أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | إصدارات أدبية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 15/08/2024

الكاتب: صالح السهيمي-السعودية

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتب

بطاقة تعريف الكاتب

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتب

 

من مواليد مدينة جدة ( السعودية ) عام 1974م .

معلم لغة عربية / تعليم جدة ومشرف ثقافي بإدارة الثقافة والمكتبات .

نشر العديد من القصص فـي الصحافة المحلية والعربية .

محرر ثقافي بجريدة اليوم بمكتب جدة .

ص . ب : 124288 جدة 21342

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتب

عودة البحري

 أغنية هاربة

 

أغنية هاربة

   

(أرجع يا كلّ الحب)   

 

ترددها والدتي الحنون قبل غروب الشمس، والأفق يتشرب الدماء والشفق يسدل أهدابه برفق على القرية الحالمة. تناهى إلى أذني أن والدتي ابيضت عيناها من بكاء أعنيتها  الهاربة. تساءلت نفسي ذات مساء كئيب عن العودة والحنين إلى (أغنيتي) التي لا تفتأ تذكرني بمَن ابيضت عيناه للحزن والألم .

أتذكّر الآن جيداً اختياري (المنفى) قبل أحد عشر عاماً هربت من حسد الأرض واغتيال الأعشاب الذابلة . أحد عشر كوكباً تهاوى إلى الأرض ، تجرعت بها هموم الغربة ، سئمت الاغتراب أو أن أكون نائياً عن ( أغنيتي ) التي تعلمت منها أجمل ما يكون عليه الغناء, وبالغناء نغسل عناء الفقر .فهي طالما كانت تردد ( لولا الأماني لم يعش الفقير ).

-آه يا فقر المشاعر.

-آه يا حسد الحساد .

أتذكّر عندما لحقت بأول قافلة تسابق الريح, فقد كانت تبعث على الكآبة والإحساس باليتم. مطلقاً العنان لنظرتي المخترقة أفق السماء، والغيوم تقترب من رأسي الصغير، والقافلة تنحدر من أعالي الجبال. انتابني وقتها شعور بأن الأرض تميدُ بنا. وتهتز طرباً وتقذف بنا إلى أرض تنتشل الرجال، وتنطق بالمجد والسؤدد، ولا تجد فيها غرباناً ناعقة.

-آه يا فقر المشاعر .

-آه يا ...

المنفى هنا جميل وأغلب من يقطنون به يعيشون بسلام . أضاجع وحدتي , وأتدثر بهمي الذي غدا شبحا يفسر أحلامي الباردة , وكأن الطير تقترب من رأسي لتشرب من كأس وحدتي الآخذة في صقيع مهول, وزمهرير المشاعر يطوح بالخوف عاليا.

-آه يا فقر الهروب.

-لا أريد أن أمكث في وحدتي خالي الوفاض .

تساءل خالي :

-متى العودة ياعزيزي ؟

-العودة لمن ؟

ومدن الثلج تخيم على مشاعري الباردة . ولكنها أغنيتي لابد من  تقبيل يدها , وخدها , ورأسها , وما تبقى من جسدها .الأغنية المتدفقة في ذاتي . فقد رآها الطبيب تجري في عروقي الذابلة .

عزمت على العودة لأغنيتي ولأرضي التي آثرت أن تقذف بي إلى أرض أكثر عطاءً ونجابة.

تبقى دون عودتي أحد عشر يوماً وخالي متضجر مني يستعجل قدامي بالمسير جنوباً.

-أنا لا أستطيع أن أمكث أحد عشر يوماً هنا.

-وما العمل يا خال؟

-يا ولدي اشتقت إلى القرية وبيادرها.

خطر ببالي أن أعطيه ( ثوبي القديم ) وحقائبي لتنوب عني، في اليوم التالي طار إلى الجنوب، جنوب يتغلغل في داخل المرء إلى درجة إقصاء الذات، ومدغدغاً أحاسيسي بالبكاء. لم أودّعه ولم تلتقِ العينان. وغاب في الأفق. و للأفق وجه مخفياً في عالم الاغتراب، لا يظهر إلا عند اختفاء العزيز إلى فضاء الحب المليء بالأحزان. سكن الليل وداهمتني (حـمّى المتنبي) لتتضافر والألم بداخلي، ومع إشراقة دفء الصباح يتدفق إلى أذني صوت مؤنس وحدتي مؤخراً في الهاتف :

-يا صباح الفل والكاذي .

-يا صباح الجنوب – وحمداً لله على سلامتك .

-كانت رحلة موفقة .

-كيف والدتي ؟

لفه الصمت قليلاً , وداهمتني نوبة أقفلت على إثرها  سماعة الهاتف . وعاد مجددا وهاتفني وقال جذلا : 

-ارتدّ بصرُها عندما ألقيت بثوبك على وجهها . 

سمعت أغنية مازالت ترن في أذني تعيد شريط الذكريات أمام عيني المتعبة من الترحال والمنفى . وها أنا أشعر أنَّ أغنية تمزقت بداخلي . مزقتها السنون الباردة !

ارتعشت يدي كأنما تجمدت الدماء بداخلها واقشعر جلدي لتسقط سماعة الهاتف وصوت خالي يهوي ببطء إلى قعر بئر مظلم .

 

 

 

 

عـــــودة البحــــــري

                        

 

( لذلك الأسمر الجنوبي القادم من وحي الذاكرة)

 

يرتدي بدلته البيضاء الأنيقة ، يحزم حقائبه استعداداً  للانطلاق ، يستعجله صديقه حسن ، بينما قدماه  بطيئتان كأن بها لزوجة  طينية ، يخرج إلى صديقه القابع خلف مقود السيارة كجمرة صيف ألهبها النار !!

ينطلقان إلى القاعدة البحرية بسرعة جنونية ، ليدرك حسن ( صَفةَ الصباح ). يصلان قبلها وإبراهيم الجنوبي متضجر من قيادة زميله المتهور ، معاهدا حسن (الأهوج) ألاّ يستقل ّ السيارة معه بعد يومهم الحافل بالمفاجآت القلقة ، كالتي تحدث في الأفلام الأمريكية  "هوليود " . تنطلق صفارة القائد ؛ ليستعد الجميع لصعود السفينة . متجهون إليها كجيش من النمل الدؤوب . يعتلون متن السفينة   البيضاء ؛ و ( صفارة ) أخرى تعلن الرحيل في عرض البحر . يتساءل إبراهيم عن العودة ، بسؤاله الذي يتبادر إلى ذهنه كل مرة يصعد فيها إلى السفينة .

-متى أمرغ جسدي على الشاطئ ؟

اليابسة تعني له الحياة ، وغالباً ما يشبهها ببيضة ( الرخ ) . والشعور بالموت يداهمه كلما ركب البحر . ترك لعينيه العنان متأملاً بياض كل من حوله . يبتسم ببرود لأحمد المنزوي بجانب السارية ، ينظر باتجاه البحر الأزرق والسفينة تمخر عباب الموت ، تتجه شمالاً في صعود رتيب ، الشمال الذي لا يحبذه من عشق رائحة الجنوب المعطرة بعبق الكاذي والشذاب والشيح . وأشعة الشمس تتقلب على صفحة الماء تشعل البهجة والانتظار بأن يعود يوما إلى ملامسة التربة . وأخذ ينتقل من غرفة إلى أخرى إلى أن وصل غرفة المتابعة ليتفقد الكهرباء ، وبمجرد الانتهاء من عمله ، صعد إلى أعلى السفينة مستمتعا بالقمر عندما هبط ليله وأرخى سدائله الداكنة . الرطوبة تتسرب إلى ملابسه الداخلية ، أشعل سيجارته وأخذ يطرب للقمر بغنائه الدافئ كقاع البحر .

والحزن يستمطر روحه بالكآبة ، ينتابه شعور بالقلق في كل مرة يصعد فيها السفينة ، قرر هذه المرة أن يجري قرعة ، فأخذ ينتف شعر ساقيه وهي عادة عنيفة استمرأها عند مضاجعة القلق ، مرة يبقى ومرة يتخلى عن وظيفته وبنتف الشعرة العاشرة قرر أن يتخلى عنها . تذكر خطيبته عندما ارتقى بنظره إلى القمر ، اعتدل في جلسته ليشاهد صديقه نوح مبتسما له الذي انفجر ضحكا من عبث صديقه أبو خليل وكأنه يخبئ ( علما ) أغبر !

-ما الذي أصابك يا نوح ؟

-اثنان ..

-ما هما ؟؟

-عذراً يا أبا خليل ، فتشت حقيبتك فوجدت سروالين وثوبين .... وأخذ يضحك ضحكه الهستيري مرة أخرى .

-هي عادتي عندما أصعد السفينة أحمل زوجا من كل شيء احتاج إليه .

-ولكن لماذا ؟!

-أعتقد أن لا دخل لك بهذا يا ملقوف ! .

نهض نوح حاملاً أذيال الخجل ، ليتمدد إبراهيم على ظهره مستمتعا بالغيم الذي يحجب القمر وأشعة خجلى تنبثق على استحياء متخللة الغيم ، متخيلا الشاطئ واليابسة ، وفجأة يصيح بأعلى صوته :

-يا قبطان الجبل !!

-جبل الماس !!

وما هي إلا لحظات و تنحرف السفينة إلى اتجاه أخر غير ما كانت تسير فيه , سرت الطمأنينة في داخله ، نظر إلى مكان القبطان فلم يجده ، تعجب من غموض السفينة !!!

ثم تساءل عن تحريكها .

أتى إليه حسن ليوقظه من غفوة استسلم إليها  متسائلا عن الكابوس الذي رآه .

-ما الذي رأيت ؟

-خير أن شاء الله !!

وسرد له ما رأى ، ثم تناول زجاجته وأفرغها بداخله و أشعل سيجارة وأخرى و انطلق لسانا يعزف أحلى الأغنيات البحرية والمواويل الدافئة . يغني للبحر ويبكي مشعلا  بداخله تناقض الإنسان وتناقض الماء واليابس . حاول أن يقذف بنفسه من أعلى مكان في السفينة . يلوم كل من حوله  حتى حسن ونوح أعز صديقين له  في السفينة . ويشتم القائد بألفاظ تقشعر لها الأبدان . أفرغ صديقه قارورة ماء باردة كانت بجانبه على رأسه ليفيق مما كان فيه هوس الشرب !

أدخله غرفته واستسلم لنومه العميق ، تكوم على ذاته في لحظة الوحدة وكآبة اليتم ، وفي اليوم التالي لاحظ القائد أنه مازال نائما ولم يحضر غرفة المراقبة الكهربائية حيث يعمل ، دخل  إلى غرفته وهو نائم ، لكزه بقدمه وهي عادة الكثير من الضباط الغجر، انتبه إبراهيم ، نهض ببطء مقدما له التحية ، طلب من إبراهيم أن يبدل ملابسه ، ويلحق به على متن السفينة ، وما هي إلا  لحظات ويلحق بالقائد إلى أعلى  مقدما له التحية العسكرية مرة أخرى . وبينما القائد يوبخه تراءى من خلفه الشاطئ انسحب ببطء والفرح يدب جسده تاركاً خلفه القائد ، وصوت آمر يطلب الامتثال بين يديه ، هبط إلى الشاطئ مخلفا وراءه كل ما له صلة بالبياض . وصخب البحر . وضجر البحرية  مطلقا قدميه للريح .

 

أضيفت في 12/11/2005/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتب

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2024  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية