أرق الحسن
يبكي ويضحك لاحزناً ولا فرحا كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا
من بسمة النجم همس في قصائده ومن مخالسة الضّبـي الذي سـنحا
قلبٌ تمرس باللذات وهو فتى كبرعم لـمـسته الريح فانفـتحا
ماللأقاحية السمراء قد صرفـت عـنّا هواها؟أرق الـحسن ما سمحا
لو كنت تدرين ماألقاه من شجن لكنت أرفق مـن آسى ومن صفحا
يا
جهادا صفق المجد له
يا جهاداً صَفَّقَ المجد له:
سائل العلياء عنا والزمانا
هل خفرنا ذمَّةً مُذْ عرفانا
المروءاتُ التي عاشت بنا
لم تزل تجري سعيراً في دِمانا
قل (لجونْ بولٍ)* إذا عاتبتَهُ
سوف تدعونا ولكن لا ترانا
قد شفينا غلّة في صدره
وعطشنا، فانظروا ماذا سقانا
يوم نادانا فلبّينا النِدا
وتركنا نُهيَةَ الدين ورانا
ضجَّت الصحراء تشكو عُرْيَها
فكسوناها زئيراً ودُخانا
مذ سقيناها العُلا من دمنا
أيقنت أن مَعَدّاً قد نمانا
* * *
ضحك المجدُ لنا لما رآنا
بدم الأبطال مصبوغاً لِوانا
عرسُ الأحرار أن تسقي العِدى
أكؤساً حُمراً وأنغاماً حزانى
نركب الموتِ إلى (العهد) الذي
نحرتْه دون ذنب حُلفانا
أمِنَ العدل لديهم أننا
نزورع النصر ويجنيه سِوانا
كلّما لَوَّحتَ بالذكرى لهم
أوسعوا القول طلاء ودِهانا
ذنبنا والدهر في صرعته
أنٍْ وفينا لأخي الوِد وخانا
* * *
يا جهاداً صفّق المجد له
ليس الغارُ عليه الأرجوانا
شرفٌ باهتْ فلسطينٌ به
وبناءٌ للمعالي لا يُدانى
إن جرحاً سال منْ جبهتها
لثمتهُ بخشوعٍ شفتانا
وأنيناً باحت النجوى به
عربياً رشفتهُ مقلتانا
* * *
يا فلسطين التي كدنا لما
كابدته من أسىً ننسى أسانا
نحن يا أختُ على العهد الذي
قد رضعناه من المهد كِلانا
يثربٌ والقدسُ منذُ احتلما
كعبتانا وهوى العرب هوانا
شرفٌ للمت أن نطعمه
أنفساً جبارة تأبى الهوانا
وردةٌ من دمنا في يده
لو أتى النار بها حالت جنانا
انشروا الهول وصُبّوا ناركمْ
كيفما شئتم فلن تلقوا جبانا
غذّتِ الأحداثُ منّا أنفُساً
لمْ يزدها العنفُ إلاّ عنفوانا
قَرَعَ (الدوتشي) لكم ظهر العصا
وتحدّاكم حساماً ولسانا
إنهُ كفوٌ لكمْ فانتقموا
ودعونا نسألُ الله الأمانا
* * *
قُمْ إلى الأبطال نلمسْ جرحهمْ
لمسة تسبحُ بالطيب يدانا
قم نجعْ يوماً من العمر لهمْ
هبْهُ صوم الفصح، هبهُ رمضانا
إنما الحقُّ الذي ماتوا له
حقنا، نمشي إليه أين كانا
ياعاقد الحاجبين
يـاعاقد الـحاجبين على الجبين اللجين
إن كنت تقصد قتلي قـتلتني مـرتين
مـاذا يـريبك مني ومـاهممت بـشين
أصُـفرةٌ في جبيني أم رعشة في اليدين
تَـمر قـفز غزالٍ بين الرصيف وبيني
وما نصبت شباكي ولا أذنت لـعيني
تـبدو كأن لاتراني ومـلء عينك عيني
ومـثل فعلك
iiفعلي
ويلي من الأحمقين
مولاي لم تبق مني حـياً سوى رمقين
صبرت حتى براني وجدي وقرب حيني
ستحرم الشعر مني وهـذا لـيس بهين
أخاف تدعو القوافي عليك في المشرقين
إني مت بعدك
عش أنت أني مت بعدك وأطل إلى ماشئت صدك
مـاكان ضرك لو عدلت أمـا رأت عيناك قدك
وجـعلت من جفني متكأً ومـن عـيني مـهدك
ورفعت بي عرش الهوى ورفعت فوق العرش بندك
وأعـدت للشعراء سيدهم ولـلـعـشاق عـبـدك
أغـضاضه ياروض إن أنا شاقني فشممت وردك
أنقى من الفجر الضحوك فـهل أعرت الفجر خدك
وأرق مـن طبع النسيم فـهل خلعت عليه بردك
وألـذ مـن كأس النديم فهل أبحت الكأس شهدك
وحياة عينك وهي عندي مـثلما الأيـمان عندك
مـاقلب أمك أن تفارقها ولــم تـبـلغ أشـدك
فـهوت عليك بصدرها يـوم الـفراق لتستردك
بـأشد مـن خفقان قلبي يـوم قيل:خفرت عهدك
المسلول
سَـنَـةٌ مَـضَتْ ، فإذا خرجتَ إلى
ذاكَ الـطـريـقِ بِـظـاهرِالبَلَدِ
وَلَـفَـتَّ وَجْـهَـكَ يَمْنَةً ، فترى
وجهـاً مَـتـى تَـذكُرْهُ تَرْتَعِدِ :
هـذا الـفتى في الأمسِ ، صارَ لى
َجُـلِ هَـزيـل الـجِـسْمِ مُنجَرِدِ
مُـتَـلَـجـلِجِ الألفاظِ مُضطربٍ ،
متواصـلِ الأنـفـاس مُـطَّرِدِ
مُـتَـجَـعِّـدِ الـخدينِ مِنْ سَرَفٍ
مـتـكَـسِّـرِ الـجفنين مِنْ سُهُدِ
يبـدو مـن الـوجَنَاتِ في خَدَدِ
تَـهْـتَـزُّ أنْـمُـلُـهُ ، فتَحْسَبُها
َرَقَ الـخَـريـفِ أُصِـيبَ بالبَرَدِ
وَيَـكـادُ يَـحْـمِلُهُ ، لِما تَرَكتْ
مِـنْـهُ الـصَبَابَةُ ، مِخْلَبُ الصُّرَدِ
يـمـشـي بـعـلَّتِهِ على مَهَلٍ ،
فَـكَـأنَّـهُ يـمـشـي عَلى قَصَدِ
وَيَـمُـجُّ أحـيـانـاً دَماً ، فعلى
مِـنْـديـلِـهِ قِـطَـعٌ من الكَبِدِ
قِـطَـعٌ تـآبـيـنٌ مُـفَـجَّـعَةٌ
مَـكْـتُـوبَـةٌ بِـدَمٍ بِـغـيرِ يدِ
قِـطَـعٌ تـقـولُ لَهُ : تموتُ غداً
وإذا تـرقً ، تـقـولُ ك بعدَ غَدِ..
والـمـوتُ أرحـمُ زائـرٍ لِـفَـتىً
مُـتَـزَمِّـلِ بـالـداءِ مُـغْـتَمِدِ
قـدْ كـان مُـنـتحِراً ، لو أن لهُ
شِـبْـهَ الـقِوَى في جسمهِ الخَضِدِ
لَـكِـنَّـهُ ، والـداءُ يَـنْـهَشُهُ ،
كـالـشـلـوِ بين مخالب الأسدِ..
جَـلْـدٌ عَـلـى الآلامِ ، يُـنْجِدُهُ
طَـلَـلُ الـشبابِ وَدارِسُ الصِّيَدِ..
أيـنَ الـتـي عَـلِـقتْ بِه غُصناً
حُـلْـوَ الـمَـجـانِـي ناضِرَ المَلَدِ
أيـن الـتـي كـانـت تقولُ لهُ
ضعْ رأسَكَ الواهي على كبدي ؟! ..
هـذا قَـتِـيـلُ هَوًى ببنتِ هوًى
هـذا قَـتِـيـلُ هَوًى ببنتِ هوًى
هـذا قَـتِـيـلُ هَوًى ببنتِ هوًى
فـإذا مَـرَرْتَ بِـأُخْـتِـها فَحِدِ
مَـاتَ الـشَّـقيُّ بِها وَقَدْ سَلِمتْ
يَـا لَـلْـقَـتـيـلِ قَضى بلا قَوَدِ
مَـاتَ الـفـتى ، فأقيم في جَدَثٍ
مُـسْـتَـوْحِـشٍ الأرجـاءِ مُنْفَرِدِ
مُـتَـجَـلِّـلٍ بـالـفقرِ ، مؤتَزِرٍ
بـالـنـبْـتِ مِـن مُتَيَبِّسِ وَنَدِي
وَتَـزُورُهُ حِـيـنـاً ، فَـتُـؤْنِسُهُ
بَـعـضُ الـطيورِ بِصوتها الغَرِدِ
كَـتَـبُـوا عـلـى حُجُراتِهِ بِدَمٍ
سَـطـراً بـهِ عِـظةٌ لِذِي رَشَدِ :
هـذا قَـتِـيـلُ هَوًى ببنتِ هوًى
فـإذا مَـرَرْتَ بِـأُخْـتِـها فَحِدِ
مصرع النسر
لبستْ بعدكَ السوادَ العواصمْ
واستقلّتْ لكَ الدموعَ المآتمْ
ودّ لو يفتديكَ صقرُ قريشٍ
بالخوافي، من الردى، والقوادم
دارَ هولُ المصابِ حتى احتوى الكو
نَ، كما دار بالأصابع خاتم
فإذا البحرُ مثقلُ الصدْرِ بالأَحْـ
ـزانِ، والأفقُ شاحبُ الوجهِ ساهم
وإذا أنتَ ، لا ترى غيرَ رأسٍ
مُطرِقٍ وارمِ المحاجرِ واجم
أسْنِدوا «البيتَ» بالصدور، فقد ما
دَ، وخانتْ جدرانهنَّ الدَّعائم
وامنعوا «القبرَ» أن يلمَّ به النا
عي، فينعى إلى «الرسول» «القاسم»
عرفتْ قدركَ العيونُ فأغضتْ
واستعارتْ لها عيونَ الفواطم
فطغى مصرعُ «الحسينِ» على الشَّرْ
قِ، وشُدّتْ على الرماح العمائم
واكتسى مفرقُ الجهادِ جمالاً
بالأكاليل من ذؤابة هاشم
****
«فيصلَ» العُرْبِ، ما هززناكَ إلا
بالجفونِ المقرَّحات السواجم
بالمنى الذابلاتِ، بالأمل الدا
مي، بثُكل الهوى، بفقد المراهم
فهززنا، لما هززناكَ، دنيا
من جمالٍ وجنَّةٍ من مَراحم
قل لتلك العهودِ في رَهَج الحَرْ
بِ، وفي سكرة القنا والغلاصم
قد لمحناكَ في عيون الثعالي
ولمسناكَ في جلود الأراقم
حَدَّثونا عن الحقوق فلمّا
كبَّر النصرُ ، أعوزتْنا التراجم
نفحتْنا بها الحروبُ سلاماً
ورمانا بها السلامُ أداهم
قُلْ - وقُيتَ العِثارَ - في ندوة القَوْ
مِ، متى أصبح الحليفُ مُخاصِم؟
أين ذاك الهيامُ في أول الحبْ
بِ، وتلك الموشّحاتُ النواعم؟...
كدتُ أخشى عليكمُ تلفَ النفْـ
ـسِ ببان اللِّوى وظبْي الصرائم
علِّمونا كيف الشفاءُ من الحبْ
بِ، فما يستوي جهولٌ وعالمْ
واذكروا عهدَنا القديم، فقِدماً
بخل الدهرُ بالصديق الملائمْ..
إنَّ تحت الصدورِ جذوةَ مَوْتو
رٍ، وخلف الحدودِ زأْرَة ناقم
ليس في الدهر أوَّلٌ وأخيرٌ
فالبداياتُ كنَّ قبلاً خواتم
لو أفاد العتابُ، ملنا على النفْـ
ـسِ بما لا تطيقهُ نفسُ نادم
أخذتنا الدنيا بما زيّنتْهُ
من أمانٍ، ونحن بعدُ براعمْ
وعلِقْتم من عهدهم بسرابٍ
كمْ سُمومٍ تحت الشفاهِ البواسم
هفوةٌ ، جرَّها الزمانُ علينا
لا ملومٌ أنا، ولا أنا لائم
ذلك الليلُ في السنين الخوالي
سوف يغدو فجرَ السنين القوادم
للتجاريب في الأمور يداها
رُبَّ بانٍ ما كان بالأمس هادم
****
يا قصورَ المنى على شفق الأَحْـ
ـلامِ، كم مُشفقٍ عليكِ وحائم
أطْلَعَتْ شمسُ «فيصلٍ» منكِ للعُرْ
بِ مصابيحَ من شقوق الغمائم
فلمحنا في أفقها وجهَ «هارو
نَ»، وعصراً مخضَّباً بالعظائم
وَقَفَتْ عنده الطوارئُ حَسْرى
من مُكِبٍّ على البساط ولاثم
وتغنّى «الفراتُ» بالسؤدد الفَخْـ
ـمِ، وحلَّى أجيادَه والمعاصم
وتهادى الزمانُ عن جانبيهِ
أزليَّ الشبابِ، نضرَ الكمائم
أملٌ طاف بالجزيرة ريَّا
نُ طليقُ الهوى، طليقُ الشكائم
حشد العُرْبَ تحت رايته السَّمْـ
ـحاءِ والعدلَ والعُلا والمكارم
واستردّ الأجيالَ، من مُضَرَ الحَمْـ
ـراءِ والشعرَ والحِجا والمواسم
أملٌ كالسماء في بسمة الفَجْـ
ـرِ، وفي موكب الرياض الفواغم
فرَّ مذ مُدَّتِ الأكفُّ إليهِ
كفرار النعيمِ منْ كفِّ حالم
****
ذلك النسرُ، كيف حلّق وانقضْ
ضَ مهيضَ الجناحِ، دامي القوائم
رجَّةٌ ، أجفلَ الكواسرُ منها
ورمى الذُّعرُ في العرين الضراغم
واشرأبّ الوجودُ، ينظر للنَّسْـ
ـرِ على ذروة العروبة جاثم
مدَّ فوق الثرى جناحاً وألقى
شامخاً ما له من الموت عاصم
حاملاً ملء ثوبه من جراحا
تِ الليالي، ومنْ غبار الملاحم
يُطبق الناظِرَيْن، إلا بقايا
من شعاعٍ حول المحاجر هائم
هكذا مصرعُ النسورِ: وِسادٌ
من جلالٍ وقبةٌ من طلاسم
****
قد حملنا الشآمَ من طرفيهِ
فوق بحرٍ من الأسى مُتلاطِم
وسفحنا في «دجلةٍ» قلبَ «لبنا
نَ»، وأجفانَه الهوامي الهوائم
خذْ بهمس القلوبِ في أذن الحُبْ
ـبِ، ودعْ عنكَ كاذباتِ المزاعمْ..
نَسِيَتْ نوحَها الحمائمُ في الدَّوْ
حِ، فجاءت تُصغي إليَّ الحمائم
ومن النَّوْح ما يهزّكَ للعَطْـ
ـفِ، ومنه المدمدِماتُ الهوادم
|