيم طوقان

أضيفت في 09/01/2008/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة بأدب الرسائل)

 

 

تجربة في أدب الرسائل

 

 

مراسلة الكاتب بقلم الكاتب: حنا مينه  

 

 

العزيزان المحامي محمود العظمة والفنانة التشكيلية عطاف نصري!

ما راعنا الدهرُ بالبلوى وغمرتِها

لكننا بالإباء المرِّ رُعناهُ

إن نحملِ الحزنَ لا شكوى ولا مللٌ

غدرُ الأحبةِ حزنٌ ما احتملناهُ

وما راعَنا، على عصفِ الخطوبِ بنا،

هوى حبيبٍ، رعيناهُ ونرعاهُ

ليتَ الذينَ وهبناهم سرائرَنا

في زحْمةِ الخَطْبِ أغلَوْا ما وهبناهُ

مشتاق أنا، وبعض الشوق غالية من نفح الطيب، ومن نفح المودات الغاليات التي كانت بيننا، بغير موعدٍ مسبق، بغير شكليات أو رسميات. وكما النسائم، قيلة قيس بن الرقيات، تهب من أرض نجد، كانت تهب عليَّ من نحوكم، نسائم تنعشني، في لقاءات عابرة، هنا أو هناك. وكنت أذكر كما في كل جمع، في كل محاضرة، في كل لقاء مع قرائي وأحبتي، حتى صار الناس يحفظون قولي: (عندما أضعت البحر، مرة أخرى!) لأنني لم أستجب لدعوتكم، في السكن على مطلّ البحر، في بيت الضيافة الذي تملكان، وكانت ذريعتي أنني لا أسكن إلا في بيت أبي، وأبي لا يملك بيتاً على البحر، أو البرِّ، أو الجهات الأربع!

هذيان، نصف مجنون أنا، ونصف عاقل، وأفضل نصفي المجنون، وهذا معروف عني. وفي جنوني (أضعت البحر.. مرة أخرى!) إلا أن قلبي مصاب.

وذو القلبِ المصابِ وإن تعزّى

مشوقٌ حين يلقى العاشقان

وأنتما في العاشقين نبلاً، وكرماً، وأريحيات غامرة.

أما الآن، وقد رُددتُ إلى أرذل العمر، فإنني عازف عن السفر، بعد أن كنت، زمناً طويلاً، مسافراً بلا حقيبة، في الرياح الأربع، مناضلاً صلباً لأجل العدالة الاجتماعية، هذه التي تحقق، قياساً إلى بداية القرن العشرين، بعض من آمالها، في نصفَةِ البؤساء والمعذبين في الأرض!

إن الشهرة جهنم، وأنا ملاحق في جحيم شهرتي، ورنين الهاتف لا ينقطع، على مدى أسبوعين وأكثر، بعد أن فقدت صديقين عزيزين: محمد الماغوط وعبد السلام العجيلي، وكل وسائل الإعلام وضعتني في مرمى هدفها، سائلة عن رأيي في فقد هذين المبدعين، وعلي أن أجيب، بدقة، عن وقع هذا الفقد، في نفسي وسريرتي، لأنني الأكبر سناً، والأعرف بهما، تاريخاً وإبداعاً، والمطلوب أن أُشبع نهم كل الصحف، وكل المجلات، وكل الفضائيات، وكل الراغبين في معرفة من هو محمد الماغوط، ومن هو عبد السلام العجيلي، وماذا أبدعا، وأنواع هذا الإبداع، وتعداده، وقيمته محلياً وعالمياً، وأثره في نفسي، ونفوس الناس من حولي، وهل الفجيعة بهما ستؤثر في العطاء الإبداعي، وإلى أي مدى؟!

السيد المسيح، وهو على خشبة الصليب، في الجلجلة المعروفة، تقبل إسفنجة الخل، وكان عليَّ أن أتقبل هذه الإسفنجة أيضاً. ولكن دون قيامة، أو رجوةٍ فيها، سوى أنني، على خشبة صليبي، كانت لي مريم المجدلية، ولوحتها عن البحر، المؤطرة بالاحترام، على جدار مكتبي، وفي كل محاضرة أذكر الصديقين العزيزين: محمود العظمة وعطاف نصري، حتى بات القاصي والداني، المستنير والأممي، يعرف أنني (أضعت البحر.. مرة أخرى!) وفعلاً أضعته مرة أخرى، وأنا أردد قول عمر أبو ريشة:

 أوقفي الركْبَ يا رمالَ البيدِ

إنهُ تاهَ في مداكِ البعيدِ

هكذا، نحن الثلاثة، أصبحنا معروفين بالبحر، وما أضعته في المرة الأخرى. وتبقى اللوحة عن هذا البحر، هي الآية والشهادة، تقول ولا تقول، فالسحر في الإبداع، ليس له توصيف، وليس له تعريف، لأنه، بكل بساطة، إبداع!

هتفتُ وهتفت وليس من مجيب، حتى صرتُ بين أمرين: أن أكون قد أخطأت بحقكما، في قول أو فعل، أو إنكما، بعد اندفاع في النجوى، في أبو ظبي أو دمشق، قد ندمتما على النجوى، لأن صديقكما قد كشف أوراقه، وقال لكما: إنني خريج سجون ومنَافٍ، وليس خريج جامعات أو معاهد!

قال بدوي الجبل شاعري وصديقي رحمه الله، الذي، في الثالثة والعشرين من عمري، ناصرته في الانتخابات النيابية، ففاز بالنيابة، نكاية بوهيب الغانم:

ما راعنا الدهر بالبلوى وغمرتها

غير أن

غدر الأحبةِ حزنٌ ما احتملناهُ

وحاشا الغدر منكما يصدر، بعد أن كشفت لكما كل أوراقي، وقلت لكما ما ينبغي أن يقال، عن حياتي كلها!

سيدتي الفنانة الكبيرة عطاف نصري العظمة البحر الذي قلت إنه ضاع مرة أخرى، أجده، وأنا أكتب إليك هذه الكلمات، في لوحتك الرائعة، فأنتشي بالأزرق من ألوانه، وأسمع خرير مائه، في الموجة المشرئبة، تاركاً للخيال أن يخترق المدى إليك. ولن أقول بعد اليوم (عندما أضعت البحر، مرة أخرى!) لأنه موجود في مكتبي، وعلى أوراقي، وأحداقي، وأناملي، وقلبي الذي عاطفته إلى شباب، إنما في جسد إلى شيخوخة!

علينا، إذاً، أن نعمل ونعمل، أن نكافح كما كافح (الطروسي) في البحر والبر، بغير كلل أو ملل، وبذلك نواصل حياة الأديب العربي التي هي، مع التخفيف والرحمة، حياة تعاسة دراماتيكية بامتياز!

إنني أحب أكثر شخصياتي الروائية! إنها منقوشة في الذاكرة. ليتها لم تكن كذلك، وليتني أصاب بفقدان الذاكرة حتى أنساها، مرة واحدة وإلى الأبد! تعرفون لماذا؟ لأننا، أنتم وأنا، مصيرنا إلى الجلجلة، وعندئذٍ نصلب فنموت، ونُنزل صليبنا الذي نحمله منذ أمسكنا القلم! هذا ليس من التشاؤم، فالمعروف عني أنني بائع تفاؤل، إلا أن الكاتب، الذي يرى ما لا يراه الآخرون، يعرف أن كل إنسان يحمل صليبه في هذه الحياة، مع الفارق في حجم هذا الصليب وثقله. فالمليونير، وبالدولار كوحدة نقدية، يحمل صليب الشره للاستزادة من جمع المال المنهوب من الفقراء. بينما نحن، الأدباء والفقراء، وكذلك أبناء الشعب الذين مثلنا، نحمل صليب الركض وراء اللقمة، واللقمة، كالفارس في المزدلف، يسابق الريح، فلا نبلغه مهما لهثنا من الركض والتعب، المجبولَيْنِ بعرق جباهنا!

 إن الإنسان ابن تاريخه الاجتماعي، والتاريخ حقب ومراحل، ونحن الآن في مرحلة المجتمع الاستهلاكي، حيث النفعية عنوان كبير، وبارز، له مع كل ما ينطوي تحتها من شرور وآثام. لكننا، في الوطن العربي مكتوب علينا أن نواصل الكفاح، في سبيل التحرير واسترداد الحقوق، وضد التطبيع الثقافي، وكل تطبيع، مع إسرائيل، التي تحتل أرضنا وتقتل وتشرد إخوتنا في فلسطين، وهذا الكفاح مجيد، وسيكون مجيداً أكثر، ومجدياً أكثر في مناخ الحرية التي يريدون وأدها، كما في حادثة التفريق الجائرة والظالمة بين نصر حامد أبو زيد والسيدة زوجته .

الإبداع رسالتنا إلى العالم، به وحده نجابه التحديات الثقافية في الجوار وفي هذا العالم، لكن الإبداع نبتة تحتاج إلى الشمس، وهذه اسمها الحرية الفكرية، وهذه الحرية تُنال بالكلمة والموقف، فما هي هذه الكلمة؟ وما هو هذا الموقف؟ ولماذا يعيبون علينا أن تكون لنا أيديولوجية تقدمية، هؤلاء الغارقون في وحل الأيديولوجية الرجعية؟!

قلت، في العنوان، إنني أحاول تجربة في أدب الرسائل، تاركاً هذه الرسائل كما هي، حتى في أسماء الذين أكتب إليهم، من حين لآخر، ولن أبالي (وما انتفعت يوماً بأن أبالي) في هذه التجربة، أن يُقال إنني أداهن في ذكر الأحبة، أو أجحد في ذكر غيرهم. فالأدب تجريب، وقد جربت كثيراً ولا أزال. والأدب استئناف ضد ما هو كائن، في سبيل ما سوف يكون، وهذا الذي سيكون هو الأفضل، لأنه مع الحركة ضد السكون، والغاية، بعدُ، إيقاظ النَّوم في مطاوي الكتب الصفراء، لأننا، في هذا الوطن العربي، بَشِمنا من النوم، والكسل، والإذعان، والملق، في كل أنواع النفاق!

تحياتي المعطّرة بأريج غوطتنا!

حنا مينه

أضيفت في 09/01/2008/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة بأدب الرسائل)

 

 

رسائل حب شرقية بين مي والعقاد

 

مراسلة الكاتب  1-من مي إلى العقاد

 

 

برلين 30 أغسطس 1925

أكتب إليك من بلد كنت دائما تعجب بشعبه , كما أعجب به أنا أيضا , ولكن إعجابي بقصيدتك البليغة في معناها ومبناها فاق كل إعجاب . وقد اغتبطت بها غبطة لا حد لها , واحتفظت بها في مكان بين أوراقي الخاصة خوفا عليها من الضياع !

 

إنني لا أستطيع أن أصف لك شعوري حين قرأت هذه القصيدة . وحسبي أن أقول لك إن ما تشعر به نحوي هو نفس ما شعرت به نحوك منذ أول رسالة كتبتها إليك وأنت في بلدتك التاريخية أسوان .

 

بل إنني خشيت أن أفاتحك بشعوري نحوك منذ زمن بعيد .. منذ أول مرة رأيتك فيها بدار جريدة المحروسة . الحياء منعني , وقد ظننت أن اختلاطي بالزملاء يثير حمية الغضب عندك . والآن عرفت شعورك , وعرفت لماذا لا تميل إلى جبران خليل جبران .

 

لا تحسب أنني أتهمك بالغيرة من جبران , فإنه في نيويورك لم يرني , ولعله لن يراني , كما أني لم أره إلا في تلك الصور التي تنشرها الصحف . ولكن طبيعة الأنثى يلذ لها أن يتغاير فيها الرجال وتشعر بالازدهاء حين تراهم يتنافسون عليها ! .. أليس كذلك ؟! ..

 

معذرة .. فقد أردت أن أحتفي بهذه الغيرة , لا لأضايقك , ولكن لأزداد شعورا بأن لي مكانة في نفسك , أهنئ بها نفسي , وأمتع بها وجداني . فقد عشت في أبيات قصيدتك الجميلة وفي كلماتها العذبة , وشعرت من معانيها الشائقة وموسيقاها الروحية ما جعلني أراك معي في ألمانيا على بعد الشقة وتنائي الديار .

 

سأعود قريبا إلى مصر , وستضمنا زيارات وجلسات , أفضي فيها لك بما تدخره نفسي ويضمه وجداني , فعندي أشياء كثيرة سأقولها لك في خلوة من خلوات مصر الجديدة , فإني أعرف أنك تفضل السير في الصحراء وأنا أجد فيك الإنسان الذي أراه أهلا للثقة به والاعتماد عليه .

مي زيادة

 

 

مراسلة الكاتب  2-من العقاد إلى مي

 

أول يوليو عام 1925

سيدتي الآنسة

شكرك لي على الأبيات التي تفضلت بقبولها نعمة من نعم السماء وابتسامة في فم الحياة . أتمنى لك من السعادة بقدر ما بعثته في نفسي وبثته في جوانب قلبي . ولست بخيلا بالدعاء لو تعلمين حين أتمنى لك ’’ بقدر ‘‘ ما شعرت به ...

 

وإني أبصرك الساعة بين الماء والسماء فأشعر بوجود الله حقا , وأحس بمحضره قريبا , لأنني لا أستطيع أن أعرف قوة غيره تحمل ذلك المهد السابح الذي أتمثلك فيه طفلة وادعة في أحضان ذلك الحنان السرمدي العظيم ...

 

وهلا أحدثك بما أشعر به وأنا أكتب إليك من القاهرة وأنت في طريقك إلى مدينة غريبة بعيدة بموقعها بعيدة بتاريخها القديم وذكرياتها الخالدة ؟ . إني على ما بي من الشوق إلى رؤيتك وسماع صوتك لست أشعر البتة ـ وهذا ما أستغربه ـ لأنني أخط هذه السطور لتصل إليك على البعد حيث لم أكن ولم تكوني قط قبل الآن , ولا أحس فضاء بين نفسينا تتنقل فيه الرسائل ويقاس بمسافات البحار والآفاق وظلام الليل وبياض النهار . فلا مثالك بعيد مني لأنه أقرب قريب إلى حيث هو حاضر أبدا أراه ولا أرى شيئا سواه ...

 

وليست هذه أول مرة أذكرك فيها بين معاهد البلاد الغائبة وظلال الأزمنة القديمة . فقد ذكرتك في أسوان وذكرتك عند عرش إله النيل ومعبد إيزيس ...

فهل ستذكرينني ؟؟ إنني آمل وأتوسل . بل إنني واثق أنك ستذكرين ! واثق كل الثقة وسعيد كل السعادة بهذه الثقة الغالية . فلا تنسي يا آنسة .. واعذري ولا تشتدي علي ! .. ولك مني أعز وأصفى ما ترسله نفسي إلى نفس من تحيات الشوق والرجاء و العطف والشكر والاحترام .

عباس محمود العقاد

أضيفت في 20/11/2007/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة بأدب الرسائل)

 

 

رسائل حب شرقية بين مي وجبران

 

مراسلة الكاتب 1- من مي إلى جبران

 

 

...جبران! لقد كتبت كل هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب. إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودعواه في المراقص والاجتماعات، ينمي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألأ السطحي لأنهم لا يقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر، ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم، ويفضلون وحدتهم، ويفضلون السكوت، ويفضلون تضليل القلوب عن ودائعها، والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة. ويفضلون أي غربة وأي شقاء (وهل من شقاءٍ في غير وحدة القلب؟) على الاكتفاء بالقطرات الشحيحة.

 

ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي، وأني أخاف الحب. أقول هذا مع علمي أن القليل من الحب الكثير. الجفاف والقحط واللاشيء بالحب خير من النزر اليسير.

كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا. وكيف أفرط فيه؟ لا أدري.

 

الحمد لله أني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به لأنك لو كانت الآن حاضراً بالجسد لهربت خجلاً بعد هذا الكلام، ولاختفيت زمناً طويلاً، فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسى.

حتى الكتابة ألوم نفسي عليها، لأني بها حرة كل هذه الحرية.. أتذكر قول القدماء من الشرقيين: إن خير للبنت أن لا تقرأ ولا تكتب.

 

إن القديس توما يظهر هنا وليس ما أبدي هنا أثراً للوراثة فحسب، بل هو شيء أبعد من الوراثة. ما هو؟ قل لي أنت ما هو. وقل لي ما إذا كنت على ضلال أو هدى فإني أثق بك.. وسواء أكنت مخطئة أم غير مخطئة فإن قلبي يسير إليك، وخير ما يفعل هو أن يظل حائماً حواليك، يحرسك ويحنو عليك.

... غابت الشمس وراء الأفق، ومن خلال السحب العجيبة الأشكال والألوان حصحصت نجمة لامعة واحدة هي الزهرة، آلهة الحب، أترى يسكنها كأرضنا بشر يحبون ويتشوقون؟ ربما وجد فيها بنت هي مثلي، لها جبران واحد، حلو بعيد هو القريب القريب. تكتب إليه الآن والشفق يملأ الفضاء، وتعلم أن الظلام يخلف الشفق، وأن النور يتبع الظلام، وأن الليل سيخلف النهار، والنهار سيتبع الليل مرات كثيرة قبل أن ترى الذي تحب، فتتسرب إليها كل وحشة الشفق، وكل وحشة الليل، فتلقي بالقلم جانباً لتحتمي من الوحشة في اسم واحد: جبران).

مي زيادة

 

 

صديقي جبران

لقد توزع في المساء بريد أوروبة وأمريكة , وهوالثاني من نوعه في هذا الأسبوع , وقد فشل أملي بأن تصلني فيه كلمة منك .

نعم إني تلقيت منك في الأسبوع الماضي بطاقة عليها وجه القديسة حنة الجميل , ولكن هل تكفي الكلمة الواحدة على صورة تقوم مقام سكوت شهر كامل ...

 

لا أريد أن تكتب إلي إلا عندما تشعر بحاجة إلى ذلك أو عندما تنيلك الكتابة سرورا , ولكن أليس من الطبيعي أن أشرئب إلى أخبارك كلما دار موزع البريد على الصناديق يفرغ فيها جعبته ! .. أيمكن أن أرى الطوابع البريدية من مختلف البلدان على الرسائل , حتى طوابع الولايات المتحدة وعلى بعضها اسم نيويورك واضح , فلا أذكر صديقي ولا أصبو إلى مشاهدة خط يده ولمس قرطاسه ...

 

ولتحمل إليك رقعتي هذه عواطفي فتخفف من كآبتك إن كنت كئيبا , وتواسيك إن كنت في حاجة إلى المواساة , ولتقوك إذا كنت عاكفا على عمل ولتزد في رغدك وانشراحك إذا كنت منشرحا سعيدا .

11 آذار 1925

مي زيادة

 

 

 

مراسلة الكاتب 2- من جبران إلى مي

 

9 شباط 1919

لقد أعادت رسائلك إلى نفسي ذكرى ألف ربيع وألف خريف وأوقفتني ثانية أمام تلك الأشباح التي كنا نبتدعها ونسيرها مركبا إثر مركب .. تلك الأشباح التي ما ثار البركان في أوروبا حتى انزوت محتجة بالسكوت , وما أعمق ذلك السكوت وما أطوله ! .

 

هل تعلمين يا صديقتي بأني كنت أجد في حديثنا المتقطع التعزية والأنس والطمأنينة , وهل تعلمين بأني كنت أقول لذاتي , هناك في مشارق الأرض صبية ليست كالصبايا , قد دخلت الهيكل قبل ولادتها ووقفت في قدس الأقداس فعرفت السر العلوي الذي اتخذه جبابرة الصباح ثم اتخذت بلادي بلادا لها وقومي قوما لها .

 

هل تعلمين بأني كنت أهمس هذه الأنشودة في أذن خيالي كما وردت على رسالة منك ولو علمت لما انقطعت عن الكتابة إلي , وربما علمت فانقطعت وهذا لا يخلو من أصالة الرأي والحكمة .

جبران خليل جبران

أضيفت في 20/11/2007/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة بأدب الرسائل)

 

 

بين الجرد.. والخدمة العسكرية

 

مراسلة الكاتب بقلم الكاتبة: فاديا سعد

 

,أيار 29, 2007

أيها المحامي:

أطلب منك يا بني أن تتعجل بإجراءات الإفراج عن سجني وإطلاق سراحي، فأنا غير معتاد على أن تكون روحي مقيدة في مساحة صغيرة كهذه، أو أتنفس من هذا الهواء. إن هواء السجن يقهرني، وغير معتاد أن أكون بصحبة مثل هذه المجموعة.. هذا فوق طاقتي.

منذ خمسين عاماً وأنا أرفض القيود حتى لو كانت من أهل بيتي وأحب الناس على قلبي.

إنني أكن تقديراً كبيراً لاختيار الناس فبعض ممن كانوا رفاق الطفولة استطاعوا أن ينسجمون مع طريقة التعليم التي كنا نتلقاها بالعصي، وبعض منهم تابع إلى البر يفيه، ومنهم من كان شديد الطموح ليدرس مرحلة أعلى، ويدخل في الجيش ويصير من ذوي الرتب الرفيعة..

أنا ما كان بيدي حيلة تجاه الغثيان الذي ينتابني كلما دخلت بيتاً يحبس حريتي، وليس بيدي أن أرفض الجلوس بمساحة تقام لها أسوار.. حتى النوم كنت أفضله فوق سطح بيتنا.

أعمال السقاية في الليل لم تكن تخيفني، وكنت أشعل ناراً من أغصان يابسة وأقضي الليل بصحبة ذئب جائع او ابن آوى أو ضبع هائم.. لم نكن لنؤذي بعضنا.

و فيما يخاف أكثر الرجال من هؤلاء الحيوانات المتوحشة، إلا أنه لم يحصل.. لو لمرة أن تعرضت لأذى أحدها. أقول هذا صادقاً وأحلف لك يمينا. كنت أخاف من أمر آخر شب مع شبتي واتسع مع اتساع صدري. الخدمة العسكرية!!

كلما عاد جندياً من الخدمة العسكرية وحكى عن طريقتهم في إلقاء الأوامر، و طريقتهم الأخرى في الأكل والطريقة الأكثر رعباً في الانضباط والانصياع التام للأوامر مهما كانت تلك الأوامر تافهة، وغير مجدية.

أنا الذي أمقت الأوامر والانصياع لتسلط أحد عليَّ صار خوفي من الخدمة العسكرية يضاهي في درجته الخوف من الذئب والضبع ومن كل حيوان، يمكن له أن يرعبك أيها المحامي، ومع اقتراب موعد الخدمة كان جسدي يدخل بنوبة من الارتعاش، لا يوقفها سوى كأس من النعناع..

لقد جافاني النوم لأيام حتى كدت أن أفقد القدرة على.. ماذا تسمونها أنتم معشر المتعلمين؟ لا أعرف.. لم أجد الكلمة المناسبة لكن لا يهم.

لقد رفض هذا الرجل أن ينقلها كما قلتها له! إنه يخجل.. تصور!

لقد فهمتني فأنت متعلم وذكي.. المرة الأولى، التي فقدت هذه كانت حين كنت أبحث عن حل للهروب من الخدمة العسكرية.. المرة الثانية هنا.. في هذا السجن.

كنت على استعداد للقيام بأتفه الأعمال وأسوأها، فعملت راعياً في الضيعة التي نزلت فيها.

لقد استعدت هذه الطاقة بعد أن عاد الربيع إلى الجرد وضجت المروج بالعشب والزهور البرية.

أنزل مع قطيع الخراف إلى المنحدر وأتبارك من هواء شجر الدلب، وأتطهر كل صباح بأخاديد الصخور والشقوق الصغيرة، ينبثق منها شجيرات البلان وأمشي بين نبات الزعتر البري و الزوفة و الطيون التي عبقت رائحتها حتى السماء أو هكذا كنت أظن قبل أن أدخل إلى هذا المكان.

هل تعرف؟ لقد اشتقت إلى قطعان الخراف، وإلى رفقتها وقص صوفها وطريقة تناسلها وفرح احتضان مولودات جديدة، و لقائها بالنبع وانضباطها الرباني في سيرها وهدوئها ووداعتها وصوتها الذي يثير فيَّ بهجة عظيمة.

أنا مدين لذلك الفصل العظيم.. فصل الربيع، ولمرافقيَ الجاهزين للاستعمال في أي لحظة إنهما: مسدسي وبندقيتي اللذان لم يبرحا "الخرج" طوال ثلاثين عاماً.

أقبّل يدك أن تخلصني من هذا المكان إذ لا أستطيع فهم ما يتحدثون به، ويضحكون علي كلما نسيت نفسي وقمت بحركة معينة..

أخبرني أحدهم أن مدة العفو عن الفارين قد انتهت قبل دخولي السجن بيوم واحد. و حلف هذا الرجل الذي يكتب الرسالة بربه..

هل ما يقوله صحيح؟

لكني لا أعتقد هذا.. مظهرك لا يوحي لي بأنك... لقد أعطيتك كل ما جمعته خلال السنين المنصرمة أتمنى أن أراك قريباً.

دياب

من سجن حمص المركزي.

ملاحظة: لم يرد أي جواب على رسالة "دياب" التي كتبها له أحدهم في السجن, وأرسلها لمحاميه. و توفي بعد أربعة أيام من دخوله إليه.

أضيفت في 09/01/2008/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة بأدب الرسائل)

 

 

رسائل بين د. فاروق مواسي والأديب يحيى حقي

د. فاروق مواسي يتسلم  مؤخرًا رسالة قديمة من يحيى حقي

 

رسالة  إلى يحيى حقي ومنه سنة  1986، اكتشفهما مواسي مؤخرًا

في كتاب:  أيام مع يحيى حقي – بقلم نادية الكيلاني ( القاهرة - 2004 )

تقول نادية في كتابها ص 45-48 :

"وكان يحدث أحيانًا أن تأتيه خطابات أقرأها له، ويملي على الرد عليها، أهم الخطابات هذا الخطاب الذي وصله من فلسطين،من الأستاذ فاروق مواسي، وطلبت منه أن أحتفظ به، وهو مكوّن من أربع صفحات، ونصّه الآتي :

الفاتح من حزيران 1986

الأديب الأديب الأستاذ يحيى حقي (مدّ اللــــــه في عمره ذخرًا وذكرًا!)

بعد التحيات ... تترى

يسعدني أن أكتب إليك مخبرًا عن أن  قصتك قنديل أم هاشم هي مادة إلزامية في المدارس الثانوية (التوجيهية) العربية في بلادنا. فقد نجحنا في إدخال مواد أدبية حديثة تصلنا بأدبنا المعاصر، وتوثق عُرانا به، فطلابنا يقرأون اليوم نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وغبرهم وغيرهم .

الصورة مع يحيى حقي سنة 1990، وأنا أهديه كتابي الجنى في النثر الحديث، وفيه الدراسة عن قنديل أم هاشم للنشر.

وقد عمدت إلى تحليل النصوص الشعرية في كتاب صدر – قبل سنة – بعنوان " الجنى في الشعر الحديث"،  تناولت فيه ثلاثة وثلاثين نصًا، أذكر من بينهم حجازي وعبد الصبور وإبراهيم ناجي بالإضافة إلى الثالوث شوقي وحافظ ومطران، وغيرهم.

وهاأنذا أعالج النثر الحديث رواية وقصة قصيرة ومقالة ومسرحية.

 

فعندما عالجت روايتك مثلا استعنت بكتاب حلمي بدير الاتجاه الواقعي، ومتابعة فؤاد دوارة لك في عشرة أدباء يتحدثون، ودراسة علي الراعي دراسات في الرواية المصرية ، وكتاب سلام زغلول دراسات في القصة، ومقال إنجيل سمعان في مجلة فصول المجلد الثاني، العدد الثاني ، ومتابعة فاروق شوشة في الآداب سنة 1960م ، وكتاب محمد حسن عبد الله  الواقعية في الرواية، ومقال أحمد هواري في فصول المجلد الثاني، العدد الرابع، وكتاب طه وادي  صورة المرأة في الرواية، ومقال بدوي فيjournal of Arabic Literature ، وتلخيص لمريام كوك عن كتابها الصادر سنة 1985م، ولم يتسنّ لي رؤيته.

 

وعلى ضوء هذه الدراسات التي أضفتُ لها بعض ملاحظاتي قدّمت للطلاب مادة مركزة مساعدة، بالإضافة إلى أسئلة للنقاش عليه أن يجيب عنها.

 

وعليه أكون شاكرًا إذا أحببت أن تضيف شيئًا لم يكتب عن هذه الرواية الهامة، مما تحب ، لتكون مادتك في دراستي، فتصدر ضمن الكتاب المنوي إصداره.

 

وأصدقك أنّ ثمة ألفاظًا مصرية الطابع نجد نحن – الفلسطينيين- في معرفتها بعض الصعوبة، أو عدم التحديد في دقة معناها ، فأكون شاكرًا لو تكرّمت علي وعلى طلابي وقرّائي بالإجابة عن هذه التعابير.

 

فإذا تعذر عليك إرسال رسالة مباشرة إلى حيث أقطن فبوسعك – إذا تكرّمت- إرسال الرسالة عن طريق أوروبا، أو أي طريق ترتئيه، آملا أن تصل رسالتكم في أقرب وقت ممكن.

 

كما أرجو أن تنقل عتابي لهيئة تحرير الهلال – حيث تعمل-  على ما ورد في ملاحظة ضمن " أنت والهلال" عدد آذار 1986 ص177:

"ولأنّ اللغــة العربيــة لا بدّ أن تموت في ظل الحكم الإسرائيلي الذي يحاول محو العرب ولغتهم وكل ما له شأن بهم"

ليثق الأخوة أن لنا أدبنا وأدباءنا، وأننا ما زلنا بخير، رغم كل كيد، ولولا خوفي من أن يُفسـّر الأمر دفاعًا عن خصم لأطلت في ذلك ولأبنت.

مع تقديري لكم ومحبتي

فاروق مواسي                                      Mawasi Faruq

باقة الغربية – المثلث 30100               Baqa El Gharbiya

إسرائيل                                                 Israel

 

تعابير للتوضيح

الفول النابت:

حراتي يا فول:

لوبية يا فجل لوبية:

الطرشجي:

جتك لهوة:

المنين:

دواق ليلة الدخلة:

طعمية: هل هو الفلافل أم المدمس بالضبط ؟

بلاش خوتة:

غير الأجزا:

مبرطشة:

حب العزيز:

نبوت الغفير:

البسيسة:

السمبوسكة:

حي البغالة:

وثمة تعابير في قصص نجيب محفوظ لا أدري من سيساعدني بتحديد دقة معناها ما دام لا يستطيع اليوم أن يكتب ؟

******************

أما ردّ الرسالة فهو الأتي:

بسم اللــه الرحمن الرحيم

القاهرة في  24 / 6/ 1986 م

سيدي الأستاذ  فاروق مواسي

فوجئتُ بخطابك، وأسارع بإبداء إعجابي بك بهذا الجهد الذي تبذله في التقصي والجري وراء المراجع، وهذا يطمئنني عليك، وأدعو الله أن يشدّ دائمًا من عزمك، لأني أتوقع لك مستقبلا مرموقًا، لأنّ من كانت له مثل هذه النشاطات خليقٌ بأن يصل إلى غاياته.. وإليك شرح الألفاظ التي طلبتها .

الفول النابت : يقال إنّ الفول في مصر أكل أغنيائهم في الصباح، وفقرائهم في الظهر، وحميرهم في الليل ، وهو غذاء أساسي عندنا، لأنه مصدر هام للبروتين، وكثيرًا ما توجّه النصيحة إلى الفقراء الذين لا يجدون لحمًا أن يأكلوا فولا.   وهو يُطبخ بطرق متعددة.. يوضع في قدر فخاري كبير، ومعه ماء كثير، ثمّ يختم القدر بغطاء، ويوضع القدر في مستودع الحمامات الشعبية.  تحوّل القدر الآن إلى قدر نحاسي يوضع فوق البوتاجاز.

أو ينقع الحب في ماء بارد ليلتين متتاليتين أو أكثر، إلى أن تنبت الحبة- بأن يخرج منها بشائر ساقها ، ثمّ يسلق بقشره، حتى ينضج ويؤكل متبلاً بالملح والفلفل ، وأما ماء السليق فحساء محبّب، ويشربه الناس عند النقاهة من مرض.

وكانت العادة أن وفاء بعض النذور يتمثل في توزيع أرغفة داخلها كمية من هذا " الفول النابت" على الفقراء والشحاذين خاصة بجوار مسجد السيدة زينب .    

حراتي يا فول: حينما كانت مياه النيل تغطي الأرض في موسم الفيضان لا يحتاج المزارع إلا إلقاء الحب نثرًا على الأرض، ثمّ لا يسقيها بماء بعد ذلك ، وكان الفول يسمّى حينئذ "بعلى" وهو الأفضل، أما الأرض التي لا تغطيها مياه النيل فتزرع بالمحراث، ثمّ الرّيّ أكثر من مرة، وتسمّى الفول "مسقاوي"، ومع ذلك فإنّ الباعة حين يشيدون في هتافهم بجودة بضاعتهم يقولون: فول حراتي، وهذا في نظري تناقض غريب.

حلي وع النّبي صلي : هذا نداء رجل يبيع الحلوى فهو يطلب من المشتري أن يُحلي فمه بهذه الحلوى أما السجع فظاهرة شائعة في نداءات الباعة.

لوبيا يا فجل لوبيا : البائع يريد أنه سهل المضغ طريّ، فهو يشبه نبات اللوبيا.

الطرشجي : هو ال " Pickles"، وهو من المشهيات المملحة الحريفة أحيانًا ، وأشهرها "اللفت"، وأما حرفي الجيم والياء في آخرها فهي من اللغة التركية الموروثة في العامية المصرية، أي صاحب الصنعة، فنقول جزمجي وأجزجي وعربجي .

جتك لهوة:  مقابلها بالفصحى " بُعدًا لك " انشغل بحالك عني ، وتقال عادة لرجل يتدخل فيما لا يعنيه ، ربما على شيء من السذاجة، وربما كانت ( لهوة )، من قولك :( لها فلان عن شيء أو عن فعل). 

المنين:  المنين نوع من الفطائر الصغيرة المقددة المملحة على شكل معين، يحبه أهل الرّيف.

دواق ليلة الدخلة: الدواق حلية من الدنتيل والترتر ( Pailltte) لونها أبيض توضع على رأس العروس ليلة الزفاف دلالة على البكارة والطهارة.

طعمية: هي الفلافل .. أهل القاهرة يقولون طعمية، وأهل الإسكندرية يقولون فلافل. 

بلاش خوتة: ( الخوتة ) لم أعرف مرجعها من الفصحى، وهي بالعامية تعني ضجّة أو إلحاح مع إزعاج .

الأجزا: اختار الأتراك هذه الكلمة لتسمية مختلف أنواع الأدوية، ومن ذلك قولنا (( أجزجي)) وكانت شائعة ثمّ استبدلت بها كلمة ( صيدلي ).

مبرطشة: البرطوشة اسم لخفّ رث فقد شكله، وانبعج يمينا ويسارًا .

حب العزيز: ثمرة صغيرة صلبة سكرية، وتباع عادة في الموالد بجوار بعض المساجد، كمسجد السيد البدوي في طنطا، وعادة تباع في أكياس من الخوص.. ربما كان العزيز اسم أحد الفاطميين .

نبوت الغفير: حلوى مصنوعة على شكل أنبوب طويل بحجم الشبر وعلبة سمسم، والخفير حارس الليل، والنبوت هو هراوته أو عصاه الغليظة .. وشبّـهوا الحلوى بهذه العصا.

البسيسة: فطيرة مستديرة تنضج بالزيت في الفرن مصنوعة من دقيق الذرة، وتصنع مع السكر .

السمبوسكة: فطيرة هشة على شكل معين .. والسمبوسكة هي شكل المعين الهندسي بالعامية .

مريوح :  تقال لمن ركبه الجنّ فهو مريوح أو ملبوس .

حي البغالة : حي بجوار مسجد السيدة زينب، وربما كان لسوق بيع البغال .

مع خالص الشكرأملاه / يحيى حقي محمد حقي

أضيفت في 14/02/2009/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتب (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة بأدب الرسائل)

 

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2021  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية