ليتكِ كنت معي
هي وأنت وأنا
الوقت قريب من رأس السنة وزوجتي إلى جانبي تحلم والجدران تضغط علي ...
منذ ساعات عدت من الفرات، حيث ودعني أهلي وغبار كثيف ...!
في الطريق حاولت أن أستمتع بمنظر الأغنام النافقة والرمال الهائمة في
البراري ...
المظلة السوداء المغبرّة ترقد على الحائط وتوحي بالكآبة ...
قررت فجأة أن أستبدل بها مظلة ملونة !
: جدير بالمطر أن أستقبله بمظلة ملونة ...!
وضعتها فوق رأسي وخرجت أهيم في الشوارع وأمشي بحذر كي لا تخبط قدماي
بالأوحال
فتعلق ببنطالي...عندها زوجتي ستتهمني باللامبالاة ...!
رحت أستمتع بالمطر كأن لا أحد بجانبي ...!
ثم أبعدتها عن رأسي:جدير بالمطر أن أستقبله دون مظلة !
جميل أن أحملها بيدي وأدخل الكلية وأحدّث الطلاب عن جماليات المطر
...
حيث يكتشفون أن أستاذهم محترم و( ابن عيلة ) لذلك يحمل مظلة ملونة ...!
أول ما أعود إلى البيت سأنفضها عند الباب وأنشرها بجانب المدفأة ...
ثم أنشّف وجهي وشعري المبلل ... وأشكو لزوجتي غزارة المطر ...
وإن لامتني على الأوحال سأقول لها: إن الذين يركبون السيارات لا يهتمون
بالمشاة ...
ومع أنها لن تسألني أين كنت إلا أنه لا مانع من أن أُهَمهم : استمتعت بما
فيه الكفاية بالمطر ...
وفعلاً لما رأتني زوجتي أنشف شعري نظرت إلي مذهولة ، وقبل أن تنطق بادرتها:
ما أجمل المطر يا حبيبتي... ليتك كنت معي ... لم أرغب بقطع نومك
...لا تنزعجي بشأن البنطال ؛ أنا سأغسله ... وهرعت نحو الباب
...فتحته ...ثم عادت بسرعة 00وهي تنظر مذهولة ...وأنا أكرر:
ليتك
كنت معي كان المطر جميلاً !
العازب
هو وأنت وأنا
متذمراً من حالته يقول : أخصب مرحلة في حياة الرجل مرحلة العزوبية ...
أولاد ...مطالب ...زوجة ...لزواج يقتل المواهب ؛ نصيحتي لا تفعلها
قبل الأربعين ...!
أبتسم موافقاً خشية جرح مشاعره ...مع أنني أخاف فضائح ما بعد
الأربعين !
يقول : ليتني لم أتزوج!
أرأف بحاله وأدعو الله ألا يرزقني بزوجة مشابهة لزوجته ...
فجأة ...غاب ...سألت عنه ...طرقت بابه ... سمعت أصداء
حشرجته ...بعد قليل فتح الباب ...
شحذ ابتسامة متعبة على ملامح وجهه :
تزوج باكراً ياصاحبي ... فالقطار إن فات ...فات !
لا أزال عند وعدي !
هي وأنت وأنا
حسناً ...أن تتركيني في المهد وتذهبي لتحلبي البقرة قبلتها منك ...
لكن أن تصدقيهم أن ابنك عاقر لأنه بلغ الثلاثين ولم يتزوج فهذه لا أهضمها!
والله سأبر عينيك بأحلى صبية ...
لكن عذراً يا يمّه لن تكون من الأقارب !
نعم أقر بأن من خلّف ما مات لكن ألا تجدين كتاباتي ؟
نعم وعدتك بصرة زبيب إن توظفت ...
بلغتِ السبعين ولم أتوظف ...
أذكر هذا.. ثقي أنني ...
جيران
هو ونحن
بقينا متجاورين ثلاثين سنة،
وقت يتصادف دخولي البيت مع وجودها عند الباب تهرع فتدخل ،
يوم أسأل عن شيء يخص البناء تجيبني من خلف الباب،
وحين تزورنا تخفيني زوجتي خلف الباب.. لأن جارتنا تخجل من رؤية الرجال
جارنا عكسها،ما إن أصادفه حتى يسلم : مرحباً يا جار
لم تسمح لنا الظروف أن نتعارف أكثر
لما دهستها سيارة كانت مفاجأتي كبيرة فزوجها الذي يتقبل العزاء غير الرجل
الذي كان يبادرني:
مرحباً يا جار ؟
|