تداعيات الذي ادعى
أنه وأنى
ولكنى أقفلت خشمى خوفا منه
عندما تعلمت أن أفك الخط كنت صغيرا
و كنت خائفا
و كنت تائها و أسكت الكلام الذى ينتفض
و لكن لسبب لا أعرفه ثار , و بربش الصبح عيونه الناعسة لى
و حط يدى على الورق
بكلمة
ثم جملة
فالكلام قال صاحبي أن له معنى , فابتسمت و سكت عن الذي يدور فى مخى
و حاولت أن أفسر ما حولى
و لكنى 0000000
لما همست لى حبيبتي قائلة أن الجبال ذات اتساع شاهق و ارتفاع عجيب و
راحت تشرح فى أبهة تطوح يدها شمالا و يمينا لفوق و لتحت تتسع عيناها و
يرتفع الحاجبان 0 تؤكد أن النهر يجرى ليس للأمام و إنما للخلف حسبما أشارت
بيدها و أن النجوم صلبت الشمس فى نهار متأخر حين أجبرها الليل على الخفوت و
لم تخفت كما اتفق و لكنها فى النهاية تلاشت و تركت ندف السحاب مصبوغة
بالحمرة
و الناس فى هلع و رعب هكذا كانت تقول لى 0
و لكنى اكتشفت أن شيئا من ذلك لم يحدث فقمت من الفراش منزعجا فى
أذنى صراخها الحاد 0
ارتديت ملابسي كاملة حيث انسابت أصابعىالباردة فى الجيوب الخالية من
الرعب و من الزمن حتى الملاليم آلتي لم يتبقى شيئا منها لم يتبقى منها شيئا
كنت متناوما و كنت متعجلا أحسب المسافة بين السفينة التى تخيلتها و
سفينة نوح و كانت بحساباتي 10876321 فخلعت الملابس و كان الرجل الذي حضر
يسأل عنى طويلا بشارب كثيف يرتدى بذلة قديمة و يريدني حالا 0 حالا ,
-أراد أن يقتحم المنزل لولا 0
-لولا ماذا ؟
- لولا أنى وقفت فى وجهه 0 قلت له أنك غير موجود
- أحسن 0
- و لكنه أعطاني هذه الورقة 0
" الحضور باكر بسرايا النيابة "
وعندما أنحيت أمام وكيل النيابةاجبت
على السؤال الذى وجهه الى واستغربت للمسألة فأنا لم ادخل قسم شرطة
فىحياتى. نسيت الكلام الذي أردت أن أقول
كنت متأكدا أنا أنى رأيت الرجل الجالس على يمينه يسجل اجابتى
ويبحلق فى ... نعم رأيته منذ زمان الطرابيش يغنى فى الموالد وكان من الممكن
أن اسكت أو اصمت أواقول اننى لا اعرف أو لا افهم ولكن ضميري ياسيدى عذبني
.
آه يا سيدي 00000000
أبى هذا ملاك تضعه على الجروح 0
- المهم يا محترم أن هناك نزاع حول تحديد الملكية 0
فهل معك ما يثبت ملكيتها ؟
نظر الى الرجل بشغف 0 أكدت لنفسي أنى رأيته يغنى فى المولد عندنا فى
البلد من شهرين و كانت تتمايل عليه الغزية و كان يلمس وسطها 0
ابن ال 0 , و خبط على المكتب بقبضته فارتبكت
و لما فتح الليل عيونه الواسعة لى و أخبرني عن الحكاية القديمة
لجدي الثالث و الذى ترك لنا بضع قراريط أيام كانت القراريط براري واسعة
لأمثالنا فى قرية مضاءة ببعض كلوبات جاز بين البيوت المتفرقة , تعيش على
حكايات العفاريت التى تخرج فى أنصاف الليالي و العيال تلوك الحواديت فى
تداخل صميم 0
قال أبى زمان : قيراطان لك و واحد لأختك 0 أوعه تفرط في أرض جدك 0
خليني أموت مستريح البال 0
-أستريح أنت 0 " بكرة أبنى فيها بيت بدورين
-و فيه عمدان 0"
يا بنى الأرض عرض , إياك تفرط فى مالك 0 قيراطان لك و واحد لأختك
رحت حيث جمعت الأوراق القديمة , غبت فى التراب ساعات طوال
و أخيرا احتضنتها و طويتها بعناية شديدة 0 قذفت بكل الأوراق الخالية
0
حين نظر للورقة الدبلانة قال أننى صاحب الأرض
لا محالة مشيت ناظرا للاتساع المذهل للسماء
والمزارع الخضر وعيون حبيبتي الرمادية و كانت الدنيا كلها تنافسني
على هذه الصبية الهيفاء كان كل شئ يتسع يصبح براحا ممتدا سألت عن الطبول
و الزغاريد و الحائط كى أخبط رأسي فيه فرحا
و غبطة , أنا الذى صاحب الأرض
و أنا الذى سيتزوج الصبية المليحة و أنا الذى 00
أنا الملك المالك 0
عدت أقلب الموضوع و أحتضن الغيطان و حقول القمح و المواشي و عيونها
الرمادية , حيث كان القمر يتسرب تحت سحاب داكن شحيح و لم يحاول أن يتخلص من
أسره و لم يتزحزح من مكانه حسب رؤيتي إلا بعد سنتيمترات
لا تكفى لخروج عصفور .. فلم أهتم 0
فى اليوم التالي فتحت لشمسي المكسوفة في نهار
طوبة لتدخل تحسست الجرح القديم المندمل في رأسي
قلبت السيجارة فى يدي مرتين أو ثلاثة 0
كنت أرتشف الشاي الساخن وأستعد لأحتضن كل شئ
فكم مرة طلبت مزامير العالم أن تدخل لبيتي وترقص الثعابين كما
رأيتها فى سلة الحاوي .وكم مرة أردت أن تجىء العيال التى تريد أن تعرف
المسألة وتشم الحكاية عن يقين وكم قلت كلاما مخزونا من ملايين السنين فى
ذاكرتى ثم أننى انزعجت للذى دخل فى رأسى والأفكار القديمة التى راودتني عن
نفسها كانت قد جاءتني بثوب للزفاف الجميل وتزوجتنى غصبا فى ليلة مليئة
بالمطر والبكاء والنشيج وكان الموضوع كما تعلم ليس له أصل والأشياء التى
تسربت الى ذات الموضوع ليست ضمن أصل الحكاية لأن الحدوتة كلها أن جدك لم
يترك شيئا
ولأن الأصل أن الليل يصبح قصيرا فى أيام الصيف وكالحبل فى أيام
الشتاء .
هكذا قال لى فسكنت فى مقعدى مبتسما وناولنى الورقة المنهوكة
والمطوية بعناية شديدة وقال كلمات ساذجة وباردة حيث أنه ...
وقيل أن الدموع التى سقطت كانت بسبب الزلازل التى هزت أرجاء قريتنا
الهزيلة . وقيل انها بسبب الصبية الهيفاء التى خطفتها من اهلها وتوحدت معها
. وتوحدت فى قريتى وانفصلت عن الجرح رغم اتصالى بجروح غريبة قيل لى انها
بسبب ازعاج السلطات عن موضوع لا اصل له وقيل لى انها بسبب الجرى وراء
الأوهام والكلام الفارغ
وقيل لى انه بسبب وبدون سبب .
استدرت للخلف محاذرا ونابتا فى صدرى شوكا ساخنا سكتت الدنيا من حولى
وبقيت العيال تلوك الحكايات بأشداقها عن العفاريت التى تطلع فى اخر الليل
فى الغيطان وعن الأرض التى انا صاحبها لا محالة فقد كان يؤكد اننى صاحبها
ولا أحد غيرى لامحالة .
وجع الحلم
علي...
ذهبت إليك كل النهار, وكل الليل, وكل ساعة, وما لقيتك والقرية كانت
تقف علي أصابعها وتغط في نوم عميق.
لما يتسرب هواء الغيطان إلي المخادع في الليل الأسر, تطير النسمات
حيث الأجساد الشقيانة, تبقي هامدة حتي الصباح, وأنا أقف.
كنت أنتظرك...
أنتظرك دون معني سوي انتظاري لوهمك, سألت عن وجودك الذي يستفز وجودي
وعرفت أن لك بيتا وأولادا.
سألت المراسي عنك والشطأن والبحر الغريب والأرض التي كانت تعفر
جبينك.
نعم أعرف ملامحك, من قديم تقفز في ذاكرتي وترن ضحكة عسلية في أذني.
وناديت علي كل شيء فيك دون رجاء من وقوفي هكذا أمام أعتاب بيتك,
وصمتك الذي فتت نظرتي وتبرمي بكل شيء حولي.
وحيدا كنت يا علي وآنت تنام في زمن القياصرة, وتسألني عن الأساطير
القديمة, وعن غاب البلاد وزادها وأسألك عن القطار الذي يحمل الناس في بلادي
وهم يقفون علي الأرصفة.
وتقول ها هم الناس يسيرون يحملون علي أكتافهم أعناق, وعلي أعناقهم
رؤوس, وفي رؤوسهم عيون وفي عيونهم وجع وحلم يؤرج الليل.
أي حلم يا علي قلت لي عنه, وأنت القادم قبل وقتك والمحال الذي عرفت,
كنت تذبح الوهم عند أعناق المدينة وتوغل وتمطي جسدك كقطة.
ترفع.عرفتك منذ عشرين عاما, نائما في قش الغيطان أو في ساعة العصرية
عند أشجار الزيزفون والساقية التي رفعت الماء.. ترفع .
يجرها طور عتيد مغمض العينين.
لماذا أغمضت أعينهم يا علي ؟
حتي لا يدوخوا !!
حين ناديتك خفت وتراجعت وشبح وجهك أمامي يرج أنحائي رجا , يخضني خضا
.
لم تكن هو أنت ولا أعرف متي بدأت مأساتي معك, اعرف أنك كنت معي..
داعبتني وسرقت الحلم مني عند شجر الزيزفون, وذهبت أنا للمدينة التي
سرقت النار من عبادها.
سرقت الآهات من الحيارى والمسكونين, وأنت تسرق الفاكهة من الغيطان,
تعطيني أنا الخائب ابن المدارس كما قلت.
علي..
جئتك.
علي.. جريت إليك ملهوفا ومحملا بأريج بكر برائحة السنابل وتصاوير
الحقول في عيني والطرق المتعرجة في فدادين القمح, سألت عنك.
في الريف البعيد هناك عند أعلي قمة للصمت ولتوحدنا, اعلي مدار
للساقية وأبنية تتراص ببطء شديد, وتصنع أرجوحة للغناء \ غناء بدائي له طعم
الثريد.
( طلعت يا محلا نورها شمس ال... )
كنت أنظر في جباه الخارجين والأرض تنظر ولا تعرفهم ولا أنا أعرفهم
ولا أنت فيهم.
واصرخ من فرط وجعي لانتظارك وحدي أجلس..
نعم وحدي.. ويقول النهار أنك لم تعد أخر النهار كما عادوا ولا حتي
أخر الليل, وجئتك كل النهار وكل الليل, وكل ساعة وما لقيتك..
يقول المساء: انك هنا متوحد هناك.
أحضرت الفيديو وأشرطة من كل نوع وجلست في صحن دارك لا تخرج للناس
ولا تري الأرض.
مجعوصا تقعد علي أريكة من قماش حرير مفترشا كل شيء أمامك واضعا يدك
علي الريموت وخدك الأحمر وجبهتك الناصعة.
وأحزن لأني لا أجدك ولا أستطيع استخراجك من ذاكرتي, من عنفوان جسدي
الذي ألم بك وأصابعي التي مرت علي تقاطيع وجهك المبلول زمان.
وأنا انتشلتك من المدار الذي سقطت, استخرج تعاريج الأرض من قدميك
ومن يديك. أتعرف كل شيء فيك شيئا فشيئا وأبكي وأسألك.
أنت سليم يا علي ؟
ومن يومها تقول أنك مدين بحياتك.
أنا لا أذكر فيك غير أمك والأولاد والترعة وشجر التوت والبنت. البنت
التي كانت نحيفة وتحبك, كنت تقول أنها " رفع القشاية "
معك الآن امرأة سمينة وفاكهة غير التي كنت تسرقها زمان.
وشعرك الأسود الفاحم شاب ووجهك الأسمر ابيض بحمرة العز.
وكان القطار يحمل الناس في بلادي حين سرقتني المدينة بما قالت عنك
يا علي.
جئتك عند مدار الساقية الذي تعرف, فوق تلك المساحة المستطيلة من حزن
لا يجيء وشوق يخبط في جوانحي يلم أثار لهفتي عليك ويرميها للمدى وأنت لا
جئت.
ماذا تقول يا علي ؟
ها قد عرفتك عشرون عاما نائما في قش الغيطان, وحين رفعت يدي
وأنزلتها علي بابك الحديد... أصر الباب صريره الفاحم. ونظرت في وجهي
مستغربا. رحبت بي كأي زائر لا تعرفه وفي عينيك سؤال لئيم, فردت
يدك علي أخرها وأنت تنظر في دهشة وكان الناس في بلادي عارفين مواعيد
القطارات التي تأتي من أقاصي الدنيا.
ولم تكن تعرفني يا علي !!
|