أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | إصدارات أدبية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 14/08/2024

الكاتبة: لينا كيلاني

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتبة

بطاقة تعريف الكاتبة

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتبة

 

ولدت في دمشق.

تعمل خبيرة زراعية لدى جامعة الدول العربية.

نشرت للمرة الأولى قصصها في المجلات السورية.

عضو جمعية أدب الأطفال.

 

مؤلفاتها:

1- العصافير لا تحب الزجاج. بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب 1979.

2- الجزيرة السعيدة. اتحاد الكتاب العرب ط1 1981- ط2 1983

3- الطائر الذي وجد صوته. دار الجليل 1984

4- أصدقاء الطبيعة. دار الجليل 1986

5- مغارة الكنز. دار الجليل 1985

6- السمكة المغرورة. وزارة الثقافة 1988

7- ريما والبطة أم الخير. دار طلاس 1990

8- الضفدع روغ. اتحاد الكتاب العرب 1989

9- الغزالة ريم. اتحاد الكتاب العرب 1991

10- السمكة سيرا- قصص للأطفال- دمشق 1994- اتحاد الكتاب العرب.

11- مغامرات الكلب فوفو - وزارة الثقافة- 1989

12- العصافير تعقد مؤتمرها - دار الجليل- 1987

13- أخي محمد- دار قوس قزح- 1989

14- الخبز المر- دار قوس قزح- 1989

15- أنا عربي- دار قوس قزح- 1989

16- فارس الشجاع- دار قوس قزح- 1989

17- عيد ميلاد سعيد - اليونسيف- 1993

18- الديك كوكو- وزارة الثقافة- 1994

19- الأفعى سامو- وزارة الثقافة- 1994

20- السلحفاة نسمة- وزارة الثقافة- 1995

21- رحلة في عالم مجهول(رواية)- وزارة الثقافة- 1995

22- الأحلام الذهبية - دار الأهرام- مصر- 1995

23- النملة تنال الجائزة- دار المعارف- مصر- 1995

24- الغراب غاق ج1- الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية- 1995

25- إلى 41- سلسلة رحلات عصفور وعصفورة في بلاد الدنيا(15- جزء)- دار الكتاب المصري اللبناني- 1995

26- سندريللا عام 2000(رواية)- وزارة الثقافة- 1996

27- الغراب غاق ج2- وزارة الثقافة- 1996

28- صراب تحت الماء(رواية)- دار الهلال- مصر- 1996

29- الحلم والمستقبل- اتحاد الكتاب العرب- 1997

30- البقرة المجنونة.. والبقرة المأمونة- دار الهلال- مصر- 1997 

31- رواية المستقبل(ثلاثية)- وزارة الثقافة- 1997

32- الطاووس وانس- الهيئة المصرية العامة للكتاب 

33- النبات الذي أصبح قاتلاً(رواية)- الهيئة المصرية العامة للكتاب

34- الفراشة رفرف- دار المعارف(مصر)

35- الأرنب بيبو- قصور الثقافة(مصر)

36- مغارة الكنز- دار لونغمان العالمية

37- الماسة السوداء وقصص أخرى- دار لونغمان العالمية

38- من أنا.. من أكون؟ (رواية)- دار الهلال(مصر)

39- الأحلام الخضراء- اتحاد الكتاب العرب

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتبة

لا تبردي يا قطتي

هدية بلا أذية

ثوب الدمية سلمى

الطائر الطيب العجيب 

الليمونة الحزينة

إيهاب ورأسه المصاب

أحمر...أصفر...أخضر

 الجمل والسنام

 

 

قصص أطفال (يحكى أن) 

      

الطائر الطيب العجيب

 

كانت نباتات البطيخ الأخضر تملأ ذلك الحقل الكبير وهي فرحة بأنها نضجت وأصبحت جاهزة للقطاف وكل بطيخة كانت تتخيل مصيرها: هل ستقع في يد مسافر عطشان.؟... أم ستنتقل على العربات إلى البعيد من البلدان؟. هل سيقطفها الصغار من الصبيان ليأخذوها إلى بيوتهم ويأكلوها مع وجباتهم؟...أم ستأتي الفلاحات النشيطات لقطفها وجمعها ثم توزيعها على أهل القرية جميعاً من المساكين العطشانين؟

كل ثمار البطيخ بألوانها الخضراء الزاهية كانت تضحك، ما عدا واحدة منها هي أضخمها وأكبرها حجماً.. كانت قشرتها قد أصبحت سميكة وصفراء، وتكاد تنفجر من كثرة نضجها وامتلائها.

قالت البطيخات لهذه البطيخة الأم:

- أنت لم يقطفك أحد الموسم الماضي... أليس كذلك؟

قالت:

- أنا مثلكن... زرعوني هذا الموسم، لكن بذرتي كانت كبيرة وقوية، ونمَوَتُ بسرعة أكثر منكن.

وهم زرعوني لغاية غير الغاية التي من أجلها زرعوكن.

قالت البطيخات الشابات بفضول:

-هيه... قصي علينا قصتك... ثم ما هي هذه الغاية؟

قالت البطيخة الأم أكبر البطيخات:

-قصتي هي أنني سأظل في مكاني هنا حتى أنفجر وتخرج بذوري مني.

صاحت بطيخة صغيرة بفزع:

- ولماذا؟ ألا تذهبين معنا وتنفعين الناس. وينتهي الأمر؟ وإلا لماذا خلقنا؟ ضحكت البطيخة الكبيرة أم البطيخات، وقالت:

- إنني أنتظر هنا صديقي الطائر الطيب... ذلك الرسول الأمين الذي سينقل بمنقاره ما استطاع من بذوري، ثم يطير بها إلى مسافة بعيدة ويرميها في أرض لا تعرف البطيخ.. فأنبت من جديد هناك وأكون سعيدة بسعادة الناس بي.

قالت البطيخات الشابات:

- كان الله في عونك... ستظلين هنا وحدك مع ريح الليل، وشمس النهار... وربما هطلت الأمطار عليك فأفسدت كل شيء.

قالت البطيخة الأم:

- وماذا تظنين أنت ومثيلاتك أيتها البطيخات الشابات؟ من أين أتيتن إلى هذا المكان ولم يكن يعرف البطيخ أبداً؟. إنه الطائر الطيب العجيب.. هذا الذي حمل أول بذرة وألقاها في بلاد بعيدة.. وكانت مغامرته مفيدة وسعيدة... وهكذا يفعل.

قالت بطيخة ناضجة أكثر من سواها:

- دعينا من هذا الكلام.. إنه من الوهم أو الأحلام... أنهم يزرعوننا بذوراً... ولم نسمع هذه الحكاية إلا منك.

هزت البطيخة العجوز برأسها، وقالت:

- صحيح... إنها حكاية... لكنني أحبها، وأتشوق أن تحصل معي... ولعل الطائر الطيب سيرسل بدلاً منه آخرين... من المزارعين الطيبين يأخذونني... ويستغلون بذوري لأعود فأنبت مع كل بذرة من جديد.

ونظرت البطيخات كل منها إلى الأخرى وتشاورن... من تريد أن تبقى مع البطيخة الأم لتغدو من جديد هي الأم؟

وبينما هن كذلك رفرف طائر فوق حقل البطيخ.. ولم يعرف اسمه أحد.. ولم يعرف سره أحد.. وأخذ يهبط ويطير فوق حقل البطيخ، وهو يزقزق بحبور... ويبحث بين التراب عن البذور.

 

       

ثوب الدمية سلمى

 

 

كانت (زينب) وهي بنت صغيرة مدللة لم يرزق أبواها سواها، تحب الدمى كثيراً، وأفضل دمية عندها هي التي أسمتها (سلمى). لماذا أسمتها (سلمى) ذلك لأنها سلمت بعد أن سقطت في النهر في اليوم الأول الذي أهدوها فيه هذه الدمية.

سقطت في النهر وظنت (زينت) أنها ضاعت منها، ولن تعود أبداً.

لكنها علقت بجذوع شجيرات حول الماء. ولما ركضت (زينب) بمحاذاة النهر لتودعها سمعتها تناديها:

- انقذيني يا زينب... انقذيني... أنا دمية جميلة... وأريد أن أفرح قلب طفلة جميلة مثلك.. وبما أن هذا اليوم هو أول يوم لي أخرج فيه من الواجهة الزجاجية لمحل الألعاب فمعنى هذا أنه أول يوم في حياتي.

انقذيني.. وسأكون صديقتك... وسأستمع إلى حكاياتك... وأسليك... وأنام بقربك.

ولم تجرؤ (زينب) بالطبع أن تمد يدها لتسحب دميتها خوفاً من أن تنزلق قدمها فتغرق في النهر. ظلت تنتظر أمواج النهر المتدافعة موجة بعد أخرى عسى أن تقذف الدمية نحوها. انتظرت وهي تقول لها:

-هيا خلصي نفسك يا دميتي... على كل منا أن يخلص نفسه إذا وقع في مشكلة، وخاصة إذا وجد غيره يساعده، وها أنا أساعدك.. وسأسميك (سلمى) إن سلمت، ولن أفارقك أو أفرط بك أبداً.

ثم أتت موجة كبيرة فدفعت (سلمى) نفسها نحو (زينب)، ودفعتها الموجة أيضاً فوصلت إلى حافة النهر، فتناولتها (زينب) وضمتها إلى صدرها وهي تقطر ماء وعيناها مليئة بالدمع.

تذكرت (زينب) كل هذا وخالتها تدعوها إلى عيد ميلاد ابنتها (سناء)، قالت (زينب):

- سأصحبك معي يا سلمى... ألم أعاهدك على أنني لن أفارقك؟

 

لكن أم (زينب) قالت:

- وهل تأخذ الصغيرات الدمى معهن إلى الحفلات؟.. أنهن يذهبن ليشاركن رفيقاتهن في الأناشيد، والألعاب، والتسلية، والمرح فلماذا تأخذين معك دميتك؟

قالت (زينب):

-لكنها (سلمى) يا أمي... ولا أستطيع أن أتركها وحدها، وإذا لم تسمحي لها فلن أذهب أنا أيضاً.

قالت الأم:

- لا.. يجب أن تذهبي، وما عليك سوى أن تخبئيها عند خالتك حتى تنتتهي الحفلة فترجعيها معك إذا كنت لا تريدين فراقها.

قالت (زينب):

- لكن عندي مشلكة يا أمي... سلمى لا تملك ثوباً جديداً للحفلات فماذا أفعل؟

ضحكت الأم وقالت:

- ثوب جديد للدمية، الدمى لا تبدل أثوابا ياحبيبتي. هيا اسرعي سرحي شعرك وارتدي ثوبك الأبيض الجميل ولا تتأخري.

ولما هبطت (زينب) لتذهب إلى الحفلة كانت فرحة لأنها مع دميتها، وعندما وصلت أخذت الصغيرات كلهن يضحكن من منظر الدمية (سلمى)، فقد ألبستها (زينب) أحد أثوابها حين كانت أصغر وعقدت لها شريطاً أبيض على رأسها فبدت تشبهها تماماً.

واضطربت (زينب) وكل واحدة من البنات تداعب الدمية أو تلامسها، أو تحركها، أو تهزها لتقول (ماما) مثل بعض الدمى. وأسرعت (زينب) لتخطفها من ايديهن وتسلمها إلى خالتها حتى تنتهي الحفلة. وضعتها في سرير (ندى) ابنة خالتها صاحبة الاحتفال بعيد الميلاد، وعادت وهي تظن أن الجميع كانوا يسخرون منها ومن دميتها التي تشبهها.

لكن المفاجأة كانت عندما دخل (سالم) أخو (ندى) بعد قليل وقد وضع جهاز تسجيل صغير تحت ثوب (سلمى) فيه قصص وأغنيات وحكايات ونكات، حتى كأن (سلمى) هي التي تشارك في الحفلة.

سرت (زينب) بهذا غاية السرور، وضحك الجميع لهذه المفاجأة اللطيفة، وقال (سالم):

- عندما أكبر وافتتح محلاً لبيع الألعاب والدمى سأجعل كل دمية تتكلم بهذه الطريقة، ما رأيك يا سلمى؟.

 

واهتز الجهاز تحت ثوب (سلمى) وهي تقول: أنا سلمى الدمية... أحبكم جميعاً وأريد مشاركتكم الحفل.

 

 

 

 

هدية بلا أذية

 

أخذ (حسام) يجمع قطع الخبز الفائضة عن المائدة وبقايا الكعك والبسكويت في علبة معدنية صغيرة ليأخذها يوم الإجازة معه إلى حديقة الحيوان. فهو يضع قسماً منها للعصافر التي تحط فوقها وهي تزقزق ثم تطير فرحة، ويضع قسماً آخر للأسماك في تلك البركة الجميلة.

وقد يصادف قطاً جائعاً فيرمي له بقطعة، وقد يتناثر الفتات فيهجم عليه النمل، فيتأمله (حسام) مسروراً.

أن الطبيعة كريمة.. والله سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين.. وهو لا ينسى مخلوقاته فيهيء لها رزقها... وهنيئاً لمن يسعى لغيره كما يسعى لنفسه ويقدم له هدية.

وفي ذلك اليوم وقد أوشكت العلبة المعدنية أن تمتلئ بالهدايا لرفاق (حسام) من عصافير وأسماك، وقطط، ودجاج، ونمل، الخ...، سمع ضجة وراء العلبة فالتفت، فإذا بالعلبة تقع وينفرط كل ما فيها. ولمح وراءها زوجاً من الفئران الرمادية وهي تحاول أن تهرب مضطربة.

أسرع (حسام) ليمسك بها فتسللت إلى جحرها المثقوب في أسفل الجدار واختفت.

قال (حسام) في نفسه:

- هذه الفئران ضارة فهي تنقل الأمراض، وتعتدي على المؤونة والطعام، ولا بد أن أقضي عليها، وما علي ما دامت قد رأت كل ما في العلبة من طعام شهي بالنسبة إليها سوى أن اختبئ حتى تخرج. وبعد ذلك أقبض عليها أو أدعها تقع بنفسها في هذه المصائد الصغيرة التي سأنصبها لها وفيها قطع الجوز الشهي.

وما هي إلا لحظات حتى أطلت فئران كثيرة بأجسامها الرمادية النحيلة، وعيونها الصغيرة الحذرة، وشواربها الدقيقة. وقبل أن يقترب منها (حسام) قالت إحداهن وهي فأرة ناعمة الجلد، لامعة الوبر، وعيناها تلمعان كحبات الخرز:

- ما نحن إلا فأرات جائعات أيها الولد الطيب... فلماذا لا تدعنا نأكل من هذا الفتات؟

قال (حسام):

- جائعات؟ إذن من يقضم الخبز في المطبخ.. ومن يعتدى على بيت المؤونة؟ أنتن فأرات مؤذيات، ولا هدية لمن يتسبب بالأذية، سوف أقبض عليكن جميعاً وارميكن خارجاً.

قالت الفأرة:

- أو تقتلنا.. أليس كذلك؟

قال (حسام):

- لا... لن اقتلكن إذا أخذت عهدا منكن ألا تعود أي واحدة منكن إلى داخل منزلنا.. أليس لكنّ فرصة للعيش إلا عندنا... وعلى حساب أذانا؟

خجلت الفأرة كثيراً، وأخذت تنظر إلى بقية الفئران التي أطرقت برؤوسها ثم قالت:

- حسناً... سندخل إلى جحورنا بعد أن نأكل، ولن نخرج من هنا أبدا، بل من الفتحة الأخرى المتصلة بالحديقة، ما رأيك؟

قال (حسام):

-موافق... هذا حل مقبول ما دام هذا الفتات قد تبعثر وامتلأ بالغبار والجراثيم.

وانقضت جموع الفئران تلتهم الفتات كله، ثم تسللت بعد أن شبعت إلى جحورها واحدة تلو الأخرى فما كان من (حسام) بعد أن نظف المكان إلا أن سد الفتحة بالجبس المعجون بالماء ورمى العلبة وهو يقول:

- لاهدية لمن يتسبب بالأذية. أما رفاقي أولئك من البط والعصافير، والأسماك فهي لا تتسبب بأذى أحد ولهذا تستحق مني الهدية، وتستحق العطف من كل أحد.

 

 

 

لاتبردي يا قطتي

 

 

(سمر) بنت صغيرة... حلوة ومؤدبة... أمها تحبها كثيراً... وأبوها يدللها... وأخوها (سامي) لا يزعجها أبداً. (سمر) لم تذهب إلى المدرسة بعد... بل إلى حديقة الأطفال القريبة من عمارتهم... توصلها أمها أوأبوها وأحياناً بواب العمارة.

وفي يوم عثرت هي والبواب على قطيطات صغيرات مع أمهن خلف دكان البقال. أسرعت نحوها... وحاولت أن تمسك بالقطيطة البيضاء... لكن القطة الأم نفخت في وجهها، وأخرجت أظافرها لتخمشها.

قال العم البواب:

- هل أحببت هذه القطيطة يا سمر؟

قالت سمر:

-جداً.... جداً.... ليتني آخذها إلى البيت.

قال العم البواب:

- حسناً.... سآتي لك بها بعد أيام عندما تكون أمها قد فطمتها. وتكونين أنت قد طلبت الإذن من أمك برعاية هذه القطيطة الجميلة. ولكن اسمعي ما سأقوله لك يا سمر.

واستمعت (سمر) بكل انتباه إلى العم البواب وهو يقول:

- فالقطيطة يجب أن تتناول أولاً اللبن لأنها صغيرة.... وبعد ذلك تطعمينها ما تشائين. ويجب أن تنام في مكان آمن ودافئ. وأهم من كل ذلك ألا يؤذيها أحد.

قالت (سمر):

-سأفعل كل ذلك ياعم... سأفعل.

وبعد أيام ومن وجود القطيطة التي أسمتها (ماسة)، أصبحت (سمر) لا تفارقها.... تحملها... وتطعمها... وتضعها مساءً في سلة من القش مفروشة بالقطن.

وفي ليلة... وقد نسيت (سمر) قطتها المحبوسة في غرفتها دون أن تقدم لها طعاماً، أخذت (ماسة) تموء وتموء، ولم يسمعها أحد. وما إن فتحت (سمر) باب غرفتها حتى هربت (ماسة) بسرعة كبيرة إلى المطبخ.. ووثبت فوق الطاولة الصغيرة بحثاً عن الطعام فأوقعت الصحون فحطمتها.

أسرعت الأم إلى المطبخ لتعرف ما الخبر... فقالت (سمر):

- ماسة هي التي أوقعت الصحون... ولست أنا.

غضبت الأم وقالت:

- يجب أن نعاقب (ماسة) فلا تنام في سلتها في غرفتك بل في الخارج.

أطرقت (سمر) حزينة.... ولم تعارض أمها التي أخرجت (ماسة) إلى الحديقة، وأغلقت الباب.

ولما كان الفصل شتاء.. وهطلت الأمطار... لم تستطع (سمر) النوم.. وأخذت تبكي لأنها هي السبب فيما جرى مع (ماسة) وهي لم تخبر أمها بالحقيقة.

تسللت (سمر) من فراشها بهدوء وخرجت إلى الحديقة، والتقطت (ماسة) التي كانت ترتجف برداً أمام الباب، وقالت لها:

- لاتبردي يا قطتي... سامحيني أنا السبب.. أنا السبب، فقد نسيتك في الغرفة وما قصدت حبسك.

وكانت أم (سمر) قد سمعت ضجة وحركة، ورأت ابنتها وهي تحتضن القطة وتعتذر منها، فابتسمت... واعترفت لها (سمر) بكل شيء.

قالت الأم:

- عودي إلى فراشك يا سمر.. الطقس بارد.

قالت سمر:

- وهل تعود (ماسة) أيضاً إلى فراشها؟

قالت الأم:

- طبعاً كي لا تبرد هي أيضاً... هيا يا قطتي أسرعي كي لا تبردي.

 

 

الليمونة الحزينة...

 

كانت شجرة الليمون محملة بثمارها الناضجة الصفراء وقد حان قطافها، وكل ثمرة تنتظر قاطفها وتحلم كيف ستكون مفيدة له... أليس من أجل هذا خلقت؟

وبينما الثمار تلتمع في الليل كأضواء الكهرباء بين الأوراق الزاهية الخضراء كانت ليمونة في أعلى الشجرة تخبئ نفسها ولا تشارك رفيقاتها في أحلامهن، تقول لنفسها:

- سأظل هنا مختبئة بين الأوراق فلا يراني أحد. لا أريد أن يقطفني أحد... بل أظل هنا في أعلى الشجرة كملكة على عرشها. ماذا في ذلك؟ أن قشرتي قوية.. وعودي المتين عالق تماماً بالشجرة. سأظل لأشهد ربيعاً آخر... وأرى الأزهار كيف تتفتح... صحيح أنني سأبقى وحدي لكنني سأسامر النجوم في الليل.. وأداعب الهواء في النهار.. وتحط علي العصافير فأسمع قصصها وحكاياتها.

وإذ حل وباء (الانفلونزا) فجأة في الحي أسرع السكان لاقتطاف ثمار الليمون دواء لهم ولأطفالهم... ولم يروا تلك الليمونة لأنها اختبأت أكثر وأكثر. وهكذا فجأة وجدت نفسها وحيدة وحزينة خاصة وأن الفصل أصبح شتاء... ولا نجوم في الليل لأن السماء مغطاة بالسحب والهواء يلسع ببرودته، والعصافير كلها آوت في أعشاشها. بدأت الليمونة المتكبرة تلوم نفسها على ما فعلت عندما هبت عاصفة قوية مصحوبة بالمطر وحبات البرد، فإذا بها تسقط في حفرة مليئة بالطين.

نادت الأطفال ليأتوا وينقذوها لكنهم كانوا مختبئين في بيوتهم بسبب البرد ولأنهم لم يشفوا من الانفلونزا بعد.

بكت الليمونة المتكبرة وأصبحت تعاني من موت بطيء.. هكذا مهملة دون نفع أو فائدة. وبعد أيام وعندما أشرقت الشمس في يوم صحو جميل خرج الأطفال إلى حديقة العمارة فشموا رائحة كريهة في حوض مليء بالطين. ورأوا الليمونة المتفسخة وقد أصبح لونها داكناً وهي منتفخة والبذور تخرج منها، قال بعضهم لبعض:

 

-هذه ليمونة مسكينة.. سقطت من يد أحدهم أثناء القطاف. ليتها لم تلاق هذا المصير البشع.

ثم حملوها بطرف غصن من الشجرة، وألقوها في القمامة وهم لا يعرفون أنها الليمونة الحزينة... وليست المسكينة.

 

 

 

 

إيهاب ورأسه المصاب

 

عـاد (عماد) من المدرسة وهو في الصف الأول قلقاً مضطرباً.. شعره مشعث.. وثوبه المدرسي شبه ممزق. شد على محفظته وأسرع إلى غرفته وأغلق الباب وراءه.

وتعبت أمه في معرفة ما حصل معه في المدرسة لكنه لم يتكلم... وكذلك لم يرض أن يتناول طعامه، أو يلعب مع أخته الصغيرة. ظنت أمه أنه سيكتب واجبه المدرسي عندما فتح محفظته وأخرج كتبه ودفاتره. لكنه أخرج دفتر الرسم وتكوم في زاوية الغرفة وأخذ يرسم ويرسم.

وعادت أم عماد بعد فترة لتتفقده، وتدعوه إلى الطعام والكلام من جديد لكنها لمحت صورة مشوشة رسمها باللونين الأسود والأبيض فقط. تأملت الصورة فرأتها رسوماً لأطفال عديدين في ملعب المدرسة، وكأنهم يتشاجرون أو يضرب بعضهم بعضاً.

قالت لابنها:

- ماهذا يا عماد؟ هل هذا ملعب مدرستكم؟

لم يجب (عماد) وحاول أن يسحب الصورة ليمزقها عندما لمحت الأم رأس تلميذ لا تظهر منه إلا عيناه، وقد لف كله بضماد أبيض.

قالت:

- ومن هو هذا التلميذ ياعماد؟

قال (عماد):

- إنه (إيهاب)، لابد أنه كذلك الآن.

قالت الأم:

- وهل شج رأسه أثناء اللعب أو آذاه أحد؟

انفجر (عماد) باكياً وهو يقول:

- أنا فعلت ذلك يا أمي... أنا فعلت.

سألت الأم بهدوء أيضاً دون أن تعنفه:

- وهل رأيتهم يعصبون له رأسه؟

قال (عماد):

-لا... لم أره إنما أصبته في رأسه ولم أكن أقصد ذلك، فسال الدم وبكى وأخذوه إلى غرفة الإدارة، وهو لم يعترف لهم بأني أنا الفاعل.

قالت الأم:

- ولماذا يا عماد فعلت ذلك؟ أليس (إيهاب) رفيقك؟

قال وهو لا يزال يبكي:

- نعم إنه رفيقي وجارنا... وأنا أحبه وأريد أن يسامحني.

قالت الأم:

-إذن عليك الآن أن تهيئ نفسك وتأخذ له هدية وتذهب للاعتذار منه.

فرح (عماد) بما قالته له أمه، وأسرع لينظف وجهه ويديه، ويسرح شعره، ويتأبط كتاباً ملوناً جميلاً يحتوي على قصة بعنوان: الاعتذار بين الصغار.

وبينما أمه تتصل هاتفياً بأم (إيهاب) لتعتذر منها عن ابنها، وتخبرها بمجيئه اليهم كان (عماد) قد خرج مسرعاً وهو يفتح الكتاب ويخفي فيه دفتر الرسم والصورة التي رسمها.

وبعد أن اعتذر (عماد) من (إيهاب) وعادا رفيقين متصالحين ضحكا واتفقا على أن يسميا تلك الصورة (إيهاب ورأسه المصاب)، وإن يحتفظ بها (عماد) حتى لا يفكر أن يؤذي أحداً من رفاقه. فماذا لو أن أصابة (إيهاب) كانت شديدة وأخذوه فعلاً إلى المستشفى وضمدوا له رأسه كما في الصورة؟

لكن إدارة المدرسة عندما أطلعت على الصورة، وعرفت القصة بين (عماد) و (إيهاب)، أخذت الصورة وعلقتها أمام الباب بعنوانها: (إيهاب ورأسه المصاب).

 

 

 

 

أحمر.. أصفر.. أخضر

 

 

عندما انطلق تلاميذ مدرسة (الأمل) من صبيان وبنات للمشاركة في يوم المرور العالمي كانوا يرتدون زياً مشابهاً لأزياء الشرطة.... ويحملون عصيا بيضاء لامعة.... ويلبسون قفازات بيضاء أيضاً. خرجوا وهم يسأل بعضهم بعضاً عما تعلموه عن حركة سير السيارات، وتقاطع الشوارع، وأي منها باتجاه واحد أو باتجاهين. أما إشارات المرور وما ترمز إليه بالأحمر والأصفر والأخضر فهي أسهل ما تعلموه وما يثير الضحك بينهم لأن واحدهم يقول للآخر أثناء اللعب (أحمر) وهو يقصد أنه ممنوع، أو (أخضر) وهو يقصد أنه مسموح.

انطلقت المجموعة وهي تردد نشيداً تعلموه خاصاً بهذه المناسبة... نغمه عالمي لكن كلماته تختلف من لغة إلى أخرى. انطلقوا وهم فرحون يضحكون، لكن (سناء) وهي أكثرهم تحمساً لهذه المغامرة اللطيفة ولهذا الدرس العملي في الحياة أسرعت نحو رفاقها ملهوفة وكأنها تستغيث، وأنبأتهم أنها لا تستطيع المشاركة فهي في هذا اليوم مسؤولة عن أختها الصغيرة التي لا تتجاوز أربع سنوات من العمر لأن أمهما في المستشفى تضع مولوداً جديداً.

قال الجميع:

- وكيف يا سناء؟ وأنت التي دبرت لنا مع إدارة المدرسة هذا كله فاختارونا كلنا كمجموعة أصدقاء؟

قالت سناء وهي تكاد تبكي:

- هذا ما حصل... اعذروني.

وأدارت ظهرها لتعود راجعة وهي تجر أختها الصغيرة.

لحق بهما (همام) أكبر أفراد المجموعة وقال:

- ابقيها معنا إذن... وسيكون كل واحد منا مسؤولاً عنها مدة عشر دقائق، وهكذا حتى ينتهي النهار.

فكرت سناء قليلاً ثم قالت:

- معنى هذا إن كل واحد لن يقوم بأي شيء خلال هذه الدقائق العشر.

قال همام:

-بالضبط... سيكون مع رفيقه كمشاهد فقط.

وفرحت البنت الصغيرة بهذه النزهة العجيبة في الشوارع بين حشود البشر، وسيول السيارات وهي تنتقل من يد إلى يد... ومن اثنين إلى اثنين. وأخذت تردد كلمات تسمعها: أحمر... أصفر... أخضر. وتنظر إلى ثيابها الخضراء، وإلى حذائها الأصفر. ولما فهمت أنهم يستعدون للاقتراب من حافة الرصيف على اللون الأصفر ليعبروا الشارع على الأخضر نظرت إلى قدميها وحذائها الأصفر، وإلى ثيابها فأفلتت يدها ممن يمسك بها وقالت:

- أصفر... أصفر....

وشهقت سناء عندما رأتها في وسط الشارع والسيارات تهدر من بعيد.

نفخت بصفارتها بكل ما لديها من قوة... وكذلك فعل رفاقها عندما انتبهوا ورأوا المشهد.

توقفت كل السيارات... وتعطلت الطرقات... واندهش المشاة كل المشاة.

أما البنت الصغيرة فقد أخذت تعبر الشارع إلى الرصيف الآخر حيث تلوح لها سناء بيدها وهي تقول:

-أصفر... أحمر... أخضر.

 

 

 

 

 

الجمل والسنام

 

 

كان الجمل الهرم يستريح في بقعة جرداء خالية إلا من بعض الآثار القديمة وهو يطلق أصواتاً كأنها الأنين أو النواح. سمعه الصغار الذين خرجوا في رحلة للتعرف على الأثار. تقدموا منه وهو يبرك على الأرض، فداعبوه ولمسوا وبره الناعم، وتأملوا ملامحه الضخمة وهو هادئ وديع ينظر إليهم بعينيه الواسعتين، ويمضغ شيئاً دون أن يكون أمامه طعام ما.

قال لهم:

- هل تريدون أن أقوم لكم بجولة في هذا المكان؟ حسناً... ليركب من يريد منكم فوق ظهري ثم بعد ذلك انهض. ألا ترون كم أنا عال وضخم إذا وقفت؟

قال الصغار:

-لا... لقد قمنا بجولتنا وانتهينا. نحن نحب الركض والتسابق ولا نتعب. ألسنا صغاراً؟

ثم إن الحركة والنشاط عنوان الحياة.

سر الجمل بما سمع، ثم أطرق بصمت وكأنه يفكر تفكيراً عميقاً.

قالت هدى:

- بماذا تفكر أيها الجمل الوديع الصبور؟

ثم قفزت فوق ظهره وقالت:

- ولماذا لك هذا النتوء في ظهرك دون كل الحيوانات؟

هز الجمل برأسه وقال:

- هذا سنام... اسمه سنام. ألا تعرفين؟

قالت هدى:

- أعرف... لكنني استغرب ذلك.

قال الجمل:

- سأروي لك الحكاية. إنها حكاية أو خرافة وليست قصة. يقولون إن الجد الأول للجمال... أو أول جد لها لم يكن له سنام... كان كسولاً.. وكان يقضي وقته كله بين الطعام والنوم. ولا يؤذي أحداً ولا يؤذيه أحد لأنه ضخم الجثة يخافون من منظره فيهربون، حتى مر به ذات مرة قطيع من الغنم فقالوا له: ما نفعك أنت أيها الحيوان؟ أنت لا تقدم لحمك ولا لبنك للناس، ولا تنفعهم في شيء بل على العكس تتناول هذه الحشائش الطرية بكميات ضخمة وتحرم بقية حيوانات المرعى منها.

فلم يهتم بما قالت الأغنام، وقال: أتركوني... اتركوني سأنام.

ومرت أمامه البغال والحمير والخيول فقالت: ماذا تفعل أيها الحيوان الكسول؟ لا شيء.. انظر إلينا ونحن نحمل الأثقال، ونجر العربات، ونقطع المسافات... هيا كن نشيطاً مثلنا.

قال: اتركوني... اتركوني سأنام.

ومرت قطعان الماعز تتقافز مسرعة نحو المرتفعات والجبال فقالت له: ألا تقدم شيئاً ينفع أيها المخلوق الكبير؟... نحن نقدم إضافة إلى اللبن... الجلود والشعر بأنواعه وألوانه لتصنع منه الثياب والخيام.

ثم انصرفت عنه مسرعة وهو يقول: -اتركوني سأنام... سأنام.

وهكذا ظل الجمل الجد كسولاً بليداً لا يأبه به أحد... ولا يحبه أحد حتى ضجر وأصبحت حياته لا تطاق، فطلب من ملاك الرحمة أن يصبح أفضل المخلوقات وأنفعها للإنسان، وأكثرها وداعة وطاعة، فقال له الملاك:

- سيكون لك ما طلبت بشرط واحد هو أن أجعل فوق ظهرك هذا السنام حتى تتذكر لو اردت أن تنام.

وهكذا أيها الصغار فإن السنام هو اختصار من كلمة (سأنام)، ثم إنني اصبحت كالأغنام أقدم لبني ولحمي للطعام... وكالخيول أقطع المسافات ولا أبالي بالصحارى ذات الطول... وكذلك كالماعز أقدم الوبر والجلد والأشعار لكل من يطلب الثوب أو الخيمة أوالدثار.

أما هذا السنام... فهو مخزني أخبئ فيه الطعام.

سر الصغار بما سمعوا.... وأحبوا الجمل أكثر وأكثر... لأنه أقدم الحيوانات على وجه الأرض، وهو الأنفع والأكبر.

 

أضيفت في 29/03/2005/ خاص القصة السورية

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2024  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية