الاسم: د. سعد
العتابي
العنوان البريدي:
sadatabi@yahoo.com
مشاركة حول
أدب المرأة
Date: 28/04/10
Time: 07:38
التعليق:
الأدب الأنثوي
بين القبول والرفض
يثير أدب المرأة عدداً من الإشكاليات اللغوية والاجناسية
والأخلاقية والتاريخية والاجتماعية وغيرها......
غير أن الأهم هنا انه يثير إشكاليتين أساسيتين أحداهما لغوية
على مستوى المصطلح والأخرى وجودية على مستوى الاعتراف بهذا الأدب
ونقده وجودة وأهميته .......
وتنبثق الإشكالية الأولى من السؤال عن التسمية هل هو ( أدب المرأة
أم الأدب النسوي أم الأدب الأنثوي ؟) ثم ما هذا الأدب وما خصائصه
الدلالية والجمالية. وهل كل ما تكتبه المرأة من أدب هو
أدب أنثوي .. إن الأقرب إلى الأصح هو مصطلح (الأدب الأنثوي )
وهو الأدب الذي تكتبه المرأة بوصفها أنثى تحاول أثبات وجودها
وإنسانيتها وتفكيك خطاب الرجل الذي رسم صورة لها استلب
بها إنسانيتها وقيد حريتها... فليس كل ما تكتبها
المرأة هو أدب أنثوي إنما هو الأدب الذي تتخذه وسيلة تعبيرية
وجمالية تعبر من خلالها عن خصوصيتها ومشكلاتها وصدامها
مع المجتمع في صراعها المرير من اجل تحقيق إنسانيتها وأنوثتها
..... وقد تكتب المرأة أدبا يحمل موضوعات أخرى سياسية-
اجتماعية -وجودية -تاريخية ... ألخ ..... الخ.. الخ
غير أن هذا الأدب لايعد أدبا أنثويا لأنه لايعنى بالصدام بين خطاب
المرأة وخطاب الرجل ( الفحولة والأنوثة)...وهكذا أمكن القول إن
المصطلح الأقرب للصح هو الأدب الأنثوي ..
إما الإشكالية الثانية فهي إشكالية تتعلق بوجود هذا الأدب
من حيث قبوله أو رفضه فقد تعددت الآراء فيه فمنهم من أكد وجوده
وأهمية وانه أصبح كالنهر الجاري الذي لايستطيع احد وقفه
فطالما كان للمرأة وجود مستقل خاص مميز بخصائصها وطبعها
وتكوينها المختلف عن الرجل فلابد من أن يكون لها وجود مستقل في
الأدب تنعكس فيه هذه الخصائص وتقدم رؤية أخرى جديدة للواقع
غير تلك الرؤية التقليدية التي يقدمها الآخر ومتميزة عنه لغة
ودلالة وأهمية و وتعكس حساسية أنثوية ننطوي على تفرد
في الرؤية والتجربة ووجهة النظر لكل ما يشجع او يسهل اللعب الحر
بالمعاني ويمنع الانغلاق على عالم الأنثى
ولعل الرأي الآخر يحاول إثبات وجهة نظره من خلال رؤية يراها
إنسانية عامة انطلاقا من أن الأدب هو منجز لغوي إنساني
يقدم رؤى وأفكار عامة فلا وجود لا أدب المرأة وأخر للرجل
إنما هو أدب فحسب يحمل رؤى وأفكار إنسانية عامة
إن ما يفصل بين الرأيين هو المنجز ذاته لان المنجز
الأدبي المتحقق هو الذي يفرض مشروعية أو يخفق في الحصول على
المشروعية. ولعل قراءة أولية للمنجز الأنثوي العالمي والعربي
يبين أن الأدب الأنثوي حقيقة واقعة لأتقبل الشك وإن استعراضا
لأديباتنا العربيات كغادة السمان وأحلام مستغانمى وكويلت خوري
وغيرهن نرى مدى أهمية وجهة النظر الأنثوية وأدبهن بل نرى اختلافا
في اللغة الأدبية الأنثوية عن غيرها و محاولتهن تقديم
خطابا أنثويا مفارقا لخطاب الآخر الرجل..حتى أن
احلام مستغانمي قدمت لمنجزها الأخير (نسيان) ملاحظة تمنع
تداوله للرجال...
ل كانت الارهاصات الأولى لادب الانثى قد بدأت عندما كتبت سيمون دي
بفوار الكاتبة والباحثة الفرنسية قصصا تتحدث عن المرأة
ومشكلاتها في مجتمعها آنذاك فقد وضعت اللبنات الأولى لبنية
الأدب الأنثوي الذي شاع بوصفه مصطلحا أدبيا ونقديا في فرنسا بعد
ثورة الطلاب في عام - 1968-0- فقد ظهرت جملة من المصطلحات الأدبية
والنقدية منها الأدب النسائي والنقد النسائي وغيرها.. وذلك نتيجة
للحاجة لإجابات على منظومة من الأسئلة التي تتصل بواقع المرأة في
العالم وصورتها في الأدب الذي ينتجه الرجال ....... وعلاقة ذلك
بالقهر الاجتماعي للمرأة وجنسها.
ولعله كان سلاحا للمرأة الواعية كي تحاول إثبات وجودها وإنسانيتها
وكينونتها لذلك سعت إلى تطوير أشكال تعبيرية جديدة في الأدب
تتطابق مع تجربة المرأة وخبراتها ومعاناتها وشعورها وعالمها
الأنثوي الخاص المتميز والمختلف عن عالم الرجال.
وهكذا ظهر أدب أنثوي خاص ب ألمرآة بوصفها أنثى يتحدث عن أنوثتها
ورغبتها في مصارعة المجتمع القامع لها وأنتج لغة جيدة تنفلت من
اللغة المتمركزة حول الرجل فكانت لغة الأنوثة في مقابل لغة
الذكورة.....
وقد دعت في بدايتها إلى كشف الستار عن عالم المرأة وكيانها
الإنساني وإنتاج خطاب نسائي تدميري يدمر مركزية الرجل وتبعية
المرأة له كما تقول –هيلين سيكسوس- مخاطبة المرأة / الكاتبة (اكتبي
ذاتك ينبغي أن يسمع جسدك)
فالكتابة أصبحت ذات المرأة وسلاحا في التحرر والانعتاق من الإرث
الأدبي والاجتماعي المتمركز حول الذكورة والذي يجعل المرأة تابعا
له لاغير لذلك تطلعت هذه النظرية إلى تفكيك التقابل رجل /
امرأة والمقابلات المرتبط به في الثقافة والمجتمع ومناصرة هوية
النساء والمطالبة بحقوقهن الإنسانية وتقويض بنى الخطاب ألذكوري
الذي يستلب إنسانية المرأة
لقد سعى خطاب الأنثى الأدبي إلى الإجابة عن الأسئلة التي
تؤرق ذات المرأة المبدعة فكرا ووجدانا بحيث تمثل حوافزها على تجسيد
فعل الإبداع الأدبي وأنتج خطابها الخاص بها وهي الأسئلة التي
نزاوج بين المسالة الشعورية وما تطرحه من قضايا مجتمعية ذات صلة
بعالم المرأة .بحيث تعكس الإجابة حساسية أنثوية تنطوي على تفرد في
الرؤية والتجربة والنظر لكل ما يشجع او يسهل اللعب الحر بالمعاني
الحسية سيما لغة الجسد منها...
وتنبثق إشكالية خصوصية الكتابة والخطاب من ماهيته وخصوصية التي
تنهض على خلخلة وتفكيك خطاب الرجل والنظرية الإلية التي صورها عن
المرأة والرجل والتي كرسها ضد المرأة في التراث والحاضر ..
يحاول خطاب المرأة تأسيس وعي جيد للمرأة / الكاتبة يتجاوز الوعي
الكائن والتقليدي إلى الوعي الممكن يتحدد من منظورهن وهذا
يعني تحررهن من صورة المرأة التقليدية المرسومة للمرأة سلفا إلى
صورة جديدة منتجة من خلال تشكيل نسق جمالي جديد عن طريق اللغة
والأدب استنادا إلى عدد من الخلفيات الاجتماعية والسياسية
والفكرية والثقافية وتقديم مخيال أدبي أنثوي قادر على الانفلات من
سطوة المخيال ألذكوري...
|