ولد محمد بن عبده بن حسن خير الله سنة 1849 م في قرية
محلة نصر بمركز شبراخيت في محافظة البحيرة في مصر، من أم مصرية وأب مصري
تركماني الأصل.
في سنة 1866 م التحق بالجامع الأزهر، وفي سنة
1877 م حصل على الشهادة العالمية، وفي سنة 1879 م عمل مدرساً للتاريخ في
مدرسة دار العلوم وفي سنة 1882 م اشترك في ثورة أحمد عرابي ضد الإنجليز،
وبعد فشل الثورة حكم عليه بالسجن ثم بالنفي إلى بيروت لمدة ثلاث سنوات،
وسافر بدعوة من أستاذه جمال الدين الأفغاني إلى باريس سنة 1884 م، وأسس
صحيفة العروة الوثقى، وفي سنة 1885 م غادر باريس إلى بيروت، وفي ذات العام
أسس جمعية سرية بذات الإسم، العروة الوثقى، قيل أنها ذات صلة بالمحافل
الماسونية العالمية تحت زعم التقريب بين الأديان.
وفي سنة 1886 م اشتغل بالتدريس في المدرسة السلطانية
وفي بيروت تزوج من زوجته الثانية بعد وفاة زوجته الأولى.
وفي سنة 1889 م -
1306 هـ عاد محمد عبده إلى مصر بعفو من الخديوي توفيق، ووساطة تلميذه سعد
زغلول وإلحاح نازلي فاضل على اللورد كرومر كي يعفو عنه ويأمر الخديوي توفيق
أن يصدر العفو وقد كان، وقد اشترط عليه كرومر ألا يعمل بالسياسة فقبل.
وفي
سنة 1889 م عين قاضياً بمحكمة بنها، ثم انتقل إلى محكمة الزقازيق ثم محكمة
عابدين ثم ارتقى إلى منصب مستشار في محكمة الإستئناف عام 1891 م، وفي 3
يونيو عام 1899 م - 24 محرم 1317 هـ) عين في منصب المفتي، وتبعاً لذلك أصبح
عضواً في مجلس الأوقاف الأعلى.
وفي 25 يونيو عام 1890 م عين عضواً في مجلس شورى
القوانين.
وفي سنة 1900 م - 1318 هـ أسس جمعية إحياء العلوم العربية لنشر
المخطوطات، وزار العديد من الدول الأوروبية والعربية. وفي الساعة الخامسة
مساء يوم 11 يوليو عام 1905 م - 7 جمادى الأولى 1323 هـ توفى الشيخ
بالإسكندرية بعد معاناة من مرض السرطان عن سبع وخمسين سنة، ودفن بالقاهرة
ورثاه العديد من الشعراء.
مولده ونشأته:
نشأ في قرية (محلة نصر) إحدى قرى مديرية البحيرة بالريف المصري،
وكان أبوه صاحب مكانة ملحوظة في القرية، وبعد إتمامه للقرآن الكريم أرسله
والده إلى طنطا لاستكمال تعليمه، فعجز عن استيعاب العلوم والمعارف نظرا
لأسلوب التدريس القديم، ولكن أبيه أصر على تعليمه مما أدى به إلى هروبه إلى
خاله الذي أثر كثيرا في حياته، فزرع الزهد والتقوى في قلب محمد عبده وحبب
إليه دراسة الدين، وتحول الشيخ محمد عبده إلى الأزهر فدرس النحو والفقه
والتفسير، ولما كانت طريقة التدريس بالأزهر تقليدية فلم يلم آنذاك بالعلوم
والمعارف الحديثة، ولكن خاله لفت أنظاره إلى أهمية هذه العلوم والمعارف .
وقد التقى بجمال الدين الأفغاني ووضعا معا أسس الإصلاح الديني في
العالم الإسلامي كله.
وكل ما كان يشغلهما من خلال دعوتهما للإصلاح هو يقظة
العالم الإسلامي على مواجهة الغرب الذي يرغب في الاستيلاء على مصادر
الثروات الطبيعية والبشرية في ديار الإسلام الممزقة التي يحكمها الجهل.
لذلك قاما بتوجيه دعوتهما إلى العقل المسلم ينفيان عنه الخرافة
والتواكل والدروشة، ويحررانه من عبودية الشكليات.
مواقفه السياسية:
انضم الشيخ محمد عبده في صفوف المعارضة للمطالبة بالحريات الدستورية
وكان ذلك في عهد الخديوي إسماعيل، وما لبث أن خُلع إسماعيل وتولى ابنه
الخديوي توفيق الذي شعر بخطر الرجلين، فقام بعزل جمال الدين الأفغاني إلى
باريس، واشتدت معارضة محمد عبده للخديوي الجديد، ثم ضد الاحتلال الإنجليزي،
فنُفي إلى بيروت، واستدعاه جمال الدين الأفغاني إلى باريس، وأسسا معا جمعية
العروة الوثقى، وكانت ذات صبغة سياسية، ثم أصدرا معا جريدة العروة الوثقى
عام 1884م وقد كان لهذه الجريدة أثر كبير في العالم الإسلامي ولكن لم يصدر
منها سوى ثمانية عشر عددا وافترقا الرجلان ثانية وعاد الشيخ محمد عبده إلى
بيروت.
ثم عفا عنه الخديوي فرجع إلى مصر.
مؤلفـاته:
رسالة التوحيد.
شرح مقامات بديع الزمان الهمذاني.
نهج البلاغة.
الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية.
أعماله:
تحديث الأزهر الشريف.
إصلاح المحاكم الشرعية.
الرد على طعون هانوتو ورينان ضد الإسلام.
تفسير القرآن الكريم بعيدا عن التقليد، وبما يوافق روح العصر،
ولكنه لم يتم
العمل فيه، حيث وافته المنيّة.
لماذا يعد الشيخ محمد عبده من رواد النهضة في العصر
الحديث؟
لاهتمامه باللغة وتحرير الكتابة من رق التقليد والصنعة ولفظياتها.
الاهتمام بالمعنى والبعد عن الزخارف اللغوية.
تأثيره البالغ الذي أحدثه فيمن عاصروه ومن جاءوا من بعده.
التوفيق بين الفكر الإسلامي وحضارة العصر ومناهجها العلمية.
اهتمامه بإصلاح التربية والتعليم .
تحرير العقول من الجهل والخرافات والأوهام، وملامسة قضايا العصر.
القدرة على تطويع الجماليات اللفظية القديمة بما يخدم الأساليب اللغوية.
لقد انطلق النثر على يد الشيخ محمد عبده انطلاقا متحررا نامية قدراته على
استيعاب حقائق العصر في كل ميدان.
|