أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | مواقع | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

إصداراتي الأدبية

أكثر من 25 مليون زائر، لموقع القصة السورية، رغم إنشغالي بالكتابة للثورة السورية، خلال الأعوام العشرة الأخيرة

يَحيَى الصُّوفي

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 03/09/2022

الكاتب: جميل ألفريد حتمل / 1956-1994

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتب

بطاقة تعريف الكاتب

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتب

 

جميل ألفريد حتمل قاص موهوب, وصحافي مبدع, وسليل أسرة فنية أدبية مشهورة في دمشق وحوران. ولد عام 1956 في دمشق, وتلقى دراسته الثانوية في ثانوية العناية الرسمية, وظهر ميله الى الآداب والفنون في سن مبكرة, فقد أحاطه والده الفنان التشكيلي ألفريد حتمل (1934-1993) بالرعاية والتوجيه والاهتمام حتى نشأ نشأة أدبية وفنية متميزة

فجع بفقد والدته وهو طفل صغير, فأحس بمرارة اليتم, وعصر الحزن والألم قلبه الطري.. ولكي يعوّض عن المرارة والأسى,اتجه نحو المطالعة, وقراءة الكتب الادبية والتراثية, ووجد في مكتبة خاله حكمت هلال الغنية والمليئة بآلاف الكتب والمجلات, فرصة سانحة لكي يعب منها ويرتوي.‏

أما على صعيد الحياة العملية,فقد بدأ جميل حتمل كتابة القصة القصيرة في سن مبكرة, واعتبر منذ ذلك الوقت أحد أهم الأسماء في جيل السبعينات في سورية.‏

آثاره الادبية‏
أصدر جميل حتمل في حياته اربع مجموعات قصصية هي:

-الطفلة ذات القبعة البيضاء « أهداها الى والده الفنان» ألفريد حتمل «الذي يرسم حياة وسط هذا الرماد, ونجوى وردة في قلبه المتعب» ويوسف «فرساً من صلابة وعشق» وجبرائيل « صمتاً- يخبىء حرارة إنسانية لاحد لها»

-وانفعالات «اهداها الى المرأة التي رمته في بحرها ثم جفت»

-وحين لابلاد «أهداها الى» ألفريد حتمل «ايضا»

-وقصص المرض قصص الجنون «أهداها الى النساء اللواتي رتب رحيلهن ليفتقدهن»

-اما المجموعة الخامسة «سأقول لهم»  فقد صدرت بعد وفاته, وقد قامت المؤسسة العربية للدراسات والنشر في عمان بإصدار المجموعات الخمس في مجلد واحد عام ,1998 وقدّم لها الروائي الكبير عبد الرحمن منيف (1933- 2004).‏

تدور أكثر قصص جميل حتمل, إن لم أقل كلها, في مجموعاته الخمس, حول مأساة مرضه, ومعاناته, وفشله في الحب والزواج, وتشرده, وانكساراته, ودخوله المشافي والسجون, وشوقه الى الوطن ومرابع الطفولة, وبيته القديم.. وقد عكس في هذه القصص واقعه المؤلم بصدق وصراحة وعفوية, ودون تمويه, يقول واصفاً هذا الواقع:‏

ويعترف في قصة» الطفلة ذات القبعة البيضاء من القش «بحاجته الشديدة الى حنان الام ورعايتها, وبأنه الرجل الطفل المنهك المكسور المبعثر كزجاج, المليء بالاحزان والطموحات فيقول:» أنا الرجل الطفل, الرجل المنهك, المكسور كزجاج, المبعثر كزجاج, أنا الرجل المليء بالاحزان والطموحات, الرجل الذي لايسمعه احد, أو الذي لايعرف كيف يوصل صوته.

 

«ويتحدث في قصة» انفعال « بصراحة اكثر حين يقول:» انا الذي يعيش الانهيارات كاملة, وحتى انهيار الحياة ذاتها.. إنني اعيش الحياة لأنني ضعيف فقط, بل لأني املك حساسية, ربما تكون زائدة عن حدها..«‏إن من يقرأ قصص جميل حتمل يلاحظ سمة الحزن البارزة فيها بشكل واضح, وأسباب الحزن عنده كثيرة, في طليعتها مرض القلب المزمن الذي كان يهدده بالموت في كل لحظة ,وفراق الزوجة والطفل, والغربة القاسية عن الاهل والوطن ورفاق الطفولة, وفقد الأم, والأحلام المنكسرة التي لم تتحقق, والطموحات الخائبة, والقلق النفسي.‏

يقول الروائي عبد الرحمن منيف في مقدمة مجموعة اعماله القصصية الكاملة:» إن الصفة الأساسية التي تطبع ابطاله هي الحزن, الحزن الذي يرافقهم ,ويحرمهم من أبسط الحقوق :الحب..«‏ويضيف:» بقدر ما يبدو الحزن- ذلك النبات الوحشي- عاملاً سلبياً يفتق الروح والجسد, فإنه حين يستقر في القلب, لايسوّد نظرة الانسان للحياة فقط, بل يصبح مستساغاً لذيذاً, وبعض الاحيان ضرورياً, لأنه يخلق توازناً بين النظرة والمعاناة, ويصبح انعكاساً للداخل.. وهذا ما نجده مبثوثاً في ثنايا القصص الكثيرة التي كتبها جميل حتمل.. «‏يقول جميل في احدى قصصه المتأخرة:» قلبي يؤلمني الى الدرجة التي لن استطيع بها خلع ملابس النوم لارتداء غيرها. أنا متعب, وقلبي يتقلّص , يذبل وجعاً..

 

لقد جاءت قصص جميل حتمل ومقالاته التي كتبها ولم تجمع حتى الآن, شهادة على العصر العربي الصعب- كما يقول عبد الرحمن منيف- بكل ما فيه من انكسارات وتحديات واحتمالات.

 

له خمس مجموعات قصصية أصدر أربع منها في حياته

والخامسة صدرت بعد وفاته وهي عبارة عن مختارات صادرة له عن سلسلة أفاق عربية

الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة تقع في 216 صفحة من القطع الصغير

توفي في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1994

 في مستشفي كوشان الباريسي حيث كان يعالج ويقيم

نماذج من أعمال الكاتب

الرجل المنهك

الطفلة ذات القبعة البيضاء من القش 

 

الطفلة ذات القبعة البيضاء من القش 

واقفة إلى جانب كومة من الرمل الأبيض يرتسم حزن على وجهها، حاول أن يبتسم عندما أطل من شباك الباص، فابتسمت بأسى.

عند مثل هذه الكومة الرملية البيضاء في شارع عريض، وفي ليل خريفي بارد، قال لها بحزم وهدوء:

ـ أحبك.

فبكت، وقبلها خلسة، وطار من الفرح.

 

مسح دمعة مسرعة، هز رأسه ومد أصابعه من الشباك مرسلاً لها قبلة، فابتسمت بأسى، نظر إلى ساعته المكسورة الزجاج، ثم إلى وجهها الحزين، أشار لها بأن تذهب، هزت رأسها رافضة بغضب، وعندما تحرّك الباص أحس بقشعريرة مرة تسحق جسده، وكانت تبكي.

ـ لاتبك.. أرجوك.

قالها مرات، كانا يتشاجران بشدة، يغضب ويشتم، فتغضب وتصمت، وتبكي أحياناً،فيضمها إلى صدره المرتجف، وبصمت مداعباً.

شعرها الأسود القصير

وهاهي تبتعد،شيئاً فشيئاً تختفي، وشيئاً فشيئاً يمتد هذا الذي اسمه الحزن أكثر في جسده المرتجف، أسند رأسه إلى الزجاج وتابع الخط الاسفلتي الملتوي.

حينما سمع صديقه يتشاجر مع الجيران بسبب وجوده، تملكه وجع وخجل كبيران، لملم أوراقه وكتبه المتناثرة، وخرج صامتاً مع الصديق.

قال له:

ـ أين ستذهب؟

فأجاب بغير حزم:

ـ الأماكن كثيرة، وكان يعرف أنه لن يجد مكاناً معقولاً ينام فيه تلك الليلة.

 

منذ أسابيع لم يذهب إلى منزله،ولم يفاجأ حين عرف أنهم داهموه، تخيّل حال أهله حينها، وتذكر أخته الصغيرة، وكتبه التي لابد أن تتناثر وهم يقلبون صفحاتها بقسوة.

ومنذ أسابيع مكث في هذه الغرفة، التي يغادرها حزيناً وخجولاً

وإليها كانت تأتي فيهمس بغضب عندما تصل:

ـ لم تأتين؟

فتزعل.

ـ قد تكوني مراقبة.

ـ أدوخ أباهم.

ترد بثقة وفرح طفولي،فيضمها بقوة محاولاً أن يضحك.

 

وهو لايعرف أين سيذهب، ولذا لم يتردد عندما قالوا له ستغادر المدينة إلى قرية منزوية، فكر بها وسألها، فهمست بأسى مستسلم.

ـ الأفضل أن تغادرها.

 

وها هو يهتز مع تخبطات هذا الباص، إلى جانبه تمتد صحف صفراء، ورواية «أيام الجفاف» التي سرقتها له منذ أيام وكتبت عليها: «إنها أيامنا أيضاً» قلب الصحف ببطء، مد يده إلى الكتاب وانغمس في جو الرواية، حين انتهى تخيّل شكلاً للقرية التي سيصلها، مشابهة لقرية الكتاب، فكر :« سأرسل لحيتي هنالك كما فعل بطل الرواية»، وضحك مصمماً ألا ينتحر مثله، وسيكتب، يكتب أشياء عدة، ورسائل لها:

قالت له:

ـ سأشتري الصحف لك كل يوم، كما كنت تفعل.

وقالت له:

ـ وربما آتي إليك أيضاً.

«وأنا سأتي إليك... سأتي في كل لحظة »،تعالى صوت فيروز فجأة حاراً وصاخباً،أحس أنه سيبكي فهمس لنفسه بخطابية.

ـ على الثوري ألا يكون رومانسياً ومتوتراً إلى هذا الحد.

وضحك من نفسه.

 

انتبه إلى الأصوات المتعالية في الباص،ثلاث فتيات، سمراوات وشقراء، يجلسن قرب المحرك، فكر لو تستدير الشقراء ليرى وجهها كاملاً.

ـ مائة مرة قلت لك أترك هذه العادة السخيفة.

 

كانت تصرخ به، عندما تشرد عيناه ملاحقة أجساد الفتيات المختلفات يتظاهر بعدم السمع ويتابع التطلع ليغيظها صوت فيروز مازال منساباً من الاشتياق.

 

انطلقت فجأة بين المقاعد بصخب فتاة صغيرة، تمنى أن تجلس أمامه ليحدثها عن أشجار ملونة، وعصافير زرقاء، كانت ترتدي قبعة بيضاء من القش تهتز فوق رأسها، وهي تتابع تحركها الصاخب بين المقاعد.. ابتسم لها، قلب الصحف، أسند رأسه إلى الشباك مرتاحاً لرؤية الصغيرة.

 

ـ بطاقتك الشخصية.

هزّته يد، كان هنالك جسدان ينتصبان أمامه، وكان الباص واقفاً تماماً،من الشباك، رأى سيارة رمادية تطلّ منها وجوه لا لون لها وأمامها وقف مسلح.

ـ لا أحملها.

ـ انزل إذن...

هكذا قال أحد الجسدين.

 

وقف، الصحف ماتزال تحتل جزءاً من المقعد،حركوها بعصبية، سقط كتاب «أيام الجفاف» على أرض الباص،تطلع به، تطلع من الشباك، خيط الاسفلت الرمادي كان ممتداً بدون حركة، حدق في وجوه الركاب التي تنظر باستغراب وصمت،كان صوت فيروز ما يزال منطلقاً بحماس.

 

ـ هيا تحرك.

جاءه الصوت مرة ثانية، بقسوة أكبر.. تحرك خطوة، لمح وجه الفتاة الصغيرة ذات القبعة البيضاء من القش، يبتسم.

ابتسم وهبط من الباص المتوقف.

 

الرجل المنهك

إنني أتكئ كثيرا على الخارج، وذلك لأن داخلي منهك، أو لأقل مكسور وممزق، وبحاجة إلى رعاية وحنان أم قد لا تكون موجودة، أو لن تكون… وأنت تعرفين ذلك، تعرفين ورفضت، علي إذن أنا الطفل القابع-فيّ-عصبيا ومشاغبا ومشاكسا أن أربي نفسي، أو ألجمها، ثم أعلنها للملأ كاذبة، أو مهذبة حسب تعبير الآخرين، لأعلن صرامتي وقتلي لمشاعري، وقتلي لطفولة ما زالت تجتاحني دون أن أستطيع أن ألعب معها، أو دون أن أملك مفاتيح اقتيادها.


أنا الرجل-الطفل، الرجل المنهك، المكسور كزجاج، والمبعثر كزجاج، أنا الرجل المليء بالأحزان والخطايا والطموحات، الرجل الذي لا يسمعه أحد، أو الذي لا يعرف كيف يوصل صوته.


أنا الرجل الذي يجلس على درج الأيام المنفردة، وحيدا قابعا في أقصى الزاوية، أقصاها تماما، والذي ترحل الزهور من يديه أو قلبه منسحبة بهدوء سري، أو بعصبية مطلقة، من أنامله التي لن تتعود فن الإمساك، بتوترها الدائم، وارتجافاتها المستمرة.


أنا الرجل الذي يفتح نفسه ورقة بيضاء بسذاجة مطلقة، فلا يجد أخيرا إلا السواد معلنا نفسه فوق بياض الورقة. لا يجد إلا رماد الأيام ودخان القلب.
هذا هو أنا، رجل، طفل، ساذج، مشكك، حقود، متعب، طيب، منهار، بسيط، حاد، نزق، مهادن، متهور، معقد، حزين، وحيد، محب، مبادر، مستسلم، رجل التناقضات الصعبة. هذا أنا وحيد ومنفرد وبلا أحد.


هذا أنا أعلن اعترافي، منسحبا-كالعادة- ببطء إلى القرارات المكتوبة لي، القرارات المعدة لي، القرارات التي تأتيني فألتقطها خائفا وقابلا.

 

أضيفت في 14/06/2006/ خاص القصة السورية

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2021  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية