مدار الأكدنيا
مسرحية من فصلين
* ـ تجري أحداث المسرحية داخل
مبنى تلفزيون " قوس قزح " .
ـ ديكور المسرح هو ذاته ديكور
ستوديو رقم (2) لإعداد وتسجيل البرامج التلفزيونية ، إضافة إلى إستوديو رقم
(1) الذي يمثل الشاشة
خشبة المسرح قسمان :
1 ـ يسار المشاهد : استوديو
(2) .. نرى كاميرا محمولة ، كرسي المخرج ، مايكروفون ، أجهزة الإضاءة ،
المعدات
ـ نصطلح على تسمية هذا القسم
: إعداد
2 ـ يمين المشاهد : يمثل شاشة
التلفزيون ذاتها وما يُعرض عليها . فيه كرسي المذيع / المذيعة ..
الخلفية : شاشة عرض صغيرة .
نصطلح على هذا القسم : تلفزيون
الشخصيات :
دحـَّام : مُذيع
فانوس : عامل إضاءة
دحدوح : مصور
فدعوس : مذيعة
قحطان : مخرج تلفزيوني
قتيبة : مرشح لوظيفة مذيع
نورا : مرشحة لوظيفة مذيعة
سيزار: مطرب
زغلول : أستاذ علم الإقناع .
سالم : ضابط شرطة ./ ضيوف
الحلقات.. وشباب الإعلانات .
ضيف :
الفصل
الأول
قسم الإعداد : إضاءة خفيفة حيث تجري الأحداث
قسم تلفزيون : إعتام
( مخرج ، مصور ، مذيع ، عامل إضاءة ، ضيف ، فدعوس )
/ نسمع صوت فني الإضاءة وهو يرطن بإنكليزية ركيكة
على الهاتف /
فانوس : نو ( NO
) ... نت هذا شكل بيكوز كمندوز ...
هذا ستريت (
street ) أول ...
مخرج : ( من مكانه المرتفع بعض الشيء ) الأستاذ
المذيع ! ... الأخ المذيع جاهز ؟ أخي دحام هل أنت جاهز ؟ ( المصور
ينادي )
دحدوح : يا أستاذ دحام !
دحام : أيوه .. أيوه .. أنا معك ْ !
مخرج : أنت والأخ الضيف ... جاهزان ؟
دحام : نعم ، نعم ، بالتأكيد .
مخرج : أين الإضاءة ؟ يا فانوس ! ( المصور يعيد
وراءه : فانوس .. )
فانوس : ( وقد أدار ظهره للجمهور ... يشير بيده
ويحمل سماعة الهاتف باليد الأخرى )
مخرج : يا أخي تزوج هذه الفيليبنية وخلصنا !
فانوس : ( في السماعة ) آي سد : نو !! أنا كلام : نت
بيكوز مش على كيفك ! .. وَتْ ؟ ( يبدو أنها لم تفهم ) كيفك ... كيفك ! ولك
مش على كيفك ! وت ؟
مخرج : ماذا تريد أن تقول لها ؟
فانوس : ( يغطي السماعة ) مش على كيفك !
مخرج : ( يفكر ) مش على كيفك م م م ! مش على :
NOT ON كيفك : هاو أر يو
! How are you!
فانوس : ( في السماعة ) : نت أون هاو أر يو آر !! نو
.. نو
الضيف : يا جماعة آسف للتدخل ! ولكن .. قل لها :
My decision , not your mood
فانوس : ولك بس .. بس .. ب أرفش ف بطنك هه ْ !
/ نسمع صوت امرأة ٍ عبر الهاتف :
wolf !! وولف !
مخرج : الحمد لله انتهينا من طق الحنك ْ
الضيف : الله يخليكم .. خلصونا .. أنا تأخرت .
فانوس : يا شباب ! كلمة : وولف من يعرف ُ ماذا تعني
؟
دحدوح : تعني : وليف ، حبيب ْ أو صديق ( يغنيِّ ) :
والله ل َ تبع ْ وليفي واسكن وسط البرية !
مخرج : بس .. بس ! أنت أغبى منه ، البنت سألته :
Gulf يعني هل هو خليجي ؟
.. البنت تريد فلوسا ً Mony
!
دحدوح : والله ما حزرت يا أستاذ ! إنها تقو ...
ضيف : يا أخوان أنا آسف أني أتدخل ولكن .. يعني
اختصارا ً للوقت ، البنت شتمت الأستاذ ! قالت له :
Wolf يعني : ذئب ! ( مخرج ودحدوح ودحام يصفرون )
فانوس : معقول ؟ ليك بنت الكلب ليك !
دحام : ذئب ، وفي التلفزيون يا فانوس ؟ !
مخرج : ذئب على الهواء !
دحدوح : يا لطيف ! على مقاسك يا فانوس ! ذئب : على
القد !
دحام : ولك فانوس ! أين عضضتها حتى كشفتك بهذه
السرعة ؟
( دحدوح يقترب من المخرج )
مخرج : أكيد عضها في ... كتفها !
فانوس : ( غاضبا ً ) بلا تعليق هه !
دحدوح : الأرجح أنه عضها في ( يوشوش المخرج ..
يضحكان .. المخرج يمثل بيده حركة عض وفي نفس اللحظة يتألم دحدوح ويده على
قفاه .. ثم يقول : يا مامي ! ياي ... وولف !!
مخرج : الحمد لله أنك ذئب ولست ضبعا ً أرقطا ً !
دحدوح : أو : سِلْعوّ ! ( مخرج ومذيع معا ً : شو ؟ !
) لماذا تنظرون إلي َّ هكذا ؟ ألم تسمعوا بهذه الكلمة من قبل ؟ إنها السلعو
، يعني : النداهة ... فانوس السلعو !
فانوس : بلا فلسفة هه ْ .. زوَّدتها !
دحدوح : نمزح معك ولا ترين
Train !
فانوس : أخي لا تمزح معي ولا أمزح معك .. مليح ؟
المذيع : في حقيقة الأمر ، أو في واقع الحال ، يبدو
لي ، أو يخيل إلي ، أنكما ، أو الأصح ، ربما زدتما العيار ، أو أثقلتما على
صديقنا ، خاصة وأن ، أو سيما وأن الكلام ، أو الحديث الدائر ، أو لنقل
الموضوع المطروح ، يبحث في ، أو يتحدث عن ، أو لنقل أنه متعلق بـ : خصوصيات
، بالأحرى شؤون ، أو قضايا شخصية !! وإذا جاز لي القول فإن مثل هذه الشؤون،
لو سمحتم لي ..هي في آخر الأمر ..
فانوس : أيوه !! قل أيضا ً ... لماذا سكت َّ ؟ حبيبي
أنا لست مشاهدا ً كي تبيْض َ علي َّ !
دحام : أنا أبيض ُ يا سلعو ! ؟
فانوس : ليتك تبيض ُ ؟ ! كان الناس استفادوا منك في
شيء ! إحدى عشر عاما ً وأنتَ تلوك الكلمات ذاتها , ألم تمل من هذه الحذلقة
المفجعة واللغو المعاكس ؟ يا رجل إخجل من نفسك !! أو بالأحرى : استحي !!
مخرج : بس يا فانوس ! ولا كلمة ! هل نسيت أن الأستاذ
دحام أكبر نجم إعلامي في تلفزيون قوس قزح ؟ بل وفي الشرق !
فانوس : حِزّ !!
دحام : أنا حِزّ يا سِلعَوّ ؟ فتحاسب !! أو بالأحرى
أنا بفرجيك !
فانوس : إركب أعلى خيلك ! أو إذا جاز لي القول :
بلط البحر !
مخرج : كفى ! لا أريد أن أسمع أي كلمة ! . يجب أن
نبدأ , ( إلى دحدوح ) كل هذا بسببك وبسبب السِلعَوّ الذي اخترعته !
دحدوح : له يا أستاذ له ! أنا أخترع ؟ السلعو , أو
النداهة حقيقة واقعة يعرضها الجميع ! إنها تنده عليك باسمك فإذا رددت عليها
فإنها تخطف روحك في الحال : طرااااخ !!
مخرج : العمى ! وماذا تفعل إذا ندهت عليك ؟
دحدوح : أقول لها : " عم أجرشْ بُرغُل " جَرش ...
جَرش ( يُشير بيديه إلى حركة الرحى ) وألف دورة كاملة!
مخرج : لـُفها ولك دحدوح ! لفها وخلصنا !
دحدوح : صدق أو لاتصدق أنت حر ...
الضيف : يا جماعة – يعني لو سمحتم – وقتي ضيق ولدي
التزامات
دحام : خمسُ دقائق ونبدأ
الضيف : منذ ساعة قلت لي : خمسُ دقائق ونبدأ !
دحام : شو يعني ؟ ( فانوس يتنحنح بشكل استفزازي :
إحم ودحام ينظر إليه منزعجا ً ) قل لي ... شو يعني ؟
الضيف : لا شيء والله , المهم أن ننتهي من تسجيل هذه
المقابلة .
دحام : لا !!أريد أن أعرف قصدك ! هل أنا كذاب.. مثلا
ً؟ ( فانوس يكرر : إحم .. إيحم ... إيحم )
الضيف : حاشا لله , أنا لم أقل ذلك
دحام : قل رأيك بصراحة !! ( فانوس يكرر : إيـ يـ يـ
حم )
ضيف : يا أستاذ أنت على الرأس والعين , يا سيدي
أخطأنا ومنكم السماح .. ولكن .. أرجوكم يا إخوان ... لدي أعمال!
دحام : وهل أنا صايع ؟ ! ( فانوس : إي حم ! ) ( إلى
فانوس ) بس ولا ! خلينا نعرف نحكي العمى قلة الحياء! فانوس : ( يرد كأنه
يَشتم ولكن باستخدام كلمة إحم فقط ) : إحمْ ... أحيْم .... الحميْمْ !!
دحام : إذا أعدت هذه الحركة فلسوف أجعلكَ عِبرة ً !
فانوس : جربْ وسوف نرى ! : إيحم !
دحام : ( يهجم عليه ) سوف أريك نجوم الظهر يا فانوس
السلعو !
فانوس : نعرفك !! , مثل الضفدعة , نقيق ع الفاضي !
مخرج : بس يا فانوس !
فانوس : قل له هو
دحام : أنا أم أنت ؟ ها ؟
فانوس : ولك أنا سلعو ؟
دحام : لكان أنا إيْحْ حْ ؟ !
ضيف : يا إخوان إخزوا الشيطان .. ما صار غير الخير
..
مخرج : كفى ! كل واحد إلى مكانه . فانوس عُد إلى
مكانك أستاذ دحام .. لو سمحت عُد إلى ضيفك ( يفعلان ) يالله .. إضاءة ...
يا سلعو !! ... أقصد يا أستاذ سالوع ..أ ... فانوس ... هلا تفضلتم
وأعطيتمونا إضاءة ؟ لو سمحت !
( صمت ) يا فانوس ( صمت ) ... فانوووس !
فانوس : عم أجرش برغل !( دحدوح وفانوس يضحكان )
ضيف : يا شباب كرمال الله خلصوني ! أبوس أيديكم !
عيادتي مقفولة منذ الصباح !
مخرج : طول بالك يا دكتور ! دقيقة واحدة ونبدأ .. يا
فانوس ! روق عيني سنبدأ , حبيبي رُقنا ؟ ... إضاءة
( تزداد الإضاءة على المذيع والضيف ) برافو يا فانوس
... أشكرك . لك يا دحدوح ! لا أرى شيئا ً على شاشة المونيتور !
دحدوح : الخلل ليس عندي , ما الذي حدث ؟
مخرج : أنا الذي أريد أن أعرف ماذا حدث ؟ .. إفحص
وصلة الكابل cable (
يشير بيده ) أيوه .. هذه
دحدوح : إنها موصولة !
مخرج : يا تغذية ! supply
... يا صيانة !
الضيف : يا إخوان أعذروني , ليس تدخل في شغلكم ...
ولكن يا أستاذ دحدوح ارفع الغطاء عن عدسة الكاميرا !!
مخرج : ( غاضبا ً ) ليس شغلك ! ليس لك علاقة بالمصور
... تفضل علِّمنا شغلنا ! أنا المخرج هنا , أنا من يعطي التعليمات للمصور
وغير المصور!!( صمت طويل ) . دحدوح !
دحدوح : أيوه أستاذ !
مخرج : إرفع الغطاء عن عدسة الكاميرا !! كويس , يا
... دحدوح .. الضيف بره ) .. ( الضيف ينهض ويسير تجاه الباب ) ... وين يا
الحبيب ؟؟
الضيف : أنت قلت !
مخرج : يا اخي أنا أخاطب المصور !! الضيف بره يعني
خارج الكادر ! تفضل عُدْ إلى مكانك .. لو سمحت ! . طيب ..
ok تفضل يا أستاذ دحام ...
بروفة بسيطة قبل التسجيل .. يعني هيك ... دردشة سريعة ... ( المذيع يعطي
الضيف ورقة )
الضيف : ما هذا ؟
دحام : فتـُّوش !
مخرج : هذه أسئلة المقابلة يا دكتور .. حتى تأخذ
فكرة ...
ضيف : آه ... نعم ( يتأملها ... ويحاول أن يقرأ ) ..
ليتك .. ليتك تَحرُثنا ؟
دحام : ليتكَ تحدِّثنا !
ضيف : آه .. أسف ( يتابع ) ليتك تحدثنا من أبَرْ ...
عن أسر .. ؟ ما هذه الكلمة ؟
دحام : ليتك تحثنا عن أثَرْ !
ضيف : ليتك تحدثنا عن أثر الـ .... الـ ....
دحام : ( يقترب منه ) دعني أرى ! ( يحاولان القراءة
معا ً .. تدخل فدعوس , لا ينتبهون لوجودها ) .. ليتك تحدثنا عن أثر العضة
في قفا .. قفا ... صَلْ... الـ
ضيف : ألست أنت الذي كتبت هذه الورقة ؟ !
دحام : بلى ! بلى بالتأكيد ! ( يتابع القراءة ) أثر
العضة في قفا
فدعوس : أثر القصة في مفاصل الوعي الاجتماعي يا
أستاذ ! ( يهرع الجميع لملاقاتها , يبقى الدكتور في مكانه , يتقدم دحام
نحوها , يمد يده ليسلم عليها ... لا تمد يدها ... إنها تنظر تجاه الضيف
كأنما تأمره بالوقوف , هو لا ينتبه , يشير إليه دحام بيده ... أن قِفْ ...
الضيف ينهض , صمتٌ طويل . ثم تمد فدعوس يدها كالإمبراطورة , لا يعرفون ماذا
تريد , يبحثون في الأرض ... يرتبكون . هي تصرخ : هات ! ) هات الورقة ! هذه
أوراقي أنا , أسئلة برنامجي أنا , ليس برنامجك !
دحام : ... أسف مدام فدعوس , أعدك أن هذا لن يتكرر
...
فدعوس : كيف تسمح لنفسك أن تمد يدك وتعبث بأشيائي ؟
كيف تجرؤ ؟ مذيعون آخر زمن ! ( تخرج غاضبة , يتبعونها , تتوقف فجأة يكاد
المذيع أن يقع فوقها ! )
فدعوس : ( إلى دحام ) لا تعرف كيف تمشي أيضا ً ( إلى
المخرج ) هل انتهيت من التسجيل ؟
مخرج : لا ! ليس بعد !
فدعوس : مَعَك خمس دقائق , سأعود بعدها وأسجل
برنامجي , مفهوم ؟
الجميع : مفهوم ( فدعوس تخرج , يعود كلُّ إلى مكانه
منكسرا . صمت . )
الضيف : ( مواسيا ً المذيع ) استغفر الله العظيم ,
يا أخي كان يجب أن تنتبهَ قبلَ أن تمدَّ يدَكَ إلى أشياء المستورة وتلعبَ
بها ! طبعا ً هذا لا يعطيها الحق في أن تنفجر في وجهك مثل اسطوانة غاز ,
أشياؤك ِ فهمنا ! أخطأ الرجل ومد يده عليها ... شو يعني .. هل انطبقت
السماء على الأرض لقد عنَّفتكَ بطريقة مشينة كأنها تنهرُ كلبا ً ! العمي كم
هي سليطة ( ينبهونه أن لا يرفع صوته خشية أن تسمعه : هص ..ش ش ) ما بكم ؟ (
يشير له فانوس أنها قد تسمع وتطردهم من العمل ! ) يا أخي ما كان ينقص إلا
أن تتفَّ في عين الأستاذ ! العمى . ( صمت ) . طيب يا جماعة اسمحوا لي
بالانصراف .. يبدو أن كل شيء فركش .
مخرج : اصبر قليلا ً يا دكتور . اصبر , سنتابع إنشاء
الله . أستاذ دحام ! أرجو أن نتجاوز الموقف ونتابع ( صمت ) . ( ثم يبحث
المذيع بين الأوراق .. يسحب ورقة .. يشير للمخرج جاهز )
إضاءة , يا إضاءة .. ok
( المذيع يعطي الورقة للضيف )
ضيف : ما هذا ؟
دحام : الأجوبة !
ضيف: أية أجوبة ؟
دحام : ( غاضبا ً ) يا إلهي على هذا النهار ! يا أخي
أنا أسألك وأنت ترد بهذه الإجابات !
ضيف : وهل أنا بغل لا أعرف كيف أجيب ؟ هل تريد أن
تعلمني الكلام ؟
دحام : تفضل حضرتك وعلمني كيف أكون مذيعا ً ! لقد
رأينا كثيرين من أمثالك ولست أول شخص نجري معه مقابلة ! هذا شغلنا
ضيف : أخي لا تعلمني ولا أعلمك ! ( يخرج ) مذيعون
آخر زمن !
دحام : ( إلى المخرج ) تفضل حلها ! العمى على هـَ
النهار النحس , خَلَصْ ! لا أريد أن أسجل , نصف الساعة الباقية لإكمال وقت
البرنامج املأها من شريط عجائب البحار !
مخرج : المشاهد يعرف هذا الشريط أكثر منا ! عرضناه
سبع مرات !
دحام : إذا ليكن ثمانية , ثم إن ...
مخرج : ( مقاطعا ً بيده ... ليرد على غرفة
الكونترول الرئيسية ) نعم .. نعم ... أسمعك نعم الأستاذ دحام هنا , طيب
حالا ً , استديو واحد ؟ ok
( يضع السماعة ) أستاذ دحام مطلوب إلى الأستوديو واحد , لقد انتهت نشرة
الأخبار ... ويريدون تقديم النشرة الجوية ... أسرع من فضلك سوف ينتهي فاصل
الموسيقى .
دحام : لم كل هذه السرعة ؟ هناك التقرير الرياضي
....
مخرج : لقد قدموه أيضا ً ( دحام يركض . قسم الإعداد
إعتام . قسم تلفزيون إضاءة . نرى دحام على منصة استوديو واحد )
مخرج 1 : أريد إضاءة أكثر . أنت على الهواء يا دحام
.. جاهز ؟
دحام : نعم نعم بالتأكيد ! ( يشير بيده ) هذه لوحة
حالة الطقس ؟
مخرج 1 : نعم
دحام : إلى أي كاميرا أنظُرُ ؟
مخرج 1: محور الرؤية البصرية مطابق لمحور العدسة ..
أنت أنظر في اللوحة ! ( يشير دحام بإبهامه علامة جاهز ) ... كاميرا ثلاثة
على الخارطة كاميرا اثنان على وجه دحام ... ثلاثة .. اثنان ... واحد ( يظهر
دحام على الشاشة )
دحام : ( متبسما ً كالعريس ) أعزائي المشاهدين مساء
الخير .. من تلفزيون قوس قزح أحييكم وأقدم لكم حالة الطقس : تهب على
البلاد رياح شديدة محملة بالغبار بسبب الكرة التي ارتدت عن القائم الأيسر
!! السماء ملبدة بالغيوم , ومن السحب العالية يتوقع أن يسقط حارس المرمى
فوق صيادي الأسماك هذا والله أعلم ! ( فاصل موسيقي . إعتام ثم نرى دحام من
جديد على الشاشة )
دحام : أهلا ً بكم من جديد , نعتذر عن الخلل الفني
بعد فاصل الإعلانات سنقدم لكم نشرة الصم والبكم . نصيحة إعلانية وأعود ! (
تتغير الإضاءة نرى على الشاشة مبنى تلفزيون قوس قزح ونسمع صوت مذيعة )
صوت المذيعة في الإعلان : يُعلن تلفزيون قوس قزح عن
حاجته إلى عدد من المذيعين والمذيعات , فعلى من يجد في نفسه الكفاءة
والخبرة التقدم إلى المقابلة مصطحبا ً معه مؤهلاته العلمية والأوراق
الثبوتية . يمكن الحصول على الشروط الخاصة من ديوان التلفزيون . آخر موعد
لتقديم الطلبات الثاني من تموز المقبل ( فاصل موسيقي – ثم إعلان آخر ) (
نرى مجموعة من الناس وقد مطوا أعناقهم وهم يشمون لحظة عبور شاب انيق يحمل
حقيبة سوداء ويمشي مزهوا ً ... والناس يتابعونه بأنوفهم ... نسمع صوت صبية
) ...
صوت صبية الإعلان الثاني :
إنها الرائحة التي لا يخطؤها الأنف الذواق من بعيد
.... ورغم ضجة النهار .. والعجلات التي لا ترحم الرؤوس تستطيع أن تميزها
.... انظر إلى مشيته ...
تأمل يديه الخفيفتين ... وخطواته الواثقة
الشركة القومية للعقارات .... كي تظل في أنفِكَ تلك
الرائحة !! القومية للعقارات : الأرض تدور !
( فاصل . موسيقي الإعلان الثالث . نرى شبانا ً و
رجلا ً كهلا ً يطاردون صبية في شارع ... هي تضحك في غنج وتغني : لما
بنْزَلْ ع الطريق اللي نايم بُّدو يفيق ! بدن ياني كلن كلن ... كلن (
كًلهّم )
صبية أخرى :
تَبعوها لأنهم جَرَّبوها !
وأنتْ ؟
ألا تبحث عن الهناء والحبور ؟
إذن ....
احمِلْها إلى سريركْ
وبرَقْةٍ ضَع فمكَ على فمها !
( تسحب من تحت ثوبها مخدة بلاستيكية من النوع الذي
يُنفخ وكل المجموعة تفعل مثلها :
الصبية : مخدات النشامى ( ينفخون معا ً )
صُنعت خصيصا ً لتؤمن لك َ النوم العميق
صوت شاب ( وبسرعة ) : مصنوعة برشاقة ... ناعمة
كدراقة !
الصبية : مخدة النشامى تكفيكَ إلى يوم القيامة !
( إعتام . فاصل موسيقي )
( نرى دحام مرة أخرى على الشاشة , ثم لقطة تُرينا
دحام وشاب واقف سيؤدي إيمائيا ً أخبار الصم والبكم )
دحام : أهلا ً بكم إلى نشرة الصم والبكم ( يبدأ
الشاب الحركة بيديه ) . – تحطم طائرة صينية بسبب دخول طائرة في فتحة المحرك
..
- اشتباكات ٌ بالبنادق والسيوف بين المسلمين والسيسخ
- استخراج ضفدعة من بطن غجرية , وكانت الغجرية قد
شربت الضفدعة من دَلو في بئر مهجورة .
- رجل رأسمالي يوصي بثروته إلى كلب !
- بدء فعاليات مهرجان جَرش للدبكات الشعبية ( الشاب
يفكر ثم يبدأ بالدبكة على إيقاع موسيقى مرافقة ... تبهُت الإضاءة إعتام قسم
تلفزيون . إضاءة قسم إعداد .
نرى فدعوس تسجل ُ برنامجها ومعها الطاقم الفني .
موظف : مدام فدعوس ! جاء الفنان سيزار !
فدعوس : خليه يستنىَّ ! هؤلاء المغنون يجب إعطاؤهم
العين الحمراء دائما ً ( إلى فانوس ) ماذا كتبت َ ؟
فانوس : ( يقرأ من ورقة في يده ) تحية محملة بالورد
والزهور أبعثُها إليكم واشكركم على هذا البرنامج الجميل .. كما
فدعوس : لالا أشطب " الجميل " واكتب الممَّيز !
( فانوس يفعل ) .
فانوس : ( يتابع القراءة ) وأدعو الله أن يوفقكم
دائما ً لتقديم المفيد والممتع .
فدعوس : اكتب أيضا ً : وأود أن أوجه تحية خاصة إلى
مذيعتنا الأمورة فدعوس ! صاحبة الإطلالة العذبة والوجه الصبوح ! ( فانوس
يكتب ويعيد وراءها ) . اكتب : المستمعة : نخلة ُ الغدير ! ( إلى دحدوح )
هات إنت ! ماذا كتبت ؟
دحدوح : إن برنامجك يا ستّ فدعوس هو برنامجي المفضل
, وأرجو أن تزيدوا وقت البرنامج ليكون ساعتين بدلا ً من ساعة !
فدعوس : اكتب أيضا ً : واقدَََّر عاليا ً الجهود
التي تبذلينها لإنجاح البرنامج . المستمع ( تفكر ) جاد الكريم ! ( تأخذ
الأوراق منهم ) هذا يكفي , صار لدينا خمس رسائل وفاكسين . والمكالمات ؟ كم
صار لدينا ؟
مخرج : سجلنا أربع مكالمات داخلية .
فدعوس : كويّس , أريد مكالمة دولية ! . يا فانوس أعط
الإضاءة واتصل بي من ذاك الهاتف ! ( تجلس وترتب نفسها ) الكاميرة جاهزة ؟
مخرج : نعم كل شيء جاهز . هل نصور ؟
فدعوس : استنى ! ( صمت ) . يالله ! :
أعزائي ! مازلنا معكم على الهواء مباشرة ! ونتلقى
اتصالاتكم ومشاركاتكم ( يرن الهاتف أمامها ) آلو .. آلو .. يبدو أنها
مكالمة دولية ! آلو ... برنامج أرض – جو ...
فانوس : ( بالهاتف ) آلو السلام عليكو !
فدعوس : عليك السلام . مَنْ معنا ؟
فانوس : أبو سليم من ألمانيا ! ... ممكن أشارك ؟
فدعوس : طبعا ً ... طبعا ً ... أهلا ً وسهلا ً بك ..
تفضل ْ!
فانوس : أحب أن أشكركم على هذا البرنامج العظيم ,
والحقيقة تُسعدنا إطلالتك على الشاشة يا ستّ فدعوس !
فدعوس : الله يخليك ! هذا من لطفك ... ولكن أخ أبو
عبدو
فانوس : أبو سليم !
فدعوس : أخ أبو سليم هل إرسالنا واضح ٌ عندكم في
إلمانيا ؟
فانوس : ( يصفِّر ) والله مثل المراية ! وأود أن
أشكر الفنيِّين العاملين في البرنامج !
فدعوس : نحن أيضا ً نشكرك وتحياتنا للجالية العربية
في لندن . مع السلامة ( تضع السماعة ) والآن أعزائي إلى فقرة جديدة من
برنامجكم وهي عن فوائد الثوم !
مخرج : stop
. مدام فدعوس . يلي ذلك الشريط الذي سجلناه في سوق الخضار .
فدعوس : برافو خلصنا . هل نصور المقابلة مع هذا
المغني الآن ؟ أم نتركه ينتظر مثل الكلب ؟
مخرج : كما تريدين مدام .
فدعوس : خلينا نصور ونخلص ! .. أنتم جاهزون ؟
( يردون : نعم ) فانوس نادي على المغني سيزار .. (
بعد قليل يدخل فانوس ومعه سيزار . إنه ولد نصف شعره محلوق بالشيفرة والنصف
الثاني طويل يرتدي شورت وجزمة حمراء وعلى أكتافه ما يشبه قميص داخلي ...
ولكن لـه كم ٌّ واحد , وقد وضع وردة على صدره .. يسلـِّم عليهم ...
يتبادلون أحاديث تافهة عن الطقس وعن أن الدهر دولاب ... وما أشبه ... )
مخرج : أهلا ً وسهلا ً بك يا أستاذ سيزار , مدام
فدعوس عندما تكونان جاهزين .. نحن تحت أمرِكْ
فدعوس : نحن جاهزان ... أليس كذلك ؟
سيزار : نعم ... ولكن ماذا ستسالينني ؟
فدعوس : اسمك الحقيقي , عازب أم تزوجت ... ما هي
الوجبات المفضلة .
سيزار : برافو برافو ... أنا جاهز ! ( إضاءة كل في
مكانه )
فدعوس : أعزائي ! معي في الإستوديو نجمٌ تألق صوته
في سماء الموسيقا العربية ... لم لا وهو أحد أحفاد زرياب .. لم لا وهو
الحائز على جائزة الغصن الذهبي في المهرجان – العُرس الذي أقامه تلفزيون
قوس قزح العام المنصرم .. معي في الإستوديو ... النجم سيزار !
سيزار : الله يخليكي مدام فدعوس كلك زُوق !! وأشكرك
على هذا البرنامج الظريف وتحية لجمهوري العزيز
( يُطيِّر قبلة من يده )
فدعوس : أستاذ سيزار , أنت من الرواد الأوائل في
الأغنية الشبابية وأنت ما شاء الله أشهر من نار على علم .. ولكن حبذا لو
نتعرف على بطاقتك الشخصية ( يسحب بطاقته ويعطيها لفدعوس .. هي تقرأ ) الاسم
حمَّاد الكنية : المحاميد . اسم الأب ( تتهجأ وتحاول القراءة ) سيزار يقترب
منها ويحاولان القراءة معا ً ... , ... اسم الأب ...
سيزار : ( يتهجأ ) : علـ ... علي ... لا مِشْ علي
.... عسليتان ! لا لا هذا عن لون العينين ...
مخرج : stop
. يا أستاذ سيزار .. أبوووك ! ما اسمه ؟
سيزار : عليان المحاميد .
مخرج : عاشت الاسامي. نُعيد التصوير يالله ..
جاهزون ؟
مدام : فناننا المحبوب ! ما هي وجبتك المفضلة ؟
سيزار : التبولة . ومتبل الباذنجان !
فدعوس : قرأنا أنك تحب مفركة البطاطا والفاصولياء ؟
سيزار : طبعا ً الفاصولياء . . . أموت بالفاصولياء .
. بس بلا ثوم .
فدعوس : ولكن الثوم نافع إنه ينشط الدورة الدموية
ويخفض نسبة الكوليسترول في الدم ويقوي القناة اللبية ويقاوم تكلس العظام .
سيزار : بعرف. بس أنا ما بحبو!( صوت مخرج :
stop )
فدعوس : ( بغضب ) شو صار ؟ ( مخرج يقترب منها
ويوشوها ) . مخرج : الحلقة نفسها تتحدث عن فوائد الثوم .. يجب أن يؤكد أنه
يحب الثوم وإلا بوَّز الحلقة ( فدعوس تفهم )
فدعوس : أستاذ سيزار , من الناحية الطبية لا يجوز أن
تقول أنك تكره الثوم !
سيزار : يا ستـّي على عيني ! خَلصْ .... أنا أموت
بالثوم !
مخرج : جاهزون .... إضاءة ... تصوير ...
فدعوس : وماذا عن الفاصولياء ؟
سيزار : أنا أموت بالفاصولياء ... خاصة مع الثوم !
فدعوس : في حفلاتك تبدّل ملابسكَ أكثر من مرة ...
ومعروف أيضا ً أن أحد السكارى هاجمك َ وضربكَ بسكين .. أثناء المهرجان ....
سيزار : نعم ضربني في صدري وهو يصيح كلما بشوفك
بيرتفع ضغطي ! ولكن الحمد لله كان القميص سميكا ً .. ولم أتأثر ...
فدعوس : وكم ثمن ذلك القميص ؟
سيزار : ( يضحك متباهيا ً ) والله .. شي خمسمائة
دولار !
فدعوس : وماذا عن مشاريعك الفنية الجديدة ؟
سيزار : عملت ألبوم جديد ... فيه ست أغاني ... واحدة
منها للأستاذ وعّاظ المقطوشي .. الله يطوّل بِ عمرو
فدعوس : حبذا لو تسمعنا شيئا ً منه ... إذا ما عندك
مانع طبعا ً ...
سيزار : أنتِ والمشاهدين على رأسي .. ولكن عـُودي
ليس معي ... هـ هـ ..
فدعوس : لدينا عود هنا في الأستوديو .. يا فانوس !
هات العود ! ( فانوس .. يضع العود أمام سيزار )
سيزار : عفوا ً أنا لا أريد أن أحرق الألبوم ...
أريد أن يظل مفاجأة .
فدعوس: نريد أن نسمع مقطعا ً صغيرا ً فقط
سيزار : في الحقيقة أنا لا أعرف العزف !! أنا أُلحّن
فقط .. ولكن سأقول لك كلمات من الأغنية الأولى :
( فدعوس : يا ريت )
لا تزعلي بحمل سطل وبشكّ عَ قاع المحيط الأطلسي
الله خلقنا لَ بعض : أنا نجم وإنتِ أشطر طالبي
بالمدرسي .
فدعوس : - يا سلام .. شيء جميل
سيزار : طبعا ً أنا أختار الكلمات بعناية ... لاحظي
العمق بالقصيدة : قاع المحيط الأطلسي .
فدعوس : نعم بالتأكيد
سيزار : لأن الأغنية تقوم على مثلث الكلمات والألحان
والعادات والتقاليد !
فدعوس : وماذا عن أغنيتكَ التي فازت بالجائزة الأولى
في المهرجان ؟
سيزار : إنها من كلماتي وألحاني !
فدعوس : ولكنها أغنية رائعة بحق , يرددها الشيوخ
والنساء والأطفال ... عندما يُرخي الليل سدوله ! ... وهذه ليست مجاملة ,
أنا بنفسي سمعتهم – وأكثر من مرة – يغنون في الشارع ... أغنيتك َ الشهيرة (
تنظر في الورقة ) .. هَتْ الكتريك !
سيزار : هَفْ الكريك مدام فدعوس ! الله يخليكي ..
أنت موسوعة !
فدعوس : نعم أقصد : هَفّ الكريك !
سيزار : لاحظي الكلمات كم هي بسيطة وجميلة ...
فدعوس : والأهم أنها شعبية
سيزار : بالزبط ! هف الكريك .. طبعا ً معروف الكريك
الّلي هوّي الرفش ( ينهض ويؤدي حركة العمل بالرفش ) و... هَفّ ... يعني كيف
أوضح لكِ لو كان هناك ولد في الشارع ومعه ساندويش ... وجئت أنا وخطفت
الساندويش من يده ... فيقولون : لطش الساندويش ... أو هف الساندويش !
فدعوس : إنها جميلة بالفعل
سيزار : وهي إنسانية أيضا ً تصوري عندما أقول :
يابا يا راضي قاعِدْ تُضرب أبوكْ بِ الصرماي !
يابا يا راضي معهاشْ فِلِس يُوكِلْ يا راضي !
تصوري يضرب بَيَّو بالشحاطة وهَيداك المعثر ما معو
.. يشتري رغيف خبز ... sorry
ع َ الكلمة يعني !
فدعوس : نعم إنها كلمات مؤثرة , ولكن ألا توافقني
الرأي أن مثل هذه الحالات لا تحصل في مجتمعنا العربي .. كونه مجتمع إسلامي
... له قيمهُ ...مثُلهُ ... فضلا ً عن أن ....
سيزار : كيف لا تحدُث ؟ لقد حدثتْ في بيتنا ! عندما
قام أخي فَندي بضرب أبي بالحذاء , وعلى عينه مباشرة ً , هيك صارت عينو
نَفَختْ ( يضحك ) .. أنا أغني أغنية واقعية .
فدعوس : لا يسعني إلا أن أحيي فيك هذه الصراحة وهذا
الوضوح !
سيزار : ( يتابع في حماس ) أنا صريح أكره اللف
الدوران ! إن أخي فندي ضربَ أبي ! ولسببٍ تافهٍ أيضا ً !
فدعوس : ما هو يا ترى .. طالما أنكَ صريح إلى هذه
الدرجة ؟
سبزار : إن لدى خالي معضاد باص كبير , وطريق ضيعتنا
غير معبدة يعني تراب وحفاير , ولأن خالي غشيم بالسواقة فإن الركاب تنكسر
أسنانهم ريثما يصلون المدينة , لذلك لم يُعد أحد يذهب مع خالي ... فقرر
خالي بيع الباص وقرر أخي مثقال أن يشتريه .
فدعوس : لا شك أن أخاك مثقال وجدَ حلا ًّ أو فكر في
حل
سيزار : نعم كان لديه حل ّ !
فدعوس : تعبيد الطرق وتنتهي المشكلة !
سيزار : لالا ... هذا يكلف كثيرا ً
فدعوس : إذن لا شك أن أخاك سائق ماهرٌ وليس غشيما ً
مثل خالك ؟
سيزار : إن أخي تعلم قيادة الباص من خالي !
فدعوس : إذن أخوك يوظف سائقا ً ماهرا ً مقابل أجر ..
سائق بيفهم .
سيزار : وماذا يبقى لأخي ؟ لا لا ... إن الحل أبسط
: أخي يقود الباص بنفسه بعد أن يعطي لكل راكب فلينة كي يضعها بين أسنانه !
فدعوس : إنها فكرة عظيمة .
سيزار : لكن أبي قال الفكرة لخالي مقابل ألف درهم !
فدعوس : وبالطبع فإن خالك رفض أن يبع الباص .
سيزار : بالزبط ! ورفض أبي أن يعطي لأخي ولو فلسا
ً واحدا ً
فدعوس : ومااذا فعل أخوك ؟
سيزار : انتظر حتى سافر أبي إلى العاصمة وزوَّجَ أمي
لرجل غريب مقابل ألفي درهم . وعندما عاد أبي غضب كثيرا ً وقال لأخي : يا
وغد !! ألا تخجل من نفسك ؟ ألا تستحي ؟ أين أخفيت النقود ها ؟ وتعاركا .
فدعوس : في الحقيقة كنا نتمنى أن يكون وقت البرنامج
أطول , ونستمتع بأحاديثك الجميلة .. لكن إنشاء الله سيكون لنا لقاءات أخرى
... أعزائي المشاهدين باسمكم أتوجه بالشكر إلى نجمنا المحبوب سيزار وأشكره
على تلبية الدعوة .
مخرج : stop
. يعطيكم العافية ( تخفت الإضاءة .. يدردشون )
فدعوس : يعطيك العافية أستاذ سيزار ...
سيزار : الله يعافيكم يارب أنت وكل الشباب أشكركم من
كل قلبي .
فدعوس : تفضل نشرب القهوة , نحن لم نضيفك شيئا ً
( يتحركون تجاه الباب )
سيزار : يا ستي البركة فيكم , المهم أن نرى وجوهكم
الفليحة .
مخرج : على فكرة يا أستاذ سيزار , مخرج هذه الفترة
عَلِمَ بوجودك هنا , وسوف يقدمون أغنيتك الآن ...
سيزار : كلكم ذوق ! لقد غمرتموني بلطفكم
فدعوس : هذا واجبنا ( يدخل زغلول فجأة )
زغلول : أين هو ؟ ( سيزار يختبئ وراء فدعوس ) أريد
أن أراه فقط , دلوني .. أين هو ؟
فدعوس : من أنت يا أستاذ وماذا تريد وكيف دخلت إلى
هنا ؟
زغلول : ( في برود ) دخلت من هذا الباب !
مخرج : لو سمحت ! من أنت ... هذا استوديو التصوير
التلفز...
زغلول : شو يعني ؟ هل هي غرفة عمليات الناتو ؟
فدعوس : تفضل ... أخرج بره !
زغلول : ليس قبل أن اراه وأتفاهم معه ( يشتد خوف
سيزار )
سيزار : أبعدوه عني منشان الله !
زغلول : هذا أنت يا فصعون ! أنا لا أبحث عنك ! (
سيزار يهدأ )
مخرج : من تريد إذن ؟
زغلول : أريد الأستاذ دحام !
فدعوس : انتظره خارجا ً , بره !
زغلول : لن أخرج قبل أن آخذ حقي .
فدعوس : قلت انقلع من هنا .
زغلول : وقلت لك : تصئ ( يقولها من بين أسنانه )
فدعوس : فانوس , اتصل بالشرطة !
زغلول : يا مامي ! أخفتيني ( يجلس على الأرض )
فدعوس : العمى قلة الحياء !
زغلول : قولي للأستاذ دحام أن يدفع لي ألف درهم
وعندها أذهب في حال سبيلي , هل تظنين أنني مبسوط وأنا أراكِ ؟ أنا لا أطيق
شكلك على الشاشة فكيف وأنا أراكِ تتنفسين أمامي ؟
فدعوس : اشحطوه !
زغلول : ( يغني ) اشحطوني واشحطو شاحط شحطوني
( على وزن ... اشتروني ) وهل أنا معتقل في غوانتانامو ؟
فدعوس : ( إلى سيزار ) تفضل ... لا تشغل بالكْ
سيزار : ( وهو يخرج ) ظننته جاء ليضربني أنا ! كثير
من الناس يتوعدني . وكلما سمعت شخصا ً يشتم أو يسبّ ظننت أنه يقصدني .
زغلول : معلوم يا سَندي ! المحروق من الحليب ينفخ
على الزبدة ... ( ينظر إلى فانوس ومخرج ودحدوح ) ما بكم ؟ هيا اشحطوني ...
( ينهض ويتقدم نحوهم ببطء ) اششحطوني ولا ! ( يدخل دحام )
دحام : أنا من سيشحطك يا زغلول الزفت ! ( ينظر إلى
زملائه ) لا تقلقوا أنا أتصرف معه ( يخرجون )
زغلول : ( مقلدا ً المذيع ) أعزائي المشاهدين أو
بالأحرى مشاهدي الأعزاء يسعدني أو في حقيقة الأمر يطيب لي ( يشد على
أسنانه ) وإذا جاز لي القول ( فجأة يصمت ويمد يده تجاه دحام ) هات ! ( دحام
يتراجع .. زغلول يقترب منه كالمصارع ..) هات !
دحام : هات ماذا ... ها ؟
زغلول : أيوه ! تظاهر بأنك لا تعرف . يا بني آدم أنت
مدين لي بألف درهم !
دحام : احترم نفسك وتذكَّر مع من تتكلم . ثم كيف
تسمح لنفسك أن تدخلَ إلى التلفزيون وتطالبني أمام زملائي ؟ تريد أن تفضحني
!
زغلول : قلت لك مئة مرة ادفع ما عليك ولن ترى وجهي
دحام : وإذا قلتُ لك : لن أدفع !
زغلول : أقول لك : ستدفع رغم أنفك ! ( يعلو الصوت
ويتلكمان معا ً )
معا ً : دحام : يا بني آدم اخرج من هنا وإلا ضربتك
.. لقد تحملتك كثيرا ً .. ووصلت معي . زغلول : لا ترفع صوتك في وجهي ,
تتكلم وكأنك صاحب حق , تحاضرُ في الناس عن القيم وأنت منافق ( يدخل الضابط
سالم خلال الشجار )
سالم : كفى – ( يصمتان ) ما الذي يجري هنا ؟ ( يسلم
على دحام ) ما المشكلة ؟
معا ً: دحام : لقد دخل التلفزيون دون حياء واقتحم
استوديو التصوير بحجة أن ... , زغلول : أنا أعمل أستاذاً في علم الإقناع
وقد حضر هذا الرجل ...
سالم : بَسْ ...بَسْ ! أريد أن أفهم ( إلى زغلول )
تكلم أنت
زغلول : يا سيدي ! أنا أعمل في علم الإقناع وقد جاء
هذا .
سالم : ماذا ؟ تعمل ماذا ؟
زغلول : أعمل أستاذا ً في علم الإقناع !
سالم : وماذا تعلِّم الناس ؟
زغلول : أعلمهم كيف يقنعون الناس بوجهات نظرهم !
وكيف يكونون مقنعين !
سالم : ( يغمغم ) م م م ! ماذا تريد أن تقول ؟
زغلول : سيدي : كنت أُعلِّم تلاميذي مبادئ علم
الإقناع يوم جاء هذا الرجل وسألني : هل تُعلمني لإقناع ؟ قلت له أهلا ً
وسهلا ً إن مدة الدورة ثلاثة أشهر وعليك أن تدفع لي ألف درهم قبل بدء
الدورة . فقال : ألتحق بالدورة ثم أدفع لك حين انتهائها ... فأقنعني !!
سالم : ( إلى دحام ) هل ما يقوله صحيح ؟
دحام : في حقيقة الأمر هذا صحيح , أردت أن أكون
مذيعا ً مقنعا ً فذهبت إليه !
سالم : ( إلى زغلول ) وبعد ؟
زغلول : انتهت الدورة ولم يدفع فلسا ً واحدا ً !
سالم : هل هذا صحيح ؟
دحام : يُهيأ لي وإذا لم تخني الذاكرة وإذا جاز لي
القول .
سالم : يا أستاذ أريد جوابا ً واضحا ً
دحام : نعم صحيح
سالم : وتقولها بصوتٍ عالٍ ؟ هيا ادفع للرجل
دحام : ولكن يا سيدي أريد أن أوضح وجهة نظري
سالم : ماذا ستوضح أكثر من ذلك ها ؟ ادفع أولا ً ثم
قُل ما تريد هات ( يأخذ منه النقود ) لقد خاب ظني فيك .. ( يعطي النقود
لزغلول ) .... تسمع بالمعيدي خير من أن تراه !
دحام : سيدي : أرجو أن تسمع وجهة نظري !
سالم : تفضل قلْ !
دحام : سيدي ! إذا استطعت أن اقنع هذا الرجل بأن ليس
له عندي ألف درهم فإنني لن أدفعها !
سالم : نعم هذا صحيح ! ولكنك لن تستطيع إقناعه
دحام : آهااا! إذا لم أستطع إقناعه فمعنى ذلك أنني
لم أستفدْ من علومه شيئا ً إذن هو لا يستحق أن أدفع له ألف درهم !
سالم : ( يفكر . يهجم على زغلول ويمسكه من ياقته )
أنت رجل منافق ! جعلتني أصدقك .. وأقول كلاما ً بحق الأستاذ وأقسو عليه ...
هات النقود ... هااات ! ( يأخذ النقود ويعيدها إلى دحام ) .. لا تؤاخذنا يا
أستاذ دحام .. لقد تسرعتُ ... ولكن قلبك كبير ...
زغلول : ولكن يا سيدي انتظر حتى تسمع وجهة نظري !
سالم : لا أريد أن أسمع شيئا ً ! المسالة واضحة
كعين الشمس !
زغلول : يا سيدي من حقي أو أقول وجهة نظر ...
سالم : بَسْ !!
زغلول : معلوم يا عمي ! لأنه مذيع ولأنه مشهور تسمح
له أما أنا فلا . ناس عزّ وناس معزى !!
سالم : تفضل أرني فلهويتك ! تفضل ... فرجينا
زغلول : سيدي ! إذا إستطعت أن أقنع هذا الرجل بأن لي
عنده ألف درهم فلسوف يدفعها لي .
سالم : نعم بالتأكيد . ولكنك لن تستطيع إقناعه !
زغلول : يا عيني عليك ! إذا لم أستطع إقناعه فمعنى
ذلك أنه استفاد من علومي كثيرا ً حتى فاقني , إذن أنا استحق الألف درهم !!
سالم : ( يفكر ثم يمشي ببطء تجاه دحام ) قاتلَكَ
الله ! خدعتني مرتين .
زغلول : يا سيدي قلت لكَ منذ البداية أن القضية
واضحة , هذا رجل لا يخجل من نفسه , افتعَلَ كل هذه الغوغاء حتى لا يدفع ألف
درهم لأنه يعبد المال ... يقاتل من أجل المال !
سالم : ( لزغلول ) وأنت؟ من أجل أي شيء تقاتل ؟
زغلول : أنا أريد حقي .. أنا أقاتل من أجل الشرف !
سالم : صحيح ! كل شخص يقاتل من أجل ما ينقصه !
( دحام ينفجر ضاحكا ً .. سالم ينظر إليه بجدية )
دحام : المعذرة يا سيدي , أنا أسف و ولكن الموقف
ذكرني بفيلسوف يوناني !
سالم : ( بعد صمت ) وماذا يقول هذا الفيلسوف ؟
دحام : يقول .. يعني سيدي .. إن الشيء الذي لا
تفتقده أنت مالكُهُ .
سالم : كيف ؟ أوضح !
دحام : كيف أقول لك .. يعني سيدي .. أنت مثلا ً هل
أضعت مسدسك ؟
سالم : ( يتفقد مسدسه ) لا , إن مسدسي معي
دحام : طالما أنك لم تفقده إذن مسدسك معك !
سالم : ( يفكر ) وأنت , هل أضعت قرنيك ؟ !
دحام : بالطبع لا !
سالم : إذن أنت لكَ قرنان ! ( زغلول يسخر من دحام
بأن يضع إصبعين على رأسه ويقول : مااااع ...) لو كان لدي مزيدا ً من الوقت
لأثبت لكما أنكما غبيان !
دحام : عفوا ً سيدي , أنا لست غبيا ً
زغلول : لسنا أغبياء يا سيدي , أنا أستاذ في علم
الإقنـ...
سالم : حسنا ً , دعونا ننته من هذا الموضوع ... هل
تقبلان أن نقوم بالقرعة لحل المشكلة ؟
زغلول : أنا أقبل .
دحام : يبدو لي , أو إذا جاز لي القول .. وماذا في
ذلك ؟ نعم !
سالم : إذن اتركاني لحظة لو سمحتما ( يخرجان ) ..(
سالم يأخذ قصاصتين من الورق .. يكتب عليهما .. يضع واحدة في كل كفّ ) يا
أستاذ دحام ! ( يدخل دحام ) اختر ! ( دحام ... يقوم بعملية حكرة بكرة ! ثم
يختار ) افتحها واقرأ!
دحام : ( يقرأ من القصاصة ) : ادفع ألف درهم ! (
ينظر في وجه سالم ) ok .
حسنا ً سأدفع و هذه ألف درهم ( يعطي النقود لسالم ويهم بالخروج )
سالم : انتظر يا أستاذ دحام . أنا كتبت في كل ورقة
من الورقتين " ادفع ألف درهم " تعال انظرْ ( دحام يقترب وبنظر )
دحام : يا إلهي كم أنا غبي !!
سالم : بقي عليَّ أن أثبت َ أن أستاذك أيضا ً غبي !
وسوف أكتب أمامكَ هِهْ : ( يكتب بصوت مسموع )
القصاصة الأولى : ليس لكَ شيء !
القصاصة الثانية : ليس لكَ شيء ! ( يطوي القصاصتين
ويضع واحدة في كل كف ثم ينادي ) تعال يا زغلول ! ( يدخل زغلول ) اختر
! ( زغلول يختار ) اقرأها!
زغلول : ( من القصاصة ) ليس لكَ شيء!( يقف مبهوتا ً
) حسنا ً . ليس لي شيء .. لقد قبلتُ .. ( يهم بالانصراف )
سالم : انتظر يا أستاذ زغلول ! أنا كتبت في كل قصاصة
: " ليس لكَ شيء " انظر .. ( زغلول ينظر ..)
زغلول : يا إلهي ! كم أنا غبيّ !
سالم هكذا تكون مهمتي قد انتهتْ ( يرمي النقود
لزغلول .. ويخرج .. اعتام في قسم إعداد ... تبدأ موسيقا أغنية سيزار في قسم
تلفزيون ... ) .
الفصل الثاني
في قسم الإعداد , نرى دحام وقحطان وفانوس ودحدوح خلف
طاولة كبيرة متخذين هيئة لجنة , مقعدٌ شاغرْ في الوسط .. قحطان يقلبُ
أوراقا ً من ملفّ .. نرى قتيبة ونورا جالسين متجاورين .. يتهامسان بشيء ..
قتيبة ينظر في ساعة يدهِ ... /
دحام : ( إلى قتيبة , وبشيء من الاستعلاء ) مستعجل !
؟ ( قتيبة يرد بصمت وبحركة من رأسه .. ) ننتظر رئيس اللجنة ( بعد صمت ,
تدخل فدعوس وتجلس وسط اللجنة .. تقلب الأوراق أمامها .. )
فدعوس : قتيبة ؟ ( يرد : نعم ) نورا ! ( نعم .. أنا
نورا ) أعطونا النسخة الأصلية من الأوراق الثبوتية والشهادات
( ينهض قتيبة ويعطيها ملفه . كذلك تفعل نورا ) .. ما
مؤهلك العلمي يا قتيبة ؟
قتيبة : خريج كلية الإعلام وسنة ثانية أدب إنكليزي .
فدعوس : وأنتِ يا نورا ؟
نورا : خريجة كلية الفنون الجميلة قسم الإعلان
ودبلوم تربية .
فدعوس : طبعا ً تعرفان شروط التقدم إلى وظيفة
مذيع ( يردان : ، نعم ) طيب . ماذا حضّرتَ يا قتيبة ؟
قتيبة : اشتغلنا على فكرة برنامج تلفزيوني أنا ونورا
معا ً
فدعوس : سوف نرى , ولكن أولا ً نريد أن نتأكد من
سلامة النطق لكل منكما , وطريقة الإلقاء .. ومخارج الحروف .. وجمال الصوت
...
نورا : نعم , لقد اشتغلنا على مقاطع شعرية لهذا
الغرض .
فدعوس : طيب , فلنستمع .
( إعتام جزئي . إضاءة سبوت دائري على وجه نورا وهي
واقفة أمام قتيبة وعن يساره .. )
نورا : في شهر آذار
في سنة الانتفاضة
مرَّتْ أمام البنفسجِ والبندقيةِ خمسُ بناتْ
وقفنَ على باب مدرسةٍ ابتدائيةٍ
اشتعلنَ مع الوردِ والزعتر البلديّ
افتتحنَ نشيد الترابْ :
قتيبة : البنفسجُ مالَ قليلا ً ليعبُرَ صوتُ البناتْ
العصافيرُ مدَّتْ مناقيرها باتجاه النشيدِ
وقلبي ...
أنا الأرضُ
والأرضُ أنتِ
خديجة !! لا تُغلقي الباب ْ
سنطردهم من إناء الزهورِ وحَبل الغسيلْ
نورا : وفي شهر آذار
مرتْ أمام البنفسج والبندقية خمسُ بنات ْ
وقفن على باب مدرسةٍ ابتدائيةٍ
خمسُ بناتْ ...
يقتحمن جنود المظلاّت ...
خمسُ بنات ينكسرنَ مرايا !
قتيبة : فيا أيها الذاهبون إلى حبة القمح في مهدها :
احرثوا جسدي أيها الذاهبون إلى جبل النار : مرّوا على جسدي
أيها العابرون على جسدي
لنْ تمروا .... لن تمرُّوا !!
( صمت . تعود الإضاءة . يستمر الصمت . ثم تتكلم
فدعوس )
فدعوس : لماذا لم تختارا قصائد معبرة ؟
نورا : أعتقد أن هذه القصيدة جميلة ومعبرة
قتيبة : على أية حال , المهم النطق ومخارج الحروف
كما تفضلتِ
مخرج : لمن هذه القصيدة ؟
قتيبة : للشاعر محمود درويش
دحام : ولكن في حقيقة الأمر , وإذا سمحت لي مدام
فدعوس فإني أشاركها الرأي – أقصد وكما أشارت مدام فدعوس بحق : لماذا لم
تختارا قصائد معبرة ؟
رأيتُ حمالا ً مبينَ العمى يَعْتَزُ في
الأكم وفي الوّهْدِ
دحدوح : دع الأيامَ تفعل ما تشاء وكن حذرا ً إذا
حل البلاء
دحام : قم للمعلم وفه تبجيلا كاد المعلم أن
يكون رسولا !
دحدوح : مرّتْ فويق الأرض تسحبُ ذيلها
والريح تحملها
على الآفاق !
نورا : هذه أبيات مدرسية !
دحام : ماذا ؟ ما هو تعريف الثقافة إذن ؟
نورا : قصدي أنها أبيات مكرورة فقدت معناها من فرط
ما لاكتها الألسن , ( قتيبة يضع يده على يد نورا بمعنى : اهدئي )
دحام : تقصدين أن علينا أن ندوس التراث والعادات
والتقاليد وننسى تعالمينا الدينية السَّمحاء ؟ !! .. ( .. نورا لا تجيب )
فدعوس : ما هو مخطط البرنامج التلفزيوني الذي
اشتغلتما عليه ؟
قتيبة : مجموعة مواد , موسيقا وافتتاحية , وأعددنا
مادة عن جنين وقانا .
فدعوس : دعونا نرى .
قتيبة : إذا سمحتم , هل من الممكن أن يساعدنا أحد
الفنيين في الإضاءة وعرض بعض الصور ؟ ( فدعوس تومئ لفانوس الذي ينهض .
يقترب قتيبة ويتحدث معه قليلا ً ويعطيه ربما شريطا ً .. ) ( ... ثم ينهض
المخرج تجاه غرفة الكونترول ... )
فدعوس : أريد أن أذكِّركما , ستقدمان البرنامج كما
لو كنتما مذيعين على الهواء , ومن المهم أن يكون لكل منكما حضوره المؤثر
.
( نرى على الشاشة صورة ثابتة : الطفل يشد النقيفة
مصِّوبا ً على طائرة الأباتشي , تستمر اللقطة ثوان ٍ , ثم تتوالى الصور مع
انطلاق أغنية : ثوري يا جماهير الأرض المحتلة , نرى قصف القاذفات , لقطة
للقدس , بشرٌ في حالة هلع . حطام مخيم جنين – طفلة تحاول إنقاذ لُعبتها من
بين الأنقاض – محمد الدرّة – لقطة الطفلة الرضيعة – الشهيدة إيمان حجّو .
صوت فيروز :
أومن أن خلف الليل العاتي الأمواج ... يعلو سراج ...
كليِّ إيمان ... إيمان . تستمر صورة إيمان وهي
مُسجاة )
قتيبة : كالقطا يمضغون العطش
نورا : كالندى يحثون الشمس
قتيبة : عِمْ صباحا ً يا دَمَ الرضع ..
أيها المتوهج شرق أريحا
أيها الراعشُ تحت الدبابةْ , الدبابة العاتية
ْ , الأمريكية الصنع .
نورا : عِمْ صباحا ً يا حليبَ الرضع ...
يا دمعة التين , قطن الغيوم تسيلُ , دفء
المرأة النفساءْ أيها الراجفْ على الخنجرْ :
طِرْ يماما ً ذبيحا ً في غُبار الثكنةِ
العمياءْ
الثكنةِ العابرة
ْ
الأمريكية الصنع ...
قتيبة : أيها الدمُ المضرج بالدماء :
قاتلك َ في هيئة الضحية , وهيئة الديمقراطية
وهيئة الأمم ... الأمريكية
الصنعْ
نورا : أيها الدمُ – الحليبُ – الورد ْ :
أيها الزاهي فوق المواثيقْ
أيها الظاهرُ فوق الضغائن , الضغائن
المضمرة , الأمريكية الصنع
قتيبة : أيها الدم المضيءْ : لن نَغفِرْ ولن ننسى
نورا : لن نغفر ولن
ننسى ...
( يعلو هتاف متظاهرين ونراهم يحملون الشهداء على
الأكُفّ )
هُتافْ : فُوقْ الحرب الممتدي
( الممتدة )
عالي زندي
ما في شعب بْ هـَ الدنيا تحدى قدّي
يا تينة كنعان اعتدي
عرش المجد زغيَّرْ حَدّي
يا هيئة أمم المرتدي - مهما تحتَدّي –
بأخمص طيّ بعمرِّ حدِّي
( ينتهي الهتاف . نرى وجه نورا : )
نورا : قمح زرعوني ( ازرعوني )
يا طيور عَمْ تكبَرْ على صوت الأذان , وفيّ زيتوني
قمح زرعوني
يا غيم عكا الموج , لما تسافروا بْ هـَ الموجْ
لا
تقطعوني
خذوا حَبات قلبي ....
وقمح زرعوني
يا بلادْ خلقتْ للصلاة
مِنْ يوم ربّ العرش قلّها :
كُوني !
( فاصل موسيقي )
قتيبة : كرمَال شعبي ألْ ما انحنى ولا بينحني
غنى حمامْ
الميدني (1)
كرمال الصّبي أل حامل حجرْ
رَفتْ فراشي(2)
ملوني
كرمال البنتْ المزنرةْ ....
غصتْ ربابي مدوزني (3)
كرمالهن غنيتْ
ورح ظلّ غَنيِّ
وما راح صوتي ينحني
نورا : لو أنا غيمي بْ فَييّ (4) على غزةِ
ودروبها وكرومها وسُماقها
لُعبةْ البنت مزيني ومشنشلي ,
والبنت بعدها بِ المريلي ... ونايمي ع َ وراقها
وعروسة الزعتر بْ كف الولد .... عَمْ ترتخي
والولد ما داقها !
قتيبة : فتشوا مدفن ل ِ وْلاْدْ
لاقوا طبشورة ورسمين ْ :
اصبَعْ ضاغطْ ع َ الزنادْ
وشارةْ نصرْ بإصبعتينْ
( نسمع : منتصب القامة أمشي – مقطع صغير .. ثم يضاء
قسم الإعداد – نرى اللجنة – صمت )
فدعوس : ألم تشاهدا برامج تلفزيونية من قبل ؟
قتيبة : ( وهو يضبط أعصابه ) طبعا ً شاهدنا
فدعوس : إذن ؟
قتيبة : إذن ماذا ؟
فدعوس : هل تظن أن ما تقترحانه يصلح لبرنامج
تلفزيوني ؟
قتيبة : بالتأكيد !
فدعوس : هات لي مشاهدا ً واحدا ً يتابع هكذا برنامج
!
قتيبة : لا بد أن هناك من يتابعه !
فدعوس : من يتابع برنامجا ً لا يفهم منه شيءٌ ؟ أنا
لا أفهم عما تتحدثان !
قتيبة : ( يومئ بيده موشكا ً أن يتكلم .. ثم يصمت )
فدعوس : على أية حال ! .. هل حضَّرتم أي مادة
للأطفال؟ يعني لو طلب إليكم تقديم برنامج للأطفال .. ماذا ستقدمان ؟
نورا : اشتغلنا على مجموعة حكايا ...
فدعوس : هاتوا فرجونا !
( تتغير الإضاءة نرى وجه نورا مضاءً بـ سبوت
دائري)
نورا : أحبائي الأطفال : كان الطاووس يسخر من
اللقلق ويقول : أنا أتحلى بالذهب والأرجوان ... أما أنت فجناحاك شاحبان
وريشك باهت . فأجابه اللقلق :
أنا أطير إلى الأعالي , وأحلق بعرض السماء الرائعة
أما أنت ... فلا تستطيع أن ترتقي إلا كومة الروث !
فتيبة : ( وجهه مضاء بإضاءة هادئة ) :
رأى ثعلبٌ جائع كلبا ً سمينا ً مربوطا ً بسلسلة ,
فسأله : من تُرى يُحسنُ إطعامك إلى هذه الدرجة ؟
أجابَ الكلب : سيدي الصياد !
رد الثعلب : فلتحمني السماءُ من مثل هذا المصير !
إن لأفضل الموتَ جوعا ً على السلاسل
فدعوس : يكفي .. يكفي ! ( صمت ) يعني لا أعرف
ماذا أقول لكما ! ...
دحام : في الواقع , وإذا تفضلتْ مدام فدعوس واذنت لي
بالكلام فإن هناك ثغرات كبيرة , أو لنقل هناك هنات , أو بالأصح هناك خلل
... بالأحرى غموض يكتنف , أو أنه يغلف المادة المقترحة , أو البرنامج
المقترح . وكما قالت مدام فدعوس ... أنا أيضا ً لم أفهم شيئا ً , خاصة هذه
الحكايا أو القصص .. رغم أنها ... أو سيما أنها موجهة للأطفال ... أقصد
مخصصة للأطفال ... فإذا كنتُ أنا نفسي لم أفهم شيئا ً فكيف سيفهمها الأطفال
؟
نورا : الأطفال يفهمونها !!
دحام : نعم ؟ ماذا تفضلت يا مدموزيل ؟ تقصدين أنني
لا أفهم ؟ !
نورا : إفهمها كما تشاء ؟ ( قتيبة يهدئ نورا بلمسة
خفيفة على يدها )
دحام : والله حلو ! على آخر زمن ياتي من يعلمنا
شغلنا وهو لم ...
فدعوس : بَسْ ! ( يصمت دحام فجأة ً )
قتيبة : هناك فقرات أخرى .. إذا أحببتم مشاهدتها ...
فدعوس : أي فقرات ؟ المكتوب يقرأ من عنوانه ( تخرج
.. تنسى حقيبة يدها )
( دحدوح ودحام يخرجان . يظل قتيبة ونورا وحدهما .
صمت . ينظران كل في وجه الآخر . ثم ينفجران ضاحكين . يلملمان أوراقهما
يهمان بالخروج . المخرج ينزل من غرفة الكونترول ) .
قتيبة : أستاذ لو سمحت , هناك نسخة من المواد التي
قدمناها كنا بعثناها لكم ...
مخرج : نعم إنها معي .
قتيبة : هل ستعيدونها إلينا ؟
مخرج : ( صمت قصير ) طبعا ً هي لكُمْ , ولكن – إذا
لم يكن لديك مانع – أريد الاحتفاظ بها .
قتيبة : ( يفكر ) حسنا ً
مخرج : كنت أريد أن أسال :المادة الخاصة بفيلم "
ربيكا " من منكما كتبها ؟ أنتَ أم الآنسة ؟
قتيبة : أنا .
مخرج : قرأتُ هذه المادة بعناية وقد أعجبتني . ولكن
هناك فقرة عن " رؤية الأغنية " .. ماذا تقصد بالضبط ..؟
قتيبة : فكرتي بإيجاز أن الأغنية المصورة تحدد
الأماكن والشخوص وبالتالي فإن المشاهد لا تنشط مخيلته , ولكن تلقيِّ
الأغنية عبر السماع فقط يستطيع المشاهد أن يتخيل الأمكنة والناس بنفسه ..
طبعا ً هذا اعتقاد شخصي .. فأنا أظن أن الأغنية المسموعة أكثر إقناعا ً من
الأغنية المصورة .
مخرج : ( بعد أن يتأمله ) أنا سعيد بمعرفتكما
نورا وقتيبة : شكرا ً . عن إذنك . ( يودعانه وعندما
تمد نورا يدها لتودعه .. يمسك بيدها ) :
مخرج : أكيد أنتِ التي كتبتِ الفقرة الخاصة برسم
الكاريكاتير ؟
نورا : نعم
مخرج : أعجبني تعليقكِ على لوحة الطائر الذي اُسندَ
سُلما ً على الشجرة !
نورا : شكرا ً
مخرج : على فكرة ! ابنتي في مثل سِّنك !
نورا : أعرف !
مخرج : تعرفين ماذا ؟
نورا : ( تبتسم ) أعرف أن ابنتك في مثل سني , إنها
صديقتي !
مخرج : أنتِ صديقة ابنتي خزامى ؟
نورا : نعم , إنها صديقتي وزميلتي في الكلية . أمْ
نسيتَ أن ابنتك خريجة كلية الفنون ؟
مخرج : لم أفكر ... أقصد لم أربط .. ولماذا لم
تخبريني ؟
نورا : ولماذا أخبرك ؟
مخرج : كان يمكن أن أساعد في شيء .
نورا : أنت تغيرت كثيرا ً يا أستاذ ! كنتَ فنانا ً
بروح متوهجة ورؤى ساطعة .. تعلمنا من فيلمك ومن المسلسلات التي أخرجتها ..
لكن الآن ( صمت ) يعني ... صرتَ موظفا ً . مجرد موظف بروح فاترة . اعذُرني
إن تكلمت بقسوة ... ولكن ... أنت الذي يحتاج المساعدة !! عن إذنك . ( تخرج
, يدها في يد قتيبة ... مخرج يتابعهما بعينيه .. يعود تجاه فمِ الخشبة ...
ويجلس في مواجهة الجمهور صامتا ً . يأتي فانوس ويجلس قربه . صمت )
فانوس : ( بهدوء وبجدية ) ما رأي فدعوس والشباب ؟
( مخرج ينظر إليه صامتا . لا يجيب . فانوس ينظر
حواليه كمن يخشى أن يسمعه أحد ) .. وأنا في غرفة الإضاءة شعرتُ لأول مرة
أنني أقوم بعمل هام , هذا الشاب والصبية قَدَّما ( شي حلو ) ... خفيف
ومشغول ويذهب إلى الجوهري في حياة الناس . ( صمت )
مخرج : ( ساهما ً ) كنتُ أظن أن ذائقة الناس تشوهت
من فرط ما نقدم – نحن وغيرنا – من تفاهات , لكن الحمد لله , الدنيا بخير ,
كم أنا سعيد ( تنهمر الدموع من عينيه ) ... أنظر يا فانوس , ثمة شباب ٌ
وشابات يتطلعون إلى آفاق أرجوانية .. إنهم يعملون و يحلمون ولا يكترثون
بمزاعمنا ... ولا أرواحنا الفاترة ( يلتفت إلى فانوس ) تصور أن الصبية
صديقة ابنتي ولم تقل لي !! كبرياؤها منعها
( صمت . ثم كمن يحدث نفسه ) إنها محقة ما فائدة
الثقافة بلا كبرياء ؟
فانوس : لقد كبُرت في عيني . إنها مميزة فعلا ً ,
والشاب أيضا ً لطيف وقريب إلى القلب ( تدخل فدعوس لتأخذ حقيبتها .. لا
ينتبهان لوجودها )
مخرج : نعم . أهم ما في المذيع أن يكون قريبا ً من
القلب لطيف ومتواضع .. عقل ٌ منفتح على الدنيا , وقلب مفعم بالإنسانية . (
صمت ) كم أتمنى أن يأخذ هذا الشاب وهذه الصبية فرصتهما , إنهما يطرحان
أفكارا ً جميلة . خسارة ان لا تصل هذه الأفكار والتصورات إلى المشاهد .
فدعوس : ماذا تفضَّلتَ يا قحطان بيك ؟ ( ينهضان )
مخرج : يا ستي لا بيك ولا بطيخ !! كنا نتحدث عن
الشاب والصبية اللذان تقدما لوظيفة ..
فدعوس : أسألك ماذا كنت تقول ؟
مخرج : قلتُ إنهما قدما أفكارا ً جميلة ولطيفة !!
فدعوس : شو يعني ؟ إلى أي شيء تلمحِّ ؟
مخرج : لا ألمح ! لقد ذهبا ... كل ما قلته : لديهما
افكارا ً جميلة
فدعوس : وأنت لكَ مكتبٌ جميل
مخرج : عفوا ً ؟
فدعوس : أليس لك مكتبا ً جميلا ً ؟
مخرج : لم أفهم قصدكِ !
فدعوس : أنا أشرح لكَ : سَلـِّم مفتاح َ مكتبك إلى
الفرَّ اش ومع السلامة … أنتَ مطرود !
مخرج : ألم تجدي أفضل من هذه الكلمة ؟
فدعوس : لا تثرثر كثيرا ً !! يالله ! فرجينا عرض
كتافك !
مخرج : لا تتحدثي معي بهذه اللهجة يا فدعوس , أنا لم
أخطئ معكِ في شيء … كل ما في الأمر أنني قلت وجهة نظر فنية …
فدعوس : … فنية ؟ ينقصُكَ الكثير من بُعد النظر !!
مخرج : وأنتِ ينقصُكِ الكثير من الحياء !! ( يدخل
دحام )
دحام : خير مدام ؟ ! انشغل بالي عليكِ !
فدعوس : ( إلى المخرج ) : اطلع بره !! هيا انقلع !!
مخرج : تطردينني ؟
فدعوس : وأطرد أباكَ أيضا ً !!
مخرج : خسئتِ أيتها القطة الهرمة !!
فدعوس : أنا قطة هرمة يا كلب ! ؟..( تخرج تقف قرب
الهاتف )
مخرج : أخجل ُ أن أرُدّ . لأنني سأكون سوقيا ً مثلكِ
!!
دحام : لا يجوز أن تتحدث مع المدام بهذه الطريقة يا
قحطان !! ( نسمع فدعوس تتحدث بالهاتف : آلو .. أنا مدام فدعوس أريد أن
أتحدث … )
مخرج : أرجوك أخي دحام … لا تتدخل !
دحام : أستاذ دحام !! لو سمحت !
مخرج : ( ينظر إليه بعتب ) وْلا دحام !! متى كانت
الألقاب حاجزا ً بيننا ؟
دحام : دائما ً , إنها موجودة دائما ً !
مخرج : قبل لحظةٍ فقط خاطبتني باسمي ولم
أنزعج ( فدعوس تخرج )
دحام : ( فجأةً وبصوت مرتفع ) : تنزعج أم لا تنزعج
أنتَ حر .
مخرج : (يضحك من كل قلبه ) يا حرام !! تزاود , وتمسح
الجوخ .. ولكن دون جدوى !
دحام : أنا لا أزاود أنا أقول الحق !
مخرج : لـُفـَّها ولك دحام !! الهانم خرجت ْ ولا أحد
سوانا هنا( دحام يلتفت ويبهت ) دائما ً تبيع نفسكَ بالرخيص !
دحام : احترم نفسك هَهْ !
مخرج : ( يضحك ) يا أخي أنا آسف , ولكنك تثير الشفقة
دحام : هذا لأني أواجهك بالحقيقة ؟
مخرج : أي حقيقة يا دحام ؟ أنت حشرتَ نفسك في موضوع
لا تعرفه .
دحام : بل أعرف كل شيء
مخرج : يا دحام أصلا ً أنت لم تكن موجودا ً لحظة سوء
التفاهم …
دحام : نعم صحـ… لا صحيح أن ولكن …
مخرج : لا ترهق نفسك !! لستُ غاضبا ً منك ( يبستم
لـه ) صدقني لست غاضبا ً ( نسمع صوت فدعوس قادمة وهي تقول : أناس لا يخجلون
من أنفسهم .. تدخل الخشبة … ولكنها تتذكر شيئا ً .. تخرج )
دحام : ( بصوتٍ عالٍ ) كيف تسمح لنفسك أن تكلم
الهانم بهذه اللهجة ها ؟ كيف تنسى أن خير الهانم يغمرنا كلنا …كيف تنكر
جميلها … كيف تجرؤ ؟ !
مخرج : الهانم خرجت ! ( دحام يبهت .. )
فدعوس : ( نسمع صوتها قبل أن تدخل ) .. تفضل .. تفضل
من هنا…( نراها داخلة .. ثم نرى سالم – الضابط ) .. يتبادلون التحية )
سالم : ( إلى دحام ) أظن أننا تقابلنا قبل هذه المرة
؟
دحام : الحقيقة … في واقع الأمر .. كل من يراني
يقول ذلك …
ضابط ( سالم ): يبدو أن الأمر كذلك ! حسنا ً ما
المشكلة؟
فدعوس : حَضرتُهُ ( تشير إلى قحطان ) السيد قحطان …
أنهيتُ خدماته بسبب عدم كفاءته فشتمني !
سالم : ( إلى المخرج ) هل هذا صحيح يا أستاذ ؟
دحام : نعم صحيح !!
سالم : أنا أسأل الأستاذ !
دحام : أنا أقول بصفتي شاهدا ً !!
سالم : لم نطلب ْ شهادتك !
مخرج : أصلا ً لم يكن الأستاذ دحام موجودا ً لحظة
سوء التفاهم بيني وبين مدام فدعوس
دحام : بل كنت موجودا ً !!
مخرج : طيب .. على أي شيء اختلفنا ؟
دحام : لأن .. كنت أنتَ .. على ضوء ما سمعت ... (
فدعوس تشير له أن يسكت ) حسنا ً هذا فانوس يشهد !
( سالم لا يرفع عينيه عن دحام )
فانوس : لا تتكلم نيابة عني , لي لسان وإذا سُئلت
أستطيع الكلام !
فدعوس : فانوس :! اذهب إلى المحاسب وخذ مستحقاتك !
( صمت . ينسحب فانوس وقبل أن يخرج .. )
فانوس : والمكالمات التي تأتي إلى برنامجك من
ألمانيا !! من يضبطها ؟ ( مخرج يضحك .. الضابط ينظر إليه )
مخرج : عفوا ً سيادة الضابط , أرجو المعذرة .
دحام : يا الله ! السلام عليكم ( يهم بالانصراف )
سالم : انتظر يا أستاذ دحام !
دحام : خير إنشاء الله ؟
سالم : أنتَ تعرف قسم الشرطة … أليس كذلك ؟
دحام : بالطبع لا ! , نعم , كيف لا أعرف ... ومن ,
بالحقيقة لا يعرف .. عفوا ً ماذا تقصد ؟
سالم : أنت مدعوّ إلى زيارتنا في القسم !
دحام : خير ؟
سالم : كل خير , أنت شَرعتَ في شهادة زور !!
دحام : أنسيت َ من أنا ؟ ! أنا ..
سالم : ( بحزم ) من فضلك ! وَّ فرْ الكلام كي تقوله
في القسم , أنتظرك في السابعة ! تستطيع الانصراف الآن ( دحام يخرج ) مدام
فدعوس ! إن إنهاء خدمات الاستاذ قحطان , أو غيره , شأن يخصكم , إنها قضية
بين رب العمل وموظفيه , وهناك جهاتٌ غيرنا تبت َّ فيها , أما قولك أن
الأستاذ شتمكِ أو ما شابه , وبغض النظر عما إذا كان ذلك حدث أو …
فدعوس : ما هذا ؟ أنتَ تكذبني يا سيادة الضابط ؟ !
سالم : لا يا مدام , وأجبي أن أسمعكِ وأسمع الأستاذ
أيضا ً , وفي كل الحالات , فإن َّ مثل هذه الخلافات تحصل دائما ً , وأرجو
أن تساعدينا كي نحلها الآن .
فدعوس : لا أقبل هكذا حل , أريد أن أقدم شكوى نظامية
.
سالم : لي رجاء أن تتصالحا وننهي المشكلة هنا , الآن
فدعوس : لا أريد المصالحة , ساقدم شكوى
سالم : في هذه الحالة تفضلي إلى القسم وقدمي شكواكِ
فدعوس : حسنا ً , هل أستطيع الانصراف
سالم : تفضلي ( تنهض , يقف المخرج ) … لماذا وقفتَ ؟
مخرج : احتراما ً للسيدة ( سالم يتأمله ويفكر )
سالم : أنت لم تتكلم
مخرج : ماذا أقول ! رأيتَ بنفسكَ كيف تـُقوِّلكُ
أشياء لم تقلـْها
سالم : ( بعد صمت ) يا أستاذ ينبغي أن نتعامل مع
الناس بروية وبشيء من المرونة , لأن البشر – سبحان الله – لهم آراء مختلفة
.. مصالح مختلفة .. أمزجة مختلفة , وفي كل عمل لا بد من مشاحنات وخلافات (
يدخل سيزار ولم ينتبه سالم ) وعلينا أن نستوعب الآخرين , علينا أن نضبط
أعصابنا , ونحتفظ دائما ً بقلب مرح وروح عذبة .. وأعصاب باردة .. وكل ذلك
في هدوء ( يرى سيزار فينفجر سالم غاضبا ً فجأة ) أغرب عن وجهي وْلا ْ!
ماذا تفعل هنا آلا يكفي أنني حطمت تلفزيونين بسببك ؟هيا انقلع .. لا أريد
أن أرى وجهك ..
( موسيقى الشارة … تبدأ الستارة بالنزول ) لا أريد
أن أسمع زعيقك .. العمى قلة الحياء ... ( ستار )
( يقوم الممثلون بتحية الجمهور , نرى في ركن من
الصالة ممثلين اثنين , أحدهما في دور مذيع تلفزيوني والثاني في دور كاتب
المسرحية .. يفضَّـلُ أن يكون المذيع معروفا ً )
مذيع : أعزائي المشاهدين , يجري الآن على خشبة مسرح
حديث المدينة عرض مسرحية أرواح فاترة , كاميرا برنامج ثقافة اليوم كانت
هناك ... وقد التقينا كاتب المسرحية السيد ( فرحان ريدان ) .. أستاذ ...
أهلا ً وسهلا ً بك وحبذا أن تحدثنا بإيجاز عن مسرحيتك / أرواح فاترة /
كاتب : يشغلني في هذه المسرحية هاجس واحد : الإعلام
في بلادنا , والتلفزيون خاصة ً , هل بنى بقدر ما هدم ؟ وأنا أظن انه قوض
أكثر مما أشاد .
مذيع : تطرقت مسرحيتك إلى مفهوم غريب بعض الشيء حول
طبيعة الإعلام .
كاتب : مفهومي بسيط : إن الفنان التشكيلي يعمل
سنواتٍ
ليقيم معرضا ً .. تأتي أنت وتصور نصف دقيقة كمادة
تلفزيونية .. أو لنقل أن شاعرا ً أقام أمسية فتكتب الصحيفة خبرا ً من سطرين
.. وهكذا .. الإعلام يأخذ مادته من رجل الثقافة ورجل الفكر ورجل الفن …
وبإيجاز : الإعلامي يتعيَّـشُ على جهد الثقافي !
مذيع : تقصد الإعلامي يكمل الثقافي ؟ !
كاتب لا ! أقصد انه لولا دراما الكاتب وقصيدة الشاعر
وبحْث ُ المفكر ولوحة الفنان لما وجد َ التلفزيون شيئا ً يقوله ! وهكذا ,
الإعلامي يعيش على حساب الثقافي اي , يتعيش
مذيع : ( للمصور ) stop
..stop ما هذا يا أستاذ ؟ يعني نحن فارغون ؟
كاتب : لا أقصد أشخاصا ً , أن أ ُحلل طبيعة الإعلام
مذيع : والله هذه أفكار غريبة , الواحد في المقابلة
: يقول شكرا ً لكم على إتاحة الفرصة ...
كاتب : يا بني آدم افهم هذا الكلام المكرور والذي
أصبح ممجوجا ً من فرط ما تلوكه الألسن ... لا يقدم ولا يؤخر .. متى نفهم أن
التلفزيون سليل شيفرة الحرب ... وأن أهالي أفغانستان هجروا منازلهم إلى
البراري قبل قصف ال ف 16 ... لقد هاجروا من القصف التلفزيوني .. إن الإعلام
أداة حرب بيد القوي ... لا تؤاخذني .. أردت أن أقول وجهة نظر .. وأن نتحاور
.
مذيع : لا تحاورني ولا أحاورك ولا أريد هذه المقابلة
.
كاتب : مع ذلك انتَ مذيع لطيف . نظيف ومهذب
مذيع : شكرا ً
كاتب : أنا جاد فيما اقول . فأنت مهذب لأنكَ لم
تعطني الإجابات مكتوبة على ورقة
مذيع : إنها معي فعلا ً ( صمت ) ولكني خجلت ُ أن
أعطيكَ ... إياها
كاتب : ألم أقل لكْ ؟ وأنتَ نظيف لأنه كان بامكانك َ
تسجيل المادة ثم إلغائها في المونتاج .
مذيع : لا حبيبي أنا لا أحب المراوغة !
كاتب : إذن ليس لكَ مستقبلٌ كرجل إعلام !
مذيع : تفـَضَّـلْ حضرتـُك علـِّمنا شغلنا !
كاتب : أنا فقط أقول وجهة نظر .
مذيع : إذن – من وجهة نظرك – من حقك أن تقول وجهة
نظر أما أنا فلا يعجبك أن أقول وجهة نظري .
كاتب : بالضبط ! الآن بالذات ليس من حقك أن تقول
وجهة نظرك !
مذيع : ولماذا ؟
كاتب : لأنها ليست وجهة نظرك !
مذيع : هذه فلسفة جديدة : إن وجهة نظري ليست وجهة
نظري !
كاتب : تماما ً !
مذيع : وجهة نظر من إذن ؟
كاتب : وجهة نظر الذين يدفعون مرتبك !!
مذيع : حل عنا ياااا ! ( ينزل الممثلون عن الخشبة
يحاولون تهدئة الوضع .. والنقاش يعلو وبتصاعد )
كاتب : أنتَ فهمتَ وجهة نظري جيدا ً ولكنك تتظاهرُ
بعدم الفهم ...
مذيع : لا أتظاهر ولا زفت ... ويالها من آراء ...
كاتب : تقتنع ولا َّعمرك ما تقتنع ... انصرف من وجهي
!!
مذيع : أنتَ الذي يجب أن ينصرف ! لقد زودتها وأنا
تحملتك كثيرا ً ... ولكن وصلت معي إلى رأس أنفي !!
كاتب : اضرب أنفك ورأسك بالجدار ...
( يعلو الشجار... نرى الناس خارجين على أدراج
المسرح)
|