مسرحية فلنمثّل
"ستريندبرغ"
لفريدريك
دورينمات ـ ترجمة: سعيد حورانية
عن هذه المسرحية
في عام 1968ـ 1969 دهشت الأوساط المسرحية في سويسرا
لحادث لم يكن متوقعاً. فقد أخذ الكاتب المسرحي العالمي المشهور فريدريك
دورينمات على عاتقه (بالاشتراك مع المخرج ديوغلين) مهمة الإشراف على مسرح
مدينة بازل، وعقد دورينمات على هذا القرار آمالاً كبيرة.
وقدَّم اقتراح حول جعل المسرح ديموقراطياً، بدءاً من
البطاقات المجانية حتى تعريف المتفرج تعريفاً سخياً بريبورتوار واسع للغاية
يقيّم المسرحيات الممتعة التي كادت تنسى، وأعدت أمسيات خاصة حيث كان يعقب
قراءة النص المسرحي تمثيل مرتجل للمشاهد.
عمل دورينمات في بازل موسماً واحداً ترك على أثره
المسرح بعد أن أصيب بخيبة أمل مريرة، إلا أنه عرضت خلال هذا الوقت تجربتان
لمسرحيتين من إعداده: الأولى مأخوذة عن "الملك جون" لشكسبير، والثانية عن
تراجيديا ستريندبرغ "رقصة الموت" كما فكر في تلك الثناء بإعداد مسرحيتين عن
شكسبير أنهى واحدة منهما وهي "تيتوس اندرونيكوس" في العام التالي. وصرح في
أحد أحاديثه الصحيفة أنه ينوي إعادة كتابة مسرحية ليسينغ " مينافون
بارنهيلم".
وعلى هذا الأساس، شغلت عملية إعداد مؤلفات لكتّاب
آخرين مكانه رئيسية في إبداع هذا الكاتب المسرحي، ولم يكن بعض هذه الأعمال
أقل قيمة من مسرحية "لوحة كوكب واحد" تلك المسرحية الأصيلة الوحيدة التي
نشرها بعد "الشهاب". وكان إعداد كتّاب آخرين حاسماً في معظم الأحيان، حتى
أن دورينمات كان يضع، وله كامل الحق في أن يفعل ذلك، اسمه على الكتاب. ثم
يضيف بين قوسين "عن شكسبير" أو "عن ستريندبرغ" وهو ليس وحيداً في ولعه
بإعداد أعمال الآخرين على هواه، ويكفي ذكر أسماء مثل: بريخت وانوي وسارتر.
فيم تكمن خاصية تناول دورينمات لنص كاتب آخر؟
ينطلق الكاتب قبل كل شيء من فهمه للمسرح المعاصر،
فهو عندما يعمل في معالجة المسرحيات يحاول على حد تعبيره "الإبداع
بالارتباط مع خشبة المسرح" وهو حينما يكتب مسرحياته، وحينما يعد مسرحيات
غيره، فإنه يعالجها لا ككاتب مسرحي فحسب، وإنما كمخرج. ولهذا تهمه على وجه
الخصوص إمكانية الاتصال العملي بالمسرح.
إن إيقاع الفعل المسرحي، ودرجة تركيز الحوار متعلقان
بوسيلة التعبير الشحيحية والغنية في آن واحد، التي خلقتها خشبة المسرح
المعاصرة. وحينما يعمل دورينمات في أية مسرحية كانت، فإنه قبل كل شيء يختصر
ويضغط الفعل. وبهذا يلقي عبئاً باهظاً على كاهل الممثل الذي عليه أن ينقل
الحد الأعلى من المضمون بحد أدنى من الكلمات والزمان.
وإذا كانت مسرحية "الملك جون" لشكسبير مكرسة لأهم
قضايا عصره: الحق في توارث العرش وفكرة الدولة، فإنَّ الكاتب المسرحي
المعاصر قد استخدم هذه المادة نفسها لأهداف أخرى: فعند دورينمات أيضاً يجري
الحديث عن الملوك إلا أنه يجردهم من كل عظمة. والبيتان الحاكمات الإنكليزي
والفرنسي اللذان يدعيان الحق في عرش إنكلترا ما هما إلا من عالم واحد،
وكلاهما مجرم بالتساوي. ويجري في المسرحية نقاش جدي حول صراع آخر: بين
السلطة الملكية والشعب.
وأضفى دورينمات مفهوماً كهذا على تراجيديا شكسبير
"تيتوس أندرونيكوس" التي تناستها المسارح الآن. في المسرحية حسب رأي
المعلقين: "أربع عشرة جريمة قتل، أربع وثلاثون جثة، ثلاث أيدٍ مبتورة،
ولسان واحد مقطوع" ومع ذلك فقد كانت بالنسبة للكاتب السويسري صراعاً من أجل
السلطة، وهو صراع تراجيكوميدي كلف ضحايا لا تعد ولا تحصى. أما مسرحية
"فلنمثل ستريندبرغ" فهي مأخوذة عن مسرحية "رقصة الموت" للكاتب السويدي
الشهير أوغست ستريندبرغ (1849ـ 1912) التي لا يزال عرضها يجري على خشبات
المسارح الأوروبية. ومسرحية ستريندبرغ ضخمة بحد ذاتها وقد كتبت عام 1901
فجسدت روح العصر الغنية آنذاك. والبرج القائم في الجزيرة التي يحيط بها بحر
الشمال والذي حدد كمكان للفعل، يقودنا إلى جو سحري تمتاز به العروض
الرمزية، ويحدث في هذا البرج اصطدام عاصف بين زوجين شابين: الكابتين أدغار
وزوجته أليسا، وبعد هذا مباشرة (كما عند دورينمات الذي حافظ على مجرى
الأحداث) تظهر شخصية ثالثة هي كورت: قريب بعيد ومعجب قديم بأليسا، والأبطال
هنا لا يسيطرون على مشاعرهم وتصرفاتهم، فالزوجة تحس بالسعادة وهي ترى زوجها
على شفا الموت في الوقت الذي يمثل فيه بالنسبة لها العاطفة الوحيدة التي
تربطها بالحياة، وكورت لا يستطيع الحفاظ على رباط صداقته بأليسا، والخبر
والشر مختلطان في نفوس الأبطال جميعاً، والإنسان سر كبير عند ستريندبرغ.
كتب دورينمات هذه المسرحية بعد أن رأت الوجود لأول
مرة بسبعين سنة، وقد تسنى للناس خلال هذه الفترة أن يصبحوا شهوداً ومشاركين
في عدة "رقصات موت" لا تقاس من ناحية الفظاعة والرعب بما كتبه ستريندبرغ.
إنها حلبة ملاكمة حقيقية. وكما يفعل الملاكم لكي
يحتفظ بقواه فلا يضيع ضربة في الهواء، تتركز الجمل والكلمات المضغوطة
تركزاً مذهلاً، بحيث أن إضاعة كلمة واحدة، أو لفظها بطريقة خاطئة، أو
إلقاءها بنبرة بعيدة عن جوهر النص (وأرجو ممثلينا ومخرجينا بحرارة أن
ينتبهوا أقصى الانتباه إلى هذه الناحية) تفسد الإيقاع في المسرحية وتقتلها
قتلاً، وليست مأساة العرض الأول لمسرحية تشيخوف "الشقيقات الثلاث" عنا
ببعيدة.
وأبطال المسرحية أناس يدورون حول ذواتهم بحلقة
مفرغة، ويعيشون في عالم صغير فظ يمثل بالنسبة لهم العالم الكبير، ليس
الاغتراب مأساتهم وإنما الوضوح التام، يقول كورت لأدغار: "أنت قاسٍ" ويجيب
أدغار: "الحياة قاسية" ويسأله: "هل تؤمن بالله" ويجيب: "إلى حد ما". أمامنا
أناس ركزوا كل قواهم لكي ينسوا الإنسان فيهم ويقول أدغار: "ليس عندي ضمير"
ففي عالم فاسد لا تكفينا الطاقات الروحية للعناية بأقرب شخص، ولهذا بالضبط
كان يجري تطور المسرحية سريعاً دون عائق، والحوار فيها يستبعد "الأحاديث"،
مبني على اصطدام صيغ كاملة، ولا يتطلع الأبطال الذين يتحدثون أكثر الأحيان
بهدوء قاتل إلى "الأبدية" فليست لهم رغبات أو قوى أو ضرورات.. كل شيء
بالنسبة لهم واضح تماماً.
هناك على المسرح دائرة مضاءة يجري عليها الفعل
المسرحي، وهي تعني نفس الغرفة في البرج. وفوق خشبة المسرح حلقة من
البرجكتورات. ليست هناك أية ألغاز أو أسرار.. كل شيء مضاء بسطوع. وعلى
جانبي الدائرة مقعدان سيجلس على أحدهما أدغار عندما سيمضي لتفقد الحرس،
وسيصدر أوامره سدى، وسيلقي بالكلمات في الفراغ، وهكذا، وعن طريق الوسائل
المسرحية، مستاء اجتماعياً ولهذا يحاول تأكيد ذاته بشتى الوسائل. وما مغزى
هذا الصراع كله؟ وما هدف هذه المباراة حتى الضربة القاضية؟ إنها اغتراب
الإنسان عن أخيه الإنسان، وتأكيد ذاته بسحق الآخرين، الزيف الاستهلاكي
البورجوازي، ولذلك فهو يضرب بعنف في الاتجاه الخاطئ حتى يدمر نفسه.
إنها "قصة حتى النهاية" كما يعبر دورينمات عادة عن
طريقته في كتابة المسرحية، فهي ليست فضحاً للزواج البورجوازي كما يفسرها
السطحيون، وإنما هي فضح لمجتمع بأكمله، تحتاج فيه أهم تطلعات الإنسان
الخيرة إلى ما يبررها.
سعيد حورانية
كلمة المؤلف
عام 1948
أشاهد في مدينة بازل "رقصة
الموت" لستريندبرغ التي تلعب فيها ماريا فاين ورودولف فورستر.
يبقى في ذاكرتي الممثلون لا
المسرحية.
عام 1968
اقرأ الصفحات الأولى من
المسرحية فأجد فيها فكرة درامية ممتعة. إلا أن التجسيد الأدبي لها (الحياة
البورجوازية × الأبدية) يجعلني أحجم عنها.
أحاول إعادة كتابتها عن طريق
الاختصار: أي أن أجري على ستريندبرغ تعديلاً عادياً بالنسبة للمسرح.
أتخلى عن ذلك!
السبب: إن عمليات تعديل
ستريندبرغ المعتادة ـ عن طريق الحذف، وإعادة ترتيب المشاهد، والتبديل،
وإضافة نص ـ تشوه ستريندبرغ، وهي محاولات مشكوك بقيمتها، وهم يقومون بها
بقصد تمثيل ستريندبرغ "الأصيل".
أتصور أن إعادة كتابتها من
الأصل هو الأفضل، وأبدأ في نوفمبر 1968 بإعادة كتابتها معتمداً على أساس
الترجمة الحرفية.
اقتبس من ستريندبرغ الموضوع،
والفكرة الدرامية الأساسية. وبعد أن أغفلت الجانب الأدبي من المسرحية، أصبح
واضحاً قرب الرؤية المسرحية عند ستريندبرغ من العصر ـ قربه من بيكيت
ويونسكو ومن مسرحيتي "الشهاب".
وباستخدام حوار ستريندبرغ
كمقدمة للحوار المضاد لستريندبرغ "الانتي ستريندبرغ" أصبحت المسرحية مسرحية
للممثلين. ولا حاجة للممثل أن يتلبس الروح الشيطانية، عليه أن يؤدي على
خشبة المسرح نصاً قصيراً ومقتضباً للغاية.
بدأت البروفات في ديسمبر عام
1968. وخلال العمل مع الممثلين كان النص يتطور ويتبدل طيلة الوقت.
ظهر النص النهائي عندما
استكملت المواقف المسرحية. ومن ثلاثة ممثلين نشأت وحدة تلعب ثلاثياً (تريو)
بشكل متناسق.
من تراجيديا الزواج
البورجوازي، إلى كوميديا عن تراجيديا الزواج البورجوازي: "لنمثل
ستريندبرغ".
المسافة بين السطور تعني وقفة
طويلة، أما الخط فيعني وقفة قصيرة، وهذه الإشارات مساعدة لضبط الإيقاع في
إلقاء النص.
***
على خلفية وجانبي خشبة المسرح مخمل أسود وعلى الأرض
سجادة من المخمل الأسود. في المنتصف دائرة بلون فضي فاتح. وتجري فيها أحداث
المسرحية. على هذه الدائرة، من اليسار واليمين مقعدان بدون ظهر مع اللوازم
التي يتطلبها العرض المسرحي يحركها الممثلون بأنفسهم أثناء سير الحوادث.
فوق الخشبة حلقة من البرجيكتورات، مستخدم يضرب
الجرس.
على المسرح أليسا وأدغار وكورت.
أليسا ـ سنمثل مسرحية سترندبرغ
أدغار ـ مسرحية أوغست سترندبرغ "رقصة الموت"
كورت ـ صاغها من جديد فريدريش دورينمات
(يبتعد كورت خارج الدارة ويجلس على المقعد اليميني
بين لوازم العرض).
أدغار ـ الجولة الأولى
أليسا ـ محادثة قبل العشاء
ضربة جرس
أليسا جالسة على متكأ منهمكة بالحياكة ـ بينما جلس
أدوار على مقعد. يمر بعض الوقت دون أن يحدث شيء على خشبة المسرح. أدغار
يملأ ساعته.
أدغار ـ اعزفي شيئاً ما.
أليسا ـ ماذا أعزف؟
أدغار ـ الذي تحبين.
أليسا ـ "أغنية صولفيغ"1
أدغار ـ "موكب البايار"2
أليسا ـ ما أريده ليس على ذوقك.
أدغار ـ وكذلك ما أريده ليس على ذوقك.
أليسا ـ لن أعزف إذن.
أدغار ـ الباب مفتوح.
أليسا ـ هل أذهب لإغلاقه؟
أدغار ـ كما تريدين.
اليسا ـ لن أذهب إذن.
أليسا ـ لأي سبب لا تدخن؟
أدغار ـ أصبحت أنزعج من الدخان الثقيل.
أليسا ـ دخن أخف.
أدغارـ ليس عندي دخان أخف.
أليسا ـ من المؤكد أن التدخين هو سعادتك الوحيدة.
أدغار ـ ما هي السعادة؟
أليسا ـ لا أعرف.
أدغار ـ وأنا أيضاً لا أعرف.
أليسا ـ هل تريد ويسكي؟
أدغار ـ فيما بعد.
أدغار ـ ما هو العشاء اليوم؟
أليسا ـ اسأل جينا.
أدغار ـ ابتدأ صيد سمك الاسقمري.
أليسا ـ ممكن.
أدغار ـ حل الخريف.
أليسا ـ من زمان.
أدغار ـ لذيذة سمكة الاسقمري المقلية مع شرائح
الليمون، بكل بساطة تلعق أصابعك وراءها،
أليسا ـ الشِّرَهْ.. سواه لم يتبق لديك شيء.
_________
أدغار ـ هل عندنا نبيذ بورغوني في القبو؟
أليسا ـ لا.
أدغار ـ ولكن نبيذ البورغوني ضروري لنا.
أليسا ـ لأي سبب؟
أدغار ـ لنحتفل بعيد زواجنا الفضي.
أليسا ـ الاحتفال بخمسة وعشرين عاماً من شقائنا ـ
أمر لا يستحق العناء.
أدغار ـ لقد كانت لنا أحياناً لحظات مجيدة جداً من
التفاهم المتبادل.
أليسا ـ يبدو لك ذلك.
_________
أدغار ـ قريباً سينتهي كل شيء.
أليسا ـ أرجو ذلك.
أدغار ـ بقي لدينا عربة صغيرة من الزبل للبستان.
أليسا ـ حل عني أنت وزبلك الأبدي.
أليسا ـ البريد؟
أدغار ـ نعم.
أليسا ـ حساب الجزار؟
أدغار ـ نعم.
أليسا ـ كم تراكم علينا؟
(تقترب من أدغار)
أدغار ـ أحتاج إلى نظارات جديدة.
(يعطي الحساب لأليسا)
أليسا ـ هل تستطيع أن تدفع هذا الحساب؟
أدغار ـ نعم.
أليسا ـ الآن؟
أدغار ـ فيما بعد.
أليسا ـ إذا تقاعدت بسبب المرض سأضطر أنا للدفع.
أدغار ـ أنا قوي كالثور.
أليسا ـ هذا بالنسبة لي نبأ جديد.
أدغار ـ في بعض الأحيان فقط أشعر بدوار بسيط.
أليسا ـ أنت مصاب بالإغماء الحقيقي يا عزيز.
(تجلس من جديد على المتكأ ونبدأ في الحياكة)
أدغار ـ سأعيش عشرين سنة بعد.
أليسا ـ هكذا إذن.
أدغار ـ أنا لست مريضاً، ولم أكن مريضاً أبداً، ولن
أكون أبداً مريضاً.
أليسا ـ أنت تظن ذلك.
أدغار ـ سأموت فوراً، وفجأة، كجندي قديم.
أليسا ـ للطبيب رأي آخر.
أدغار ـ الطبيب أحمق.
أليسا ـ عند الطبيب اليوم ضيوف كثيرون.
أدغار ـ ليكن.
أليسا ـ إنهم لم يدعونا.
أدغار ـ ذلك لأننا لا نخالط هؤلاء الناس، ولا
نخالطهم لأننا لا نريد. ولا نريد أن نخالط هؤلاء الناس لأننا نحتقرهم.
أليسا ـ لأنك أنت تحتقرهم.
أدغار ـ إنهم أوباش.
أليسا ـ أنت تسمي الجميع هكذا. ولا تستثني إلا
نفسك.
أدغار ـ أنا إنسان مستقيم.
أليسا ـ هل نلعب بالورق؟
أدغار ـ لنلعب.
_تجلس أليسا وراء الطاولة يبدأن بلعب الورق)
أليسا ـ سنعزف فرقة عسكرية في سهرة الطبيب.
أدغار ـ ذلك لأنه يتملق العقيد.
أليسا ـ أنت أيضاً تتملق العقيد.
أدغار ـ لا أحتاج إلى تملق العقيد، فهو يقدرني
عالياً.
أليسا ـ ولكنهم لم يعطوك أبداً أوركسترا عسكرية.
_________
أدغار ـ ما هي الأوراق الرابحة؟
أليسا ـ هل تعبت؟
أدغار ـ لا.
أليسا ـ يبدو أن بصرك ليس على ما يرام... الرابح
البستوني.
أدغار ـ هراء.
أليسا ـ أنت بنفسك قلت أنك تحتاج إلى نظارات جديدة.
أدغار ـ من الممكن أن يحتاج أي إنسان إلى نظارات
جديدة في وقت ما.
أليسا ـ وتريد أن تعيش عشرين سنة أخرى!
أدغار ـ سأعيش عشرين سنة أخرى.
أليسا ـ البستوني هو الرابح.
_________
أدغار ـ ستة + ثمانية يساوي خمسة عشر.
أليسا ـ أربعة عشر.
_________
أدغار ـ ستة + ثمانية يساوي أربعة عشر.
أليسا ـ ضاعت قدرتك على الحساب أيضاً.
أدغار ـ عندما أتعب أصبح شارداً.
أليسا ـ لقد قلت أنك لم تتعب.
أدغار ـ لست مريضاً.
أليسا ـ الموسيقى تسمع حتى هنا.
أدغار ـ هذه الأوركسترا سيئة للغاية.
أليسا ـ نحن الذين لا نصلح كزوجات ضباط.
أدغار ـ الأمر عندي سواء
أليسا ـ بالنسبة لك.
أدغار ـ أنا وحيد دائماً كنت وحيداً، وأبداً سأظل
وحيداً.
أليسا ـ وأنا أيضاً.
أدغار ـ إذن فلا تشتكي.
أليسا ـ الأمر بالنسبة للأولاد ليس سواء.
أدغار ـ الأولاد يتسلون في المدينة.
أليسا ـ هل سيأتي كورت؟
أدغار ـ اليوم مساء.
_______
أليسا ـ وهل سيزورنا؟
أدغار ـ لقد دعاه الطبيب.
أليسا ـ ولكن كورت ابن عمي.
أدغار ـ ليس شرفاً عظيماً.
أليسا ـ دع عائلتي في هدوء.. أنا لا أمس عائلتك
أبداً.
أدغار ـ أبداً لم يهجر أحد من عائلتي زوجته وأولاده
كابن عمك.
أليسا ـ في وقت ما رافقته زمناً عن طيب خاطر.
أدغار ـ المنحطون ليسوا بالضرورة أغبياء كسكان هذه
الجزيرة الذين لا أقضي أبداً الوقت معهم. ذلك أنهم منحطون وأغبياء معاً.
أليسا ـ ابن عمي ليس منحطاً.
أدغار ـ إنه منحط.. إنه هو الذي جمع بيننا.
أليسا ـ هل تعرف ولو زواجاً سعيداً واحداً؟
أدغار ـ ايكمارك.
أليسا ـ إنها في المستشفى.
أدغار ـ كرافت.
أليسا ـ لقد أفلس.
أدغار ـ أنا لا أعرف إذن أي زواج سعيد.
أدغار ـ لنواصل اللعب.
أليسا ـ هيا.
أليسا ـ إنه لجميل أن يعود كورت في عيد زواجنا الفضي
بالضبط.
أدغار ـ غريب أن كورت يريد الاستقرار في هذه الجزيرة
الجرباء في وظيفة مراقب الحجر الصحي.
أليسا ـ لو لم يتزوج لكنت لا أزال أمثل في المسرح.
أدغار ـ هذا أفضل بالنسبة للمسرح.
أليسا ـ لقد كنت ممثلة مشهورة.
أدغار ـ للنقاد رأي آخر.
أليسا ـ النقاد منحطون.
أدغار ـ ولكنهم ليسوا أغبياء.
_________
أدغار ـ فلأشرب قليلاً من الويسكي
(يذهب إلى البوفيه ويصب لنفسه كأساً)
في صحة العقيد (يشرب) لو كانت هنا عارضة لسند
الإقدام، لأمكنك أن تتخيل نفسك في البار الأمريكي في كوبنهاغن.
أليسا ـ لقد مضت في كوبنهاغن أفضل فترة من عمري.
أدغار ـ هل تتذكرين أننا أكلنا في (النيمبا) يخنة
الخروف مع البطاطا؟
أليسا ـ أتذكر الحفلة الموسيقية في قاعة
الفيلهارموني.
أدغار ـ لم تكن أبداً في الفيلهارموني.
أليسا ـ أفضل فترة في حياتي... عندما لم أكن قد
عرفتك بعد.
أدغار ـ لقد تزوجتني لكي تتباهى بي.
أليسا ـ لم أستطع أبداً أن أتباهى بك.
أدغار ـ لقد كنت منظّراً عسكرياً مشهوراً
أليسا ـ لم يعرفك أي إنسان.
أدغار ـ إنهم يرقصون عند الطبيب.
أليسا ـ فالس "الكازار".
أليسا ـ لقد تزوجتني لكي تتباهى بي.
أدغار ـ لم أستطع أبداً أن أتباهى بك.
أليسا ـ لقد كنت ممثلة مشهورة.
أدغار ـ ليس هناك أحد يعرفك الآن.
أليسا ـ لم أرقص منذ زمن طويل.
أدغار ـ نحن أكبر من أن نرقص.
أليسا ـ أنا أصغر منك بعشر سنوات.
أدغار ـ سأعيش عشرين سنة بعد.
أدغار ـ الزجاجة فارغة.
أليسا ـ لم يعد هناك ويسكي.
_________
أدغار ـ حلت العتمة
أليسا ـ على كل حال أنت لا ترى أي شيء بعينيك
العليلتين.
أدغار ـ عيناي ليستا عليلتين.
أليسا ـ دع جيني تضيء النور.
أدغار ـ جيني ليست هنا.
أليسا ـ اقرع الجرس.
أدغار ـ لقد رحلت جيني.
أليسا ـ نهائياً؟
أدغار ـ نهائياً.
أليسا ـ إذا رحلت جيني فستذهب أيضاً كريستيل.
أدغار ـ إذا ذهبت كريستيل فلن نجد خادماً بعد.
أليسا ـ بسببك أنت.
أدغار ـ الخادم دوماً مهذبة معي.
أليسا ـ ذلك أنك تتزلف لها. وتتزلف لها لأنك تتصرف
كطاغية ولكنك عبد بطبيعتك.
أدغار ـ أنا لا أتزلف لأحد، ولا تزلفت لأحد، ولن
لأتزلف لأحد.
أليسا ـ وعلاوة على ذلك أنت تتحسسهن تحت التنورة.
(أدغار يجلس على المقعد).
أليسا ـ أما زلت راغباً في اللعب.
أدغار ـ لا.
(أليسا تجلس على المتكأ وظهرها للجمهور تعود إلى
الحياكة)
أليسا ـ يقولون إن ابن عمي قد اغتنى؟
أدغار ـ أول قريب غني في العائلة.
أليسا ـ هذا في عائلتك. الأقرباء الأغنياء في عائلتي
ليسوا قليلين.
أدغار ـ ولهذا عائلتك بالنسبة لي كريهة.
(يسمع دق التلغراف)
أليسا ـ من هذا يا ترى؟
أدغار ـ الأولاد.
(يذهب إلى الطاولة الموضوعة عليها آلة التلغراف)
أليسا ـ ماذا هناك؟
أدغار ـ جوديث مريضة.
أليسا ـ من جديد.
أدغار ـ هم في حاجة إلى نقود.
أليسا ـ من جديد.
(أدغار يجلس أمام الآله وينقر على المفتاح إشارة
انتهاء الاستقبال)
أدغار ـ الأولاد لا يبدون أقل تحمس للمواظبة على
المدرسة.
أليسا ـ أنت نفسك لا تفعل شيئاً.
أدغار ـ لقد كنت الطالب الأول في الصف، وولدي يسقط
في كل امتحان، وابنتي أيضاً.
أليسا ـ تحدث معهم.
أدغار ـ تحدثي معهم.
أليسا ـ جبان، لقد كنت دوماً جباناً، وستظل أبداً
جباناً.
أدغار ـ لقد كنت منظراً عسكرياً مشهوراً.
أليسا ـ وأنا كنت ممثلة مشهورة.
أليسا ـ أنت تتثاءب.
أدغار ـ وماذا في ذلك.
أليسا ـ تتثاءب بحضور زوجتك.
أدغار ـ وماذا بقي لدي؟ كل مساء نفس هذه المحادثة.
أدغار ـ أنا لا أثق أن ابن عمك قد اغتنى.
أليسا ـ ومع ذلك.. اغتنى.
أدغار ـ ولماذا إذن هو في حاجة إلى وظيفة مراقب
الحجر الصحي؟
أليسا ـ أنت نفسك لم تصل حتى إلى رتبة رائد.
أليسا ـ ألم يحن وقت العشاء؟
أليسا ـ لقد حجز الطبيب العشاء لضيوفه في المدينة في
(الغراند أوتيل).
أدغار ـ إذن سيقدم إليهم السمّان، أردت أن أعرف ماذا
سيشرب معه هؤلاء البرابرة.
أليسا ـ هل أعزف لك شيئاً ما.
أدغار ـ أي شيء.. إلا معزوفتك الأبدية "أغنية
صولفيغ".
أليسا ـ لن أعرف أي شيء إذن.
أدغار ـ إذن لا تسألي.
أليسا ـ اللحن الوحيد الذي يعجبك هو معزوفتك البغيضة
"موكب البايار".
(ينض أدغار ويخطو إلى منتصف الحلقة)
أدغار ـ البايار كانوا سادة.
(أليسا تضحك)
أدغار ـ في القبو زجاجتان من الشمباني.
أليسا ـ أعرف.
أدغار ـ أتأتي بهما وتشربهما كما لو أن عندنا
ضيوفاً؟
أليسا ـ إنهما ملكي.
أدغار ـ لا تكوني هكذا مقترة.
أليسا ـ أنت لست منظراً عسكرياً مشهوراً، ولهذا
يتوجب علي أن أقتصد؟
أدغار ـ هل من المعقول أننا لا نستطيع، حتى في هذا
اليوم، أن يكون أحدنا بشوشاً تجاه الآخر؟
أليسا ـ بالمقارنة مع الأماسي الأخرى، نحن اليوم
لطيفان جداً.
_________
أدغار ـ هل أرقص شيئاً ما؟
أليسا ـ أنت أسن من ذلك.
أدغار ـ ومع ذلك إذا عزفت "موكب البايار" سأرقص.
أليسا ـ حتى ذلك الذي يحسب كل الناس أغبياء ليس
ضرورياً أن يتصرف كالحمقى.
(أدغار يجلس على المقعد)
أدغار ـ السمان فعلاً لطيف على شرط ألا يقلى
بالدهن.
أليسا ـ في "الغراند اوتيل" لا يقولونه أبداً
بالدهن.
أدغار ـ العقيد يقدرني تقديراً عالياً.
أليسا ـ ذلك يعني إنه الأحمق الحقيقي الوحيد هنا.
أدغار ـ ربما كان من الأفضل دعوة ضيف ما. من جديد.
أليسا ـ لقد طفشتهم جميعاً.
أدغار ـ عندما كان الضيوف يزوروننا، كنا نحس بأنفسنا
سعداء.
أليسا ـ ثم أصبحنا أكثر تعاسة.. الضيف وحده كان يحس
بالسعادة حينما يذهب.
(قرع على الباب)
أدغار ـ هذه كريستيل.
أليسا ـ اذهب وانظر.
(ادغار يذهب يميناً ثم يعود)
أدغار ـ نعم إنها كريستيل (يجلس من جديد على المقعد)
لقد قررت هي أيضاً الذهاب.
_________
أليسا ـ نحن أناس منتهون.
أدغار ـ أفضل ما نفعل هو أن نشنق أنفسنا.
ضربة جرس
(اليسا، أدغار، كورت، يفتحون أيديهم على سعتها
للعناق)
أليسا ـ أهلاً وسهلاً يا ابن العم.
أدغار ـ أهلاً وسهلاً كورت.
كورت ـ مرحبا أليسا (يعانقها) مرحباً أدغار (يعانقه)
أنتما لا تزالان تعيشان في البرج.
أدغار ـ لا نزال.
كورت ـ لا تزالان فوق عنبر السجن.
أليسا ـ لا نزال.
كورت ـ أنتما وحيدان؟
أليسا ـ الأولاد في المدينة.
كورت ـ أليس عندكم خادم.
أدغار ـ نحن أناس أحرار ولا تحتمل الخدم العبيد.
كورت ـ لم نلتق منذ زمان بعيد.
أدغار ـ منذ خمسة عشر عاماً. لقد هرمنا، نمونا حتى
غطانا الطحلب كما يقولون، ولكن عن جدارة.
أليسا ـ كورت لم يتغير إلا قليلاً.
أدغار ـ هراء. لقد كبر هو أيضاً وآمل أيضاً عن جدارة
(يضحك).
أليسا ـ ستبقى عندنا.
كورت ـ أنا مدعو عند الطبيب.
أدغار ـ ليس هناك المحيط الذي يلائمك.
كورت ـ الطبيب هو رئيسي المقبل.
(أليسا تأخذ من كورث المعطف والقبعة وتحملهما إلى
المشجب)
أدغار ـ لم أتهيب يوماً من الرؤساء يا عجوزي.
كورت ـ لا أريد متاعب لا داعي لها.
أدغار ـ اعتمد علي ولن تصادفك أية متاعب. في هذه
الجزيرة أنا الذي أمر. والطبيب ـ هذا الدجال الفراغ الدماغ ـ يرتعد أمامي،
الكل في هذه الجزيرة يرتعدون أمامي.
أليسا ـ تقريباً.. الكل.
(كورت يجلس على أحد المقاعد الموضوعة حول الطاولة،
وأليسا تجلس على آخر).
كورت ـ طيب سأبقى.
أدغار ـ إلى أن تجد شقة.
كورت ـ أرى أنكما سعيدان بوجودي.
أدغار ـ طبعاً سعيدان. لقد كنت في زمنك تتصرف بطيش
أحمق سنعتبر هذه القصة منسية، أنا بطبعي سمح.
كورت ـ أشكرك.
أدغار ـ لن نتحدث عن هذا أكثر.
(يجلس على المقعد)
مقطع
استقبال الضيف
أليسا ـ هل تجولت كثيراً؟
كورت ـ نعم لقد سحت في أرض الله الواسعة.
أدغار ـ والآن طوح بم المصير إلى الشاطئ، إلى أولئك
الذين جمعت بينهم منذ خمس وعشرين سنة.. إيه يا عجوزي. يا عجوزي لقد عشنا
حياتنا الزوجية بشرف، في بعض الأحيان تأوهنا وتنهدنا، وفي بعض الأحيان كانت
تمر علينا ظروف قاسية بصورة شيطانية كما يحدث في كل زواج، ولكن نجمتنا
الآفلة أليسا لا تستطيع أن تشكو، فالمال يسيل إلينا، وليس عبثاً أنني منظر
عسكري مشهور عالمياً.
كورت ـ يسعدني أن كتابك في علم القذائف لم يهرم.
أدغار ـ لقد كان وما يزال عملاً وضع الأسس رغم أن
الأساتذة القذرين يدرسون في كتب لا تفيد شيئاً.
كورت ـ مؤسف.
أدغار ـ بكل بساطة، فضيحة.
كورت ـ بالتأكيد.
أدغار ـ ينتظر الجيش مستقبل كئيب.
كورت ـ المهم أن زواجكما قد صمد للمحن.
أليسا ـ وأي صمود.
كورت ـ أنا أفخر بأنني جمعتكما كما تقول يا عجوزي.
حتى ولو كان الأمر لا يتفق والحقيقة تماماً.
أدغار ـ لن نتحدث عن هذا أكثر.
كورت ـ هل كنتم في الخارج؟
أليسا ـ في كوبنهاغن.
أدغار ـ خمس مرات. وأنت هل كنت في كوبنهاغن؟
كورت ـ لقد عشت في أمريكا أكثر من أي مكان آخر.
أدغار ـ هكذا إذن.
كورت ـ وفي استراليا.
أدغار ـ لابد أن تكون الحياة مرعبة في تلك الأماكن،
في الحقيقة يعيش هناك اللصوص فقط.
كورت ـ لا تشبه تلك الأماكن كوبنهاغن.
أليسا ـ كيف حال أولادك؟
كورت ـ ليست عندي أية فكرة.
أدغار ـ لا تغضب يا عزيزي كورت، أنا إنسان صريح، أنا
أفكر فيه أقوله، لم يكن عملاً ذكياً منك أن تترك أولادك لضربات القدر.
كورت ـ أنا لم أتركهم لضربات القدر.
أدغار ـ ومع ذلك فهو عمل غير شريف.
كورت ـ لقد كانوا في رعاية والدتهم.
أدغار ـ لن نتحدث عن هذا أكثر.
كورت ـ أنا لا أخجل أبداً من التحدث عن هذا. أنا
سعيد بأنني وفقت للخروج من هذه الكارثة.
أدغار ـ نعم، الحقيقة هي الحقيقة.. يا إلهي الطلاق
دوماً كارثة.
كورت ـ الطلاق؟ ولماذا الطلاق؟ أنا أتكلم عن
الزواج.. لقد كان زواجي كارثة.
أدغار ـ ما جمعه الله لا يحق للبشر أن يفرقوه..
كورت، ما نحن أمام وجه الأبدية إلا حقراء.
كورت ـ بدون شك.
أدغار ـ هل كل أن يحمل صليبه.
كورت ـ عزيزي أدغار، لقد كان زواجك سعيداً، ولست في
حالة تستطيع أن تتصور معها ما هو الزواج التعيس.
أدغار ـ يا عزيزي كورت، لقد انحططت بلا أمل في
أمريكتك واسترالياك هاتين.
أليسا ـ أدغار
أدغار ـ انحططت.. ذلك الذي لا يستطيع حمل صليبهن هو
إنسان منحط.
كورت ـ اسمع...
أدغار ـ لن نتحدث عن هذا أكثر.
_________
كورت ـ كيف حال الأولاد؟
أليسا ـ هنا يتعلمان في المدرسة، لقد أصبحا تقريباً
بالغين.
أدغار ـ جوديث رائعة.. فتاة قوية. وللفتى ذهن متوقد
ولابد من أن يصبح وزير حربية.
أليسا ـ إذا نجح في الامتحان.
كورت ـ تهانينا.
_________
أدغار ـ يقولون أن أولادك غير موهوبين إطلاقاً.
كورت ـ ممكن.. هذا معناه أنهم لأمهم.
أدغار ـ لن نتحدث عن هذا أكثر.
_________
أدغار ـ هل تحب أن تشرب شيئاً؟
كورت ـ فيا بعد.
أدغار ـ شمبانيا؟
كورت ـ شاي.
أدغار ـ آمل في أنك لم تصبح منافقاً مقلعاً عن
الشراب؟
كورت ـ بكل بساطة.. أصبحت أكثر اعتدالاً.
أدغار ـ يتوجب على الرجل الحقيقي أن يسمح لنفسه
أحياناً بكل المحظورات.
_________
كورت ـ ما هو نوع الناس الساكنين في الجزيرة؟
أدغار ـ أوباش.
كورت ـ أنت على خصام مع الجميع؟
أليسا ـ أدغار على خصام مع الجميع.
كورت ـ يجب أن تكون الحياة في محيط من الأعداء
فظيعة.
أليسا ـ السرور قليل.
أدغار ـ ليس في هذا أية فظاعة. لقد كان لي في كل
حياتي أعداء، ولكنهم لم يستطيعوا أن يضروني في شيء، بل بالعكس لقد
ساعدوني.. وعند يوم الحساب أستطيع القول أنني لست مديناً لأحد.
أليسا ـ لم يكن طريق أدغار إطلاقاً مفروشاً
بالورود.
أدغار ـ بقواي الخاصة أصبحت ما أنا عليه.
كورت ـ لا أستطيع أن أقول هكذا عن نفسي، ومنذ ذلك
الوقت الذي مني فيه زواجي بالفشل أصبحت أشك بقواي.
أدغار ـ أنت فاشل بائس.
أليسا ـ أدغار
أدغار ـ فاشل بائس.
(يضرب بقبضته على الطاولة)
(أليسا تضرب بقبضتها على الطاولة)
أدغار ـ وفي يوم ما بالطبع تتعطل الماكينة وعندها
نتحول إلى عربة صغيرة من الزبل لتسميد البساتين، ولكن ما دامت الماكينة
تعمل فيجب بذل كل ما في طاقتنا. هذه هي فلسفتي.
كورت ـ أليسا.. زوجك كل بساطة مدهش.
(أليسا تضحك)
أليسا ـ أنا سعيدة بأن المقام عندنا يعجبك
(كورت يضحك)
أدغار ـ أنت تضحك مني.
كورت ـ أنا معجب بك.
أدغار ـ لقد حضرت فقط لكي تتمتع بمخاصماتنا
العائلية.
كورت ـ غريب، ولكن ألم يكن زواجكما سعيدا!
أدغار ـ حتى في الزواج السعيد يوجد خصام. الزواج
عموماً هو خصام.. الطقس يسوء (يقترب من ميزان الطقس) الميزان ينخفض.
أليسا ـ هل ستبقى؟
كورت ـ سأبقى.
أليسا ـ لدينا طعام جد متواضع.
أدغار ـ العاصفة تبدأ (يدق على ميزان الطقس)
أليسا ـ أصبح عصبياً.
أدغار ـ أريد أن آكل.
أليسا ـ طيب.. تستطيعان أيضاً أن تتفلسفا (تتوجه
بالحديث إلى كورت) لا تعارضه وإلا أصبح مزاجه سيئاًن ولا تسأله لماذا لم
يصبح رائداً.
أدغار ـ أعدي لنا شيئاً لذيذاً يا عجوزي.
أليسا ـ أعطني نقوداً أعد لك طعاماً لذيذاً.
أدغار ـ نقود!.. دائماً نقود!
(أليسا تخرج يساراً خارج الدائرة وتجلس على المقعد
المخصص للوازم العرض)
أدغار ـ نقود.. نقود.. طوال اليوم لا تطالب إلا
بالنقود.. لقد بدأت أخيل أنني تحولت إلى كيس، ولكن مهما يقال فهي امرأة
رائعة، امرأة استثنائية، وعندما أتذكر زوجتك السابقة...
كورت ـ لنترك هذا الموضوع
أدغار ـ لقد كانت امرأة رائعة أيضاً، ولكنك لم تستطع
أن تربيها. يتوجب على الزوج أن يربي زوجته. التربية! (يجلس) هذا هو السبب
في أن أليسا امرأة رائعة بالرغم من كل شيء.
كورت ـ بالرغم من كل شيء؟
أدغار ـ نعم بالرغم من كل شيء. لقد ربيتها حقاً.
إنها زوجة مخلصة وأم لا تضاهى ولكن لها طبعاً شيطاناً.. وفي بعض الأحيان
ألعنك يا عزيزي لأنك أنت الذي جمع بيننا.
كورت ـ أدغار، يا صديقي، أنا أبداً لم أجمع بينكما؟
أدغار ـ لن نتحدث عن هذا أكثر.
_________
أدغار ـ الحياة شيء عجيب، لقد هرمت مع زوجتي، ومع
ذلك أفكر بعمق في الخلود وأنتظر.. ها هي ذبالة الحياة على وشك أن تخبو،
ولكنها لا يمكن أن تخبو.. ذلك أن لنا أطفالاً.. هل تتطلع أنت أيضاً إلى
الخلود؟
(كورت يضحك)
كورت ـ لا.
أدغار ـ لأنك لا تجرؤ على الأمل في الخلود.. لأنك
تركت أولادك لضربات القدر.
كورت ـ ولكني لم أتركهم لضربات القدر.
أدغار ـ لن نتحدث عن هذا أكثر.
كورت ـ كما تريد.
أدغار ـ والآن أنت وحيد. وحيد. وحيد. وحيد.
كورت ـ لقد تعودت على ذلك منذ وقت طويل.
أدغار ـ وهل يمكن أن يتعود الإنسان على الوحدة؟
كورت ـ خذني كمثال
أدغار ـ أنك تعطي انطباعاً سيئاً.
_________
أدغار ـ اعذرني.. أنا أقول ما أفكر فيه، وأستطيع
السماح لنفسي بقول ما أفكر فيه. أنا السيد الحقيقي في هذه الجزيرة. وأنت
تعرف ماذا يعني السيد. البايار كانوا سادة.
كورت ـ باياروك المجيدون.
أدغار ـ نعم.. لقد كانوا سادة.
كورت ـ ألا تزال اليسا تعزف "موكب البايار".
أدغار ـ لا تزال.
كورت ـ وأنت بتأثير هذه الموسيقى لا تزال ترقص؟
أدغار ـ لا أزال.
كورت ـ كما هو ظاهر، لم يتغير أي شيء هنا.
أدغار ـ إن الحياة عندي لم تنطفئ، وليس الأمر كذلك
بالنسبة لك.
_________
أدغار ـ ماذا زاولت بالضبط في الأعوام الخمسة عشرة
الأخيرة؟
كورت ـ زاولت ما زاولت.
أدغار ـ هل اغتنيت؟
كورت ـ قليلاً.
أدغار ـ أنا لا أنوي الاستدانة منك.
كورت ـ في خدمتك.
أدغار ـ لست في حاجة، فالنقود تسيل نحوي كالنهر، ومن
ذلك اليوم الذي تنقطع فيه النقود ستتركني أليسا.
كورت ـ أنت تختلق ذلك؟
أدغار ـ إنها لا تنتظر إلا هذا.
_________
(يدق التلغراف)
كورت ـ ما هذا؟
أدغار ـ التأكد من الوقت.
كورت ـ عندكم تلفون؟
أدغار ـ في المطبخ: ولكن الآنسة في محطة التلفون
تنشر كل ما نقوله، ولذلك فضلنا التلغراف.
كورت ـ يجب أن تكون الحياة في هذه الجزيرة فظيعة.
أدغار ـ الحياة فظيعة (يشعل سيجاراً)
_________
كورت ـ ألا يؤذيك في مثل هذه السن تدخين مثل هذا
السيجار الثقيل؟
أدغار ـ أنا قوي كالثور (ينفث سحابة من الدخان) ألا
تدخن؟ على كل حال أنت أضعف من هذا.
_________
أدغار ـ هيا نتفلسف.
كورت ـ الأمر لا يستحق العناء.
أدغار ـ ومع ذلك لنتفلسف.
كورت ـ كما تريد (يجلس على مقعد آخر).
أدغار ـ هل تؤمن بالله؟
كورت ـ إلى حد ما.
كورت ـ وأنت؟
أدغار ـ وأنا أيضاً إلى حد ما.
أدغار ـ وفي الحياة الآخرة هل تؤمن؟
كورت ـ إلى حد ما.
كورت ـ وأنت؟
أدغار ـ إلى حد ما.. لا أؤمن.
أدغار ـ هل تؤمن أنه في العالم الآخر أيضاً ستدور
معارك وتثور عواصف؟
كورت ـ إلى حد ما.. وأنت؟
أدغار ـ أؤمن فقط بالفناء التام. (تجمد نظرة أدغار
فجأة ويجلس محدقاً في نقطة واحدة).
كورت ـ وهل تؤمن... إلى حد ما... (بدهشة) أدغار: ما
بك؟ أدغار! (يهز أدغار)
أدغار ـ أموت فوراً، وفجأة، كجندي قديم (تجمد نظرته
من جديد).
كورت ـ أليسا!
(تدخل اليسا من يسار الدائرة)
كورت ـ أليسا!
أليسا ـ ماذا حدث؟
كورت ـ لا أعرف. زوجك..
أليسا ـ أعرف (تركع أمام أدغار، تهز رأسها، تتحدث
بدون أي ظل للكراهية) أنت أيها العجوز الهرم. مرة أخرى تحدق في خلودك، كل
عمري أبقيتني حبيسة في هذا البرج. كل عمري وحياتي تتوقف على مزاجك. كل عمري
وأنا ملزمة أن أسمع ثرثرتك الفارغة. كل عمري وأنت تحاول أن تكون أقوى منى،
ولكني أنا لا أقوى بيننا. أنا.
كورت ـ بحق الإله.. أليسا. إنه يستطيع أن يسمعك.
أليسا ـ إنه في هذه الحالة لا يسمع شيئاً، لا يرى
شيئاً. افطس أخيراً.. أيها الباياري الكئيب لقد آن أن تصبح زبلاً للبستان.
(أدغار يعود إلى وعيه ببطء)
أدغار ـ هل قلتِ شيئا؟
أليسا ـ لا.
(أدغار ينهض)
أدغار ـ أرجو المعذرة (يذهب إلى المشجب يتناول
العمرة والسيف) يتوجب على تفقد مراكز الحراسة (يخرج من الدائرة ويجلس على
المقعد الأيمن للوازم المسرح).
(أليسا تجلس على المقعد)
كورت ـ هل هو مريض؟
اليسا ـ ممكن.
كورت ـ هل أضاع عقله؟
اليسا ـ ممكن.
كورت ـ هل يشرب؟
اليسا ـ يتبجح أكثر مما يشرب؟
كورت ـ فيه شيء غير طبيعي.
اليسا ـ إنه الإغماء.. لقد أصيب به منذ عدة أشهر..
وفي كل مرة، عندما يصاب به، أقول له كل ما أفكر فيه.
_________
اليسا ـ لقد دعوتك إلى العشاء يا كورت.
كورت ـ نعم، جعت قليلاً.
اليسا ـ لقد افتقرنا، لا يوجد في بيت المؤونة حتى
قطعة خبز.
كورت ـ سأذهب وأشتري.
اليسا ـ في هذه الجزيرة لا تستطيع أن تشتري شيئاً.
كورت ـ يا لها من جزيرة لطيفة وجدتماها.. أي
والله!.
_________
اليسا ـ كورت.
كورت ـ اليسا.
(تنهض اليسا وتتناول من على البيانو ألبوم صور وتجلس
بجانب كورت)
اليسا ـ أتريد أن تطلع على ألبومنا؟
كورت ـ بك سرور.
أليسا ـ لقد ألصقت الصور بنفسي.
كورت ـ بديع
أليسا ـ هذه أنا بدور بيريتا3.
كورت ـ ومن هذه؟
أليسا ـ صديقة ميديا.
كورت ـ بديع.
أليسا ـ وهذه أنا بدور يفهاريتا.
كورت ـ ومن هذه؟
أليسا ـ خادمة سافو.
كورت ـ بديع. وهذا هو زوجك ملازم شاب.
(أدغار يصدر أوامره للحرس وهو جالس على مقعد لوازم
المسرح).
أليسا ـ إذا مات سأنفجر من الضحك. وهذا هو في رتبة
ملازم أول.
كورت ـ أنتما متباغضان؟
أليسا ـ بلا حدود.
كورت ـ منذ متى؟
أليسا ـ منذ وقت طويل.. وهذه أنا في فستان العرس مع
صديقاتي.
(أدغار يصدر الأوامر)
كورت ـ بديع. ولكن لماذا تزوجته على وجه الخصوص؟
أليسا ـ تزوجته لأنه تزوجني. والآن أنا مضطرة إلى
تنظيف أواني البيت النحاسية، وغسل الأطباق، وتلميع الأرض، وإشعال الفرن،
والطهور. ذلك أن كل الخدم هجرونا.
(أدغار يصدر الأوامر)
اليسا ـ هذا هو القس نيلسون الذي كللنا.
كورت ـ بديع. ولكن افترقا على الأقل.
أليسا ـ لقد جرحنا، خمس سنوات عشنا في هذا البرج
المنعزل منفصلين دون أن نلتقي، وبعدها جاء من جديد يسترحم.. لقد كانت
أياماً جد كئيبة.
(أدغار يصدر الأوامر)
كورت ـ بديع.
أليسا ـ وهؤلاء أولادنا.
كورت ـ بديع.
أليسا ـ مات منهم اثنان.
كورت ـ وحتى هذا كابدته أيضاً؟
أليسا ـ عانيت كل شيء!. اثنان بقيا أحياء.
كورت ـ بديع.
أليسا ـ توأمان. هو يحرض جوديث ضدي، وأنا أحرض أولاف
ضده. هذا منظر الجزيرة من الجنوب.
(أدغار يصدر الأوامر)
كورت ـ بديع. ولكن لماذا يعدني المتسبب في زواجكما؟
أليسا ـ لكي يبعدك عن بيتنا. وهذا أنت وزوجتك معنا
في السفينة.
كورت ـ أنا أبداً لم أجمع بينكما.
أليسا ـ أنك لم تتزوجني بل تزوجتها!
كورت ـ لقد أحببت زوجتي.
أليسا ـ حتى الآن أنت تحبني؟
كورت ـ نعم، ولكنك هرولت إلى منظرك العسكري. أردت أن
تنخرطي في مجتمع أرقى.
أليسا ـ لا داعي..
كورت ـ لن نتحدث عن هذا أكثر.
(أدغار يصدر الأوامر)
أليسا ـ وهذا زوجي في رتبة نقيب. أنا أنتمي إلى جنس
ملعون.
كورت ـ بديع.
أليسا ـ وهذا أنا مع الأولاد على البلاج.
كورت ـ بديع.
أليسا ـ رغم أن البحر عند ذلك ثار فجأة واكتسحنا.
(تغلق الألبوم) كورت يجب أن تبقى معي.
كورت ـ سأبقى. الزواج الوحيد الذي رأيته على حقيقته
هو زواجي.. ولكن زواجكما أسوأ.
(أدغار يصدر الأوامر)
أليسا ـ لقد أنهى تفقده.
كورت ـ لقد أنهى تفقده.
أليسا ـ اغتاظ لأنه لم يتبق له ما يتعشاه.
كورت ـ حولي اهتمامه. أعيدي إليه مزاجه الطيب. اعزفي
له شيئاً.
أليسا ـ "أغنية صولفيغ" (تجلس على البيانو تعزف
وتغني).
(كورت مرتكزاً على البيانو، ينقر بأصابعه مع الإيقاع
شارداً).
مقطع: المعزوفة الأولى
اليسا: "سينقضي الشتاء، وسرعان ما يمضي الربيع،
وسرعان ما يمضي الربيع. وستذبل كل الأزهار وتغمرها الثلوج، وتغمرها
الثلوج".
(يدخل أدغار)
اليسا ـ "وأنت إلي ستعود، هكذا يقول القلب، هكذا
يقول القلب. سأظل مخلصة لك. ولأجلك وحدك سأعيش، لأجلك وحدك سأعيش".
أدغار ـ كفى! كفى! مرة أخرى عادت دوزي4 المجيدة إلى
النواح. هل لحقت حقاً أن تنعي لمحبوب شبابك النبيل حياتك المرة مع الفارس
الرهيب ذي اللحية الزرقاء؟ أمامي أيتها العجوز الشمطاء.. اعزفي "موكب
البايار" قبل أن نجلس للعشاء. لقد حضر سيدك، وسيريك من هو السيد هنا.
(اليسا تتناول النوطة. تفتحها وتضعها أمامها على
البيانو)
اليسا ـ "موكب البايار".
كورت ـ سأساعدك (يجلس بجوار اليسار).
أدغار ـ أسرعا!. أريد أن أرقص.
(اليسا وكورت يعزفان بأيديهما الأربع. أدغار يبدأ
بالرقص يرقص بعنف متزايد، وفجأة يتهاوى ويبقى متمدداً على الأرض.
اليسا وكورت يتابعان العزف دون أن يلاحظا شيئاً).
اليسا ـ هل نكرر العزف ثانية؟
(اليسا وكورت يبدأن من جديد بعزف "موكب البايار،
يتلفت كورت فيري أدغار ممدداً على الأرض فاقداً الوعي اليسا أيضاً تلفتت).
اليسا ـ يا إلهي!
ضربة جرس
أليسا ـ الجولة الثالثة
كورت ـ الإغماء
ضربة جرس
أدغار جالس على المقعد في إعياء.
اليسا توزع الورق.
كورت جالس على المتكأ.
أدغار ـ العقيد يقدرني تقديراً عالياً.
كورت ـ إنه يتحدث عن العقيد.
اليسا ـ إنه دوماً يتحدث عن العقيد.
أدغار ـ سمك الاسقمري المقلي مع شرائح الليمون.
كورت ـ إنه يتحدث عن الطعام.
اليسا ـ إنه دوماً يتحدث عن الطعام.
أدغار ـ السمان
كورت ـ تنفسْ أعمق.
أدغار ـ ماذا حدث؟
كورت ـ لقد سقطت.
أدغار ـ أنا لا أسقط أبداً.
كورت ـ ومع ذلك سقطت.
(استعراضاً لصحته الحديدية ينهض أدغار ويدور حول
المنصة.
كورت يتراجع أمامه لكي يقيه).
أدغار ـ هل رقصت "موكب البايار"؟
كورت ـ بالطبع.
كورت ـ لقد عزفت مع اليسا بأكفنا الأربع ولم أرك كيف
ترقص.
أدغار ـ إنني دوماً أرقص بصورة ممتازة. (يتوقف).
كورت ـ تنفس أعمق.
(أدغار يتنفس بعمق)
أدغار ـ أحس أنني بحالة رائعة، لا أشكو شيئاً، قوي
كالثور (يتوقف).
(يتهاوى إلى الأمام فيتلقاه كورت)
كورت ـ اليسا. ساعديني.
اليسا ـ لا أستطيع أن ألمسه.
(أدغار يستقيم من جديد).
أدغار ـ ماذا حدث؟
كورت ـ لقد كدت تسقط.
(أدغار يخطو إلى الأمام)
أدغار ـ أصبحت عيناي لا تريان شيئاً.
كورت ـ أنت مريض.
أدغار ـ أنا لست مريضاً، ولم أكن مريضاً أبداً، ولن
أكون مريضاً أبداً (يتوقف).
كورت ـ تنفس أعمق.
أدغار ـ رأسي يدور.
كورت ـ تنفس أعمق.
(أدغار يخطو إلى الأمام)
أدغار ـ الميزان الجوي يهبط والعاصفة تقترب ولهذا
رأسي يدور.
كورت ـ تحتاج إلى الاستلقاء.
أدغار ـ لا أريد أن أستلقي.
كورت ـ على الأقل اجلس.
أدغار ـ لا أريد أن أجلس.
(بانتهاء الدورة حول الخشبة يعودان إلى نقطة
البداية، أدغار يتهاوى فيتلقاه كورت).
كورت ـ اليسا! ولكن هذا زوجك، إنه يحتاج إلى
مساعدة.
اليسا ـ لكي يموت لا يحتاج إلى أية مساعدة.
(أدغار يستقيم من جديد).
أدغار ـ ماذا حدث؟
كورت ـ لقد سقطت مرة أخرى.
أدغار ـ سأعيش عشرين سنة بعد (يجلس على المقعد)
سأجلس قليلاً. سأموت فوراً، وفجأة كجندي قديم.
كورت ـ سأتلفن للطبيب.
أدغار ـ لا أريد أي طبيب.
كورت ـ على كل حال سأتلفن.
أدغار ـ لن تتلفن. الأنذال قطعوا الخط.
اليسا ـ ذلك لأنك لم تدفع الحساب.
كورت ـ إذن سأذهب لاستدعاء الطبيب.
أدغار ـ لو حضر هذا الدجال الفارغ الدماغ فسأرميه
بالرصاص في مكانه.
كورت ـ على كل حال سأذهب إليه.
(يخرج من اليمين إلى عمق الخشبة.
اليسا توزع الورق)
أدغار ـ أنا مريض.
اليسا ـ أنا دائماً أقول هذا.
أدغار ـ أعطني ماء.
اليسا ـ طيب (تأتي بكأس ماء من المقعد الشمالي
للوازم العرض).
(أدغار يشرب)
أدغار ـ أشكرك.
اليسا ـ وأخيراً له ستبدأ بالعلاج؟
_________
أدغار ـ ضروري.
اليسا ـ إذن تعالج.
_________
أدغار ـ من المؤكد أنك لا تريدينني أن أتعالج؟
اليسا ـ اطرد هذه الفكرة من رأسك.
_________
أدغار ـ أحوالي سيئة.
اليسا ـ دائماً أقول لك ذلك.
_________
أدغار ـ أنت لا تنتظرين إلا هذه الساعة.
اليسا ـ وأنت تأمل في أنها لن تأتي أبداً.
_________
أدغار ـ لقد كان البايار سادة حقيقيين (يتخشب من
جديد جامد النظر).
اليسا ـ أفطس أخيراً أيها الباياري الكئيب، تحول إلى
زبل للبستان. كل عمري أبقيتني حبيسة في هذا البرج، كل عمري وحياتي تتوقف
على مزاجك. كل عمري وأنا ملزمة بسماع ثرثرتك الفارغة. كل عمري وأنت تطمح
إلى أن تظهر أنك أقوى مني، ولكنني أنا الأقوى بيننا، أنا، إنك لم تستطع أن
تقطعني عن العالم كما تتخيل، ذلك أنني تعلمت استعمال آلة التلغراف. وذلك
شيء لم تستطع أن تتشممه.
(يعود أدغار إلى وعيه ببطء)
أدغار ـ هل قلت شيئاً؟
اليسا ـ لا.
أدغار ـ هل يعود كورت؟
اليسا ـ لقد كان كثير الشوق لتلبية دعوة الطبيب.
أدغار ـ ذلك يعني أنه عند الطبيب.
أدغار ـ أنه على الأرجح يلتهم السمان؟
اليسا ـ كورت لن يتركني لضربات القدر.
أدغار ـ يلتهم أولاً سمك السلمون؟
اليسا ـ كورت ليس منحطاً.
أدغار ـ انه منحط وجبان، لم يجسر على أن يقول أننا
أضجرناه، وأنه يستطيع أن يطعم جيداً عند الطبيب.
(يعود كورت)
كورت ـ قال الطبيب أنه ملم بحالتك الصحية.
أدغار ـ وماذا أيضاً؟ (ينتقل إلى المتكأ).
كورت ـ يتوجب عليك أن ترعى نفسك.
اليسا ـ لقد منت دائماً أقول له ذلك.
كورت ـ ولا سيجار واحد.
أدغار ـ أترك الدخان مرة وإلى الأبد.
اليسا ـ سنرى.
كورت ـ ولا قطرة ويسكي؟
أدغار ـ اترك الويسكي مرة وإلى الأبد؟
اليسا ـ سنرى.
أدغار ـ وماذا بصدد الطعام؟
كورت ـ مشتقات الحليب فقط.
أدغار ـ دجال فارغ الدماغ.. ذاك هو هذا الطبيب.
اليسا ـ أنت تؤكد هذا دائماً.
كورت ـ لقد كان لطيفاً جداً.
أدغار ـ منافق.
كورت ـ سيأتي بمجرد أن ترغب.
أدغار ـ ليتابع التمتع مع ضيوفه. أشعر بأن صحتي
ممتازة. إن لي شهية وحشية.
كورت ـ ألا يحتمل أنه فعلاً قد تحسن.
اليسا ـ سيتخشب من جديد.
أدغار ـ ماذا عندنا للعشاء؟
اليسا ـ اسأل جيني.
أدغار ـ جيني رحلت.
اليسا ـ اسأل كريستيل.
أدغار ـ كريسايل رحلت أيضاً.
اليسا ـ ذلك يعني أنه ليس عندنا شيء للعشاء.
أدغار ـ تريدين أن تميتيني من الجوع؟ (يفقد وعيه من
جديد).
كورت ـ مرة أخرى هو في حالة غيبوبة.
اليسا ـ أنت ترى بنفسك.
كورت ـ لقد بدأت أشفق عليه.
اليسا ـ ماذا قال الطبيب حقاً عن حالته؟
كورت ـ قال أن حالته سيئة.
اليسا ـ هل يمكن أن يموت؟
كورت ـ يمكن أن يموت.
اليسا ـ الحمد لله.
(أدغار يعود إلى وعيه من جديد)
أدغار ـ أحس بأن حالتي فظيعة.
اليسا ـ كنت أقول ذلك دائماً.
أدغار ـ جرعة كونياك.
اليسا ـ ليس عندنا كونياك.
أدغار ـ يعزفون البولونيز هناك.
اليسا ـ نعم لقد وصل مرحهم إلى ذروته؟
أدغار ـ أنا خائف.
كورت ـ من أي شيء؟
أدغار ـ من الموت، من الفناء.
كورت ـ تنفس أعمق؟
أدغار ـ لا أريد أن أموت.
كورت ـ تنفس أعمق.
أدغار ـ أريد أن أعيش.
كورت ـ تنفس أعمق.
أدغار ـ أن أعيش!
_________
أدغار ـ أرجوكم أن تستدعوا الطبيب من المدينة...
أرجوكم.
(اليسا تتقدم من آلة التلغراف وتبدأ تدق بالمفتاح)
أدغار ـ أنت؟ هل تستطيعين؟
اليسا ـ أستطيع.
_________
أدغار ـ منذ متى؟
اليسا ـ ليست هي السنة الأولى (تنهي الإرسال، وتعود
إلى الكرسي وتتابع توزيع الورق).
أدغار ـ تبرقين؟ هذه اللعينة تستطيع أن تبرق، (يسقط
في غيبوبة عميقة).
كورت ـ اليسا.
اليسا ـ كورت (تتابع توزيع الورق).
كورت ـ زوجك... لا أعرف...
اليسا ـ هل مات (تتابع توزيع الورق).
كورت ـ يبدو لي أنه راح في غيبوبة عميقة).
ضربة جرس
(أدغار ـ الجولة الرابعة
كورت ـ عند سرير المريض
ضربة جرس
أدغار ينام على المتكأ ملتحفاً بالبطانية. اليسا
جالسة على المقعد، تتزين، كورت منحن يغسل وجهه في الطست الموضوع على
الطاولة المستديرة، يرتدي الجوارب فقط وحذاؤه على الأرض إلى جانب الكرسي.
وسترته معلقة على الكرسي وصديريته على الشماعة).
كورت ـ بزغ الفجر.
اليسا ـ منذ لحظة كان يشخر.
كورت ـ لقد خرج من حالة الإغماء.
_________
كورت ـ الحمد لله، حالته أحسن.
اليسا ـ يا للأسف، حالته أحسن.
(يذهب كورت إلى الشماعة ويرتدي الصديرية)
اليسا ـ أليس صحيحاً أنه يبدو بشعاً بصورة نادرة؟
كورت ـ أيعقل أنك لا تستطيعين أن تقولي عنه كلمة
طيبة واحدة؟
اليسا ـ ومع ذلك يبدو بشعاً بصورة نادرة.
(يعود كورت إلى الطاولة المستديرة ويزرر كمي
القميص)
كورت ـ إنه يبدو في بعض الأحيان وديعاً جداً.
اليسا ـ وتركني أنا أدفع الثمن.
كورت ـ لم يكن عنده معطف، في درجة حرارة همس وعشرين
تحت الصفر.
اليسا ـ لو لم يكن عندي ذلك المعطف القديم من
كوبنهاغن، لما كانت حالتي أفضل.
كورت ـ لقد بدد والده الثروة.
اليسا ـ وهو بدد مالي.
كورت ـ ولكنه يحب ابنتك..
اليسا ـ وهي تتهجم علي.
(كورت ينتعل حذاءه)
كورت ـ ألا تنزع منه الجزمة على الأقل؟
اليسا ـ إنه ليس شيئاً بدون الجزمة.
كورت ـ هل أذهب إلى الطبيب من جديد؟
اليسا ـ لن تذهب إلى أي مكان.
كورت ـ لماذا، بالضبط، يكره أحكما الآخر؟
اليسا ـ لا أعرف تماماً.
كورت ـ ومع ذلك يجب أن يكون هناك سبب.
اليسا ـ نحن متزوجان.
كورت ـ في حقيقة الأمر يبدو بشعاً بصورة نادرة.
(اليسا تصلح من هيئتها ثم تنظر إلى كورت مستغرقة في
التفكير).
اليسا ـ لم أكن دوماً طيبة معك يا كورت.
كورت ـ لقد كنت دوماً طيبة معي.
اليسا ـ كم أنت صبور!
كورت ـ لقد جعلتني الحياة كذلك.
اليسا ـ لماذا قدمت إلى هذه الجزيرة!
كورت ـ لكي أشغل وظيفة مراقب الحجر الصحي.
اليسا ـ من المؤكد أنك لست في حاجة إليها مطلقاً.
كورت ـ على كل فرد أن يعمل شيئاً.
_________
اليسا ـ لماذا تريد أن تصبح مراقباً في الحجر
الصحي؟
كورت ـ لأجد الهدوء والسلام.
اليسا ـ هل أنت تعيس؟
كورت ـ لكل متاعبه.
اليسا ـ ألا زلت تحبني؟
(أدغار يصحو)
كورت ـ لقد صحا.
اليسا ـ أنا ذاهبة إلى المطبخ. (تأخذ طست الغسيل
وتخرج يساراً متجهة نحو مقعد لوازم المسرح).
أدغار ـ لقد كان حلماً شافياً. هل استلقيت طويلاً
هنا؟
كورت ـ طويلاً، لقد أغمي عليك، وبعد ذلك نمت.
أدغار ـ هل وصل الطبيب من المدينة؟
كورت ـ لا.
أدغار ـ سافل.
(كورت يرتدي السترة، يأخذ كرسياً صغيراً ويجلس إلى
جانب المتكأ).
كورت ـ كيف حالك؟
أدغار ـ لقد تعلمت هذه اللعينة الابراق.
كورت ـ أتريد أن أستدعي الطبيب المجاور؟
أدغار ـ إنه مستغرق في النوم بعد السكر.
_________
كورت ـ هل أدعو القسيس؟
أدغار ـ لأي سبب؟
كورت ـ لكي تريح ضميرك.
أدغار ـ ليس عندي ضمير.
_________
كورت ـ هل أدعو مسجل العقود؟
أدغار ـ لأي سبب؟
كورت ـ لتملي وصيتك.. حتى يبقى الإناث لاليسا على
الأقل فيما إذا حدث لك شيء.
أدغار ـ وماذا يمكن أن يحدث لي؟
كورت ـ ما يمكن أن يحدث لكل إنسان.
أدغار ـ لن يحدث شيء لي، وإذا حدث، تستطيع اللعينة
أن تعيش بدون أثاث.
أدغار ـ إنني أفكر.
كورت ـ بماذا؟
أدغار ـ لقد كانت زوجتك إنساناً رائعاً.
كورت ـ محتمل.
أدغار ـ من المؤسف أن يسوقها الحظ للالتقاء بواحد
مثلك.
كورت ـ يعني؟
أدغار ـ لقد كنت مستخدماً في بنك.
كورت ـ يعني؟
أدغار ـ في أمريكا وأوستراليا؟
كورت ـ في البداية كنت خادم مطعم.
أدغار ـ أيضاً.. مهنة حقيرة.
كورت ـ وبعدها أصبحت باحثاً عن الذهب.
أدغار ـ ليست مهنة بشكل عام.
كورت ـ في بعض لحظات الحياة يتوجب على الإنسان أن
يقدم على أي شيء.
أدغار ـ لقد حالفك الحظ كما يبدو.
كورت ـ جداً.
أدغار ـ ومع ذلك، عندما تشغل وظيفتك سيتحتم عليك أن
تعيد أولادك إليك.
كورت ـ سيبقون مع أمهم.
أدغار ـ يجب أن تقوم بواجبك.
كورت ـ بدون شك.
أدغار ـ من الواضح أنك لست أهلاً لذلك.
(تدخل اليسا حاملة وروداً حمراء فتلقيها إلى أدغار
على المتكأ).
اليسا ـ من صفوف ضباطك والموسيقيين.
أدغار ـ مرؤوسي لم ينسوني.
(تجلس اليسا على المقعد وتطلي أظافرها بالمانيكور)
أدغار ـ إنني أربيهم كوالدهم الحقيقي، ولذلك يرتجفون
أمامي ويحترمونني. إنهم يحسون أنني رجل شجاع لا مأخذ عليه. ضعي الورود في
المزهرية.
(اليسا لا تتحرك من مكانها)
أدغار ـ فيما بعد.. إن هذا لم يحرك مشاعري على
الإطلاق فأنا جندي، أما الناس فما هم إلا رعاع، ولكن هذه البادرة الساذجة
صادرة من القلب والله، ولا يمكن إلا أن تكون صادقة.
(يبدأ جهاز التلغراف بالدق)
أدغار ـ إنها جوديث. ابنتي.
(اليسا تذهب إلى الجهاز)
اليسا ـ "اليوم حفلة راقصة كبرى. لا أستطيع الحضور.
أرجو لك الشفاء السريع. لا تشرب كثيراً هكذا يا بابا".
(تدق اليسا إشارة انتهاء الاستقبال)
أدغار ـ حياة تعيسة. ابنتي الحبيبة تسير على خطى
أمها. بينما أنا أصارع الموت.
(اليسا تجلس من جديد على المقعد وتتابع صبغ
أظافرها)
اليسا ـ لقد حضرتها ضدي، والآن انقلب الأمر عليك
نفسك.
أدغار ـ يا للشيطان!
اليسا ـ هناك أيضاً رب.
أدغار ـ لا أريد أن أعيش أكثر.
اليسا ـ إذن استلق على السرير أخيراً.
أدغار ـ إذا استلقيت على السرير فلن أنهض قط.
اليسا ـ ألم تقل أنك لا تريد أن تعيش أكثر.
أدغلار ـ من الواجب أن أعيش حتى لو لم أرد.
اليسا ـ لا يطالبك أحد بذلك.
أدغار ـ أنا جندي.
اليسا ـ انزع على الأقل جزمتك القذرة.
أدغار ـ على الجندي أن يكون دائماً على أهبة
الاستعداد.
اليسا ـ نفس العبارات الفارغة دائماً.. أن بلادنا لم
تعرف الحروب منذ مدة طويلة.
أدغار ـ ساحة المعركة الوحيدة... هي زواجنا.
(يدق جهاز التلغراف)
أدغار ـ هذا هو العقيد. إنه يقدرني تقديراً عالياً.
اليسا ـ موافقة على حالتك إلى التقاعد.
(تدق اليسا إشارة انتهاء الاستقبال وتعود إلى
مجلسها)
أدغار ـ ومن أين استطاع العقيد معرفة أنني عليك؟
اليسا ـ الأنباء الطيبة تنقلها الريح المواتية.
أدغار ـ أنا لم أطلب الاستعفاء من الخدمة.
اليسا ـ أنا طلبت.
أدغار ـ لن أقبل الإعفاء.
اليسا ـ يبدو أن العقيد لا يقدرك ذلك التقدير
العالي.
أدغار ـ الحياة مليئة بالجحود.
_________
أدغار ـ أريد أن آكل.
اليسا ـ وماذا أيضاً؟
أدغار ـ إقلي قطعتين من البفتيك.
اليسا ـ اثنتين.
أدغار ـ لي ولكورت.
اليسا ـ نحن هنا ثلاثة.
أدغار ـ إذن ثلاث قطع.
اليسا ـ ومن أين نأتي بالبفتيك؟
أدغار ـ اشتري من المطعم.
اليسا ـ أعطني نقوداً.
أدغار ـ ليس لدي نقود.
اليسا ـ إذن لن يكون هناك بفتيك.
أدغار ـ اشتري على الحساب.
اليسا ـ لن يعطونا بعد على الحساب.
أدغار ـ حياة حقيرة.
_________
أدغار ـ نعم حقيرة. يا عزيزي كورت لقد كرست لخدمة
الوطن ثلاثين سنة من حياتي لدراسة علم القذائف وماذا كانت النتيجة: أتضور
جوعاً. غير أن من المستبعد أن تدرك كم هي الحياة حقيرة، ذلك أنك نفسك
حقير.
اليسا ـ أدغار.
أدغار ـ حقير وتافه!
اليسا ـ لقد سهر كورت عليك الليل بطوله، بمعدة
فارغة، ذلك أنه ليس عندنا في البيت حتى القهوة. وأنت بعد ذلك كله تهينه.
أدغار ـ يا عزيزي كورت إنها تنهش لأنني لم أمت هذه
الليلة.
اليسا ـ بل لأنك لم تمت منذ خمسة وعشرين عاماً مضت.
(اليسا وأدغار يصرخان في وقت واحد)
اليسا ـ لتفطس أيها الباياري الكئيب. آن لك أن تصبح
به سماداً للبستان.
أدغار ـ لست مريضاً، ولم أكن مريضاً، ولن أصبح
مريضاً.
_________
أدغار ـ إنه لجو بديع عندنا إلى حد اللعنة، بديع إلى
حد اللعنة (يعطي الورود لكورت) وهذا الزواج يا عجوزي... أنت الذي عقدته
(ينهض ويذهب إلى المشجب فيتناول عمرته وسيفه). حسناً.. أنا ذاهب إلى المطعم
وسآكل بفتيك وبعد ذلك سأذهب إلى المدينة لزيارة العقيد (يذهب يميناً إلى
عمق الخشبة).
ضربة جرس
اليسا ـ الجولة الخامسة.
كورت ـ معزوفة بيتية.
ضربة جرس
(اليسا جالسة إلى البيانو تعزف مقطوعة لشوبان. كورت
مستند إلى يسار البيانو.
من أعماق الخشبة يدخل أدغار فيومئ كورت له برأسه
فيرد عليه أدغار بإيماءة ثم يعلّق عمرته وسيفه على المشجب. يشعل سيجاراً
ويستند على البيانو من الجهة اليمنى اليسا تعزف نهاية اللحن).
كورت ـ فالس الوداع.
أدغار ـ رائع.
اليسا ـ ها.. هذا أنت.
أدغار ـ ماذا فعلتم هنا؟
اليسا ـ لقد تفقدنا الجزيرة.
أدغار ـ إنها جزيرة حقيرة.
كورت ـ الميناء لطيف جداً.
اليسا ـ وأنت ماذا فعلت؟
أدغار ـ تغديت في المدينة في (النيمبا) غداء
مفتخراً، لحم خروف مع البطاطا.
_________
أدغار ـ ألستما جائعين؟
اليسا ـ لقد تغدينا في المطعم العائم.
أدغار ـ يقدمون طعاماً فظيعاً هناك.
كورت ـ مقبول.
أدغار ـ طبعاً. في أمريكا وأوستراليا لم يدللوك
بالطعام الفاخر.
_________
اليسا ـ ما هو الجديد في المدينة؟
أدغار ـ لقد ألغي أمر تقاعدي.
كورت ـ تهانينا.
أدغار ـ العقيد يقدرني تقديراً عالياً جداً.
_________
اليسا ـ كيف تحس نفسك؟
أدغار ـ لقد عدت من العالم الآخر.
اليسا ـ أنت تدخن من جديد؟
أدغار ـ لقد كنت في المدينة عند الطبيب.
اليسا ـ والنتيجة.
أدغار ـ مرة أخرى كالثور، سأعيش عشرين سنة بعد.
اليسا ـ لطيف جداً.
_________
أدغار ـ لقد كان طريق العودة بالباخرة بكل بساطة
مثيراً، البحر. السماء، النجوم الأولى، السكينة... السكينة التي وهبها الله
لنا.
اليسا ـ أنت فجأة تتحدث عن الله.
أدغار ـ المرض طهر روحي.
كورت ـ تهانينا.
أدغار ـ لقد أدركت خلود الروح.
اليسا ـ أسفاً على عربة الزبل الصغيرة لتسميد
البستان
(تعزف من جديد مقطوعة شوبان)
(أدغار ينتزع النوتة من أمامها ويغلق غطاء البيانو)
أدغار ـ يا أليستي المحترمة، لقد أعدت ترتيب
حياتنا.
اليسا ـ حياتنا؟
(يذهب أدغار إلى طاولة التلغراف ويضع السيجار)
أدغار ـ حياتنا التي عشناها بدون معنى.
(يقوم ببعض خطوات راقصة يدنو من المتكأ) أنت مضطربة
على ما يبدو؟
اليسا ـ مطلقاً.
(أدغار يضحك)
أدغار ـ لنبدأ بالوصية، على مقدار علمي كلفت مسجل
العقود بوضع الوصية (يجلس على المتكأ).
اليسا ـ تفضل هذه هي (تخرج الوصية من درج الطاولة
المستديرة وتعطيها له).
أدغار ـ أشكرك (يضع النظارات) نظارات جديدة (يقرأ
الوصية) إنها في صالحك (يمزق الوصية بتأن إلى قطع صغيرة، ويُجلس اليسا
بقربه على المتكأ) يا أليستي المحترمة. بناء على رغبتك التي عبرت عنها
مراراً بوضع حد لحياتنا الزوجية. وبناء على قسوتك التي أبديتها نحوي ونحو
الأولاد. وكذلك بناء على عدم اكتراثك بشؤون البيت... قدمت في المدينة طلباً
للطلاق، وبذلك أعدت ترتيب حياتنا.
اليسا ـ أوه!
أدغار ـ نعم هكذا.
اليسا ـ ولأي سبب فعلت ذلك في الحقيقة؟
أدغار ـ لقد اتخذت قراراً بقضاء آخر عشرين سنة من
حياتي مع المرأة التي تحبني، والتي ستشيع في البيت الدفء والراحة والرعاية
والجمال.
اليسا ـ هل تريد أن ترميني في الشارع؟
(يضحك أدغار وينهض)
أدغار ـ سأتزوج زوجة كورت السابقة!
(كورت يضحك)
اليسا ـ وماذا سيحدث لي؟
أدغار ـ ولكنك ممثلة مشهورة.
اليسا ـ لقد بددت أنت كل ثروتي.
أدغار ـ بقي عندك بعض المدخرات.
اليسا ـ أما أنت، فلا شيء لديك إلا الديوان.
أدغار ـ عندي في البنك خمسة وعشرون ألف كراون.
(كورت يضحك)
اليسا ـ إليك خاتم الخطوبة (تقذف أدغار بالخاتم).
أدغار ـ أشكرك (يضع الخاتم في جيبه) هل أستطيع أن
أسأل الشاهد آخذ هذه الواقعة بعين الحسبان؟
(اليسا تعود إلى الحياكة وهي جالسة على المتكأ)
اليسا ـ (ممسكة الإبرة بفمها) وهل أستطيع أنا من
جهتي أن أسأل الشاهد إضافة هذه الواقعة: وهي أن زوجي أراد أن يقتلني؟
كورت ـ هذا لا يمكن.
اليسا ـ نعم لقد أراد.
كورت ـ كيف؟
اليسا ـ لقد دفعني إلى الماء.
كورت ـ أين؟
اليسا ـ على الجسر.
كورت ـ متى؟
اليسا ـ منذ شهرين.
كورت ـ أي كلام فارغ!
أدغار ـ لا يمكنك أن تثبتي.
اليسا ـ أنت تظن ذلك.
أدغار ـ ليس لديك شهود.
اليسا ـ جوديث.
أدغار ـ إنها دوماً تساعدني وأنا أساعدها (يجلس على
المتكأ بجانب أليسا).
(كورت يضحك)
كورت ـ يا لك من محتال عريق.
(يجلس إلى البيانو)
أدغار ـ بنتك المهذبة جداً جوديث تنتظر الإجهاض.
ممن؟ الله وحده يعلم. سأدفع أنا المصاريف وستشهد هي على صحة أقوالي عن
الحادثة، وبعدها تستطيع أن تفعل ما تشاء. فلن تكون بعد ابنتي. وبالمناسبة،
لقد أسفت جداً لكونك تتقنين السباحة.
اليسا ـ إنها لم تطعني في يوم من الأيام.
أدغار ـ لن نتحدث عن هذا أكثر.
كورت ـ أنت عديم الرحمة.
أدغار ـ الحياة عديمة الرحمة.
(كورت يبدأ بعزف المقطع الأول من "موكب البايار")
أدغار ـ ولن نفيض في الحديث عن سكر ولدك المدلل، ولا
عن طرده من المدرسة.
اليسا ـ لقد كنت دوماً له أماً طيبة.
أدغار ـ وبشكل عام لن نفيض في الحديث عن النسل
المشؤوم لزواجنا المشؤوم.
كورت ـ كف عن تعذيبها.
أدغار ـ يجب أن تعرف كيف تنظر إلى الحقيقة وجهاً
لوجه.
(كورت يبدأ بعزف المقطع الأول من "أغنية صولفيغ")
أدغار ـ (يهتز من الضحك) الممثلة الفاشلة، كادت أن
توصل زوجها الضابط الشريف إلى حافة الجنون ـ هذه هي القصة بكاملها.
(اليسا تحيك)
اليسا ـ لقد فعلت كل ما بوسعي لأجل أولادي.
(أدغار ينهض بوقار، يجلس على المقعد ويضع الساعة على
الطاولة).
أدغار ـ أمامكما عشر دقائق لكي ينقطع أثركما من
المنزل. الساعة أمامي على الطاولة.
أليسا ـ أنت الذي أوصلت الأولاد إلى ما هم عليه.
أدغار ـ عشر دقائق. القدر يعد الثواني. (يضع يده على
قلبه)
كورت ـ ماذا بك؟
أدغار ـ لا شيء.
كورت ـ هل أذهب إلى الطبيب مرة أخرى؟...
أدغار ـ حالتي سيئة جداً (يتهالك على المقعد
متظاهراً بالإغماء).
كورت ـ مرة أخرى يسقط في الغيبوبة.
(اليسا تحيك)
اليسا ـ لقد كان من الأفضل أن يموت أولاف وجوديث
أيضاً.
كورت ـ هل يمكنني أن أساعدك في شيء؟
اليسا ـ مساعدتي مستحيلة.
كورت ـ من المحتمل أن يموت.
اليسا ـ لن يموت أبداً.
كورت ـ يجب ألا تفقدي رباطة جأشك.
(اليسا تحيك)
اليسا ـ أنت لا تعرف كل شيء بعد. لقد كان على علاقة
بزوجتك منذ خمسة عشر عاماً.
كورت ـ هم.م.م.
اليسا ـ متى تفتح عينيك أخيراً؟
كورت ـ أعرف هذا كل الوقت.
اليسا ـ كل الوقت؟
كورت ، طبعاً.
اليسا ـ إنه يكرهك.
كورت ـ هو يكره الجميع.
اليسا ـ ولا تريد أن تنتقم منه؟
كورت ـ لا معنى للانتقام من هذه الخربة.
اليسا ـ أما أنا فأريد الانتقام منه.
كورت ـ كيف؟
اليسا ـ لقد أوقع نفسه بنفسه. أدخر سراً خمسة وعشرين
ألف كراون.
كورت ـ من الواضح أنه اضطر إلى التقتير بشكل لا
يعقل.
اليسا ـ لقد بدد كل شيء في الكازينو.
كورت ـ في هذه الحالة لا يستطيع اعتدال، يدخر خمسة
وعشرين ألف كراون.
اليسا ـ أنا أعرف ما يجب فعله. إنه صديق حميم لرئيس
مستودع الأسلحة. وتجمعها بالطبع مصلحة مشتركة (تجلس على ذراع المقعد وتداعب
أدغار من أذنه) سأبرق الآن للعقيد بأنك، بالاشتراك مع رئيس مستودع الأسلحة،
اختلستما مبلغ خمسة وعشرين ألفاً، هذا ما سأفعله بك أيها الباياري الكئيب.
كورت ـ هل أنت واثقة؟
اليسا ـ مبلغ كهذا لا يفسر إلا هكذا (تذهب إلى آلة
التلغراف وترسل برقية) لقد حكم زوجي حياتي، وأهلك أولادي، فليقبع الآن في
السجن تحت هذه الغرفة، وأنا سأرقص "موكب البايار". (ترقص).
كورت ـ أنت شيطانة.
اليسا ـ الانتقام! كم أشعر باللذة!
كورت ـ ترقصين بصورة جيدة.
اليسا ـ لا أجيد الرقص فقط.
كورت ـ هل أنت واثقة.
اليسا ـ جرب أن تعرفني أفضل.
كورت ـ أريد أن أعرفك بصورة أفضل.
اليسا ـ إذن انتقم لنفسك.
كورت ـ بودي الآن أن أنتقم لنفسي.
اليسا ـ تنقصك الشجاعة.
كورت ـ ولكن لا تنقصني الرغبة.
اليسا ـ أنت مهذب أكثر من اللازم.
كورت ـ لست مهذباً أبداً.
(اليسا تتوقف عن الرقص)
اليسا ـ برهن.
كورت ـ لنذهب إلى الفراش.
(اليسا ترقص من جديد)
كورت ـ أريد أن أنام معك.
اليسا ـ آه لو مات الآن!
كورت ـ إذن لتحقق انتقامنا معاً.
(اليسا وكورت يخرجان. من الحلقة يميناً. أدغار يبتسم
بسخرية. يتبعها بنظرته ويذهب يساراً وهو يقفز راقصاً).
ضربة جرس
(أدغار يتناول من مقعد لوازم المسرح من اليسار صينية
ضخمة عليها أطعمة باردة مع زجاجة نبيذ، يضعها على الطاولة، يدفع المقعد إلى
الطاولة. يجلس عليه، ويعلق على رقبته فوطة سفرة كبيرة).
أدغار ـ الجولة السادسة. العشاء المنفرد.
ضربة جرس
(أدغار يصلي صلاة المائدة ويصب لنفسه النبيذ. يبدأ
طعامه ببطء، يشرب، ويعيد الكأس إلى المائدة).
ضربة جرس
اليسا ـ الجولة السابعة.
كورت ـ بعد ساعة.
(ينهض اليسا وكورت من الجهة اليمنى ويدخلان إلى
الحلقة)
ضربة جرس
(أدغار يتابع الأكل)
كورت ـ أنت تأكل؟
أدغار ـ لذيذ جداً (يتابع الأكل) لذيذ إلى حد مدهش
(يتابع الأكل)
اليسا ـ أنت هنا من مدة طويلة؟
أدغار ـ من زمان، وأنا لا أضيع الوقت عبثاً (يتابع
الأكل)
كورت ـ ومن أين أتيت بهذا الطعام الوافر؟
أدغار ـ من بيت المونة.
كورت ـ ولكن لا يوجد هناك حتى قطعة خبز أليس كذلك؟
أدغار ـ أيها العزيز، أنت لا تعرف زوجتي بعد. بيت
المونة محشو حشواً بمختلف الأطعمة.
كورت ـ اليسا! هذا غير معقول.
(تجلس اليسا على المتكأ تأخذ سيجارة)
أدغار ـ لقد سهرت بجواري طول الليلة بمعدة خاوية،
وهي حسب معرفتي بها، كانت تتردد على المطبخ من حين لآخر لتأكل شيئاً.
اليسا ـ غير صحيح.
أدغار ـ ستراتيجية.. تظاهرت أمامك بأنها شهيدة بينما
كانت تريد أن تهلكني جوعاً. دعنا لا نغضب منها. لقد قضيت في المطبخ ساعات
ممتعة عندما كانت نائمة. إذ دخل في رأسها أنه لا شيء يجعل الضابط يدخل إلى
بيت المونة.
(كورت يشعل عود كبريت ويقدمه لاليسا).
أدغار ـ أنت تدخنين؟
اليسا ـ من زمان.
أدغار ـ في صحة العقيد (يشرب)
اليسا ـ لقد شفيت تماماً.
أدغار ـ أنا نفسي مدهوش، اجلسا.
(اليسا وكورت لا يتحركان من مكانهما)
أدغار ـ قطعة من الدجاج يا عزيزتي؟
اليسا ـ شكراً.
أدغار ـ قطعة لحم بارد يا عزيزي؟
كورت ـ لا.
أدغار ـ أين كنتما اليوم كل هذا الوقت؟
اليسا ـ كنا نتفقد القلعة.
كورت ـ إنها ممتعة للغاية (يستند إلى البوفيه)
أدغار ـ آية في فن التحصين، يمكن أن تلعق يديك بعد
سمك الاسقمري، ألا يثيركما إنني أتنعم بكل هذه اللذائذ؟
كورت ـ أبداً.
أدغار ـ كل يتمتع على هواه، في صحة العقيد (يشرب)
اليسا ـ ألم يبرق؟
أدغار ـ هل تنتظرين برقية؟
اليسا ـ لقد انبأت العقيد بأنك اختلست خمسة وعشرين
ألف كرون.
أدغار ـ وكيف توصلت إلى ذلك؟
اليسا ـ الأمر بسيط.
أدغار ـ لطيف.. معنى ذلك.. إلى السجن؟
اليسا ـ هذا شغلك.
أدغار ـ شغلنا.
اليسا ـ أنا ليس لدي في الحساب خمسة وعشرين ألفاً.
أدغار ـ ولا أنا. إنها من مدخرات العقيد السرية ليس
معنى ذلك أنه اختلسها.. لا، ولكن ذلك الذي بذل الكثير لأجل الوطن لا يمكن
أن تكون دفاتر حساباته مضبوطة تماماً، وإلا كان ذلك مخالفاً للطبيعة. لقد
أردت منذ زمن بعيد أن ألفت نظر العقيد إلى هذا النقص وأنت ببرقيتك ذكرته
به. لابد أن فرائصه ترتعد الآن من الذعر.
اليسا ـ لقد خدعتني.
أدغار ـ هـ.م.م. العقيد المجيد، إن رفع قضية ضدي
سيؤدي بالتالي إلى رفع قضية ضده، وبما أن تطور الأمور بهذه الصورة أمر غير
مرغوب فيه من وجهة النظر السياسية؛ فلن يبقى أمام العقيد إلا أن يعرب لي عن
امتنانه.
(تبدأ آلة التلغراف في الدق)
أدغار ـ تسمعين؟ التلغراف يدق، إنهم يخطرونني بأنني
رقيت إلى رتبة رائد.
كورت ـ أخيراً وصلت إليها.
(أدغار يخلع الفوطة)
أدغار ـ متأخر جداً، يا عزيزي كورت، يا عزيزتي
اليسا، أن صحتي تثير مخاوف جدية.
اليسا ـ لقد بدا لي أنك قوي كالثور وإنك ستعيش عشرين
سنة أخرى.
أدغار ـ للبروفيسور الذي كنت عنده في المدينة رأي
آخر. لن أعيش سوى بضعة أشهر فقط.
اليسا ـ آه!
أدغار ـ أنا واقف أمام وجه الأبدية.
اليسا ـ والطلاق؟
أدغار ـ أي طلاق؟
اليسا ـ لقد تقدمت بطلب في المدينة.
أدغار ـ كلام فارغ.
اليسا ـ لقد أعلنت ذلك بطريقة احتفالية.
أدغار ـ صحيح؟ معنى ذلك أنني أدرت المزاح، فكري
بأولادنا.
اليسا ـ لا تتجرأ وتتحدث عن الأولاد.
أدغار ـ ولماذا لا أتحدث عنهم؟ لقد أجريت حديثاً
جدياً مع جوديث في المدينة، واعترفت لي أنها مخطوبة سراً لحفيد القسيس
نيلسون وستصبح زوجة قسيس رائعة. وفتانا قدم فحوصه والحمد لله، ليست النتيجة
باهرة ولكنه قدمها على كل حال. ارفعي السفرة.
اليسا ـ لا.
أدغار ـ ألست سعيدة بأولادنا الرائعين يا ترى؟
اليسا ـ أنت منحط.
أدغار ـ ها! لقد اختلفت لك شتى الخرافات، وأنت
انحططت إلى درجة أنك صدقتني.
اليسا ـ كورت، لنذهب.
ادغار ـ ستبقيان.
(اليسا تنهض)
اليسا ـ عش إذا أردت، مت إذا أردت، لا فرق عندي،
كورت يحبني، ولست بحاجة الآن إلى سجنك.
أدغار ـ اسمعي اعترافاً واحداً، إغمائي الأخير كان
خدعة.
اليسا ـ لقد نصبت لنا فخاً.
أدغار ـ وأنتما في هذا الفخ سقطتما.
(اليسا تقبل أدغار في جبهته).
اليسا ـ رائع ما ابتكرت. لقد كان الانتقام منك مع
كورت على فراش زواجنا لذيذاً.
أدغار ـ والآن ارفعي السفرة من فضلك
اليسا ـ بالتأكيد (تحمل الصينية إلى مقعد لوازم
المسرح الأيسر)
كورت ـ وقصتك المتعلقة بزوجتي هي الأخرى مختلقة
بالطبع.
أدغار ـ ينبغي ألا تفهم حرفياً ما أثرثر به مازحاً
في بعض الأحيان، الخلود فقط هو المهم بالنسبة للإنسان الذي يموت.
كورت ـ أنت تستطيع بحذاقة أن تذر الرماد في العيون.
أدغار ـ كأي محتال؟
كورت ـ كاي محتال صغير.
أدغار ـ أنت تعرق هذا أكثر مني.
كورت ـ ماذا تعني؟
أدغار ـ أما زلت معجباً بي؟
كورت ـ أنا بكل بساطة مندهش.
أدغار ـ ما زلت تعتبرني رائعاً؟
كورت ـ اعتبرك مضحكاً.
أدغار ـ إن ضحكك سيتبخر سريعاً.
كورت ـ ماذا تدبر أيضاً؟
أدغار ـ شيء مثير للفضول ها؟.
كورت ـ إنني أبدي الحذر.
أدغار ـ صحيح ما تفعل.
(تعود اليسا)
اليسا ـ والآن... هل يمكننا الذهاب؟
أدغار ـ مع السلامة. ولكن ألا تودين أولاً أن تعرفي
حقيقة هذا الإنسان الذي تهيمن بالقرار معه؟
كورت ـ عظيم. لنجلس.
(اليسا وكورت يجلسان على الطاولة بمواجهة أدغار)
أدغار ـ هل نلعب الورق؟
كورت ـ لنلعب.
(اليسا تفرق الورق)
مقطع: لعبة الورق الثانية
(يمسك أدغار قلبه فجأة)
أدغار ـ اللعنة...
كورت ـ التظاهر الدوري بالنوبة الدورية؟
أدغار ـ لا تريدان أن تصدقا مرضي.
أليسا ـ مت وعندها نصدق
أدغار ـ إنني أختنق.
كورت ـ ينبغي ألا نفهم حرفياً ما تثرثر به مازحاً في
بعض الأحيان.
أدغار ـ أصبح وضعي أحسن.
كورت ـ لا تستعجل.
أدغار ـ لقد مرت الأزمة. البستوني هو الرابح
(يستمرون في اللعب)
أدغار ـ يا عزيزي كورت، أنا غير واثق أنك كنت باحثاً
عن الذهب في أمريكا وأوستراليا.
كورت ـ يا سلام...
أدغار ـ ولم تكن خادم مطعم أيضاً.
كورت ـ ماذا تعتقد إذن.
أدغار ـ أعتقد أنك ظللت مستخدماً صغيراً في بنك.
(يواصلون اللعب)
كورت ـ ورأس مالي؟
أدغار ـ لقد جمعت خمسين ألف دولار.
كورت ـ معلوماتك لا بأس بها.
أدغار ـ لقد طلبت من العقيد أن يقوم بالتحريات.
كورت ـ العقيد يصبح أكثر إثارة.
أدغار ـ شخص ما من مواطنينا اختلس في بنك نيويورك
مبلغ خمسين ألف دولار.
كورت ـ حادثة معروفة بالنسبة لي.
أدغار ـ وهذا الرجل هو أنت.
(يواصلون اللعب)
كورت ـ الفتى الذي تذكره كان يدعى أرسكون.
أدغار ـ تحت هذا الاسم عشت في أمريكا.
كورت ـ هل أنت واثق؟
أدغار ـ تستطيع أن تعتمد على مهارتي في مقارنة
الوقائع.
كورت ـ لم أدخل هذا في الحساب.
أدغار ـ أشياء كثيرة لم تدخلها في الحساب.
كورت ـ هل العقيد عازم على توقيفي؟
أدغار ـ إنه لا يعرف أن الشخصية المطلوبة هي أنت.
كورت ـ هل تريد زجي في السجن؟
أدغار ـ ما أريده خمسون ألف دولار.
كورت ـ اثنان وعشرون5.
اليسا ـ ستة عشر.
أدغار ـ ثمانية وستون.
كورت ـ تريد أن تسلبني كل شيء.
أدغار ـ في هذه المرة، المختال الصغير هو أنت.
كورت ـ هل نتقاسم؟
أدغار ـ لا.
كورت ـ أربعين ألفاً.
أدغار ـ خمسين.
كورت ـ يلزمني ألفان لكي أعود إلى أمريكا.
أدغار ـ أشتغل بحاراً، العمل الجسدي سيفيدك.
كورت ـ ولكنك ستموت قريباً.
أدغار ـ هذا شغلي.
كورت ـ تقف أمام الأبدية، وأنت بهذا القلب الحجري.
السباتي يربح.
أدغار ـ لن يدينني الرب.
كورت ـ أخبر العقيد.
أدغار ـ سأخبر المدعي العام لأنني إذا أخبرت العقيد
فسينتزع هذا المبلغ الضخم لنفسه.
كورت ـ يبدو أنه عبقري.
أدغار ـ العبقري هو أنا.
كورت ـ وكيف عرفت بأمر.. اختلاسي؟
أدغار: ليس الغني هو الذي يصبح ملاحظ المحجر الصحي
في هذه الجزيرة، وإنما ذلك الذي يبحث عن مخبأ في ركن آمن.
كورت ـ يا للفطنة!
أدغار ـ وما أدهشني حقا هو أنك ـ بمواهبك المحدودة ـ
جمعت ثروة في الوقت الذي أعيش فيه شبه جائع رغم معارفي العميقة في علم
القذائف.
كورت ـ أنت تبالغ قليلاً، فلقد أكلت إلى حد التخمة.
أدغار ـ في هذه المرة سأنتزع أنا المبلغ. سبعة عشر.
كورت ـ استسلم.
(لم يبق ورق بين يدي كورت)
أدغار ـ أين وضعت المال؟
كورت ـ في واحد من بنوك ستوكهولم باسمي الحقيقي.
أدغار ـ سلمني الشيك.
كورت ـ تفضل (يوقع الشيك) خمسون ألف دولار (يناول
أدغار الشيك).
أدغار ـ شكراً. والآن عرفت يا اليسا على رقبة من
ارتميت.
(يدس الشيك في جيب السترة الجانبي)
(اليسا تتابع حساب ورقها)
اليسا ـ ثمانية وثمانون.
كورت ـ ما فعلته معي سفالة حقيقية يا صديقي.
أدغار ـ لقد دمرت زواجاً سعيداً.
كورت ـ اسمع لحظة...
أدغار ـ زواجاً سعيداً. لقد كنا سعداء أليسا وأنا
قبل أن تظهر. كنا على وفاق، نلعب الورق، نثرثر عن شتى الأمور هي تعزف
"أغنية صولفيغ" وأنا أرقص على موسيقى "موكب البايار".
كورت ـ لقد أردت أن تقتلها!
أدغار ـ وماذا في ذلك؟ كثيراً ما أردت قتلها. كل
زواج يولد فكرة القتل ـ هذه هي القضية. لقد حان وقت تفقد الحرس.
(ينهض ويتوجه إلى المشجب. يرتدي العمرة. ويتناول
السيف).
الجوهري في الحياة هي المهارة وحدها، مهارة البتر في
الوقت المناسب: الشطب ثم المضي قدماً (يترنح) ثم تحل لحظة يستحيل فيها
الشطب أو المضي قدماً، ولا يتبقى شيء سوى الواقع. والواقع مرعب (يتمالك
نفسه) أنا لا أزال أستطيع أن أشطبكما (يخرج السيف من غمده) أغربا أيها
الداعران الزانيان. لقد شطبتكما. لم يعد لكما وجود بالنسبة لي (يندفع نحو
أليسا وكورت وسيفه في يده. كورت يرفع عالياً الكرسي ليدافع عن نفسه. أدغار
يترنح ثم يسقط على المتكأ).
(أليسا تشرع بهدوء في بناء منزل من الورق على
الطاولة)
(كورت يجلس على الكرسي)
أدغار ـ استدعوا الطبيب.
أليسا ـ كف عن هذه اللعبة.
أدغار ـ استدعوا الطبيب المجاور.
أليسا ـ لن تقع في هذه المصيدة مرة أخرى.
أدغار ـ أسرعوا.. أسرعوا..
أليسا ـ نعم.. نعم.
أدغار ـ انا أموت.
أليسا ـ هكذا إذن.
أدغار ـ أنا أموت.
أليسا ـ يا حرام.
(يتقلب أدغار على ظهره)
أدغار ـ أنقذوني.
(كورت يضحك ساخراً)
كورت ـ إنه هذا السرك يا صديقي.
أدغار ـ أرجوكم.. ساعدوني.
كورت ـ انهض حان الوقت لتفقد الحرس.
أدغار ـ يا إلهي. يا إلهي؟
كورت ـ بترت.. شطبت.. امض قدماً.
أدغار ـ أريد أن أعيش! أريد أن أعيش!
كورت ـ إلى أي حد أنت مضحك، شيء يميت من الضحك
فعلاً
(أدغار لم يعد يتحرك
كورت يدنو منه، يتأمله، يخرج من جيبه الجانبي الشك
ويضعه في جيبه).
كورت ـ أليسا، يبدو من الضروري استدعاء الطبيب على
كل حال.
أليسا ـ (تواصل بناء البيت الورقي) حقاً؟
ضربة جرس
أدغار ـ يحوّل ظهر المقعد إلى الجمهور.
أليسا تضع على الطاولة صحن حساء)
أدغار ـ الجولة الثامنة
أليسا ـ حديث على العشاء
(أدغار جالس في المقعد وظهره إلى الجمهور
أليسا تنزع من المشجب معطف أدغار، تجلس على المتكأ
وتبدأ بخياطة رتبة الرائد على الكتفين).
ضربة جرس
(أدغار يصدر أصواتاً مبهمة)
أليسا ـ نعم. نعم.
(أدغار يصدر أصواتاً مبهمة)
أليسا ـ يا حرام!
(يدخل كورت مرتدياً معطفه وقبعته)
كورت مرحباً أليسا، مرحباً أدغار.
أليسا ـ أهلاً وسهلاً يا ابن العم.
أليسا ـ هل قدمت من المدينة؟
كورت ـ نعم من المدينة.
كورت ـ كيف حال أدغار؟
أليسا ـ أدغار بحالة رائعة.
كورت ـ أدغار، أنا سعيد جداً بأنك في حالة رائعة.
(أدغار يصدر أصواتاً مبهمة)
أليسا ـ إنه لا يستطيع أن يتكلم.
كورت ـ هكذا إذن.
أليسا ـ إنه مشلول.
كورت ـ (بصوت عال) آسف جداً.
أليسا ـ إنه لا يسمع.
كورت ـ بديع (يتقدم من البيانو، ويتناول الحياكة
الموضوعة هناك) هل أنهيت حياكتك؟
أليسا ـ نعم. شعار عائلة أدغار.
كورت ـ بديع.
أليسا ـ هدية ليوبيل زواجنا الفضي.
كورت ـ سيكون سعيداً جداً (يدق بأصابعه على البيانو
مرة أو مرتين ثم يستند عليه من ناحية الشمال) ماذا تفعلين؟
أليسا ـ أخيط رتبة الرائد على معطفه.
كورت ـ بديع.
(أدغار يصدر أصوات مبهمة)
كورت ـ ماذا يريد أن يقول؟
أليسا ـ إن العقيد يقدره تقديراً عالياً.
كورت ـ هل تفهمين ماذا يريد أن يقول؟
أليسا ـ أنا دوماً أفهم ماذا يريد أن يقول.
كورت ـ هكذا.. هكذا.
أليسا ـ يبدو مهيباً بصورة نادرة. أليس كذلك؟
كورت ـ إنه شاحب قليلاً.
أليسا ـ ومع ذلك يبدو مهيباً بصورة نادرة أليس
كذلك؟
(أدغار يصدر أصواتاً مبهمة)
كورت ـ والآن.. ماذا يريد أن يقول؟
أليسا ـ إنه سيعيش عشرين سنة بعد.
كورت ـ إنه يتحمل الصعوبات بشجاعة.
أليسا ـ هو في كامل وعيه.
ضربة جرس
أليسا ـ الجولة التاسعة
كورت ـ أليسا تتفلسف
(أليسا تستند بكوعها اليمنى على يد المقعد كورت يجلس
على الكرسي مفكراً).
مقطع: التفلسف الثاني
أليسا ـ ما الحياة إلا لغز.
كورت ـ إلى حد ما.
أليسا ـ لقد قال أدغار ذات مرة: يبدو أن الحياة
تستغفلنا.
كورت ـ إلى حد ما، هكذا.
أليسا ـ لقد كنت دائماً أحبّه.
كورت ـ محتمل. إلى حد ما.
ضربة جرس
(أليسا تجلس على ذراع المقعد اليسرى كورت يستند إلى
البوفيه)
اليسا ـ الجولة العاشرة
كورت ـ العناية بالمريض
ضربة جرس
اليسا ـ حاضر، حاضر يا حبيبي، وهذا هو حساؤك
(أدغار يصدر أصواتاً مبهمة)
كورت ـ ماذا يريد أن يقول؟
اليسا ـ خروف مع البطاطا ابنتنا جوديث (تطعم أدغار
من الحساء).
كورت ـ حان وقت ذهابي.
اليسا ـ هل ستعود إلى أمريكا؟
كورت ـ نعم.
اليسا ـ والآن ملعقة لأجل خاطر ابننا اللطيف أولاف
(تطعم أدغار من الحساء) ألا تنوي شغل وظيفة مراقب الحجر الصحي.
كورت ـ أي واحد آخر سيشغل مكان المراقب.
اليسا ـ والآن ملعقة لأجل خاطر أليستك.
(أدغار يصدر أصواتاً مبهمة)
كورت ـ وماذا يريد أن يقول أيضاً؟
اليسا ـ أنه يريد أن يقول أنك خطفت منه شيكاً بخمسين
ألف دولار.
كورت ـ بالتأكيد,
اليسا ـ وملعقة لأجل خاطر القس نيلسون (تطعم أدغار
من الحساء) هات الشيك,
كورت ـ وأنت تريدين أن تسلبيني أيضاً؟
اليسا ـ وملعقة لأجل خاطر رئيس مستودع الأسلحة (تطعم
أدغار من الحساء).
كورت ـ لقد كنت تحبينني.
اليسا ـ وماذا يعني ذلك؟
كورت ـ لقد نمت معي!
أليسا ـ وماذا يعني ذلك؟
كورت ـ هكذا.. وبصورة عامة..
اليسا ـ وملعقة لأجل خاطر العقيد (تطعم أدغار من
الحساء).
(أدغار يصدر أصواتاً مبهمة)
كورت ـ ماذا يريد أن يقول؟
اليسا ـ إنه يقول: الناس ـ ما هم إلا أوباش.
كورت ـ هكذا إذن.
اليسا ـ لقد أكلت!. أكلت!. أكلت كثيراً وبصورة جيدة!
شاطر (تضع الصحن على الطاولة) كورت هات الشيك وأغرب.
كورت ـ وإذا لم أعط؟
اليسا ـ عند ذلك سنبلغ المدعي العام
كورت ـ هل تريدين خيانتي.
اليسا ـ ما أنت إلا محتال صغير.
ضربة جرس
كورت ـ الجولة الحادية عشرة
اليسا ـ اعتراف كورت
ضربة جرس
(اليسا وكورت يجلسان على المتكأ)
كورت ـ أسف جداً يا أليسا. لست أبداً محتالاً صغيراً
فأنا رجل أعمال كبير. أنا لم أختلس هذه الخمسين ألفاً التافهة مثل اركسون.
لقد جمعت ملايين والنصابون من حجمي لا يصل إليهم النائب العام. لكني لست
عازماً على أن أتعبك بالحديث عن صفقاتي. أن تفاصيلها لا تناسب سمعك اللطيف
(يسمح على رأس أليسا) لا تبكي.
اليسا ـ أنت شخصية مهمة؟
كورت ـ في أوساطي يقدرونني.
اليسا ـ في أية أوساط؟
كورت ـ الأوساط العليا.
(أدغار يصدر أصواتاً مبهمة)
اليسا ـ اهدأ.
(أدغار يهدأ)
اليسا ـ ماذا فعلت في المدينة؟
كورت ـ لقد تحدثت مع العقيد.
اليسا ـ هل حصل على المبلغ؟
كورت ـ لقد جعلته شريكاً في إحدى مؤسساتي الفرعية.
أن ميناء الحجر الصحي هنا ملائم جداً لسفني التجارية.
(أدغار يصدر أصواتاًَ مبهمة)
كورت ـ عن ماذا يتكلم؟
اليسا ـ إنه يصدر الأوامر.
كورت ـ هكذا إذن. إن الأيام الثلاثة التي قضيتها معك
وأدغار كانت مفيدة لي. اعترف أن بعض الشكوك ذات الطابع الأخلاقي كادت تتغلب
على. أما عندكم فقد عادت حالتي الروحية إلى مجراها الطبيعي. لقد تأملت
عالمكم الصغير. وفي العالم الكبير حيث أعيش لا تسير الأمور بشكل أسوأ، ولكن
المقاييس مختلفة.
ضربة جرس
(اليسا تقف على يمين البيانو
كورت يقف إلى اليسار. من وراء ظهر المقعد يظهر
أدغار)
أدغار ـ الجولة الأخيرة ـ الوداع
(أدغار يعود إلى الجلوس)
ضربة جرس
اليسا ـ كورت خذني معك.
كورت ـ يجب أن تبقي معه.
اليسا ـ لقد كان أدغار رجلاً حقيقياً.
كورت ـ فعلاً.. هنا في هذه الجزيرة، وكان بوسعه أن
يسمح لنفسه بذلك.
اليسا ـ كورت كل شيء قذر في هذا العالم.
كورت ـ أن أمثالي من الناس يساهمون على كل حال في
تحطيمه.
(أدغار يصدر أصواتا مبهمة)
اليسا ـ عن عربة الزبل للبستان.
كورت ـ لقد حان وقت الوداع.. إلى الأبد، غن لي
"أغنية صولفيغ" وبعدها لنفترق كاصدقاء.
(تجلس اليسا إلى البيانو)
اليسا ـ (تغني) "سينقضي الشتاء، وسرعان ما يمضي
الربيع، وسرعان ما يمضي الربيع. وستذبل كل الأزهار، وتغمرها الثلوج،
وتغمرها الثلوج.."
كورت ـ الوداع يا اليسا! الوداع يا أدغار! (يذهب إلى
الخشبة شمالاً).
(أدغار يصدر أصواتاً مبهمة)
اليسا تغني
اليسا ـ "وأنت إلي ستعود، هكذا يقول القلب، هكذا
يقول القلب. سأظل مخلصة لك، ولأجلك وحدك سأعيش ولأجلك وحدك سأعيش".
ضربة جرس
1 - "أغنية صولفيغ" من موسيقى غريغ وضعها خصيصاً
لمسرحية ابسن "بيرغونت".
2 - "موكب البايار" لم نعثر في الموسوعة الموسيقية
على معزوفة بهذا الاسم، ولعلها مقطوعة من أوبرا (ملادا) للموسيقار الروسي
ريمسكي كورساكوف بعنوان "موكب الأمراء" والبايار كلمة روسية تعني السادة
الاقطاعيين.
3 - بيريتا وميديا ويفهاريتا وسافو من الشخصيات
التمثيلية في المسرح اليوناني.
4 - من بطلات الميثولوجيا اليونانية.
5 - يلاحظ هنا تداخل حسابات اللعب مع المبلغ الذي
طلبه أدغار.
|