أبيض وأسود
(1)
قيدوا يديها وقدميها..عذبوها..ألقوها في زنزانة
ثلجية بدون غطاء..بعد أيام.. أرسلوا إليها التماساً بإخلاء سبيلهم..
(2)
تمردت على ألوان ملامحها..الأحمر والأخضر
والأزرق...لاذت بالأبيض والأسود ..فتعانقا على مفرقها.
(3)
قال: أنتِ روائية
قالت: وأنت شاعر
قال:اجعليني بطلك..
قالت: عندما أسكن بيتك...
(4)
فقدت بصرها قال: أنا بصرك
فقدت سمعها قال: أنا سمعك
فقدت صوتها قال أنا صوتك
فقدت شبابها..أخذ أشياءه ومضى..
(5)
تركت لقلمها العنان..انطلق فى كل اتجاه..وحين حاولوا
إلجامه بلجام الغواية..نحرته..
(6)
قطعت نفسها إرباً وألقت أجزاءها في كل مكان..استعصت
عليها ذاكرتها..سجنتها في الماضي..فأعدمتها..
(7)
تمردا على مابينهما..سحبت صورته من قلبها وأودعتها
حرفها..سحب صورتها من قلبه وأودعها حرفه..حين التقى الحرفان.. تمردا على
الفراق..
أضيفت في
05/09/2008
/ خاص القصة السورية
/ المصدر:
الكاتبة
تنويعات ممنوعة
(1)
حين صرخت أحلامها ضمتها إلى صدرها..
هدهدتها..
بحثت عن أمل ترضعها إياه لكنها لم تجد..
حملتها في مهدها إلى ملجأ أيتام..قبلتها ..
ثم تركتها على بابه عرضة للتبني..
(2)
ذات ليل..غاب القمر فتمردت النجوم..نفخت كل واحدة فى وجه غريمتها..
حين انطفأ الجميع..احتضر الليل فطلب ولي عهده النهار ليوصيه ..
أخبروه أنه ..
باع القضية.
(3)
قالت له: اكسرني
قال: قد فعلت..لم يبق فيك جزء سليم
قالت: وهو المطلوب
قال: وماذا ستفعلين بحطامك؟
قالت: سأغرسه في أرض التجربة ربما ينبت أخرى غير قابلة للكسر..
(4)
انفرط عقدها فانحنت تلملم حباته..
وحين حاولت رفع هامتها من جديد..
لم تستطع ..
(5)
حين أرهقه الصمت..حمله إلى أرض الكلام ..غرسه فيها ..
ثم رواها بدمائه فنبتت...
وعندما ارتفعت أشجارها أثمرت ..
حروفاً خرساء.
أضيفت في
28/05/2008
/ خاص القصة السورية
/ المصدر:
الكاتبة
تألم
فاجأها الألم الذى تعودت زيارته من حين لآخر..أصبحت خبيرة به تعرف علامات قدومه
وتحفظ عن ظهر قلب أسلوبه المميز فى تعذيبها..عندما أحست وقع خطواته قفزت
إلى علبة الدواء وتناولت القرص الذي اعتادت عليه لكنه لم يأبه لها ولا
له..اشتعل جنونه بسرعة البرق..أحست أن سقف الغرفة ينطبق على أرضها..الدنيا
تضيق..قالوا أن المرء في تلك اللحظات يمر أمامه شريط حياته لكنه لم يفعل
فزائرها الثقيل لم يترك لأحد فرصة لينال منها غيره..أمسكت بيد زوجها
تعتصرها علها تنفس عن بعض مابها لكن هيهات..كانت ترتعد خوفاً من أن يتركها
وحدها مع ذلك الوحش حتى لو كان ذلك لجلب الدواء اللازم لها..خارج غرفتها
جلس أحد أولادها أمام شاشة الكومبيوتر مسلماً إليها قياده بينما تذبذبت
صيحات الآخر مع منحنى سير مباراة كرة القدم بين سادة اللعبة..تعالت آهاتها
وهي تنثر أجزاءاً من روحها في فضاء الغرفة....في حين ألقى زوجها بنفسه داخل
الهاتف يسأل الجار الطبيب عن مهديء للألم ..صوته اليائس أخبرها بأنه لم
يجد..بدأ يرتدي ملابسه بسرعة للذهاب إلى الصيدلية..صرخة ابنها الناقمة على
الهدف الضائع نفضتها من مكانها..بدأ الألم يخبو وأخذت ابتسامة ساخرة
طريقها إلى شفتيها..أشارت لزوجها بتحسنها وبأنه لا داعي لخروجه ..ربت على
يديها مطمئناً..وانصرف يتابع الدقائق الأخيرة من المباراة..
خرجت متحاملة على نفسها لتمحو بقايا مابها..نظرت لولديها اللذين لم يتأثر
انشغالهما بإطلالتها الشاحبة..
..بطرف عينها لمحت أباهما يحد النظر إليهما ليسألا عنها..دون أن يلتفت سألها
الكومبيوتري:
هل أنت متعبة ياأمى؟؟؟
خطوط تائهة
فتحت كفي أحاول قراءة معالمه..فقط خطوط متشابكة تشبه الخرائط..أبحث عن حدودي فيها
فلا أصل إليها..لم أر تلك النقاط المتقطعة التي التهمت خرائطنا وعلمتنا
الأسر منذ أن لقنونا رسمها..أيقظني ابنى من تأملى وهو يحمل كراسته المدرسية
ويطلب مني أن أساعده في رسم خريطة للوطن ..تهت في حروف الكلمة كأني لم
أفهمها...أعاد طلبه عليّ ثلاث مرات وأنا واقفة بلا حراك أنظر في عينيه نظرة
تضيق بكل تساؤلاتي وتفتقر إلى دبيب إجابة ...تناولت الكراسة منه وطلبت منه
أن يحضر الكتاب علي ألملم فكري في أثناء رحلته السريعة من حدوده إلى
حدودي...عاد يحمل الكتاب ويجر قدميه ...يتناوم ليترك لي الكراسة والكتاب
ويستريح من هم الواجبات المنزلية...لم أعره التفاتاً ...وتشاغلت بالكتاب
أقلب في صفحاته..سألته: أى وطن نرسم؟؟؟ لم يرد.. بدا وكأنه يحاول إتقان
دوره..يترك رأسه تسقط من فوق أكتافه ثم يعيدها سيرتها الأولى كأنه يخرج من
غيبوبة طارئة....لم أحب أبداً جغرافيا الخرائط تلك لكنى لا أعرف لم هذه
المرة بالذات استولت عليّ فكرة البحث عن وطن..فتشت داخلي عن دليل إليه لم
أجد...لكزت ابني فى كتفه لأخرجه من تمثيليته التي دخلت طور الحقيقة قبل أن
يضع لها نهاية موقعة باسمه..لكنه كان كالمخدر...حروف متقطعة تتناثر من فمه
تقف عند آخر أفكاره..(أريد رسم وطن)
ناديت أباه ...حمله بهدوء ليوصله إلى دفء فراشه ....احتضنه ليشاركه حلمه وظللت
وحدي خارج بوابته محتجزة بلا تأشيرة دخول ..
حين استيقظ في الصباح وجد الكتاب والكراسة على مكتبه وبجانبهما ورقة بيضاء
وقلم..انتفض صارخاً: أمي .. أين رسم الوطن؟؟؟
أجبته بعينين التهمهما الأرق : ارسمه أنت.
مدفأة
ارتجفت من البرد..خالت أن أطرافها قد تبرأت منها وأصبحت أجساداً أخرى لا تمت لها
بصلة..حاولت تحريك أصابعها فأبت أن تطاوعها..صوت المطر المنهمر بالخارج
عدائي قاس يشعل غيظ الرعد فيهدر زئيره مهدداً الجميع بالويل والثبور إن
لاحت لأحدهم فكرة الخروج من البيت..تحول صوت قطرات المطر إلى نقرات متوالية
لقذائف صلبة لا تهدأ ولا تترك فرصة للخلود إلى النوم..زاد قلقها
واضطرابها..منذ متى وهي هنا؟؟؟ أعوام طويلة مرت عليها منذ أول يوم جاءت إلى
هذا البلد البعيد ساعية وراء غد أفضل.. كم منت نفسها بأنها ستصادق هذا
البرد الأرعن وألبستها عشرات الوعود بشتاء أكثر دفئاً يمكنه احتواء تجمد
قلبها الملقى بين ضلوعها بلا فائدة غير انتفاضات روتينية تبقيها على قيد
الحياة..سمعت صوت الباب الخارجي للبيت يغلق..من المؤكد أنه زوجها فمن غيره
يفتح الباب ويغلقه..لم تستطع أن تتحرك من مكانها كما كانت تفعل فى بداية
زواجهما لتحمل عنه تلك الأكياس البلاستيكية المنتفخة بمستلزمات المنزل وتضع
محتوياتها كل فى مكانه..ألقى عليها تحية المساء فأومأت إليه برأسها..
-أمازلت فى جلستك تلك منذ خرجت..؟؟
هزت رأسها بالإيجاب...
-قلت لك عشرات المرات أوقدى المدفأة إذا كنت تخافين الحساسية التي تصيبك من جهاز
التكييف؟؟
ألقى الأكياس على منضدة المطبخ ثم دلف إلى الداخل..بعد لحظات خرج وهو يحتضن
المدفأة..وضعها تحت مقعدها ..لم تعترض رغم أنها تكرهها..شمعتاها الحمراوان
تنظران إليها بوقاحة وتصران على حرق ماتبقى من أعصابها..آه..ما أشبه تلك
النظرة بتلك التى كانت تطل من مدفأة أمها.. ازداد ارتجافها ..تحول إلى
تشنجات ..لم تعد تستطيع السيطرة على جسدها.. لم تفق إلا على انتفاضته
هاجماً على هذا الوحش المخيف يحمله ثم يلقيه من النافذة..أتى زوجها مذعوراً
من الداخل على صوت الارتطام..تسمر فى مكانه ..نظر إليها مستفسراً..أحست
بارتباك .. تدثرت بالصمت..سمعته يتمتم: عاودتها النوبة..
في المساء خرج..وأتى بمدفأة جديدة..
|