المرأة في صياغتها البغداديَّة (قصيدة)
الإهداء إلى زوجتي سناء الرّبيعي المحاصرة في بغداد
عزيزتي بكلّ أريحية البيان المسطّر في روحي
نقطفُ شَطْرَ بغدادَ قبلَ يباسِ الكونِ
على شاطئ الرّصافة نجمعُ القطراتِ
من حريق النّفس إلى حريق الوطن
كي يفرح القَدر بما يمنحُه قلَمي من ثَرْثَرة
أو بما يمنحه قلمي من كَسَلِه إلى عالم مليء بالتّصفيق الرّاكد
التّصفيق الماجنُ يعلو صهوةَ التّاريخ
وعلى خاصرتِكِ أشدُّ التوأمينِ كجدائل الحكمةِ
من ديار بكر إلى البصرة
أنتِ أيّتُها الملكةُ اسندي رأسَك إلى كتفي
اسندي جناحَيك إلى ألمي
ليبدأَ حريقي في سؤالِه الجنوني عن امرأة صاغت أفقاً غامضاً
ليبدأ قلمي في التّلاشي على سطحِه غير المرئي
ومعه غابتْ فاكهةُ السَّعادةِ الأولى مع أنثَى
انتشلتْني من عميقِ النّسيان لتدوّنَني في واجهة الحضور
وثمّ تضعني ثانيةً خلفَ لون النّسيان الأبدي .
بحثتُ طويلاً عن برزخِ الحبّ فوقعْتُ في أديمِ السَّماء
أسيراً لامرأة تقذفُني من العَدمِ اللاهفِ إلى الولادة
إلى وجودٍ متلّهفٍ للموت وفقَ مقاديرَ تبحثُ عن ذاتها
وأنا أبحث عبثاً عن تيهٍ غابَ في محنتِهِ
لأنِّي هذا القدرُ الإشكاليُّ القَلِقُ المتحالفُ مع الكلمة
لا أجدُ وسادةَ السّكون لأفرّغ هذا التّرحالَ الشَّرهَ على أكتافِها
ولا أجدُ ظلّ الأنثَى النّديّ لأعرف
هل أنا برهةٌ في تكوينِ الزَّمن المنفلتِ من مسارِهِ العَائمِ ؟
فأنا ذلك التّيهُ المنقلِبُ على أرضٍ
تدكُّها سنابكُ القادمينَ من مجاهيلِ الغوايةِ
غوايةِ المعرفة بحقائقِ الكونِ
بثبوتِ الاقْتدَار في فَلََك المخيال
أنتِ تلك الخارقةُ لذاكرةِ كلماتِي
تلك التي تهطلُ بعنفٍ على قراءاتي لجرحِ الحبّ
أدميتِ مساحةَ اللهفةِ الفاصلِةَ بينَ
ذُؤابةِ الرؤيا وطغيانِ العماءِ
أنتِ لسْتِ سوى بغدادَ تبحثُ عن صعودِها
لسْتِ سوى بغدادَ في عناقها لنهر الموتِ
غادرتْها أسرابُ الحَجَل مع الغمامةِ
وسكنتْها أفواج الطّيورِ الجائعة
في جنباتها تختنق أنشودة أنشودة سومر
أنتِ ترسمين لوحة فكّ الأبجدية
وغابتْ لوحات جلجامش في بحثه المضني عن عشبة الخلود
لا جداول لبيانها
ولا لغة لسحرها
ولا رحمة لمن يقع في محرابها
تعالي بحق دِجْلةَ يا أميرتي
تعالي فأنت حبي
بطهارة السماء
---------------------
صبري رسول كاتب وقاص سوري مقيم
بالسعودية
|