أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | إصدارات أدبية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 15/08/2024

لقاءات وحوارات أدبية

حوار مع الكاتب: عبد المعين الملوحي

إلى صفحة الكاتب

 

لقراءة الحوارات

 

 

الحوارات

كنت مدرساً لحافظ الأسد ولم أطلب منه عندما أصبح رئيساً إلاّ طبع كتاب

الآداب الشرقية أكثر إنسانية من الآداب الغربية وأكثر منها حباً للحرية

 

الآداب الشرقية أكثر إنسانية من الآداب الغربية وأكثر منها حباً للحرية

حوار مع زيتونة الشام الأديب والشاعر والمترجم
وعضو مجمع اللغة العربية
عبد المعين الملوحي

 

أجرى الحوار: حسام شحادة

 

عبد المعين بن سعيد الملوحي، ولد في حمص، في عام 1917. رضع مع حليب أمه العربية، حليب الغجريات والأرمنيات، فاختلطت في دمه كل دماء العالم، وآمن منذ طفولته بالإنسانية، وضرورة وحدة الشعوب.. كان جده الشيخ زكريا شاعراً، وكان أبوه المرحوم الشيخ سعيد شيخ حمص وإمام المسجد النوري الكبير

 

عاش في بيئة دينية محافظة ولكنّها غير متزمتة. كما كانت بيئته بيئة وطنية، كان أخوه الكبير أنيس قومياً عربياً، سجن عندما قامت الثورة السورية عام 1925، وكان عبد المعين يزوره في السجن وهو طفل صغير. وكان بيتهم بعد انتهاء الثورة السورية الكبرى مأوى للمجاهدين والثوار.

 

بدأ عبد المعين الملوحي كتابة الشعر منذ كان عمره اثني عشر عاماً.. نشر أول قصيدة في عام 1936، ونشر أول كتاب مترجم له "ذكريات حياتي الأدبية" لمكسيم غوركي عام 1944 في القاهرة... ليصل مجموع ما نشره من الكتب، حتى الآن 96 ستة وتسعين كتاباً في الشعر، والترجمة، وتحقيق التراث، والأدب الذاتي، فضلاً عن عشرات المخطوطات لديه تنتظر النشر.

 

عمل مدرساً للغة العربية ومفتشاً، في أغلب محافظات القطر، و من ثم مديراً للمركز الثقافي في حمص، وفي دمشق، وعينه المرحوم الدكتور نور الدين الأتاسي مستشاراً في القصر الجمهوري.. وتخرج العديد من المثقفين والأدباء والسياسيين وأصحاب المراكز العليا في الحزب والدولة , أمثال , العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السابق

 

منحته حكومة فيتنام أرفع أوسمتها.. واختارته الصين أستاذ شرف في جامعة بكين، كما حصل على وسام الثقافة من جمهورية بولونيا، وكرمته جامعة البنجاب في الباكستان

 

وفي حياته الحافلة بالنضال والعمل والعطاء ظلّ متمسكاً بالمثل العليا، لم ينافق، ولم يخادع، ولم يبع قلمه، وربما كان ذلك أحد أسباب التعتيم عليه، وعدم نيله حقه في دنيا الفساد والنظام الشمولي، وملاحقته وسجنه كونه داعية للحرية.

 

ولعل محنته  في سجنه  مضاعفة , فهو البريء المدافع عن الحرية , وايضا طلابه الذين تلقوا على يديه العلم والمعرفة هم من عمل على اعتقاله  ضاربين عرض الحائط بكل الأخلاق العربية والانسانية0

 

في غرفة مكتبه, استقبل هذا الشامخ التسعييني موفد ايلاف حيث كنا معا على موعد000 استقبلنا بابتسامة نضرة وبريئة رغم ملامح الشيخوخة والمرض التي علت وجهه000في مكتبه , مكتبة غنية يالمخطوطات وكتب الثقافات المختلفة , ولوحة كتب عليها عبارة لغاندي تقول:لا أريد لبيتي أن يكون صورا من جميع الجهات , ولا أريد أن تكون نوافذي مغلقة, أريد أن تهب على بيتي ثقافات كل الأمم بكل ما امكن من حرية , ولكني انكر على أي منها أن تقتلعني من أقدامي000وفي هذا المكان كان لايلاف معه هذا اللقاء:

 

عبد المعين الملوحي ما الذي يقوله عن سيرته الذاتية بعد هذا العمر المديد؟

 

سيرتي الذاتية تختصر في مرحلتين:

1 ـ عشت عبداً

2 ـ ما أزال أعيش عبداً

لقد آن لي ولإخواني العرب أن نعيش مواطنين في دول لا قطيع أغنام في حظيرة الحكام.

 

كتبت الشعر وكان عمرك 12عام. كيف تنظر اليوم إلى تلك التجربة؟

 

منذ ثلاث وسبعين سنة أخوض حرفة الأدب ومهنة الشعر، وكلتاهما تجربة مرة وبضاعة خاسرة.

 

الرثاء يغلب على أشعارك. هل يمكن أن نسميك أمير شعراء الرثاء؟

 

سبقك إلى تلقيبي هذا اللقب الأديب الحر شاهر أحمد نصر حين أصدر كتابه في بيروت عام 1996 وعنوانه «عبد المعين الملوحي أمير شعراء الرثاء».

ماذا أعمل يا صديقي وقد رافقني الموت منذ كنت في السابعة من عمري حتى اليوم؟

 

ألست القائل:

ما فيك يا ديوان شعري بسمة                   بل أنت قطر دمٍ ونقع جهاد

 

بعض الطلاب الذين علمتهم سجنوك ماذا تقول لهؤلاء؟

 

سجنت لأني آمنت بالوحدة العربية وطالبت بإعادة (الجمهورية العربية المتحدة) عام 1963، أما سجاني فكان تلميذي في المراحل الثلاث: (الابتدائية والإعدادية والثانوية) وهو الذي خيرني بين البقاء في السجن أو الذهاب إلى دمشق فاخترت أهون الشرين:

 

ـ كما يقول أبو فراس الحمداني ـ المنفى

أما ما أقوله لهذا الطالب الوفي فلا يزيد عما قاله مصطفى صادق الرافعي:

ما ألأم الشجرة التي ـ إن نطقت ـ شتمت ساقيها

السحاب الأحمر: ص 39.

 

عينت مستشاراً في القصر الرئاسي في عهد نور الدين الأتاسي، ما الذي تقوله عن هذا المنصب؟

 

كان تعييني مستشاراً في القصر الجمهوري تدبيراً إدارياً لرفعي إلى المرتبة الممتازة بعد أن بقيت في المرتبة الأولى ست سنوات في وزارة الثقافة دون ترفيع.

 

ولا أكتمك أني كنت مستشاراً دون استشارة.

 

لماذا تركت الحزب الشيوعي؟

 

ذكرت أسباب ذلك بالتفصيل في الجزء الأول من كتابي (شظايا من عمري) ولا أحب أن أعيد ذكر هذه الأسباب الموجعة، فارجع إلى إليها في كتابي، وخلاصتها أني كنت محرراً في جريدة (صوت الشعب) في بيروت، فقامت ثورة (الملوزة) في الجزائر وذبح الفرنسيون (45) ألف جزائري، فأيدت الثورة الجزائرية وهاجمت المستعمرين الفرنسيين،فحاول فرج الحلو ثم خالد بكداش حرفي عن موقفي الشيوعي المبدئي فلم أنحرف وتركت الحزب عام 1945، وبقيت شيوعياً..

 

منذ الصباح الباكر يدخل مكتبك.. كيف تقضي نهارك؟

 

أدخل مكتبي في الساعة السابعة صباحاً، وأخرج منه في الساعة السابعة مساءً إلى غرفة الجلوس، مع راحة ساعة أو ساعة ونصف للغداء والقيلولة، وخلال تلك الساعات لا أتوقف عن العمل. أقرأ أو أكتب أو أترجم أو أحقق أو ألف. وقد اضطررت إلى تقليص عملي بعد إصابتي بجلطة دماغية وأنا في الصين. أما قبل ذلك فكنت أبقى في مكتبتي حتى الساعة الحادية عشرة ليلاً.

 

ترجمتك للآداب الشرقية هل هي بسبب تقاربها إنسانياً مع بيئتنا العربية؟

 

الآداب الشرقية أكثر إنسانية من الآداب الغربية وأكثر منها حباً للحرية دفاعاً عن الشعوب واستنكاراً للاستعمار، ثم إن شعوب الشرق عانت ما عانيناه من ظلم الغرب.

 

لقد احتكرت الدول الغربية الاستعمارية ترجماتنا للغة العربية من آدابها: فرنسا وانكلترا على الخصوص، أما أنا فقد كسرت هذا الاحتكار ونقلت الترجمة الأدبية العربية إلى آداب الشرق، كما نقل الأخ هادي العلوي الترجمة إلى فلسفات الشرق، كانت مدينة (شنغهاي) في الصين تحتلها ثماني دول غربية تقسمها إلى ثمانية أقسام، وكان المستعمرون يكتبون إعلاناً على أبواب المدائن: (ممنوع دخول الكلاب والصينيين)

ونحن نعرف عدوان أمريكا على كوريا، وعدوان فرنسا وأميركا على فيتنام.

 

ويسرني أن أسجل بعض ما ترجمته من الآداب الشرفية:

1 ـ أوبريت (الجنة) من كوريا

2 ـ جزءان من (الشعر الصيني) القديم والحديث

3 ـ أربعة أجزاء من الأدب الفيتنامي شعراً ونثراً في 3 آلاف صفحة.

4ـ جناح جبريل من الأدب الباكستاني للشاعر: محمد إقبال وديوان (فايز أحمد فايز)

5 ـ داغستان بلدي للشاعر الداغستاني (رسول حمزتوف)

الخ…

 

ما سر اهتمامك بالتراث؟

 

التراث العربي جزء من وجودنا، ونحن حين نحييه نبعث أرواح آبائنا وأجدادنا. التراث بالنسبة للإنسان كالجذر بالنسبة إلى الشجرة، إذا مات الجذر ماتت الشجرة.

أول كتاب حققته ونشرته من التراث العربي عام 1960 كان ديوان (ديك الجن الحمصي) لا لأنه حمصي مثلي ولكن لأنه شاعر مظلوم ويشرفني أن كنت دائماً نصيراً للمظلومين وعدواً للظالمين.

ثم تتابعت تحقيقاتي للأدب العربي التراثي بعد ذلك..

 

ما رأيك بالشعر الحديث؟

 

يستعصي الشعر على الزمان والمكان، ففي الجاهلية شعر وفي العصر الحديث شعر.

ويمكن أن تصنف الشعر في العصر الحديث أربع أنواع:

1 ـ الشعر العربي الأصيل الذي يحتفظ بالأوزان والقوافي ويمثله شعر شوقي وزملائه في مصر ـ وبدوي الجبل وإخوانه في سورية والجواهري وأضرابه في العراق…

والشعراء الأصلاء في سائر الأقطار العربية. ولا أنكر أننا نجد في هذا الشعر، مع أنه موزون ومقفى ما ليس شعراً، وإنما هو نظم.

2 ـ الشعر الحديث الذي يحتفظ بالأوزان والقوافي إلى حدٍّ بعيد ويجدد فيها ويطورها وعلى رأس أصحاب هذا الشعر نزار قباني.

3 ـ شعر التفعيلة، وقد ظهر فيه شعراء ذوو مواهب في أول أمره

4ـ الشعر الفلتان، الذي يمارسه من ليس لهم موهبة وهو صف كلمات ونقاط وإشارات استفهام، أما الشعر المنثور فأولى به أن يسمى نثراً فنياً لا شعراً.

 

ما عدد الكتب التي ألفت وحققت وترجمت؟

 

الجواب: نشرت حتى آخر عام 2004/ مائة وثلاثة كتب مجلد موزعة على سائر الفنون الأدبية، وفي مكتبتي 100 مخطوط أعمل الآن على تنضيدها تمهيداً لنشرها وإليك قائمة بتوزيع كتبي الصادرة حسب الموضوعات:

 

1 ـ تحقيق التراث العربي 17

2 ـ المؤلفات 37

3 ـ الشعر 06

4 ـ الجمع والإشراف  05

5 ـ الترجمة 38

 

المجموع103

 

هذا عدا مئات المقالات والأبحاث في 200 جريدة ومجلة في الأقطار العربية يمكن أن يجمع كثير منها في كتب.

 

ما سبب اعتذارك عن قصيدة (بـهيرة)؟

 

الجواب: كان موت زوجتي (بهيرة) وهي في العشرين وأنا في التاسعة والعشرين فاجعة زعزعت كياني وهزت صوابي فرثيتها بقصيدة تقطر دماً وسماً وتثور على كل الأعراف، ولا سيما أنها ماتت بعد سنة واحدة وستة أيام من زواجنا، وبعد أن تركت لي طفلة عمرها ثلاثة أشهر.

فلما بلغت الأربعين عاد إليَّ شيء من هدوئي واتزاني، وعدت إلى الإيمان بالله وبالقدر، ونظمت قصيدتي (على شاطئ الأربعين) أقول فيها:

 

نظرتْ إليَّ الأربعون                  وكاد عودي الصلد يكسرْ

 

فوقفت أنظر للسماء                    منادياً: الله أكبرْ

 

نظرتْ إليَّ الأربعون                  (واحترقت كالثلج شيبي)([1])

 

فوقفت أنظر للسماء                   منادياً: الله ربي

 

فلما ماتت طفلتي (ورود) رثيتها بقصيدة تنافس (بهيرة) فناً وتختلف عنها فكراً،

 

والقصيدتان تسجيلان لفترتين مختلفتين من عمري عدَّ كثير من الناس آخراهما اعتذاراً عن أولاهما.

 

هل من إنتاج جديد في ‏الطريق

 

لي في كل سنة إنتاج جديد، وفي مشروعاتي لهذه السنة نشر مخطوطتين منضدتين: ديوان الشاعر التينفاي (توحد) وكتابي (عبد المعين الملوحي في السجن) أرجو أن يتم نشرهما هذا العام 2005

 

ابنتك كانت أول فتاة تطهر على خشبة المسرح في حمص… ما الذي يقوله الملوحي في هذه التجربة.

 

تعرف أن الرجال كانوا يؤدون أدوار النساء في المسارح. وهذا أمر معيب. عندما كنت مديراً للمركز الثقافي العربي في حمص ألفت فرقة مسرحية بقيادة المسرحي الكبير الأستاذ (مراد السباعي) ورفضت أداء الرجال لأدوار النساء. يصبغون خدودهم ويضعون خرقاً مكان الثدي ويتخلعون على المسرح.

 

عرضت على ابنتي ـ وكانت في الخامسة عشرة من عمرها أداء دور المرأة في مسرحيات (فرقة حمص) فوافقت.

 

والغريب أن ست فتيات من أسر حمص طلبت الاشتراك في (فرقة حمص المسرحية) أرأيت؟ إن الطريق إلى روما يبدأ بخطوة واحدة وكذلك يبدأ الطريق إلى الحضارة بخطوة جريئة واحدة….

لقد انتهى في حمص ذلك المنظر البشع، منظر الرجل ـ المرأة.

 

الخلاصة:

أخي حسام! لقد كانت أسئلتك دقيقة جامعة. أجبت عليها في اختصار شديد، أشكرك وأشكر الجهة التي ستتولى نشر أجوبتي. والسلام

 

كلمة أخيرة:

من الممكن أن تكون التجربة الشعرية الأكثر نضجا عند الملوحي, أخذت شهرتها الكبيرة, بعد نظمه قصيدة /ابهيرتي/ التي نظمها بزوجته التي توفيت , بعد مرور عام واحد على زواجه منها تاركة له خلفها طفلة بعمر ثلاثة شهور0 وقد بلغت أبيات القصيدة /260بيتا/, كتب الملوحي القصيدة في حالة انسانية مزاجية خاصة , وقد سببت له القصيدة الكثير من المضايقات, وتلقى بسببها الكثير من التهديدات000بعض ابيات القصيدة, تقول:

 

ان خنتني فعلام خنت رضيعة لم تكس لحما

لم تأو للصدر الرحيب ولم تذق للنهد طعما

ستعيش لاتجري اذا سمعت نداءك يا خزامى

ستعيش تقتلني اذا نادت مع الأطفال ماما0000

موتي فمالك في فؤادي غير جرح سوف يشفى

المارد الجبار لا يأسى لميت  مات ضعفا

أبهيرتي هذا الجنون فعفو قلبك عن جنوني

لم استطع فهما لموتك يا بهيرة فاعذريني

 

بعد فترة يعلن الملوحي توبته ويقدم اعتذاره عن هذه القصيدة بكشف صوفي, وهذا ما وضحه في كتابه "نجوى حجر" و"تحت عنوان: على شاطيء الأربعين " 00حيث يقول الملوحي موضحا ذلك:

 

كنت في الأربعين, أول عام 1956-1957, حين تركت مكتبتي بعد فراغي من الكتابة ورأيت السماء وفيها قطع من الغيوم 00 وكان القمر بدرا  , والأجراس في الكنائس تقرع في رأس السنة , وقفت على الشرفة فاذا أنا أتنفس نفسا عميقا وأنادي لا اله الا اله , وأما القصيدة فيقول فيها:

 

نظرت الى الأربعون وكاد عودي الصلد يكسر

فوقفت أنظر للسماء مناديا الله أكبر

نظرت الى الأربعون فأصرخت كالثلج شيبي

فوقفت أنظر للسماءمناديا الله ربي

اني مشيت موزعا  نصف الطريق الى ضريحي

أترى سأمشي نصفها الباقي بأحمد والمسيح

سأعود للايمان يملأ برده عقلي وقلبي

سأعود أحمل في دمي ربي وايماني بشعبي

 

 

كنت مدرساً لحافظ الأسد ولم أطلب منه عندما أصبح رئيساً إلاّ طبع كتاب!

 

أجرى الحوار: فاطمة عطفة

 

دمشق ـ القدس العربي: برهبة وإجلال توجهت إلي لقاء الشاعر عبد المعين الملوحي لكن طيبة الرجل وبساطته واتساع المجال الذي يطل عليه الشاعر، جعلني أحس أنني لتقي بأبي ومعلمي. عبد المعين الملوحي أستاذ جيل، أو بكلمة أدق، أستاذ أجيال.

 

وهو أول من ترجم دوستوفسكي إلي العربية في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي.

 

وهو الباحث والمحقق في التراث وشاعر الآلام العربية، وهو من الأعلام المؤثرة في تاريخ الأدب والتحقيق والترجمة في الوطن العربي. عمل ضد الظلم والإقطاع في سورية، وعرف بمواقفه القومية، وناضل في سبيل تحقيق الوحدة العربية، وسجن بعد الانفصال.

 

وإضافة إلي ترجمته المبكرة لرواية (في سردابي) لدوستوفسكي، فقد ترجم الشعر الفيتنامي في أربعة أجزاء. كتب أكثر من 150 كتابا طبع منهما 75 بين شعر وترجمة وبحث وتحقيق. وقد اهتم بالشعراء الصعاليك لما يري في ذلك من مواقف إنسانية، وأولها ثورتهم ضد الفقر.

 

وقد أتيح لي أن أزوره في منزله الكائن في منطقة الشعلان بدمشق، وكان لي معه هذا اللقاء.

 

*أستاذ عبد المعين أنت من مواليد مدينة حمص، في أي عام جئت إلي دمشق وكيف كانت هذه المدينة، وكيف تراها الآن؟

 

أول مرة جئت إلي دمشق في عام 1928. كنت أصعد علي جبل قاسيون وأري دمشق المدينة، عبارة عن مكان صغير جدا والغوطة حولها من كل جانب، منذ سنتين أو ثلاث صعدت علي جبل قاسيون وإذا دمشق تشمل كل الغوطة والغوطة لا تكون إلا جزءا صغيرا من دمشق، يعني هذه جريمة شنعاء ارتكبها أصحاب العقارات، ألغوا الغوطة وجعلوها كلها أحجارا وإسمنتا.

 

*أهم فعلا تجار العقارات؟

 

مع الأسف المتمولون وأصحاب العقارات هم الذين يحكمون السلطة، وليست السلطة هي التي تحكم! ولكن الجريمة مشتركة بين السلطة وبين أصحاب العقارات. أما الآن فقد تغيرت هذه المدينة التي أصبحت مكتظة بالسكان، ليس فيها شيء من المدينة أو جمال المدن، أصبحت مرآبا للسيارات بشكل فظيع جدا. والتلوث مخيف في هذه المدينة.

 

أذكر عندما اشتريت هذا البيت كنا نري عندما تأتي الشمس من الناحية الغربية إلي الغرفة لا نجد أثرا لغبار أو دخان، اليوم إذا نظرنا إلي الغرفة عند المغرب نراها كلها مملوءة بالغبار والدخان.

 

*إذا، كيف تنظر إلي مستقبل هذه المدينة؟

 

إذا وجد مصلحون يمكن إصلاح هذه المدينة، ولكن إذا ظل المفسدون هم الذين يتحكمون بهذه المدينة فسوف تزداد فسادا! درست اللغة العربية في مدينة اللاذقية وعشت فيها وفي مدينتك حمص، وحاليا في دمشق.

 

*أي من هذه المدن تركت عندك أثرا أكبر؟

 

الواقع أنني أحببت اللاذقية حبا شديدا.

 

*لماذا؟..

 

لأني في 1947 فقدت زوجتي بهيرة، ثم ذهبت إلي اللاذقية وهناك كنت أنزل إلي البحر، والبحر هو الذي محا كل الآلام التي في نفسي من موت زوجتي.

 

*معروف عن الشاعر عبد المعين الملوحي مواقفه الوطنية والقومية وانحيازه المبكر إلي جانب الفقراء، وهذه المواقف سببت له الكثير من الإشكالات، بعد هذه السنين الطويلة، هل تغير شيء من هذه الأفكار وكيف تري تأثيرها في الشارع من قبل، وتأثيرها اليوم؟

 

أقول لك بصراحة: المباديء التي اعتنقتها وأنا في صغري لا تزال هي المباديء التي أعتنقها في كبري لم تتغير: حب الإنسانية، حب الوطن، حب الأدب والشعر، هذا الثالوث هو الذي حكم كل تصرفاتي وكتاباتي وأشعاري ضمن هذه الحدود لم تتغير، ولا أزال أعتقد رغم مرور الزمن أنني سوف أحتفظ بها حتي وفاتي. أما بالنسبة إلي التغير في الشارع، أنا لا أحكم علي هذا الشارع، ولكن مع الأسف أصبحت المصالح الشخصية والقطرية هي الأغلب علي شعبنا وعلي الدول التي تتحكم في هذا الشعب.

 

*تناولت بالبحث الشعراء الصعاليك، لماذا شغلك هاجس هؤلاء الشعراء؟ وماذا يعني لك الشاعر الصعلوك؟

 

اهتمامي بشعراء الصعاليك نابع أيضا من مبدئي. هؤلاء الشعراء كانوا ثوريين ودافعوا عن حق الفقير بأن يجد طعامه ورزقه، وهاجموا الأغنياء وأخذوا منهم أموالا وزعوها علي الفقراء، ومن أكبر هؤلاء الشعراء عروة بن الورد وسموه عروة الصعاليك ، وأنا جمعت خمسا وستين شاعرا صعلوكا يمثلون أرقي ما وصل إليه الفكر الغيري عند العرب.

 

يقول أحد الشعراء، يعيرني السمين أني هزيل، ولماذا أنا هزيل لأنني أوزع طعامي علي الفقراء، وأما هو فيكتفي بالأكل وحده، هذه الأبيات من أجمل ما في الشعر العربي.

 

*لنقف مع الحمام، ما سر اهتمامك بهذا؟

 

كنت في حمص وإذا حمامة تطير أمامي وسقطت ميته فجأة وانقضت فورا عليها قطة وأكلتها، هذا المنظر الرهيب أوحي لي بأن أؤلف كتابا أسميه موسوعة الطير والحمام في الشعر العربي، وقضيت في تأليفه حوالي عشر سنوات وصدر في جزءين. هذا المنظر لا يزال حتي الآن يشغل بالي ولا أزال آراه حتي الآن، القطة تأتي إلي الحمامة الميتة وتنتف ريشها وتأكل.

 

*معني ذلك أن الشاعر يمكن أن يتأثر من أي منظر أو أي شيء يقع أمامه وأن يكون إلهاما لعمل ما؟

 

الواقع أن بعض القضايا الصغيرة هي التي تنتج القضايا الكبيرة، هذا المنظر البسيط أنتج كتابا ضخما اسمه موسوعة الحمام والطير في الشعر العربي.

 

*لأن الحمام يرمز إلي المحبة والسلام؟

 

الواقع أن الحمامة فيها قسوة مثل الناس أو أكثر من الناس، ومع ذلك لا يزالون ينظرون إليها كرمز للسلام، وتعرفين لوحة بيكاسو عن حمامة السلام.

 

*ترجمت الشعر الفيتنامي، حدثنا عن هذا العمل الكبير؟

 

ترجمة الشعر الفيتنامي من أرقي ما فعلت من التراجم، أنا معجب بهذا الشعب الذي قاوم أمريكا خلال سنوات طويلة وتغلب عليها. أول شعب يرغم امريكا علي الانسحاب من بلاده. إن الجرائم التي ارتكبتها أمريكا في فيتنام لا يمكن أن توصف، والشعب الفيتنامي ضحي بأكثر من ثلاثة ملايين في هذه الحرب ولكنه انتصر. أقول لك حادثة طريفة قصها علي سفير فيتنام عندما زارني هنا، وقص علي القصة الآتية: عندما حرر الجيش الأحمر الفيتنامي شمال فيتنام وقف علي حدود فيتنام الجنوبية لكي يهاجمها، فجاء الجيش الأحمر إنذاران من الاتحاد السوفييتي ومن الصين يقول: لا تهاجموا الجنود لأن أمريكا سوف تضربكم بالقنبلة الذرية، واجتمعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفيتنامي وقررت الدخول إلي فيتنام الجنوبية وتحريرها، رغم التحذيرين الروسي والصيني. هذا موقف عظيم، يعني أن الشعب عندما يقرر شيئا يجب أولا أن ينظر إلي مصلحته ولا يجوز أن يتحكم به غيره من شعوب أو دول أخري.

 

*هل تجربة فيتنام سوف تكون مثالا صادقا تأخذ به شعوب العالم لمقاومة الاحتلال؟

 

يا سيدتي، أنا عندما ترجمت الأدب الفيتنامي ترجمته ليكون بالدرجة الأولي عزة لفلسطين التي تكافح استعمارين، الاستعمار الأمريكي والاستعمار الصهيوني الاستيطاني، فأنا أعتقد أن الشعب الفلسطيني استطاع أن يصل إلي حد من القوة ومن الجرأة وإرادة التحرير مما يذكرنا بكثير من الحوادث التي قام بها الشعب الفيتنامي. وأقول لك: عندما دعانا الرئيس حافظ الأسد إلي مقابلته قال قبل أن أتحدث إليكم أريد أن أتحدث عن أستاذي عبد المعين... فقد كنت أستاذا له في اللاذقية عام 1947 ـ 1948. وقبل أن نخرج من مكتبه قال: ماذا تريد يا أستاذ؟ قلت: أريد شيئا واحدا، طبع تاريخ الأدب الفيتنامي الذي يقع في أربعة مجلدات وثلاثة آلاف صفحة. قال: نعم، سوف أطبعه لك . وصدر أمر إلي وزارة الثقافة وطبع الكتاب. وبعد ذلك سألني بعض الأصدقاء: ماذا طلبت من الرئيس؟ قلت: طلبت طبع كتاب. قالوا: يا مجدوب، يا حمصي، كنت اطلب سيارة أو بيتا أو مالا... قلت: لا أريد إلا الكتاب. وما هي إلا سنة علي طبع الكتاب حتي جاءتني رسالة من رئيس جمهورية فيتنام يشكرني علي ترجمة الشعر الفيتنامي. وبعد سنة جاءتني سفارة فيتنام وأعطاني السفير وسام الاستحقاق الفيتنامي. وقلت لأصدقائي في حفلة التكريم: من المجدوب، أنا أم أنتم؟

 

*الشاعر مالك ابن الريب رثي نفسه، والشاعر عبد المعين الملوحي رثي نفسه أيضا، كيف يستطيع الشاعر أن يرثي نفسه؟ وما هي الحالة الوجدانية التي يمر فيها ليستطيع أن يكتب تلك اللحظة التي لم يجرؤ علي مواجهتها إلا كبار المتصوفة؟

 

عندما كنت في الصين، في عام 1978، أصبت بجلطة في الدماغ، وكدت أموت. ولكن الصينيين اعتنوا بي عناية كبيرة وداووني بوخز الإبر، وبالطب الصيني، والطب الغربي، فنجوت والحمد لله. بعدها فكرت أني رثيت كثيرا من الأصدقاء، ورثيت زوجتي، ورثيت ابنتي.. لماذا لا أرثي نفسي، فرثيت نفسي بقصيدة طويلة تبلغ مئتي بيت، قلدت فيها مالك ابن الريب عندما رثي نفسه.. كأني وجدت من العدل أن أرثي نفسي كما رثيت أصدقائي. وهذا ما دفعني إلي هذا الرثاء.

 

*ممكن أن نسمع بعضا من هذه القصيدة؟

 

أنا مع الأسف لا أحفظ من شعري، أحفظ أكثر من مليوني بيت من شعر الآخرين، ولكن لا أحفظ شعري.. إنما سأقرأ بعض الأبيات من آخر القصيدة، وهنا أذكر بلدي حمص فأقول:

 

ويا وادي العاصي وقد كنت iiدوحة

أنـاغي  بها الأحباب حييت iiواديا

لـئن  مزقت أيدي السياسة iiشملنا

فـما زال قلبي صادق الود iiصافيا

سأودع في أحجارك السود أعظمي

فلا  يكُ مثل الناس صخرك iiقاسيا

فإن أستطع في الحشر آتيك iiزائرا

ولـو خطرت حور الجنائن iiأماميا

ولـو  خـيروني بين لثم iiحبيبتي

ولـثـم ثري حمص لثمت iiترابيا

 

 

وهنا أحببت أن أسمع بصوته أبياتا من قصيدة بهيرة . سرح بنظرته بعيدا وكأنه يعود إلي تلك الأيام، فقال:

 

أبهيرتي.. بل لستِ لي

 

بل أنتِ خائنةٌ أثيمة

 

حمَّلتني عبءَ الهوي

 

وتركت طفلتنَا يتيمة

 

ما الداءُ؟ لو لم ترتمي

 

للداء خاضعة إلِيهِ

 

لَم لم تَهبِّي حينَ

 

حـلَّ الداءُ واثـبة عليهِ

 

ما الموتُ؟ ليسَ الموتُ

 

عذرا للخيانةِ في الخؤونِ

 

لِمَ لمْ تثوري للحياةِ

 

وتقطعي كفَّ المنونِ

 

هذا ما سميته الجنون، ثم اعتذرت عن هذا الجنون فقلت:

 

أبهيرتي هذا الجنونُ فعفوَ قلبكِ عن جنوني

 

لم أستطع فهما لموتـكِ يا بهيرةُ! فاعذريني ..

 

ما زلتِ في نفسي تفيضين الهوي جسدا ونفسا

 

فإذا التفتُّ ولم أجدكِ قضمت كأس الخمر يأسا

 

*علي ذكر الرثاء، ولو كان سؤالا غير لبق وأعتذر منك لطرحه، ولكن أري أن علي أن أسأله: لقد رثيت نفسك كما رثيت الأحبة، وهذه مكتبة عبد المعين الملوحي بقامتها وما تأخذ من مساحة في أكثر جدران البيت، هل قلت في هذه المكتبة شيئا من الرثاء أو وصية لمن ستكون ـ بعد عمر طويل؟

 

أنا ذكرت مكتبتي في قصيدتي عبد المعين الملوحي يرثي نفسه. قلت في هذه القصيدة.

 

تذكَّرتُ من يبكي علي فلم أجدْ

 

سوي قلمي والطرسِ والحبرٍ باكيا

 

ومكتبةٍ أودعتُ روحي رفوفَها

 

تكاد إذا ما متُّ تسعي أماميا

 

ومنضدةٍ سوداءَ كاد حديدها

 

يذوب إذا الإلهامُ أعرب نائيا

 

وأفكارِ صدق قد تألقن ثورة

 

أنرن لعميانِ الحياة المعانيا

 

أما ماذا أفعل بالمكتبة عندما كنت في الصين وأعطوني لقب أستاذ شرف في الصين، تبرعت بمكتبتي لجامعة بكين باعتبار أن بكين فيها عدد كبير من الذين يتعلمون اللغة العربية، لذلك تبرعت بالمكتبة ولكن أولادي ماذا يفعلون من بعدي هل يعطونها إلي الصين، وهذه المكتبة تضم أكثر من 14 ألف كتاب وهي تساوي مبلغا كبيرا من المال، لا أعلم كيف يتصرف أولادي من بعد والدهم؟ هل يخسرون ثروة؟ وهل يمكن أن يقيسوا موت والدهم بمقدار ما يربحون منه؟ لا أعلم!

 

*كل أستاذ يمر عنده بعض الطلاب الذين يتركون ذكري أو أملا في أن يكون هاما، سواء في الأدب أو العلم. من ترك ذلك الأثر ولمن تنبأت له وتم ذلك؟

 

الطلاب الذين يتخرجون من المدرسة نوعان، نوع يذكر الفضل الذي غمره فيه أستاذه ونوع آخر ينكر كل شيء فعله له أستاذه. وأقول لك شيئا غريبا: الطلاب الذين كنت أدرسهم مجانا ولا آخذ منهم شيئا هم الذين عقوني، والطلاب الذين كنت آخذ منهم أجرا هم الذين يتذكرونني ويحترمونني. الطلاب نوعان مع الأسف يغلب الأول علي الثاني، وأنا قلت أبياتا في هذا الموضوع، يمكن أن أسمعك شيئا منها:

 

غرستُ غراسا وارتقبتُ ثمارَها

 

فلم تعطِ إلا الشوكَ صلدا غراسيا

 

إلي الله أشكو من رعيتُ عهودَهم

 

فلم أرَ منهم في الملمَّات راعيا

 

تلاميذ عقوني مريضا فليت لي

 

بأفضلهم كلبا يبصبص وافيا

 

غدا سوف يبكون المعلم جثة

 

وقد صار عظما في المقابر عافيا

 

تناسَوْا حقوقي في الحياة فإن أمتْ

 

تباكَوْا علي قبري الوفي تباكيا

 

*هل تنبأت لبعض الطلاب فكان لهم شأن؟

 

نعم لقد تنبأت لبعض الطلاب وكانوا من أرقي العلماء والأدباء في بلادنا، ولكن مع الأسف هناك آخرون تنبأت لهم ولكن خالفوا الوضع. ومن المؤسف أن أحدهم وضعني في السجن ثلاثة أشهر لأني مع الوحدة العربية، وأدعو في سنة 1963 إلي عودة الوحدة.

 

ولم يخرجني هذا من السجن إلا بعد أن خيرني خيارين: إما أن تبقي في السجن، وإما أن تذهب إلي دمشق. فأنا في دمشق لم آتِ إليها بإرادتي وإنما أنا منفي إلي دمشق، وهذا شيء عجيب! فهؤلاء الطلاب نوعان، نوع يشكر ونوع يكفر. وهناك كلمة، من أروع ما يمكن، لمصطفي صادق الرافعي يقول: فيها: ما ألأم الشجرة التي إن نطقت شتمت ساقيها!

 

أضيفت في 12/06/ 2007 / خاص القصة السورية

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2024  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية