أفضل أن يبقى الأدب عالمي المستمر .. الذي أعيشه بتلذذ في كل لحظة.
أجرى الحوار:
نزار ب.
الزين
الكاتبة القديرة غيداء الطباع ، مرحبا بك
س – هل لك أن تعطي القارئ نبذة عن شخصك الكريم ؟
ج – أنا من مواليد دمشق 1968
• تزوجت وغادرت دمشق عام 1983
• ومازالت من ضمن جوقة المغتربين ..
• مقيمة في الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي
• خريجة معهد
Emirates
Institute Of Technology
• عضوة نادي القصة – اتحاد أدباء وكتاب الإمارات
• عضوة مكتبة – المجمع الثقافي
• كنت أعمل في مدرسة خاصة - قسم شؤون الطالبات
• حصلت على شهادة تقدير عام 1996 من عملي مع اللجنة العليا المنظمة
لليوبيل الفضي لإتحاد الإمارات العربية
س - ما هي نشاطاتك الإبداعية ؟
ج - أكتب الخواطر والنثر والقصص القصيرة
• أصدرت كتابي الأول بعنوان – خواطري عبق الياسمين – عام 2003
• أشارك بالكتابة في العديد من المواقع الأدبية الالكترونية
• كرمتني السفارة السورية بأبوظبي لنشاطي الثقافي
س – هل لديك هوايات ، غير الكتابة
ج - أهوى الرسم والتصوير والسينما والمسرح وقراءة كتب الفلسفة
والاستماع للموسيقا الكلاسيكية وخاصة موسيقا ( شوبان
Chopin )
س – هل من ممكن أن تمنحي القارئ مزيدا من التفصيلات كظروف النشأة على
سبيل المثال
ج - سورية ولدت في مدينة دمشق 3-6- 1968 م في بيت شامي عريق أصيل
تحيطه الورود والياسمين وكروم العنب وأشجار التين والمشمش والتوت .. يقصده
الأقارب والأحباب والأدباء والمفكرون والزعماء من أصدقاء جدي الذين رحلوا
وبقيت أحاديثهم محفوظة في ذاكرة أبي .. والصور العتيقة ..وليالي الصيف
والسهر مع ضوء القمر ..وانعكاساته فوق مياه البحرة الأثرية التي تتوسط
الحديقة..
س – أفهم من ذلك أن المنزل يقع في أحد أحياء دمشق القديمة
ج - كلا فالبيت شيد فوق جبل قاسيون المطل على مدينة دمشق الفيحاء
حيث كانت البيوت في ذلك الموقع تعد على أصابع اليد الواحدة في ذاك الزمان
..
س – ذكرت قبل قليل أن بيت العائلة كان يؤمه كبار الشخصيات أيام جدك
رحمه الله ، هل لك أن تعطينا مزيدا من التفصيلات ؟
ج - جدي عبد الوهاب الطباع رحمه الله ، المعماري المشهور ، ذو
الأخلاق الرفيعة وهو غني عن التعريف .. أدخل إلى البيت الحداثة مع الحفاظ
على الطابع الشرقي الأصيل وأورثني حب الفن المعماري وحب سورية وتاريخها
العريق وكنوزها الأثرية ..وتذكرته حين زرت الأندلس وقرطبة تحديدا حيث دمعت
عيناي من روعة ما شاهدت من تاريخ أجدادنا العرب ؛ أتذكره كلما زرت دمشق
الشام وشاهدت آثار سورية العريقة وأهلها الطيبين ..وكرم ضيافتهم وحفاوة
استقبالهم أتذكره مع كل نقوش حجرية جميلة .. ومازالت العمارات التي شيدها
من أجمل معالم الشام ..
س – ذكرت الكثير عن جدك فماذا عن والدك
ج –والدي محل فخري على الدوام ، هو محي الدين الطباع - من مواليد حي
ساروجة دمشق 1928 – أفتخرُ بأخلاقياته ومواقفه الغنية بالمنطق والموضوعية
والمحبة والحنان والفكر والأدب ؛ وهو يحمل إضافة إلى ذلك هموم الوطن
والمجتمع والأمة العربية ، وهو سياسي محنك ، ناضل ضد الاستعمار الفرنسي قبل
استقلال سوريا كما ناضل من أجل قضية فلسطين "متطوعا" مع إخوانه العرب في
جيش الإنقاذ وقد شارك بمعركة القسطل عام 1948 حين كان يافعا مع أخيه عمي
موفق الطباع الذي كان يكتب منذ عام 1936 في جريدة الأيام وغيرها رحمه الله
– وأشير هنا أنه على أثر مشاجرة مع احد الفرنسيين وسجن حين كان عمره 18عاما
وحكم عليه بالسجن المؤبد ولكن نظرا لصغر سنه أفرج عنه حين استلم رئاسة
الحكومة المغفور له خالد العظم . وقد إلتحق بجيش الإنقاذ مع والدي عدد آخر
من اقاربي منهم عادل الطباع – عبد الرحيم الطباع – أكرم الطباع و يذكر لي
والدي دامعا أنه شاهد البطل الشهيد – عبد القادر الحسيني – مقتولا بأيدي
الصهاينة و قد أصيب برصاصتين برقبته وخاصرته . ثم جاءت نكسة حزيران 67
محطمة لقلبه .. فخيبات الأمل المتلاحقة ، جعلته أكثر التصاقا بالطبيعة
وبكتبه وبهموم الناس.. كان وما زال يرى في نباتاته ووروده الصدق الحقيقي
والشفافية ..ومن حزنه على جراح الوطن داهمته الأمراض ولكنه - أطال الله
بعمره - مازالت ذاكرته قوية ومازال قلبه أبيضا ينبض حنينا وشوقا لحرية
الأمة العربية .. و كذلك لا زال ينبض بحبي . كان والدي يشغل منصب سكرتير
الإدارة المركزية بجامعة دمشق أثناء تولي الدكتور سامي الميداني ومن بعده
الدكتور قسطنطين زريق ؛ وقدم استقالته عام 1967
س - ذكرت الكثير عن والدك فماذا عن والدتك ؟
ج – أمي هي مدرستي الحقيقية .. أمي الحنون سيدة النبل والأخلاق (
نبيلة السباعي ) من مواليد مدينة حمص ابنة السلالة العريقة والدها ( عبد
الودود السباعي ) رحمه الله ..الذي-للأسف- لا اعرفه و الذي توفي قبيل
ولادتي ..و لكنني عرفته من خلال جدتي - رحمها الله - التي لن أنساها ما
حييت . كيف لا وهي التي أهدتني أمي الرائعة ! أمي فخر الأمهات ، شعلة أضاءت
الدرب لنا ، وقفت وما زالت بجانب أبي في السراء والضراء والحب الإنساني
الحقيقي يشتعل بقلبيهما و العلاقة السامية والاحترام المتبادل .. أكملت
تعليمها ، وخاضت حقل التدريس ، مثال المرأة العاملة المخلصة , والزوجة
الوفية , والأم العطوف ، علمتنا احترام الذات والإنسان والأخلاق الحميدة
والتسامح والعطاء وما زال قلبها ينبض بحبي ..أطال الله بعمرها . هذا وقد
أهداني والديَّ ثلاثاً من حبات اللؤلؤ وهم أشقائي وأحبابي ، سامر ولؤي
ومجد.
س - حدثينا عن نفسك ، مواهبك ، طموحاتك ، رسالتك في الحياة
ج – أنا إنسانة بسيطة متواضعة أخذت الكثير من صفات و أخلاق والديَّ
اللذان علماني الإيمان وحب الله والناس وأن من يزرع خيرا يحصد خيرا ..
وعلمني والدي –خاصة - أن النباتات كالإنسان بحاجة للماء والعناية ..وأن
الفكر لا يغذيه إلا الكتاب والمثابرة على طلب العلم . أما رسالتي فهي أن
أقف مع الحق والمظلومين , وأناضل في سبيل القضاء على الجهل والأمية ، وأن
أحث الفتيات والنساء عامة على الإغتراف من مناهل المعرفة والثقافة ما طاب
لهن ، وأن يثبتن للجميع بأن الثقافة ليس لها عمر أو مكان محدد ؛ وأن أعزز
العمل الاجتماعي فيما يخدم مصلحة الوطن والإنسانية .
س - ما هي نظرتك الشمولية حول الأدب ؟ وهل على الأديب أن يكون متخصصا
في مجاله
ج - عالم الأدب مترع بشخصيات وصلت إلى الشهرة ..مع أن بعضهم لم
يتخصص أكاديميا بالأدب.. و بعضهم الآخر لم يحصل على شهادة جامعية ..فليس
شرطا في الأدب أن يتخرج صاحبه من جامعة أو يتخصص في قسم اللغة العربية
..لأن الأدب تعبير .. ومن حق كل إنسان أن يعبر ، فإذا امتلك هذا الإنسان
أدوات التعبير الأدبية المقبولة , فمن حقه أن يكون أديبا دون شرط الشهادة
الجامعية .. وفي مختلف فروع الإبداع العلمي أو الأدبي مرت في صفوف الحضارة
الإنسانية أسماء لمشاهير كانت لهم بصماتهم الواضحة في عالم التقدم الإنساني
دون أن يحصلوا على شهادة جامعية .أما بالنسبة لي .. فقد حالت ظروف زواجي
المبكر من متابعة تحصيلي الجامعي ,, لكن هذا لم يقف حائلا دون أن أتابع
رغبتي في الاستمرارية والكتابة والقدرة على التعبير .. لقد كانت القراءة
هوايتي التي أثريتها من مطالعاتي المتنوعة ,, وتشهد مكتبة المجمع الثقافي
وأمسياتها الثقافية ، وندوات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ,, على ولائي
المستمر للكلمة والكتاب والثقافة .. وأنا أشجع كل سيدة حالت ظروفها دون
متابعتها للدراسة الأكاديمية أن تجعل من هذه المكتبة ملاذها الآمن والدائم
.. وأن تغترف من مناهل المعرفة والثقافة ما طاب لها وأن تثبت للجميع بأن
الثقافة ليس لها عمر أو مكان محدد .
س – ما هي طبيعة عملك
ج- مارست عملي في حقل الحاسوب (الكمبيوتر ) في جهات عديدة .. وما
زلت أتابع في هذا المجال شغفي وحبي لكل ما هو جديد في مجال دراسات علوم
(الكمبيوتر) ..فقد اخترت مجال الحاسوب كدراسة وعمل ..
س- و ماذا عن شغفك بالأدب ؟
ج - أفضل أن يبقى الأدب عالمي المستمر .. الذي أعيشه بتلذذ في كل
لحظة ..ولكنني لم أقرر فقط أن أكون أديبة , وإنما قررت أيضا أن أكون مجال
فخر في حياة بناتي .. ولا بد من أن قارئي سيكتشف من خلال إنتاجي الأدبي
بأنني أعبر فقط عن مشاعر عاطفية إنسانية بعيدة عن الابتذال..وكذلك عن
مجموعة مظاهر شخصية.. سواء كانت عاطفية أو اجتماعية أو وطنية .. فالإنسان
مفطور على العاطفة .. وباختصار وأمانة أحببت أن أتدرج في عالم الأدب الجميل
وأصعد السلم بهدوء سلحفاة لأن الطريق شاق وطويل ويلزمني ألف عام أو على
الأقل قرن كي أستحق لقب أديبة أو كاتبة ، ولا أحب القفز للأعلى كي لا أقع
بسرعة .. اخترت درب التعبير والتصوير الصادق بالكلام لأنقل مشاعر القلوب
النبيلة ، لأن رأس مالي في هذا الوجود هو محبة الناس لغيداء الإنسانة
ولكلماتها الصادقة . ومن طموحاتي أن تتطور كتاباتي فأكوّن مدرسة خاصة بي
تليق بالذات الإنسانية ، طموحات تواكب الحداثة وعالمنا الجديد فوق أساس
متين من نفحات الأوليين .. مدرسة ذات ملامح مميزة في المضمون لها وقع و
رنين متفرد ، ذات انتماء مستقل و خاص محملا بالأريج الدمشقي .
|