أعتق من جرح
تكور الصخر
أمامه مثل حقد موروث!
صب عليه سيل
تفاصيلها بقسوة من ينفذ حكما بالتمثيل!
جعل موضع أنفها
فما.. وأذنان في بئري عينيها..
وعلق مكان
أذنيها عينين..
في مساحتي
خديها نحت ثديين ممتلئين.. وفوق جبينها إبطين مقوسين.
ثم نصب الأنف
في سرير تفاحة آدم.. وألبس رقبتها الطويلة حذاء.
انتبه إلى أن
مكان الفم مازال شاغرا.
فكر عابسا..
فكر كثيرا.
نحتت يده
سبابتين متطابقتين مستلقيتين كأفق.
طوح بإزميله
بعيدا.. كرمح
انحنى على
ركبتيه.. كمصل
وشم رمزه فوق
الأفق بشفتين حانيتين!
الجزمة
لماذا الجزمة
تحديدا؟
ولماذ رأسي
بالذات؟
ما أعرفه..
أن الجزمة
مكانها القدم.. لكن للرأس أماكن كثيرة:
بين الذراعين..
فوق مصطبة بائع الخضار.. على المقصلة. إذا..
لماذا يصر
مديري على تشبيه رأس بالجزمة؟
عرق القدر
جدتي هي التي
نصحت أمي بأن تسقيني 'عرق القدر'!
كنت قد تجاوزت
من العمر سنة ونيف ولم أنطق حرفا واحدا..
عالجت جدتي قلق
أمي علي بإبداء نصيحتها المتوارثة (اسقيه من عرق القدر وسينطلق لسانه
كالبلبل(.
فدأبت أمي، عند
كل طبخة تطبخها، تجمع لي في فنجان ذلك الماء الذي يعلق بداخل غطاء القدر من
بخار محتوياته، تبرده قليلا، وتسقيني إياه.
تحققت نبوءة
جدتي.
انحلت عقدة
لساني..
أدمنت التغريد
حتى وأنا خلف هذه القضبان!
استغاثة
بكبرياء جرح
صرخت 'وامعتصماه'.. وما أغاثها أحد!
اعتقدت أن
المعتصم غير اسمه..
ازدحم صوتها
بكل ما تعرف من أسماء.. ولم يغثها أحد.
'لله
تسع وتسعون اسما.. قد يكون ـ معتصمي ـ عبدا لأحدها'؟
نادت:
'يا
عبدال...'.
انتهت أسماء
الله..
وما أغاثها أحد.
أحوال
بين أولادها:
كانت نحلة.
في مكتبها:
أصبحت قطة.
في غيابه: صارت
لبوءة.
أمامه: غدت
ببغاء.
على صدره:
تحولت إلى فراشة..
وطارت معه إلى
الفضاء.
أضيفت في29/05/2007 / * خاص القصة السورية /
من مجموعة كما القلق يتكىء الجمر/ المصدر الكاتبة
فكرة
ذات يوم .. اقتطع " س " من رأسه فكرة !
تأملها ..
لم تكتمل ملامحها بعد !
ود لو يكمل بعض زواياها .. وارتفاعاتها .. ويدعم قاعدتها .. ولكن الملل
خدر عقله المترف .. وسرى كالتثاؤب في شرايينه .
فقرر ، وهو يقلب فكرته بين يديه ، أن يجمدها في ثلاجات التسويف .. الى
حين !
****
مر ب" س " رجل يدعى " ع " .. لمح فكرته المتشقلبة ، بلا مبالاة ، بين
يديه ..
رغب باقتنائها ، فسأله اياها .. وبجود الكرماء وهبها له .. فصارت ملكه!
****
أضاف "ع" الى الفكرة رتوشا كثيرة ..
كان تاجرا شاطرا يعرف كيف يسوق الأفكار !
وعندما أصبحت جاهزة للبيع .. عرضها باتقان في متجره .
****
تفحصها الزبون " ج " مأخوذا بها !
استولت على مفاتيح دهشته .. فاشتراها.
ولأنه رجل متفائل .. زينها بفاتح الألوان .. وعقد في نتوءاتها شرائط
حريرية ، وعلقها في ركنه المفضل ببيته .
وكل صباح .ز حين يشرب قهوته أمامها ، تصبغ عينيه بالفرح ، وترسم على
وجهه المشرق ابتسامة يقهر بها كل سحابات يومه الرمادية !
اغتاظ منها زميله "م" المتشائم دوما !
وكلما زاره .. تمنى لو أنه يعطيها له .
وأمام الحاحاته المتكررة ، نزل عند رغبته ، حياء منه ، وهو يمني نفسه
بمساعدة صديقه على الخروج من عباءات التشاؤم .. وتلوين أيامه بالفرح
والتفاؤل !
ولأن "م" عصي التغيير ( ؟!) ...
نزع كل زينتها .. وأطفأ بريقها .
صبغها باللون الأسود الحالك .. ثم صهرها ، وصبها في قالب بحجم .. رصاصة
!
أصبح يحملها ، بين أصابعه ، أينما رحل .. كتعويذة !
****
مرة ...
نسي تعويذته في مكان ما .. فسرقها أحد المتشردين الجوعى .
كان يخطط لفتل إنسان مترف طالما أثار حسده .
حشا المسدس ، الساخط ، بالرصاصة السوداء المسروقة .. ثم أطلقها باتجاه
المترف بدقة .. وهرب !
****
في الصباح ..
أعلنت الصحف :
وجد السيد " س " مقتولا برصاصة سوداء في .. رأسه !!
بغمضة عين !!
" ينبغي أن لا يكون للصندوق أكثر من مفتاح واحد ! "
هذا قانون حياتي الذي لن أحيد عنه ما حييت .
هو منبع أستمد منه شعوري بالأمان .. ربما .
أو هو رغبة مني في تحصين نفسي ضد الغدر والخيانة .. ربما.
وربما ..
هو حب التملك والسيطرة ، وغريزة جامحة في أن أكون دائما سيد الموقف !
***
عندما اخترت تخصصي الدراسي .. حرصت على أن يكون في مجال لم يدخله أحد
من أسرتي !
قد لا ترون رابطا بين هذا وبين قانون حياتي الذي أؤمن به .. ولكنني
أخالفكم الرأي .. لأن دخولي في تخصص منفرد عنهم يجعلني متميزا بينهم ..
يفتح لي بابا خاصا بي ، لا يعلم تفاصيله غيري .
عندما تصادفهم مسألة تتعلق باختصاصي .. يتجهون لي .. يقصدونني للمشورة
.. فتتضخم ذاتي .. ويتعملق رأسي .
وحدي الذي يملك مفتاح هذا الموضوع في الأسرة !
***
لم أعط سري – في يوم – لأحد .. لا صديق ولا قريب !
كل أسراري ألقيها في بئري العميقة القرار ، وأغلق فوهته بمفتاحي الأوحد
.
لا أحب نشر غسيلي النظيف ، ولا الوسخ ، أمام الناس ، لأنه من خصوصياتي
، من شؤوني الحميمة المحفوظة في صناديق نفسي ، والمخزنة في دهاليز ذاتي
المعتمة !
***
أدير عملي بمفردي .. لم أضع لي مديرا ولا نائبا !
ولماذا أسلم مفتاح عملي لإنسان غيري ؟
لماذا أجعل كل العيون الفضولية تقتات أخبار عملي وصفقاتي ، فتحرقني
بحسدها ، وتكيد لي ، وتحاربني من حيث أدري ولا أدري ؟!
***
حتى سيارتي .. رفضت أن يكون لها مفتاح بديل !
مع أنني – ذات يوم – نسيت مفتاحي بداخلها .. ووجدت نفسي في موقف لا
أحسد عليه ، وتعرضت لمطر من سهام اللوم والتقريع ممن حولي .
لكن رأسي الصخري بقي على عناده ..تمسك بقانونه كمن يتشبث بطوق نجاة في
خضم بحر هائج !
***
وحين انتهى بناء منزلي الخاص .. تأكدت من وجود المفاتيح الأصلية لكل
باب .. وضممتها الى سلسلة مفاتيحي .
ليس هناك من ينافسني في عدد المفلتيح التي أحملها في سلسلتي .ز ولهذا
.. لا تستغربوا ان رأيتم اسمي – يوما ما – منقوشا في كتاب " جينيس "
للأرقام القياسية !
***
لولا الحاح أهلي .. ولولا أنها سنة الحياة .. لما فكرت في الزواج مطلقا
!
لذلك .. كانت لي شروطي :
-أريد امرأة لا يملك مفتاحها غيري !
رأسي الصخري ، الذي أعرفه جيدا ، انتصب جبلا في وجه أعاصير التساؤلات
التي أثيرت في محيط الأسرة :
-أي مفتاح يا مجنون .. أنت تتكلم عن بشر من لحم ودم ، وليس عن صندوق
خردة ؟!
لم يستطيعوا أن يفهموا أن للبشر مفاتيحهم أيضا !
***
بعد مداولات ساخنة .. ومشاورات حادة ..
وفي جو تحوم في سمائه دبابير السخرية ، وذباب الغيظ والحنق .. وافق
الجميع على تزويجي بمن أريد ..
كانت طفلة في الرابعة عشرة من عمرها !
***
قطعة من صلصال خام .. لم تفتح قلبها نسمة .. ولا فتحت عقلها فكرة !
كل مفاتيحها في يدي .ولكي أريح بالي من ناحيتها .. أبقيت قلبها وعقلها
مغلقين ، ووضعت مفتاحيهما في سلسلتي .. ونمت مطمئنا !
***
بالغت في اطمئناني تجاه بيتي ..
فلم ألاحظ زوجتي – الطفلة – وهي توزع ببراءتها تفاصيل منزلي ،
وأسرارمجلسي ، ومخدعي ، ومطبخي ، وكل خزائني ..
تنثرها على الأهل والجيران .. كقطع الحلوى !!
***
أرضية بيتي أحسها تعوم فوق بحيرة مضطربة .
وجدرانه زجاجية شفافة .. وأبوابه ونوافذه مشرعة تصفق فيها ريح عاتية..
وأوراقي الخاصة تتطاير أمام ناظري مثل العصافير ..
في كل الجهات !
***
أصبح لكل مفتاح .. عشرات النسخ !
تفتت الأمان في صدري وهرب كفئران مذعورة .
انفرطت سلسلتي .. وبغمضة عين .. ضاعت من يدي كل المفاتيح !!
وما بيدي حيلة !
كلمات ·· توهجت كجمرات ·· فأحرقت صقيع عينيه !
رسالة قصيرة جداً ·· لكنها - كنصل السيف - بترت ، ببراعة ، رأس اخطبوط
الملل ،الذي أحكم الخناق حوله ، حتى كاد يخنقه !!
وجدها - ذات مساء - في صندوق بريده الخاص ·· دون إمضاء ·· ومن يومها ··
تأتيه الرسائل يوماً ·· وتنقطع أياماً ·· ودائماً هي لاهبة ·· معطّرة بأريج
الغموض !
- 1 -
بداية ··
لا تسأل : من ؟ وكيف ؟ ولماذا ؟ ومتى ؟ وأين ؟
فأنا ·· باختصار ··
أحبك ·· وما بيدي حيلة !
***
دوحة ضليلة افترشت قلبه ·· ملأت كل مساماته ·· دغدغته ·· إنه حي !
- 2 -
بالأمس القريب ··
كان ميلادي في صندوق بريدك ··
وفي فضاء فضولك ··
لكن ميلادك في أكوان حياتي ، متعمق ، كجذور نخلة هرمة !
لذلك لا أملك إلا أن أحبك ··
وما بيدي حيلة !
***
في دوحة قلبه ··
غردت آلاف البلابل ... ورقصت بأجنحتها على وقع خرير الدم فيه !!
- 3 -
ليس المهم أن أحيا معك ·· وأحتل كل ما تحت سقفك ··
المهم ·· أن أحيا في قلبك وعقلك ···
أن أحتل وجدانك إلى آخر العمر ···
أن تقف تائهاً حائراً تجاهي ···
أن تهتف بجنون العاقلين :
أحبك ِ ··· وما بيدي حيلة !
***
كالحالم ·· خلع واقعه الذي يرتديه ·· وذاب في أحضان حكاية أسطورية
حميمة !
- 4 -
هل باغتك فيضان الحب الفضولي العنيف ؟
إذاً ·· عزاؤك ··
إننا " في الهوى سوى " ··
بينما كنت - فيما مضى - أحترق في أتون الحب وحيدة ·· منسية !
***
عيون - أم أولاده - المزروعة بالأسئلة ·· حاصرته كجيوش نمل جائع !
- 5 -
لآخر مرة ····· أحبك ! !
***
جن جنونه ··
لم يعد صندوق البريد يلد لآلىء الحب المتجمرة ·· العطرة !
لماذا كتبت " آخر مرة " ؟ !
- 6 -
خانني قلبي ··
قفز من سهول الحب إلى قمم العشق ·· لذلك توقفت !
وعندما تتربع مثلي فوق هذه القمم ·· سألتقيك !
وريثما يحدث ··
سأظل أعشقك ·· وما بيدي حيلة !
***
مداعبات - زوجته - الحانية الرقيقة ، صبت الزيت فوق مجامر شوقه ··
فأحرقته حتى العظم !
- 7 -
أهلاً بك على القمة !
موعدنا : في يوم ··· في ساعة ···
المكان : في بيتك ·
لأننا عاشقان ·· وما بأيدينا حيلة !
***
في ذلك الصباح ·· أوصل زوجته وأولاده إلى بيت جدهم !
ولأن ( لديه “ عزومة “ لدى أحد أصدقائه ) قال بأنه سيأتي لأخذهم مساء
···
في وقت متأخر ··· جداً !
***
في الساعة واللحظة الحاسمة ··· فتح الباب ·
هذا العطر ···
هذه الخطوات ···
كشفت وجهها ·· وجه زوجته !
همست :
أهملتني ···ولم تصغ إليّ ···
ولأنني أعشقك ، جذبتك إلى قمة عشقي ···
وصنعت ليدي حيلة !!
|