أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | إصدارات أدبية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 14/08/2024

الكاتبة: رجاء علي حويلة

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتبة

بطاقة تعريف الكاتبة

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتبة

 

 من مواليد دمشق 1962

عشت قسم كبير من حياتي في الكويت حيث تلقيت دراستي هناك والآن أنا مقيمة في دمشق.

اتجهت إلى الأطفال من خلال مجموعة (كان ما كان حكايات من بلاد الشام) التي صدرت عام 1994 وهي:

1-شقيقة النعمان

2-الكلب الأسود

3-مدينة السعادة

4-البقرة الصفراء

5-ياسمين الطيبة

وإلى الكبار من خلال ديوان بعنوان: أوهام

 

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتبة

سر المفاتيح السبعة

 دنيا الأسرار

 

دنيا الأسرار!

 

 

كان يا ماكان، يا مستعمي الكلام، كان في قديم الزمان أمير صغير اسمه وحيد. وكان اسمه مناسباً له، فهو يحب أن يبقى، وحيداً في غرفته مع ألعابه وكتبه وأفكاره وخياله البعيد. وذات يوم من الأيّام، وكان مستغرقاً في لعبه وتأملاته، سمع صوتاً حنوناً ناعماً يقول: وحيد..! لماذا أنت وحيد؟

تلفّت حوله ليرى مصدر هذا الصوت، فلم ير أحداً، فظنّ أنه وهم من أوهامه، عاد وتابع ما كان فيه، فسمع الصوت يتكرر وحيد..! لماذا أنت وحيد؟

فتلفّت، مرّة أخرى، فلم يجد أحداً. وتساءل: من أين يأتي هذا الصوت الجميل العذب؟

وكاد يعود إلى لعبه لولا أن سمع الصوت يخاطبه

-وحيد..! انظر إلى جانبك الأيمن.

نظر إلى يمينه فوجد في الجدار بنتاً في مثل سنّه، رائعة الجمال، ومن خلفها بستان واسع، واستغرب ذلك، وأحسّ بالخوف، فقالت له الفتاة:

لا تخف يا وحيد! أنا من العالم الآخر! وأنا أميرة مثلك، رأيتك وحيداً بلا أصدقاء.

قال لها:

-أصدقائي هم ألعابي وكتبي، لقد تعوّدت أن أكون وحيداً معهم وأهلي مشغولون عنّي دائماً.

قالت:

-لهذا جئت لنصبح صديقين، ما رأيك؟

قال وحيد:

-هذا يسعدني.. موافق

قالت:

-على شرط واحد

-وما هو هذا الشرط؟

-أن يبقى الأمر بيننا سراً، لا تبوح به لأحد، حتى لأمك وأبيك.

-ولكن.. لماذا؟

-لأنني من عالم آخر، والسر عندنا يجب أن يبقى مصوناً، وأحذّرك:إذا بُحت بالسر لقيت مالا يرضيك.

هزّ وحيد رأسه موافقاً، فقالت له:

-إذا أردت أن تراني فنادني بصوت مهموس وقل "يا نارة! أنا وحيد.. أحضري في الحال" كرّر هذا النداء ثلاث مرات، فأحضر في الحال.

قال وحيد متعجباً:

-اسمك نارة؟ يا له من اسم غريب! أريد أن أطرح عليك سؤالاً.

-اطرح ما شئت من الأسئلة، فنحن أصبحنا صديقين.

-أراك جميلة، رائعة، وتشبهين البنات اللواتي أعرفهن، وأناأسمع أن لكم أشكالاً مختلفة عنّا.

ابتسمت نارة وقالت:

-أنا أشبهكم، حين أكون راضية وحين أغضب يتغير شكلي.

قال وحيد وهو يحس بالخوف:

-وكيف لي أن أعلم من أي شيء تغضبين؟

-معك لن أغضب إلاّ.. إلاّ إذا أفشيت سرّنا.. فحذار.

فاطمأنّ وحيد وقال:

-لاتخافي لن يعرف أحد من البشر سرّنا فقالت له، وهي تودّعه، وتختفي في الجدار :

-لا تنس ذلك، إلى اللقاء يا وحيد!

واختفت، وبقي وحيد ذاهلاً عن نفسه، وكأن ما رآه كان حلماً لا يصدّق مرّ في نومه. فقرص خده بقوة فتألم، وعرف أن ذلك كان في اليقظة، وليس في الحلم وليتأكد أكثر أخذ يهمس:

"يا نارة أنا وحيد.. احضري في الحال" وكرّرها ثلاثاً، وفي الحال، انفتح الجدار، وظهرت نارة وهي تبتسم وتقول:

-كنت أعلم أنك ستناديني لتتأكد!

واختفت، في الجدار، من جديد.

وهكذا أصبح وحيد ونارة صديقين، وأصبحت صداقتهما سرّاً لا يدري به أحد. وبين الحين والآخر، وحين يملّ وحيد من ألعابه وكتبه ينادي هامساً ثلاث مرّات:

"يا نارة! أنا وحيد.. احضري في الحال!"

وفي الحال ينشق الجدار عنها، فيلعبان ويقص أحدهما على الآخر بعض القصص، ويحدّثها عن نفسه، وعن أمه وأبيه، وعن مدينته، التي لا يعرف ناسها إلاّ من بعيد، وتحدّثه عن ذلك العالم الآخر، وما فيه من غرائب وعجائب. ويبقى بعد اختفائها وقتاً طويلاً، شارداً مسحوراً بما سمع. وتمنّى في قرارة نفسه أن يحصل على شيء من عالمها الغريب. وذات يوم، وبعد أن احتفل وحيد بعيد ميلاده في القاعة الفسيحة، وتسلّم الهدايا من أمه وأبيه وبعض أقاربه، عاد إلى غرفته، وفوجئ بهدايا ثلاث تنتظره على الطاولة: عصفور ملون في قفص، ووردة حمراء، وكتاب مغلق. وتوقّع أن تكون هدّية نارة في هذه المناسبة. وقال في نفسه: كنت أتمنّى أن تكون هديتي من تلك الأشياء الغريبة التي حدّثتني عنها نارة، فالعصافير عندنا كثيرة، والورود في حديقتنا بألوانها الرائعة، تتفتح كل صباح، والكتب تملأ مكتبتي، فماذا أحضرت إليّ نارة من جديد؟

وفوجئ بالجدار ينشق، وبنارة تخرج منه، وهي تقول ضاحكة:

-لا يا وحيد! لقد أحضرت لك ما كنت ترغب فيه ولم تجرؤ على طلبه منيّ. أمّا هذا العصفور، فله ريش ساحر الألوان، وكل ريشة فيه من لون مختلف، وله تغريد رائع لا تسمعه من أي عصفور في الدنيا، وفوق ذلك فهو يفهم كل ما يقال له، ويستطيع أن يقودك إلى أي مكان تريد! أمّا الوردة الحمراء فهي لا تذبل فلها رائحة لا تشبه أي رائحة بين الأزهار، ومن يشمّها، وهو مريض، يشفى من مرضه في الحال. وأمّا الكتاب فيمكن لك أن ترى العالم كله، وأنت تقلّب صفحاته، كل عام وأنت بخير يا وحيد! هذا سرّ جديد بيننا، فحذار أن تبوح بالسّر! واختفت، فجأة، كما ظهرت. وبقي وحيد كمن لا يصدّق ما سمع. ولكنّه كان واثقاً من كلامها وشعر بسعادة غامرة لم يشعر بها في حياته. ولم يستطع تلك الليلة، أن ينام كالمعتاد من فرحته، كما لم يجرؤ على لمس هذه الأشياء السحريّة أمامه، حتى يطلع الصباح.

وأصبح وحيد يقلّب صفحات الكتاب، فيرى مدن المملكة، وقراها. يرى البلاد التي يعرف أسماءها، والبلاد البعيدة التي يجهلها يرى السهول والجبال والأنهار والبحار. يطوف في كلّ مكان، ويرى أجناساً مختلفة من البشر. يرى أباه وهو بين وزرائه وقوّاده يُسّير أمور البلاد. يرى أمه تحيط بها النساء. يرى الفلاحين في حقولهم، والحيوانات الهائمة في البراري.

صار يبحث في البيوت عن الناس المرضى، فإذا وجد أحدهم ركب حصانه، وطلب من عصفوره الغريب أن يدلّه على الطريق إليه، فيتبعه حتى يصل إلى المريض، فيخرج الوردة الحمراء ويجعله يشمّها فيشفى في الحال رافضاً أن يأخذ نقوداً لقاء ذلك.

وأصبح مشهوراً في أنحاء المملكة والبلاد المجاورة. فأحبه الناس جميعاً، وأدخل عمله هذا السرور إلى قلب والديه. ولكن لم يدر أحد سرّ الكتاب الذي يرى العالم فيه، ولا العصفور الملون الذي يقوده إلى المرضى، ولا الوردة الحمراء التي تحمل الشفاء لهم.

ومرّت الأيام، ولم يعد وحيد يشعر بالوحدة، وكان يلتقي في أوقات راحته نارة، فيتبادلان الأحاديث والقصص، وتصحبه معها عبر الجدار، فيتنزهان في حدائق غريبة قريبة من قصر أبيها. وذات يوم كان وحيد يقلّب صفحات الكتاب، فوقع بصره على فتاة رائعة الجمال في ثوبها الأصفر، تعمل بجدّ ونشاط مع أهلها في الحقل. وعرفها في الحال. إنها نارة صديقته من العالم الآخر. وتساءل عمّا أتى بها إلى هذا الحقل. ووقع في حيرة عجيبة. فأغلق الكتاب، ونادى هامساً ملهوفاً ثلاث مرّات:

"-يا نارة..! أنا وحيد.. أحضري في الحال"

فانشق الجدار عن نارة، وسألته عما يريد. فقال لها:

-بربّك قولي أين كنت الآن؟

قالت متعجبّة:

-كنتُ نائمة وأيقظتني من نومي وأحلامي!

وبدا الاستغراب على وجه وحيد، فسألته:

-قل لي ماذا في الأمر؟

فقال لها:

-لا.. لا.. ليس هناك شيء

فقالت له:

-وحيد.. لقد تعاهدنا على الصراحة في كل شيء، فقل لي ما الخبر.

فقصّ عليها قصة الفتاة الجميلة، ذات الثوب الأصفر، التي تشبهها وكأنها نسخة أخرى منها، وتعمل في الحقل مع أهلها فضحكت نارة، وقالت له:

-كنت أعلم أنك ستصل إليها هذه نور أختي على الأرض. وستذهب إليها ذات يوم. دعني الآن أعود إلى نومي.

واختفت في الجدار.

***

وصار وحيد يراقب نوراً، كل يوم، وأحس أنها أقرب إليه من كل الناس. ولم تعد تفارق خياله أبداً. ورأى، مرّة، ثعباناً كبيراً يقترب منها، وهي تعمل في الحقل، فصرخ يحذّرها، ولكنها كانت بعيدة لا تسمعه ولدغها في قدمها، فصرخت من الألم، ووقعت على الأرض، وحملها أهلها إلى البيت.

أسرع وحيد، فركب حصانه، وطلب إلى العصفور أن يدّله على بيت نور، وتبعه بأقصى سرعة ممكنة. ولمّا وصل دخل إلى غرفتها مباشرة، وأخرج الوردة من صدره، وجعل نوراً تشمّها فشفيت في الحال. وكان أهلها يراقبون ذلك في ذهول وإعجاب.

ورفض وحيد العودة إلى قصر أبيه إلاّ إذا اصطحب نوراً ووالديها لتصبح زوجة له. ولم يجد والد نور ووالدتها بداً من مرافقته مع ابنتهم، وكانا قد حذراه من عدم موافقة والديه على زواجه من ابنة فلاحين بسيطين وأخبر وحيد والديه، بعد عودته، أنه اختار الزوجة الوحيدة التي لا يريد سواها في العالم، وأنه سيموت إن لم يتزوجها ووجد الملك والملكة في نور صفات رائعة وأحبّاها وباركا هذا الزواج، واستقبلا والديها بالترحاب والرعاية. وطلب وحيد من والدي نور العودة إلى قريتهما، وإبقاء نور في القصر، لتتعود على الحياة الجديدة حتى يحين موعد الزواج وعادا مكرّمين بعد أن تركاها في رعاية والديها الجديدين.

وذات يوم قالت نور لوحيد، وهما يتنزهان في حدائق القصر:

-لا يمكنني أن أقبلك زوجاً لي إلا بشرط واحد:

قال وحيد ضاحكاً:

-كل شروطك مقبولة، فأنت تعرفين مقدار حبي لك.

قالت نور:

-ليس لي سوى شرط واحد وهو أن تخبرني عن سرّك عن سر الكتاب الذي ترى فيه العالم، والعصفور الذي يقودك على الدروب، والوردة التي تشفي من كل مرض.

فوجئ وحيد بهذا الطلب، فحزن كثيراً وقال لها:

-أنا على استعداد لتلبية أي طلب لك إلا هذا الطلب. هذا سر في حياتي لا يمكن لي أن أبوح به لأي مخلوق على وجه الأرض.

-إذاً أنت لا تحبني! وأنا لا يمكن أن أعيش مع إنسان يخفي عني سرّاً كبيراً مثل هذا السرّ

قال وحيد مستسلماً

-نور! أرجو أن تتركيني أفكر حتى الصباح ولم ينم وحيد، بقي يفكر، ويفكر، وقال في نفسه:

نور أصبحت جزءاً مني، وأنا أصبحت جزءاً منها، وهي أخت نارة في الأرض كما أخبرتني. وإذا بحت لها بالسر، فلن أرتكب ذنباً. ولا شك أن نارة ستسامحني إذا عرفت.

وفي الصباح، قابل وحيدنوراً وباح لها بكل شيء!

وعاد سريعاً إلى غرفته وترك نوراً وحدها في الحديقة. وفوجئ بالعصفور ميّتاً في قفصه، وبالزهرة قد ذبلت، وبالكتاب قد اختفى.

وفجأة انشق الجدار. ظهر شبح أسود، له شعر طويل منفوش وعينان تقدحان الشرر، ويدان نحيفتان عليهما شعر كالإبر، تنتهيان بأظافر حادة كالشفرات.

جمدّ الرعب وحيداً في مكانه، ولم يعد قادراً على الكلام، وعرف أن هذا هو شكل نارة حين تغضب. وانطلقت من الشبح ضحكة مجلجلة ساخرة:

-أيها الخائن! لم تسمع نصيحتي، وبُحت بالسرّ الذي بيننا. سأحولك إلى  حصان إلى الأبد ولن تعود إلى شكلك الأول .

حاول وحيد الكلام، فصدرت عنه كلمات متفرقة: -نارة! نارة! أرجوك.. لقد أخطأت.

كنت أظن.. كنت أظن أن..

فقاطعته صارخة:

-كنت تظن أني لا أغضب من نور لأنها أختي على الأرض، أليس كذلك؟ لقد أخطأت يا وحيد! هي أختي ولكن لا لقاء بيني وبينها.

واقتربت نارة من وحيد، ونفخت عليه نفخة قويّة فإذا به يتحوّل إلى حصان أسود. واختفت في الجدار.

ولمّا تأخر وحيد، لحقت نور به، ففوجئت بالحصان الأسود. وبحثت عن وحيد، فلم تجده. عندها أدركت أن الحصان الأسود هو وحيد، لأنه باح لها بالسر. فأخذت تبكي،وهي تمرّر يدها، بحنان، على رأس الحصان ووجهه وتقول:

-سامحني يا وحيد! سامحني!

وندمت على إلحاحها، ولكن ماذا ينفع الندم الآن؟ وتذكرت نور العبارة التي كان يقولها وحيد لنارة لتحضر إليه. وفكرّت في دعوتها، لترجوها أن تحولها هي إلى فرس سوداء، وتعفو عن وحيد. فصارت تقول هامسة:

-نارة..! يانارة! أنا نور.. احضري في الحال.

وكرّرتها ثلاث مرات. وانتظرت طويلاً فلم تحضر. وأعادت النداء مرّات ومرّات بلا جدوى

ولم تدر نور ماذا تفعل لتعيد وحيداً إلى شكله الأول أخذت تفكّر وتفكّر وذهبت إلى أهل وحيد وأخبرتهم بأن وحيداً ذهب في رحلة قد تطول، ليشفي بعض المرضى، وأنه كان على عجل من أمره، فلم يخبرهم.

وعادت نور إلى غرفة وحيد، وجلست تبكي، وتفكر. وحين أقبل الليل، ركبت الحصان الأسود، وخرجت من القصر من غير أن يراها أحد. وبقيت تمشي وتمشي حتى وصلت إلى مفترق طرق ثلاثة عنده كوخ خشبيّ، وعلى بابه شيخ طاعن في السن، قد طالت لحيته، وطالت أظافره، حتى لامست الأرض، قالت له بشجاعة وقوة :

-السلام عليك يا سيدنا الشيخ!

فرد الشيخ عليها:

لولا سلامك سبق كلامك لغاصت فيك أظافري حتى عظامك!

ونزلت عن الحصان. وأخرجت مقصّاً كان معها، فقصّت له لحيته وأظافره، وهيأت له طعامه، فأكل حتى شبع.

وسرّ من فعلها وقال لها

-ماذا تطلبين يا بنيّتي؟

قالت وهي تشير إلى الحصان الأسود:

-هذا وحيد.. أريد أن يعود إلى شكله الأول.

قال لها الشيخ:

-امشي في طريقك، على مسافة ليلتين من هنا، وعلى مفترق طرق ثلاثة، تجدين كوخ أخي، وهو أكبر مني بسنة وأعلم مني بدهر، فافعلي معه مثلما فعلت معي، وهو يدلّك ومشت نور ليلتين ووجدت عند مفترق طرق ثلاثة كوخاً يجلس أمامه شيخ آخر طاعن في السن، فسلّمت عليه مثلما سلّمت على أخيه، وفعلت له مثلما فعلت لأخيه، وذكرت له حاجتها فقال لها:

-امشي في طريقك، على مسافة ليلتين من هنا، وعلى مفترق طرق ثلاثة، تجدين كوخ أخي. وهو أكبر مني بسنة، وأعلم مني بدهر، فافعلي معه مثلما فعلت معي، وهو يدلّك ومشت نور ليلتين. ووجدت عند مفترق طرق ثلاثة كوخاً يجلس أمامه شيخ آخر طاعن في السن، فسلّمت عليه مثلما سلمت على أخويه، وفعلت له مثلما فعلت لأخويه وذكرت له حاجتها، فقال لها:

-امشي في طريقك، على مسافة ليلتين من هنا، تجدين نهراً عليك عبوره سبع مرات على ظهر الحصان، ولا تخافي من أمواجه العالية، عند ذاك سيعود وحيد إلى شكله الأول.

ومشت نور ليلتين، وظهر لها النهر العريض، يلمع تحت الشمس، فاستبشرت خيراً. وعبرت النهر بالحصان، وما أن بلغت منتصفه حتى ارتفعت الأمواج من حولها، وكادت تجرفها هي والحصان، ولكنها تماسكت وتشجعت وهتفت بالحصان:

-هيّا.. هيّا.. يا وحيد! إلى الأمام يا وحيد حتى بلغت الضفة الأخرى. وعادت لعبوره ثانية وارتفعت الأمواج من حولها أكثر. وشعرت بالخوف، لكنها تابعت طريقها حتى بلغت الضفة. وهكذا حتى عبرت النهر سبع مرات كما قال لها الشيخ –عند ذلك انتفض الحصان الأسود وظهر وحيد مكانه، فعانق نوراً وشكرها على شجاعتها وتضحيتها وحبها له، فقالت له:

-أنا مدينة لك بحياتي، فأنت الذي أنقذني من موت محقق.

وفجأة ظهرت نارة أمامهما في أجمل صورة، وهي تبتسم لهما وقالت:

-لقد نجحت يا نور في إنقاذ وحيد، كما أنقذ حياتك، وبرهنت، بشجاعتك وحبّك، على أنك جديرة بأن تكوني زوجة له.

والتفتت إلى وحيد، وقالت له:

-عفوت عنك يا وحيد، حبك لنور هو الذي جعلك تبوح بالسر. أنت لم تعد في حاجة إليّ، سأتركك مع نور وأنا مطمئنة عليكما. أعيد إليك الكتاب العجيب هديّة مني إليكما بمناسبة زواجكما، لتريا فيه العالم وأنتما في بيتكما، أتمنى لكما حظاً طيّباً.

واختفت نارة فجأة كما ظهرت، وظهر على القرب من وحيد ونور حصان أبيض، يحملهما سريعاً إلى القصر، قبل أن يشتد قلق الأهل عليهما، وليحضّرا طقوس الأفراح التي ينتظرها الجميع بفارغ الصبر.

وطار الطير الله يمسّيكم بالخير.

 

 

 

سر المفاتيح السبعة

 

 

كان يا ما كان، يا مستمعي الكلام، كان في قديم الزمان

سبعة أخوة كانوا يعملون في صيد السمك، يذهبون، صباح كل يوم إلى البحيرة الكبيرة بعيداً عن القرية، يلقون فيها شباكهم، وينتظرون امتلاءها بالأسماك. وأحياناً يركبون قارباً صغيراً، يقودونه إلى أعماق البحيرة حيث الصيد أوفر. وكان عليهم أن يعودوا حتماً، قبل حلول المساء، إلى قريتهم، لأن البحيرة كانت مسحورة، يحرسها مارد جبار يخرج في الليل، ويختفي في النهار في أعماقها، وكان الصيّادون يخافونه، ولا يجرؤون على البقاء حتى المساء، وإلا ماتوا أو اختفوا إلى الأبد.

وذات صباح باكر، بدأت أمّهم توقظهم، وهي تنادي عليهم بأسمائهم، الكبير أولاً ثم الأصغر فالأصغر، وكانت تغني بصوتها العذب الحنون:

الليل عدّا وراح

وعلى العالم أطلّ الصباح

والديك على عرشه صاح

انهضوا يا أولاد! الطيور سبقتكم إلى رزقها، البحيرة تنتظركم.

انهضوا حتى تعودوا قبل أن يرجع المارد. انهضوا برضاي عليكم.

وينهضون واحداً بعد الآخر. يرتدون قمصانهم الجميلة، وكل قميص بلون من ألوان قوس قزح ثم يتناولون فطورهم على عجل.

ويودعون أمهم ويحملون شباكهم وسلالهم، وينطلقون وهي تشيعهم بدعواتها الطيّبات.

ولما وصلوا إلى البحيرة ذات يوم نشروا شباكهم وهم يرجون صيداً وفيراً. وبعد قليل، ارتفع الموج في البحيرة وتدفق السمك بكثرة، فأخذوا يملأون سلالهم، وهم في غاية السعادة والسرور.

ومضى النهار سريعاً، وغابت الشمس وراء الأفق دون أن ينتبهوا، لقد أغوتهم الأسماك الكثيرة وألوانها الساحرة، فنسوا أن البحيرة مسحورة، وفجأة تغير لون الماء وحلّ صمت رهيب، وخرج المارد بجسمه الهائل الطويل، ورأسه العالي، ويديه الضخمتين.

وبدا الأخوة السبعة أمامه كالأقزام، خافوا كثيراً لرؤيته، وأرادوا الهرب والنجاة بأنفسهم، لكن أنّى لهم ذلك!؟ لقد تجمّد الدم في عروقهم من منظره، وشلّ صوته القوي حركتهم:

-كيف تجرأتم على البقاء حتى هذه الساعة؟ ألا تعلمون أن هذه البحيرة ملكي؟

واستطاع كبيرهم أن يتكلم :

-سامحنا أيها المارد، لقد نسينا لعن الله الطمع.

هدر صوته عالياً:

-لا.. لن أسامحكم.. سأنسيكم الحليب الذي رضعتموه من أمكم، وأمحوكم عن وجه الأرض. وتجرأ صغيرهم فقال:

-سيدي! حين يكون المرء كبيراً يكون أقدر على العفو والغفران. أرجو أن تعفو عنا هذه المرّة وضحك المارد ضحكة مجلجلة، فبدت أسنانه الطويلة الحادة المعوجة. أغمض عينيه الناريتين وحرك ذيله وقال:

أيها الولد الحكيم! لقد أعجبني جوابك. سأعفو عنكم، ولكن لي فيكم حاجة. لقد فقدت مفاتيح قصوري السبعة في أعماق البحيرة. ولها ألوان قمصانكم الجميلة السبعة نفسها. سأحولكم إلى مفاتيح لقصوري.

وتجرأ الصغير مرة أخرى وقال:

-الموت خير لنا إذاً.

قال المارد:

-لا .. ستقومون برحلة رائعة.. وترون كل شيء في أعماق البحيرة، وتعيشون في قصوري السبعة.

قال أحد الأخوة:

ومتى نعود إلى أمنا

قال المارد:

-لن تعودوا.. هناك مخلوقات كثيرة في قصوري، وهي كلها سعيدة.. ولا تريد العودة إلى ما كانت عليه.

فصار الأخوة السبعة يبكون، ويصيحون:

-هذا ظلم.. لا نريد .. لا نريد.

نفخ المارد عليهم نفخة قوية، فتحولوا إلى مفاتيح بلون قوس قزح، وربطهم بخيط لفه على يده، وصار يتجول في أنحاء البحيرة، حتى طلع الصباح، غاص بهم في أعماق البحيرة، فشاهدوا الماء الشفاف المائل إلى الخضرة، والأسماك الكثيرة الصغيرة والكبيرة من كل الأشكال والألوان والتي، لم يروا مثلها من قبل. شاهدوا الأشجار الغريبة، والصخور الرائعة، نزلوا ودياناً سحيقة وصعدوا جبالاً عالية، وطافوا على القصور السبعة: القصر البنفسجي أولاً، ثم القصر النيلي، ثم القصر الأزرق، ثم القصر الأخضر، ثم القصر البرتقالي، وأخيراً القصر الأحمر. وكلما وصلوا إلى قصر من هذه القصور كان المارد يفتح بالمفتاح المماثل للون القصر، وشاهدوا في هذه القصور مخلوقات غريبة، وأشياء غريبة، لها لون القصر الذي تسكن.

وذات يوم نسي المارد المفاتيح على باب القصر البنفسجي، فجاءت حورية البحيرة البنفسجية، وقالت:

-ما أجمل هذه المفاتيح، وما أجمل ألوانها!

وأخذت تلمسها بأصابعها الناعمة وتقول:

-من أي عالم أنتم أيها المفاتيح، ومن أين جئتم؟

فقال أحد المفاتيح بصوت رفيع، ضعيف:

-نحن من عالم البشر، وكنا نصطاد السمك من البحيرة، وقد سحرنا المارد، وحولنا إلى مفاتيح لقصوره، وأصبحنا نتألم.

وسألها مفتاح آخر:

-وأنت أيتها الحورية، من أين جئت؟

قالت بحزن:

-أنا ابنة صياد، قتل المارد أبي وأمي، وسحرني أنا وأخوتي الحوريات السبع لنكون في خدمته وقد جعل كل واحدة منّا في قصر. وقد مضى على وجودنا هنا سبع سنين وأنا أعلم بكل أسرار البحيرة، وسأدلكم على طريق الخلاص من سحر المارد ومن شروره كلها. وأخذت تشرح لهم ذلك بكلمات مهموسة حتى لا يسمعها أحد. وفجأة ظهر المارد. وبدا غاضباً وصاح بالحورية:

-ماذا تفعلين أيتها الملعونة؟ هيا ادخلي القصر وهيئي لي الطعام، وأخذ المفاتيح وربطها بيده.

وذات يوم كان المارد ينام في القصر البنفسجي، فاقتربت الحورية منه، وهي تحمل مقصاً وقطعت خيط المفاتيح بحذر، وحملتها، وخرجت من القصر، وقالت للمفاتيح:

-هيا.. تذكروا ما علمتم.. ولا تنسوا إنقاذي أنا وأخواتي مع السلامة وإلى اللقاء.

وألقت بالمفاتيح في فم سمكة كبيرة، فابتلعتها وسبحت بعيداً عن القصر. وفوجئ الإخوة السبعة بعالم جديد في بطن السمكة الكبيرة، رأوا أنفسهم على أطراف جزيرة رائعة الجمال، أشجار، وأعشاب، وأشياء لا تخطر في البال، وأحسوا بسعادة لا توصف وقالوا:

-مستحيل أن يكون كل ما نرى، داخل هذه السمكة الكبيرة، ربما كنا في منام، وربما نرى ونحس بهذه السعادة بتأثير السحر علينا، وعاشوا سبعة أيام في بطن السمكة الكبيرة، حتى اصطادها صياد على طرف البحيرة، فأدهشه شكلها الجميل، وألوانها الخلابة. فرح بهذا الصيد الثمين. وقال في نفسه: لم أر في حياتي سمكة كهذه. سآخذها إلى زوجتي. فتفرح بها، وسأدعو أهلي وأصدقائي إلى وليمة كبيرة لا تنسى.

وحين رأتها زوجته دهشت هي الأخرى، وصارت تتأملها وتقول: يا الله: ما أحلى منظرها، وما أجمل ألوانها. وأخذت تنظفها فوجدت في أحشائها المفاتيح السبعة ذات الألوان المدهشة، وصارت تتساءل عن هذه المفاتيح ومن أي أحجار كريمة أو من أي معدن صنعت، ونادت زوجها لتريه هذه الأعجوبة فلما رأى المفاتيح قال لها:

-ما رأيك في أن نقدمها هدية للحاكم؟!

فغضبت منه وقالت:

-كلما وجدت شيئاً جميلاً تهديه للحاكم؟ بماذا نفعنا الحاكم؟ لا.. لن أقبل ذلك.

فضحك الزوج وقال لها:

-إذاً.. اقبليها هدية مني إليك

ففرحت الزوجة بهذه الهدية، وشكرته. وصارت تصبّ الماء على المفاتيح وتقول:

-بسم الله.. بسم الله.. سبحان الخالق العظيم.

وفجأة تحولت المفاتيح إلى أقزام سبعة، فصرخت من الدهشة والرعب. وجاء زوجها على صوت صراخها ورأى هذه المعجزة. وصار يتأمل الأقزام، ويقول لهم:

-من أي عالم جئتم؟ ومن أي صنف من المخلوقات أنتم؟

وفوجئ بهم ينادونه باسمه ويقولون له:

-أنت صديقنا الصياد؟ ألا تذكرنا؟ انظر إلى ألواننا.. ألا تذكر أصدقاءك الأخوة السبعة؟ ودهش كثيراً، وأخرجهم من الحوض، وصار يناديهم بأسمائهم ويقول:

أين اختفيتم كل هذه الأيام، الجميع يسألون عنكم. وأكثر الناس يعتقدون أنكم متم، وأن المارد قد أكلكم.

وأخذوا يقصوّن عليه وعلى زوجته قصتهم مع المارد من أولها إلى آخرها. وطلبوا منهما كتمان السر حتى يعودوا كما كانوا. وسألهم صديقهم الصياد عن وسيلة يساعدهم بها، فذكروا له كلام الحورية البنفسجية الذي همست به لهم وقالوا:

-على من يريد إنقاذنا من هذا السحر، أن يكون شجاعاً لا يخاف، ويحبنا كثيراً، ويقبل التضحية من أجلنا، ويذهب إلى أطراف البحيرة، ويبحث عن زهرة زرقاء، ويحضرها لنا لنشمها فيذهب عنّا السحر.

فصاح الصياد وهو ينهض:

-سأذهب للبحث عن هذه الزهرة، وسأعود سريعاً.

فقال الأخوة:

-تمهل.. تمهل.. واسمع بقية الكلام الذي حدثتنا به الحورية البنفسجية:

حين تمدّ يدك إلى الزهرة الزرقاء، سيتلوّن الماء في البحيرة، ويغور، وتنادي عليك الأشجار والأعشاب والصخر والرمل بصوت فيه سحر وإغراء شديدين. فعليك ألا تخاف، وألا تصدق، ولا تلتفت إلى الخلف. فإذا قطفت الزهرة، وصارت تنادي عليك الأشجار والأعشاب والصخر والرمل بصوت قوي كالرعد فيه تهديد ووعيد، فعليك أن تركض عائداً بالزهرة، ولا تلتفت إلى الخلف، وإلا تحولت إلى حجر أزرق.

قال الصيّاد:

-حسناً.. سأذهب.. وأعود بالزهرة الزرقاء يا أصدقائي!

وانطلق على الفور حتى وصل البحيرة، وبحث طويلاً، حتى عثر على الزهرة الزرقاء بين الأعشاب، وقبل أن يمدّ يده إليها تذكر كلام أصدقائه السبعة، فخاف خوفاً شديداً وعاد إلى القرية. وفي الطريق لام نفسه لوماً شديداً. وتعجب من خوفه فرجع إلى البحيرة. وما إن اقترب من الزهرة الزرقاء حتى أحس بالخوف من جديد، فأسرع الخطا نحو القرية. ومرة أخرى توقف وقال في نفسه:

-كيف أعود إلى أصدقائي ولم أعمل على إنقاذهم.

فرجع إلى البحيرة، ووقف أمام الزهرة الزرقاء متردداً، وهمّ بمد يده إليها، فتخيل البحيرة تتلون وتفور، وتخيل الأصوات التي تغري وتهدد، فضعف، ووجد نفسه يجري نحو القرية وهو يردّد:

لا أستطيع .. لا أستطيع.. وأنا أحب نفسي أكثر مما أحب أصدقائي.

لا أستطيع .. لا أستطيع.. وأنا أحب نفسي أكثر مما أحب أصدقائي.

وفي الطريق صادف أم أصدقائه الصيادين السبعة. فسلم عليها وقال لها:

-أين تذهبين يا خالة؟

فقالت له:

-أذهب إلى البحيرة يا ولدي، لأفتش عن أولادي كعادتي كل يوم.

فقال لها الصياد الشاب:

-هناك سر يا خالتي، وقد أوصاني أولادك ألا أبوح به.

وبدا الفرح على وجه الأم فصاحت:

-أولادي؟ وهل رأيتهم؟

قال:

-أجل يا خالتي وهم موجودون عندي.. ولكن..

قالت:

-ولكن.. ماذا يا ولدي.. أرجوك..

وفكر الصياد طويلاً، وخاف أن يبوح لها بالسر فتخاطر بنفسها، وتتحول إلى حجر أزرق، ولكنه قال في نفسه أخيراً:

-وهل هناك أحد يحبّ أكثر من الأم؟ وهل هناك قلب أشجع من قلب الأم؟ وهل هناك من يضحي بنفسه من أجل أولاده أكثر من الأم؟

عند ذلك باح لها بسر أولادها الأقزام وعلّمها كيف السبيل إلى إنقاذهم، فشكرته وودعته وهي تقول:

-الله معي يا ولدي.

وتوجهت إلى البحيرة، وأخذت تبحث، وتبحث بين الأعشاب حتى عثرت على الزهرة الزرقاء، ودون خوف مدت يدها. فتلونت البحيرة وفار ماؤها وصارت الأشجار والأعشاب والصخور والرمل تناديها بصوت عذب فيه سحر وإغراء:

-أيتها الأم الطيبة.. أيتها الأم الطيبة الشجاعة.. أيتها الأم الطيبة الشجاعة الصابرة..

ولكنها لم ترد ولم تلتفت، وقطفت الزهرة الزرقاء. وتحولت النداءات إلى أصوات فيها تهديد ووعيد. أحست الأم بالخوف من هذه الأصوات المفزعة، ولكن حبها كان أقوى من خوفها، فمضت نحو القرية لا تلتفت إلى الخلف، والأصوات ما زالت تهدد وتتوعد. ووصلت إلى بيت الصياد. فوجدت الصياد الشاب وزوجته قلقين خائفين عليها.

فانقلب خوفهما وقلقهما فرحاً وسُرّوراً. وأخذ الصّياد الزهرة الزرقاء وجعل أصدقاءه الأقزام يشمونها واحداً واحداً فيتحولون إلى شبانٍ كما كانوا. وأخذت الأم تعانقهم وهي تبكي من فرحتها. وتعانق الجميع وهم يهنئون أنفسهم بالسلامة.

وتذكر الأخوة السبعة ما قالته لهم الحورية المنقذة "بأن المارد لا يخاف إلا من النار، ولا يُقضى عليه إلا بالنار "فجمعوا أهل القرية في الساحة العامة، وطلبوا إلى كل واحد منهم أن يحضر شعلة كبيرة، ويتوجه في المساء إلى البحيرة المسحورة للقضاء على المارد الشرير.

وفي المساء خرجوا جميعاً يحملون المشاعل، وهم يغنّون للحبّ والأمان والسلام.

ولما وصلوا إلى البحيرة ركبوا زوارق الصيد ودخلوا إلى الأعماق، وفجأة خرج الماء من المارد غاضباً صائحاً:

-ماذا تفعلون في بحيرتي؟

فلم يخافوا، ولم يتراجعوا، ورفعوا المشاعل إلى أعلى، وهم يغنون بصوت واحد قوي، وصاروا يقتربون من المارد، وهو يبتعد خوفاً من النار، ولكنهم حاصروه من كل الجهات، وأحرقت النار عينيه، وكوت جسده الضخم ودخلت في فمه الكبير المفتوح، فتهاوى وهو يصيح. وغاب في البحيرة إلى الأبد.

وعادت الأخوات الحوريات إلى شكلهن الأول، ورجعن إلى القرية وعاد جميع الذين سحرهم المارد وغيّر أشكالهم، إلى حالتهم الأولى، ورجعوا إلى أهلهم، وعاش الجميع في خير وسعادة وأمان.

 

أضيفت في 06/03/2006/ خاص القصة السورية

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2024  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية