أنّى هربتِ
تقطّعت خيوطُ الدمية
فهوتْ في المطار الغريب
حيث الوجوه حياديةٌ
والنظرات لاهثةٌ وراء لوحة المغادرة
*
* *
تُرَكّبُ الجُمَلَ
يسحبُ الضجيج رجفةَ الصوت
تعيدُ الكلمةَ مرتين
تغيّرُ لحنَها
تعوِجُ لسانها
تتلقى لوناً باردَ الزرقة
وهزةَ رأسٍ صماء
*
* *
الانتظارُ يحصي سُبحةَ الوقت
من البدايةِ ويُعيد
والرقبةُ الملتويةُ طيلةَ التحليقِ
تسند حملها بالنافذة
تشدّ أنفاسَها شهوةُ التبغِ الممنوعِ إلاّ..
في الزوايا والعراء
*
* *
رجلُ المطبّات
تغبط نومَه المتصل
وشخيرَه الموزون
وجذعُ رقبتِه الفتي
يشفُّ عن نسغِ الأوردة
تأكدَتْ أنّ لآدمَ هيئةَ الإله
وهذا المقعدُ الذي يضيق
لو أنه بلا ذراعين
لتلقيَ على كتفِ الغريبِ رأسَها
وتستعيرَ من هدأته إغفاءة
*
* *
تصاعدَ صوتُ الوصول
نهضَ موقوتاً بالنشاط
استلَّ الحقيبةَ واختفى
كان ينظر إلى الأعلى لاشك...
لم يلحَظْ أحدا
* * *
الترانزيت وقتٌ ضائعٌ
أطعمةٌ باردة
ووجوهٌ بصفرةِ الغثيان
*
* *
ناداها هاتفٌ حنون
سكبت في مسمَعِهِ متاهتها
ندمَت هروباً بلا جدوى
فرغم المسافة تبكي إليهِ
ومازال يربّتُ حيثُ لا
تهدأ
* * *
مطار هيثرو 2003
حنين
لأنني أنشودة الظّلِ
وأنت الصدى البعيــــــدُ يتردد وحده
في ردهات الخفاء
حيث الحواسّ كلها كفيفةٌ
والروح تتلمّس دربها إلى الروح ..
* * *
أسبلتُ الخيالات المترادفة في الانعكاس
(كقافية قصيدةٍ معلّقة)
وبعثرتها كعلاماتٍ موسيقيةٍ على سلّمٍ
يتصاعد كالوجدِ سمعاً..
ولا طاعةَ لقلبٍ عاشقٍ
يتهوّر في معصية الاتزان.
* * *
هنا..
وفرةٌ في المسافات المبحرة زرقةً
والجبال تجبّرت خضرتها
سدراً يعبق بالشموع
خشباً يشتعل بالأرز
سرواتٌ، صنوبراتٌ وبخور ريحٍ باردة
* * *
وهنا..
قاربٌ يشق الماء شقا
وبطرُ الماء
* * *
هنا.. تحديدا في الوسط
والغابة تنشدني ظلاً على الماء وظلاً على المدى
تردد صداكَ صحراااااااااااء
وعصفتَ..
كرمالِ موجٍ
كحنين خيمةٍ شريدة
* * *
هناك..
في العطش
كان لكل شيء معنى
للقطرة.. للارتواء
للغةٍ تزاحمُ القلبَ
لحلمٍ أخضرَ يورقُ في النوم
للعرق يبلل رسائل الفجر القصيرة
* * *
فرزنو، كاليفورنيا 23/7/2003
|