وجهان متوجهان
للمرأة عند مظفر سلطان
بقلم الكاتبة:
ملاحة الخاني
حين يقبل المرء على عوالم الفنان
مظفر سلطان يستوقفه الانسجامُ الداخلي، والشكلُ الهيكلي للقصة الذي يحمل الإطار
الأخلاقي والفكري والإصلاحي. فهو كاتبٌ داعية، يمتح قصصه من ينبوع ثر، يغرف
ماءه من البيئة المحيطة. إنه يقارب موضوعه متأنياً، ملماً بدقائق الحركات
الإنسانية، مجانباً القولَ المبتذل، ملتفاً حوله برفقٍ، حتى يخرجه بحلةٍ بسيطة
بعيدة عن نكهة الفضيحة الممجوجة.
أحب مظفر سلطان المرأة، وتوثقت
أسبابه بأسبابها، فوصفها وردةً تفوح شذى وعطراً، تعبق وتبني جنباً إلى جنب مع
الرجل، وتحب، وتُحَب. وتنجب. أو إنه انتشل قصصها من قاع المجتمع، فأخذ بيدها،
ومسح على جرحها الذي قد يبلغ أن ينزف دماً أسود، وفتش في قلبها عن الحنان، ثم
نبش العطف من زوايا النسيان وتراكمِ الأجساد المتهالكة، وتعاطَفَ مع حكاياتها
التي لعبت الأقدار في نشرها. ولم يتوقف عند نموذج واحد، بل سما بقلمه حتى طال
النساء العاملات، فرفع من قدرهن، وترفق بظروفهن وعمل على دفع مسيرتهن ضمن مجتمع
متغيّرٍ لا تثبت فيه لا القيمُ ولا المفاهيم. أبدأ بتلمس الخطوط العريضة
الواضحة عند أديبنا في مجموعته القصصية "في انتظار المصير".
إنه يحكي في القصة الأولى عن
امرأتين غريبتين، تشبهان شجرتين عجوزين على منكب جبل أشم، تتناوب عليه الرياحُ
والغربان وتندُ عنه مناحة متناغمة متداخلة. تقصف العاصفةُ إحدى الشجرتين، وتجرح
إحدى الأختين. تتداخل الطبيعة والإنسان في شباكٍ أخطبوطي لا فرار منه وتموت
السيدة، وتبقى الأخت العجوز عاجزة متخبطة. يتملكها الذعر والخوف من الوحدة،
ترجو تبديداً لها عند جارٍ طالبِ علم، فقيرٍ مثلِها، تتحايل عليه، تطرق بابه
سائلة عن عود ثقاب. ثم في صوت راعنٍ تعاود العجوز طرق الباب من جديد بانكسار
اليتيم الذي يحوم حوله الموت كي تصل حديثاً يطرد عنها الوحشة الكئيبة بعد موت
أختها.
لقد التمست بقعة ضوء حسبتها
ملاذاً عند رجل توسمت فيه عطفاً. وهو كره لتلك الأواصر التي تريد ربطها.
في حكاية أخرى نتعرف على امرأة
مدمرة.
كما في قصة "السر في عود ثقاب" لم
يطلق مظفر سلطان الحكم عليها بالإعدام، ولم يحمّلها رزيئة ما حل بالرجل الذي
أصيب بلوثة في عقله عندما تعلق بها. بل أشار إليها إشاراتٍ خفية موحية، نقرأها
في الآثار الساخرة التي رسمها للبطل. إنها ساخرة ترفع الصولجان فيخّر أمامها
أكثرُ الرجال فحولة غير مبالين بالشقاء، ولا بالعذاب. المرأة هنا متزنة قاضية،
ولكنها مع ذلك أميرة جميلة.
لا ينسى الكاتب أن يمسك بيد
المرأة المغلوبة على أمرها، بل ينتحي بها في خفر، ويجد لها العذر إذا حادت عن
الطريق القويم يحيطها برعايته متأثراً بحب جارف لعائلته التي وجدنا آثارها في
أكثر القصص رغم تسترها.
في قصة "أسرة الشريد" المرأة
جميلة، مليحة، هيفاء القد، لبوة تكشر عن أنيابها إذا ما أثيرت. تحب الجمال،
وتفرض حكمها المبرم على الآخرين، ترفض القبح. ولو أدى بها الأمر إلى إلقاء
صاحبه بعيداً بين القمامة.
لا يجعلنا مظفر سلطان هنا نكره
المرأة بل نكره تصرفاتها وأكثر من هذا ننبهر بالهالة السحرية التي تحيطها
وكأنها آلهة من أيام الإغريق.
إنه لا يكتفي من المرأة التي أبدع
الخالق في تصويرها بالوصف الخارجي. بل إنه ليُعمِل فيه العقل والدأب والنحت حتى
يصيغها صورة متكاملة ناضجة. إنه في أسطره ينبئ عن موقف صديق لا نهائي مع
المرأة. كما في قصة "خلف السراب".
هنا المرأة شقراء، فرعاء، رفافة،
فاتنة، تشعل الرغبة بقدر ما تملأ النفس رقة. تتمسح بالرجل كقطة أليفة فيلاحقها
مأخوذاً بهفافتها وإقبالها. لكنها ما إن تحسّ بالنار تشب في ثيابها حتى تتنمر
بحذر، وفؤادٍ ذكي، فتعجل تتناءى، وقد شاقها أن أضحت المحور الذي تتركز حوله
الشهقات.
إن الانسياب مع تفاصيل القصة في
"رأس خروف" يجعلنا ندرك أية مأساة ومَهانة عاشتهما البطلة التي كانت محبوبة
معبودة هوت أمامها الهامات ساجدة ضارعة مفتونة بألق الشباب وثورة الجسد الممرغ
بالوحل.
يتحدث البطل عن الليل الذي ساقه
إلى تلك الحجرة الصامتة في سوق النخاسة حاملاً بين جنبيه قلب طفل وحبَ عاشق.
أرهقت السنون شبابه لكنه مشدود لا يزال إلى ذكرياتٍ يخجل من كشف الستار عنها.
يدفعه الفضول إلى البحث عن حبيبة الأمس في سوق الأجساد التي ينبثق لهيبها من
روث دواب يحترق.
ماذا يرى؟ فُتاتاً من مائدة
فقيرة، وهيكلاً عظمياً اكتسى بالجلد الزعفراني وثديين عاريين متهدلين على بطن
ضامرة. لكنها ما زالت الإنسانة ذات العينين الماسيتين السوداوين. تلك كانت
المرأة التي فكر بها يوماً، وحملها في رأسه وقلبه. يحس بيديها حول عنقه كأفعى
سامة، ولكنه يظل رفيقاً أنيساً يستر تقززه عنها بابتسامة شاحبة.
إنه ينتزع المرأة من قشورها
اليابسة التي تعلقتها كالدود ذات يوم مضى ربما في سبيل حاجة، بل ربما خطيئة
زيّنها حمق الشباب ورويداً رويداً ينتشلها ويعمّدها بالرحمة والغفران، وإن أكل
من جسدها رجال كثر جاؤوها هرباً من وحدة لتؤنس وحدة أو لتغرق في الوحدة.
ها هو الكاتب يجعل البطل في قصة
"رأس خروف" يفكر في لحظة اللهيب وتناهب اللذة في هذه المرأة التي أضحى لعظمها
لون الصديد.
كلاهما بائس: هي في لحظة الضعف
بائسة، وهو في لحظة الانزلاق يائس.
إن المرء في مجموعة "رجع الصدى"
لتدهشه اللغةُ الجميلة المنثالة كشلال عذب من الأفكار.
إن كل شيء يحكي، يثمر، ينضح،
يتلون في قصة "عاصفة خرساء". أية عاطفة ترقى لتحتضن النبل الذي يتوسد إحساساً
يختمر في النفس البشرية، ويبقي على شعلتها لاهبة قوية خالدة. بلهفةٍ تشوّقني
لمتابعته آثار الكاتب رحت أتلمس قوة الأفكار وأنا أتحرّى الإثم في خطوات امرأة
موحلة ينبش الكاتب سرّها الدفين.
ها هو يصف البطل الذي ينسى في
لحظة حساب عسير مع الموت خطيئة المرأة التي أحب، الموت طاهر ومطهر. ينطفئ
الحريق عندما تعلو أصوات الملائكة تحمل نعش الولد الذي كان ثمرة محرقة ينسى
الخيانة وجريمة الخيانة، وتطبق عليه الوحدة الوحشية تظلل القلب الذي يخفق بحب
المرأة التي غادرت.
يتيه القارئ في قصة "الثمرة
المحرقة" مع الصور الدفاقة. تتلاشى صور الجريمة البشعة، تتلوى التعابير وقد
تفجرت منها ينابيع ثرة من التحليلات الخارجية. تظل تناوش وتناوئ وتمتد برأسها
عبر خيوط قصة واقعية نسجت بخيوط صعبة.
ومن جديد في قصة "ضمير الذئب"
ينشغل القارئ باللفتة الذكية والوحدة الهيكلية وباللغة اللماحة للقصة والحوادث
التي أعيد إحياؤها، وباللحظة الدفّاقة التي تقترب من الابتهال لتستر الفجور.
وتمتد لمسة الحنان كمظلة حريرية
تطرد الشرور.
تبدو لي القصة من أكثر القصص
نضجاً واكتمالاً وإنسانية، حتى لكأنها خرجت للتو من يد الكاتب حارة ساخنه.
التطورات النفسية، والإيحاءات المدهشة هي عصارة من لهب ولهفة وضلالة وهدى. صراع
خفي بين الإثم والفضيلة، ورغم أن الضمير يطل بوجه قاسٍ يحمل البلطة. إلا أن
البلطة تعجز عن القتل.
إن قصة "ضمير الذئب" مشجاة كاملة
لحياة إنسانين مدينين انصهرا في بوتقة الخطيئة والجريمة، لكنهما قبل كل شيء بشر
من لحم ودم.
إن مظفر سلطان في رواية "المفتاح"
يجلل رأس المرأة بمنديل ناعم مزخرف، وهو يبرز دور المرأة الأم الصديقة الصادقة،
المغلوبة على أمرها والتي تصدت لقسوة الحياة، ولم تسقط. تتداخل المرأة الأم
بقوة شكيمتها، وشخصيتها المتميزة الوقور، وتماسك أعصابها تجاه الملمات، بشخصية
البطلة فاتن، المرأة الواعية الحازمة، المثقفة العصرية التي تعرف موضع قدميها.
إنهما تشكلان كلاً واحداً
مجتمعاً، صهرته نيران بيئة وحرارة عواطف، وقلب إنساني، على اختلاف الظروف
المحيطة بهما كسياجٍ من ورد تارة، أو من بؤسٍ وحزن تارة أخرى.
تفرد الأم الأرمل جناحيها على
عائلة مؤلفة من بنتين وشاب بعد أن ضربتها الريح العاتية فمزقت أشرعتها التي
حملها على كتفيه أب مكافح. وفي يوم مر الموت الأسود على البيت السعيد فأطفأ
العينين الماسيتين من وجه زوج حبيب.
ها هي تجلس على طرف السرير تقرأ
في مصحف قديم، ثم تطويه، تقبله وتقترب من الميت تشمله بنظرة رائغة تحمل في
مكنونها سرَّ حياة كاملة ساحرة. تقترب كسنديانة شامخة عزة ورفعة وبهدوء مريب
تحمل على كتفيها نعش حبيب قضى قبل أن تطير به سحبٌ بيضاء ناصعة. وتطوي جبالاً
داكنة كي توسده الثرى.
إنها تمد أجنحتها التي نُزعَ
ريشها نحو الرجل الذي أمسك بيدها في طريق متعثر ورافقها خطوة خطوة، وسارا معاً
في دربٍ شائك تخللته الدموع ورفت بين جنباته الضحكات.
تقف الأم أمام عظمة الموت خاشعة
وتطلب من ابنها أن يقرأ الفاتحة وبصوت محترق تودعه.
أية امرأة رسمها مظفر سلطان على
الورق، وأية إنسانة جعلها الموت نداً له؛ تقف منه وجهاً لوجه تقاتله، وتصده ولا
تستسلم لقضائه.
تلتفت إلى أبنائها تحيي نفوسهم
عزيمة الاستمرار رغم أنهم ما زالوا زغبَ الحواصل. وتستقبل الحياة بقلب واجف،
لكنه ثابتُ الجنان يَجبُ وجيباً قوياً كهد العاصفة في ليلة قطبية.
إلى جانب هذه الأم تقف شخصيتان
نسائيتان، وشاب متخرج يبحث عن وظيفة.
تضحي البنت الكبرى بحريتها، وتبيع
نفسها رهينة لعمة غنية وفاءً لدين ترتب عن مصاريف جنازة والدها.
ويشرق الفجر على الابن الشاب الذي
يبحث عن وظيفة، لكن السمكة الذهبية، تأتيه على شكل فتاة عصرية متعلمة بيدها
المفتاح، وأي مفتاح. إنه مفتاح فضي منمق مصقول يلمع في يد ابنة المدير التي
تقدمه على طبق فضي طائعة مختارة، ويترك المفتاح في القفل الذي يُوصِدُ البابَ
أمام الآخرين ليرفع الابن "عادل الزين" إلى مرتبة لائقة لشاب يحمل شهادة في
التجارة.
إن فاتن هي المفتاح، فاتن بقامتها
الشامخة ونظراتها الآسرة وبسمتها الودود.
ما إن تركت الأم الرؤوم ابنها
وأوقفته على قدميه، حتى تسلمته العاشقة فاتن، تمسّد كتفيه وظهرَه وصدره. تبادلٌ
في الأدوار، أو بالأحرى، تسليمُ أمانة.
لا يخفي الكاتب إعجابه بالبطلة
التي خلقها. يصف قوامها السمهري الذي يحلّيه بنطال جريء ضيق، ويضيف بأنها ذاتُ
كمالٍ جسدي شامخ وهذا الجسدُ كنخلةٍ سامقة يزيّنه فكر حصيف، وثقافة راقية، وذهن
متفتح. إنها ليست واجهة للإثارة والإغراء، بل عاملٌ فعال في إدارة مؤسسة كبيرة.
فهي قبل كل شيء مهندسة ملمة بعملها، متقنة لدورها كفتاة عصرية واعية تقف إلى
جانب أبيها الذي يحتاج إليها في إدارة أعماله.
ومن الطبيعي أن تتولد العاطفة بين
قلبين غضّين متعطشين للحب.
يقول الكاتب:
"كان عادل الزين يلمح رفة
الابتسامة كفراشة حطت على غصن نضر".
وتطل فاتن كالحلم الذي يرنو إليه
عادل من مركب يقف في مرفأ بعيد. ويقع بطلنا في حيرة التردد، بين ابنة خالته
"نعمة" التي تحاكي زهرة برية، وبين فاتن، إن الأم، وفاتن، تتوازعانه، الأم
ترعاه، وفاتن تمد خيوطها الحريرية، وترف حوله كفراشة تتشمم دقائق حياته، جاهلة
أو متجاهلة وجود فتاة أخرى تقاسمها هذه الواحة الخضراء التي تضيء بظلها.
وتتعهدها هي الأخرى بالرعاية على
طريقتها البدائية.
تفوح رائحتا الخفر والعصرنة من جو
الرواية. وكتب التربية البيتية المحافظة كوردة جورية في يوم ربيعي، إن تقديساً
عظيماً للمرأة يطغى على كل وصف، أو حركة قد تبدر من عاشق ولهان. يلجمه واقع
اجتماعي محفوف بالتهذيب والاحترام.
تلعب فاتن دور القاسم المشترك
الأعظم للعلاقة المشتركة بينها وبين أبيها، وبينها وبين عادل إنها تسير إلى
جانبه، بينما تطل نعمة في انجذابها الفطري نحو عادل الشاب الوسيم، لتسير خلفه.
لعل دور فاتن الطاغي بسحرها كفتاة
عصرية قد ظلل الباقين، فأبقتهم بعيداً عن الضوء. هي صريحة، واضحة، حازمة، صادقة
مع نفسها ومع غيرها، إنها المثل لبنات جنسها، وما يجب أن تكون عليه المرأة
العربية، فهل يرضى عن ذلك رجلنا الشرقي؟
تشير حوادث القصة وتفاصيلها إلى
أن عادلاً كان محموماً موزعاً بين التشوف نحو المستقبل وبين ماض يشده إلى
عراقته وتقاليده.
تشده نعمة من ذراعه، وتسبقه فاتن
نحو الذرا. وهو حائر يكذب على فاتن وتصدق معه، هي تفتح قلبها عارياً تعرضه
لأشعة الشمس المطهرة، فيما يظل هو مرتبطاً مع ابنة خالته بماضٍ لا يستطيع قطع
أواصره.
فالمرأة عند الكاتب نوعان:
إما ضعيفة بسبب جذور من تربية
تشدها إلى الأعماق وظروف قاهرة سوداء، أو امرأة واعية، قادرة على توليد الحنان،
متعلمة عصرية غير أنها في كلتا الحالين، أماً رؤوماً كيفما تغير شكلها ولونها،
معطاءة خيرة حتى لو حملت هماً أسود.
إن حياة عريضة ثرة تنعكس في مرآة
مظفر سلطان إنه يصور المشكلة في قصصه، ليثير الانتباه. ثم ما تلبث أن تتناهبه
البيئة واللغة والثقافة بشكلها التقليدي وتدفعه إلى أن يظل أميناً لخطه الفني،
فإذا تذكرنا أنه تتملذ على أيدي كبار الكتاب العرب من قدامى ومن رواد في عصرنا،
أدركنا سر الظاهرة السحرية في أناقة الجملة والعناية باللفظة، والمقدرة على
استعمال التشابيه اللطيفة، ولماذا تتلوى اللغة بين يديه كصبية حسناء تارة، أو
أفعى تلتف حول عنق أبطاله تارة أخرى... وفهمنا كذلك، ومن وجهة ثانية، منبع ذاك
القلق على سلامة التركيب وحسن التماسك في العديد من القصص التي تشكل أبرز
عطاءات الكاتب.
إننا في كل حال، نظل نحيي في مظفر
سلطان ذاك الكاتب المخلص لفنه الحريص على أدبه، الذي استطاع بجده واجتهاده أن
يختص لنفسه ركناً في صرح أدبنا العربي الجديد.
أضيفت في05/03/2008/ خاص
القصة السورية / المصدر الكاتبة (
للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول
أدب المرأة )
النعامة الرقابية العربية
أو حين يتحول النص الايروتيكي إلى بعبع
بقلم الكاتبة:
كلاديس مطر
لم يكن في نيتي ان اكتب عن النصوص الايروتيكية وما لها وما عليها
... ولم يكن واردا ان أرى اسمي بين عناوين مثيرة للجدل و للاخذ و الرد ..فهذا
عالم لا اعرف كيف ادخله و لا اعرف كيف اخرج منه سالمه ...! ولأني امرأة فان
الإشكالية اعقد و سوء الفهم اكبر. ليس هذا فقط ، فلقد كتبت الكثير عن الأدب
النسائي الجريء الذي لا يفعل شيء سوى الصدمة المتأتية عن عرض العضلات اللفظية
ومراكمتها من دون أي داع روحي أو فني أو اختباري ،فقط لان صاحبته تريد ان تنطلق
في عالم الأدب معولة على لقب ( كاتبة جريئة ) و ذلك بغض النظر ان كانت هذه
الجرأة قد وصلت الى حد التشريح لظواهر المجتمع المرضية الجنسية و تقديم الحلول
من اجل تبديل القائم و دفعه في ركب افضل و احسن . كما انني هاجمت مترجم معروف
لنصوص أجنبية جنسية لم اجد فيها إلا مرادفات محضة لأسماء جنسية و شتائم من دون
أي رابط بينها ومن دون أي توظيف فني ...أو حتى عمق روحي ..و رأيت اننا عبيد
للغرب حتى في اختيارنا لنصوصه و كأن ما تخطه (أياديهم) أيا كانت هذه الأيادي
لهو منزل أيضا مثلة مثل كتبنا المقدسة . و تساءلت لما هدر الوقت في ترجمة حوار
جنسي بين رجل عابر و مومس في لحظة من لحظات الزمن الهارب اذا لم يكن الحوار (
أيضا ) كاشفا لأزمتيهما معا و اذا لم تكن هذه الازمة تأريخا للفترة الزمنية
التي تشكل خلفية لوجودهما معا ، و اذا لم يكن الحوار إنسانيا بمعنى قابل للحدوث
و واقعيته هي فنيته بالذات !!
و لا اخفي ايضا ، أنني اختلفت مع روائي مميز و مجتهد و معروف حول
نص مشترك بيننا فقط لأنني لم اجد في توصيفه للفعل الجنسي أي بعد فني و إنما
وجداته فجا ، محضا من دون أي حد أدنى من الصياغة الشعرية و كأننا نقرأ في مجلة
جنسية رخيصة !
و فوق هذا و ذاك ، لن يعثر القارىء في كتبي و نصوصي على أيه آثار
ايروتيكية بالمعنى المتعارف عليه للكلمة و إنما هموما اخرى كانت تنقر شبابيك
روحي من اول يوم كطيور الشؤم في شرقنا العربي المتألم هذا .
لكني ، قرأت في ساعة من ساعات الزمن الغاضب ، ان ديوان الشاعرة
الأردنية منى طاهر ( أصابع ) قد تم منعه من قبل وزارة الثقافة لاحتوائه على
ألفاظ جنسية خارجة عن الحياء و منافية للدين .
لست ممن سمعوا بمنى طاهر من قبل ، و لم اقرأ ديوانها ابدا ..و لكني
توقفت عند الخبر كثيرا !! و فكرت ، ترى كيف يستطيع الأدب ان يتحدث عن الجنس و
مشاكله و تداعياته بلغة الإحصاء و البحث المقبولة و المباركة كما هو الحال في
تقارير الامم المتحدة و منظمة الصحة العالمية و الهيئات و الجمعيات اللاحكومية
لكي يحظى بمباركة قلم الرقيب ! لم ترعب الشعرية و التناول الفني للجنس الموظف
جيدا الرقابة العربية !!!
اليس الجسد البشري حالة ثقافية بكل ما للكلمة من معنى ! أليس هو ابن
بيئته و ابن القوانين الاجتماعية و الفكرية التي تتحكم في هذه البيئة و هو ،
لهذا ، حالة ثقافية متكاملة تتبدى فيها كل المتغيرات و المتحولات التي تطرأ على
بينان المجتمع خلال حركة الزمن و صيرورته !
أليس للجسد شيفرته الخاصة التي يجب على الأدب أن يعبر عنها في
أشكاله كلها ، و ان يفكها و يترجمها من اجل المزيد من الكشف عن علم تشريح لا
الجسد البشري فحسب و إنما أولا النفس الإنسانية التي تقود هذا الجسد و تحركه !
الحق ، لا يستطيع الأدب ، من بين مهامه الاخرى ، ان يقف على الحياد
فيما يتعلق بأمر يعتبر على هذه الدرجة الرحمية ، الشديدة الصلة بالذات
الإنسانية ، و ليس يقبل ان يحيد مواقفه و رؤاه و جهات نظره و ان يتجاهل هذه
الأداة – الجسد التي هي صلة الوصل الوحيدة بين عالم الروح و العالم الخارجي .
فليست ( الكاميرا السينمائية ) التي بين يدي الأديب كاميرا انتقائية عندما تبدأ
العمل . انها تمر على كل شيىء امامها و تسمحه بادق تفاصيله . و لا يعني هذا ان
لا دور للأديب في تقديم الواقع برؤاه الخاصة ، ذلك ان دور المونتاج هو بالضبط
تقديم المشهد ، مثكفا موحيا من دون شوائب بغرض ايصال الفكرة أو الرسالة
المبتغاة من وراءها .
ليس النص الايرويتكي، اذا ، يتمحور حول الجنسانية بمعناها الاغوائي
البدائي و إنما يتجاوزه لكشف مكامن الروح و بوصلتها و الولوج الى طبقاتها
الاعمق .
من بين هذه الطبقات الهامة جدا هناك الحب بمعناه الأكثر تكاملا بين
المراة و الرجل .. ! و غني عن القول ان التراث العربي الشعري و الأدبي يمتلىء
بنصوص أكثر ايروتيكية من تلك التي تنشر هنا و هناك على مواقعنا الثقافية
العربية اليوم ..بل حتى ان عقيدتنا دلت بدلوها بشكل مباشر في هذا الأمر و تدخلت
في اعمق تفاصيل الاتصال الجنسي لتشرح ما هو محرم و ما هو محلل .
أليس الأجدى بالرقابة ان تتحول الى هيئة من النقاد المحترفين
فيتناولون الجودة الفنية للنص و القيمة الفكرية بدلا من التلصص على هذا المثلث
( الجنس و الدين و السياسة ) الذي يتم اختراقه المرة تلو الاخرى و بكل مثابرة
في كل نص ينشر اليوم اما في المواقع الالكترونية أو النصوص الورقية !!!
زد على ذلك ، ان منع هذه النصوص أصبح امرا تنقصه الدراية البسيطة
... فها هو الانترنيت حاضرا بكل قوته ، كبسة زر واحدة و تنهمر عليك النصوص من
كل حدب و صوب بحيث تضيع قرارات الرقابة العربية في شربة ماء .
ليست مقدمتي هذه دفاعا عن النص الايروتيكي مهما كلف الثمن ، ابداً
، و لست اعرف منى طاهر من قبل كما قلت و لم اقرأ ديوانها ..و لكني لست ممن يرون
في الإبداع حدا يقف عنده أو سقفا ينحني امامه . لكن، مع ذلك ، ليست كل النصوص
الايروتيكية تنطوي على ابداع لا لبس فيه ، و ليس كل حديث يتناول الجسد هو صحيح
و مبتكر بالضرورة .. إنما الرؤية الفنية و طريقة التناول هي التي تعطي للكلمة
دورها الجميل و تحفر مكانها الصلصالي في جسد النص أو القصيدة بحيث نعرف ان اليد
التي كتبتها هي يد عارفه مسؤولة غرضها المزيد من الكشف من اجل المزيد من
المعرفة و ليس الابتذال .
لم يعد هناك قراء أغبياء .. أصبحت وسائل المعرفة متاحة للجميع ، بل
ان هناك مقدرة لدى بعض القراء على النقد و التفنيد تفوق اكبر الأكاديميين من
النقاد . إذاً، نخطىء عندما نستسهل ذائقة القارىء و نعتبره لاه و يبحث عن
المحرضات الجنسية من دون مواربة .. ففي بعض المواقع الثقافية العربية التي تنشر
نصوصا ايروتيكية فوجئت ان عدد القراءات ضحل جدا بل لا يتجاوز العشرات مع ان
النصوص على درجة مهمة من العمق و الجدية ، بينما تجدون آلاف القراءات التي
تظهر تحت المقالات أو النصوص السياسية و الأدبية الخالصة .
اعتقد اننا تجاوزنا كقراء و كمثقفين هذه الهرولة باتجاه النص
الايروتيكي الجاف و المبتذل و بدأنا نعرف الصالح من الطالح . لهذا لا يجب بعد
الآن ان تقوم الرقابة العربية بهذا الدور السخيف فتمنع دواوين و مؤلفات مر من
فوقها شبح الجنس المقدس لا لشيىء إلا لانه كان تابوا و بقي تابوا في بيئة
تراثية تميزت بمسيرتها الطويلة على حبل التناقضات من الإباحية و الحجاب .
الحقيقة ، اننا لا نريد فقط ،كعرب ، ان نتجاوز تجنب هذه المواضيع ،
و إنما نريد ايضا، و هذا الاهم براي ، ان نرى البعد الاخلاقي في تناولنا اياها
! فالحوار و المكاشفة و عدم التستر عن الخطأ ليس من سمات المجتمع المتحضر فقط و
إنما سمة لازمة ايضا لبقائه . فحين نكتب عن الجنس فاننا نكتب في نفس الوقت عن
جزءا كبير من حياتنا و مشاكلنا التي لا يمكن سترها أو حجبها بالمراسيم و البنود
، و لا يمكن التغاضي عن جماليتها و تشوهها و قدرتها على التأثير في كل شيء
حولها .
أضيفت في05/03/2008/ خاص
القصة السورية / المصدر الكاتبة (
للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول
أدب المرأة )
نساء يشبهن الماء
بقلم الكاتبة:
كلاديس مطر
ليس العلم أداة التنمية فقط و لا ربما مجرد شرط للدخول الى الحضارة
المعاصرة ، انه في الحقيقة لب هذه الحضارة ، و وسيلة الإنسان للتعبير عن
إبداعاته أو لنقل بتركيز اكبر انه حاجة روحية له .
لكن حين يكون الإنسان ، بقطبيه الذكوري و الأنثوي ، ناصل اللون ،
إذا ، أي مجتمع هو صانعه ! و ما الإبداع الذي سوف تعبر عنه روحه الباهتة ! وإذا
كان ، هذا الإنسان مغيبا عن العلم ، محجوبا عن وسائل المعرفة ، أية حضارة إذا
سوف يلج بابها !!!
و قد يكون الرجل متعلما ( و ليس مثقفا ) و ناصل اللون ، و قد تكون
المرأة متعلمة و ناصلة اللون .
إذا ، ليست المعلومات هي العلم ، و ليست بحد ذاتها أداة التنمية
المجتمعية .
ان عالم اليوم هو عالم الاضطراب و الطفرة ! أين تقبع المرأة ،
بأميتها و أنوثتها الوجدانية المزيفة فيه ! أين هي منه و من تنوع صور الحياة
المهولة حولها ! و ماذا تفعل لتثقف ذاتها الجوانية بالفعل و تستعيد ( لونها )
الذي أهيل عليه تراب الأمية دهورا !
إن حرب المرأة العربية اليوم ليس لاكتساب حقوقها فقط . فالمرأة في
الغرب قد حصلت على كامل حقوقها و ها هي الان تقبع في عمق مستنقع الحضارة :
انوثة وجدانية باهته و رحم وجداني ضامر . انها متماهية في صورة الرجل متماثلة
معه ، لا متكاملة .
المراة العربية تمشي على نفس الطريق . تريد ان تخرج من قمقم الماضي
المؤلم و تدلف الى الحضارة من أوسع أبوابها : العلم ، لكنها على طريق ركضها
السريع أسقطت أنوثتها من دون انتباه ،و ها هي اليوم على وشك الوصول متماهية
السحنة لا هي تشبه ذاتها ولا هي تشبه الرجل .
إنها تحارب أميتها بكل تؤدة و تراكم المعارف و المعلومات
لكنها تسقط من ناحية أخرى في أمية وجدانها الذي ركنته في الزاوية كسيف محارب
متعب . صحيح ان التنمية المجتمعية تبنى على تفعيل حركة العلم بكل ما للكلمة من
معنى ، لكن النهضة المجتمعية لا تنتصب اكتمالا الا اذا خلق التوازن فيها قطبي
أنوثة و ذكورة سويين مزدهرين وجدانيا و متحققين .
لا تستطيع دروس محو الامية بحد ذاتها ان تعمل على تفعيل أنوثة
المراة الا اذا عرفت المرأة كيف تستغل المعرفة من اجل ازدهار هذه الأنوثة أولا
. فالأسرة لا تحميها نظرية آينشتاين في النسبية فقط و لا تساعد الأبحاث الدؤوبة
على مرض السرطان في تنشئة الطفل بشكل سوي ، ولا لعبت دورا قصائد نزار قباني في
خلق مناخ وجداني عاطفي حقيقي بين رجل و امرأة . ان كل هذا لا يستطيع ان يبني
خلية المجتمع الوحيدة – الأسرة بحد ذاتها. ان مراكمة المعلومات لا تصنع نهضة
مجتمعية ! ان ما يصنعها هو طريقة رؤيتنا لهذه المعرفة و استعمالنا لها .
و لان المرأة تشكل نصف تعداد سكان المجتمعات العربية إن لم يكن أكثر
، كان من الحيوي بل و الخطير بمكان أن تمحى أمية المرأة أولا ، ثم استخدامها
المعرفة ليس فقط من اجل احتلال دور هام في هرم التنمية الوظيفي و إنما لكي تثقف
من أنوثتها الوجدانية بحيث يصبح دورها فعالا بأقصى درجة ممكنة في النهضة
المجتمعية و بناء الأسر السوية .
إن الأنوثة الوجدانية المثقفة و المحققة هي روح كل فرد في الأسرة .
و لا مغالاة حين أقول إن الأنوثة المحققة هي التي تحافظ على البقاء كنوع ! فإذا
سقط الفرد سقطت معه الحضارة برمتها . و الفرد لا ينمو الا ( بالرعاية ) اولا .
و الرعاية هي الكلمة المرادفة المضمونية لكلمة ( أنثى ) .
إن الحنان هو احد عناصر النمو . و الحنان ليس فقط عاطفة و إنما هو
الطريقة في التعاطي مع الآخرين، و هو الوقت الذي يصرف من اجلهم . إن الحنان هو
احد مظاهر القوة في المرأة . فالمكتملة الأنوثة تشعر بميل لكي تحتوي أفراد
أسرتها . انه ميل أصيل في غاية التنوع و التعقيد تماما كحاجة الصغار أو أفراد
الأسرة إلى أشكال العاطفة المتنوعة و المركبة .
ومن الحقائق الملفتة في عملية نمو الكائن البشري أن الإنسان لا يصل
الى حدود هذا النمو الكامل الذي تصل إليه سائر الحيوانات . فالحيوان متى كبر و
اكتمل فان كل شروط وجوده تتحقق بشكلها المرسوم و المخطط له بما يتناسب مع نوعه
. و الحيوان يغدو مستقلا و يمكن أن يعتمد على ذاته بشكل كامل . بينما يصل
الإنسان إلى مراحل متقدمة من النضج و لا زال فيه بقايا الطفولة التي بحاجة إلى
الرعاية و إلى اللمسات الحانية و الحنان المشجع و المعيل أمام شدائد الحياة .
انه بحاجة إلى الحنان أو الأنوثة الوجدانية المتمثلة بفعل ( الإصغاء ) و (
الدعم ) و ( التفهم ) و حضور الآخر الفعلي و العاطفي في حياته . إن الإنسان
مشروع لا يمكن أن يكتمل عاطفيا . و لهذا فانه يبحث عن شريك أو توأم روحه. و
الشراكة أو التوأمة الروحية لا يمكن أن يعثر عليها في امرأة ناصلة اللون او ذات
رحم وجداني ضامر، أو أنوثة مزيفة .
و لنصول اللون في شخصية المرأة أسباب ومظاهر . إنها امرأة مائية
السحنة ببرقع المساحيق الملونة.
و الحق لقد بدأ كل شيء على شكل مؤامرة لاغتيال الأنوثة كفطرة
طبيعية و كقانون الهي بشكل مباشر و غير مباشر . و ر بما هناك خطة مدروسة لحدوث
هذا الأمر كما يعتقد بيير داكو في كتابة المستفيض عن سيكولوجية المرأة . لقد
شرح داكو بشكل ابداعي مدهش بنود هذه الخطة و نتائجها على المرأة و قدم الحل تحت
عنوان( خدعة الحرية ) و ذلك في فصل من أجمل فصول الكتاب . و المتتبع لفكر داكو
و رؤيته لما عليه حال المرأة اليوم يعرف كم هو ثاقب النظر فيما يتعلق بوضعها
الراهن و لما آلت إليه حالتها . و المرأة العربية التي هي في الطريق إلى نصول
اللون و انهيار الأنوثة تنطبق عليها تقريبا الظروف و الأسباب التي تنطبق
تقريبا على المرأة في العالم ككل اليوم عدا كون صراعها الخاص يتجسد بين الديني
– الاجتماعي و الذاتي – الطبيعي الذي تدور رحاه في عمق وجدانها ، فكل حركة من
قبلها لا تراعي الأصول المتعارف عليها تدفع الجميع إلى تكفيرها اجتماعيا و حتى
دينيا ، بل إن أية محاولة لوضع الإصبع في مكمن الغلط أصبحت مدعاة إلى التكفير و
الإبعاد . ومع ذلك يبدو ان للمجتمع دينه الخاص و أصوله المعممة على كل طوائفه
و بهذا المعنى فان مراعاة الأصول الأخلاقية الخاصة بالمجتمع تعني بشكل ما تحييد
النماذج العليا الدينية لأوقات خاصة طقسية و التمثل بتلك التي يفرضها المجتمع
( على الجميع ) بقوة القانون العام المكتوب و غير المكتوب . و إذا علمنا أن هذه
القوانين المجتمعية التي تمشي على المرأة و الرجل معا تتأثر بالتقلبات
الاقتصادية و السياسية و أوامر الهيئات و المنظمات الدولية .. ندرك المعنى
العميق لفكرة تحييد النماذج الدينية الكبرى و دورها الضئيل نسبيا أمام ما
يفرضه المجتمع من استحقاقات و التزامات خاصة تجاه الفرد لكي يستطيع أن يصبح
بالفعل جزءا من تركيبته و معترفا ، كانسان و كمواطن ، به .
تقع الأنوثة تحت مكبس هذه الرحى المتحركة و التي لها متطلباتها
الآنية . و النصول كسمة من سمات هذه المرحلة المجتمعية المعاصرة ، تشبه
القانون المؤقت المتعارف عليه . إنها (موضة ) اليوم التي ترضخ لمتطلباتها
الكثيرات من نساء هذه المرحلة . حتى انه يرتبط بهذه السمة تبعاتها النفسية و
الاجتماعية … الخ . فمجرد وجودها كواحدة من سمات المرأة المعاصرة يفترض ضمنا
أنها عامل جذب لرجل المرحلة ذاتها ، و ربما تجاوز الأمر لدى البعض حده الطبيعي
– مع ان لا حد طبيعي له - فاعتبرنها من أولويات ( حضورهن )
و ( وجودهن ) و أخذت وقائع حياتهن تدور في فلكها . و الطامة الكبرى
دائما تكون حين تعتقد المرأة ان شذرات ( الموضة ) و قوانينها تشبه في تشريحها
القوانين الثابتة ! فالنصول مثلا كسمة من سمات المرحلة يمر في دورة حياتية
معروفة تنتهي بالموت أو الأفول
و التلاشي . فما هو مقبول اليوم يندثر خلال فترة زمنية معينة ليحل
محله أمر آخر و هكذا دواليك …و ذلك على عكس القوانين الأخلاقية و الإنسانية
العامة التي تعتبر، تقريبا ، ثوابت على مر العصور . فالقوانين التي تحرم
السرقة و القتل او تلك التي تدين الكذب تعتبر ثابتة أمام شذرات الموضة التي
تفرقع في الهواء و لا تلبث ان تضمحل و تتلاشى بعد ذلك . و المرأة التي تبني
أنوثتها على الشذرات المفرقعة غير تلك المرأة التي تبنيها على الثوابت من
القوانين و المبادىء . فامرأة لا تكذب مثلا مهما كانت أنوثتها الخارجية قليلة
بالمعنى الظاهري المتعارف عليه للكلمة هي أكثر أنوثة ، في الواقع ، من امرأة
متذبذبة اللسان و الفكر و الأمر لا يتطلب أكثر من دقائق لاكتشاف ذلك ! و
الجاذبية التي تصدر عن امرأة صادقة شفافة هي أقوى بكثير من تلك التي تصدر عن
امرأة ناصلة اللون مبرقعة بشذرات الموضة الفانية . و مع ذلك ، فليس خطابي هنا ،
دعوة بالمطلق للتخلي عن العناية المعقولة بالذات بحيث تعكس المرأة هذا التوازن
بين أنوثة داخلية وجدانية محققة و أنوثة خارجية هي ( سبب ) او ( مقدمة ) لما
يتفاعل في داخلها .
و الحرية الخداعة هي التي نصبت هذا الفخ الرسمي المبارك لكليهما معا
، الرجل و المرأة .
فقسماتهم الباهتة ، المأخوذة، بل حتى و كأنها المصفوعة على حين
غرة، تشي بذهول من يقمع ذاته الطبيعة من اجل هيئة لا تشبهه . فامرأة بعيدة
طوال الوقت عن بؤرة اهتماماتها الطبيعية التلقائية لا تشبه جسديا بالقطع امرأة
تتفاعل بحب و تلقائية و عفوية مع وسط من صنع طبيعتها و يديها . و القيمة
الفعلية التي يمكن للمرأة الثانية ان تقدمها تتجاوز الكثير القيمة التي تقدمها
المرأة الأولى التي تلوي رقبة طبيعتها الأنثوية . فليس المجتمع بحاجة إلى جيش
من القطيع متماثل في الوظيفة و الشكل و الدور و إنما إلى ( فريق عمل متكامل )
يستطيع أن يحيط بكل جوانبه حتى أكثرها بساطة و إهمالا .
اعرف ضمنا ان المرأة تحمل في طيات تركيبتها الطبيعتين .. حتى أنها
تستطيع بجدارة أن تقوم بكل منهما على حدا إذا ما تناولنا الأمر من ناحيته
العملية …فالقدرات العقلية واحدة و كذلك نسبة الذكاء و القدرة على التخطيط و
التحليل أيضا واحدة حتى إنها متفوقة ربما على الرجل في قدراتها التنظيمية … الخ
لكن ليس هذا هو المطلوب منها بالمطلق …و لا تكمن الحكمة في التخلي عن دورها
المميز لتقوم بدور يمكن أن يقوم به ( أي رجل ) . فليست قدرات شهرزاد العملية ما
أنقذها من الساطور لالف ليلة و ليلة و إنما الأنوثة الجبارة المغلفة بالحنكة و
الإيحاء بالحنان .
عالم اليوم بخصائصه لا يشبه طبيعة المرأة بشيء . انه عالم يدفع إلى
النصول شيئا فشيئا كما يفعل الغسيل المتكرر بقطع القماش الزاهية . انه يحيلها
إلى خرق باهته ، مفككة تفتقد القها الأصلي القديم . إن عالم اليوم بكل مواصفاته
و متطلباته يمر عليها المرة تلو الأخرى كمكواة لا تمل من التحرك بسرعة جيئة
وذهابا ..ليس بقصد كيها و تقديمها بحلة جميلة و إنما بقصد حرقها و إذابتها من
دون أن تستطيع أن تفلت من ذلك مرة واحدة .
و يكتمل الفخ عندما تتطلع المرأة في المرآة بعد كل هذا و تقرر ان (
كل شيء على ما يرام ) فها هي الآن امرأة من قلب هذا العصر .. إنها باختصار (
امرأة معاصرة ) ، محسنة ، مدجنة ، و مستعدة للنزال !
أضيفت في05/03/2008/خاص
القصة السورية / المصدر الكاتبة (
للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول
أدب المرأة )
أدب
المرأة بعيداً عن الاحتفالية
قراءة في كتاب نقدي حول أدب الكاتبات السوريات
قراءة:
جاكلين سلام
هل يحمل الخطاب القصصي النسوي دلالة تفضيلية عن أدب الرجال؟
هل للخطاب النسوي خصوصية ما؟
سؤال تطرحه وتعالجه الدكتورة ماجدة حمود، مع الاشارة إلي تعميم
مصطلح (قصصي) علي ما كتب في القصة القصيرة والرواية، إذ أغلب الكاتبات السوريات
بدأن حياتهن الأدبية بكتابة القصة القصيرة.
تشير المؤلفة الدكتورة ماجدة حمود في مقدمة الكتاب (صحيح أن
الأدب النسوي يتمحور حول العلاقة مع الرجل في أغلب الأحيان، فقد بدا هاجس الهم
الابداعي النسوي، إبراز خصوصية هذه العلاقة، ولكن هموم المجتمع والأمة كانت
كذلك جزءا من هم المرأة) وتذهب للتأكيد مرارا علي أن هذا المصطلح (النسوية) لا
يحمل أي دلالات تفضيلية لأدب النساء عن أدب الرجال، بل تقوم بذلك لتسليط الضوء
علي نتاج أدبي روائي وقصصي غزير متنوع في الأسلوب والموضوعات، بحيث يمكننا
التعرف بعمق علي عوالم وأقلام سيدات سوريات، في هذا الإصدار، سواء في الرواية
أو في القصة القصيرة. وتقسمه إلي فصول
* * *
الفصل الأول: وقفة مع رائدات الكتابة في سورية
الفصل تخصصه لدراسة تفصيلية في روايات الرائدات السوريات،
متلمسة بذلك الرواية منذ عام 1950 الي عام 1970، تتناول خلال العرض نتاج
الاديبات: وداد سكاكيني ــ هيام نويلاتي ــ
كوليت خوري
ــ
إنعام مسالمة
ــ سلمي
الحفار الكزبري ــ
خديجة نشواتي.
نجد واقع الروائية الشخصي مختلطا بخطاب الراوية في حالات كثيرة،
وتعمد الكاتبة إلي تبيان ذلك من خلال ربطها بين الأحداث الشخصية والسيرة
الذاتية للكاتبات، وخطاب بطلات القصص، كما نجد محاولة الكاتبات تصوير واقع
(غربي) جغرافيا، ربما لارتباط ذلك بحياتهن الشخصية، أو تهربا من الكتابة عن
واقعنا الشرقي بما له وما عليه، ويظهر(التغرب) عند الكاتبة كوليت خوري في (أيام
معه) وعند سلمى الحفار الكزبري في (كارمن).
وحول سمات الخطاب كما تذهب إليه المؤلفة، فيمكن تلخيصه باللغة
الفضفاضة والفرقة بينها وبين الحدث أحيانا، اختلاط وطغيان صوت الكاتبة علي صوت
شخوصها، اللغة الرومانسية، الوصفية، صورة المرأة غالبا هي المحور وغالبا بصفات
مثالية من حيث الجمال والأخلاق. كما نراها ترزح تحت هموم عادية يومية كالزواج
والامومة والحب. كما وتلجأ الكاتبات هنا إلي أسلوب الرسائل والمذكرات اليومية
التي تحد من إبداع المخيلة..
تشير المؤلفة إلا أن الوقوف علي عثرات الكتابة تلك، لا يعني
أبدا (اصدار حكم إعدام) بحقهن وإنما يمكن اعتباره ركيزة للانطلاق نحو آفاق أرحب
وأكثر اشراقا ظهرت في الفترات اللاحقة.
* * *
الفصل الثاني: الرواية النسوية السورية منذ السبعينات وحتي
التسعينات:
يلاحظ القارئ أن نتاج الكاتبات في هذه المرحلة، نضح في التعبير
والتصوير والرؤية من حيث الارتباط والتغلغل في الواقع الاجتماعي والسياسي
والذاتي. ونظرا لكثرة الإصدارات في تلك المرحلة، تختار المؤلفة نماذج من أعمال:
غادة السمان
ــ قمر كيلاني ــ
ألفة الأدلبي
ــ حميدة نعنع ــ
ماري رشو
ــ
د.هيفاء بيطار
وأنيسة عبود.
غادة السمان: في (كوابيس بيروت) عام 97 وروايتها الاخري التي
صدرت 1997 (الرواية المستحيلة). تتوقف مفصلا عند شبكة العلاقات الاجتماعية
والسياسية والنفسية في الرواية من خلال: العلاقة بالذكور/ العلاقة بالاناث/العلاقة
بالأب/ الاختلاط بين الهم الخاص والعام/ دلالات الأسم المختار في الرواية/
الفضاء المكاني والزماني/ الالتقاء بين السيرة الذاتية والمخيلة ولغة الحوار...
نقف علي صور مشهدية ولقطات سينمائية وتداعيات كابوسية، حين ترسم غادة فسيفساء
دمشق الذاكرة، كوابيس الحرب في بيروت، هموم المرأة المتحررة المتمدنة ــ صور
الفقر والاضطهاد والغربة والحنين والوطن، إذ تعد روايتها (الرواية المستحيلة)
واحدة من أهم الروايات العربية التي ظهرت في التسعينات.
قمر كيلاني وفي روايتها بستان الكرز: إصدار عام 1977، تتناول
أهوال الحرب الأهلية في لبنان، عبر فضاء (متخيل) غير ملتبس بالسيرة الذاتية كما
في كوابيس غادة السمان (إننا نعيش فضاء تنسجه لغة الواقع لا الأحلام والكوابيس،
وقد قدمت الكاتبة فضاءها بلسان الرواي العالم بكل شيء، لذلك لم نسمع صوت (أنا)
الشخصية مباشرة ).. تصور في هذا العمل آثار الحرب على المكان وعلى النفوس
والعلاقات الشخصية والأفراد.
ويطالعنا عند الفة الأدلبي في روايتها الأولي (دمشق يا بسمة
الحزن) الهم الشخصي والعام من خلال تصوير أحداث الثورة السورية والمظاهرات
والإضرابات، مقاومة الاحتلال الفرنسي، وتقدم لنا من خلال بطلتها صبرية، واقع
الفتاة وتمردها وانخراطها في الدفاع عن الحياة بتقديم (ذهبها) مساهمة في دعم
الثورة...تكتب واقع صبرية وكيف تعشق وتحب وتنزوي بعد استشهاد حبيبها وأخيها...
تفاصيل ولغة معبأة بالصدق وترزح تحت أنقاض الألم والمعاناة.
وعند الروائية حميدة نعنع، (من يجرؤ علي الشوق) تعطي الكاتبة
مساحة لصوت الرجل الذي يأتي من خلال (صوت السجين، صوت الهارب صوت المهزوم
القلق)
تطالعنا كيفية انخراط الشخصية النسائية بالهم القومي من خلال
الانتماء الحزبي والانخراط في ميادين الثقافة والصحافة وتقدم هذه التفاصيل في
أزمنة تتنقل بين الحاضر والماضي والمستقبل، أما المكان فمدن عربية (وهمية) بلا
أسماء صريحة، وتفتقد مقومات الحياة الإنسانية، كما تتقاطع مع فضاء آخر هو
المهجر (المنفى) الذي هرب إليه أبطال الرواية كملاذ وخلاص، لكنه في النهاية لم
يحقق لهم امكانية الشعور بالانتماء.
المرأة تأخذ مركز الكون في رواية الكاتبة ماري رشو في (الحب في
ساعة غضب) نشرت عام 1998، (وحين نتابع السيرة نجد الأبعاد الرمزية هي أساس
الفضاء الروائي) عبر لغة ذهنية لا تعتمد ضمير (الأنا) في القص، وهذا الإيغال في
الرمزية، لا يمكن إلا أن يكون معادلا وصنوا للواقع الذي يرزح تحت أعباء الدمار
والتخريب والنأي عن القيم الإنسانية، ومأساة حضور القبح والبشاعة بشكل لا يطاق.
غالبا ما تسبغ الكاتبة علي شخصوها النسائية، مثالية رفيعة،
فيصطدمن بالواقع بنزق وغضب وحزن ...
وفي أعمال د. هيفاء بيطار تطالعنا (يوميات مطلقة) 1994 وقبو
العباسيين /1995... (الساقطة )2000
تقول الناقدة (يتواري في روايات هيفاء بيطار الهم العام، ليفسح
المجال للهم الشخصي الذاتي، والذي يبدو لنا رغم خصوصيته ينطق هم كثير النساء في
مجتمعنا، لذلك يعلو صوت المرأة ليجسد لنا خصوصية المعاناة بكل حرارتها وصدق
تفاصيلها... كما نعايش نبض حياتها اليومية، بما تحمله من أفراح ومعاناة (الحب
الامومة الطلاق).. ص 105
تفاصيل تنصبّ عن عوالم وأوجاع وإحباط المرأة المطلقة ونظرة
الرجل إليها، مشكلة الطفلة التي تنتقل بين والديها، بالاضافة إلي قضية مهمة
وذات حساسية وجرأة وهي موقف الكنيسة المسيحية من موضوعة الطلاق:
(أنتَ ببساطة تجلس وراء مكتبك وتطلق حكم الهجر لزوجين في قمة
نضوجهما وشبابهما وتقول لهما: اهجرا بعضكما وترميهما في فم الغول... سنوات
وسنوات، هلا تساءلت كيف سيعيش هذان الزوجان، أليس هذا وضعا مثاليا للأنحراف؟) ص
108
المحور الآخر عند هيفاء بيطار، ويدخل في صلب معاناة المرأة، هو
علاقتها بجسدها وفعل الزمن فيه سلبا، عقدة انحسار الجمال الأنثوي، وكذلك ذبول
الجسد ماديا وجنسيا والذي يسبب شرخا في العلاقة مع الرجل الذي يكون مأسورا
بظاهر الجسد والفتنة الخارجية مشروخا عن العمق الإنساني الداخلي لهذا الكيان
تختم الناقدة عرضها لأعمال الكاتبات في التسعينات بالوقوف علي
إعمال الكاتبة
أنيسة عبود، الشاعرة والقاصة وتتناول روايتها الوحيدة (النعنع
البري) إصدار عام 1997 وتقول فيها:
(لعل هذه الرواية أكثر الروايات النسوية السورية تنوعا في
فضاءاتها النابضة بهموم عصرنا بما تضم من فضاءات منغلقة علي حياة مشوهة...كما
تقدم لنا فضاءات منفتحة علي الطبيعة تجسد لنا الخلاص، والأمل في حياة متجددة...
لهذا تشكل لغة الطبيعة إيقاع الرواية ونبضها...) ص 126، ويصل هذا عبر لغة سردية
واقعية محملة بخصوصية ابداعية تخطها الكاتبة أنيسة عبود بتميز وباتساق في بناء
الشخصيات فنيا وفكريا معجونا بالتجربة الحياتية المعيشة، مستفيدة بذلك من
أساليب وتقنيات الرواية الحديثة
*
* *
الخاتمة: تأملات في خصوصية الخطاب النسوي:
تشير الناقدة الي غلبة تقنية كتابة الرسائل واليوميات في روايات
النساء الصادرة منذ الخمسينات الي التسعينات، اللجوء إلي صيغة المتكلم، التقاطع
الواضح بين صوت الساردة و سيرتها الذاتية، تأثير الزمن السلبي على الجسد، كما
نلحظ طغيان صوت المؤلفة الشخصي علي صوت بطلاتها.
وحين الحديث عن (خصوصية المعاناة النسوية) تتوقف الناقدة بإمعان
ودقة وموضوعية جميلة لتفنيد صيغ المعاناة ومن خلال علاقة الكاتبات مع الرجل
(وكما تظهر في النصوص) وما ينجم عنها من انكسارت فنجد لغة القهر ولغة الفرح
التي تعكسها علاقات الحب ونقف أمام حقيقة أنه قلما نجد (لغة فرح) في النصوص، بل
تطغي العاطفية الحزينة والمكسرة والمحاصرة روحا وجسدا وتطلعات، وكأن حضور الفرح
ينحصر في علاقة (الأمومة والأبوة).
تفصيلات عميقة تطرحها الناقدة هنا، وتدلل عليها بشواهد من نصوص
الكاتبات مما يكسب هذه الدراسة علمية وموضوعية وذائقة شخصية تنم عن تفهم وتعمق
لحيثيات الواقع السوري، وسيرة الكاتبة أيضا.
(تطورت الرواية ... وبدت لنا اللغة أكثر حيوية وجمالا، ابتعدت
عن الثرثرة والرتابة، ولعل من أسباب حيويتها قدرتها علي تقديم أعماق المرأة
المضطربة عبر لغة شعرية، وتقديم همومها الاجتماعية عبر لغة الواقع التي تمتزج
مع الشعر، وقد ساعدها في ذلك استفادتها من تقنيات الرواية الحديثة وتيار الوعي،
التي تقدم عالما مختلطا في فضاءاته الزمانية والمكانية وفي أصوات شخصياته) ص
154
*
* *
الباب الثاني: القصة القصيرة النسوية السورية
في هذا البحث تتناول الناقدة الخطاب القصصي منذ الخمسينات وحتي
التسعينات أيضا ومن خلال نصوص قصصية لكل من الكاتبات: وداد سكاكيني ــ
خديجة
الجراح النشواتي (أم عصام) ــ سلمي الحفار الكزبري ــ
غادة السمان ــ
ألفة الأدلبي ــ
د. ناديا خوست
ــ ملاحة الخاني ــ دلال حتم ــ
نهلة السوسو
ــ
حنان
درويش
ــ
د. هيفاء بيطار. ويطالعنا هنا تنقل الكاتبات من القصة الى
الرواية...تدرس نموذجا لكل قاصة وتفككه، تعالج الخطاب ومقوماته ودلالاته
الزمانية والمكانية والنفسية كما في دراستها لخطاب الرواية أعلاه.
* * *
الفصل الثاني: الحداثة في القصة النسوية في سورية
في هذا الفصل تتناول تعريف الحداثة بـ (الحداثة ليست تقليدا
للآخر، ولا تعني رفضا للتعلم من تجاربه، ولكن ما نرفضه هو أن نظل عالة عليه!
نقتات فضلاته فلا نملك سوي التقليد والتكرار) ص 215
تذهب في تقصي الملامح الحداثية في القصة السورية بتناول (لا بحر
في بيروت) لغادة السمان.
* * *
نماذج حداثية في القصة القصيرة النسوية:
تدرس نماذج من القصص الحدثية لكل من الكاتبات:
اعتدال رافع
ــ
ضياء قصبجي
وأنيسة عبود، تعالج بنية الشخصية، اللغة، الفضاء الزمكاني، بناء
الحدث، دلالة العنوان، العلاقة بالرجل، والمجتمع بعمومه.
* * *
الخاتمة: تصل الناقدة نتيجة هذه الدراسات الميدانية الغنية
للقول (نلاحظ ندرة النماذج الحداثية الخالصة، ومعظم القصص تنحو الي المزج بين
الأسلوب الحداثي والأسلوب التقليدي، كما وجدنا ضمن المجموعة الواحدة قصصا تعتمد
اأسلوب التقليدي تارة والأسلوب الحداثي تارة أخري).. ص 245 .
كما تنفي ما يشاع عن الكتابة الحداثية بأنها تدمير للهوية
والأصالة والتراث العربي (لقد لاحظنا أن القصة الحداثية التي تتصف بالتقان
الفني، مهمومة بالحفاظ علي القيم الانسانية التي باتت مهددة في عصر الاستهلاك
وهي علي نقيض ما يتهمها به الناس ... كثيرا ما تحمل دلالات تراثية أيجابية).. ص
246
* * *
كلمة الغلاف الخارجي للؤلفة الدكتورة السورية ماجدة حمود تقول
(تحاول هذه الدراسة أن تقدم الخطاب الحقيقي القصصي النسوي السوري، بعيدا عن
الأحتفالية التي زيفت حقيقته وخدعت المتلقي)
وأستطيع التأكيد في الختام، وكقارئة سوريّة، وعلى اطلاع علي بعض
هذه الأعمال، بأن الناقدة قدمت رسالتها هنا باجتهاد ومحبة وصدق يعكس مسعاها
وانشغالها العلمي الأدبي المدعم بأدواتها المعرفية الجادة.
والملفت للنظر هو اصرار الكاتبة في أكثر من مرة عن مبرر لهذا
الكتاب، وللتأكيد بأنه ليس مفاضلة عن كتابات الرجل، وهذا يحمل في جذوره
(التخوف) أو الحذر الشديد من مغبة التفسير المغلوط، واعتبار هذا تحيز غير
مشروع.
ولربما لهذا السبب أيضا، تجفل غالبية الكاتبات العربيات ــ
الشاعرة والقاصة والروائية - من مغبة اعترافها أو قبول تصنيفها في باب (كتابة
نسوية)، بيمنا لا أحد يتزعزع، أو تثار حميته لو تحدثنا عن أدب مهجري جديد أو
قديم، عن القصيدة العراقية في المنفى، عن أدب خليجي، أدب عماني... مثلا، وأعتقد
أن جذور هذا الخوف تتعالق وتتشابك مع الخصوصية الدونية التاريخية التي عاشتها
وما تزال المرأة العربية بدرجة كبيرة، والمرأة في العالم بدرجات متفاوتة، من
القمع والتهميش والظلال.
ولا خلاف على أن الإبداع إنساني أو يجب ألا يكون خارج ذلك،
إذ يكفي الهباء والموت الذي يكبل شوارع العالم.
الكتاب: الخطاب القصص النسوي/ نماذج من سوريا المؤلفة: د.ماجدة
حمود / سوريا
لناشر: دار الفكر / عام 2001 /خاص القصة السورية
حرر في 07/11/ 2004
/ المصدر: الكاتبة (
للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول
أدب المرأة )
جنس المحارم في
القصة
علاقة الابن بامه
انموذجا
بقلم الكاتبة:
داود سلمان
الشويلي
يربط علم النفس الفرويدي خاصة ،
بين الابداع – أي كان نوعه – والكبت ، وقد درست حالة الابداع دراسة نفسية ، و
توصلت الى ان :( "الشحنة الانفعالية" "للهو" أو "الأنا" أو "الأنا الأعلى" التي
تولد القلق، وقد تمنع من الانطلاق إلى سطح الشعور، أو قد تتصدى لها شحنات
انفعالية مضادة، أو القضاء على شحنة انفعالية أو وقفها بواسطة شحنة انفعالية
مضادة يسمى كبتا" فالتركيب المعقد للنفس في انفعالاتها وشحناتها العاطفية خاصة
في تدخل "الهو" تمثل الجانب الغرائزي المادي الذي يحاول دفع السلوك اللاّشعوري
للانطلاق إلى سطح الشعور، حتى تتحقق على أرض الواقع، ولكن "الأنا الأعلى" الذي
يمثل مجموعة القيم الروحية والاجتماعية والأخلاقية تحاول أن تقف في وجه "الهو"
حتى لا يطفو على السطح، ويتجسد في سلوك الإنسان هذا الصراع بين "الهو" و"الأنا
الأعلى" ينتج عنه كبت لكثير من السلوك والذي يكون مصدراً لكثير من النصوص
الإبداعية ). (1)
إن نظرة "فرويد" إلى المبدعات
الفنية الكبرى لا تخرج عن كونها تؤكد الاصل الكبتي للإبداع، إذ إنّ المبدعات
الفنية عنده ليست إلاّ تعبيراً عن مكونات الطفولة، ودوافعها الملحة. (2)
وقد ناقش الجاحظ – ككاتب عربي
اسلامي قديم - في اغلب كتبه قضية الجنس ، وتوصل الى ان : الجنس امر مشاع بين
االمخلوقات، الا ان الشرع قد قنن هذه العلاقة . اذن ، فالتحريم جاء من الشرع
وليس من طبيعة الاشياء.(3 )
***
وقد اخترت نموذج الدراسة
هذا:(علاقة الابن بامه) ،لا لانه نموذج من العلاقات الجنسية الوحيد في الادب
والواقع على السواء ، فهناك نماذج من العلاقات الاخرى التي قدمها الادب -
والادب المكشوف خاصة- وكذلك ما يزخر به الواقع الحياتي من صور له، ومنه نموذج
العلاقة بين البنت وابيها(4) او الاخت باخيها.
ونحن اذ نتناول هذا النموذج وننوه
عن النماذج الاخرى، لا ننطلق من موقع رجل الدين وقضيته الاساس في الحلال
والحرام ، او من موقع عالم الاجتماع او عالم النفس او عالم الاخلاق،وانما ننطلق
من دراسة النموذج من الوجهة الادبية المقارنة حسب.
امامنا ثلاثة اعمال ادبية تتحدث
عن علاقة الام بابنها او علاقة الابن بامه ، وعمل رابع اسطوري مستل من قصص الف
ليلة وليلة، وهو عمل ادبي عربي بحت، وهذه العلاقة قد افضت الى:
1- جنس المحارم حسب المفهوم
الشرعي الديني ، والعلاقات غير المشروعة عرفا . (قصة حبيبي لؤي وقصة ماما
مارلين مونرو).(5)
2- فشل الابن ليلة زواجه من
القيام بواجباته الزوجية ،وانكفائه على نفسه. (رواية السراب).
3 – قتل الام (شبحها العاري).
(اسطورة جودر).
***
سبق ان قدمت دراسة مقارنة بين
اسطورة جودر – الالف ليلية - واسطورة اورست (الاغريقية) ورواية السراب في كتابي
(الف ليلة وليلة وسحر السردية العربية)(6) ، وتوصلت الدراسة الى نتيجة مفادها
ان تراثنا العربي لا يخلو من الكثير من الاساطير التي يمكن من خلالها دراسة
اعمالنا الادبية دون الاتكاء على ما في اساطير اليونان والاغريق التي حاول كتاب
المسرح وكذلك علماء الاساطير وعلماء النفس الغربيين ، ومن ثم العرب، من توسيع
رقعة نشرها والافادة منها ، في دراسة بعض الاعمال الادبية.
***
في اسطورة الليالي، تروي شهرزاد
اسطورتها الى زوجها الملك شهريار ، ومن خلال هذا الحكي ينتقل الضمير بين ان
يكون ضمير المتكلم على لسانها مرة، وبين ان يكون على لسان ابطالها مرة اخرى،
او ان يكون بضمير الغائب.
فيما رواية السراب يقدمها بطلها
كامل رؤبه لاظ على لسانه ، فيقول: :( "إني أعجب لما يدعوني للقلم، فالكتابة فن
لم أعرفه لا بالهواية ولا بالمهنة.. الخ" نفهم من هذه البداية، أن بطل السراب
هو الذي يتحدث إلينا من خلال تسجيله لما مر من حياته، بضمير المتكلم، حيث يعود
بنا إلى الوراء، إلى أيام الطفولة، أيام كان يعيش في بيت جده مع والدته).(7)
اما قصة (حبيبي لؤي) فقد قدمت احد
اثهاعلى لسان الام (بضمير المتكلم).
و قصة (ماما مارلين مونرو) قدمت
الاحداث فيهاعلى لسان راو كامل العلم.
***
تبدأ احداث اسطورة جودر من لحظة
سفر جودر مع التاجر المغربي(اذا تجاوزنا الاحداث الممهدة لها)، والدخول الى
بناية لها سبعة ابواب تحت ماء النهر ، وخلف الباب السابع يرى (شبح)امه التي
يطلب منها ان تخلع ثيابها ، فيقوم بقتلها حسب تعليمات التاجر المغربي لينتهي
مفعول الرصد السحري للكنز.
فيما تبدأ رواية السراب من موت
الام ، ويبدأ بطلها بتذكر مراحل حياته بالتفصيل.
اما قصة (حبيبي فؤاد) فتبدأ
احداثها عندما تتذكر الام حياتها مع زوجها المتوفي ، وكيف انها سمحت لولدها ان
يمارس الجنس معها، بعد ان كان فعل الصبي – ابنها- في البداية فعلا لا اراديا.
وفي قصة (ماما مارلين مونرو) يروي
الراوي الكلي العلم احداث القصة ، بدء من حلم الابن الذي بدأت به القصة ، حتى
الممارسة الجنسية ، وكنت اتمنى ان يكون الراوي للاحداث هو الابن لا الراوي
المراقب للاحداث.
***
اسطورة جودر:
يقول التاجر المغربي لـ ((جودر)):
((اعلم أنني متى عزمت ألقيت
البخور نشف الماء من النهر وبان لك باب من الذهب قدر باب المدينة بحلقتين من
المعدن فانزل إلى الباب واطرقه فإنك تسمع قائلاً يقول: من يطرق باب الكنوز وهو
لم يعرف أن يحل الرموز؟ فقل أنا جودر الصياد ابن عمر فيفتح لك الباب ويخرج لك
شخص بيده سيف ويقول لك: إن كنت ذلك الرجل فمد عنقك حتى ارمي رأسك، فمد له عنقك
ولا تخف فإنه متى رفع يده بالسيف وضربك وقع بين يديك وبعد مدة تراه شخصاً من
غير روح وأنت لا تتألم من الضربة ولا يجري عليك شيء. وأما إذا خالفته فإنه
يقتلك. ثم إنك إذا أبطلت رصده بالامتثال. فادخل حتى ترى باباً آخر فاطرقه يخرج
لك فارس راكب فرس وعلى كتفه رمح فيقول: أي شيء أوصلك إلى هذا المكان الذي لا
يدخله أحد من الأنس ولا من الجان؟ ويهز عليك الرمح، فافتح له صدرك فيضربك ويقع
في الحال فتراه جسماً من غير روح وإن خالفت قتلك، ثم ادخل الباب الثالث يخرج لك
آدمي وفي يده قوس ونشاب ويرميك بالقوس فافتح له صدرك ليضربك ويقع قدامك جسماً
من غير روح وإن خالفت قتلك ثم ادخل الباب الرابع واطرقه يفتح لك، ويخرج لك سبع
عظيم الخلقة ويهجم عليك ويفتح فمه ويريك أنه يقصد أكلك فلا تخف ولا تهرب منه،
فإن وصل إليك فأعطه يدك فمتى عض يدك فإنه يقع في الحال ولا يصيبك شيء ثم اطرق
الباب الخامس يخرج لك عبد أسود ويقول لك من أنت قل له أنا جودر فيقول لك إن كنت
ذلك الرجل فافتح الباب السادس، فتقدم إلى الباب وقل له: يا عيسى قل لموسى يفتح
الباب، فادخل تجد ثعبانين أحدهما على الشمال والآخر على اليمين، وكل واحد يفتح
فاه ويهجمان عليك في الحال، فمد إليهما يديك فيعض كل واحد منهما في يد وإن
خالفت قتلاك ثم ادخل الباب السابع واطرقه تخرج لك أمك وتقول لك مرحباً يا ابني
أقدم حتى أسلم عليك فقل لها خليك بعيدة، اخلعي ثيابك. فتقول يا ابني أنا أمك
ولي عليك حق الرضاعة والتربية، كيف تعريني؟ فقل لها إن لم تخلعي ثيابك قتلتك.
وانظر جهة يمينك تجد سيفاً معلقاً، فخذه واسحبه عليها وقل لها اخلعي فتصير
تخادعك وتتواضع إليك فلا تشفق عليها حتى تخلع لك ما عليها وتسقط، وحينئذ تكون
قد حللت الرمز وأبطلت الأرصاد، وقد أمنت على نفسك، فأدخل تجد الذهب…)).(8)
***
رواية السراب:
تبدأ رواية السراب. بالسطور
التالية: ("إني أعجب لما يدعوني للقلم، فالكتابة فن لم أعرفه لا بالهواية ولا
بالمهنة.. الخ" نفهم من هذه البداية، أن بطل السراب هو الذي يتحدث إلينا من
خلال تسجيله لما مر من حياته، بضمير المتكلم، حيث يعود بنا إلى الوراء، إلى
أيام الطفولة، أيام كان يعيش في بيت جده مع والدته.. وكانت أمه قد تزوجت من
أبيه الرجل الذي كان يعيش "عالة" على والده الثري، وما ورثه من إرث عن عمه..
وقد أنجبت منه ولداً وبنت.. وكان الأب ذاك سكيراً شريراً مما نتج عن سلوكه هذا
الكثير من المشاكل بينه وبين أم كامل، فكانت أمه بين الحين والآخر، تترك بيت
زوجها لتعود إلى بيت والدها.. وفي مرة أعادها والدها إلى بيت زوجها وطفليها،
فكان أن حملت به، وولدته.. لكن المشاكل عادت مرة أخرى، فتم الانفصال النهائي
بين الزوجين، فعاش "كامل" مع أمه في بيت جده مدللاً، وقد زاد اهتمام أمه به
للتعويض عن الزوج والأطفال.. حيث نشأ نشأة غير صحيحة، إذ كان ينام مع أمه في
سرير واحد حتى سن متأخرة، وكان يدخل الحمام معها.. فنشأ خجولاً، خائفاً، غير
قادر على عمل شيء بنفسه.. وكان لسلوك أمه هذا، وتربيتها السيئة الأثر الكبير في
زرع الخوف والعجز داخل نفسه، كما فشل في حياته الزوجية. عندما كان طالباً في
الثانوي أحب -من طرف واحد- فتاة كان قد رآها وهي ذاهبة إلى المدرسة. بعد أن
توظف أخبر أمه عن عزمه في الزواج فانتبهت الأم لما حصل له من تغير وخوفاً منها
من انفصاله عنها بالزواج راحت تذكره بزواجها الفاشل (ص112) وما آل إليه من وضع
سيئ يعيشانه سوية. لكن رياح الابن تجري بما لا تشتهي سفن الأم إذ يخطب بنفسه
الفتاة التي يحبها- رباب- من أبيها ويتزوج منها والأم كارهة لذلك. وفي ليلة
العرس الأولى لم يستطع كاملمن عمل شيء مع زوجته وتمضي الأيام بهما دونما تقدم.
وبمشورة من أم رباب يوافق كامل على قيام صباح الخادمة بفض بكارة رباب عندها
يقول في نفسه: "ولست أخفي أني شعرت بارتياح إلى اقتراح الأم. (9)فهو يزيل عقبة
من سبيلي ويخليني من بعض المسؤولية ويعفيني من مراقبة الأم". (ص234) ).(10)
***
القصتان القصيرتان:
اما في القصتين القصيرتين (حبيبي
لؤي ، ماما مارلين مونرو) فاننا لا نجد حادثة القتل ، بل حادثة ممارسة جنس
المحارم، اذ ان الابن والام على السواء يرغب احدهما في الاخر جنسيا .
وربما يتساءل البعض : ما الرابط
بين الحادثتين ، القتل وجنس المحارم؟
انه سؤال مشروع لمن يريد ان يفهم
النصوص فهما ظاهريا ، اما من يريد التعمق في ذلك، فالدراسة ترى ان كل احداث
النصوص المدروسة قد بني على العلاقة غير السوية بين الام وابنها ،والتي ادت الى
قتل الام المعنوي ، ان كان ذلك من خلال قتل الشبح (اسطورة جودر) او من خلال
ممارسة الجنس الدال على الوصول الى مرحلة الرجولة ، والذي يدل او يرمز الى قتل
الام المعنوي ، الرامز الى الخروج من هيمنتها وسيطرتها ، أي الاستقلالية.
ان التماهي الذي تنشئه – لا
اراديا في غالب الاحيان - الام بين زوجها وبين ابنها – مع فارق العمر – هو
الاساس الذي تنبني عليه العلاقة الجنسية بينهما ، خاصة عندما يكون الزوج غائبا
، لسبب ما .
***
ان دراسات علم النفس الفرويدية ،
خاصة ، تؤكد على وجود علاقة لا شعورية بين الابن والام ، كما بين البنت وابيها
، وهذه العلاقة التي تنمو في اللاشعور – في العقل الباطني - تطفوا - بعض
الاحيان- على سطح هذا العقل ، فتاخذ لها صورا عدة ، ومن هذه الصور ،الممارسات
الجنسية التي اصبحت واحدة مما دعي بجنس المحارم، ابتداء من الممارسة في الحلم
وانتهاء بالممارسة الحقيقية، مرورا بالتخيلات والتصورات عند بعض الشباب الذين
يمارسون العادة السرية، و الشباب الذين يمارسون الجنس اللا مشروع (11) (مع
الصديقة او المومس)، كما حدث لكامل رؤبة لاظ مع عنايات، اذ لم) تكن عنايات سوى
الصورة الثانية للخادمة الدميمة، والصورة المعكوسة للأم.. على الرغم من أنها
مطابقة لها من ناحية السن إلى حد ما، حيث كانت تداعبه قائلة: -"يا كتكوتي" ص312
كما تداعب الأم طفلها).(12)
واذا كان الكاتب نجيب محفوظ قد
ابعد بطله من الممارسة الحقيقية مع الام،مع العلم ان الاجواء العامة كانت مهيئة
لذلك ، وكذلك من ان يصرح بالتصورات والتخيلات المخبوءة في لا شعور كامل عن
الممارسة الحقيقية تلك عند ممارسة الجنس مع عنايات، فانه – الكاتب – كان امينا
للرقابة المجتمعية في عدم طرح مثل تلك الموضوعات ، الا انه قد المح الى ذلك من
خلال ما كانت تمثله عنايات من صورة التطابق للأم في السن خاصة ، وكذلك فشل
الممارسة الجنسية مع الزوجة لما كانت تمثله له من تطابق في الجمال الظاهري
لجمال الام ،فقد جاء اختياره لرباب لتكون زوجة له بدافع لا شعوري ، كونها تشبه
أمه مع بعض الاختلافات الطفيفة. (فوالدته كما بدت له، في الصورة القديمة
"بقامة طويلة وجسم نحيل ووجه مستطيل وعينين واسعتين خضراوين وأنف دقيق مستقيم"
ص8 فيما كانت رباب تتصف بـ "قامة طويلة وقد نحيف رشيق وبشرة قمحية(......)
ووجها مستديراً (......) وأنفاً صغيراً دقيقاً" ص85 أي إن رباب هي الصورة
المطابقة لأمه من ناحية الجمال الجسدي بالنسبة له، مع فارق قليل سنتعرف عليه في
وجه "عنايات". فالقامة طويلة، والجسد"القد" نحيل "نحيف"، والأنف دقيق مستقيم
"صغير دقيق".. أي أن كاملا قد اتجه " لا شعورياً" إلى هذه الفتاة عند محاولته
التحرر من سيطرة الأم، فعاد إليها مرة أخرى.( .(13)
اذن، نحن ليس امام تجربتين في
الممارسة الجنسية ، بل امام تجربة واحدة ذات وجهين ، احدهما فاشل ، والاخر ناجح
.
نجحت تجربة ممارسة الجنس مع
عنايات بسبب قبح ودمامة عنايات ، وهذا القبح يقف بالضد من جمال الام ، اذن فهو
قد مارس الجنس مع الصورة القبيحة للام ، لما تشكله هذه الممارسة (جنس المحارم)
من علاقة لا مشروعة ، وفشلت في الان نفسه تجربة ممارسة الجنس مع الزوجة ، أي
فشلت مع الصورة الجميلة للام ، أي فشل العلاقات المشروعة.
واذا كان نجيب محفوظ قد وقع تحت
سلطة الرقيب الجمعي الاجتماعي– على اقل تقدير – الذاتي والموضوعي ، في ان يلمح
ولا يصرح ، فان الف ليلة وليلة ، وما تمثله من ادب مكشوف – عند البعض - الى حد
ما ، قد صرحت بالفعل المتماهي مع فعل الجنس مع الام ، وهو فعل قتل شبح الام
العاري ، دون ان ننسى ان ذلك قد حدث بفعل سحر التاجر المغربي ، أي كان ايهاما
ليبعد عنه تهمة الزنا بالمحارم.(14).
فيما كان النصان القصصيان قد كتبا
تحت الحاح ذائقة جنسية مكشوفة ، لهذا جاءتا مصرحة لا ملمحة لفعل الجنس .
***
ان القتل الذي حدث للام من قبل
ابنها – قتل شبحها العاري في الليالي ، وقتلها بصورة غير مباشرة في السراب -
كان صورة اخرى لممارسة جنس المحارم ، فعندما تمارس الجنس مع الام تحولها من ام
الى زوجة ، أي تلغي عنها صفة ودور الام لتبقى الزوجة ، أي تقتل الام.
وكذلك في النصين القصصيين ، فقد
تحولت الام الى زوجة ، ان كان ذلك تلميحا او تصريحا .
فاذا كانت الام في قصة (لؤي
حبيبي) قد احست بانتصاب العضو الذكري(15) لابنها الصبي، وهو يتحرك قرب عجيزتها
اثناء نومه ، فان الام في (ماما مارلين مونرو) قد طلبت هي بنفسها ان يمارس معها
ابنها الجنس على الرغم من ان السبب كان مقبولا عندها الى حد ما في انها تريد
منه ان يحافظ على سائله المنوي ، فضلا عن انها لا تريده ان يمارس الجنس مع أي
فتاة اخرى سواها خوفا عليه من الحسد،و (وما يحاولوش يؤذوك بالسحر والحاجات
الوحشة) ، وهذا يذكرنا برواية السراب وخوف الام على ابنها من الزواج،الا ان
القصة المحت الى ان الام كانت متلهفة لتلك العلاقة عندما سألت ابنها عن حلمه :
( فسألت الأم الصبى بصراحتها التى عودته عليها ، هل كنت تحلم بمارلين مونرو؟ أم
كنت بتحلم بى أنا ؟؟)، ثم من خلال تبادل القبل المثيرة جنسيا .
اما قصة (لؤي حبيبي) فكان الاثنان
– الام وابنها – ينامان في سرير واحد ، ويستحمان في حمام واحد في الوقت نفسه ،
والام تخاف عليه لانها فقدت الزوج ، -وكل هذا يذكرنا برواية السراب والقصة
الثانية واسطورة جودر الى حد ما- .
وفي ليلة ما ، تشعر الام بالعضو
الذكري لابنها ينتصب محتكا بعجيزتها وهو يغط في نوم عميق ،فتعلل ذلك بسبب
حرارة الغطاء:( قلت ربما هي حرارة اللحاف قد جعلته ينتصب)،الا انها تندهش لحجمه
غير العادي بالنسبة لعمره ، وهذا بداية التفكير به بجدية ، ثم انها تتركه في
مكانه لانها كما تقول: ( لا لاحساسي بنشوة ما ولكن ليبقى دافئا.)، او قولها
عندما وجدت عضوه في ليلة اخرى بين فخذيها فتفكر بعزل فراشة الا انها ترفض
الفكرة: (اذ لا استطيع ان افكر للحظة واحدة ان ابني سيبتعد عني ، فابعدت الفكرة
على تفكيري) وهي اعذار غير مقبولة اجتماعيا على اقل تقدير ، وفي ذلك – كما ترى
الدراسة – سبب اخر للتفكير به، أي لقبول الممارسة الجنسية معه ،خاصة بعد ان
وجدت عضوه يذكرها بعضو زوجها من حيث الحجم والطول.
اذن ، كانت الام في النصوص
المدروسة مهيأة لممارسة الجنس(16) مع ابنها للاسباب الاتية:
1- فقدان الزوج، وما يشكله الابن
من ضمانة اكيدة في حمايتها من مصاعب ومتاعب الحياة كبديل عنه ، أي ياخذ دور
الاب في الحياة.
2- التماهي بين الزوج –الاب وبين
الابن في نظر الام.
3- العيش في مكان واحد معا
لمفردهما.
4- الحب الزائد والمفرط للابن.
5- احتياجها للجنس، وخوفها من
اقامة العلاقات خارج بيتها.
***
ومن المفيد ان نذكر ، ان الصبيين
في القصتين ، كانا اكثر حياء من امهما ، اذ عندما بستيقظ لؤي من منامه ويرى
عضوه بين فخذي امه، يصرخ خائفا باكيا: ( امي والله لم اكن اشعر بشيء ... كنت
نائما ... لا اعرف ماذا حدث؟)،لهذا تقول له : ( ليس لك ذنب في ذلك ... انه
النضوج يا ابني ... لقد نضجت واصبحت رجل كامل الرجولة وعليك ان تفرح).
اما في قصة ماما مارلين، فقد:
(نظر الصبى لأمه يتوسل الى قلبها الحنون ألا تغضب ، وهمس ، راح أقول لك بس
ماتزعليش وأنا راح أغسل كل حاجة...الخ). فترد عليه باسمة :( وضمت صغيرها
العارى المبلول فى جسدها بقوة ، وهمست له همسة العاشقة ، مااتخافشى من ده خالص
ياحبيب قلب أمك ، ده اسمه اللبن ، أو السائل المنوى اللى بيبقى مليان الحيوانات
المنوية ، علامة على أنك كبرت ومابقيتش عيل خلاص ـ انت كدهه بقيت راجل خلاص).
اما في الاسطورة ، فيفشل جودر اول
مرة في قتل الام العارية ، الا انه ينجح في المرة الثانية .( وعندما تتوسل إليه
في أن يتركها بعد أن لم يبق على جسدها سوى ما يستر عورتها أمامه، يذعن
لتوسلاتها ناسياً نصيحة المغربي، عندها تصيح قائلة: (قد غلط) وتطلب من الآخرين
ضربه وطرده خارج الأبواب(...) ومن ثم إعادة المحاولة مرة ثانية في العام
القادم(...) إن وصول (جودر) إلى الكنز ومن ثم إخراجه لـه دلالاته النفسية//
الاجتماعية. لما فيه من دلالة رامزة إلى الرجولة) (17).
وبعد ان يقتلها ويخرج الكنز وياخذ
حصته منه ،يتزوج ، وهذا معناه الاستقلال عن الام ، أي الوصول الى مرحلة
الرجولة.
وفي رواية السراب ، نرى الام قد
تنبهت بعد 25 عاما من عمر ابنها الى انه قد اصبح رجلا ،فتتوجس خيفة من ذلك :
(بعد أن توظف أخبر أمه عن عزمه في الزواج فانتبهت الأم لما حصل له من تغير
وخوفاً منها من انفصاله عنها بالزواج راحت تذكره بزواجها الفاشل). (ص 112-
الرواية) هذا هو سبب الخوف الذي انتاب الام ، وهو الخوف نفسه الذي شعرت به
امهات الاخرين في النصوص المدروسة .
ان ما تريد ان تصل اليه هذه
الدراسة هو : ان النصوص الابداعية الجديدة – مع اختلاف الدرجة والنوع - والتي
كتبت تحت ما يسمى بالادب المكشوف قد ازيل عنها حاجر الرقيب في تفكير الانسان
فسمى الاشياء باسمائها دون التلميح عنها ، وهذا ما اعادنا – كعرب في بيئة مسلمة
– الى ما تناوله وناقشه اجدادنا من موضوعات شبيهة قبل مئات السنين، وكانوا اكثر
جرأة منا في الطرح نحن ابناء القرن الواحد والعشرين .
فلو عدنا الى المكتبة العربية –
والاسلامية خاصة– وما فيها من كتب – نثرية او شعرية - كتبت قبل مئات السنين،
لوجدنا الكثير الذي ناقش بصراحة وجدية هذا الموضوع الذي اصبح اليوم ضمن
التابوات الكثيرة للمجتمع تحت لافتات شتى .
ان كتب مثل : (عودة الشيخ الى
صباه) و (نواضر الايك في معرفة النيك ) ، وبعض كتب الجاحظ والانطاكي والتنوخي
وابن الجوزي وابن حزم وابن داود والسراج وابن قيم الجوزية ، وتطول القائمة ،
فضلا عما وصلنا من حكايات تسمى بحكايات العامة الا انها كانت منتشرة حتى في
مجالس الخاصة واهمها كتاب (الف ليلة وليلة) ، وكذلك ما ذكرته اغلب قصائد فحول
الشعراء خير مثال على ذلك.
ان ما ينشر هذا اليوم على مواقع
النت من ادب مكشوف يهتم اساسا بأليات العملية الجنسية - وعلى الرغم من اننا لا
يمكن ان نسمي اغلبه ادبا بالمعنى الفني - يؤشر الى جملة امور:
- ان الرقابة – الرسمية وغير
الرسمية – قد تهاوت امام اصرار الشباب عن التعبير عن مشاعرهم واحاسيسهم .
- ان الكبت الذي (18) كان يكبل
الشباب والشيوخ الذين كانوا شبابا قد رفع القيد عنه.
- العودة الى تسمية الاشياء
باسمائها دون الخشية مما يسمى بقيم العيب المتعارف عليها بدون وجه حق .
- ان طرح موضوعة (جنس المحارم)
(19) من خلال تلك النماذج القصصية يؤشر الى امر هام وخطير في ان واحد، هو ان من
راح يكتب مثل هذه النصوص قد بدأ بالتحرر من الكبت الجنسي عنده من خلال
الكتابة، لما فيها من حرية تمنحها للخيال الخصب عندهم .
الهوامش:
(1) انظر
الشـــعر العــــذري - فــي ضــــوء النقـــد العربي الحـــديث (دراســـة فـي
نقـــد النقــــــد)- محمد بلوحي - منشورات اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 2000.
(2) المصدر
السابق.
(3) انظر
:الحيوان 3 ص167.
يقول كاتب معاصر
عن عصرنا وربما قوله ينطبق على العصور التي خلت منذ خلق ادم : (في سن الشباب في
عصرٍ ليس من السهل الصمود فيه امام تحريك الاحاسيس وحاجة الانسان لاشباع هذه
الغريزة ) – انظر مقدمة صفاء الدين الصافي لكتاب (المتعة) لمؤلفة الدكتور السيد
علاء الدين المنشورعلى النت.
(4) اقرا على
سبيل المثال القصص القصيرة للقاص العراقي فؤاد التكرلي التي طرح فيها موضوعة
جنس المحارم ، وقد استقى الكاتب اغلب هذه الموضوعات من قضايا المحاكم التي كان
يشغل فيها حاكما.
(5)نشرت دون
عنوان ،وسأطلق عليها عنوان:ماما مارلين مونرو
(6) الف ليلة
وليلة وسحر السردية العربية– داود سلمان الشويلي – اتحاد الكتاب العرب – دمشق –
2000.
(7) المصدر
السابق.
(8) المصدر
السابق.
(9) في موضوعة فض
غشاء البكارة ،ومن خلال قراءة معمقة للرواية نفهم ان هذا الموضوع يشكل قضية
كبيرة في الثقافة العربية لانه الفيصل لمقياس الشرف والعفة عند الفتاة ، اذ
جعله الكاتب اكبر مانع امام كامل – وامام بعض الرجال في الواقع – في ممارسة
الحياة الزوجية السوية ، وكأن الكاتب يقول: لولا هذا الغشاء لعاش كامل حياة
زوجية سوية .
(10)المصدر
السابق.
(11) لا اقول
الشرعية لاني لا اتحدث هنا عما هو شرعي او غير شرعي ، اذ يرى الكاتب ان هناك
فرقا كبيرا بين المصطلحين ، فاذا كان احدهما ينطلق من حاضنة دينية فالثاني
ينطلق من حاضنة اجتماعية عرفية ، وايضا فالكاتب يعي جيدا ان الاعراف والقيم في
المجتمع العربي المسلم ليست كلها تنطلق من الحاضنة الاسلامية.
(12) الف ليلة
وليلة وسحر السردية العربية - مصدر سابق .
(13) المصدر
السابق.
(14) اعتمادا على
الفهم الاسلامي للزنا ، فان النظر بالعين يعد زنا ايضا ، ولما كان جودر راى امه
عاريا فهذا يعتبر زنا عين بالمصطلح الشرعي.
(15) تعددت
الاسماء التي يطلقها العرب على الاعضاء التناسلية للذكر او الانثى ، ان كان ذلك
اعتمادا على العمر، او اعتمادا على اللهجات المحلية للاقطار العربية ،او
استخداما للفظ الفصيح ، وكان احد اسباب تعدد الاسماء هو الحياء الديني او
الاجتماعي او اختلاف اللهجة المحكية ، وفي القصتين لم يلتفت كاتبيهما لمسألة
الحياء العرفي او ارجتماعي او الاخلاقي وحتى الديني ،فاسموا العضو الذكري بـ (
العير ) والعضو الانثوي بـ (الكس ) ،وهي اسماء مشهورة لهما في المنطقة العربية
لكنهما غير مستخدمان في اللغة او الكلام.
- وعن هذا
الموضوع فقد تحدث ابن قتيبة في مقدمة كتابه "عيون الأخبار":
(وإذا مر بك حديث
فيه إفصاح بذكر عورة أو فرج أو وصف فاحشة فلا يحملنك الخشوع أو التخاشع على أن
تُصعّر خدك وتعرض بوجهك فإن أسماء الأعضاء لا تُؤْثِم، وإنما المأثم في شتم
الأعراض، وقول الزور والكذب، وأكل لحوم الناس بالغيب). ("عيون الأخبار" لابن
قتيبة. المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر. القاهرة
1963) .
(16) لا ننسى ان
اسطورة جودر لا تقدم ممارسة جنسية بين الام وابنها ، وانما الاحداث تدل دلالة
كافية على ذلك ،ويمكن ان نستنتج منها ان قتل الام العارية هو ممارسة جنسية
بمعنى اخركما المحنا الى ذلك في متن الدراسة ، وكذلك ، فأن موت الام في السراب
كان رد فعل لزواج الابن وما يشكله هذا الزواج من ابتعاده عنها ، فضلا عن حدوث
الممارسة الجنسية الناجحة للبديل القبيح للام وفشلها مع البديل المطابق لجمال
الام. كما ان ممارسة الجنس بينهما في القصتين هو قتل للام عند حدوث الممارسة.
(17) الف ليلة
وليلة وسحر السردية العربية – مصدر سابق.
(18) يعرف الكبت
:بـانه ( "الشحنة الانفعالية" "للهو" أو "الأنا" أو "الأنا الأعلى" التي تولد
القلق، وقد تمنع من الانطلاق إلى سطح الشعور، أو قد تتصدى لها شحنات انفعالية
مضادة، أو القضاء على شحنة انفعالية أو وقفها بواسطة شحنة انفعالية مضادة يسمى
كبتا"(انظر : الشـــعر العــــذري – مصدر سابق).
(19) الكاتب هنا
لا يتفق مع ما طرح من قصص – مهما كانت فنيتها- في هذا الجانب، وانما هو يدق
ناقوس الخطر قرب اذان المختصين – علماء اجتماع وعلماء نفس ورجال دين متفتحين
وعلماء تربية– لدراسة هذه الظاهرة علميا ووضع الحلول لها ، وكذلك الظواهر
الاخرى ، كاللواط والسحاق.
أضيفت في25/01/2009/خاص
القصة السورية/ المصدر الكاتب
(
للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول
أدب المرأة )
|