أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | مواقع | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

إصداراتي الأدبية

أكثر من 25 مليون زائر، لموقع القصة السورية، رغم إنشغالي بالكتابة للثورة السورية، خلال الأعوام العشرة الأخيرة

يَحيَى الصُّوفي

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 04/09/2022

الكاتبة: صالحة غرس الله-تونس

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتبة

بطاقة تعريف الكاتبة

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتبة

 

صالحة غرس الله
تونسية أصيلة جزر قرقنة تابعة لمدينة صفاقس وتحديدا بالوسط التونسي
أكتب وفعل الكتابة أعده طفرة طبيعية ناتجة عن ممارسة فعل القراءة منذ تعلمت حروفي الأولى بالمدرسة
نشرت في الصحف اليومية وفي مجلات متنوعة :الحياة الثقافية، مرآة الوسط ،مجلة قصص
وحاليا أتابع حركة الأدب من خلال الأنترنت فأقرأ وأنشر في مواقع متنوعة
النصوص كثيرة غير أن مسؤولياتي العائلية تؤخر النشر الورقي الذي سأسعى جاهدة أن يتم في أقرب وقت

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتبة

 لقاء

 ما أسهل الفرح

 السر

 كذبة

انتظار 

وراء الضباب

وللفستق حكايا

حالة عشق

 

 

 

كذبة

 

أوّل مرّة تقاطعت فيها نظرتهما أضاءت وجهه إشراقة طفوليّة فطأطأ ساحبا ابتسامة مرتبكة إلى داخله ......ملاك رقص على صفو جبينه ....حمرة عرت وشي وجنتيه ....ومضى ...

قطعان من الغيوم المتلاشية تخبّ في مجرى الدّم  .... سرب من التساؤلات يخيم على رصيف أخيلتها ....ما القصّة ...؟أهو القدر يستبلهها مرة أخرى وأخرى ...؟ يلقيه في طريقها ليوقفها على حقيقة الأحداث كما يرسمها التّاريخ لا كما تتراءى في عينيها ...؟ أهي عبثيّة الوجود تدحرجها من القمّة إلى السّفح لتسخر من سعيها وتستهين بقدراتها ...؟

أهي الذّات الإلهيّة توغل في التّعالي إذلالا للأنثى الّتي ستظلّ ناقصة مهما حاولت الدّنوّ من السّماء ...؟

ماذا يريد الله منها وهو الّذي خلقها من عجينة طيّعة تشكّلها نفحات الوجدان؟ وكيف يطلب منها أن تكون ملاكا نورانيا و طينها اللّزج لا يثبت على شاكلة ...؟

لماذا حين يقف أمامها تراها فيه تتلألأ كزمرّدة أزهر ألقها على ضفاف الكوثر .......؟ لماذا لا يحصل ذلك مع زوجها ،أب أولادها ....؟

كان في عينيه رجاء بألاّ تسأله عن شيء وأن تستسلم لنفس المدار الذي تحمله أفلاكه إلى كون بلا عواصف ..... كون يستأنس فيه بصوتها يحمله على غيمة أثيرية ،تلهيه عن ألمه وتسحبه من غصّته .....كان يعرف أنها كلما جنّ الليل تعجن من أوهام عزمها لعبة الفراق لتقنعه باستحالة ما بينهما ......طفلا كان تراكمت من حوله صفائح الجليد .إذا انتهت حصة العمل اقتعد فكرة تحت جدائل الشّمس في انتظارها وتراه من بعيد كسيحا يمدّ حبل الاستغاثة إليها .....غارقا في وحدة لا يطرَق بابها أحد .....وتعاند غير أنّها لا تلبث أن تكسر لعبتها تبعثر أجزاءها قطعة قطعة في الطريق إليه ...وإذا ألهتها اللعبة عنه وخاب رجاؤه قطع كل السّلاسل التي تثقل رجولته وهبّ إليها ....فتلين وتطوّح به الشّكوى ...وتهيم بين أسئلتها وحضوره ... .

لم يكن يكلّم من العمّال أحدا سواها ....وكان يفتعل الأسباب ليلقي بنظرة خاطفة عليها من خلال زجاج المكتب أو من خلال الكوّة الصّغيرة التي تربطها بالعملاء ....يفعل ذلك اختلاسا فيجني ابتسامة مكبوتة أو هزّة استنكار فيضحك بلا صوت ويغيب ليظهر من جديد بتعلّة ثانية .....

 

 

تململت من حولهما الشكوك واستيقظت براكين الفضول .....

بين الرّغبة والرّهبة استقرّ سلطان الفاعل يراود الأحداث .....

كل العيون غدت عدسات التقاط لا تغفو ......وكل المواقع مراصد على أهبة :وقفت إليه ....ابتسم لها ....إنهما معا ...ماذا يقولان ...؟ما الذي بينهما ...؟

تحرّر الحديث عنهما من قيد التردّد ....تحرّقت الأرواح من أجل لحظة غور لاستجلاء الكامن ...

 

 

انتبذ همومه غير آبه .....ومضت في حربها تلفّ صمتها أصابع الغرابة ....غريب ما بداخلها .....غريبة هي الحقيقة ....تجلدها أسواط الاستنكار ويتلقفها اليقين بأنها شخص آخر يسكنها ...شخص يولد من جديد فيها ....بلا هويّة ....بلا ملامح ....شخص يستسلم لسيل الحياة تجرفه في مسارها إلى عالم مبهم ...عالم محفوف بالدّهشة والذّهول ....

من حولهما انتصبت شرفات للانتظار ......ونهشت الوساوس جسد الفضيلة لتحيك روايات بوجوه عدّة .. حكايا تعرّش على سمّاعات الهاتف ....في الزّوايا .....رسائل مشفّرة تترجمها الغمزات والهمزات وابتسامات ملوّنة ...

الكلّ يتعاطفون مع المجهول ....الكلّ ينتصرون للعفّة ........

كان لغزا مستعصيا ....لم تفلّ فيه نظرات الإدانة ولا حرّك ساكنه خوف .......

لو كانت رجلا لساورتها الشّكوك بأنه ابن ضالّ راودتها عنه لحظة شبق عابرة

لكنها أنثى تحصي زهراتها زهرة زهرة وتعرف غلالها ثمرة ثمرة ....

المرّة الوحيدة التي مدّت فيها إليه يدها ردّها واكتفى بوضع يده على صدره متأسّفا...

لم تصافحه ....لم تلمس يدها كفّّه .....لم يضع يده في حركة عفويّة على كتفيها ....لم يردّ شعرها المتطاير ....لم تحطّ طيور نظرته على عنقها ولا رست سفن شهوته على نهديها ...لم تباغته يختلها بالتهام خصرها ولا اغتسلت حدقتاه في نهر مآقيها .....لم يفتعل الاقتراب ليستشعر عبق أنوثتها ....على مسافة الطيف وقفت ووقف الجميع خلف الأحداث في استنفار ....صارا غذاء للدقائق والسّاعات وتناثر الفتات يؤلف لقصّة من ألف ليلة وليلة ...

أوقفت عجلة الزمن بالهروب وصارت تسبقه في الخروج ..تستحثّ خطاها لتقطع عليه اللّحاق بها ...تغيّر أمكنة تواجدها ...تفجؤه بالغياب ....تتجاهل أنها رأته ....ويتعب الجميع ....تطالهم معاناة السؤال الذي يستخف بهم ويستفزهم في تحدّ...وتمدّ الصحراء ألسنتها ا إلى شغاف انتظارهم فيعرفون الظّمأ .....:ماذا حصل ...؟ لماذا لا يلتقيان كالعادة ...؟ لماذا لا تسعى إليه ...؟ هل تخاصما ...؟ هل يلتقيان في مكان آخر ...؟ أهي كــــــــــــــــــــــــــــــــــذبة...؟

 

كانت تشهد انكسار خطاه تحت وطأة الجفاء فتتكاثف أجنّة الرأفة بين أضلعها وتوشك على الارتداد ولا تفعل بل يزيد تحصّنها بالتخفّي إلى أن اقتحم عليها خلوتها يوما والدّمع يتراقص في عينيه، ينفرط متدحرجا ليفكّ عقدة لسانه :" فليذهبوا إلى الجحيم ..."قال في شبه صرخة .... كادت تقف إجلالا للحظة استثنائية يصنعها القهر .....كادت تنفلت منها يداها ..تضمّانه ...تخلّل شعره كما تفعل مع ابنها الصّغير ....كادت تفتح له صدرها ....تهدهده ...تجفف دمعه

ولكنها ابتلعت صمتها وهي تحاول التنفّس دون تنهّد ..عرتها حيرة ...لا بل خوف ...نقمة ....نظر في عينيها لأوّل مرّة، فرأت عمق الأسى ....

وكان ذلك آخر عهد لها برؤيته ....شرّع فسحة للرّهبة وغاب .....لم يسألها عنه أحد ولم تجد الجرأة لتسأل عنه أحدا .

مضت أشهر والغيم لا ينقشع عن سماء إطراقتها .....جاست داخلها ....كانت تسكنها رائحته .

و تجوب الشّوارع في طريق عودتها متفرّسة المارّة ثم تعود إلى البيت خائبة .

 

تفتعل الانخراط في دور الأم المرحة وسرعان ما يسري الخذلان إلى ادّعاءاتها ويركب الوجوم شفتيها .تنصرف إلى المطبخ تعدّ وجبة يحبّها الأطفال أو تجلس إلى التلفاز تتابع شريطا لا يخترق زجاج عينيها ....

وذات أصيل تهادى صوت أمّه إليها لم تنتظر لتسمعها ...سألتها عن العنوان ....اهتدت بحدسها إلى أن مكروها أصابه .....هبّت تقطع المسافة وتقطعها الأضواء الحمراء نصفين ...

كلما تسحّب تفكيرها يحدّثها بالعدول أشلّته ....كان بداخلها غول لأنثى تقودها حواسّها إلى حيث يجب أن تكون ....طرقت الباب،فتحت لها امرأة وسط بدت على وجهها دهشة سرقت لسانها .أشارت لها بالدّخول وهي تفترس ملامحها .

وبصعوبة قالت :" أنا عمّته..... أنا ربّيته بعد  وفاتها ...." ويظهر أنها لم تستطع إكمال كلامها وإنما رفعت رأسها إلى صورة تتصدّر الجدار وغلالة من الدموع تغشى عينيها .

كادت تشهق وهي ترى نفسها في عينيه ....كان يقف إلى جانبها يسندها بذراعه وبينهما وقف طفل يبتسم إليها ........بعثرتها الذّكرى .... رفضت عائلته ارتباطهما أيام الجامعة .... وأخبروها أنه مات في حادث طائرة . .لملمت ما بقي من صور وخرجت قبل أن تعرف المزيد.....  من هي ؟  و كيف يبلغ الّتّشابه بينهما  هذا الحدّ من التّطابق ..؟ هذا ما كانت تحدث به نفسها وهي تقاوم الرّغبة في العودة للاستفسار عن أشياء كثيرة راودتها ....

وهو....؟لماذا لم تخبرها شيئا عنه... ؟ولم تعرف من تقصد منهما بالسؤال

الأب أم الابن

 

 

 الـسر

 

لم أجد بما أجيب لما سألتني أمي ّ "إلى أين ....؟ّ  " تلعثمت وأنا أحاول ارتداء قناع البراءة " نفذت أوراقي سأذهب إلى المكتبة " كنت أعلم أنها ستنتظر في غرفتي بعض الوقت ثم تنسلّ إلى فراشها وتستسلم  لنوم عميق مطمئنة لكوني سأعود سريعا ...لطالما أدركَتْ  ببديهتها  أنيَ لا أجرؤ على المجازفة  بترتيب موعد مع حبيب  أو صديق كبقية الصّبايا   .....المسكينة لقد غاب عن تصورها إمكانية تهيئة هذا الموعد على بعد خطوات منها .....

 

كم كنت أشعر بالاختلاف وأنا أسمع بنات القرية يتفاخرن بمواعيدهن الليلية ومغامراتهن مع السلّم الذي يجتزن عبره حدود إمبراطورية العائلة ليعدن قبل الفجر بقليل مترنّحات

 

بكؤوس الغرام ..... كم كنت أنفر من مجرد التفكير في قطع مسافة باتجاه رجل أي كانت مكانته في نفسي  وأي كانت موانعه من المجيء إلي  بل أي كان مركزه   .

 

هذه الليلة قرّرت أن أنزع عادات كثيرة دأبتني وأن أركب فضاء تمرّدي وأرحل مع تعلّة الأوراق التي اختلقتها لأصرف أمّي عن ملاحظة الشّوق الذي يتفلّت  من نظراتي المشتّتة ...ينبت  على أطراف أناملي ......يعصر فؤادي عصرا لذيذا .....ويعانق المدى الذي سيطل منه حبيبي  متهاديا بعد أن قطع آلاف الكيلومترات  .

 

لم تكن أمّي قد نامت لما عدت . ألاحظتْ ارتباكي  فساورتها الشّكوك  ...؟ أتوصّلت بحدسها الأنثوي إلى  أني أعدّ لقصّة لم أعشها من قبل ؟...... لأطمئنها طفقت أسوّي أطراف الأوراق وأطويها نصفين وانتقلت للبحث عن قلمي الأحمر، بجانب التّلفاز .....تحت الفراش ....بين الوسادة والأريكة التي تقل أحلامي كل ليلة ...وبعد لأي عثرت عليه في جيب ميدعتي  .

 

ويخطر لأمي فجأة أن تجلس على حافة الفراش قبالتي لتسألني :

 

" هل رأيت أختك اليوم ؟" فأجيب بإيماءة أن لم يحْصلْ رغم أني لاعبت ابنتها ووقفت طويلا إليها وأنا في الّطريق إلى  المغازة   .كل همّي أن أقطع حبل الكلام لأجدني بمفردي .

 

بينما تعود أمي للسؤال :" وزوجها ...ألم يقاطعك ؟هل ما زال في دكانه ؟" "لا " - يتيمة - تصدر عني بلا إشباع ،وأكاد أجزم أنها فهمت إضماري صرفها ولكنها تواصل : " اطلبيه أريده في أمر هام  " وتهمّ بشرح أسباب  خلافهما ولكني أمدّ يدي بالهاتف  فتصمت لتفتح صفحة جديدة معه ،ومع كلّ كلمة من كلماتها تموت اختلاجاتي وأنا أفكّر به، بآخر عبارة كتبها  ،بآخر تلميح وآخر رجاء....و أخاف أن تنطفئ رغبتي في امتطاء المغامرة و أن يتحّول شوقي لمعانقة النور الذي سيجود به حضوره  إلى رماد .

 

تعيد إلي أمّي السمّاعة وعلى شفتيْها كلام كثير فأكتم أنفاسي مخافة أن تعود على عقبها لتفتح نافذة جاهدت في إغلاقها .

 

كانت اللّيلة باردة بما يكفي لتلحّ أطرافي  في طلب الدفْء ولأظلّ مستيقظة نبذت كل تقنيات التدفئة  وكالقطّة رحّلت أذنيّ خلف الأصوات تترصّدان هدوء طلّته...جعلت أسترجع كيف سرق الأضواء من حوله  .....وكيف أمالتني استفزازاته اللذيذة ...

 

منذ اكتشفت هذه الأنثى التي تسكنني وأنا أحلم برجل استثنائي يجد الجرأة لاختراق  المعقول واجتياز  العقبات   ليكون معي ساعة  تطلب السّفر روحي....

 

أنثى غريبة الأطوار لا تطلب أمام فتيات جيلها الكثير...لا تحلم بزوج مطيع  وأبناء أو بيت عصري  وأثاث وثير  لأنها تعرف أن الأمر محسوم.

 

كم أشعر بالغربة بين نديداتي وهن يتحدثن عن علاقاتهن .........كيف يسمحن أن يشاركهن أحد أسرارهن ؟ كيف يضربن بقداسة هذه الأسرار .... ؟

 

ماذا سيبقى من سحرها عندما يتلاشى غموضها ؟

 

لن يشاركني أحد سواه سرّي ولن يحصل بيننا ما يحصل بين أيّ رجل وامرأة سيكون الأمر مختلفا سأكتفي بوضع رأسي على صدره وسأردّ من حين لآخر خصلة شعر  فالتة على جبينه  ...قد أحيط صدغه بكفي لتسري حرارة جسده إلى  أطرافي  وأنام في وداعة  منتقمة من ليا لي التشرد بين قلب وآخر .وإن  ألحّ في طلب المزيد فسأنظر في عينيه برجاء ليعرف أني لست كالأخريات .

 

داخلني الاطمئنان بأن أمّي قد نامت فشرّعت بوابة الانتظار الذي حاصرني  لفترة طويلة .سمعت طرقاته الخفيفة على الباب فأسرعت أسحبه من يديه  في هدوء إلى مملكتي الصغيرة  أحكمت إغلاق الأبواب ودعوته إلى حيث كنت أجلس .لم يكن يتوقع أني أملك جرأة الاندساس في حضنه ولكنه أحاطني ولم أكن أتصور أن رجلا مثله سيهتز خافقه لأنثى تتهجأ التنطع عن نواميس القبيلة ....قال : " أواثقة أنت ؟" قلت " ضمّني إليك ....لا تفكر بشيء عدا أننا معا ...." ورحلت .

 

لحقتني اليقظة مرات وفي كل مرّة أجده يتأملني في دهشة وأنا أنام كطفلة في عينيه ...فأمدّ يدي لترد نفس الخصلة المتمردّة على جبينه وأتراجع إلى الخلف لأفسح له مكانا أوسع في صدري وأطلق أنفاسي نحوه لترتدّ مضمّخة برائحة تبغه وأصرّ على أسناني ويسألني :"ما بك ؟" فأتنهد ولا أردّ وأدخل جلده ....

 

مع ابتسام الفجر أخاف أن يسعى الشّيطان إليه فيحكم عقده تحت رأسه ، فينام...

 

وتفجؤني أمي متلبسة بالسّهر ...في لطف أتسلّق كتفيْه لأوقظه همْسا وكغيْمة مشْبعة بالنّدى يتبخّر في فضاء غرْفتي فأجْمع شتات أوْراقي وأرقّم الصّفحات ثم أسْجي قلمي  بين طياتها .

 

أشيّع عينيّ إلى ميناء الساعة ويرتفع صوت الآذان متزامنا مع طرقات أمي على الباب، فأ جيبها وقبل أن تنطفئ بقية الجمرات في روحي أقوم لأداء الصلاة  ......

 

 

ما أسهل الفـرح

 

 

" بسم الله ..." وشمر كمي سرواله وأسلم رجليه لسواطير المالح يعمل شفراته في عظامه .......مازالت الشمس تغط في نومها  العميق لما انسلّ من فراشه واعتلى دراجته العجوز واستقبل الريح ..

 

  يحدوه نفس الأمل، نفس الحماس .....نفس الحلم ..........يشمر المتوسط عن ثوبه الأزرق

 

فيتقدم ويتقدم ...........قفزات الأسماك التي يفرغها من "الدرينة" إلى السلة تحرك قلبه . حمله القارب إلى المكان الذي يعرف قاعه عشبة عشبة...... يعرف حجارته ... يعرف ماءه ..........ويعرفه الطريق إلى بيته الثاني حيث يفتر ثغر الأفق عن ابتسامة يتسلل من خلالها أول شعاع خجول للشمس ........يجدف مقتربا.......

 

حفيده الوحيد حين يضع أمامه صيد يومه، تدني جدته من وجهه سمكة مختلجة يقفز كالسمكة ويصرخ ......ويفرح ....يفرح أيما فرح ....ما أسهل الفرح................

 

الموج حين يحمل إليه لعبة يقدمها له حين يعود   .......قارورة فارغة تملؤها فاطمة فلفلا حارا للأيام الباردة .......علبة اسطوانية حمراء بلون علب المجوهرات في الأفلام المصرية .......

 

فرك عينيه وهو يتأملها وتتأمله ........انتشلها من الماء ..أجال بصره من حوله فإذا المراكب تزحف نحو رزقها .......تفحص العلبة بقلب واجف ويدين مرتجفتين ......تلمس الشريط الذهبي الذي يحيط جيدها ..........رفع عينيه إلى السماء .........

 

" الحمد لله " وأرخى الثوب الأزرق على ركبتي الشاطئ .......

 

انحنى يقبل حفيده وفي عينيه نظرة واعدة...........دخل الفراش وادعى المرض ......

 

أسرعت زوجته تشعل الكانون ... بخرت المكان ......كأس الشاي المعهود لا يريده .......

 

تحت الفراش يداه تتحسسان الاسطوانة  ..................حين احتضن الطفل حدّثه :" سأشتري دراجة تناسب قدمي ....لن يضحكوا عليّ وأنا أنتظر وصول الدواسة إليهما ..سأفسّحك عليها .......سأشتري لك الشوكولا والحلوى والبسكويت ....و....سأريح فخاري من الملح ....وسأفتح دكانا أبيع فيه "الياغرت" والحليب و الدخان .....سأشتري حمارا بعربة زرقاء لجدتك فاطمة ....ستأخذك معها إلى الغابة حين ينضج التين والعنب والبلح ....."

 

وينظر إليه الطفل نظرات غريبة ........تحت الفراش يداه تتحسسان الجسم الأملس ، تقربانه من الصدر ....تلفانه جيدا وتدفئانه ............رائحة الثروة ...ما أعطرها ....

 

يلوح نعيمها على وجهه وقد أشرق للفرح  ........نظرت إليه زوجته نظرات مرتابة وهي ترصد حركة يديه .........هزت رأسها  وجذبت الولد وعلى شفتيها نهر من الكلام لم تقله .......

 

لم تكن قد ابتعدت كثيرا حين دوى الانفجار و انهار السّقف ......

 

وما زالت أنامله تداعب الشريط الذهبي ............

الدرينة :هي عبارة عن فخ تنتهي بها متاهة مخطط لها

الشرفية :هي تقنية يعتمدها أهالي الجزر في الصيد وهي عبارة عن بيت يبنى في البحر بوسائل من المحيط (جريد النخل شباك وخشب)

 

 

لقاء

 

بعد لم ينشر الصيف أشرعة الرحيل .....بعد على العتبة يقف الخريف مترددا يشوبه الخجل ...بعض نسائم الهزيع الأخير من الليل يذرو أذيال ثوبها الطويل ....شجرة التوت انحنت تداعب خصلات شعرها المتمردة .....طائر  ليلي يحوم حولها يدفعه  فضول غريب  .....بداخلها خيوط رفيعة لقلق تحاول مداراته بيقين أن أول سيارة ستقف في المحطة سيكون فيها حبيبها .

أخبرته أنها ستنتظره في المطارلأنه المكان الوحيد الذي تعرف  لكنه طلب أن تقف حيث  نزلت .....

المرأة الوحيدة التي رافقتها في سيارة الأجرة تقف على يمينها  ..

تبادلها نظرات متطلعة ولكنها لم تشجعها على الحديث  ..سيارة

أجرة تقف على اليسار فيها اجتمع سائقو المحطة يتبادلون الحديث بصوت مسموع  وبدا الليل مرهقا يردد في صعوبة ما يدور بينهم.

غير بعيد وقف مجموعة من الشبان تناثرت حقائبهم الكبيرة في فوضى من حولهم    .

أقبلت سيارة الشرطة وطلبت هويات الواقفين بالمحطة ،انتابها تخوف فبماذا ستجيب لو سألوها ؟    نزل شرطيان ساقا الشباب إلى السيارة وأعادا الهويات إلى الباقين .نظرت إلى بطاقتها في يدها محدثة نفسها :" من سيتصور أنها تقطع مئات الكيلومترات لتلتقي بشخص يجمع بينهما الأثير ؟ "

أخيرا تهادت السيارة وتوقفت قبالتها لتغرقها في سيل من الضوء الساطع ....ورأتها في عينيه وهي تحاول أن تمشي بثبات في عتمة المعبد .

.قال :" اعتقدت أنك أكثر امتلاء" فأجابت : " وأنا اعتقدت أنك أقل شبابا "

مدت يدها تصافحه لكنه انحنى وأهوى على شفتيها ليطبع قبلة سريعة .وسط ذهولها سكتت. و انطلقت السيارة . من خلال النافذة ألقت نظرتها على المدينة الناعسة .رأت الليل يجوب الشوارع والأزقة الضيقة  .وأحست أن المشهد مألوف .

 

كان من حين لآخر يلتفت إليها يمعن غير مصدق في تفاصيل وجهها  ...وتبادله الدهشة ....علم بقدومها قبل ساعة فقط لذلك فهي لا تتصور أنه استعد لاستقبالها. كانا يعرفان أنهما لو لم يلتقيا الآن فلن يلتقيا إلا بعد عام وربما أكثر .

وحدها أخذت القرار ....قوة غريبة كانت تدفعها إلى هذه الربوع   .قبل أن تتمكن من إخباره بمجيئها  راودتها أفكار شتى : ماذا لو ساءت حال أبيه أكثر ؟ماذا لو نزلت الستارة عن فصول احتضاره  قبل ساعة من وصولها  ؟

وتذكرت أنها لم تسأله عنه .قال أنه على حاله وأنه ترك أخته مكانه وأوصاها بملازمته إلى أن يعود .منذ عاد لم يفارقه لحظة ...ما أقسى  الموت البطيء على الأهل  .

لما أسكت المحرك ألقى برأسه إلى الخلف وزفر .نظر إليها فابتسمت قائلة : " معي ساعتان ليس أكثر، لا بد أن أكون هناك فـ.... " وضع سبابته على شفتيه و لم يجبها وإنما فتح ذراعيه ودعاها إلى حضنه .

لفها قطن صدره  فتضاءلت لتصير قبضة تشكلها حرارة كفيه ... هباءة طائرة يلاحقها فراش أنفاسه .

رفعت وجهها إليه ثم قالت :" لم أفكر كثيرا لما قررت المجيء ولن أندم أبدا فإن أنت قدرته فحسبي ذلك، وإن أنت حاسبتني كأي رجل شرقي فــــ........." وضع يده على شفتيها ثم همس : " لا تكملي ...أنت تقدمين لي أغلى هدية "

كبذرة توفرت لها أسباب الحياة غاصت في تربة أضلعه ...

وانتهى إلى سمعها وجيب قلبه ....كانت تعرف أن الذي بينهما أبعد بكثير من انجذاب تؤثثه ملامح الوجه، أو صفاء العينين ،أنوثة صارخة ، أو رجولة لافتة .

كان يبحث عن امرأة لا تشبهها أخرى ...وكانت تبحث عن رجل يستحق حبها  ...

كان الوقت يمرّ بسرعة وشجرة التّوت بعد تعبث بخصلات شعرها والفجر يتسلل عبر مسامها يسكب ضوء الحقيقة في دمها قطرة قطرة  ....

جرتها الخطى إلى السيارة التي قضت الليل تتأملها فاغرة فاها  ....ألقت بجسدها المنهك من اثُر السفر والوقوف على أحد الكراسي  وأغمضت عينيها .....

حتى إذا ما انتبهت وجدت نفسها تغوص في حوض ماء دافئ أجالت بصرها حولها ...لم يكن بالسيارة غيرهما وكانت تضع رأسها على كتفه ورائحة عطره تخز دماغها  ....انتفضت منسحبة ولكنه ضمها في حنو قائلا :" ابقي  ......أنت لا تضايقينني ..."

لم تدر ما تفعل غير أن خدرا لذيذا سرى في أوصالها .......وعلى زجاج المرآة التقت عيناها بعيني السائق .كان هو نفسه الذي جاءت معه ..........................

 

 

وللفستق حكايا أخر .....

 

ما كان يجب أن تخبره بالأمر.نقـْـل شجيْرة عمرها عامان من مكان إلى آخر يحْتاج إلى جهـْد ومواظبة . من أين لها بالوقْت لتعتنيَ بشجرة تعلّق عليها حبّها ؟

قال لها:" ستكون شجَرتنا." فإن لم تكنْ؟...هلْ ستنْتهي قصّتهما..؟

هل سيتوقّف عن حبّها ؟....لو ماتت ماذا ستقول له ؟......وإن طلب أن يراها حين يعود ....من أيْن ستأْتي له  بشجيْرة مغْروسة حديثا وسط ضيْعة  شبّت أشجارها واشتدّت أعوادها  ؟

مرّت الأيّام وهي تراقب تيبّس أوْراقها وقلبها يتهاوى رجاؤه.لمْ تتوقف عن سقْيها ولم تتهاون عن نقل صفيحة الماء كل أسبوع  رغم ثقلها ورغم بعْد المسافة .مرّت الأشهر بطيئة واتّصالاته تتباعد وكلامه يقلّ.

لا رسائل بعْد ....لا همسات .......حتى هداياه البسيطة ما عادت تلوّن شاشتها .

بتر الحزْن أجْنحة قلْبها فتوقّف رقْصه على إيقاع الذّكريات .ماتتْ الشّجيرة .أمات معها الحبّ ؟

جلست تتأمّل جهْدها الضّائع ....ساعات مرّت وهي على تلك الحال .وفجأة هبّت تحفر بجانبها حفرة ثانية ومن الغد أحْضرت شتلة جديدة  وهمّت بغرْسها لكنّ صوتا غريبا أشلّ حركتها "تريّثي ...أنا سأفعل.."  أخذ من يدها النّبتة وأسجاها جانبا وشرع  يوسّع الحفرة إلى أن غاب نصفه .

أينعت الشجيْرة ....لم تتخلّف عن موْعد سقيها  حتى بأيّام المطر ...

لم تعد ترابط عند عتبة الهاتف .ولا عادت تحفل بوميض الشّاشة الزئبقيّة.

كانت في طريقها إلى الحقل وصفيحة الماء تثقل خطوها لما اقترب منها فأضاءت صفحة السّماء نجوم قزحيّة الألوان .أخذ الصّفيحة من يدها ومضيا صامتيْن .

 

سألها :" لماذا تتركين هذا العود اليابس هنا ؟قد يسيء  وجوده إلى زيتونتنا "

 

انحنت ....أمسكت بقبضتها العود لتستأصله فإذا بريْعمات فستقيّة الخضرة تبتسم لها أسْفله ...وللفسْتق حكايا أخر ...

 

 

انتحار .....

 

حين تصافحني يتوقف الزمن من حولها ......تنسى كل شيء قبيح في الوجود ويطغى عليها شعور أثيري يرفعها فلا يصفعها الموروث

ولا تصد مشاعرها رواسب ........

تحضن كفها كفي فيسري في مسامها تيار شبيه بلسعات الكهرباء

 ويهتزّ قلبها كطويّر يفتح جناحيه للحياة مستقبلا الرّيح ........

تمرر أناملها على وجنتي ....

تداعب خيزران قدي ...........

تبتسم ..........فأنتشي .....أتطاول متطلعا إلي شفتيها ..........

تقبل خاصرتي .....

تضغط بشرتى الملساء على صدغها ..........فأخرّ ساجدا ولاء لنعمة كفيها .

يغمرني الضوء ....يسطع في كامل جسدها ......وتنتابي سكرة الانتشاء .....فأرقص .....تتمايل معي ....تراقصني ......تسحبني مرّة وأسحبها أخرى ............نتّحد  .

أعصر روحي لإروائها .......تمتلئ ......تمتلئ ........ثم تغرق .....

حين تنشر العتمة أجنحتها على بياض الورق ...........ويجف دمي تدهسني بقدمها    لتأتي بعاشق آخر ...............

الإمضاء : عاشق  

 

 

 

وراء الضباب ....

 

على غير انتظار استيقظ بداخلي مارد مجبول على التهام الكتب التهاما فانسقت غير عابئ بسلطان العمر ومضيت موغلا في السّهر وإذا بالأنوار من حولي تخفت وإذا بشعاع الشمس يذبل والأجسام تكتسي بغلالة ضبابيّة كلّما حاولت اختراقها استعصت وتسترت بحجب تميل إلى اللّون الرّمادي ّ ...

 

وسرى لديّ الاعتقاد بأن العالم إلى أفول .

 

حدثت صديقا بما كان معي فعدّل نظّارته وتفرّس فيّ غير مصدّق ثمّ انفجر ضاحكا وقال:"انتهى الأمر....قد التحقت بالرّكب ...لم يعد أمامك أن تتباهى بحدّة بصرك،قد أرخيت شراعك للريح التي حملتنا ...عليك بطبيب عيون ."

 

كنت أعلم أن ذلك اليوم سيأتي شأني شأن كلّ أفراد العائلة لذلك لم أتوان في الذّهاب  ...أسرعت معتقدا أنّه كلّما كان الأمر أبكر كان أجدى وأنفع لما بقي من توهّج...

 

سمعني الطّبيب وسألني عن عمري ....ثم شرع ينتقل من آلة إلى أخرى إلى أن أعلمته أنّ بأمّي من علّة العجز عن الإبصار ما يجعلني أتوجّس ....أطرق الطّبيب قليلا ونادى كاتبته وكلّمها كلاما سريعا لم أفهم منه إلا أنّي سأنتظر مدّة عشر دقائق في الخارج .

مازالت عيناي تدمعان من أثر الدّواء  الّذي استدعاه الفحص الأوّل لمّا اقتربت منّي تلك الشّابة الشّقراء وأمسكت برأسي في لطف أسكرني وأمالته إلى الخلف ومن قنّينة بحجم الخنصر قطّرت في كل عين قطرة ....قلت لها مفتعلا فتح الحوار :"هل تكفي قطرة واحدة ؟" ورأيتها تبتسم في خبث ولم تجب ....مرّ بعض الوقت فإذا بالأشياء تغور في بئر سحيقة من العتمة  ...

غاب ميناء السّاعة ...امّحت الأرقام ....ذابت الرزنامة والجدار معها...

اختفى  وجهها  المشرق فقط عطرها دهس أضلعي  وتهادى صوتها ليرشّني برذاذ تسرّب إلى مسمعي   :"سترى ما حولك ضبابيّا .....لن يدوم ذلك طويلا فقط بعض السّاعات ."

ولكن الضّباب لم ينقشع إلى اليوم فقد عاشت أمّي التّجربة قبلي منذ أكثر من عشرين سنة وقيل لها نفس الكلام ولم يفدني الدّرس في شيء هذا ما أدركْته بعد فوات الأوان..... 

 

 

 

انتظـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار ...

 

كلّما لبس اللّيل برّنسه هرعت توقد شمّع أناملها.... كقطعة كريستال موغل فيها شفق الغروب .....كحبّة عنب تزوّجها الضّوء ...

تقف أمام المرآة طويلا ....تسوي شعث أحلام النهار...تتطيب...تلمع عاج ضحكتها

ثم توقظ قرنفل أنوثتها وتندس تحث الغطاء كقطة تتلفّع الشمس .....تتحسّس حرير شفتيها .......تسوّي الثرى ما بين نهديها .............   تذرع  حبات الفرح الجذلى  على خليج جيدها ....تتكسّر ....تلم الشّظايا على خاصرة الفؤاد وتسافر....تسافر  يمناها على تضاريس الجسد الذي برح به الاشتياق ...........متى يأتي ؟   يهدهد روحها الانتظار... وتخاف أن تغفو قبل أن يذوب ثلج السّهاد على شفتيه .....وقبل أن تتسلّل إلى دمه لتقطف غمرة من النّور.....

خلف النافذة طيفه............على ممرّ الحديقة وقع خطاه.........تهبّ كالملسوعة من الفراش....تعود إلى مرآتها لتكتحل بالصّبر على يوم أخطأ عري المجيء..........

 

أضيفت في 01/06/2009/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة

 

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2021  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية