كلنا منجمون
اطلعت على آخر ما تنبأ به الفلكي التونسي من اضطرابات وتقلبات
سياسية واجتماعية وطبيعية ساخنة ، بل وغاية في الخطورة ستشهدها خريطتنا من
المحيط إلى الخليج ... فقد قال أن المنطقة العربية في عام 2007 ستكون مثل
البركان المفتوح وأن سوريا والعراق ستشهدان حمامات من الدم، كما تنبأ
باغتيال حسن نصرالله والعاهل الأردني والرئيس الفلسطيني محمود عباس ووفاة
حسي مبارك والعقيد الليبي والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وعودة
العمليات الإرهابية في السعودية... وخريف ساخن في تونس .
عندما قرأت هذه التنبؤات همست بيني وبين نفسي: كل هذه
التوقعات لم تكن بعيدة عني وليست غريبة عن ذهني... بل هي تدور في فلكي
وتوحي لي بها نجوم الخيبة التي تصفع وجهي في كل مطارعربي يحط فيه رجائي
المبتور.
إذا... أنا بإمكاني أن أمارس التنجيم دون خوف أو عقدة
أنت أيضا بإمكانك أن تكون منجما...
وكل عربي يستطيع أن يكون منجما ويتكهن بما سيجري من أحداث ساخنة دون
أن يلجأ إلى المنجم التونسي ولا إلى المنجم اللبناني، ودون أن يعتمد على
حسابات فلكية أو يرجع إلى كواكب المجموعة الشمسية ً عطارد ، الزهرة ، زحل
...ً يكفي فقط أن ننظر إلى هذه الأرض التي تتدحرج عليها بقايا عزتنا
العربية ، ونحن ننحني لنلملم منها ما يحفظ ماء الوجه ، فتدوسنا نعال الضعف
...
إن هذا التكالب الأمريكي والصهيوني على ثرواتنا وخيراتنا لا بد وأن
يتحول إلى حمامات من الدم في العراق وسوريا وفي كل شبر عربي يمكن أن يشمخ
بعزته وانتمائه ولونه القمحي ... وهذه الخيانات الرسمية للضمير العربي
لابد وأن تصاحبها اغتيالات أو أزمات نفسية تنتهي إلى أمراض قاتلة ...
كتم أنفاس الشعوب وحرمانها من ممارستها شعائرها الدينية خوفا من التطرف
سيتحول آليا إلى رغبة في التمرد... بل إن كثيرا من الحكومات العربية لها
حساسية مفرطة من كل شاب تظهر عليه علامات الاستقامة وترى أن كل من يداوم
على دخول المسجد أو تكون لديه رغبة في التفقه في الدين والإقتداء بسنة
الرسول صلى الله عليه وسلم سيكون مشروع إرهابي قد ينفذ عملية انتحارية
في أية لحظة أو يخطط لأي هجوم إرهابي في ساعات متقدمة أو متأخرة من الليل
والنهار ، وتناسوا أن الإرهاب وجبة أمريكية تطبخ بملح يهودي لتقدم لنا في
علب منتهية الصلاحية... الإرهاب نسيج أمريكي إسرائيلي نرتديه بفخر ونحن
عائدون من رحلاتنا السياحية إلى مدن تسرق ابتسامتنا وبراءتنا وأحلامنا في
مكاتب التفتيش.
إن هذا الصمت العربي على مستوى الشعوب التي لم تعد تجد
أهدافا في الحياة بعيدا عن الأكل والشرب والتناسل يجعل لعنة الله تحل بهم
فيسلط عليهم أمراضا قاتلة وعدوا لا يرحم.
أضيفت في14 /02/2007 / * خاص القصة السورية /
المصدر: الكاتبة
الوفاء
من مكرهم ... كانوا يعرفون عني كل شيئ
كانوا يعرفون أن طبيعتي الجميلة تعشق الجمال
وأن قلبي الذي تنتفض نبضاته ... قد يسترخي ويتهاوى نبضه أمام سحر الكلام
ولهذا أرسلوه إلي
جعلوه يتسلل إلى خيمتي المغروسة في أرض الشتات
ظله سبق وقع خطواته إلى مضجعي
كان شابا وسيما... وشاعرا
الكلمات العذبة تتراقص على شفتيه ... ويسكن السحر ضوء عينيه
أفقت مذعورة
:فإذا به يقترب مني واضعا قلبه على راحة كفه وهو يهمس لي
هذا قلبي أقدمه قربانا لعينيك الساحرتين
حاولت أن أتدثر بغطاء يتمرد على جسدي وقلت له : ماذا تريد مني؟
قال لي وابتسامته الصفراء تتربص بغطائي الرمادي : كم أنت جميلة وفاتنة
قلت له وأنا أتمسك بغطائي الذي يدثرني : كيف وصلت إلى خيمتي وهي محاصرة
بالنار والجوع؟
رد بخبث: من عشق سحر عينيك لا يسأل كيف وصل إليهما
سألته: وماذا تريد؟
قال: أحبك
قلت: ثم ماذا؟
قال: إنك أملي ومحجتي ...أقضي الليل كله أعد حبات النجوم ...أرتبها ...
أتسلى بها ، ليطلع الصبح فأراك ...إنك شمسي التي تشرق في سماء قلبي المتعب
قلت: ثم ماذا؟
قال: لا أستطيع أن أحيا بدونك ...إنك قطعة مني ... بعض دمي ... أرى فيك
قلبي يمشي على الأرض ...إن شئت أن أظل العمر كله راكعا تحت قدميك ...سأفعل
وبخبث - مد يده ليكشف عن شعري
انتفضت بجنون وصرخت : ماذا تريد مني؟
قال وأنفاسه تكاد تعانق أنفاسي
......أريد أن أتحسس شعرك الفحمي ... فيه دفء يقتل كل إحساس بالشقاء و
صفعته
لست من أين جمعت قوتي التي جلتني أصفعه ليتدحرج مهزوما خارج الخيمة
كان لا بد أن أفعل ذلك يا عبد الله
لأنهم كانوا يريدونني ان أقع أسيرة حبه وكلماته الدافئة
يريدونه أن يستولي على مشاعري ليسهل امتلاكهم لي
هم يعلمون أن هزيمة الأم بداية النهاية
لكن لن أنهزم يا عبدالله ... لن أستسلم
لن أدعهم يصلون إلى بوابة قلبي
كم كانوا أغبياء وهم يعتقدون أن الغزل مفتاح القلوب
وجهلوا ان ما اغلقه الوفاء تستعصي عليه كل مفاتيح الغزل
جهلوا ...أنه تربطني بك قصة حب ووفاء وعذاب أكبر
ولهذا سأظل وفية لك
في زمن الخيانات الرسمية وغير الرسمية سأظل وفية لك
فقط لأنك عبد الله ... ولأنني فاطمة
Mon Jan 15,
2007 8:25 am
دماء على ستائر جسدي
يدي اليمنى غدرت باليسرى ... وقطعتها
عيني اليمنى ثارت ضد اليسرى ... وفقأتها
نصفي الأيمن طعن نصفي الأيسر وهو يرى أن فيه بعض الإختلاف عنه
قلبي خان بقية أجهزة الجسم وقرر التوقف عن النبض ليفنى الجميع
بعض دمي يتقاتل مع بعضه في شوارع غزة
وانا هاهنا ... أقف على هذه الفوضى التي تحدث في جسدي وأعجز عن عقد صلح بين
أطرافي المتنازعة من أجل شرف لم يعد لي
أعضائي يتقاتلون على بقايا شرف يتسلل من ستائري
على خارطة جسدي يتقاتل عمر وزيد فتلون دماءهما ستائر قلبي
لا أحد يقنعني بظلم زيد وهوان عمر ... فكلاهما وجهه شاحب يعلوه الصدأ
عندما تغيب الحكمة بين الإخوة الأشقاء يتساوى القاتل والمقتول
الأول لأنه أشهر غضبه في وجه أخيه ، والثاني لأنه فقد الحكمة التي تجعله
يمتص هذا الغضب
...غزة كم كنت بهية وأنا وعبدالله نعبر مراياك
كنت متألقة بحبنا رغم سواد الإحتلال
غزة كانت تسعد يمقاومة أبنائي رغم النار والحصار ، وتسعد بحجارة تتناسل في
شوارعها لتكون سلاح الأرض ضد المغتصب
غزة اليوم تنكس رأسها ... تتكئ على جدار خيبتها وهي ترى الصراع بين أبناء
كانوا يلتصقون بجدار رحمها ويتلونون بحرارة دمها
هل تصدق يا عبدالله
الآن ... أتخيل شارون يبتسم في رقدته
هو يبتسم مزهوا لأن الفتنة التي زرعها تأتي ثمارها اليوم
غيابك ياشارون أو رحيلك لن يقتل حلمك في خارطة إسرائيل الكبرى
بل حلمك يستمر ويتحقق بسرعة وأبنائي يتقاتلون على جسدي
فهل يكون لك من العمر بقية لتشكرهم ... أو لتصفعهم
Thu Jan 11,
2007 9:38 pm
رسالة استثنائية
عبد الله
سقط السقف على رأسي الذي ظل زمن المقاومة شامخا
أركان الدار تزعزعت وأطبقت على ما تبقى من صبري
...سابقا
كنت أهرب إليك رسائلي ... وأجعلها تتحدى النار والحصار ، وأعاني من أجل ذلك
لكن بيني وبين نفسي - أشعر بالفخر وأنا أتحايل على جبروت الرصاص الإرسائيلي
وأسرب رسائلي كما الأشياء الممنوعة
لكن اليوم ... أدرك أن رسائلي الملتهبة بأوجاعي لن تصلك
هل تعرف لماذا ؟
لأنها نار زيد وحصار عمر وهما يتقاتلان على بقايا شرف لم يعد لنا
لا تقنعني أن الأول ظالم والثاني مظلوم
كلاهما سيان عندي
عندما تغيب الحكمة بين الإخوة يتساوى القاتل مع المقتول
كلاهما وجهه شاحب يعلوه الصدأ
الأول لأنه أشهر غضبه في وجه أخيه
والثاني لأنه فقد الحكمة التي تجعله يمتص هذا الغضب
فمن ينقذ فلسطين من فتنة تطل برأسها؟
Sat Jan 6, 2007
5:51 pm
جحيم المنفى
كل شيء كنت أتوقعه يا عبد الله
في هذا الزمن المقلوب كل شيء بات ممكنا
أن يدمر المخيم
أن يموت أحدنا صباحا والآخر مساء
أن نفتح أعيننا فجد أننا نسبح في بركة من الدماء
بل كنت لا أستبعد أن تحتجب الشمس ذات صباح
لكن ... لم أتصور أن تغيب عنا عائشة ابنتنا الكبرى
عائشة كانت بألف رجل ... كانت أقوى من النار التي تعاشرنا ... بل كانت أقوى
من الألم نفسه
عندما أنظر في عينيها أحس أنني سأنتصر
وعندما أتطلع إلى وجهها أتأكد أن الصبر يتجدد دائما
لكن عائشة ضاعت
فتحت عيني هذا الصباح فلم أجدها
فتشت عنها في كل جوانب الخيمة ... لكن عبثا
فقط ... عثرت على رسالة حمراء تحت وسادتها
:فتحتها بلهفة ... قرأتها
راحلة أنا يا أمي ... لا تسأليني لماذا وكيف وإلى أين ؟ لأني لا أعلم سبب
رحيلي ، ولا أدري كيف سأرحل ، بل وأجهل الأرض التي ستحضنني
كل ما أعلمه يا أمي أن القائمة كانت طويلة ، والأسماء كثيرة ... وأن اسمي
كان على رأس القائمة
حكموا علي بالنفي ... لست أدري لماذا ؟
كل ما أعلمه أني كنت أمارس حب وطني بحرية ، وأني احتضنت نجمة من نجومه
المضيئة وذهبنا في عناق طويل ... لم أفق منه إلا والصبح يتنفس ، فانكشف
سرنا
لكنها يا أمي ليست جريمة
قيدوني ... ربطوا لساني دون أن يذكروا أمامي نوع الجريمة
في عثرة ضعف أشعر بالظلم ... لكنني أتراجع لأقنع نفسي بأنها نهاية الأبطال
: يقتلون بلا ذنب وينفون من غير جريمة
قرروا رحيلي قبل فجر اليوم ، لم يمهلوني أن أعد حقيبتي
كنت أنوي أن أضع فيها حفنة من تراب وطني ،و قبسا من من شعاع شمسه ، وزجاجة
من من شذى عطره وقطعة من قماشك يا أمي لأقيم لي وطنا صغيرا في المنفى
لكنهم لم يمهلوني
السفينة كانت تنتظر عند الشاطئ ... الإقلاع كان سريعا والرياح كانت تدفعنا
في عناد غريب
أمي ... قد ألتقي بأبي في نقطة ما من العالم ، وقد لا أعرف وجهه الذي
ضيعناه ... بل ضيعنا
لا أعرف وجه أبي ... يا للمأساة
وداعا يا أمي ، واحضني إخوتي حتى لا يبتلعهم المنفى
وسارت عائشة في موكب الضائعين
وتناسلت آلامي يا عبد الله
Fri Jan 5, 2007
10:46 pm
متى تهديني وردة
العام الجديد؟
عندما التقينا لأول مرة منذ ثلاث عشرة سنة
كان ذلك عند باب القاعة التي قدمت فيها أمسيتك الأدبية ... لم تمهد لحبك
بقصيدة غزل كما هي عادة الشعراء ولم تقدم لنفسك بكلمات دافئة كما يفعل كل
الأدباء
بل ابتسمت وأنت تعرض أمامي فقرك الفاضح وبداخلك يقين غريب بأني سأقبلك زوجا
قلت لي: ً عندما نتزوج ... أعدك ان أقدم لك وردة حمراء عند مطلع كل عام
جديد لأعترف لك أنك لست الأجمل ، لكنك الأبهى ... الوردة ستهمس لك بالنيابة
عني بأنك المرأة الوحيدة في هذا العالم وسواك من النساء دمى متحركة لا
أنوثة فيها
...وتزوجنا
كان المهر وردة حمراء في بساتين الغيب
في العام الأول سبقتك الخيبة إلي وأنت تعتذر عن تقديم الوردة ... قلت لي :
ً الوطن يغرق في مستنقع الدم ... وكل وردة حمراء لن تحمل إلا لون الدم
ورائحته أيضا ، وأنا أريد أن أجنبك هذا التورط
كل عام كانت تطلع حقول الدم في خرائطنا المطوية والمنشورة فتؤجل معها تقديم
وردتك ... بل مهري
هذا العام وهو يشرف على نهايته ... كنا كالعادة نحصي دقاته المتهاوية
الأطفال كانوا نائمين
هل تصق ... أصبح لنا أطفال ونحن لم نكمل ركنا من أركان الزواج
قلت لي وأنت تسحبني برفق من يدي نحو الغرفة الثانية : ً لا أحب أن أنهي هذا
العام أمام التلفزيون ... إنه لا يحمل غير خرائط الدم ...الإستماع إلى
الراديو يمنحنا بعض الدفء ولو مؤقتا
أطعتك في رغبتك
وجلسنا
لم نكن متقابلين ... بل كنت أجلس إلى جانبك كأننا نخشى مواجهة الخيبة
صوت المذيع كان يذكرنا بين اللحظة والأخرى أنه لم يبق من عمر العام إلا
نبضات ...المذيع الشاب كان صديقك ، وكان وحده يعرف أنك تزوجتني بدون مهر
كنا ننظر بعين واحدة إلى الساعة المعلقة على الحائط ونسمع بموجة واحدة إلى
صوت المذيع وهو يعلن بفرح أن العام القديم سلم مفاتيحه لعام آخر
حينها نظرت إليك ... مددت يدي لأقبض مهري المؤجل ، فإذا هي دمعة موجعة
تنزلق من خدك لتسققط في كفي وأنت تعلن لي بيأس : ً بوش سبقني بهدية العام
منذ يومين ، وداس على كل الورود التي تنبت في العالم
حينها صرخت بكل الوجع الذي كت أحبسه في نفسي : ومهري ...وهذا الركن الثابت
في الزواج
لم تجبني ... بل سحبت نفسك نحو فراشك بخيبة كبيرة
Mon Jan 1, 2007
6:32 pm
أنا
... والعيد ... وزوجة الحاكم العربي
هل تصدق يا عبد الله ؟
أنا وزوجة الحاكم العربي نحتفل بالعيد
كلانا ... تتجمل ...تتزين ... لتستقبل عيدا لم يكن يشبه الذي مضى
...إنها ليلة العيد
وزوجة الحاكم العربي تحط في أكبر عواصم العالم
تبحث عن فستان مطرز باللؤلؤ والياقوت
وبطول يفوق مقاس الفرح في قلبها
تريد ان تكون الأبهى وهي تقف في قصرها لتستقبل وفود المهنئين من زوجات
السفراء
...تجتهد أن تكون الأجمل
أن تغير لون جلدها وسواد عينيها
...وانا هاهنا
...أبحث عن لوني بين الأنقاض
ثم أجلس في غرفتي المتهاوية
أخيط فستانا مطرزا بدموع بناتي
وبطول يفوق هرم مآسينا
لنكون الأكثر وجعا يوم العيد
...إنها ليلة العيد
وزوجة الحاكم العربي تحكم ربطة عنق طفلها
ليكون الحاكم في العيد المقبل
وأنا هاهنا
:أهرب أطفالي من شارع إلى أخر
...من غزة
...إلى رفح
...إلى بيت حانون
........إلى
أخبئهم في حضن مئذنة
أو في قبة مسجد
لكي لا تختطفهم مني إسرائيل
وتعيدهم إلي صبيحة العيد كباشا ترغمني على التضحية بهم
فأينا أقرب إلى وجه العيد ؟
أنا
أم زوجة الحاكم العربي ؟
Thu Dec 28,
2006 8:57 pm
أنا ... ولعبة العيد
... عيدك سعيد يا عبد الله
...عيدك سعيد أيها الألم الواقف على بوابة قلبي
...عيدكم سعيد أيها الحكام المارون على جسدي ... العابرون لخرائط نكبتي
...أيها العابثون بلون عيني ... المخربون لخلايا السكينة في داخلي
...عيد سعيد لكل الذين منحوني وطنا من ورق
...عيد مضى كئيا
وعيد أتى متثاقلا
...وعيد سيأتي بعد نكبة
تتعاقب الأعياد على صفحات الكون
وأنا هاهنا ... وهذا الليل المحنط على جبيني
وذاك الألم الراسخ المتدلي من شرفات الروح
أعياد تمضي وأخرى تأتي
...وأنا هنا
أحلم برغيف معطر بابتسامة أمي
بظل زوج يرقع حزني
بأطفال ينامون على صدري ... بلا خوف ولا دموع
أحلم بيوم لا ينبت فيه الرعب
وصبح لا تورق فيه الحرب
Wed Dec 27,
2006 9:27 pm
أوطان تغتسل بدمها
لبنان الجريح
لبنان الذبيح
لبنان المفجوع من الوريد إلى الوريد
لبنان يشبه وطني كثيرا ، فكلاهما يريد أن يغتسل ويتطهر ولا يجد غير دمه
يغسل به أطرافه ... ويخلل شعره ... ويصب بعضا منه على نصفه الأيمن وبعضا
على نصفه الأيسر ... ويختم غسله المبارك بدعاء الإستقامة ... وقبل هذا يكون
قد عقد النية قبل أن يبدأ الغسل
الدم امتزج بطعامنا وشرابنا ... وأصبحنا نلوكه حينا ، ونحتسيه حينا آخر
الدم اقتحم علينا خلوتنا ليتربع على مقاعدنا ،و يتمدد في مضاجعنا ، ويغدو
ظلنا الذي يسبقنا إلى أبنائنا
الفجيعة دخلت بين جلدنا وعظمنا ، واستوطنت في عروقنا لترافقنا العمر كله
هذا وطني وذا لبنان
لبنان يغرق في دمه
يتطهر بدمه
ويمارس طقوس البقاء بما تبقى من حرارة دمه
لبنان يقيم أركانه على جثث أبنائه ، ويرصع تاج عرشه بالدموع التي تنزل على
جدرانه
لبنان والجزائر وهذى الدماء التي باتت لا لون و لا رائحة لها
Sat Dec 9, 2006
9:13 pm
اعتذار
وصلني احتجاجك هذا الصباح
تقاسيم وجهك الغاضب حركت ستائر خيمتي
صوت قلبك المفجوع دق على باب صدري ... أوجعني بنظرة عتاب
:وصفعني بدمعة وألف سؤال
أين أنت يا فاطمة ؟
رسائلك - أيتها المسافرة في دمي - كانت عزاء لي
حروفك - أيتها الراسخة في في شرايين حلم تحنط - كانت وطنا كبيرا أحمله معي
من منفى إلى منفى وأتدثر به في زمن الصقيع
كلماتك ... كانت شاشة كبيرة مفتوحة على جرح غزة
آهاتك المتجبرة ... تجعلني أحس أنني وأنت مازلنا تحت خيمة واحدة ... بل تحت
خيبة واحدة
لكن ... فجأة ... ما عادت تصلني رسائلك
ما عدت أشم عطر جراحاتك
فهل انتصرت عليك النار وغلبك الحصار؟
أم طلقت وفاءك لي ؟
أم أنك اغتسلت من ملامحي ودمي ؟
...لا يا عبد الله
...أنا ما نسيتك يوما ... ولا جرحا
ما نسيت أنك محور قضيتي
...وكنت - دوما - دفء خيمتي وأنك تكتب تفاصيل خيبتي
...وترسم لوحات ضياعي في كل مطارات العالم ...وتجعل دمي يتوزع على أرصفة
أكبر شوارع الدنيا
أنا ما نسيت أنك جرحي ... وجعي ... ألمي
...ما نسيت أنك زوج محنط في دمي
نزيفي لك ما انقطع يوما
...ورسائلي إليك ما توقفت لحظة
فعند عتبة كل ليلة مجنونة ، أجلس عند مدخل فجيعتي اليومية ... أفترش لون
الضياع على وجوه أطفالنا ، وأكتب لك ببريق الخوف الذي يسكن عيونهم
أروي لك كل تفاصيل مهزلة غزة التي يحاصرها الجوع
...لكن هذه الرسائل ما عادت تصلك ، لأن المانع هاهنا ... في صدري
رسائلي ... كانت قوية تتحدى النار والحصار ، وتعبر الحدود والمسافات لتصلك
لكنها أصبحت عاجزة أن تعبر صدري ... أن تتصدى لهذه النار المتأججة في قلبي
وانا أرى الوطن يختزل في مدينة
...في قرية صغير
...بل في شارع ضيق
Thu Dec 7, 2006
9:04 pm
وسقط العدل
ذهبت إلى بيت العدل
نعم... يقولون إنه بيت العدل ، بيت لا يظلم فيه أحد
بيت... يرفع ظلم البائسين بقرارات عادلة
فسرت إليه أحمل رقم قضيتي ...ووقفت عند بابه
وقفت بوجهي المشوه
بجسدي الذي تغطيه خطوط السياط
بشرفي الذي ضاع مني امام شاشات العالم
بأطفالي المعلقين على صدري : طفل لم تعرف شفتاه الإبتسامة
وطفل أطعموه الخوف والرعب فارتعشت طفولته وهوت
وطفل سرقوا البراءة من عينيه الجميلتين ، وجعلوه يشيخ وهو في عمر الزهور
وطفل أرادوه جاهلا حتى لا يعرف وجه أمه
وطفل حاصروه بالنار حتى تفحم جسده... وآخر حاصروه بالجوع حتى بات يقتات من
لحمه ولحم إخوته ...وآخر ... و
وقفت عند باب العدل ... أغرقوني في الطعام ، فقد اعتقدوا أني جئت لأتسول
قطعة خبز وعلبة سردين
طفلي كان سيمد يده ، لكنني نهرته وأنا أقرر بصوت عال : ما لهذا جئنا
...نحن نريد أرضنا ولو أطبقت علينا بالجوع والفقر ... نحن نتمايل في فراغ
لا وطن له
نظرت الهيئة المختصة -بعين الرأفة - لحالتي
أشفقوا علي ... ووافقوا - بالإجماع - أرفع إليهم قضيتي وأن تناقش على طاولة
المؤامرات- عفوا - المؤتمرات
فتحوا لي الباب فدخلت ، وسقط العدل على الوجوه السوداء
دهشتي لم أفلح في إخفائها ، وكدت أصرخ لهول الفاجعة
هل تدري ماذا رأيت يا عبد الله ؟
وراء الطاولة المستديرة وفي منتهى عرشها ، رأيت وجوها أعرفها جيدا ... بل
لا أستطيع أن أنساها ...وجوها تعيش بيننا وفي أرضنا وقد احترفت القتل
والعبث بشرف النساء
نعم ... هي تشبه الوجوه التي اغتصبت شرفي ذات ليلة غاب فيها ضوء القمر
وجوه وأدت العدل من قاموسها
ساعتها تأكدت أن دخولي كان مراوغة ، وأن قضيتي سترد إلي وستعود معي كما جئت
بها
وكانت النتيجة : اختلطت الأوراق وضاعت نصف الملفات
التفتوا إلي ...مسحوا على جرحي بخيث ثم قرروا : ارجعي بعد نكبة أخرى ، بعد
فجيعة أخرى ، بعد نهاية أخرى ... لتكتمل القضية
حينها فقط تمنيت لو تمنح لي ولاية العرب يوما واحدا
هل تعرف لماذا يا عبد الله ؟
لآمرهم أن يسحبوا ملفات اعتمادهم من بيت العدل لأنهم - تماما- كالأقزام
أمام عمالقة لا يرون منهم غير أحذيتهم اللماعة
وعدت إلى غزة كما جئت ... أتمايل في فراغ لا وطن له
Sun Nov 26,
2006 1:22 pm
رسائل تتحدى
النار والحصار
رسائل تتحدى النار والحصار ... ليست مجموعة قصصية ، وليست ديوان شعر ،
وليست أيضا رواية ... بل رسائل كتيتها امرأة فلسطينية لزوجها الذي غادرها
ذات فجيعة على أمل أن يعود بالنصر ... زوج حاصره الإسرائيليون بالأسر حينا
وبالمطاردة حينا آخر وبالجوع والفقر في كثير من الأحيان ، فاختار المنفى
على أمل أن يكون الوسيلة الوحيدة ليصنع النصر لوطنه
رسائل تتحدى النار والحصار ... يوميات رمادية تكتبها فاطمة و تصور من
خلالها حجم معاناتها وسط دائرة الجحيم
رسائل تتحدى النار والحصار ... تفضح جبننا وذلنا وانكسارنا ونحن نبيع
أوطاننا شبرا بعد شبر
فاطمة ... كتبت هذه الرسائل على سنوات مختلفة ومازالت تكتبها حتى هذه
اللحظة لعل زوجها يعود يوما ،ويقتنع أن النصر لا يكون في جيوب الأفاعي
لقد اخترت أن أنشر الرسائل في هذه المساحة الخضراء وأن يكون أصدقاء القصة
السورية أول من يطلع عليها
وستكون غدا - إن شاء الله - الرسالة الأولى ... أو بداية الفاجعة
Tue Nov 21,
2006 8:06 pm
الجنين المتمرد
زلزال عنيف يهز الكيان الصهيوني الغاصب لكل المحبة التي تنبت فينا
خوف مدمر يستولي على قلوبهم الحاقدة
اجتماعات طارئة تعقد على مستوى عال
جيشهم الهمجي يعيش حالة استنفار قصوى
الأوراق اختلطت ... كل شيء عندهم لم يعد على ما يرام ...هل تعرف لماذا
ياعبد الله ؟
لأنهم عرفوا أني حامل ... عرفوا أني أحمل بين أحشائي جنينا
وجاء تقرير الطبيب : هذه المرأة ستضع مولودها بعد أيام ، ، ولن يستقبل
العالم بالبكاء كبقية الأطفال ، بل سيطلق صرخة قد تأتي على كثير من القواعد
... إنه لا يشبه الأجنة التي نعرفها
اقتحموا خيمتي ذات صباح لا لون له ... عددهم لا يحصى ... وجوههم مظلمة كقطع
من الليل ... أياديهم كانت تتحرق شوقا لأن تقتل وتذبح وترقص نشوة على فوهة
دمي
نظروا إلى بطني المنتفخة وسألوني : هل أنت حامل ؟ أصحيح ما سمعناه ؟
قلت : ومتى كان الحمل جريمة ؟
تقدم مني أسودهم ونظر إلي بعينين بارزتين أحسستهما تنهشان جسدي ... ثم قال
: ألم تعرفي أن الحكومة منعت الحمل لمدة خمس سنوات ؟
قلت بدهشة : خمس سنوات ؟
رد بوقاحة : وقابلة للتجديد ... ولهذا قررنا أن نجهض هذا الجنين
صرخت بفزع : مستحيل ... إنه خامس جنين تجهضونه ... ماتفعلونه معي يعتبر
خرقا للقانون الدولي
قال وهو يغرق في ابتسامته الصفراء الماكرة : نحن لسنا عبيدا لهذا القانون
... الأقوياء فوق القانون، لأنه لم يرسم إلا للضعفاء
صرخت مرة أخرى : إنها جريمة ...
قال وقد بدأ الغضب يسيطر على تصرفاته : لا مجال للمرواغة ، فجنينك سيشنق
قبل أن يرى النور
ساعتها بكيت ... صرخت : ياعبد الله ... ياعلي يا أحمد ... ياأيتها الأرض
... ولم يتحرك أحد من رجالنا
ربما لأن اليهود كتموا أنفاسي ، فلم تصلهم صرختي ، وربما ... لأن نخوتنا في
عطلة مفتوحة ، تغتسل من آثار الحرب لتعيش لحظة نسيان
قادوني إلى غرفة العمليات ... مر على جسدي ألف من اليهود ... كل شيء كان
يحدث أمام شاشات العالم
شدوا اطرافي بحبال متينة - وتعمدوا أن لا أخضع للتخدير قبل العملية ، لأرى
جنيني وهو يخرج إلى العالم مبتورا ...مشوها
تقدم مني أربعة من ذوي الوجوه السوداء ... السكين كان حادا ، فقد رأيته
يلمع في مرايا غطرستهم
شقوا بطني بوحشية رجال أصبح الدم يمتزج بطعامهم وشرابهم ... أخرجوا أحشائي
ووضعوها على بطني ، ثم راحوا يجولون بأعينهم في فراغي ... ووقف الجميع وقد
أخرستهم الدهشة : لم يجدوا الجنين ولا صرخته التي كانوا سيخنقونها
ثم تحولت دهشتهم إلى غضب ، وصرخوا في وجهي : أين الجنين ؟
وفضلت الصمت
قادوني إلى مكتب التعذيب ... أرهبوني بالنار والكهرباء ... عبثوا بما تبقى
من تفاصيل وجهي الذي كنت تعشقه يوما
مزقوا صدري معتقدين أن وقع أقدامهم رفعه من بطني إلى قلبي
أسرعوا إلى خيمتي ودسوا بنادقهم في كل الأفرشة والأغطية وحتى أحذية الأطفال
علهم يقبضون على صرخته ... لكن دون جدوى
وغاب عنهم ان الأرض سمعت صرختي وكانت أرحم من الرجال... فقد أودعت جنيني في
رحم الأرض لأنها تشبهني
وبعد أيام جاء الولود - تماما - كما كنت أتوقعه
جاء قويا يحمل في يده سيفا وحجارة ، وفي قلبه تتأجج نار الإنتقام
مولودي لم يكن نسخة منك ياعبد الله
ولدي يعيش غضبه العاشر بعد الألف ... ولن يهدأ غضبه حتى نصلي عيدنا في
القدس
Fri Nov 24,
2006 9:17 pm
نقطة البداية
في ليلة مقمرة من ليالي الصيف الباهت ، قادتني قدماي إلى الشاطئ المتجبر
... الشاطئ الذي شهد لحظة الفجيعة الأولى
سرت إليه لأبحث في أعماقه عن وجه ضيعته في معركة الشرف الرفيع ... كنت
أتحسس نصفي الآخر الذي أبحر يوما من هنا - نحو مدن غائبة الملامح
النار كانت تحاصرني من كل مكان ... تتبعني كظلي الرمادي ...لكن ...إحساس
قوي كان يشدني إلى الشاطئ لأقف عنده ، أتأمل النجوم التي تغازل وجهه وكانها
تدرك هذه الصحراء التي تتمدد في داخلي
أولادي كانوا يتشبثون بثيابي ... يتبعون ظلي وهم يسألون بحيرة : أي شيئ
تبحثين عنه يا أماه ؟
لم أجبهم ... بل قابلتهم بصمتي المعهود
أمي إلى متى هذا الصمت المجنون ؟
وفجأة أبصرت نورا قويا يشع من وراء الأمواج المتلاطمة ، ويضيء جنبات قلبي
المتعب ، ثم ظهرت صورته ...نعم إنه هو ... ملامحه عالقة بذهني ...إنها صورة
عبدالله ، نصفي الآخر
صرخت دون وعي : عد إلينا ياعبد الله ... النار تحاصرنا ، الخوف يقتات من
دمنا، اليهود يعبثون بما تبقى من كرامتنا والإخوان يشيحون عنا بوجوههم ...
ضائعون نحن ياعبد الله ، الخراب يسكن أعماقنا وهؤلاء الأطفال بلا هوية ،
وعن قريب سيصبحون بلا وطن
رأيته يمد إلي يده ، فأعطيته يدي كأنني أريد أن أجدد العهد الذي بيننا ،
فإذا بها لا تصل إليه
وسمعت صوته من الشاطئ الآخر يلامس ضعفي : أحس بأوجاعك يا فاطمة ... أحس
بضياع هؤلاء الصغار ، معاناتكم تعبر أروقة كياني ، لكنني لا أستطيع أن أعود
لأن الموت يترصدني هناك ... فقط أريدك ان تكتبي مذكراتك ... يومياتك وان
تسجلي كل قطعة ألم تعيشينها
وعبثا حاولت أن أقترب أكثر ، أن أجعله يقرأ حروف ضياعي على مرايا وجهي ،
لكنه كان يبتعد أكثر فأكثر ... وكان قلبي يتمزق أكثر فأكثر
ومنذ ذلك اليوم ، بدات أسجل مسلسل عذابي لحظة بعد أخرى ... كم كانت حلقات
المسلسل طويلة ، وكم كان الجرح أعمق ... جرح امرأة تعيش غربة القلب والتراب
فهل تملكون من الصبر ما يجعلكم تتابعون هذه الرسائل التي تتحدى النار
والحصار ؟
Wed Nov 22,
2006 8:53 pm
|