رسالة إلى طيف
رجل......
مسكين أنت يا صديقي...
تائه في زمن أحذيتك..
تزوبع في لج ّ عميق
تلطم الجدار فيتلقاك الآخر....
عذراً صديقي المتوازن..!
عذراً من وطن أنت ثمرته
من كلمات أنت فارسها
من دماء طاهرة، ونطف سماوية
أنت امتدادها...
تهرب؟!!
عن المواجهة تجبن
أهذا ابن أرض أغدقت طهرها
أشربته للجذور؟!
عذراً منك يا رجلاً مسكيناً
في حلقة مفرغة يدور..
عصمت نفسي كثيراً عن صفعك..
لا لشيء، إلا لأني أحترم نفساً
تلاقت بك مرة.....
لكن ...بدا أنه لا بد من الصفع
سيما أنك بضعف غريب
كل الأبواب والنوافذ أوصدت..
وحشوت كل الثقوب.....
أستميحها عذراً، نفسي
وأتوجه إليك ....
فما اعتدت سيدي أن أحاصر الآخرين
ما اعتدت تضييق الخناق....
فحريتي أغلى ما لدي ...
ونفسي أرقى من أن تنحط إلى دونية
في موقف أو شعور....
فرصة خذ لنفسك واسألها..
لم الإلحاح في الاتصال...
فما أنت صديقي المسكين
قدرت أن تضيف شيئا ً إلي..
إنما هي كلماتك وراءها تتستر
غافلاً أنها لا تظلّ إلا ذاتها....
واهية هي صديقي ....
كخيوط العنكبوت... مهما حاولت..
وبما أنك سارعت وأحكمت الإغلاق ...
فلا بد من أن أسرّ لك لم الإلحاح في الاتصال..!!
أمر بسيط ... فأمانة لي عندك أحتاجها
وما أحب تحويل الأمانات إلى هبات....
فلتجد طريقة ترد بها ما اؤتمنت عليه ....
ولتغفر لي إلحاحي .. وإزعاجي...
وإلى روحك تلفت قليلاً..
واشتر لها رصيداً من الرجولة...
لكن الرجولة صديقي أصعب من أن تشترى
أو توهب...
الرجولة حصن وسيب عطاء...
امتداد لجذور غرسناها مرة وحلمنا أنها
امتداد لنا ستكون....
عذراً ..صديقي....
فأنا مدركة أنك فارس من فرسان الكلمات
وما أنا إلا شبح نقطة في ميدان فروسيتك.
ولا بد أن ابتسامة ضئيلة ...
فوق شفتيك خطرت...
وأنت ترشح بنقاط حر وفي .....
وأنا أكيدة أن ذكاءك العظيم .....
ذات مرة أنبأك ....
أني من ثقب خفي
جدرانك الصماء سأدخل ....
لأمانتي ... أسترد .....
أضيفت
في 04/02/2007/ خاص القصة السورية /
المصدر الكاتبة
محطتا دفء ..
المحطة الأولى
أناخت عن ظهرها يوما متعبا..
تلفتت حولها.. اشرأبت بعنقها الصامت..
يوم كغيره من أيام حزنها وانفرادها.. مع النفس، مع الأشياء..
مع الذاكرة.. وحطام الأنين..
***
غداً يوم جديد
في رحلة مع العمر لا تنتهي..
رحلة باتت تكرر نفسها منذ سنوات طوال..
الضجيج نفسه في انتظارها غداً..
الطريق الصامت المتلوي
كأفعى تتمطى لتسلخ جلدها،
في كل منعطف وامتداد..
ناجتها نفسها مواسية:
ليس أجمل من إطلالة صبح لطيف
ينفض عن عينيه غبار الكسل ويدعو البشر
إلى عراك الأيام
والأقوات، والأحلام..
غصّ قلبها للحظات في أحضان الكسل، والرفض..
إلام ؟؟
إلى متى هذا الاجترار مع الأيام والأقدار؟؟
لكن وجوهاً شقية.. عابثة.. بالضجيج حيناً
بالتمرد حيناً
بالصراخ أحياناً ..
تطاولت تزاحمت أمام ذاكرتها..
أنت يا"روضة" ارمي اللبان من فمك..
و"شهد" يا سمراء العراق
المكلل بالغد..
كم مرة كررت عليك.. ارمي اللبان..
وأنت "لارا" العابثة ببراءة الأيام..
يأبى فمك إلا أن تتزاحم فيه ألفاظ العجمة إلى أن تغلبه؟؟
"هنادي" أيتها الرائعة..
كم أسعد لإحساسك بوجودك
بعد طول نسيان..
و"حنين" الأيام إلى السلامة..
ما بك كأنك أبيت إلا الانخراط في خضم العبث ؟؟
***
ازداد تزاحم الوجوه الحبيبة..
هناك احتجاج..
" ديمة":
وأنا يا "مس" ؟
ونحن..
عشرات الأصوات تعالت باحتجاج تجلى تارة،
وتخزن في القلوب أخرى..
***
تسارع نبض قلبها:
هدوءاً.. الزمن الهدوء فلست آلة..
ما أنا إلا كائن بشري من لحم ودم..
ليتكن تدرين ما أصبحتن في عالمها
الموحش المتكرر
كل يوم..
غاب طيف حبيب إلى روحها..
لتحل محله أطياف وأطياف..
***
سألتها أقرب الناس إليها
في لقاء ليس بالبعيد:
"لقد تغيرت.. لست من كنت ؟؟"
رنت إليها بعينين سبقهما القلب إليها:
ليس تغيراً ذاك غاليتي..
بل رحمة
ممن اعتاد أن يغدق رحمته على عبد
ألقاه ذات مرة في رحاب الأرض،
وقال له اسع..
ولا تنس أنني هنا
أرقبك بعينين لا تعرفان إغفالا..
***
غاب طيفك عن العين.. غاليتي..
ذاك مصير
أو لحظة اختبار..
رحمة من رب لا تغفل عينه أبدا
أزاح طيفك قليلاً..
فاشرأبت آلاف الأطياف
تبرد ناره، تهدئ لوعته
***
هدأت نفسها حينذاك..
وراحت تعد ما سترتديه
ليوم جديد...
المحطة الثانية
من قال إن الصغير يظل صغيرًا..
اشرأبت الأعناق والعيون الشقية البراقة..
مزيج من الصبا.. التمرد،
وطفولة تأبى إلا
أن تلوح وراءهما..
حقاً لم يكن في توقعها أبداً ما حصل..
هل تراه أخطأ الحمداني حين قال:
"وفيت وفي بعض الوفاء مذلة" ؟
لا يمكنك أن تعطي يوماً
إلا وتجد الزرع ينمو..
والوفاء والعطاء أكثر فأكثر..
وفاء رائع لاح في تلك العيون الجميلة..
تلك الأرض ما أطيبها..
ما أجودها..
أصنافاً من البشر أعطت
بعيون لوزية وأخرى زمردية..
***
هدأ الضجيج المعتاد في كل يوم..
قوبلت كلماتها بصمت مهيب،
بإنصات عجيب..
"لم كل ذاك الحزن معلمتي ؟"
"هل تعانين من الوحدة،
من الانفراد،
من العزلة بعد سفر ابنتك ؟"
"هل ينعزل المرء عن الدنيا إذا أراد أن يكتب ؟"
وأسئلة أخرى غدت مداً جهدت لإيقافه..
***
من قال إنكن صغيرات
يخطئ من لا يرى الصغير
بأبعد الآفاق..
يخطئ من ينظر إلى تمرده بضيق
أو استغباء..
أجمل اللحظات تلك حين يثور الضجيج
والنقاش
يفتح آفاقاً من الحب أرحب
آفاقاً في سماوات لا تعرف لها حدوداً..
أهو قلبها المتفتح للحب دوماَ
أم هو حبهن طغى وجمح
مدّ جسوراً وفرش ورودا ً
ورياحينا..
|