هو نظير بن عيسى زيتون وُلِدَ في مدينة حمص سنة 1896(1) وتلقّى دروسه
الإبتدائية والثانوية في الكلية الأرثوذكسية ثم في الكلية الإنجيلية.
وفي عام 1914 سافر إلى البرازيـل وقصدَ ولاية (ريو كرندي دوسول) واشتغل في
التجارة سنين قليلة وكان خلالها يُطالِع ويدرس على نفْسه قواعد اللغة
العربية حيث كان ميله للأدب أكثر من التجارة، وقد دشَّن حياته الأدبية بنشر
رواية (ذنوب الآباء) عام 1922 وكان عضواً في (العصبة الأندلسية) التي
تأسسّت في سان باولو عام 1932 وركناً من أركانها ويبرز إسمه في كل عدد من
أعداد مجلّتها.
وتعرّف في سان باولو على الشيخ رشيد عطية صاحب جريدة (فتى لبنان) فاستلم
رئاسة تحريرها عام 1927 وبقي يعمل فيهاحتى احتجابها عام 1940.
كان خطيباً للنادي الحمصي بسان باولو لمدى عشرين عاماً حيث رافق نشاط
النادي في توجيه الجالية توجيهاً قوميّاً مثاليّاً . وقام بزيارة بعض
جمهوريات أمريكا اللاّتينية خلال وجوده في المهجر ، وعاد إلى الوطن زائراً
عام 1950 ومكــث في حمص حتى وافــاه الأجل يـوم السبت في22/7/1967 إثْرَ
مرضٍ عُضال.
كان من بين المشيّعين رؤساء الطوائف والدوائر الرسمية بحمص وأبناء الطائفة
والأمير جعفر الحسيني أمين سر مجمع اللغة العربية بدمشق وممثِّل المجلس
الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الإجتماعية الأستاذ أحمد الجندي الذي
رثاه في كنيسة القديس إيليان يوم تشييع جنازته.
وأقام نادي الرابطة الأدبية بحمص حفلة تأبين بمناسبة مرور 40 يوما على
وفاته حضرها وزير الثقافة، محافظ حمص، الأستاذ وديع فلسطين من القاهرة،
الأستاذ عبد الله يوركي حلاّق صاحب مجلّة (الضاد) بحلب، الأديب زكي
المحاسني, كما بعث الأديب ميخائيل نعيمة برسالة يعتذر فيها عن الحضور
وبكلمة ألقاها عنه الأستاذ فالح القاسم كما حضر الحفلة كل من الآنسة نهاد
شبّوع ومحي الدين درويش وعبد المعين ملّوحي وغيرهم من أدباء وأهالي حمص،
وكان عريف الحفلة الأستاذ عدنان الداعوق وأُلقيَت فيها قصائد وكلمات
تضمَّنت حياة الفقيد وأعماله الأدبية في المهجر والوطن . وأقرّت مديرية
التربية بحمص تخليده بتسمية إحدى مدارسها باسمه: (مدرسة نظير زيتون للتعليم
الأساسي للبنات الحلقة 2) في حي الخالدية شارع عمر الخيّام .كما أطلق
المجلس البلدي بحمص اسمه على أحد الشوارع في حي الإنشاءات.
كما أقام النادي الحمصي في (سان باولو) حفلة تأبين كبرى لفقيد الأدب نظير
زيتون يوم الخميس في 9/11/1967 حضرها عدد كبير من أدباء المهجر:
الياس فرحات، نقولا معلوف، البير شويري، أنطون جراب، أسد موسى، نبيه سلامة،
فيليب لطف الله وغيرهم وحشدٌ من أبناء المهجر.
وأُلقيَت فيها الكلمات والقصائد تُذكِّر بحياة وأعمال الفقيد.
وقال الشاعر فيليب لطف الله (رئيس جامعة القلم) في حفلة التأبين قصـيدة
بعنــوان: (ما لمثلك من نظير) نقتطف منها الأبيات التالية:
نظيـر ما لمثلك من نظـير إذا مشَت الحروف إلى السطورِ
أديب مغرّد الأسلوب طـلق متين السبك منقطــع النظير
سجعْتَ فكان للألحان وقـع تغلغل في الضمائر والشعـور
نثرْتَ فكان نثرك نــثر دُر فريــد كاللآلىء في البحـور
صعدتَ إلى ذرى الآداب حتى بلغتَ المجــد في جو النسور
جزاك الله في الفردوس خيراً فدار الخــلد للبطـل الخطيرِ
كان نظير زيتون عالماً وأديباً وكاتباً ناضج التفكير وطليّ التعبير يُعَدّ
من أمراء البيان المنثور لا في المهجر فقط بل في الوطن العربي أيضاً وأحد
قادة الحركة الفكرية القومية في المهجر الجنوبي كان أسلوبه في الإنشاء زاهر
عاطر يقوم على أصول متينة من علوم اللغة وينضح أدبه بثقافة واسعة وتفكير
عميق ، محلّل جريء له نظرات نافذة في شؤون الفكر والعقل والعلم، صحفي حر
الرأيء عفيف الكف ، خطيب مسبوك اللفظ أنيق العبارة والتركيب حلو الصوَر
والتشابيه .
من مؤلّفاتـــــه:
ذنوب الآباء، رسالة في إستقلال البرازيل، سقوط الإمبرطورية الروسية، هيرودس
الكبير ،يسوع المصلوب، من وراء القبر، في ذروة الوطنية والإنسانية (الميتم
السوري بسان باولو)، الشهيدان الزهراوي وسلّوم، روسيا في موكب التاريخ،
الشعلة وهي دراسة للمنبر العربي في البرازيل، كما ترجمَ بعض الكتب إلى
العربية: النبي الأبيض 5 أجزاء، مركيزة سانطوس، أين
الله أو إعتراف إبن الشعب لمكسيم غوركي، إيرلندا المناضلة، الراهب سرجيوس
لتوليستوي، فلسطين العربية: دراسات لكتّاب إنكليز، ومن مؤلّفاته غير
المطبوعة : أحاديث مع المغتربين في العالم الجديد ، عناصر الأدب العربي في
البرازيل ، الشاعر القروي في سباته وسجعاته .
وهذه مقتطفات من أعماله:
لقد كتب الشاعر القروي (رشيد سليم الخوري) ترجمة حياته بيده ليحول دون
تشويه حوادثها ، وإذ بنظير زيتون زميله ورفيقه في سان باولو يعترض على هذه
البادرة فيقول في إحتجاجه:
(إنه لم يولََد في البربارة ( بلدة في لبنان) بل
ارتدى هناك قميصه الترابي فانتسب اليها . ولكنه وُلِدَ مع الندى في الفجر
ومع الأزاهير في الربيع ومع البلابل في الجنان ومع الجمال في نشوة نيسان
وُلِدَ مع الأسطورة في عبقر ومع الأنبياء في الوادي المقدّس ومع الرؤى في
ومضة الروح ومع السحر في أهداب العذارى ، وُلِدَ مع الدمع الأخرس اللاّهب
في غصَّة اليتيم وزفرة المنكوب وعثرة الكريم وكربة المظلوم ، وُلِدَ الشاعر
القروي مع أمّته في شروقها وغروبها ومدّها وجزْرها وخمرها وخلّها.)
المفردات:
(1) ـ وردَ في بعض المراجع: إنه وُلِدَ عام 1900 وهاجر عام 1912 المــراجع
:
ـ أُدباء المهجر: جورج صيدح 1957
ـ تاريخ حمص الجزء الثاني: منير الخوري عيسى أسعد 1984
ـ الجذر السكاني الحمصي ج5: نعيم الزهراوي 2003
ـ أرشيف جريدة حمص
حمص 2/1/
2007 المهندس جورج فارس رباحية
|