أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | إصدارات أدبية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 15/08/2024

دراسات أدبية - أدب الرسائل / دراسات في أدب الرسائل1

مراسلة الكاتبدراسات في أدب الرسائل 1

 

 

لقراءة الدراسات

 

 

الدراسات

 مراسلة الكاتب

 وقفة مع الحبُّ السماوي بين مي زيادة وجبران خليل جبران مراسلة الكاتب

الكتابة على ورق المودة الأبيض رسائل السياب إلى أدونيس مراسلة الكاتب

نازك الملائكة في رسائلها لعيسى الناعوري تحسم مسألة الشعر الحر مراسلة الكاتب

 

 

وقفة مع الحبُّ السماوي

بين مي زيادة وجبران خليل جبران  

 

مراسلة الكاتب بقلم الكاتبة: د. ماجدة حمود

 

 

إذا كان يحق لتراثنا العربي أن يفخر بأنه أنجب شعراً يتناول قصص الحب العذري ("قيس وليلى" "جميل بثينة" "قيس ولبنى") فإننا اليوم نعايش امتداد هذه الظاهرة في أدبنا الحديث بفضل الحب السماوي الذي بزغت أنواره بين قلبي الأديبين مي زيادة وجبران خليل جبران، رغم أنهما لم يلتقيا أبداً، فقد كانت الرسائل المتبادلة بين القاهرة حيث تقيم (مي) ونيويورك حيث يقيم (جبران) هي وثيقة هذا الحب الفريد!‏

 

ولكن مع الأسف ضاعت معظم رسائل المرأة في الثلاثينيات وبقيت رسائل الرجل (كما ذاعت في الستينيات رسائل غادة السمان وبقيت رسائل غسان كنفاني) رغم أن (جبران) كان يعيش في أمريكا، حيث تتم العناية بكل ما يتركه الأديب، وفعلاً هذا ما حصل إثر وفاة جبران، إذ حافظت سكرتيرته وأخته على أعماله الأدبية والفنية وأشيائه!!...‏

 

هنا لابد أن نتساءل: هل المرأة أكثر حرصاً على رسائل حبها من الرجل؟ أم أن ميراث جبران قد تعرض لعملية سطو إثر وفاته، كي لا نظلم الرجل؟‏

 

نعتقد أن التساؤل الأول يخفي تعصباً نسوياً يهاجم وفاء الرجل، لذلك نميل إلى التساؤل الثاني، فقد ذكر ميخائيل نعيمة في كتابه عن حياة جبران أنه رأى تلك الرسائل لديه، لهذا من الأرجح أن تكون تلك الرسائل قد سرقت من قبل امرأة لبنانية أرادت أن تكون حبيبة جبران الوحيدة.‏

 

مهما تكن الإجابة فإن النتيجة واحدة، وهي غياب صوت المرأة في هذا الحب! كما غاب صوتها في الحب العذري الذي خلّده لنا الشعراء! وقد آلمني أن يضيع صوت المرأة في هذا العصر كما ضاع في الماضي، فحاولت نسج خيوط هذه العلاقة في "رواية الحب السماوي بين مي زيادة وجبران خليل جبران"، لعلي أقدّم معاناة المرأة عبر تخيل صوتها والاقتراب من تجربة حب فريد تعيشه المرأة معاناة يومية منذ تفتحها وحتى موتها!..‏

 

لم تكن مي امرأة عادية، فقد امتزجت في ملامح شخصيتها الريادة الأدبية بالريادة الاجتماعية في بداية القرن العشرين، لهذا كانت أولى خطواتها في هذا المجال هي الإقبال على التعليم والتفرغ للكتابة، وقد دفعها حبها للغة العربية أن تفتح بيتها، بتشجيع من والديها، لرجال الأدب، فكانت تحاورهم وتستمع إلى إبداعاتهم في صالونها الذي كانت تعقده كل يوم ثلاثاء، مما أثر إيجابياً على عملها الصحفي والأدبي، فقد عملت مع أبيها في صحيفته "المحروسة" التي افتتحها في القاهرة، كل ذلك في زمن لم تكن المرأة العربية تجرؤ على الخروج من المنزل وحدها.‏

 

لم تحاول مي الخروج من الأغلال الخارجية التي تقيد المرأة فقط، بل وجدناها تحاول الخروج من أغلال الذات، فكانت رائدة في محاولة التعبير عن أعماقها عبر الأدب (الرسائل، المقالة، الخاطرة الوجدانية التي وجدناها في كتبها) أي عبر أجناس أدبية تظهر صوت (الأنا) صريحاً واضحاً، وبذلك استطعنا أن نعايش أعماقها بكل ما يعتلج فيها من عواطف وأحلام وصراعات، إذ من المعروف أن الكاتبة العربية لم تجرؤ على الخوض في هذا المجال إلا بعد (مي) بأكثر من خمسين سنة، وهي، غالباً، حين تريد أن تعبر عن ذاتها تتخذ قناع الشخصية الروائية (وهذا ما فعلته الأديبة غادة السمان في روايتها "الرواية المستحيلة فسيفساء دمشقية"(1997). والتي إلى الآن لم تصدر الجزء الثاني المتعلق بمرحلة الشباب، وتوقفت عند مرحلة الطفولة والمراهقة!!).‏

 

هنا يجدر بنا أن نوضح أن (مي) لم تكن في بداية علاقتها بجبران امرأة منطلقة في التعبير عن ذاتها، فقد اكتفت في البداية بالعلاقة الفكرية، بل دعت جبران للالتزام بحدودها، فاتسمت لغتها بالحذر، وتحصنت باللهجة الرسمية في الخطاب، فأخفت مشاعرها بألف قناع، حتى وجدنا جبران يتساءل مستغرباً شدة ترددها وحذرها: "أهو الخجل أم الكبرياء أم الاصطلاحات الاجتماعية". لعله كان يقارنها بالمرأة التي التقى بها في الغرب، والتي تتمتع بحرية التعبير عن أعماقها! دون أن يغفل عن خصوصية المرأة الشرقية وضغط القيود الاجتماعية عليها، مما تضطرها إلى الاحتماء بالخجل تارة وبالكبرياء تارة أخرى!..‏

 

من المؤكد أن (مي) في البداية سعت إلى توظيف المراسلة بينها وبين أديب مشهور، كي تجعلها عاملاً في تطويرها الفكري والأدبي، ولم تتوقع أن تقع أسيرة كلماته، لكنها حين أحست أنها بدأت تحرك عواطفها وتمتّع ذائقتها الفنية معاً، بدأت بالتهرب منها!..‏

 

هنا لا نستطيع أن نفصل بين مي الإنسانة والأديبة، فقد عشقت مي الأديبة كلماته ربما قبل المراسلة، وازدادت عشقاً لها بعدها، فانقلب العشق الفني إلى عاطفة متأججة يأباها عقلها، لهذا ملأ التردد ذاتها، وشاعت لديها الصرامة في محاسبة الذات ومحاسبة الطرف الآخر (المرسل) على كل كلمة، لهذا وصفها جبران في إحدى الرسائل بـ(الموسوسة) التي لا تعرف سوى التردد، من هنا لن نستغرب تكرار هذه الأفكار والمواقف التي نستشفها من رسائل جبران، فهي محبة يعجبها الاستمرار مع جبران في مثل هذه المغامرة، لكن سرعان ما يؤرقها صوت العقل الذي يذكرها بالواقع الاجتماعي الذي يعلي قيمة الأسرة والزواج في حياة المرأة، ولم يعتد مثل هذه علاقات الصداقة والحب بين المرأة والرجل دون رابط شرعي! كما يذكرها صوت العقل بوقع الزمن الذي لا يرحم المرأة، فكانت تنقطع عن مراسلته أشهراً طويلة، ثم تعود، ومع عودتها كانت تضطر لمعاودة الحوار مع ذاتها لإقناعها بضرورة علاقتها مع جبران، وقد كانت تعيش صراعاً دائماً مع ذاتها، فتتكرر محاسبتها لها، لهذا كانت تتكرر أسئلة جبران مستفهماً أسباب الانقطاع، فكانت تدافع عن وجهة نظرها بترداد حججها نفسها، التي تزداد مع الأيام وجاهة وإقناعاً! إذ تنطلق باسم العقل الذي لا ينفصل عن المشاعر كما يعتقد الكثيرون!! كما نجدها تنطق باسم المجتمع حيث كانت أمها أحد الأصوات القوية التي تردد على مسامعها أن الزمن لا يرحم وأن الاستقرار ضروري للمرأة!‏

 

لهذا كله انتظرت حوالي اثنتي عشرة سنة لتصرح بعواطفها كتابة لجبران، ولتبين له أن الورق هو الذي منحها الجرأة، وأنه لو كان يشاركها العيش في بلدها لما جرؤت على ذلك! لكن يبدو أن التصريح لم يجلب لها الراحة المتواخاة، أو الأمل بعرض للزواج يأتيها من جبران! لذلك تعود إلى ترددها وتهربها خاصة بعد أن غزا الشيب مفرقها!.. لكن عاطفتها القوية تلح عليها بالكتابة، يضاف إلى تلك العاطفة حس إنساني مرهف بآلام الآخرين، لهذا كان قلقها على صحة جبران من أسباب عودتها للكتابة إليه أحياناً!..‏

 

لعل هذا التردد في قبول مثل هذه العلاقة الاستثنائية أحال حياتها إلى مأساة، فعاشت القلق والمعاناة في علاقة كان عزاؤها فيها هو الخيال والرحلة عبر الكلمة إلى عوالم مدهشة، تنأى بها عن الواقع واحتياجاته الطبيعية.‏

 

لم تستطع (مي) الركون إلى هذه العلاقة سوى لحظات تحلق بها بعيداً، ثم ترتطم بالأرض، فالمرأة المثقفة والأديبة كانت تبحث عن علاقة طبيعية، تعيش فيها عواطفها وأمومتها! وفي الوقت نفسه تحلق روحها فيها بعيداً عن المألوف في علاقة أقرب إلى الاستثناء!..‏

 

أعتقد أن روعة شخصية (مي) تجلت في كونها أنهت صراعها الداخلي حين تأكدت في النهاية من مرض جبران، فبدت لنا امرأة عاشقة وأماً حانية، تسعى للوقوف إلى جانب جبران في محنته!... فتحيطه بعواطف الحب والأمومة معاً!!..‏

 

إن المتأمل في قصة الحب هذه، لابد أن تدهشه قدرة المرأة على الحب والعطاء، فقد منحت رجلاً لم تره أبداً كل حياتها، حتى أصبح هذا الحب مأساتها وعزاءها معاً! فقد أحبت جبران عبر كلماته، وأخلصت له، حتى إنها عاشت تستمد القوة منها سواء في حياة جبران أم بعد وفاته!..‏

 

للوهلة الأولى تبدو لنا (مي) امرأة تعيش حياة منطلقة بالقياس إلى نساء عصرها الشرقيات، إذ استطاعت أن تجمع في صالونها أبرز أدباء عصرها (طه حسين، العقاد، الرافعي...)، وذلك بفضل سماتها الشخصية (الثقافة واللباقة والروح المرحة والإخلاص والصدق) مما يدفعني إلى الاعتقاد بأنها أسهمت في تطوير الحركة الثقافية في تلك الفترة، خاصة أنها خلقت جواً تنافسياً بين الأدباء، فكل واحد منهم كان معنياً بكسب ودها، بل عاطفتها! لكنها رغم ذلك ظلت امرأة شرقية متحفظة في علاقتها مع الرجل، إلى درجة أن العقاد قال لها يوماً: أنت تعيشين كراهبة في صومعة! فهي من الناحية الشعورية ظلت أمينة لعادات الشرق وتقاليده، لهذا استطاعت أن تنال احترام مجتمعها رغم اختلاطها بالرجال هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان ذلك خير دليل على إخلاصها لجبران!!..‏

 

لقد تجاوزت مي المألوف حين وجدت في كلمات الحب ملاذاً عاطفياً لها، فسجنت حياتها فيها، فاختارت حباً أشبه بالخيال على حياة عادية، فحرمت نفسها من دفء العائلة وضحت بسببها بالأمومة التي هي حلم كل امرأة!..‏

 

ولعل خير دليل على أهمية تلك الكلمات في حياة (مي) أنها عاشت متألقة في حياتها الاجتماعية والأدبية على وقع رسائل جبران، ولم تتدهور حياتها النفسية إلا بعد وفاة جبران (1931) إذ عدّت نفسها أرملته، فارتدت السواد عليه، ومما فاقم بؤسها وفاة أمها في إثره (1932) لعلها في تلك الفترة بدأت تشعر بعدم الرضى عن نفسها، واكتشفت أن قرارها بعدم الزواج لم يكن صائباً! وبدأت تحاسب نفسها بقسوة، فقد أحست بمدى الظلم الذي ألحقته بحياتها حين تعلقت بكلمات جبران، ووهبت شبابها لحب سماوي لا علاقة له بالواقع وبطبيعة البشر!..‏

 

لا يمكننا أن نحمّل الكلمة المجنحة المسؤولية عن تدهور حالتها النفسية وإغراقها في الكآبة، لأننا نلغي إرادتها في استمرار تلك العلاقة، التي جلبت لها الفرح والألم معاً!.. لكننا نستطيع أن نحمّل أقاربها في مصر ثم في لبنان تلك المسؤولية، إذ بدؤوا بإزعاجها منذ وفاة أبيها (1930) فطالبوها بالإرث، بل وصل بهم الطمع حد مطالبتهم بنصف ثروتها التي كونتها مع أبيها! وحين رفضت زاد إزعاجهم لها، حتى وصل شرهم حدّ تدبير مكيدة إدخالها مشفى المجانين في لبنان! ولولا مساعدة أهل المروءة من الأدباء (أمين الريحاني) والشرفاء من أمثال أولاد الأمير عبد القادر الجزائري وغيرهم من الصحفيين والمحامين لما خرجت من محنتها!!..‏

 

المدهش أن (مي) حملت رسائل جبران معها، في كل مكان رحلت إليه، ورافقتها في مأساتها في مشفى (ريفز) في بيروت أطلعت عليها جارتها في الغرفة المجاورة، فقد شكلت لها عزاء في مأساتها الرهيبة!..‏

 

إننا أمام امرأة غير عادية أخلصت لحب رجل، يعيش بعيداً عنها، ويعترف لها، في إحدى رسائله، أن حياته موزعة بين امرأتين، (امرأة الحلم وامرأة الواقع) فكان نصيب (مي) دور الملهمة التي تحمل روح الشرق الذي يحلم بالعودة إليه دون أن يستطيع، فيرسل لها تلك الكلمات المجنحة، التي تعبر عن عواطفه لها، فتشدّها إليه كلما حاولت فكّ أسرها! في حين كانت امرأة الواقع (ماري هاسكل) تقف إلى جانبه فتسانده مادياً ليكمل رحلته في عالم الفن، كما ساندته معرفياً، حين كانت تصحح له نسخ كتبه التي كان يكتبها بالإنكليزية! وتعترف ماري هاسكل أنه عرض عليها الزواج لكنها رفضت، ربما بسبب الفارق الكبير في السن، وربما بسبب علاقاته النسائية المتعددة! المهم أن صداقتها بجبران تستمر رغم زواجها، كما استمرت (مي) في حبها له رغم عدم زواجه بها! فقد أسرتها كلماته المدهشة، التي تستلب الروح والإرادة بعنفوانها وصدقها "أنت تحيين بي، وأنا أحيا بك" كما أسرتها صراحته، فقد وجدناه يكشف لها عيوب نفسه فهو يعيش في سجن طموحاته، يلاحقه إحساس أنه لم يقل شيئاً خالداً بعد، وأنه مؤرق بهاجس الإبداع الذي يحتاج تفرغاً كلياً، لعله يستطيع أن يقول كلمته، وهكذا يوضح لها أنه يعيش أسير مشروعاته الفنية والأدبية، وأن المرأة في حياته ملهمة ورفيقة إبداع بعيدة عن الأطر المألوفة!‏

 

لقد عاش جبران في الغرب كما يروي صديقه ميخائيل نعيمة حياة منطلقة دون أية قيود، فعرف العديد من النساء، وطمح إلى أن يعيش حياة خيالية مع امرأة شرقية، تغذي إبداعه بنبض خاص، كانت هذه الازدواجية تريحه وربما مصدر إلهام له، في حين كانت العلاقة بالنسبة إلى (مي) حياتها بأكملها رغم أنها خيال أقرب إلى الحلم! فبدت كلماته تسري في عروقها لتمنحها دماء الحياة وألقها، لقد كانت (مي) ضحية علاقة رسمها الرجل كما يريد له طموحه الإبداعي بمعزل عما تريده المرأة أو تحلم به.‏

 

إذاً لو كانت مي امرأة عادية لرفضت تلك العلاقة التي كانت عبءاً عليها!! هنا نتساءل: هل طغت على (مي) رهافة حس الأديبة، فعاشت مخلصة للكلمة في حياتها الشخصية وفي حياتها العامة! هل رأت في الخيال جمالاً يفوق الواقع؟ هل كانت كلمات جبران حلماً لاذت به يعوضها عن بؤس الواقع؟... هل حياتها في مصر أي في بيئة غريبة عن بيتها في الشام سبباً في تعلقها بجبران، الذي رأت فيه وطناً تنتمي إليه!؟ هل أحست بأن هذه البيئة العربية قد عجزت عن إنجاب كفء لها؟.. فكان الخيال أرحم بها من الواقع!..‏

 

ربما افتقدت في محيطها الرجل الند لهذا عاشت قصة حب ترضي ذاتها، ولو كان ذلك عبر الوهم والخيال، مادام الواقع لم يطرح أمامها من يراه قلبها مناسباً فعاشت الصدق والإخلاص لعلاقة أشبه بالحلم، بل دعاها فيها جبران بامرأة الحلم.‏

 

لقد أدهشتني تضحية المرأة بشبابها من أجل حب سماوي، كما آلمني ضياع صوتها الخاص بضياع معظم رسائلها، رغم أنها ضحت بحياتها من أجل هذا الحب! لهذا تجرأت في كتابي "الحب السماوي بين مي زيادة وجبران خليل جبران" على تجسيده عبر الخيال مستعينة برسائل جبران، كي أستطيع استشفاف ردود فعل مي، وأبيّن أن الكلمة لم تكن محور حياتها الأدبية فقط، وإنما محور حياتها الشخصية!.. لهذا يمكنني القول بأن أبطال هذا الحب السماوي ثلاثة (مي وجبران والكلمة المجنحة).‏

 

ولكن ألم تكن الكلمة والخيال أحد أسباب كآبة (مي) التي ملأت الغصة حياتها؟..‏

أضيفت في 20/12/2007/ خاص القصة السورية

 

 

في رسائلها لمجايلها عيسى الناعوري:

نازك الملائكة تحسم مسألة ريادتها للشعر الحرّ

 

مراسلة الكاتب بقلم الكاتبة: هيا صالح

 

تكتسب رسائل الأدباء إلى بعضهم بعضاً أهمية توازي -وربما تفوق- أهمية نصوصهم الأدبية؛ فهي تحمل -من جهة- قيمة تاريخية تتمثل في أنها تكشف عن ملامح العصر أو الفترة التي كُتبت فيها، والظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أحاطت بكتابتها. وهي -من جهة أخرى- تُعْتَبر وثائق حياتية وشهادات على الذات تسلط الضوء على سيرة صاحبها، والعوامل التي شكّلت إبداعه، وتنقل آراءه في ما يجري حوله من أحداث ومتغيرات. وهذا ما نجده في رسائل الشاعرة العراقية نازك الملائكة التي بعثتها للأديب الأردني عيسى الناعوري، وخرجت إلى النور بعد مرور أكثر من نصف قرن على كتابتها، (وعددها خمس عشرة رسالة) ، في كتاب هو الأول ضمن سلسلة (عيسى الناعوري وأعلام عصره، رسائل مخطوطة لم تنشر 1948 – 1985)، من جمع وتوثيق الصحفي تيسير النجار.

 

وكما تشي الرسائل، يبدو أن الناعوري هو الذي بادر أوّلاً في الكتابة إلى نازك ومراسلتها، حين وجّه إليها الدعوة للمشاركة في مجلة (القلم الجديد) التي كان يُصدرها في عمّان، والتي توقّفت بعد اثني عشر عدداً، ما كان له بالغ الأثر في نفس نازك، خصوصاً وأنّ العدد الأخير منها تضمّن قصيدة من شعر والدتها التي رحلت عن الدنيا في الفترة نفسها التي توقّفت فيها المجلة. تقول نازك في رسالة بعثتها لعيسى بعد رسالة سابقة كتبتها ولم تبعثها: "إنني في هذه الرسالة الملغاة قد تناولت موضوع الصلة الخفية التي تبدو بين وفاة فقيدتنا الحبيبة ومجلة (القلم الجديد) التي توقفت، وختمت كلامي بعبارة (فكأن والدتي ومجلتها قد كانتا على ميعاد)" [ص32].

 

ولشعورها أو لمعرفتها المسبقة بأن هذه الرسائل ستُنْشَر في كتاب مطبوع في يوم ما، فقد سعت نازك إلى أن تكون رسائلها قطعاً أدبية، وبذلت جهداً كبيراً في اختيار كلماتها. وهي، فضلاً عن هذا كلّه، جعلت من الرسائل بمثابة البيانات التي تناقش فيها مسائل فكرية وثقافية راهنة -في حينه- وتطرح من خلالها آراءها في ما يشغل بالها من قضايا: "وإذا أردت أن تحتفظ برسالتي تلك وبهذه فافعل، فقد يُتاح لك نشرها بعد عشرين سنة، (إن كان الجمهور إذ ذاك سيهتم بشيء مثلهما).

إن انعدام الزمن هو وحده الذي يجعل للرسائل الشخصية قيمة، وهذا هو السبب في أننا نقرأ اليوم باستمتاع رسائل فولتير وكيتس" [ص45].

 

وإذا ما تتبّعنا للخيط الذي يلظم الرسائل، نجد أن قضية "الريادة في الشعر الحر" (وهي قضية لا تزال خلافية حتى وقتنا الحاضر) تأتي في مقدمة القضايا الأدبية التي طرحتها الملائكة وتناولتها في رسائلها باستفاضة، هادفةً من وراء ذلك حسمَ أمر ريادتها في كتابة هذا الشكل الأدبي الذي أحدث ثورة في بنيان القصيدة العربية وشكلها. فاستندت نازك، لتقنع الآخرين بوجهة نظرها، إلى وقائع وأحداث وتواريخ محدّدة، مؤكّدةً -في غير مرّة- أنّ قصيدتها "الكوليرا" التي نشرتها في كانون الأول 1947 في مجلة (العروبة)، كانت أول قصيدة كُتبت في الشعر الحر.

 

ونازك بذلك، إنما كانت تحاول -وبشكلٍ أساسي- دحضَ ما يُنْسَب إلى الشاعر بدر شاكر السياب من أمر الريادة في هذا الموضوع، انطلاقاً من أنه نشر قصيدة من الشعر الحر في ديوانه الأول (أزهار ذابلة) الذي صدر قبل ديوان نازك (شظايا ورماد) الذي يتضمن قصيدة الكوليرا بسنتين كاملتين.

 

وفي ردّها على "ادّعاءات" السيّاب تقول نازك في رسالة بعثت بها إلى الناعوري بتاريخ 16/ 11/ 1953: "ولكن الزميل (تقصد السيّاب) سامحه الله على كل حال، ينسى أن القصائد كثيراً ما تُنشَر في الصحف قبل جمعها في دواوين مطبوعة. وهو لا يعلم على الإطلاق أن قصيدتي الحرة الوزن (الكوليرا) المنشورة في (شظايا ورماد) قد نُشرت في عدد كانون الأول 1947 في بيروت في مجلة (العروبة) التي كان يُصدرها الأستاذ محمد علي الحوماني، وأنني كنت قبل ذلك بشهرين قد أرسلتها إلى أديب صديق في لبنان أستطلع رأيه في هذا الأسلوب الجديد الذي وُفّقت إليه وأنا أحاول –في جهدٍ نفسيٍّ منفعل- التعبيرَ عن إحساسي تجاه الآلاف من الموتى الذين قضى عليهم داء الكوليرا الذي تفشّى في مصر آنذاك" [ص39].

 

وتضيف نازك مخاطبةً الناعوري: "وإذا علمتَ أيها الأخ، أن ديوان بدر شاكر السياب (أزهار ذابلة) قد صدر في النصف الثاني من كانون الأول 1947، وأنه أول أثر مطبوع له، أدركتَ ماذا عليك أن تسمّي دعواه هذه التي ليس في تاريخي الأدبي كلّه منذ سنة 1941 ما يؤيد إمكان حدوثها" [ص40].

وتؤسّس الملائكة، في إحدى رسائلها، للخطوط العريضة، والشروط التي يستند إليها هذا اللون الجديد من الشعر، من وجهة نظرها: "إنه شعر موزون جاء على أوزان العرب تماماً" [ص47]، وهو "يتلاعب بعدد التفاعيل، ولا يلتزم التقسيم الشطري" [ص51]، لكنه "يلتزم بالقافية" [ص52].

 

وتكشف نازك، أيضاً، عن موقف الناعوري من الشعر الحر، والذي تمثّل في رفضه له، وعدم الاعتراف به: "وأغلب الظن أن المقال سيرضيك.. أو دعني أقل (إلى حدٍّ ما)، فلا شيء مما يتعلّق بالشعر الحر يرضيك فيما يبدو، يا أخي!!" [ص47].

 

وتدين الملائكة، في عدد من رسائلها، الضغوط التي كانت تمارسها الرقابة على حرية النشر والتعبير عن الرأي: "ويؤسفني أن تعاني الصحافة ضغط الحكومات العربية. وما الذي كان في هذا العدد الذي منعته رقابتُنا؟ هذا يبدو مدهشاً. على أن (القلم الجديد) لم تكن الوحيدة التي مُنعت، فقد عانت هذا مجلات كثيرة منها (الثقافة) التي قُطعت عنا حتى توقّفها تقريباً" [ص20].

 

وتبثّ نازك، في ما كانت تكتبه للناعوري، لواعجها، وتُعبّر عن مشاعرها تجاه الأحداث والمناسبات الاجتماعية التي ألَمّت بها أو أثّرت عليها، كمرض أصابها، أو وفاة عزيز رحل دون رجعة، أو كارثة طبيعية كالفيضان الذي كاد يجرف منزلها، وغير ذلك مما كان سبباً في انقطاع رسائلها عن الناعوري. ولحرصها على العلاقة الإنسانية والأدبية التي تجمعها بالناعوري، فقد كانت دائماً تبدي الاعتذار والأسف لتأخرها بالكتابة إليه، موضحةً الظروف التي حالت دون تواصلها معه: "تحية جميلة.. أعتذر بعدها عن سكوتي الطويل الذي لم يكن منه بد، فقد انشغلت بالمتاعب والأحزان وبكارثة حلّت بنا في الشهر الماضي، وهي وفاة عمي الذي كان له تأثير عظيم في حياتنا، ومنزلة كبرى من نفسنا" [ص54].

 

وفي الوقت نفسه، كانت نازك ترى في الرسائل المرآةَ الصادقة، والوسيلة القادرة على نقل ما في عالَمها الجوّاني من اصطخابٍ وتأمّلات، والكشف عن رؤيتها الذاتية الخاصة للحياة. ونقل أحاسيسها وانفعالاتها في ما كان يعصف بها من أحداث قاسية، كانت تقابلها بابتسامة واثقة بغدٍ أجمل: "شكراً على تمنياتك لنا بعيد الأضحى الذي قضينا أيامه في حزن عميق يذهب أبعدَ ما تصل إليه الألفاظ. على أن من الجميل أن نشارك الناس ولو بابتسامة واحدة، ومن الإنسانية أن تقف جراحنا مبتسمة على الرغم من أنها تدمى" [ص35].

 

وإن كان ثمّة ما يمكن أن تؤشّر عليه الرسائل، فهو بالتأكيد، تلك العلاقة الإنسانية الراقية والنبيلة التي جمعت بين نازك والناعوري، وسموّ الأخلاق التي كانا يتحلّيان بها، واحترامهما بعضهما بعضاً، وسماع الواحد منهما رأيَ الآخر وتقديره، وعدم إقصائه أو نفيه حتى إن كان يخالف رأيه أو يناقضه، في إطار حوار يرتكز على المناقشة الصريحة والإقناع المنطقي. وهذا ما يتّضح جليّاً في الرسالة التي تناقش نازك فيها قضية الشعر الحر والمؤرخة في 1/ 12/ 1953: "أما كَوْنُ رأيك في الموضوع يخالف رأيي، فلعلّه أنفع لك ولي وللأدب عموماً. ماذا يقول الفيلسوف الفرنسي: (إن خير طريقة يرى فيها جماعة من الناس منظراً أن يقفوا ظهراً بظهر يحدّق كلٌّ إلى جهة من الجهات). إن هذا هو عينه ما يحدث في حالة اختلاف الآراء بيننا. فأنا أرى من نقطة وأنت ترى من نقطة غيرها" [ص43].

 

وكما نرى، فإنّه يمكن اعتداد رسائل نازك الملائكة إلى عيسى الناعوري، وثائق أدبية وتاريخية ترصد الأحوال والمتغيرات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي شهدتها المرحلة التي كُتبت فيها هذه الرسائل، ما يعني أنها -بالتأكيد- ستغدو مرجعاً لا غنى عنه، عند دراسة نازك أو الناعوري، أو المشهد الأدبي في حقبة الخمسينيات من القرن المنصرم.

 

بقي أن نقول إن الشاعرة نازك الملائكة وُلِدَت في بغداد (العراق)، العام 1923، وتخرجت في دار المعلمين العالية العام 1944. أصدرت ديوانها الأول (عاشقة الليل) العام 1947، ثم تخرجت في معهد الفنون الجميلة (قسم الموسيقى) بعد أن تعلمت العزف على آلة العود، العام 1949. صدر لها لاحقاً عدد من المجموعات الشعرية منها: شظايا ورماد 1959، مأساة الحياة وأغنية الإنسان (مطوّلة شعرية) 1970، شجرة القمر 1970. بالإضافة إلى كتب بحثية ونقدية من أبرزها: قضايا الشعر المعاصر 1962، شعر علي محمود طه 1965، سيكولوجية الشعر 1990.

 

أما الأديب عيسى الناعوري، فقد وُلد في قرية (ناعور) قرب عمّان (الأردن)، العام 1918 وتوفي العام 1985. أتم دراسته الابتدائية في قريته، ثم أكمل الدراسة الثانوية في المدرسة الإكليركية في القدس. تنقّل بين عدد من الأقطار العربية، والبلدان الأوروبية، واطّلع من خلال رحلاته على الحركات الأدبية العربية والغربية. أصدر مجلة "القلم الجديد" الشهرية في عمّان. له ما يقارب (60) كتاباً مطبوعاً، في القصة القصيرة، والرواية، والشعر، والدراسات، والتراجم، والسير، وأدب الأطفال، منها: الربيع الذابل 1939، طريق الشوك 1955، عائد إلى الميدان 1961، أخي الإنسان 1962، جراح جديدة 1967، ليلة في القطار 1974، في ربوع الأندلس 1978، دراسات في الأدب الإيطالي 1981، الرجال والرفض 1985.

أضيفت في 20/12/2007/ خاص القصة السورية

 

 

الكتابة على ورق المودة الأبيض

رسائل السياب إلى أدونيس

 

مراسلة الكاتب بقلم الكاتب: د. علي حداد

 

تقديم‏

 

تخرج الرسائل المتبادلة بين الأدباء عن أن تكون ذات طبيعة شخصية محض، كالذي يقع للمراسلات بين سواهم من الناس، فرسائل المبدعين ـ ولا سيما الكبار منهم ـ لا يشغلها الحيز الذاتي إلا بحدود موجزة لتخرج بعده إلى مجالات ذات طبيعة معرفية وإبداعية، وتفصح عن مناقشات مهمة في المجال الأدبي الذي يشغل المرسل والمرسل إليه معاً.‏

 

وإذ لا تكون تلك الرسائل بأدنى من المستوى التعبيري والوعي الثقافي المتحققين‏

 

لكل مبدع منهم،وبما يشكل سمات شخصيته وأسلوبه الكتابي واهتماماته الذاتية والعامة، فإن السمة اللافتة فيها أنها تقدم صاحبها من دون أية ادعاءات غير تلك التي هي أس شخصيته وتفوهاتها المباشرة، وسجيتها الحقيقية التي ربما غلفت ـ حين يكتب ذلك المبدع سواها من كتاباته ـ بشيء من التزويق والتخير اللفظي والفذلكة التعبيرية. ومرد تلك البساطة والتناول القريب أن أياً منهم ـ وهو يكتب تلك الرسائل ـ لم يدر بخلده أن سيأتي اليوم الذي ستصبح فيه رسائله مشاعة، يقرؤها الكثيرون وهو الذي كتبها مؤتمناً إياها شجونه، وشؤونه التي يبثها لشخص واحد من أصحابه الأدباء.‏

 

(1)‏

كان الأستاذ (ماجد السامرائي) قد جمع ما وقع تحت يديه من تلك الرسائل التي تبادلها الشاعر العربي الرائد بدر شاكر السياب مع عدد كبير من الأدباء والمثقفين العرب والعراقيين.‏

 

وقد نشرها السامرائي في كتاب اسماه "رسائل السياب" بعد أن قدم لها بقراءة مستفيضة، ووثقها ـ تواريخ وأسماء ومضامين ـ بهوامش وملاحظات مهمة(1).‏

 

وتستوقفنا ـ في هذه القراءة ـ من بين تلك الرسائل ما كان السياب قد بعثه إلى الشاعر العربي ا لكبير (أدونيس).. فبين العامين: (1959 ـ 1964م) كان السياب قد تبادل مع أدونيس رسائل كثيرة، أورد السامرائي فيما جمعه اثنتي عشرة رسالة منها كان اللافت للانتباه أن تكون أخراهن مرسلة من السياب قبل ثلاثة أشهر من يوم وفاته في 24/12/1964م. ولعلها آخر رسالة بعثها السياب في حياته(2).‏

 

(2)‏

ربما لن نكون بعيدين كثيراً عن تلك الرسائل حين نقوم ـ وقبل تفحصها المباشر ـ بلمّ جزئيات المشهد الذي يؤشر طبيعة الصداقة التي جمعت بين الشاعرين، والوقائع المخبرة عنها. لتكون الرسائل المتبادلة بينهما ارتكاناً حميماً إلى تلك الصداقة، وتمثلاً لقيمها، وإن تجلى لنا ذلك في ـ الرسائل ـ من وجهة نظر السياب ومشاعره المعبر عنها فيها.‏

 

كان مسعى السياب دائباً للخروج بقصائده من مجال انتشارها المحدود في العراق إلى أفق نشر عربي متسع، وقد واتته الفرصة حين ذكرّه بعض أصدقائه بإمكانية مراسلته لمجلة (الآداب) البيروتية وهو ما فعله السياب تماماً، ليجد الترحيب من الدكتور (سهيل إدريس) صاحب تلك المجلة التي نشرت له في أول ما نشرت، وفي أحد أعداد العام 1954م قصيدته الرائعة (أنشودة المطر)، لتتوالى قصائد السياب في أعدادها اللاحقة، وحتى العام 1957م الذي شهد تحوله ـ أي السياب ـ إلى النشر في مجلة بيروتية جديدة هي (شعر) التي نشرت له في ذلك العام والعام الذي يليه ثلاثاً من قصائده المتميزة(3).‏

 

لقد كانت (شعر) تضم في هيئة تحريرها مجموعة من الأدباء ـ الشعراء خاصة ـ ذوي التوجهات الرانية البصر والبصيرة نحو التجديد، وكان أدونيس من بينهم. ولعله، ومن تلك اللحظة تحقق للسياب أن يضع تجربته واهتماماته المعرفية في مسار من الوعي المتطور والنشاط الثقافي الأكثر حيوية، والذي سيكون لحضور الشاعر أدونيس مساحته الفاعلة فيه.‏

 

وإذا كنا لا نقول جديداً حين نشير إلى معرفة كلا الشاعرين ـ السياب وأدونيس ـ لبعضهما قبل ذلك، ومن خلال ما كان ينشر لهما على صفحات المجلات العربية واللبنانية، بوصفهما اسمين شعريين لهما تميزهما في المسار الجديد للشعرية العربية، ولكن صلة التعارف المباشر قد تمت بينهما ـ كما يبدو ـ حين دعت هيئة تحرير مجلة (شعر) السياب ـ وفي العام 1957م، وبعد نشرها لأولى قصائده ـ ليقدم إلى بيروت ويقضي هناك عشرة أيام، سكن بعضاً منها في بيت أدونيس(4)، وستزداد صلة الصداقة بينهما في السنوات اللاحقة عمقاً وحميمية، تؤشر ذلك اللغة الودود التي تفيض بها رسائل السياب، والموضوعات الاجتماعية الخاصة التي يبثها فيها، وما كان يطلبه من أشياء وأفعال، لا تكاد تطلب إلا من صديق ثقة في مودته، مطمئن إلى إخلاصه واستجابته غير المترددة، وهو ما كان عليه أدونيس مع السياب حقاً(5).‏

 

وفي العام 1960م كان السياب قد تعرض للفصل من وظيفته، وعاش وعائلته ظروفاً معيشية ونفسية ممضة، ما حدا بأدونيس إلى أن يدعوه للهجرة إلى لبنان، وذلك ما تحمس له السياب في بادئ الأمر، ثم ما لبث التردد أن غلب عليه، ليكتب إلى أدونيس مبدياً عزوفه عن ذلك كله(6)، وبديلاً عنه سيطلب من أودنيس ـ الذي يبدو أنه قد اقترح عليه جمع قصائده المتناثرة في أكثر من مجلة وصحيفة وإصدارها في ديوان جديد ـ أن يتولى ذلك، ولا سيما في لم شتات القصائد المنشورة في المجلات اللبنانية، والآداب خاصة(7)، وهو ما قام به أدونيس فعلاً، ليصدر للسياب ديوانه (أنشودة المطر) عن مجلة (شعر) ذاتها، ثم ليعلن فوز السياب عن ديوانه هذا بجائزة المجلة التي وضعت لأفضل ديوان، والتي تضمنت ـ فيما تضمنته ـ دعوة السياب مرة ثانية إلى بيروت التي قضى فيها شهراً كاملاً.‏

 

وحين دعي السياب للاشتراك في مؤتمر الأدب العربي الذي عقد في روما عام 1961م، ذهب من البصرة ـ التي كان قد نقل عمله إليها ـ إلى بغداد، ومنها إلى بيروت، ليطير من هناك ـ صحبة أدونيس ـ إلى المدينة التي عقد فيها ذلك المؤتمر.‏

 

وفي عام 1962م حصل السياب وبدعم ومسعى من صديقه أدونيس وآخرين، على زمالة دراسية في بريطانيا، ولكن مرضه المزمن كان قد بدأ حربه على جسمه النحيل، فغادر بغداد إلى بيروت، وأدخل هناك مستشفى الجامعة الأمريكية، ودامت فترة علاجه ثلاثة أشهر، عاد بعدها إلى بغداد، ليسافر لاحقاً إلى لندن، في مسعاه للدراسة هناك، وهو ما لم يسعفه المرض وبرد لندن على تحقيقه، فعاد أدراجه ليسكن في البصرة ينظم الشعر بغزارة لافتة للانتباه‏

 

(9)، ويكابد مرضه، ويراسل أصدقاءه، ومن بينهم أدونيس الذي كان قد تخلى عن مجلة (شعر)، فبارك لـه السياب ذلك في إحدى رسائله(10)، وقاطع المجلة نهائياً، واتجه إلى مجلة (حوار) التي صدرت حينها، لينشر فيها قصائده ومقالاته.‏

 

وفي العام 1964م كان المرض قد أمسك بتلابيب جسد السياب وأنهكها تماماً. فنقل إلى المستشفى الأميري في الكويت، ليرقد فيه مدة طويلة، من دون أية بارقة بالشفاء، لتكون آخر رسائله التي كتبها من هناك وقبل وفاته بثلاثة أشهر، هي تلك التي كتبها إلى أدونيس.‏

 

(2)‏

تتوزع الرسائل التي بعثها السياب إلى أدونيس عددياً، وبحسب الأعوام على النحو الآتي: اثنتان في العام 1959، وست في العام 1960، وثلاث في العام 1963، وواحدة في العام 1964.. ويبدو لافتاً للانتباه تواتر بعض السنوات التي لم يؤشر فيها أية رسالة من السياب إلى أدونيس كالذي نجده في العامين 1957 ـ 1958، اللذين شهد العام الأول منهما بداية الصلة الحميم بين الشاعرين كما أسلفنا، وكذلك في العامين 1961 ـ 1962، اللذين نجد فيهما رسائل عديدة قام السياب بإيرادها لأكثر من صديق، ليس أدونيس من بينهم.‏

 

وربما أمكن تبرير خلو العامين الأخيرين من المراسلات بين الشاعرين بسبب ظروف السياب وما تعرض لـه من اعتقال وفصل من الوظيفة ثم انتقاله إلى البصرة، فضلاً عن تكرر ذهابه خلالهما إلى بيروت لأكثر من مرة، سواء للعلاج أو لتقديم شعره وقراءته، أو للسفر منها إلى خارجها، وفي كل المرات ـ تقريباً ـ، كان يصحبه أدونيس فيها، بما أبعد الحاجة ـ كما يبدو ـ إلى التراسل بينهما.‏

 

أما العامان 57 ـ 58 فليس من تبرير نركن إليه أقرب من القول أن جامع تلك الرسائل لم يقع على ما يمكن أن يكون الشاعران قد تبادلاه من رسائل.‏

 

احتوت رسائل السياب إلى أدونيس موضوعات وأفكاراً شتى، فيها الذاتي الذي يخصه أو يخص صديقه، وفيها ما يود الإشارة إليه من الأمور الأدبية المتعلقة بشعره أو بشعر أدونيس، وغير ذلك من الأفكار الثقافية التي كانا يتبادلانها.‏

 

وفي الرسائل كلها فقد كان شوق السياب لأدونيس يتداخل مع اعتذاره له عن تأخره في الرد، بسبب ظروفه وهو يتعرض للفصل، أو وهو يبحث عن عمل، أو حين يتحدث عن مرضه الذي ورد في الرسائل على نحو متدرج، حتى آخر مراحله.‏

 

كانت محبة السياب لأدونيس ـ كما بدت في رسائله ـ شديدة وإعجابه بشخصيته كبيراً، يتواتر الحديث عنهما، ابتداء من إشارات الود والعرفان لـه صديقاً وفياً، من مثل: "جميل منك أن تتذكر أخاك الذي يحبك أقصى غاية الحب، ويقدرك ـ شخصاً وشاعراً ـ أعلى درجات التقدير" (الرسائل، ص 90)، أو قولـه: "إن الصديق يكون هبة عظيمة من السماء إذا كان طرازك أيها العزيز" (ص 98)، أو قولـه: "لماذا كنت شاعراً عظيماً إلى هذا الحد، وإنساناً طيباً إلى هذا الحد، وحبوباً إلى هذا الحد؟" (ص 135).‏

 

وكان إعجاب السياب بشاعرية أدونيس متصلاً بمحبته له، وهو ما كرر ذكره في أكثر من رسالة، كما أخبر عنه في رسائله لسواه من أصدقائه(11)، غير أن ذلك لم يمنع السياب من إبداء عدد من الملاحظات الناقدة لشعر أدونيس كقولـه عن إحدى قصائده: "كانت قصيدتك رائعة بما احتوته من صور لا أكثر. ولكن: هل غاية الشاعر أن يري قرَّاءه أنه قادر على الإتيان بمئات الصور؟ أين هذه القصيدة من (البعث والرماد)، تلك القصيدة العظيمة التي ترى فيها الفكرة وهي تنمو وتتطور، والتي لا تستطيع أن تحذف منها مقطعاً [من] دون أن تفقد القصيدة معناها: أما قصيدتك الأخيرة، فلو لم تبق منها سوى مقطع واحد لما أحسست بنقص فيها، ليس هناك من نمو للمعنى وتطور له" (ص 85). ولا يفوت السياب أن يأخذ على أدونيس مجانبته للشعر الإنجليزي: "ما زلت، أيها الصديق متأثراً بالشعر الفرنسي الحديث أكثر من تأثرك بالشعر الإنكليزي الحديث، هذا الشعر العظيم: شعر إيليوت وستويل، ودلن توماس وأودن وسواهم" (ص 86).‏

 

انشغل السياب ـ وفي كل رسالة من رسائله ـ بالإشارة إلى جوانب من تجربته الشعرية، حتى أخذ ذلك المساحة الأوفر منها.‏

 

وستكون أولى الملاحظات الدالة أن نكتشف أن كثيراً من قصائد السياب المتميزة كانت قد مرت عليها يد أودنيس تنقيحاً وتعديلاً، وبطلب من السياب نفسه(12)، الذي أخذت المسألة عنده مدى أوسع من ذلك حين وضع بين يدي أدونيس دواوينه المطبوعة في بيروت، يتولى جمع قصائدها وتبويبها، والحذف منها.‏

 

وكثيراً ما أشار السياب في رسائله إلى ما كان ينتاب مزاجه الشعري من تقلب، فيتدفق في فترة ما، أو يبدو نزراً في أخرى حد النضوب، لتتلبس السياب حالات من القلق، يبثها في رسائله إلى أدونيس.‏

 

يذكر السياب في أولى رسائله إلى أدونيس عام 1959 أن لديه شعراً كثيراً. وستكون المفارقة أن يكرر ذلك في آخر رسائله إليه العام 1964، حيث يكتب: "إن نفسي تتدفق بالشعر، لكنه يتدفق من ينبوع ألم عظيم ويأس" (ص 200)، وبين هذين التاريخين، فكثيراً ما تحدث السياب عن حالات من الركود الشعري كانت تنتابه، فيشكو ذلك إلى أدونيس، بقوله: "وأنا الآن في حالة ركود شعري" (ص 92)، أو "لم أكتب شيئاً منذ مجيئي من بيروت" (ص 146)، وقوله: "لا أكتب الآن شيئاً، إنني أمرّ في فترة ركود" (ص 171).‏

 

كان الحديث مع أدونيس ـ في بعض رسائل السياب ـ قد أفضى إلى تناول تجارب عدد من الشعراء بشيء من الملاحظات، فقد أشار السياب إلى ما عدّه انحداراً في الشعر، وهو ينتقي أسطراً من قصيدة للبياتي من دون أن يذكره بالاسم، "أما رأيت إلى الشعر الحر كيف استغله بعض المتشاعرين":‏

(1) (وعلى الرصيف‏

 

جوعان يبحث عن رغيف‏

 

والشارع الممتد يزخر بالجموع‏

 

من ثائرين مزمجرين‏

 

فليسقط المستعمرون‏

 

يا.. يسقط المستعمرون)‏

وإذا شاعت كتابة الشعر دون التقيد بالوزن(13)، فلسوف تقرأ أو تسمع مئات من القصائد التي تحيل (رأس المال) و(الاقتصاد السياسي)، وسواها من الكتب، ومن المقالات الافتتاحية للجرائد إلى شعر، وهو لعمري خطب جسيم" (ص 85).‏

 

وحين بلغ السياب أن (سليمان العيسى) قد بعث برسالة وقصيدة إلى مجلة (شعر) يكتب إلى أدونيس: "إذا كان الأمر كذلك فانشروهما، دون احتفال بالمستوى الفني، لأن أثرهما في صالح المجلة سيكون كبيراً" (ص 94).‏

 

(3)‏

لا يمكن لقراءة تتفحص الرسائل التي بعثها السياب لأدونيس أن تكتمل جدواها من دون الإجابة عن السؤال الآتي:‏

 

ما الذي يمكن لتلك الرسائل أن تضعه بين يدي المتأمل لتجربة السياب الشعرية ومنجزها؟‏

 

لعل أول ما يمكن قوله إن تلك الرسائل قد أفصحت عن جانب كبير من انشغالات السياب الإنسانية والثقافية والإبداعية التي عايشها في تلك المرحلة المهمة من عمره القصير، بما يمكن عدها فيه مستندات ذات موثوقية عالية لقراءة حياة السياب وشعره، وهي في خضم ذلك كله تعكس جانباً من شخصية السياب، الانفعالية التي تستجيب لمؤثرات اللحظة المباشرة والشخص الذي تنشد إليه فيها، فتبوح له بكل ما لديها، وتحب معه ما يحب ومن يحب، وتكره معه ما يأخذ منه ذلك الموقف، بل إنها لتباسطه بكل ما لديها لقد عززت ظروف السياب النفسية والحياتية ذلك في شخصيته إلى حد كبير.‏

 

وعلى صعيد التجربة الشعرية فقد عبرت تلك الرسائل عن مرحلة هي الأبرز حضوراً وعطاءً عند السياب من حيث الوعي المعرفي والجمالي الذي وضعه في قصائده المنشورة في خلال تلك المرحلة التي أفردت صوته الشعري وخلدته، كما شهدت فهمه الناضج لتقنية توظيف الأسطورة والرمز في الشعر وإغنائه بهما، فلقد حشد السياب في قصائده ومنذ بداية نشره لها في مجلة (شعر) وسواها رموزاً أسطورية ودينية كثيرة راح يستمدها من مصادر ثقافية متنوعة انهمك في الإطلاع عليها واستثمارها.‏

 

ولأننا منشدون إلى حديث رسائله إلى أدونيس فلعله أمر جدير بالوقوف عنده ذلك الذي يخص الرمز الأسطوري الفينيقي (أدونيس) الذي اتخذه الشاعر (علي أحمد سعيد) اسم شهرته الشعرية، في حين تبناه السياب ـ ولا نظن أن ذلك محض صدفة ـ رمزاً شعرياً، يستعيد خصب مضمونه في أكثر من قصيدة، وإن حاله إلى مماثله في التراث العراقي القديم ـ والبابلي خاصة ـ وهو الرمز (تموز) الذي استثمره السياب في تكوينات شعرية متلاحقة جسدت مرحلة مثيرة في مسار تجربته الشعرية(14).‏

 

ويبدو أن اكتشاف السياب لرمز (أدونيس) كان بمثابة الفتح المبين عنده، وهو ما أشار إليه (جبرا إبراهيم جبرا) الذي كان قد ترجم هذه الأسطورة ضمن ما ترجمه من كتاب (الغصن الذهبي) الذي ألفه (جيمس فريزر)، فكان جبرا على حد قوله: "يطلع السياب على ما ترجمه من أسطورة أدونيس أولاً بأول، وفي نفس الوقت كان شاعرنا (السياب) مبهوراً ومشغوفاً بها إلى حد أنه كان يستظهر لوحات منها ومشاهد عن ظهر قلب"(15).‏

 

(4)‏

لقد كان تعرف السياب أودنيس ومراسلته محطة خصبة في حياته، وحضوراً كان بحاجة شديدة إليه، ليستوعب جانباً من مساحة انشغالاته النفسية والثقافية والإبداعية، وهو ما أبانت عنه رسائله جلياً، غير أن تلك الرسائل بقيت في حدود مودة حميم واهتمامات إبداعية متقاربة، ولم يتجاوز السياب ذلك إلى ما عداه، فهو لم يقف مثلاً ليناقش الفكر السياسي الذي كان أدونيس يتبناه وقتها، حيث كان منتمياً إلى الحزب القومي السوري، بل كان السياب يذهب بفكره في تلك السنوات إلى ما هو نقيض ذلك، فقد تخلى عن انتمائه الماركسي، وصار على أقرب ما يكون من الطروحات العربية القومية.‏

 

ومع صلة السياب بأدونيس والآخرين من جماعة مجلة شعر ـ جبرا ويوسف الخال ومحمد الماغوط وسواهم، أولئك الذين كانوا يكتبون قصيدة النثر ويبشرون بها ـ فإنه لم ينجرف إلى تيارهم وبقي متمسكاً بقصيدة التفعيلة شكلاً تعبيرياً يكتب فيه نصوصه المتميزة متجاهلاً أمر قصيدة النثر، حتى إنه لم يقف عندها، أو يناقشها في رسائله، ولعل في ذلك جانباً من اعتداد السياب بثقافته وذائقته، والمسار الذي اختطه لتجربته الشعرية.‏

 

تبقى مسألة أخيرة أثارتها لدينا رسائل السياب هذه، حين بدت لنا أشبه ما تكون بالمنولوج المعلن، أو بالنص المونودرامي، فقد كان صوت السياب وبوحه هو ما نقرأه فيها، ليمسي ذلك مجالاً للإثارة والبحث عن النص الآخر المغيب بين سطورها الذي تمثله رسائل أدونيس التي جاءت رسائل السياب ـ في الغالب عليها ـ استجابة لها وسجالاً ودوداً معها.‏

 

هوامش وإحالات:‏

(1) ينظر: ماجد السامرائي، رسائل السياب، دار الطليعة، بيروت 1975.‏

(2) وضع السامرائي تاريخ إرسالها ومكانه على النحو الآتي: البصرة 17/9/1964. وإذا كان ذلك التاريخ صحيحاً فإنها ستكون قد أرسلت من الكويت التي كان السياب قد نقل إلى المستشفى الأميري فيها بتاريخ 6/7/1964. ويبدو أن الدكتور إحسان عباس قد رأى تلك الرسالة حين قال يصفها: "يبدو عليها بعض الاضطراب في الخط والسهو في غير موضع" (بدر شاكر السياب، دراسة في حياته وشعره، ص 167).‏

(3) ينظر: رسائل السياب، ص 84، وإحسان عباس، ص 211، وما بعدها.‏

(4) ينظر: المصدر نفسه.‏

(5) طلب السياب في إحدى رسائله أن يبعث له بكتاب (الأسطورة في الشعر المعاصر) لأسعد رزوق، ص 87. وطلب في ثانية ما كان الدكتور إحسان عباس قد كتبه عنه (ص 92). وفي ثالثة دعاه لأن يبحث له عن فرصة للعمل (التدريسي) في بيروت، (ص 90)، هذا فضلاً عما كان يتواتر في رسائله من طلبات لنشر هذه القصيدة أو تلك، بعد أن يقوم أدونيس بمراجعتها وتصحيحها وحذف ما لا يعجبه منها. ويبدو أن بعض رسائل السياب كانت تصله من خلال أدونيس، لا سيما الرسائل التي كان بعض الأدباء الغربيين يبعثونها إليه. فهو قد بعثها إلى الناقد الإنكليزي دنيس جونسن دافيس، قوله: "استلمت رسائلكم الكريمة طي رسالة من أدونيس، وبتاريخ 30 حزيران 1960م.‏

"بدر شاكر السياب، رسائل غير منشورة، مجلة عيون، دار الجمل ألمانيا، العدد 70، السنة الرابعة 1999، ص 5).‏

(6) رسائل السياب، ص 88.‏

(7) المصدر نفسه، ص 94.‏

(8) ينظر: علي حداد، بدر شاكر السياب قراءة أخرى، ص 20، ومصادره.‏

(9) كتب السياب في تلك السنة (1963) ثلاثاً وأربعين قصيدة.‏

(10) يقول السياب: "إنك ابتدأت من حيث الشهرة خارج نطاق جماعة (شعر) منذ الآن، وسوف يخلو لك الميدان، فلا منافس" (ص 171).‏

(11) يقول السياب في رسالة إلى يوسف الخال: "أذهلتني (أغاني مهيار الدمشقي). إن أدونيس، كما عرفت ذلك منذ مدة غير قصيرة، شاعر عظيم.. عظيم" (الرسائل، ص 137).‏

(12) تنظر رسائل السياب، ص 86، 87، 88، 89، 94.‏

(13) يبدو تحامل السياب على القصيدة واضحاً، و إلاَّ فهي من الشعر الحر الموزون، وعلى بحر الكامل.‏

(14) أورد السياب الرمز (تموز) في قصائده التي كتبها في العام 1956، ومنها قصيدته (أغنية في شهر آب)، ثم تواتر توظيفه في قصائد الأعوام اللاحقة: مدينة بلا مطر، سربروس في بابل، تموز جيكور (التي أشار فيها إلى واقعه تخص أدونيس (الذي طعنه الخنزير فقتله) ولكن السياب وابتداءً بالعنوان ينقل الحديث إلى (تموز) لا سيما حين يقرنه بذكر الآلهة عشتار.‏

(15) جبرا إبراهيم جبرا، الرحلة الثامنة، ص 24.‏

أضيفت في 20/12/2007/ * خاص القصة السورية

 

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2024  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية