أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | مواقع | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

إصداراتي الأدبية

أكثر من 25 مليون زائر، لموقع القصة السورية، رغم إنشغالي بالكتابة للثورة السورية، خلال الأعوام العشرة الأخيرة

يَحيَى الصُّوفي

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 03/09/2022

الكاتبة: ريم بدر الدين بزال

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتبة

بطاقة تعريف الكاتبة

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتبة

 

-ريم بدر الدين بزال مواليد 12/12/1971

-خريجة قسم اللغة الانكليزية / كلية الآداب / جامعة دمشق

-الإقامة في سورية / دمشق

-عملت في التدريس والترجمة والصحافة الخاصة "رئيس تحرير لمجلة تكنولوجيا الصناعة"

-ولدي عدد  كبير من النصوص النثرية والقصصية بعض منها نشر في بعض الصحف السورية وصحيفة الخليج

-صدرت لرواية  الكاتب السوداني هشام آدم " السيدة الأولى"

-ولديوان الشاعر  السوري رعد يكن "خلف زجاج قطار"

-كما قدمت العديد من القراءات النقدية  والترجمات للقصائد الانكليزية الى اللغة العربية

-قدمت أيضا العديد من المقالات المتخصصة في التربية والتنمية البشرية

-قمت بتنظيم عدة أمسيات وحفلي توقيع كتاب لاثنين من الشعراء السوريين

-أعمل في  الادارة العليا لعدة مواقع الكترونية أهمها

-منابر ثقافية

-حيث أنني المسؤولة الإعلامية للشبكة و رئيس تحرير جريدتها الالكترونية و جريدة الاطفال الخاصة بالموقع

-أروقة الأدب

-كما انني أهوى التصوير الضوئي والعمل على برامج التصميم و الجرافيك ولدي ألبوم صور بعدستي وثقت به تحقيقاتي عن الاماكن الاثرية في دمشق وفي سورية ولبنان والسعودية، وجميع هذه الأعمال نشرت على الشبكة العنكبوتية

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتبة

يرضى القتيل وليس يرضي القاتل

 لن أعود

والخريف يزهر أيضا 

 

 

 

والخريف يزهر أيضا

 

بدأ الفجر يشق رحم العتمة ,, تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود و دفء الموج يغريني أن أبقى هنا على كرسي القش الهزاز.

في الأفق تلوينات مبدعة .. زهرية متمازجة بالزرقة ، و صخب الموج ممتع كدارٍ  يزدحم فيها الأطفال ..

داري  أنا  لم  يكبر فيها طفل ،و لا اصطخب  جريا في الردهات ،و لا عبث و كسر أواني المطبخ ...ما خربش يوما بأصابعه الصغيرة على الجدران. و لا رمى كرته في استهتار على الثريات و الأباجورات ... لم ينبهني من نومي ليلا  صوته يبكي من أثر حلم مزعج و لا تشاجرت معه من أجل كوب الحليب صباحا قبل أن يأتي باص المدرسة .

يمتعني أن أرى الأطفال في الحي يلبسون الزي المدرسي  و يمضون صباحا  ..

ما في بيتنا طفل !

أهب اهتمامي لزهور الشرفة الملونة  سوسنات و نسرينات و خزامى وجوريات.. حمر و بيض  وورديات أنيقات ، إكليل جبل بنفسجي،  و إبره راعٍ مهمل ...يتوزعن في الأصص الفخارية  يشاركنني  عبق قهوة الصباح  عندما يغادرني  ، و حديث المساء معه   إذا عاد لي.

في رحلة أخرى  نستقل صفحة الماء  البحرية بقاربنا الصغير أجلس قبالته وجها لوجه..

 و مرة ضائعين في شعاب جبل ثلجي  ..نرتجف خوفا من صوت الذئاب و لما وجدنا كوخا مهجورا جعلناه ملاذا دائما ..

مخدتي استقرت على مسند الكرسي و ألقيت برأسي عليها

أتحسس بأصابعي نتوءات ناعمة عند حاشية الوسادة  ، تطريز لاسمي و اسمه بالأزرق يحيط به إكليل من  زهور برية ملونة

- لماذا الأزرق؟

- مكاتيب العشاق زرقاء!

أحتاج وجهه الآن أن يستقر بين يدي مقابل وجهي  لأدير حوارا مع عينيه و أتنشق دفء الأنفاس.

حين تغزو تلك الكهرباء الغريبة نهايات الأصابع  فترتعش أطرافي و قلبي وجداً.

خصلات رمادية بدأت تغزو شعري و ظلال عاتمة تستوطن ما حول المقلة  و عقارب الساعة مسرعة في مشيتها

- هذه ليست تجعدات الشيخوخة ، هذه غمازات الضحك..

أخفي ابتسامتي  على جانب وجهي  ..يضحك ملء قلبه و يحتويني .

و الثلج حل أخيرا  ...ثقيلا باردا ..يكلل هاماتنا .. تتجذر  غضون الضحك

وهو ما يزال بضحكته الطفولية الصاخبة  يحتضن روحي .

برد الصباح قارس ينهش عظامي  و ترتعش أطرافي له. أفكر في العودة للبيت الدافئ  لأرتشف قهوتي  لكن ..خليني هنا فالجمال لا يقاوم و كم من صباح آخر ينتظرني؟ لست أدري  .

و...شالي الأزرق يحط على كتفي بحنو غريب ..

لا ألتفت لكن وجهه بات بين يدي فيما يركع أمامي على ركبتيه و يضع قسماته الحبيبة على حضني المقعد   ليقدم لي وجهه  مع فنجان  قهوتي ..يحدق..

-  البياض يغزونا

-  نعم ...لا يرحم

- والساعة  تتآمر علينا ...أدركها منا الملل

- لا يطفئ البياض شعلة السواد الساكن في عينيك ..لا يشيب،  تحيطكِ شمس عندما تحدقين بي ...يشب في قلبي حريق ...عيناك نيرفانا ..فردوس يتلوه مطهر ...صيف بدائي وحشي

-أحب الربيع أكثر.

-لا جمال يضاهي  أزهار الشتاء.

يمسك مقبض الكرسي المتحرك  و يديره لنمضي باتجاه البيت/ بيتنا /!

 

 

لن أعود

 

قابعة في كوخها النائي هناك في عمق مكان نسيه التاريخ  و نسيه الطريق .

صفير الريح  يعوي خارجا مسعورا يكاد يلتهم كل أمان  بقي في القلب .

تلتحف قلبها  لتدفيء به إحساسها المقرور،  لكنه  هذه المرة لم يكن ليكفيها  كما كان من قبل

نسجه باتت  أقصر و أضيق و كأنها تعرضت لغسيل جائر غير معتن أفقدها خصائصها و رونقها.

نقرات محمومة على إفريز النافذة ، متلاحقة كمن يتبعه شبح أو حيوان مفترس.

يتعالى وجيب القلب و ضرباته أعلى من نقرات النافذة..

تفتح؟ لا تفتح؟ قرار يتأرجح بين دقيقتين كأنه سفر عبر مجرتين في سنتين ضوئيتين

قلبها يقودها للباب،لكن فكرها يحملها على الانزواء في زاوية مخفية

أيكون هو؟أو لا يكون ؟ هي كتلة من أسئلة تتصارع  تتمدد و تتقلص ثم تختفي لتظهر ثانية كأنها أشباح أتقنت فن المراوغة و التخويف

متسربلا بمعطفه الأسود، وقف على عتبة الباب و مياه المطر تتساقط منه.وجهه نصف في الظلام،و نصف أضاء من انعكاس نور القنديل. لكنه هو ...هو !

-أتسمحين لي بالدخول ؟

-وهل لمثلي أن تمنع مثلك في ليلة باردة كهذه؟

ينفض عن معطفه غبار العاصفة و البرد و الغربة و يفرك يديه المبتلتين بالمطر البارد يقربهما من الموقد .

لا يستطيع أن ينظر مباشرة إلى إنسان عينيها  فيكتفي بالإطراق في أرضية الكوخ

ثم يستل من جيبه الداخلي  لفافة تبغ و يقربها من فمه ..

يستدرك:هل أستطيع؟

- نعم خذ راحتك

كم كانت هذه اللفافة كفيلة بإشعال كل حرائقها

لكنها اليوم لا تشعر إزائها إلا  بطعم الملح على الجراح المفتوحة

يفتح فمه ثم يغلقه  كمن يحاول أن ينبس بكلمة لكنها لا تسلم قيادها  للسانه.

-هل أعد لك العشاء.؟

نظر إليها باستغراب و دهشة

كيف  لها أن تتجاوز كل ما مضى بهذا التسامح و الحيادية؟

و لكنه فعلا يتوق إليها ...لحظاتها...ضحكاتها...مشاغبتها له ...حزنها الدائم رغم مشاكستها ...

اصطفت  أطباقها الشهية على مائدتها الخشبية المستديرة  و إبريق شاي   يتزاحم بخاره عند قبعته 

أزاحت كرة الصوف و  إبر الحياكة لكي توسع مكانا لمأدبة عشاء  تأخرت أعواما طوالا.

عندما خرجت في حمرة شفق المساء  تتعلق بأهداب ثوبه

-أرجوك ابقَ

- لا أستطيع إني راحل

- ستعود لكنك لن تجدني

قرب كرسيه من المائدة

-ها قد عدت ووجدتك  ..لمَ لم ترحلي.؟

-هل أنت متأكد أنك وجدتني؟

- كنت أنتظرك هنا فقط لأقدم لك وجبة العشاء

لفت شالها جيدا  حول رأسها المتوج ببدايات الثلج ،  حملت كرة الصوف و الإبر في كيسها و خرجت من البيت .تعلق بأهداب شالها

-ستعودين.

-أعرف ولن أجدك!!

2-

فتحت لها الباب

تبادلتا حديثا صامتا لم تسقط منه كلمة واحدة على الأرض فيما كانت تعبر جسر العيون

_ تستطيعين الخلود للراحة

- شكرا

رفعت الشال عن كتفيها و خلعت حذائها ثم اندست بهدوء في ذات الفراش النظيف

تجولت بعينيها في أرجاء الغرفة

لوحاتها ما زالت على الجدران ، ستائرها الوردية  وصولا إلى سريرها الذي ما تحرك من مكانه تحت النافذة

نظرت إلى السماء المنقوشة  بالنجوم ..عجبا لهذه السماء ما غيرت يوما إهابها! نجمة في البعيد تلتمع  بوهج إضافي،قرأت لها الفاتحة في سرها و أغمضت عينيها .

3-

يتعالى الصراخ في البيت ...تقذف بزجاجة العطر  على المرآة فتنكسر ...تتناثر شظاياها في أرجاء الغرفة

والطفلين مشدوهين  متجمدين من الرعب في الزاوية

انتشلتهما العمة بسرعة  من الغرفة و اختفت كما ظهرت فجأة و كأنها تراقب مجريات الحدث من خلال طاقية الإخفاء..و بقي الصراخ مشتعلا

هدأت العاصفة و اختفى الصراخ .. تسللا  بهدوء مرتاب ليجدا والدهما  يضع  رأسه بين يديه مجهشا بالبكاء و لا أثر لها.غادرت  دون وداع!!

غرق الرضيع في صراخ موجع ..يحتاج أن يشكو وجعه و لكن تكوينه الجسدي الغض يعيقه ..سالت دموعه كما لو أنه إنسان كبير يدرك حجم المصيبة التي حلت به

ترامقه طفلة الخمس سنوات من  طرف  خفي و ينشغل عقلها الصغير بمشكلة عويصة : من سيعد لهذا الرضيع حليبه و يغير له  ملابسه إذا اتسخت و من سيهدهده حتى ينام؟

يداي ضعيفتان لا حول لهما على حمل هذا الطفل ،حتى في المرات القليلة التي سمحوا لي بحمله  و كان ذلك لأنهم يعتقدون أنني أغار منه ، حتى في هذه المرات كنت لا أستطيع حمله كثيرا

أتت العمة ثانية و أمسكت بالطفل بين يديها و ألقمته زجاجة الحليب ثم غيرت له ملابسه و وضعته في سريره الصغير و غنت له حتى  غرق في النوم

ركضت باتجاه السرير و ارتكزت بمرفقيها على حافته : يا لجماله و براءته ..علام يتشاجرون يا ترى؟

-4-

قادتها  الجدة إلى الغرفة لتجد فستانا ورديا بدانتيلا  يستلقي على السرير بدلال ..

فستان جميل يا جدتي يشبه فستان الأميرة زهراء في  حكاية الأمس

لمن هذا الفستان ؟ دعيني أجربه قليلا زينته رائعة ؟ عندما أكبر و أصبح عروسا ستحضرين لي فستانا أبيض يشبهه؟

ابتسمت : الفستان  لك يا حبيبتي ..ألا ترين أنه اللون الذي تحبينه؟

نعم ...هي تحب اللون الوردي جدا ..كل شي تريده ورديا حتى غطاء سريرها و مخدتها  بلون وردي

و في علبه التطريز لديها  دوما ينفذ  هذا اللون أولا ..ترسم فراشات و جدولا و عصفورا و شجرا و جبال لكنها دوما بالوردي تطرز السماء و المرج و الزهور .ملابس دميتها أيضا وردية ،تأخذ قصاصات الأقمشة من جارتهم و توصيها دوما : أرجوك خالتي  كل قصقوصة زهرية  من الملابس التي تخطينيها خبئيها لي

ارتدت الفستان، ساعدتها الجدة  بكثير من الإعجاب  ثم قالت لها: سندريلا ..ابحثي عن حذائك قبل أن ينتهي السحر

انحنت تحت السرير لتجد حذاءا ورديا أيضا بشرائط فضية تماما كما هي  أحذية راقصات الباليه

زينت لها جدتها شعرها الطويل

فجأة سألت  : جدتي هل هذه ملابس العيد؟

لا يا حبيبتي  سنحضر لك أما جديدة !

لا أريد أما غيرك ...

خلعت الفستان والحذاء ولبست بيجامتها و اندست في الفراش و نامت

-6-

الليلة الأولى ما بعد الوجع الكبير وهاهي  قد رحلت  بدون وداع

صحيح أن رحيلها لم يكن عاصفا كرحيل والدتها و لكنها  أطفأت أنوار غرفتها و مضت في هدوء تحسد عليه

قبلتها في خديها قبلة طويلة  و خرجت من الباب

 بقيت ساعات تتلمس نتوءات التطريز على ثوبها الأحمر الذي أحضرته الأخرى لها عربون محبة  في عيد ميلادها

بقيت الجدة  ترمق طفلتها منكفئة في غرفتها بين كتبها و أقلامها و أدوات تطريزها

و ترامق ظل المرأة التي غابت كما أتت دون ضوضاء

لم يكون على الكبار أن يقرروا دوما و علينا أن نتحمل نتائج قراراتهم ، كيف يقولون أننا زينة حياتهم و لا يهتمون  بسلامة هذه الزينة برهة من وقت ...على الأقل الاهتمام بهم يكسبهم مزيدا من الابتهاج بمنظرها

أراهم يقولون أشياء لا أعيها  و لا أفهمها ، كيف لا يرتاح  والدي مع امرأة حنونة مثلها و كيف لا تستقبلني والدتي في عيد الأمهات و كيف علي أن أكون يسوع آخر أتحمل خلاص البشرية على عاتقي ؟

هذه الليلة أفتقدها معي و سأفتقدها كل ليلة

7-

مرض الحصبة  هد قواها ، ظهرت البثور الحمراء على جسدها و بات وجهها  و جسدها منقوشا  بها

و الحمى لا تفارقها إلا  دقائق معدودة لتعاودها بوطأة أشد

تشعر بيديها  تمسكان بشيء حار و خشن قسرا و عندما تحاول أن ترميه ترى انه استحال السرير و الملاءات و الكتب

زارتها صديقات الدراسة و أوصتهن جدتها بالجلوس  بعيدا عنها فالمرض ما زال في طور العدوى

هذيان الحمى لا يفارقها  ، مرة ترى نفسها في حديقة مع أخيها الصغير الحبيب  و مرة رأت النسوة حول سريرها  يلبسن السواد و يتكلمن بكلام لا تتبين منه شيئا

سألت نفسها : هل أنا ميتة فعلا ؟ و هذا مأتمي ؟

تعاودها الغيبوبة

وزعت نتائج الامتحان النهائي و هي راقدة في سريرها

و كانت الأولى  في صفها قدمت لها المعلمة مجموعة ثرية من الكتب 

لكن عندما استطاعت مغادرة السرير لم تجد أخاها الصغير  في البيت

سألت عنه جدتها ، أجابها صمت طويل ثم  مفاجأة : التقط منك عدوى الحصبة و توفي على أثرها ...

-9-

اعتادا يوميا أن يشربا الشاي على الشرفة

ينظفانها و يسقيان نباتات جدتهما و يفرشان بساطا من صنعها و يجلسان

يناقشان ما قرأا من كتب و قصص  و يلعبان الشطرنج

يتشاجران أحيانا لكنهما سرعان ما يعودان للاتفاق ثانية

هو يريد ان يمارس سلطويته كرجل مستقبلي و  هي لا تريد أن تكرر شخصية امرأة أخرى

و لكن يبقى الوئام هو سيد المواقف بينهما

يخبرها أنه مل من الحياة بدون  والدين و من نظرات الشفقة من الزوار و أنه يوما ما سيغادر البيت

كل إشراقة صبح تسعى راكضة لتطمئن أنه ما زال في المنزل ..

 حتى تخفف على نفسها ألم مغادرته للبيت غادرته هي أولا !!

-10-

الثلج لا يأتي في  الشتاء إلا مرة أو مرتين لكنه مناسبة مهمة لكسر الروتين ، الجميع حول المدفأة  بمن فيهم والدها و جدتها  يثرثرون و يأكلون و يشاهدون التلفاز

من نافذة غرفتها أطلت عند انحسار العتمة  لتجد الثلج يسربل الأرض بثوب أبيض ..تناولت إفطارها ثم أعلنت أنها  ستذهب إلى الجامعة..رغم استنكار جدتها إلا أنها ذهبت

تعرف تماما أن رفيقاتها و رفاقها أكثر منها مغامرة و أنهم في هذا اليوم بالذات  يريدون المشاكسة أكثر

ملئوا حقائبهم كرات الثلج التي جمعوها من أشجار حديقة الجامعة و بدأوا يتراشقون بها في ممرات الكلية

و البقية احتفظوا بها  ليرشقوا بها أستاذ الآداب المقارنة في تلك المحاضرة

و عادت إلى البيت  بعد  نهار مشاكسة طويل و بارد لتقضي أياما في سريرها  مريضة بالأنفلونزا

-11-

مازالت تدمن قراءة الكتب  و الأشعار

كل شيء على طاولتها احتفظ بملامحها حتى الاسطوانات و الأقلام و الصور و علبة التطريز

لكن القادم الغريب  المنتظر طرق بابها أخيرا  ..أعدت له من طرقات الروح أمكنة يتمشى به

خلقت لها ظلالا وارفة و أزهارا و عصافير

و أعدت له في قلب القلب  متكأ  يرتاح به من عناء الرحلة إليها

أعلنت أن هذا الموسم  لديها هو موسم الإزهار و سوف يليه موسم النضج

أدمنت السهر الكثير حتى انبلاج الفجر   ..و انتظرت ...أثمر مفاجأة بحجم الانتظار و دعيت إلى حفل زفافه!

 

 

 

يرضى القتيل وليس يرضى القاتل

 

لا يشي مظهرك الأنثوي اللطيف و جمالك البريء على مكنونك القاسي و المخادع

كما لا تخبر أصابعك البيضاء الطويلة العازفة على مفاتيح البيانو بكل نعومة و رقة و انسيابية عن قدرتك على القتل بكل برود

نعم ..اسمحي لي يا سيدتي أن أقول أنك تتقنين فن القتل

فمنذ دخلت غابتك المسحورة و أنا امتص الرحيق العذب الذي تقدمينه لي في أكوار قشية مزينة بزهور الربيع  بملء إرادة منك و ترحيب كبير

و الآن اكتشفت أنني كنت مشروع تسمين و تضخيم لأكون قربانا مناسبا لطقوس سحرك التي تمارسينها

كان بيتك مصنوعا من شوكولا و كريمة و ما لذ و طاب من الأطعمة ..و الألوان الجاذبة مكونه الأساسي لذا لم ألقِ بالا إلى قدرك المنصوبة على مرجل نيرانك الزرقاء

ما في داخلها يمور و يفور انتظارا لمن سيلقى بها و هو مغمض العينين

لا تنسي يا سيدتي أنني بالرغم من كل هذا سأبقى حبيبا استطاع أن يقلب موازينك رأسا على عقب

ربما أنا أيضا كنت أخفي وراء وجهي العاشق زير نساء لم تسلم من صولاته و جولاته جميلات كثر

ربما نصبت أنا نفس القدر على ذات المرجل في أبهاء بيتي لنساء كثر و لدى إلقاءهن فيه تصاعدت منه أبخرة زرقاء و حمراء، شقراء و سمراء...

و لطالما استعرضت أمامك بطولاتي في خوض غمار المرأة  فتهتاج غيرتك علي من جميع هذه المغامرات لكنني الآن أدركت أنك في داخلك كنت تبتسمين من بلاهتي و تقولين إسرارا: يضحك كثيرا من يضحك أخيرا!!

و ها أنا ذا الآن أصعد سلم مقصلتك/ قدرك/ هاويتك/ أيا تكون لأكون شهيدا في مذبح عشقك

سأعلنها للكون : حطمت كبريائي لكن آخر قطرة أريقها في حياتي تقول: أحبك حتى تقوم القيامة

 

سيدي .. ربما أغريتك بالحلوى الملونة المزروعة على سقف بيتي و الشوكولا الفاخرة التي سالت على أفاريز نوافذه و الكريما التي كللت هامات مداميك الأبواب

ربما يا سيدي كانت طيبتي الظاهرة و براءة وجهي و نقاءه شراكا وقعت أنت في حبائله

لكنني أسألك: من طرز الكلمات حتى فاح عطرها و عبيرها فاجتذب روحي و قلبي حتى بت فراشة لا تخشى اللهب، ايكاروس جديد ذوب أجنحته الشمعية عند قرص الشمس؟

أسألك : من زرع الفل و الياسمين و الجوري و الحبق و المنثور في دربي الصباحي المعتاد؟

من سابق الشمس في شروقها  ليكون هو صباحي ؟

عندما مددت على منضدة العمليات لإجراء عمل جراحي أخبرني الطبيب- و هذا  على ذمته فقط- أنه كلما أعمل مبضعه في أنسجة جسمي وجدك هناك

و كلما ولج المبضع في نسيج ثانٍ وجدك حتى استيقن أنك متفشٍ في مساماتي سرطانا لا برء منه

اعذرني  سيدي لهذا التعبير و لكنني كنت حقا سعيدة بمرضي الجميل

سيدي : أوقن أنني لست الوحيدة و لن أكون في ميادينك العامرة لكن جراح الكبرياء دامية و منبت الدموع لا يرقأ

منك فقط تعلمت كيف أخفي الألم من صفحة وجهي لأزرعه في طرقات الروح و مساكنها شتلات تزهر سرمدية لئلا أنسى و لئلا أعود

سيدي ...هاهو قدري يغلي و أزيز المرجل يعلو و يعلو

أنا الآن قاسية قاسية

سأقتلك لأني أحبك ..حتى تقوم القيامة

 

أضيفت في 24/03/2010/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2021  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية