أصدقاء القصة السورية

الصفحة الرئيسية | إصدارات أدبية | خريطة الموقع | مكتبة الموقع | بحث | من نحن | معلومات النشر | كلمة العدد | قالوا عن الموقع | سجل الزوار

SyrianStory-القصة السورية

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 15/08/2024

الكاتبة: فردوس بنت جبريل أبو القاسم فلاته-السعودية

       
       
       
       
       

 

 

نماذج من أعمال الكاتبة

بطاقة تعريف الكاتبة

 

 

 

 

بطاقة تعريف الكاتبة

 

•الميلاد / المدينة المنورة / السعودية

•متزوجة ولها أبناء مناهل – ماجد – مياسين

•المؤهل العلمي /  بكالوريوس تربية خاصة مسار صعوبات التعلم  عام 1416هـ

•العمل الحالي / مديرة إدارة برامج صعوبات التعلم بالمملكة في الإدارة العامة للإشراف التربوي للتربية الخاصة

•قاصة وكاتبة صحافية بجريدة الرياض

 

الخبرات

الدورات: (إعلامية) :

•دورة الصحافة والمجتمع 1417

•ورش عمل مهنية في الصحافة.

 

مهارات تطويرية تدريبية:

•دبلوم البرمجة اللغوية العصبية 1423هـ

•دورة في التفكير الإيجابي 1422 هـ

•دورة التعامل مع ضغوط العمل 1423هـ

•دورة في الاتصال الإنساني 1424هـ

•دورة التعامل مع ضغوط العمل والحياة 1425هـ

•فن الإلقاء  1426هـ

•تحفيز المرؤوسين  1426هـ

 

تخصصية تربوية:

•عملت معلمة صعوبات التعلم للمرحلة الابتدائية من 1419 – 1423

•مشرفة تربوية لصعوبات التعلم بالإدارة العامة للإشراف التربوي للتربية الخاصة.

•دورة الوسائل التعليمية معهد الإدارة العامة 1422 هـ

•دورة صعوبات تعلم واللغة العربية 1423 هـ

•دورة (تنمية مهارات المشرفات) 1424هـ

•دورة (مهارات التعامل مع المكفوفين) 1423هـ

•دورة (الخطة التربوية الفردية لصعوبات التعلم) 1423هـ

•دورة (الاضطرابات السلوكية وتأثيرها على الإعاقات الأخرى) 1424هـ

•دورة (التخطيط الاستراتيجي) 1425هـ

•دورة كورت لتعليم التفكير 1426هـ

 

العضوية في الجمعيات والهيئات

•عضو مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة

•عضو الجمعية السعودية للتربية والتأهيل

•عضو جمعية  علوم الاتصال السعودية

•عضو نادي القصة السعودي بالرياض

•عضو بالفريق النسائي المتطوع الأول في المملكة للدفاع المدني 1422هـ

 

عضو عدة جمعيات ومنتديات (عبر الانترنت):

•في شبكة الخليج للاحتياجات الخاصة

•منتدى البرمجة اللغوية العصبية

•منتديات أدبية وثقافية في مجال القصة والأدب

 

المشاركات الثقافية والإعلامية

•رئيسة اللجنة الثقافية بكلية التربية جامعة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة 1407

•رئيسة تحرير مجلة الأضواء الثقافية كلية التربية بالمدينة المنورة 1407هـ

•المشاركة باللجنة الثقافية في جامعة الملك سعود

•تحرير صفحات الأسرة والتحقيقات الصحفية بجريدة الجزيرة 1408

•مشاركات إذاعية قصصية وأدبية في البرنامج الثاني

•إذاعة بعض القصص ببرنامج قصة من الأدب السعودي .

•إذاعة بعض المقالات برنامج خمس دقائق في إذاعة الرياض 1425هـ

•إعداد صفحات أدبية ووجدانية في جريدة المدينة ملحق الأربعاء1407

•كتابة القصة القصيرة بالمجلات والملفات الأدبية داخل وخارج المملكة

•العمل في جريدة الرياض كمحررة صحفية 1409

•الإشراف على صفحات الأطفال في جريدة الرياض ومجلة البنات –البراعم – من 1417إلى 1419

•العمل في مجلة البنات التابعة لتعليم البنات 1419

•سكرتيرة التحرير بمجلة البنات.

 

المشاركة في عدة لجان إعلامية منها:

•المهرجان الوطني للتراث والثقافة لعدة سنوات متواصلة .

•فعاليات المئوية / بإدارة التعليم بجدة / الرياض عاصمة الثقافة /بإدارة الإشراف التربوي بمنطقة الرياض.

•اللقاء المهني لواقع التحاق الفتاة العربية بالتعليم الفني والمهني بكلية التربية.

•مؤتمر تطوير خط برايل .

•رئاسة اللجنة الإعلامية النسائية للمؤتمر التقني السعودي الثاني للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني .

•المشاركة في الحملة الوطنية لمكافحة المخدرات .

•رئاسة اللجنة المنظمة لورشة عمل (الخطة التربوية الفردية لصعوبات التعلم) 1423

•رئاسة اللجنة المنظمة لورشة عمل (الاضطرابات السلوكية وتأثيرها على الإعاقات) الأمانة العامة للتربية الخاصة  بالتعاون مع السفارة الأمريكية .

•رئاسة اللجنة الإعلامية بالإنابة في جنادرية 19

•رئاسة اللجنة الإعلامية في ندوة أسبوع الأصم 29  التي نظمتها الأمانة العامة للتربية الخاصة .

•رئاسة اللجنة الإعلامية لجائزة الشيخ محمد بن صالح للتفوق العلمي والإبداع في التربية الخاصة  1426هـ

•المدير التنفيذي لندوة (تطوير الأداء في مجال الوقاية من الإعاقة في دول الخليج  المنعقدة في الرياض 3-5 محرم 1426هـ ) مشاركات إعلامية وتوعوية في مجال التربية

•ورقة عمل في: الإعلام والإعاقة قدمت في مركز الدراسات الإنسانية جامعة الملك سعود 1423

•ورقة عمل / صعوبات التعلم علم الفروق الداخلية لدى الفرد1422

 

الإصدارات:

•المجموعة القصصية ( لا أحد يشبهني ) 1425هـ

•قصص تربوية للأطفال ( الغابة السعيدة، حديقة الحي، الأرنب الكسول، عامر في غرفة المصادر)

 

مشاريع حالية

•عدة موضوعات بحثية في التربية / التربية الخاصة

•إعداد برنامج إذاعي تربوي

زيارة موقع الكاتب     مراسلة الكاتب                                        للتعليق على القصص      مواضيع أخرى للكاتب

نماذج من أعمال الكاتبة

طفولة

الأصبع الأوسط

أفقي تصاعدي

اختباء 

رقصة الحرب

تسلم

الحلم المعادلة

قطعة الأسفنج

لا أحد يشبهني

مساحات الود

مسكونة بالرفض

 

 

اختبــــاء

 

       

في التاسعة   لفت أمي  جسدي الصغير بوشاح أطول  مني .

دثرتني بعباءة سوداء,, أخفتني عن أعين  الحراس .. أكبرتني في أعين الناس

أوصتني أن التزم الصمت.. وأن أكبر لبعض الوقت .

حاولت  أن تضيف إلى عمري  عشرات السنين

ولتزيد أنوثتي المزعومة لبعض الوقت ألبستني حذاءا محشوا  بالفلين لأزداد طولا

ودفعت إلي  بحقيبتها السوداء المكتظة ،، ولكن ,,

تقدمتني  بخطواتها  الكبيرة والواثقة بأن هذا الحارس الجاثم أمام بوابة زيارات المرضى لن يلحظ كعبي المزعوم .. أو حقيبتي المكتظة بالحلوى  لجدتي  المريضة التي  تقبع في الدور الثاني .

بل لن يلحظ خطواتي الطفولية تلك المتعثرة .

وصايا أمي  تربكني  وزخات نظرات الحارس المتواصلة  تقلقني , هل أكبر حينا وأصغر حين ؟؟

خانة الاختباء التي وضعتني فيها والدتي  حاصرتني  دون أن تشفع لتوسلاتي الطفولية بأن أبقى حيث أنا ..

عند نقطة الالتقاء  لم تتمكن خطواتي الطفولية من العبور ,, فتدحرجت مع أسئلتي التي طارت بجناحيها  !!

هناك  حاولت أن أعرف إلى إي مدى تمكنت من تنفيذ وصايا أمي . ونجاحي بأن أكون كبيرة

هل نجحت يا أمي في الاختباء ؟؟

تبسمت أمي علامة القبول ,, صفقت  فسقطت الحقيبة وتعثرت عند أول خطوة  بعد شكوك الحارس ولوحت طفولتي بتلك الضحكة المعصورة من آلم ,

بعد تلك الضحكة المفجعة  ,, لم تحملني قدماي فقد أوصى الطبيب أن أبقى  في المستشفى لبضع أسابيع  لمعالجة كسر  مضاعف  جراء تعثري بعباءة وحذاء مرتفع .. لم ترضخا للاختباء .

15/2/1423

 

 

 

أفـقـي .. تصاعـدي

 

( في الصباح)

 

فتح عينيه ..نظر إلى الساعة  بفزع .. تشير إلى السابعة  والنصف.

أسرع ..جهز نفسه  للعمل  رتب هندامه .. اليوم لديه اجتماع هام

رش من زجاجة عطر –كانت فارغة -  خرج من غرفته

تناول الإفطار ..هبط السلم

تنبه ...الشمس ستحجب الرؤية  عن عينيه .. فتح الدرج  لحمل النظارة الشمسية .

تذكر ..أنه لا يعمل .. لم يجد وظيفة  بعد ..!!

( في العصر  )

تناول غداءه .ز بحلق .. للمرة السابعة  في الصحف – كانت قديمة-

لم يجد ما يبحث عنه فيها .. تذكر  برنامج يتابعه – انتهى موعده-

أدار المذياع ..لم يعمل .. أدار التلفاز .. لم يضيء

تفحص الأسلاك .. وجدها سليمة ،، لكنها .. لا تعمل

تذكر .. لم يدفع  فاتورة الكهرباء  بعد ..!!

( في المساء)

التاسعة  مساء..موعد لقاء الأصدقاء للتباحث حول عملية لإحباط الفراغ .

نظر في المرآة .. تأكد من أناقته .. وسامته..

وضع المفتاح في جيبه .. أسرع متوجها لخارج الدار ..

أكتشف ليس لديه مركبة .. لم يشتريها بعد ..!!

قفل عائدا.

( أخر الليل )

وقع على قائمة الأحلام المنجزة لليوم في منامه .. قبله .. بعده ..لا  يهم

رتبها .. أفقيا .. تصاعديا

وضع رأسه على الوسادة  كانت – خاوية –

غلبه النعاس .. ثم هرب  منه ..

تذكر أن الأحلام قد ولت  معه

ليس لديه أحلام  اليوم

ليبدأ  غدا ... يوم جديد ..

انتهت 15/1/ 1422

 

 

 

 

الإصبع الأوسط

 

جغرافية أصابع  يديه  تأملها  بتدرجها غير المستو , عدها مرة أخرى ..أعاد التمعن فيها  ضمها  وحولها لقبضة محكمة النسج .

حملق فيها ببر ود وهو يكرر بسطها  ,, محاولا الانفلات من تلك القبضة .. اجتر  صورة طفولية  تتصدر دائما  ذاكرته .. جدته التي كانت تردد تلك الأهزوجة الشعبية التي كان يلح عليها بتكرارها  له .

- هيا يا ( عادل )  لنلعب قليلا !ا

- وهل تستطيعين  الركض خلفي والبحث عن مكان اختبائي  يا جدتي ؟

- نعم أستطيع , ولكن هناك لعبة أجمل من ذلك .. تعال  وأعطني يمناك  .

بحنو.. تحتضن يداها كفي الصغير لتبسطه . 

تنشد أهزوجتها : مبتدئة بإصبعي الأصغر

_ صغير وعاقل

من هو هذا الصغير يا جدتي ؟

- أنه هذا الإصبع الأصغر " البنصر" دعني أتابع

- لباس الخواتم " الخنصر "

-كبير ومجنون,,,

- هل تجن الأصابع يا جدتي ؟

-  ربما ,,, ولكن دعني  أتابع , لحاس القدور , قصاع القمل .. فين بيتك يا نملة ؟  وتمتد أناملها على ساعده ..  متدرجة لتصل إلى تحت إبطه لتدغدغه بفرح وسعادة ؟بينما تعلو ضحكاته مع تمايس جسمه النحيل  فرحا .. قبل أن تبحث عن بيت النملة

 لم يهنأ سواه  من أخوته الأربعة بتلك الأهزوجة لوفاة الجدة  قبل ميلادهم  جميعا.

ماتت الجدة ولم تمت الأهزوجة وكما لم يمت السؤال الدائم حول معاني تلك الكلمات.

تضاريس كفيه المتعرجة والشاحبة من قسوة العمل لم تخف صورة تلك الأهزوجة منها,  دقق بين معانيها.. واتخذ منها معبرا يربط بينها وبين  شخوص أخوته .. هو أكبرهم فهل يعني أنه الكبير المجنون ؟؟ هو الأوسط ..في الكف حتما لا . .( خالد ) الخنصر همه أن تكون له صورة مظهرية مغايرة لداخله..

الإبهام هو ( هدى ) التي مازالت تتوكأ على أحلامها العلمية فضلا عن طموحها

تمتلك قرارات جادة في المواقف التي تعصف بالأسرة وبعد وفاة والديهم ولا مناص من ثنيها عن أي قرار .

( منال ) الصغرى التي فقدت حنان  الأم في أولى سنوات حياتها فتدثرت بالعزلة المتعقلة .

السبابة هي التي مازالت تمارس تصغيرها لشأني ( عماد)

الأهزوجة الشعبية تلك أصبحت مملة الآن  رغم أبعادها  القريبة , جغرافية أصابعه تذكره بأخوته وهو كبيرهم وبلا جنون .

يوما ما قالت له والدته : إن هذه الأصابع بتضاريسها المختلفة  تختلف مهامها وأحجامها  ولكنها لا تفتأ أن تكون في يد واحدة  دوما , لم يفطن إلى ما كانت ترمي له والدته  في قولها القريب البعيد وقبل وداعها  الأخير، بيد أنه كلما بحث عن أخيه- السبابة " في الأزمات " يجده قد خرج من عباءة الوحدة إلى الانعزال ومن رحم التقارب والتواد إلى الشقاق .             

مازال يجتر مرارة الألم بعد لقائه بأخيه السبابة في منصبه الكبير يتقزز من مصافحته في جمع من الحضور أثناء حفل كبير ضمهما معا.. لأنه.. لأنه كان مجرد عامل بسيط يشرف على مجموعة من عمال الخدمات.                           

لم يكن هو الكبير المجنون الذي أفلتت أحلامه برغبة قانعة، الحلم الذي زاره مرات ومرات أخبره بأن كروية الأرض لابد أن تمنحه يوما ما فرصة تحقيق آماله، دون تخاذل، وأن دياجير ظلام الشؤم ستقلع رحالها إلى حيث الأفول.

أحصنة خيالاتي انطلقت بلا هوادة تجوب ميادين المستحيل , ماذا لو لم أكن الابن الأكبر لأخوتي ,, لا شيء فهم سيحققون أحلامهم  دوني ، لم يخيروني على ترتيبي بينهم .

وكان أول خيط تنسجه شبكة " لا " حولي هو أن أكون محل اهتمام أخوتي بل كانوا هم محل رعايتي لأني الأكبر .

الإصبع الأوسط بقامته المرتفعة عليه أن يتفقد الأصابع الأخرى على الدوام.

وتوالت " لا " نسج شبكتها بأحكام في مفترقات دروبي، القسم العلمي هو أفضل المجالات التي قد تضمن لك مستقبلا مناسباً، انضم إلى ركبه " كانت هذه رغبة من والدي يرحمهما الله" وستكون نصب عيني لتحقيق ذاتي أيضا. 

-لم تكن " لا " قلعة يستحيل الدخول إليها , فلم يكن هناك مستحيل ,, حتى خرق طبقه الأوزون ، ربما كان خدعة علمية , فها نحن نعيش ولا عجب.

-كم هي موجعة ومخجلة بل محزنة  كلمة " لا"

-الآن هي سياط تلجم رغباتي وأمنياتي وفؤوس تحطم عنان طموحاتي,

-عندما زارني طيف الأمل يوماً ما ، كان موشحاٍ بالاخضرار ومتسربلا بالنشوة وعامراً بالبهجة ,, فأقسمت على أن أحبطه للمرة العاشرة ولأنها قد تكون الأخيرة  فلا مناص من تهشيم كبريائي  بكلمة " لا "

- ودعت قطار أحلامي بالتوقف عند محطة العمل والعزوف عن التعليم رغم ميولي العلمية.

- أخوتك بحاجة إليك،، اعمل لتوفر المال لهم وليرض أبواك عنك حتى بعد وفاتهما ،، أخوتك الصغار ليس لهم سواك بعد وفاة الوالدين.

-قطار اللاءات ساقني إلى  هذه اللحظة التي ما برحت- السبابة- تمارس عبثها في تقليل شأني ،، تلك اللحظة التي حاولت مرارا الهروب منها, وكأني أهرب منها وجدتها أمامي تتربص بي في كل الدروب وتسبقني إلى حيث أود الذهاب إليه ،، فلم أجد الهروب إلا إلى زوايا نفسي اللغوب في محاولة لترميم المشاعر الضاربة حولي ،، ووجدتني وسط هذا التضارب الكبير أجتر صورة جدتي بأهزوجتها القديمة المتجددة , وأمي التي عرشت كلماتها غصناٍ أخضر في ذاكرتي ( أن هذه الأصابع بتضاريسها المختلفة مهامها وأحجامها لا تفتأ أن تكون في  يد واحد دوما) .

-أعاد تأمل يديه بأصابعها المتعرجة ،،  ضمهما في القبضة ذاتها ثم قبلها مرة  أخرى .

أنتهى1423

 

 

 

 الحلـم المعادلــة

 

خلف لنافذة  زجاجية  أرقب حركة الآخرين أمامي .

دفعني  لذلك صوت  المطر الذي يترقرق بخفة وهدوء على قرص  الأرض ذا اللون الباهت وليحوله إلى لون منعش يطرب بالحياة .

من خلف النافذة أرقب  عالم كبير حولي دون أن يعلم أحداً بوجودي وبمناظرتي الخفية له .

الأرض بدأت ترتوي  وصوت ذرات المطر يزيدها ارتواء , وأصوات الأقدام وعجلات المركبات يزيدها تصفيقاً.

ألفت  هذا المنظر منذ أن اقتادوني إلى هذا  المنزل ..

كل يوم يتكرر المنظر وكأن ما حولي مسرحا للدمى المتحركة  كل شيء  يتحرك بلا توقف إلا حياتي

فقد توقف وهجها منذ دخولي إلى هذا المنزل . 

ما أجمل هذه اللحظات التي أحلم أن أكون فيها داخل  مسرح الدمى ذلك, لا يهم أن أكون دمية  فيه أو غير ذلك, المهم أن لا أكون تمثال  منصوب في منزل كبير تحف جوانبه جدار صماء

حاولت أن تتنفس في جوانبها الحياة بوضع الصور  الحائطية .

كل يوم  أرتشف  فنجان دافئ من الأشواق .. يحملني على أكتاف الذاكرة  لأعود إلى موطني الأول  حيث كل حياتي السعيدة والجميلة  حيث الصبا  والانطلاق مع زميلاتي  وقريناتي قبل زواجي .

هنا عالم غريب  ليس كقريتي الحبيبة , حقا أنها مدينة أكبر من قريتي ولكن….

_ آه , صوت المطر مازال يعلو مع كل قطرة من قطراته . صوت المطر واحد لأنه ماء نقي  نظيف  ولكن صوت مطر  قريتي أجمل .

من خلال هذه النافذة الصغيرة أرى هذا العالم بكل دقة . أعرفه و أعرف من يسير فيه .. أصبحت بيني وبينهم  لغة مبهمة أعرفها أنا فقط .

عندما تقدم لخطبتي (خالد) كانت كل الخصال الحميدة تسبق حضوره وصفوه مثالاً للصدق والاستقامة , طموح وعصامي

قلدوه  كل  نياشين الزوج المثالي , وأطلقوه إلى ساحتي وقيدوني به .

وأمام تلك النياشين لم أملك سوى إيماءة خجولة أصدرتها  بالموافقة , فتناغمت أهازيج السعادة أمامي

_ سأتزوج ذلك الفارس المثالي القادم من المدينة ..الثري  الذي سيحقق كل أحلامي وسيجلب  لي كل ما أتمناه .

_ زفوني إليه كوردة ناصعة البراءة  والأنوثة  مفعمة بالآمال  والأحلام .

بعد الزواج تجرد ذلك التمثال من كل تلك الخصال التي كانت  قشورا ألصقوها به ..

ذات مساء مفعم بالكآبة  تسلل إلى مسمعي  صوت والدته تقابله على السلم وتقول في غضب :

_ متى ستقلع عن هذه العادة الكريهة ؟؟

جميع السبل  اتبعناها معك ولم تجد , فتحنا لك مؤسسة تجارية خاصة فلم تشغلك عما أنت فيه! أبعدناك عن أصدقاء السوء حولك

ولكنك كنت أكثر  تمسكاً بهم , ماذا تريد , قل لي ماذا تريد ؟؟

_ (خالد) ابني الغالي ,هل تريدنا أن نقف  هكذا  مكتـوفي الأيادي وأنت تقتل نفسك بـهذه المخدرات ؟؟

لقد زوجناك من أجمل البنات  علها تغير حياتك  بعد أن رفض جميع أهالي مدينتنا  تزويجك من بناتهن , لا تجعلنا يابني  السبب في تدمير حياتها بعد أن  نقلنا إليها  صوراً مغايرة  لحقيقتك  لتقبل  الزواج بك ,  كفى يابني  كفى  تعذيبي , وتعذيب زوجتك .

كلمات والدته  أذابت  كتلة الحلم الذي  كنت أسعى لتحقيقه  مع زوج مثالي  ومنزل  أو قل  قصراً

يعج بحاشية الخدم والأثاث الفاخر والنفيس وكل مباهج الحياة المادية .

علمت للتو أنني دخلت الدائرة المفرغة  وأن حياتي انتهت إلى حفنة  من   الألم  معه لقد خدعوني

اختلت المعادلة  الحلم لدي

الـحـلـم  دفـعـني إلى المشاركة في مسرح الخديعة  ولينتهي دوري من حيث بـدأ.

تكشفت الحقائق بحضوري احتفالية موت الحلم والخديعة التي نصبت لاصطيادي كزوجة لابنها الفاشل.

إيماءة  مفجعة  ولا شعورية  انسابت من أطرافي

أسقطتني من شباك  الحلم  الفاجعة ,  الحلم المعادلة المقلوبة

وليفاجئني  الطبيب  بأن  ثمة  كائن  ما يتحرك في أحشائي  

وليربطني هذا الكائن بالحـــــــلــم  والـخـديـــعــــــــــة...

 

 

 

 

ِتسـلـم

قصة قصيرة جداً

 

نصحوه  : ( امشي بجانب الحائط   تسلم  )

ا استمع لهم , ومشى ملاصقاً للحائط حتى أصبح وكأنه جزء منه .

ضاقت به الحال  . . تمتم موبخاً انقياده لتعليمات الآخرين تعثر وأُصيب. . لم يسلم من الجروح ونظرات سخريتهم من طاعته العمياء وتفلت زمام أمره من يديه.

 شتم آراء هم من جديد وحقّر أفكارهم وهو يحاول المشي بجانب  الحائط . 

فكر أن يسلم أكثر فاعتلا الحائط..

ذات يوم سقط  ونزفت جراحه .

 كال الشتائم المختزنة عليهم و ثار على أفكارهم القذرة التي قادته إلى ذلك  .

في اليوم التالي , ,

حضروا إليه  غاضبين  ونقلوا  له ما قاله  بحقهم _ حرفياً_

حاول الدفاع عن نفسه  فلم يستطيع ،

 المفاجئة والهزيمة  كبلت كلماته للإفصاح عما يدور داخله ، وعن آلمه من ملاصقة الجدار .

قالوا له : ألم تعلم بأن للجدار أيضًا آذانا تسمع ؟؟

هوى من فوهة الانقياد  موقناً أنه لم ..  ولن يســــــــــــــلم     ..

انتهى1421

 

 

 

 

رقــــصـــة الحـــرب

 

 

سجائره لفظت أنفاسها الأخيرة, نفثها في وجهي, توقف دقائق وأنا انتظر الإجابة على طلبي.

قال كلمته المعهودة:" لا, لن أوافق " دون تعمق في جدية طلبي, قالها و انتهى الأمر

سجائره تعدت المطفأة إلى ذاتي وشعوري ..  استلت صبري من غمده ، كم أحترق كل يوم دون أن يعلم .

كلمة واحدة فقط كانت هي أخر ما يمكن أن يكون رمادا داخليا, حتما سيتحول الرماد إلى شعلة حارقة, لن تحرقني وحدي..  بل ستمتد إلى  من حولي .

لم يعد يهمني أي شيء ما برحت لم أعد أهم شيء حوله, تعودت أن أسير على نهج واحد

" اتبعي التعليمات الموجهة إليك " نصيحة قديرة من معلمتي وقبلها بسنوات  كانت والدتي تحثني دائماً على اتباع التعليمات الموجهة إلي فقط دون أن أتجاوز حدودي في التعبير , ولذا انسحق تحت قول " حاضر- وبكل سرور- لا ما نع "

كلمات اطأطىء أمامها  ‘ لكنها  تزرع في  رغبة التمرد  عليها ‘ تلوح لي كلمات أريد الإفصاح بها  : " لا"  لا أستطيع"

حرب دائمة أعيشها مع ذاتي قبل الآخرين !!

حرب عشواء  تتراقص  نغماتها داخلي فأنهزم أمام نفسي  , لماذا لا أحاول أن أكون في موقع  المنتصر ؟ ماذا سأخسر ؟ لن أخسر أكثر مما خسرت .

تزوجته قبل أن يكون ذلك الرجل المرموق.. وبعد أن صار قال لي: لا عمل لك بعد اليوم, مكانك المنزل والسهر على راحتي, و …هذا كل عملك فقط ولن أكرر ما قلت

" حاضر " أصبحت في خدمته كل اليوم  وأخر ساعات اليوم  يحرقني بتجاهله إياي حتى سئمت .

كل يوم تبدأ الحرب بين طلبي للعودة إلى العمل ورفضه لذلك..

أتوقف فترة طويلة عن الطلب كفترة مهادنة – ربما يتراجع – و عندما أعاود الطلب يرد كلمته المعهودة " لا, لا "

اليوم سأضع حداً فاصلاً لذلك, الفراغ الذي يقتلني وحدي في هذا المنزل.. لم يكن باستطاعتي الظفر بطفل  يشغل حياتي ووجداني  وفراغي أنها حكمة الله سبحانه .الفراغ  دفعني  للقلق والاكتئاب .

اليوم سأعلن رفضي لكل ما يجري حولي, لم أعد آلة تعمل ليل نهار ولا تجديد في كيانها شتان بيني وبين الآلة, مشاعري, أحاسيسي, حياتي, شبابي في حاجة إلى التجديد كل يوم..

صوت خطواته يرتفع ,لابد أنه قادم , الآن فقط تبدأ جولاتي المتجددة , جولاتي التي ولدت الآن من رحم العذاب والخوف والانقيادية لكل ما حولي

اليوم سأثبت كم أنا على حق.وكم كنت مسيرة في حياتي معه ولست مخيرة  .

دخل وألقى تحيته الباردة ككل يوم , وعلى غير العادة وقف لحظة  ينظر إلي وكأنه يبحث عن حرقي ابتدأ بأعصابي  وكأنه أشعل داخلي  , بداية التمرد والتغير  لكل شيء  حولي ..

لا أعلم  سوى أن داخلي بركان يود الانفجار .

-تتناول العشاء ..؟

- -لا." مازال يسحقني بكلمة لا"

-شاي ؟

-ليس الآن .

-أريد التحدث إليك ..

-أعرف وأعلم ما ستقولين .. أعرف أنك سئمت الفراغ وأنه أصابك الملل وتودين العودة للعمل, أعرف كل شيء ولا أخفيك أنني فكرت  كثيراً في أمرك ووجدتك على حق .

-نعم !!!

-من حقك العودة إلى عملك وتحقيق ذاتك , ولكن بشرط  ألا يتعرض ذلك مع واجباتك كزوجة  وربة منزل .

-ماذا….!!!

-نعم عودي ولكن تذكري أنه ليس على حسابي وحساب منزلك.

لم أعد أقوى على التركيز  فيما يقول .. ماذا أقول ؟ أيعقل أن يكون قد عرف ما  كنت سأعلنه عليه اليوم  من تمرد ..!!؟

يا آلهي , أعندما  قررت  أعلان   عصياني  تتغير الأحوال !

كم أنا في حاجة لترتيب ذاتي ومشاعري , علاقتي بالآخرين وبه .,

لم أكن أعلم أنه يحمل لي كل هذه الشعور والإحساس بي .

كم أنـــا …..!!

حتى الحرب التي قررت إعلانها اليوم عليه انتهت أيضاً.. بهزيمتي                                                             

انتهى/1413

 

 

 

 

طفولة

 

 

للانفلات من قبضة الدهشة الأولى..  يلزمني أن أعيد النظر والسمع مرات ومرات .

الضوضاء التي تتكرر بين الحين والأخر حين يستقبل أبي أصدقائه في مجلسه لم تزل تصعد من حصيلة دهشتي  ,, 

طفلة الخامسة  داخلي تخاف تلك الصيحات وترهبها.   

"اضرب..اضرب.. أيها الغبي."

صوت أبي يرتفع بهذه الكلمات فترتفع مخاوفي وتحار الدمعة في  مقلتي.. وتصغر مساحة قدرتي وجسمي الهزيل  على إنقاذه

ربما هؤلاء الأصدقاء سيضربون  أبي حتى الموت كما أراد ,, ولكن..

حافة باب مجلسهم هو مجلسي الذي لا أفارقة كما لا تفارقني الدهشة والقلق.

أمي تبقي حبيسة هدوئها واطمئنانها... وهي تسمع ما اسمع

هذه المرة   بكيت كثيراً صوت أبي  المختنق  سمعته يعلو ثم ينفجر  

 بينما أصدقائه يزدادون صياحا وتصفيقا

أمي التي حضرت الإبريق الثالث للشاي وضعته بجانب  باب المجلس ثم صفقت تطلب أبي  لأخذه  , لم تع أن طفلة الخامسة  شرعت الدخول لإنقاذ والدها من غوغائية ما يدور وأن تخلصه من الضرب المنهال عليه بوحشية الأصدقاء .

أوقفتني أمي  بعد أن بثثت لها  رغبتي تلك محاولة  الاستنجاد بها  لإنقاذه

ضحكت وضحكت ثم قالت " يا حبيبتي , هذه ليست سوى مباراة قدم يتابعها أباك على التلفاز مع أصدقائه ,,!!!!!

20/ 1/ 1423

 

  

 

قطعة الإسفنج

 

انسابت من فيها كلمة(سامحيني) وفي أصعب لحظات ضعفها وهي تنحني تقبل رأس والدته

في مجلس صلح ضمها معه ووالدتها ووالدته. أحست بثقل في معدتها وبرغبة قوية للتقيؤ

كيف استطاعت هذه الكلمة عبور قناة لسانها؟بعد أن علكت ..و بلعت كلمات كثيرة جسدت سخطها للوضع الذي تحياه!!عن ألمها وضيقها من تجاهلاته وانسلاخه من مسؤولياته.

أحست برغبة جامحة في أن تركض بعيداً وتدفع بأبنائها الأربعة إليه وترحل حيث تكون والدتها.

لكنها استدركت موقفها بان ما قامت بذلك إلا برا بوالدتها التي تكبدت مسافات طويلة من القرية إليها لتبحث أمرها .

لأول مرة  منذ زواجها بابن عمها ( أحمد) قبل عشر سنوات  تقوم والدتها بذلك .

لاكت مرارة الموقف ودفعت بغصة الألم  داخلها وهي تتقدم إلى مقعدها لتجلس , سمعت مفاصلها تصدر أصواتا  غريبة ولأول مرة سمعت قطرات دمائها .. تهرول داخل شرايينها . دقات قلبها  تتسارع .. تك ..تك ..تك  ثم تتوقف  لتعاود العمل ببطء.

سمعتها  تقول لها تكوني أو لا تكونين في هذا الموقف !!

بكت بصوت مرتفع وبمرارة التجني .

تجمع أبنائها  حول أطراف باب الحجرة يستطلعون الأمر , بعد أن تنامى إلى  مسامعهم بكائها .. شكلوا هرما يحاول الاستطلاع والفضول .. لكن الهرم لم يقو على الصمود

سقط أصغرهم أمام الباب فأسرعت  تحتضنه وتقبله

همست " من أجلكم فقط أسامح"

تفحصها الصغير ببراءة .. حاول أن يربت على كتفها .

والدة زوجها أردفت في صوت المنتصر " يا ابنتي كل البيوت لها مشاكلها الخاصة , فحاولي أن تصبري على زوجك  فهو منذ صغره هكذا لا يبالي بالآخرين , ماذا إذا لم يحقق كل مطالبك ؟؟

أحست في كلماتها الممزوجة باتهام مباشر لها وكأنها تقول لها " اغربي عن حياته وسماء صفوه بحماقتك يا ابنة القرية .. دعيه يعيش حياته كيفما شاء "

والدتها حاولت إضفاء حميمية العلاقة بين العائلتين ..

يومها لم تنم .

كلما حاولت ذلك شعرت  بجبل يجثم على صدرها , يعيق تنفسها ,, فتضيق  بها الحجرة . تقلبت كثيرا .. رأت  هرم كبريائها  المشروخ تتقاطر منه مشاعر الألم والإهانة .

تراءت أمامها صور عديدة تراقصت في أشكال  كيدية , تخيلت  شقيقاته وهن يتغامزن بخبث حول طريقة وضعها للحجاب  وضحكاتهن الدائمة عليها ومن عفويتها في الحديث 

تراءت أمامها صور عديدة تراقصت في أشكال كيدية،تخيلت شقيقاته وهن يتغامزن بخبث حول طريقة وضعها للحجاب وضحكاتهن الدائمة عليها.. عن رفضها الدائم للانخراط في عالمهم المشين الذي تمقته.

تخليت والدته.. تعرض في كل موقف لا يستحق ذلك فضائل زوجات إخوانه الأخريات وكأنهن دمى هبطن من كواكب أخريات غير كوكبها. مازالت تلوك مرارة الإهانة المتراكمة عليها من جميع الاتجاهات الأربع- الغربة,هو,أهله,أبنائها- للهروب من تلك المرارة وجدت نفسها في حجرة أبنائها بعد أن فتحت الباب في هدوء وكأنها تنتظر أن يقابلها ذلك السؤال" لماذا اختلفتما يا أمي؟؟؟؟"

أردت أن توصد الباب وتعود, لكن .. طوفان حنانها دفعها للطواف حولهم وتقبيلهم.

شدت على غطائهم جميعاً, أعادت ترتيبه فوقهم ,ونظرت إلى أصغرهم (حسام) ذلك الأرنب  الصغير كما يحب أن ينادونه تفحصت براءته .. صفاء طفولته, مسحت بكفيها على وجنتيه  قبلة .

تحرك قليلاً.. عادت وربتت على صدره لينام قريراً.خافت أن يستيقظ ويلمحها في هذه الحالة الكئيبة.

لن تستطيع أن تستمع إلى حكاياته الطريفة والمملة والمركبة الخيال.

بعد أن استنشقت عبيراً نقياً يعبق حجرة أبنائها حاولت النوم،،أيضاً.. لم تستطيع فذلك الحاضر الغائب في نفسها يتقلب بقوة داخلها.

-"لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم" قالتها تود الخلاص مما يلوكها.

تفحصت حجرتها بأبنائها وذكرياتها,نظرت إليه كان يغط في نوم ثقيل وكأن شيء لم يكن

تسألت لما تعيش هي المرارة دائما ؟؟

أصرت على الرحيل بأبنائها إلى منزل أهلها , وليكن ما يكون .

تفحصت  حقيبتها في ركن جانبي بالحجرة , تلك الحقيبة التي حملت معها كل أحلامها  وهي تدخل منزلها بعد ولادة  ابنها الأكبر  هي ذاتها الحقيبة التي تود أن تضم فيها ما يلزمها لتعود إلى قريتها  وأهلها .

تذكرت أن  بيت أهلها لم يعد لها بعد أن استقر إخوانها مع زوجاتهم فيه , وبعد عودة شقيقتها ( فاطمة ) للعيش معهم  بطفلها  الصغير  بعد وفاة زوجها , شقيقتها ( علياء) مازالت  في المرحلة الثانوية . ووالدتها والكل هناك في المنزل الصغير الكبير الكل  يحاول  زرع بذور الصبر  داخله حتى لا يصدأ .

يحاول  جعل هذا الازدحام عالم مصغر للمجتمع عامة بكل تناقضاته

إلى أين أذهب مع أبنائي ؟ المنزل لا يستوعبنا  جميعا ؟

 داخلها  تصارعت الأسئلة بإجاباتها المتناقضة , بدأت  ترتب حقيبتها  والسؤال إلى أين ؟؟؟  يلح عليها  البحث عن إجابة  ولو مؤقتا.

غدى  الألم يتدحرج  مجددا في صدرها  ككرة إسفنجية  لا تعلم على إي الاتجاه تستقر  بعد أن امتصت  كمية الغضب .

 مازال  السؤال  يحلق داخلها كعصفور  يود الانطلاق من قفص صدري .

أوشكت ترتيب حقيبتها  والسؤال  لم يرتب  إجاباته بعد .

صحا من  نومه على صوت زفرتها   الشديدة , تأمل وجهها  الشاحب وخرائط الاكتئاب تكسوه , ولأول مرة نظر إليها من زاوية أخرى .

وللهروب من لوم النفس فاجئها بالسؤال ذاته الذي تهرب منه .

لم تجب ولن تتوقع أن تجيب , تأملها مجددا شعر  بما يلوكها . فكر  بطريقة  مماثلة .سألها تجهيز حقيبته أيضا ..تأملته بدهشة ..

أردف  سنغادر سويا يا حبيبتي .. لا أستطيع العيش بدونك .

نظرت إليه وملامح الدهشة  تزداد على مساحة  وجهها  والسؤال يتردد إلى أين ؟؟

إلى حياة جديدة يا عزيزتي , أعدك  بأن الرحلة ستكون أكثر سعادة  وجمال , لكن  عديني أن تكون  مشكلاتنا  في دائرتنا المنزلية  المغلقة  دون تدخل  الآخرين مهما كانت نواياهم الخيرة .

تذكرت كلمات والدتها " بيتك هو زوجك , وزوجك هو حياتك الجميلة  وأبنائك هم الزهور الندية في حياتكما  فتعهداها برعايتها بالحب والسعادة "

توسط السؤال  بين كلماته وكلمات  والدتها , حاولت الموازنة  بينهما وبين ما يلوكها  من ألم , اتكأت على قطعة الإسفنج  التي تمتلئ  مرارة في صدرها .تنفست  بعمق تاملته  من زاوية أخرى أيضا .. في عينيها صورة  والدتها  تترأى بكلماتها الحنون  .

قررت أعادة  صياغة السؤال .. تخلصت  من كمية المرارة  التي تحتويها  .. لتعود مجددا بإشراقة الشمس التي أرسلت  أشعتها  إلى داخل حجرتهما .. عبق ابتسامهما  الجديدة  يفوح منها  وهما  يعيدان ترتيب أغراضها من داخل الحقيبة .

قال لها بحب : هل تدركين مدى العلاقة  بينك وبين قطعة الإسفنج ؟

قالت : الامتصاص .. وبتسامح لا محدود .

قال : لذلك التسامح لن أخذلك  أبدا بعد اليوم .

 

 

 

 

لا أحـــد يـشبـهنـي

 

 

نداءت صباح يوم أهوج  أوحت له بقرار نفسي عكس أمنياته , بدأ يرتب حقيبته  البالية  كيما يعود إلى القرية التي لن تبرح نخيلها المتكاثفة والفارعة الضيق من منافسته لأصالتها  .

تتابعت أفكارا في مخيلته بعد أن صفع (أحمد)الباب بقوة وهو توجهه للجامعة ، كلمات ( أحمد)  كانت اكثر صفعا لمشاعره ,  بداخله تتلاطم أمواج ضاربة في السخرية  .

 أنت لا تشبه أحد، لاشيء يشبهك هنا, أيها القروي صدى الكلمات يتردد في هذه الحجرة الصغيرة التي تجمعه بأحمد ابن عمه ذلك الشاب القروي الذي تسلخ من عباءة القرية, وانصهر في المدنية.

 تلك الشجرة العائلية التي تربطهما بفروعها الفارعة غير متشابهة النتاج أيضا..مازالت تراوده الأحلام في العودة لقريته ببساطتها وعفويتها بعد حصوله على مؤهل علمي يثبت أهليته المتطورة في مجال الزراعة وبعد أن تسلطت الآفات على مزرعة والده ولسنوات متتابعة.

- تأمل عن كثب كتبه التي بدأ يجمعها وتمتم :هل كان أبى وجدي في حاجة لمثل هذه الكتب لتعلم الزراعة  ومكافحة آفاتها ؟ لم  يكونا . حقا أنا لا أشبههما.

دفع بالكتب داخل الحقيبة..وبحث عما يخصه في الحجرة التي ضاقت بأحلام ابن عمه بان يكون شخصا أخر في المدينة

بوقاحة المذنب قال له: يا ابن عمي مثلك لا  تحتمله المدينة طالما ليست لديك قابلية التغير أفكارك القروية  ,,ها قد عشت  هنا  سنوات ولم يطرأ على سلوكك ومظهرك الرث أي ّتغير يتناسب مع المدينة، أنا وأنت لم يعد يجمعنا سوى لقب واحد ودماء تجري في عروقنا  تصدأ أحيانا.

نظر إلى الكرسي أمامه إحدى عجلا ته مكسورة قال:هذا الكرسي قد يشبهني يأبى أن يتغير ليأخذ تضاريس الموضع الذي وضع فيه وان كسرت عجلاته .

سحب قلمه من على الطاولة الخشبية الخالية من مفرش يتوسطها كوب به بقايا قهوة.

قال: لعل هذا الكوب يشبهني لا يتغير بما وضع فيه, رغم برودة الجو بدأ العرق يتفصد من جسمه وهو يجمع بقايا أغراضه من الحجرة قبل أن يعود أحمد.

 تأمل السرير الممتد أمامه يلتصق بحافة جدار متشقق ذلك السرير الذي ألقى عليه جسده المتعب وتلك الوسادة التي شاركته أحلامه لمدة سنوات الآن هولا يشبهه ألبته

 - ربما ذلك المصباح ذو القاعدة المكسورة يشبهني..

 فأنا أضيء حياة والدي كما قال أبي عند رحيلي  ’,لكن  تبدو إنارتي خافتة هنا .

- علي الرحيل.. تأمل جدار الحجرة التي ضمته مع ابن عمه اكثر من ثلاث سنوات ،ومازالت هذه اللوحة البالية تتصدر الجدار صورة لزهرة دوار الشمس حبيسة أناء فخاري مرصع بأحجار ملونة .. ربما هذه الزهرة تشبهني فهي تتجه حيث أشعة.

 

لا أحد يشبهني(1)

 

الشمس تزيدها دفئاً وطاقة  كما تزيدني قريتي دفئا وعفوية ,, ولكن إلى حد ما هي لا تشبهني

الساعة التي توقفت عند العاشرة لم تبرحها منذ شهر أو اكثر تشبه أحلامه العشر:

الشهادة،  العودة للقرية, العمل، الزواج، الأطفال، المال، المنزل، السيارة، المزرعة، الصحة و العافية.

احكم إغلاق حقيبته الملونة بخطوط مربعة تآكل أحد أطرافها رفعها على الكرسي ليتأكد من أحكامها ،وجد أن الحقيبة تشبهه قال: أنها تشبهني تماما فهي ملأى بالأحلام الراحلة مثلي مثل قلبي الكبير الذي لم تتسع له طرقات وحجرات المدينة .

 تلفت حوله يريد أن يسكب قليلا من الماء على وجهه المدجج بالألم والخيبة التي استشعرها صباح اليوم.

 صنبور الماء عنيد مثله منذ سنوات ,,هو يعاني احتباس الماء في  فوهته  لحين صعقه بقوة عكسية تجبر الماء على الرضوخ للتدفق ربما يشبهه الحجرة التي ضاقت بأحلامه اليوم لم تفلح  ذاكرة محتوياتها أن تثنيه عن قرار الرحيل كما فشلت تلك السنوات التي مرت بان يجرفه تيار المدينة و أن يسلخ عنه عباءة القروي الذي تأصل بعادات لاتشبه المدينة.

قرار الرحيل ليس ضعفاً ولكن لم يجد هنا ما يشبهه سوى أحلامه المتورمة بالنجاح التي  لم تسمح لليأس العبور إليها .

- أنا أقوى من ما يحبطني ويصفعني لقد نجحت إلى حد ما في تصويب أهدافي  فالقرية التي تشبهني تنتظرني  وسأعود إليها بعد أن أحقق أحلامها  وبعيداً عن هذه الحجرة المتآلبة 

هم بالخروج ,, لكنه لمح زاوية الحجرة تتوسطها مرآة مكسورة تتعلق على الجدار .

هناك من يشبهه !!

 تقدم أكثر من المرآة  وضع الحقيبة على الأرض  تفحص وجهه كثيراً وكأنه  لأول  مرة يكتشفه.   هذه  المرآة  أحبها كثيرا تلمسها بإصبعه

 قال:وهو يشير إلي صورته فيها :نعم أنت فقط تشبهني.. أنت فقط تشبهني تدرج صوته حتى احتبس في أنحاء الحجرة  وهو يردد أنت فقط  تشبهني.

 الواحدة والنصف ،ابن عمه دخل  الحجرة  سمع صوته المحتبس فيها ,  تأمله وحقيبته المغلقة  على الأرض

بادله النظرات فأشار إلى المرآة أمامه وقال له : ها قد وجدت من يشبهني .. أنه هو الوحيد الذي يشبهني ولا يشبه أحد. لذا لن أرحل ...

مندهشا أعاد (أحمد ) النظر إليه لم  يعلق سوى  بضحكة مقتضبة

وأمام دهشته قال: لم أطلب منك الرحيل, لأنك الوحيد هنا الذي أرى فيه صورة القرية التي تمتد جذوري إليها.

إنك لا تشبه أحدا هنا, لذا لن أطلب منك الرحيل أبدا لا أنت ولا حقيبتك الرميم تلك بألوانها التي لن أجد شبيه لها هنا أيضا.

تبادلا النظرات فاعتلت أصوات ضحكاتهما حتى ضاقت بهما الحجرة التي لم تعد تشبه الحجرات الأخرى.

انتهت1423.

 

 

 

 

مساحات الود

 

يتقلص مدى مساحات الود بيننا حين نجتمع أنا وهي.

وتستحيل الآلفة مداها . وتتصاعد أناشيد الزفرات حولنا. رغم أن أطفالنا يلعبون في خارج حدود مساحاتـنا

أمي تحاول أن تنشر مع تراحـيـبـها بمقدمنا كل خميس خيوط ود حميم  لتربط بيني وبين زوجة أخي

تحاول أن تسقي صحاري علاقاتنا الجافة بوصـيـب من كلماتها العذبة .

ولكن عبثاً تحاول …

 _ ثم ماذا ؟؟؟؟؟

سؤال طرحته داخلي ولكن تمردت على إجابته , بل وسكبت عليه كأس من العصير المثلج   الذي قدمته لي خادمة أمي  فهي تعلم مدى حبي لتناول هذا  النوع من عصير الليمون بالنعناع  المثلج .

 علي أن أبقى أكثر انضباطاً "

مساحة الحديث الهامشي والمجامل  تزداد تقلصاً وامتداداً في حضرتنا أنا وهي ,, فالجميع يعلم أننا لسنا على وئام تام  ولكن …

كل ما يجمعنا هو يوم الخميس  هذا  الذي نرتمي فيه قسراً في بيت والدتي الحنون , أنا وأخي  وزوجته وأبنائنا .

أخي (عبد الله ) الذي يتوسطنا ويتشاغل بمتابعة مباراة  رياضية على التلفاز  يمثل الدور ببراعة .

في حين أنه يتابع مباراتنا النفسية أنا وزوجته المصون .

أمي في محاولات مستمرة تحاول لملمت شتات علاقاتنا , تبسمت في  وجوهنا وقالت:

بالأمس لم أنم , كنت في حالة قلق وفرح متعجل لاجتماعكم اليوم أنتم وأبنائكم  هؤلاء البذور الندية التي تزرع مساحات فراغي بالحب والحياة .

بارقة ارتياح ظهرت  ضمتنا لحديث أمي  تلمستها في وجوهنا فتشجعت وقالت :أترقب بشرى نجاحهم

واليوم بعد أن تحققت ولله الحمد   واجتمعتم لدي فهذا عيدي الذي أنتظره, ليتكم تبقون معي دوماً

( عبد الله ) يابني العزيز لما لا تلغي فكرة السفر في هذه العطلة  وتبقى معي  ؟؟ دعوني استمتع بوجودكم

حولي !

_ ولكن يا أمي لقد قررنا ذلك مسبقاً  والأولاد سعداء بذلك القرار.

_ وسعادتي من سعادتكم  يابني . يمكنك السفر مع زوجتك  وترك أبنائك لدي ؟

تفحصت وجه زوجته  فوجدته قد تحول إلى قطعة جمر  وتخيلت أدخنة الغضب غدت مراجل في عروقها يتراقص لهيبها في عينيها .

أمي_ بفطرتها _أحست ذلك وتداركت  الموقف باستدعاء الخادمة

_ (ماري )جهزي العشاء حالاً سآتي لتجهيزه معك الآن !

وأردفت تلك الأم الرؤوم  في معالجة سريعة لحالة الضيق التي أحست بها زوجة أخي قائلة:

_ لقد أعددت لأبنائكم  الكعك والفطائر التي يحبونها .

تناسيت أنني في تلك الأحداث  وتنبهت لذلك على صوت  أمي  تناديني : ( أسماء), ياابنتي ساعديني

هرعت  إليها  وتركت أخي وزوجته  وأدخنة الغضب  تحوم حولهما .

أثناء تجهيزي العشاء مع والدتي  تـنامى إلى مسمعي كلمات من زوجة أخي  لم أجهد  تفكيري في ترتيبها

لأني  أعلم  أنها ردة فعل  مضطربة  ومعاكسة لرغبة والدتي في بقائهم  بجانبها هذه العطلة

أثناء  تناولنا للعشاء  كانت هناك غـيمـة مترددة نستظل  تحتها لا أعلم هل ستمطر لهباً أم ذهباً أو لن تمطر أبداً  ؟؟؟؟

أثناء ذلك  أصرت  (مرام ) ابنة أخي  ذات العاشرة من العمر أن تجاورها على طاولة العشاء ابنتي (ليلى)

ذات التاسعة من العمر . بل وأن تلتصق بها أكثر  وتأكلان من طبق واحد , وكأنهن  تردن أن تسدا تلك

الـفراغات  الشعورية بيني وبين  زوجة أخي

لم تعلق زوجة أخي ولم أعلق أنا واكتفيت بتقليب  محتويات طبقي والانشغال بإطعام ابني (خالد)

وقبل الوداع , تشبثت ( مرام) بابنتي (ليلى) وتوجهت إلي قائلة: عمتي, لقد دعوت (ليلى) اليوم للمبيت

في بيتنا معي  على أن أجيب دعوتها لي بالمبيت  لديكم الأسبوع القادم ! أو لنبيت كلانا  هنا  في بيت

جدتي . مارأيـك  ياعمتي ؟  

هممت للإجابة عليها بعد أن تبسمت لها وأنا أمسح برفق على رأسها , فلم تمهلني والدتها الإجابة

جذبتها  وهي تقول بعصبية : _ هيا  لنعود إلى منزلنا .. يكفينا سهراً اليوم !

الصغيرة (مرام) : ولكن يا أمي !!

_ قلت كفى .. هيا يا عبد الله .

استل أخي  سيوف صمته وبحث عن شماغه  وقدم تحياته الباردة  وودعنا وذهبوا  وسط ذهولنا .

عندها قررت المبيت لدى والدتي مع أبنائي . تطيباً لخاطرها.

بعد أيام  قالت أمي وبحزن :  لقد سافر عبد الله مع أبنائه  بعد أن مروا سريعا لوداعي

حاولت تقليص مساحة حزنها واستجمعت شجاعتي المهزومة وأردفت: ربما سيعودون قريباً, لا تقلقي

عليهم  سيعودون إليك  وتسعدين بهم .. ثم نحن هنا بين يديك  سعادتنا معك "

مسحت وجهها بنظراتي ,  فوجدتها تهرب مني  وكأنها تخفي أمراً ما . ورفعت يدها تسأل الله لهم

السعادة  والسلامة .

كانت تلك العطلة الصيفية  باردة بأحداثها مثقلة بهمومها , تصاعد المرض إلى قلب أمي وكان يمتد منذ

زمن لم تفصح عنه , ولم تلمح  سوى برغبتها في بقاء أخي عبد الله لديها  وبقائنا بجانبها  أنا وهو فنحن وحيداها .

مـــاتــت الحبيبة !!

فكانت أ زمنـتـي  جميعها حبلى بالحزن

عاد أخي بعد أيام من سفره متجرعاً الحزن لوفاتها , عاد ليدفن دموعه الشاحبة في مسبحتها التي ما فتئت تتركها ..

_ "أخي وزوجته  جعلاها تموت حزناًً" استغفر الله العظيم _ ولكنهما  كذلك ..

وددت صفعه بقوة ولكن تحاملت على نفسي , ووددت أن أبصق في وجهيهما فتذكرت أنه  أخي الأكبر .

ولكنها والدتي !!

مساحات التواصل , الأخوة , التقارب  تقلصت بيني وبين أخي  ثم احتجبت  بيننا .

بعد سنوات  طويلة  ومازال  الحلم  ذاته يعاودني من حين لأخر .

والدتي _ يرحمها الله _ بيدها خيط متين تشده لتربط بين عصفورين  محلقين  أحدهما دامي الجرح

وكلما أوشكت على إيصاله .. و ينتهى الحلم واستيقظ فزعة ,,, ويتكرر الحلم على امتداد  أيامي

صباح  اليوم الخميس .. أفقت من حلمي هذا  فزعة

_ يا آلهي ماذا أفعل  ؟  ماذا يعني ذلك عن والدتي ؟

لم أعد أستطيع الاحتمال .. هل …  أم  لا  لا    لا أعلم  كيف ومتى ولماذا ؟ كنت في منزل أخي يوم  الخميس  فوجدته على سرير المرض .

_ أخي , حبيبي ماذا أصابك ؟

_ أختي العزيزة . سامحيني . لقد فقدتك كثيرا وقصرت في تواصلي بك . سامحيني .

اختلطت دموعنا وشممت ولأول مرة رائحة أمي  تفوح بيننا ووجدتها في نظراته الذابلة

ووسط تلك الكآبة  أحسست بها ولأول مرة تضمني بحرارة  وتمسح دمعي أنها زوجة أخي

تخيلت  أمي وهي تصل الخيط بين العصفورين كما في الحلم

ابتسمت  ونظرت بحب وود إلى أخي  وأنا أضم يداه إلى يداي , وتبسم أبنائنا  فتناثرت زهور السعادة والرضى من حولنا

(أحمد ) ابن أخي لمحته وسط تلك المساحة الزاهية ينظر بإعجاب إلى ابنتي ( أمل) التى غدت عروس

جميلة  ثم توارى خجلاً مني , فضحكنا جميعا .

وهزت زوجة أخي رأسها مبتسمة وهي تقول :يبدو ياعزيزتي أن مساحات الود بيننا ستبقى  دائماً رحبة

عندها  سقطت دمعة مختلطة بين  الفرح والحزن والرضى من عيني .

 مساء ذاك الخميس فقط  نمت سعيدة وايـقـنت أن أمي حتى بعد وفاتها

مازالت تزرع مساحات حياتنا بالود والحب …  

 

 

مســكونة بالــرفــض

 

 

تلك السحابة  التي تظللني , لم تمنح أشعة الشمس فرصة اللقاء بأهداب الأمل .

فتراكمت حفنة أحلامي .. تقوقعت داخل محارة السكون .

قوافل الأيام تمضي .. وأحلامي ترفض المضي معها.هزأت مني أسراب الطيور وأنا أخطو نحوطريقي. وتداعت ذرات الرمل متوجمةمن خطواتي الجديدة فوقها.

ذرات حاولت استجماع قواها لتشكل حصى تعيق مسيري .

- كثيرا ما نحلم ,,ولكن قد تتمازج أحلامنا بالواقع ..وتضيق بلا موعد.

حتما ما أنا فيه ليس بحلم ولا واقع , يقيني له وجه شموخ أنني أحيا واقعا بلا حلم

تلك السحابة  أسرعت تظلني , تخبئني .. تمنع  أشعة الشمس من فرصة اكتشافي

تلك السحابة  تشكلت كمظلة ترافقني غاضبة وجمة .. ترافقي السير وهي خجلا  من المجازفة التي شرعت على تنفيذها ، كلما تقدمت خطوات أعادتني قناعتي الرافضة خطوات أكثر .

المكان موحش ومقزز حتى الاشمئزاز .

تضاءل جسدي الهزيل خلف والدتي وجارتنا  وهما تسبقانني بخطوات ثابتة وقانعة بتلك المجازفة .

- معلمتي هل أنت ممن يرتادون مثل هذه الأماكن ؟ فاجأني وجه إحدى طالباتي

لفعني تحديقها خلال جدار هزيل يكاد أن ينقض على من حوله.

-أخفيت دهشتي وسذاجتي هربا من الإجابة.

ارتعدت مفاصلي،لم يكن لي شعور بالألم الذي يتقلص ويمتد على خارطة أيامي أعاق ابتهاجي بالحياة. أمي أكدت لي أن تأخر زواجي سببه عمل مدبر لعنوستي.

جارتنا(أم محمد)كانت تهمس مرارا في أذن والدتي حتى أصبح همسها جهرا

-(ابنتك مصابة"بالعين"وأعرف من يعالجها

تمسكت أمي بهدب المستحيل،وجعلته قانونا يلزمني إتباعه.فانسحبي إمكانيتي في الرفض وتغلغلت في أعطاف ذاتي حاولت أن تسقي قناعتي بالقبول سحبت يداي وأدخلتني إليه عنوة .

حجرة بائسة،قذرة للغاية يقطنها كائن يدعي"إنسان"يتمتم ويرغي ويربد..ترتعد النساء وهن يشرعن الدخول إليه.حوله أدخنة عفنة وملابسة الرثة كانت جزاءا من فوضوية الحجرة أصابتني نوبة من الذهول المجدول بضحكات هزيلة  للموقف،والدتي كانت أكثر تماسكاً مني حدثته بخوف ممزوج بقناعة ذاتية على قدرته في أن يكون أحد أسباب الشفاء

" اقربي ..اقربي يا نور , حتى يعالجك ويخرج ( العمل ) المدبر لعنوستك "

قالتها أمي .

مسكونة بالرفض(1)

خلته المشرفة التربوية التي تحاول أن تصيد أخطائي أولا ولتخرج بتقرير مفصل يثبت قوة حضورها ..وضعفي .

قربت المسافة بيني وبينه وأصبحت جزءا من فوضوية المكان والزمان وكسرت حاجز اللامعقول .

هيهات .. فمازالت نزعة  الرفض تسكنني تحاول أن تطغي على الموقف الهزلي

لكنني هنا أقف بين يدي هذا المشعوذ صامته قلقة مستسلمة لأن أكون رمز من رموز سذاجته وجهله .

تلمس يدي فأحسست بسليل من القشعريرة  يقتحم نخاعي , تلقفها وضمهما في حركة بهلوانية سريعة .

فيما كانت والدتي تحدثه عن مشكلتي وبين إغفاءة عينيه وتمتمة كلماته كان يرمقني بنظرات مذبذبة ,

تراكيب الموقف أسرى تلك السخرية في نفسي وعزز من قيمة الرفض .

- " اهدئي يا بنت"  كانت أول  جملة أفقهها منذ ولوجي هذا المكان  ، أطلقها  ذلك المشعوذ وبتركيبة هزلية جعلتني أطلق تلك الضحكات وأتبعها  بأخرى أعلى صوتا , ضحكات توازي حجم  ذهولي وجرأتي في الإقدام على تلك الخطى .

خلته مشهد كوميدي يعرض أمامي في الحال .

صدى ضحكاتي نشر الذهول في أعطاف المكان فزادت نظرات الازدراء حولي , أمي كانت ترتعش خجلا وتطلب منه العفو عما بدر مني ، بينما أصابت دهشته سخريتي .

- ( يا بنت .. اسكني ..اسكني أنت ملموسة ’ مسكونة ، دعيني أحاول إخراجه ) قالها المشعوذ بهدوء ونظرات- الرجل -  يصوبها نحوي .

كانت والدتي تنتظر قراره في شفائي أو سخطه مني ,, ولكنه رمقني بنظرة أخرى

قال لها : هل تتزوجني  ابنتك ؟

تضاعف حجم ذهولي وضحكاتي , أيقنت بالفعل أني مسكونة , مسكونة

مسكونة بقنـــاعــة  الــــرفـ......ض .

انتهت1418

 

أضيفت في 13/05/2005/ خاص القصة السورية / المصدر: الكاتبة بواسطة الكاتبة: بثينة إدريس

 

كيفية المشاركة

 

موقع  يرحب بجميع زواره... ويهدي أمنياته وتحياته الطيبة إلى جميع الأصدقاء أينما وجدوا... وفيما نهمس لبعضهم لنقول لهم: تصبحون على خير...Good night     نرحب بالآخرين -في الجهة الأخرى من كوكبنا الجميل- لنقول لهم: صباح الخير...  Good morning متمنين لهم نهارا جميلا وممتعا... Nice day     مليئا بالصحة والعطاء والنجاح والتوفيق... ومطالعة موفقة لنشرتنا الصباحية / المسائية (مع قهوة الصباح)... آملين من الجميع متابعتهم ومشاركتهم الخلاقة في الأبواب الجديدة في الموقع (روايةقصص - كتب أدبية -  مسرح - سيناريو -  شعر - صحافة - أعمال مترجمة - تراث - أدب عالمي)... مع أفضل تحياتي... رئيس التحرير: يحيى الصوفي

الثورة السورية | ظلال | معاصرون | مهاجرون | ضيوفنا | منوعات أدبية | دراسات أدبية | لقاءات أدبية | المجلة | بريد الموقع

Genève-Suisse جنيف - سويسرا © 2024  SyrianStory حقوق النشر محفوظة لموقع القصة السورية