راس الحصـان
الراوي: عبد
الرحيم العمر
كان يا ما كان
في أديم الزمان كان في رجال منتوف وفقير الحال، بيشتغل حطاب عايش مع مرتو
العجوز وحدن والله ما رزقن بولد، في أحد الأيام وهو عما يكسر ويجمع الحطب
بالغابي، سمع صوت غميق عما يناديه اتلفت حواليه ما شاف حدا، رد تابع شغلو بعد
شوي سمع الصوت مرة تاني عما يقول: اطلّع بين اجريك بتشوفني.
خاف الزلمي
وتعوذ من الشيطان الرجيم واطلع بين اجريه قام جفل لما شاف والعياذ بالله راس
حصان لحالو، اتعجب من هالشوفي اللي بتطير العقل وما عاد يعرف شو بدو يسوي، يهرب
والاّ يوقف وإلاّ يتخبى ؟؟؟؟ وهو واقف متحير بأمرو كيف راس حصان عما يحكي معو،
وهاي شغلي ما صارت بعمرها...
شوي سمع الصوت
مرة تاني عما يحاكيه، ويقول: لا تخاف مني يا عمي احملني معك عالبيت، بتنتفع مني
كتير إن شاء الله
.
تردّد الحطاب
وتحير في البداية وخاف منو، لكن الرأس أكّدلو أنو ما راح يندم أبداً، قام
اتشجّع الحطاب واتكل على الله، ورفع الراس وحطو بكيس وحملو على ضهرو ورجع
عالبيت.
لما وصل البيت
وشافت مرتو شو في بالكيس صابتا الرعبي وصارت تصيح وتعيط وطلبت منو يرميه برّاة
البيت.
قام الراس
حكاها: أرجوك يا مرت عمي خليني عنكن واتحمليني، وأنا راح كون متل ابنك وان شاء
الله الله بيغنيكم بحسنتي وما بتندمو أبداً.
هديت المرا وحن
قلبا على هالراس وقالت بنفسها: الله ما رزقني ولاد راح بعملو ابني وما راح نخسر
شيئ راح نجرّب يمكن أن يكون حكيو مظبوط، وإن ما طلع مظبوط بنرميه بالغابي
وبنخلص منو.
قامت المرا
جهزتلو غرفة خاصة وفرشتا، وحطتو بالفرشي وغطتو وطلب الراس منا تجبلو شوية فستق
وبندق ولوز وجوز، فراحت شحدتلو شوي وجابتن وحطتلو اياهن وتركتو ونامو ليلتن عما
يفكرو بهالعجيبي اللي صارت معاهن.
عند الصبح فات
الحطاب ومرتو يتفقّدوا راس الحصان ويطمنو عليه، لقوه بأحسن حال واستقبلن بوجه
بشوش وصبح عليهن وطلب من الحطاب يمدّ إيدو على تمو، فلقى فيه جوهرة كبيري
مالها مثيل في العالم. فرحو فيا كتير وحملها الحطّاب وراح لعند شيخ التجار
وباعها بمبلغ كبير، ومر عالسوق اشتري تياب وطعام وشراب واغراض للبيت، وبقي معو
قسم من المال خباه بالصندوق
...
وهيك صار كل يوم
الصبح يلاقو جوهرة بتم الراس، وصاروا يعتنو بالراس أكتر وفرشولو غرفتو بالصوف
والحرير والديباج، وجابولو شوال فستق وشوال بندق وشوال لوز ودلّلوه كأنو ابنن.
في أحد الأيام
دخلو عليه لقوه حزين ومهموم سألوه عن سبب حالتو. قلن: أنا عايش لوحدي بدي
تخطبولي وتجوزوني.
استغربو هالطلب
منو وحاولو أنو يفهموه أنو ما في بنت بتقبل فيه. فقلن: هادا الأمر اتركوه علي
وما بدي تخطبولي غير بنت الملك، وهاي كومة جواهر اعطون للملك مهر لبنتو نور
الصباح واتركو الباقي علي.
صدقو الجماعة
وراحو فاتو عالملك وهني عما يرجفو من الخوف، وعرضو عليه كيس الجواهر والألماس
اللي ما شاف متلن في مملكتو كلا، وإنها مهر لبنتو إن وافق على تزويجا من ابنن
راس الحصان، وقالولو: أنن ما بدن يعملو لاحفلي ولا عرس.
لما شاف الملك
بريق الجواهر طار عقلو وغرّو الطمع، فوافق في الحال دون أن يفكّر بالأمر،
وكانت بنتو معجزتن مشان جازتها وما كانت ترضى حدا من الملوك والأمراء اللي
تقدمولا، وحتى لا تتردّد وترفض كتب كتابها على راس الحصان وصاح على بنتو: تعالي
يا نور الصباح هيري نفسك واجمعي اغراضك، وروحي مع عمك أنا جوزتك من ابنو راس
الحصان وكتبت كتابك عليه.
حزنت نور الصباح
وبكت كتيراً لكن الأمر وقع وصارت زوجة راس الحصان، فلبست تيابا وتزيّنت وراحت
مع بيت عمها على دارن، دخلها عمها على غرفة جوزها، شافت غرفة أجمل من القصر
مفروشة بأغلى الحرير وأحلى الديباج، وصارت تفتش عن عريسها ما شافتو، استغربت
وصارت تسئل حالها وين جوزي اللي حكولي عنو، وهي على هالحال، سمعت صوت ناداها
انا تقرب من الفرشي، قربت شوي شوي شافت لفّة من الحرير مطرّزي، مدّت إيدها
وفتحتا فشافت راس حصان، خافت منو وفزعت وحاولت تهرب. ناداها وقاللا: يا أميرة
أنت مرتي على سنّة الله ورسولو وواجبك تطيعيني، وتعتني في وما راح تندمي بإذن
الله تعالى.
اطمأنّت البنت
شوي واقتربت منو، وقعدت جنبو وصارت تحاكيه وتسألو، وتسمع منو فلقتو شخصيي
لطيفة، رقيقة، كلو فهم وعلم وأدب وذكا، فتونست فيه وصار قريب لألبا، وفهما أنو
ما بدو منا غير تعتني فيه وترعاه وتحن عليه، وراح تكون مقابل هالشي أغنى ملكة
في العالم.
قعدوا الجماعة
الصبح لقو أدام بيتن قصر ضخم أفخم من جميع قصور الملك، انتقلوا عليه وعاشوا فيه
أحسن عيشي، وزاد حبن ورعايتن لراس الحصان.
وعاشوا على
الحال فترة من الزمن، في ليلي من الليالي نامت نور الصباح بجنب راس الحصان
وصارت تمسح رأسو بحب وحنان وهي حاسي بالسعادي، قامت سهت وأخدت غفوي، وهي نايمي
حسّت بحركة غريبة بالفراش، وكأنّو إنسان كامل نايم جنبها، فقامت فزعاني وشعلت
الضو، وإلاّ شب وسيم الطلعة بهيّ الجمال سبحان اللي خلقو نايم بالفراش، وما في
لا راس حصان ولا شي، استغربت الأمر مدت إيدا وصارت تهز الشب وتفيقو من نومو،
ففتح عيونو وهو عما يتشاهد: لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله، والتفت على
الأميرة وقالا: لا تخافي أنا جوزك راس الحصان، وقعد يحكيلا قصتو وكيف سحرتو
جنّية لأنو رفض يتجوزا، وأنو كان مرصود وما بينفك السحر عنو حتى يصير ألو أهل
وزوجي يرعوه ويحبوه، والله أرسللو الحطّاب ومرتو حبوه ورعوه متل ابنن، وأرسلو
الأميرة حبتو متل ما هوي وهادا اللي خلّصو من السحر والحمد لله.
فرحت نور الصباح
وأيقظت الحطّاب ومرتو، وبشرتن بالخبر وفرح الجميع، وأقاموا الاحتفالات وجدّدوا
الأعراس، وعاشوا في ثبات ونبات وخلّفوا صبيان وبنات.
أبو كـاترينا
الراوي : عبد
الرحيم العمر
كان في أديم
الزمان, كان في زلمي اسمو أبو كاترينا وكان غني كتير لكنو بخيل كتير, في يوم من
أحد الأيام اشتهت مرتو أكلة كبّي، فطلبت منو يجبلا رطل لحمي حتى تعمل كبّي،
وبقت تلحّ عليه كتير حتى وافق معا وراح عالسوق وجابلها رطل هبرة، وقعدت المرا
مانا كسلاني وصارت تدق اللحمي بالجرن وتعمل كبي, ولما صارت تشوي قعد جنبها وصار
يعدّ اقراص الكبي حتى انتهت عد مية واربع اقراص كبي، فعطاها قرصين تاكلن وأكل
هو قرصين وخبا الباقين، وقالا: يا ويلك وظلام ليلك يامرا إن رجعت ولقيت قرص
واحد ناقص من الاقراص بطلقك وبروح بنام بالجباني
.
هو طلع من البيت
وهي اجت شحّادي عجوز لعند مرتو عما تشحد أكل, فاعتذرت منا المرا لأنو جوزها ما
بيسمحلا تشحّد أكل لحدا, ترجتها وصارت تبكي وتشكيلا جوعا وقرف عيشها، حتى حنّ
قلب المرا عليها, فأمت اعطتها قرص كبّي.
لما رجع أبو
كاترينا أول شغلي عملها فات عدّ أقراص الكبّي, فوجدن ناقصين قرص قام غضب واحمرت
عيونو على مرتو، وحاولت مرتو تحكيلو القصة ما سمع منها، وصار يصيح ويولول وحلف
عليها بالطلاق، وقام لم تيابو وأموالو وراح عالجباني، لقى فيها قبر فاضي طب
ونام فيه .
بعد كام يوم إجا
أبو مرتو ليزورن طلعتلو بنتو، سلم عليها وقعد يسألا عن جوزا صارت تبكي وحكتلو
قصتا معو، فكر أبوها شوي والاّ: الله يكون بعونك يا بنتي على هالعيشي اصبري علي
شوي راح حللك مشكلتك مع جوزك أبو كاترينا.
لما حلّ الليل
راح لعند قريبو واتفق معو يعملو مقلب مع أبو كاترينا وراحو اتنيناتن عالمقبرا
ووقف كل واحد جهة، وصاح أبوها بصوت قوي وغليظ: اسمعوا ياميتين بيقول لكم
عزرائيل انهدم حيط بجهنم, بدكن تقوموا كلكن لتعمروه. جاوبو قريبو بصوت أغمق:
نحنا متنا وفنينا وما بقي حدا في حيل هلق إلاّ البخيل أبو كاترينا.
رد الأب: معناتا
ما في غير أبو كاترينا يشتغل بعمارة الحيط أنا رايح خبر عزرايين وراجع.
لمّا سمع أبو
كاترينا ها الكلام قام ضب مالو وشمع الخيط وهرب من المقبرة، ورجع عالبيت وصالح
مرتو وعاهدا أنو يصير كريم من هون ورايح، وقالاّ صارت الملائكي بالسما عما
يحكوا عن بخلي. وهيك صار أبو كاترينا كريم وصار يشتريلا لمرتو تياب وأكل وبطل
البخل وعاشو بالهناء والنعيم وطيب الله عيش السامعين
.
أم حمـدان وأبو حمـدان
الراوي: أم
مريم
كان في بزمانو
مرا اسما أم حمدان، وكان جوزا أبو حمدان كل يوم يرجع عند الضهر، وهو حامل بإيدو
صحن حمص ويدخل فيه عالبيت، ويحطو قدام مرتو وياكلوه. في يوم من الأيام قالتلو
أم حمدان: يا رجال والله نشفت قلبنا بالحمص كل يوم حمص، كل يوم حمص غيرلنا
هالأكلي شي يوم .
قالا أبو حمدان:
اسكتي يا مرا بكرة راح جبلك لحمي، حتى تعمليلنا كبي مشويي شو رأيك.
ردت أم حمدان:
والله جبتها يا رجال بس خلينا نغير طعمة تمنا
.
قامت أم حمدان
من الصبح، وبرمت عالجيران وخبّرتن إنا اليوم راح تعمل كبي، واستعارت من جارتن
جرن الكبي، وقعدت بأرض الدار تستنى
.
عند الضهر دخل
أبو حمدان وهو شايل صحن الحمص، وشاف أم حمدان قاعدي جنب جرن الكبي وماسكي إيد
الجرن ومجهزي حالها لدق اللحمي. لما شافت أبو حمدان شايل صحن الحمص وداخل
صاحت: ولك شو الحكاية يا أبو حمدان ما قلت بدك تجبلنا نعمل كبي ؟
قالا أبو حمدان:
اسكتي يا مرا قلت بدل ما جبلك تعملي كبي، راح جبلك جوز حلق تعلقيه بداناتك
.
قالت أم حمدان:
والله هيك أحسن وأحسنين
...
ومن الصبح بكير
قامت أم حمدان، ورجّعت جرن الكبي للجيران. سألتها جارتها: شو صار بالكبي يا أم
حمدان ؟
قالتلا أم
حمدان: اسكتي يا جارتنا ما أبو حمدان بدو يجبلي جوز حلق بدل الكبي وهاي أحسن.
وراحت أم حمدان
مانا كسلاني لعند الحدّاد وبخشت داناتها، ورجعت عالبيت وقعدت تستنى، وداناتها
عما يشرو الدم وماسكي بإيدها محرمي عما تنشف دماتها..
رجع أبو حمدان
مرة تاني حامل معو صحن الحمص وداخل على البيت، شاف مرتوعلى هالحالي قالا: ولك
يا أم حمدان سلامة عقلك ليش عاملي بحالك هيك ؟
قالتلو: ما
قاعدي عما استنى الحلق اللي وعدتني تجبلي إياه امبارح شو نسيت
.
قاللا: اسكتي يا
أم حمدان ما قلت لحالي بدل ما جبلك جوز حلق، راح جبلك جوز مباريم حتى تزيني فيه
زنودك هالحلوين...
قالتلو أم حمدان
: والله كمان لسا أحسن وأحسنين
.
ومن الصبح قامت
أم حمدان ودارت على الجيران، وصارت تخبر جاراتها أنو أبو حمدان راح يجبلها جوز
مباريم بدل الحلق، ورجعت قعدت بأرض الدار، وشكّلت عن زنودها ومدتن قدامها وقعدت
تستنى، كمان هالمرة فات أبو حمدان وهو شايل صحن الحمص.
هي شافتو أم
حمدان صارت تولول: ولك يا زلمي وين جوز المباريم شو قصتك ؟
قاللا: والله
يامرا فكرت كتير وقلت لحالي بدل ما جبلك جوز مباريم، راح أشتريلك دار جديدي
بفرد مرة مو أحسن.
قالتلو: والله
جبتا يا زلمي كمان هاي أحسن وأحسنين
.
قعدت أم حمدان
من الصبح وصارت تفوت على الجارات وتودّعن وحدي وحدي: بخاطركن يا جيران واستروا
ما شفتو منا أبو حمدان راح يشتريلنا دار جديدي وراح ننتقل عليها اليوم.
وصارت الجارات
يباركولا بالدار: إن شاء الله بتشوفي على وجها الخير يا أم حمدان ولا تقطعينا
خلينا نشوفك زورينا لا تنسي...
قامت أم حمدان
مانا كسلاني شمرت عن زنودا وصارت تطبق العفش وتلم أغراض البيت، وطالعتن وكومتن
بأرض الحارة وقعدت تستنى أبو حمدان
...
رجع الضهر أبو
حمدان حامل معو صحن الحمص متل العادي شاف مرتو قاعدي بالحارة على عفش البيت.
صاح فيها: ولك ليش عاملي هيك يا أم حمدان شو جنيتي؟
قالتلو: ولك
يارجال ما على أساس بدك تشتريلنا دار جديدي ونرحل عليها، وأنا ضبّيت عفش البيت
وقاعدي عما استناك شو نسيت
.
قام أبو حمدان
من قهرو شلف صحن الحمص عالأرض، وراح قعد على القهوة وهو زعلان. سألو صاحبو: شو
حكايتك يا أبو حمدان ليش زعلان ؟؟
قام حكالو قصتو
مع مرتو من أولا لأخرا وقال: مرتي راح تجنّني ما عما تفهم علي، وما عما تعرف
إنه ما معي جبلها أكتر من صحن الحمص، شلون اشتريلا بيت وما بعرف كيف بدي اعمل
معها.
قالو صاحبو: هاي
بسيطة يا أبو حمدان أجت بوقتها والشغلة صارت وصارت، فيه دار فاضي ما حدا عما
يسترجي يسكن فيا لأنو ساكنينا الجان، وعما يطلع فيها عفريت بيتلبس بالواحد وما
بيتركو لحتى يجن ويسوح بالدنيا، روح خود مرتك عليها بيطفشها الجني وبترتاح منا.
قالو أبو حمدان:
والله جبتها، وأخد منو العنوان والمفتاح وراح لعند أم حمدان.
قالا: ياللا يا
أم حمدان هاي لقيتلك دار جديدي، قومي احملي الأغراض والحقيني بسرعة.
فرحت أم حمدان
وصارت ترقص وودّعت جيرانا: بخاطركن زورونا راح نشتقلكم ونشوفكن بخير.
دوروا عالدار
لحتى لاقوها دخلوا عليا طلعت قايمي قاعدي الوسخ طامرها.
قال أبو حمدان
لمرتو: أدخلي أنتي اغسلي الدار وجهزيها ولما تخلصي تعزيل، وتنظيف برجع لعندك.
قالتلو أم
حمدان: بالسلامة الله معك يا رجال ولا يهمك أنا ساعتين وبخليها عما تضوي ضوي.
راح أبو حمدان
وهو عما يقول بنفسو: إن شاء الله برجع بلاقي الجنّي متلبسك وأخدك على جهنم.
قامت أم حمدان
ما نها كسلاني صارت تنظف وتشطف وتنفض فرش البيت والأرض والحيطان من الوسخ
والتراب، ما لقت شي تنفض فيه الغبرا شلحت باستها، وصارت تنفض فيها، ما شافت
إلاّ العفريت نط بوجها قالتلو: جيت والله جابك أنا عما دور على حدا يساعدني أبو
حمدان كسلان راح وتركني لحالي، وما في غيرك يساعدني حتى خلّص قبل ما يرجع أبو
حمدان. وشقّت باستها وناولتو طرف منها، وقالتلو: ياللا يا شوف همتك نضف معي؛
وصار هو حيط، وهي حيط لحتى نضفوها عالآخر وصارت تضوي وتلمع متل المراي.
فكّر العفريت
بنفسو: والله هالمرا بسيطة ودرويشة وعالبركة، وأحسن من كل اللي سكنوا بهالدار
من قبل، قام جاب جرّة دهب وقاللا: خدي يا أم حمدان اشتري اللي بدك إياه وكل شيء
بيلزملك وبيخطر على بالك وتركها واختفى...
أم حمدان أخدت
الدهبات ونزلت عالسوق واشترت عفش جديد للبيت، ودهنت البيت كلو وصلّحتو واشترت
حلق وجوز مباريم، ولحمي وهبرة وجرن كبي وقعدت صارت تعمل كبي، وبعد ما خلصت قعدت
عالشباك تستنى جية أبو حمدان
.
أبو حمدان قال
لحالو: راح روح شوف شو صار بهالمرا لسة عايشة وإلاّ ماتت وخلصت منها.
وصل أبو حمدان
لعند البيت ما عرفو، صار يدور على البيت ويروح ويجي من قدامو، لحتى شافتو أم
حمدان من الشباك. صاحت عليه ما عرفا، دخل لعندا ولما عرفا صاح: ولك هاي إنت يا
أم حمدان والله صايرا مرا جديدة شو عما تسوي هون وين صار بيتنا ؟
قالتلو: ولك
هادا بيتنا يا أبو حمدان شو ما عرفتو؟ أنا من ساعة خلّصت تعزيل وظبّط البيت
عالآخر، وهاي لبستلك حلق ومباريم وعملتلك كبي، وقاعدي عما إستناك حتى ناكل سوا.
فرح أبو حمدان
وقعد مع أم حمدان يأكلوا كبي، وعاشو بهنا وسرور وتوتي توتي خلصت الحدوثي
.
خـبيزتي وجـبينتي
الراوية:
نزهة الصوفي
كان يا ما كان
في أديم الزمان كان فيه حطاب فقير الحال، وعندو فاس وحبل يحطب فين بالغابي
القريبي منن، وبيحمل حمل الحطبات ويبيعن بالسوق ويشتري لولادو ومرتو شوية أكل،
يأكلوه ويحمدوا ربن ويناموا.
في يوم أخد
الحطاب فأستو وحبلو وزوادتو، اللي هي قطعة خبز وقطعة جبن، وراح ليجمع حمل حطب
من الغابي. بقي يحطب لوقت الضهر، قعد جنب الجب يستريح وفتح زوّادتو، وطالع
خبزتو وجبنتو لياكل قامو وقعو بالجب. حزن علين كتير، وقعد يبكي وينوح فوق الجب
ويئول: ( يا خبيزتي ... يا جبينتي... يا خبيزتي...يا جبينتي...).
بقي على الحال
أكتر من ساعة لا يكلّ ولا يمل،ّ طلعلو شيخ الجب اللي فاق من نوموه مزعوج
ومرعوب من صوت الحطاب، وألو: يخرب بيتك صرعتني وما خليتني اتهنا بالنومي ولا
ارتاح شو صايرلك وشو حكايتك ؟.. حكالوا الحطاب قصتو وكيف وقعت خبزتو وجبنتو
بالجب، ضحك شيخ الجب وقالو: كل هالشغل والصرعا مشان قطعة خبز وقطعة جبن إيه شو
مجنون كنك.
قالو الحطاب: يا
سيدي ما عندي بالبيت كلو شي أكلو غيرن، وان ما أكلت مابقدر أشتغل وانما اشتغلت
مرتي وولادي بيجوعو, كيف ما بدك اياني أبكي ونوح؟. وبلش يصيح: .. يا خبيزتي..
يا جبينتي.
صاح فيه شيخ
الجب: ولك بس يا مهبول حاجي صياح وعياط عالفاضي خود هالمنخل بيغنيك عن التعب
والشغل طول العمر، بينخللك حنطة وطحين، ورز وعدس وكل الحبوب بس خلصني منك
وتركني ارتاح ونام.
أخدن الحطاب
فرحان ورجع عالبيت، وصار ينخل لمرتو طحين، قامت عجنتن وخبزتن وبعدين نخلا رزا
وبرغل وطبختن، وأكلو هو ومرتو وولادو لحتى انتفخو، وناموا مرتاحين ومبسوطين
.
في يوم طلع واحد
من الولاد ومعو رغيف تنور، وشوية رز عما يأكلن بأرض الدار. شافتو جارتن العجوز
استغربت هالجخ عند جيرانا وسألت الولد: منين هالخيركلو عنكن؟. قام الولد حكالا
قصة المنخل، حطت براسا تسرق المنخل فراحت لعند جارتا وطلبت منا تستعير المنخل
اليوم حتى تنخل طحينات. قامت جارتا على بساطتا عارتا إياه، أخدتو ونخلت فيه كل
ما خطر على بالا وبعدين بدلت المنخل ورجعتوا لجيرانا بدل المنخل الحقيقي، أعدو
بدن ينخلو ما نخلن شي، عرفت المرا أنو العجوز غشتن وغيرت المنخل فراحت وطلبتو
منا فنكرتو العجوز.
رجع الحطاب
عالبيت حكتلو مرتو شو سوت معن جارتن فقال: لا حول ولا قوة إلاّ بالله انقطع منو
النصيب، وقام أخد فاستو وحبلو وراح عالغابة ليحطب وصل عالجب وصار يبكي وينوح:
(يا خبيزتي... يا جبينتي...)، بقي أكثر من ساعة على هالحال، طلعلو شيخ الجب
مقهور وقالو: ولك يا رجل ما خلصنا منك ؟ شو صار بالمنخل؟ حكالو الحطاب قصة
العجوز وكيف ضحكت علين وخلصتن المنخل. قاللو: بسيطة المهم حاجي بكي وصياح ومدّ
إيدو, عالجب وطالع طنجرة ناولو إياها وقاللو: هاي طنجرة شو ما بتشتهي بتطلب منا
من أكلات بتعطيك فورا خدها وخلصنا منك.
فرح الحطاب
وحملا ورجع طايرعالبيت، جمع مرتو وولادو وحط الطنجرة بالنص وطلب منها لحمة
اعطتن لحمة، أكلوا لحتى شبعوا وناموا. تاني يوم طلبوا جاج مشوي إجاهن أكلوا
لحتى شبعوا وناموا، وصاروا كل يوم يطلبوا اللي بتشتهي نفسن من الأكل، ياكلوا
ويشبعوا ويحمدوا ربن ويناموا مبسوطين.
جارتن العجوز
الخبيثي كانت عما تشوف كل شي مع الأولاد اللحم المشوي، ولحم الجاج ضلت وراهن
لحتى عرفت سر الطنجرة، راحت لعند جارتها تشكي وتبكي من القلي والجوع لحتى وجعا
قلبا وحنت عليها وعارتا الطنجرة بس تاكل منها وترجعا، وحلفت مية يمين إنا راح
ترجعلن إياها.
أخدتها العجوز
عالبيت، وطلبت منا لحمة وأكل وغيرت الطنجرة بوحدي متلها ورجعتا بدالا
.
عند الغدا رجع
الحطاب عالبيت وجاب الطنجرة، وطلب منا الطعام ما ردت عليهن فعرفت المرا أنو
العجوز عملتا وحكت لجوزها القصة، فبهدلا وقالا: ما نبهت عليكي ما تعيري الطنجرة
لحدا هيك بدك هلق شلون بدنا ناكل ؟
وبعدين حمل
الحطاب فاسو وحبلوا ورجع عالجب وصار يصيح ويبكي: ( خبيزتي .... جبينتي ...) حتى
طلعلو شيخ الجب غضبان وعما يتعوذ من الشيطان،. قاللو الشيخ: كمان راحت منك
الطنجرة ما هيك ؟؟؟ خود هالعصاي، وروح لعند العجوز واطلب منها المنخل والطنجرة
وان نكرتن وما رجعتن بس قول للعصاي: ليطي يا عصايتي ليطي، واترك الباقي عليها.
رجع الحطاب طاير
وراح لبيت العجوز، وطلب منها ترجعلن المنخل والطنجرة فنكرتن وصارت تصيح عليه
وطلعت عليه بالعالي، فأمر العصا تشوف شغلا وصارت تضرب العجوز حتى تورّم جسما
وماعادت تتحمل فقالتلو: دخيلك حاجي تضربني راح رجعلك اغراضك.
وطالعت الأغراض
واعطتن للحطاب فأخدن طاير من الفرح ورجع عالبيت جمع أولادو ومرتو وأمر المنخل
أنو ينخل طحين والطنجرة تطبخ أطيب الطعام، فأكلوا وشربوا حتى شبعوا وحمدوا
الله، وناموا مرتاحين ومبسوطين وعاشوا بالفرح والنعيم وطيب الله عيش السامعين.
عـلاء الدين والنسـر الشـاطر
الراوي: عبد
الرحيم العمر
كان يا ما كان
في أديم الزمان كان في ملك عظيم الشان، ألو بنت صبية لبية بهية ما في متلا
بهديك الديري بالحسن والجمال، ذاع خبرا بين الناس، وكانت ما ترضا تتجوز وتقدم
لخطبتها كتير من الأمرا والملوك والأغنياء، سمع فيها الغول أبو قرون اللي عايش
بالجبال، حب الأميرة وراد ياخدها فهجم عالقصر وخطف الأميرا من بين أهلها وطار،
لما سمع الملك بالخبر أمر العساكر والرجال يدوروا عليها بكل الأنحاء، ويقتلوا
الغول الوحش ويخلّصوا الأميرا منو.
مضت أيام وأيام
والعساكر عما تدور لكن الغول والأميرا فص ملح وداب ورجعوا عالفاضي، قام الملك
طالع منادي ينادي بين الناس اللي بيلاقي الأميرا وبيخلّصا بيجوزو إياها وبيعطيه
نص مملكتو وبيصير ولي عهدو، كتير من الرجال والقبضايات حالوا وفتشوا أيام وليال
بدون فايدي. منن رجع خالي الوفاض، ومنن مارجع بنوب وضاع بين الجبال، وأكلن
الغول.
في يوم من
الأيام إجا شب فقير الحال اسمه علاء الدين، طلب من الملك يسمحلو يدور عاالأميرا
ويجرب حظو متل باقي الناس، ضحك الملك وصار حاشية الملك تتمصخر عليه، وقالوا
الوزير: إذا ما خلّصت الأميرا إما أنو بياكلك الغول أو بيقطع راسك الملك، وافق
علاء الدين على شروط الملك وطلب من الملك حصان وسيف وزوادي، فجهزولو كل شي طلبو
وركب الحصان وراح يدور عالأميرا، وكان معو نسر عظيم اسمو الشاطر مرافقو وين ما
راح بيلحقو، وما بيتركو لحظة .
مشي علاء الدين
أيام وليالي وقطع سهول ووديان وغابات، وكان لما ينعس ينام شوي ولما يجوع ياكل
شوية طعام من زوادتو، وبعدين يقوم ويتابع مسيرو، ضل هيك لحتى وصل لسفح الجبل،
فئعد تحت سجرا يستريح ويأكل بعض الطعام، قام قالو للنسر الشاطر: روح طير واعمل
جولي حوالي الجبل وشوفلي شو فيه، ولا ترجع إلا معك خبر عن الأميرا والغول، فطار
النسر وحام وعلاّ بالسماء وغاب كام ساعة، بعدين رجع ملهوف لعند علاء الدين،
وقاللو: ابشرك خير شفت بنت الملك في مغارة براس الجبل، مربوطا بالحبال، والغول
ابو أرون عما يحرسا وعيونو عما تقدح شرر، إذا وصلت لعندو وشفتو مغمض عيونو لا
تئرب عليه لأنو بيكون فايق، وإذا شفت عيونو مفتحا هجوم عليه واضربو ضربي وحدي
بيموت وبتخلص منو، وإياك ثم إياك إنك تتنّي الضربي لأنو بيرجع بيطيب وبيهجم
عليك وبياكلك .
سمع علاء الدين
الكلام وطلع مانو كسلان لحتى وصل للمغارا، فشاف الغول نايم وعيونو مفتحا، قام
سجب سيفو وهجم عليه بكل قوتو وضربو ضربي عظيمي قطع رأسو، وصار راسو يتدحرج بين
رجليه وفار منه الدم متل النافورة، فصاح فيه الراس: تنيّ ياعلاء الدين. ردّ
عليه: أمي ما علمتني التني. وشال الراس حطو بالخرج وراح فكّ الأميرة، وخلصا من
أسرا وركبا وراه على الحصان ورجع فيا عالبلد. طار النسر وسبقن وخبر الملك بللي
صار، قام الملك جمع العساكر وأهل البلد والناس وراحوا يلاقولن، وعلقو الزيني
وقامت الحفلات والأفراح والليالي الملاح، وفرح الملك وحمد الله على خلاص بنتو
ورجوعا بالسلامي وأنو زالت عنن الغمامي، ودامت الأعراس سبعة أيام بلياليها، ما
حدا ياكل ويشرب إلاّ من بيت الملك، وزفوا علاء الدين على بنت الملك، وعاشوا
بهناء ونعيم وطيب الله عيش السامعين
.
الإسـكافي وجـارو الغني
الراوي: عبد
الكريم اسماعيل
كان يا ما كان
في أديم الزمان، وسالف العصر والأوان حتى كان، كان في رجال فقيرَ الحال بيشتغل
إسكافي بدكان صغيري، يادوب عما يقدر يطالع حق أكل وشرب لعيلتو، وبيرجع آخر
النهار اللي اشتغل فين بيشتري شوية أكل وكام كماجي، بيطعمي مرتو واولادو
وبيحمدو ربن مبسوطين ورضيانين باللي الله قسملن إياه، وعند المسا بالسهرا كان
الإسكافي يجمع أولادو ويحكيلن حكايات حلوي حتى يناموا
…
في أحد الأيام
إجت جارتن مرت التاجر الغني لزيارتن، ولما فاتت عالبيت لقتو فاضي وما عندن شي،
فسألت جارتا عن أحوالا، فصارت مرت الإسكافي تشكيلا القلّي وضيق الحال، وأنو
جوزا دوبو عما يأملن لقمة الأكل للأولاد
.
رجعت جارتن قلبا
عما يوجعا على حالة جيرانا وقامت حكت لجوزها عن حالة جيرانن الصعبي، وانن
فقيرين منتوفين عايفين حالن وقالتلو: ينوبك أجر وثواب وزكاة العنَّك تعينن
وتساعدن، فحنّ قلب الغني على جيرانو وأعطاها كيس دهب مليان تعطيه للجيران، حتى
يتفضّوا فيه ويقضوا حوايجن.
أخدت المرا كيس
الدهب وراحت لعند جارتها وأعطتا إياه عالسكت، وقالتلا هادا أمانة من جوزي إلكن
تتفضو فيه وتأمنوا حالكن.
أخدت الجارا
الفقيرا الكيس وشكرتا عليه لجارتا وحطت الكيس بالطاقة ورجعت لشغلى، لحتى رجع
جوزا الإسكافي ناولتو مرتو الكيس وقالتلو: هادا أمانة من جارنا إلك حتى تتفضا
فيه. أخد الاسكافي الكيس وفضاه عالأرض، وإلاَّ طلع كومة دهب بين أيدين عما يلمع
ووج فطار عقلن وجن جنونن. وقعدوا المرا والأولاد طول الليل يعدّوا الليرات حتى
تعبوا ونعسوا، قال الإسكافي: اتركونا من العدّ اليوم، وخلينا نفكر شو بدنا نعمل
بالمصاري ؟ بلشت المرا تعد شو بدها وشو حاجتها من التياب والأساور وأغراض
للبيت، والأولاد صاروا يعدوا كمان شو بدن تياب، وأغراض كتيري وألعاب، والأب بدو
يشتري دكان كبيري وعدة ومزرعة ودار كبيري وكل هالشي بالمية ليرة، وصاروا
يتجادلوا ويتقاتلوا على المال. قلن الإسكافي: اتركونا من المشترا هلأ وبكرة
منتفق عليه، وشوفو هلأ وين بدنا نخبي المال ؟ حتى ما يسرقوا الحراميي، فولاد
الحرام كتير هالأيام، قاموا علقوا من جديد وصار كل واحد بدو يخبين بمكان، واحد
قال بالفرشي واحد بالطاقة، وتاني بالخزوني مع البرغل وغيرو بدو يحفرلن جورا
ويطمرن تحت الأرض، وعلقت بيناتن معركة حامية، لوش الصبح.
قامت المرا
ولمّت أغراضا بدها تترك البيت وتزعل عند أهلا، والأولاد صاروا يتآمروا مع بعض
حتى يقتلوا أبوهن ليستولوا على المال ويتقاسموه بيناتن، وصار كل اتنين يتفقو مع
بعض على الباقين وشغلي كبيري.
فكّر الإسكافي
بهالمصيبي اللي نزلت علين، وخربت بيتن وحرمتن من السعادة والراحة والنوم
والحكايات، قام لم المال ورجعن عالكيس وراح لعند جارن الغني، وشلفلو الكيس
وقاللو: خود أمانتك عمي الله عن يغنينا عنك وعن مالك اللي خرب بيتنا ونزع
حياتنا. ورجع إلى بيتو وصالح مرتو وأولادو مع بعضن، وأعاد الأمور إلى مجاريا
كما كانت، ورجع يشتغل طول النهار ويرجع المسا يحكيلن حكايات حتى يناموا مبسوطين
ويشوفوا أحلى المنامات
.
يـوم السـعد
الراوي: عبد
الرحيم العمر
كان يا ما كان
في أديم الزمان كان في ملك من ملوك هالبلاد، ألو شغلات عجيبي خصّص لحالو يوم من
الشهر سماه يوم السعد بهاليوم بيساعد المحتاجين من الرعيي، وبينفذلن طلباتن
وبأملن حاجاتن لكن بعد ما بيسألو للواحد سؤال وبيشوف جوابو، فإن عجبو الجواب
أعطاه حتى كفاه، وإن ما عجبو عمل معه مقلب بطلع من عندو مرعوب يندب حظو.
وكان في البلد
عيلي فقيرا وصاحب العيلي رجال قاعد بالبيت لا شغلي ولا عملي، ووين ماراح بيرجع
خايب، وخالي الوفاض والدنيا مسكرة بوجهو.
قالتلو مرتو: يا
رجال ما سمعت عن يوم السعد عند الملك، ليش ما بتروح تجرب حظك بهاليوم، وتنال
منو نصيبك ؟.
فقاللا الرجل:
حظّي وبعرفو بحياتي ما توفقت بشيء، وروحتي لعند الملك ما راح تكون أحسن.
بقت المرأة ورا
جوزها تنق عليه حتى قنعتو ودفشتو ليروح لعند الملك بيوم الحظ ويجرب حظو.
حمل حالو الرجال
وتوكل على الله وراح وقف مع الناس على باب الملك عما ينتظر دوره بالدخول، فلما
إجاه الدور دخل عالملك، فلاقاه جالس على عرشو وأدامو جاجي مشويي، سألو الملك عن
أحوالو ؟ فالرجل شكالو الفقر والقللي والتعب بهالحياة، فكر الملك شوي وسألو: شو
أطيب شيء بالجاجي ؟ فأجابو بدون ما يفكر: جلدا يا ملك الزمان. فرح الملك وعجبو
جوابو وأمر خازنو يحشولو جلد الجاجي بالذهب، فحملن ورجع لبيتو طاير من الفرح
والسرور، وعما يرقص ويغني طول الطريق.
لاقتو مرتو
بالزلاغيط والهناهين وعملت زيطة وزنبليطة، واتجمعوا الجيران وصاروا يتفرجوا
عليا، وبعدين صلحوا بيتن وجددوه واشتروا أغراض وكام غنمي وتبحبحو بحياتن.
كان في ألن جار
غني سمعت مرتو بالقصة، فقعدت تنق على جوزا كمان مشان يروح عالملك بيوم السعد
حتى وافق معها، وراح لعند جارن وسألو شو صار معو عند الملك وشو سألو وشو جاوبو،
حكالو جارو شو اللي صار، فضل معلق بعقلوا الجواب، وباليوم الموعود راح الغني
لعند الملك وانتظر لحتى إجا دورو دخل إلى الملك، اطلع هيك فشاف أدام الملك تور
مدبوح ومسلوخ وجلدو مفروش جنبو، سألو الملك عن أحوالو، فشكالو القلّلي والفقر
والجوع، فكر الملك شوي وسألو: شو أطيب شي بالتور ؟ أجابو الغني بسرعة: جلدو
أطيب شيء فيه ياملك الزمان.
ضحك الملك منو
حتى انقلب على قفاه، وقالن للحراس: هادا بيستاهل كتير احشوه بالجلد وخيطو عليه،
ورجعوه لبيتو .
قام الحراس حشرو
الرجل الغني بجلد التور، وخيطوا الجلد عليه وهو عما يصيح ويدخل عليهن وحملوه
ورموه أدام بيتو وكانت مرتو عما تستناه ومجهزي حالا للدهب، لما شافت مرتو شلون
صاير قعدت تبكي وتولول، حتى جمعت الحارا عليا وطالعوا الرجال من الجلد وهو بآخر
نفس، وهنوه بالسلامي وبالعمر الجديد اللي انكتبلو.
قام الرجال حمد
الله على سلامتو ونجاتو وشكر جيرانو وفات عالبيت وبهدل مرتو وألا: هيك بدك
هالبهدلي أحسن ما منرضى بعيشتنا ونحفظ كرامتنا، وقعد بالبيت وصار يستحي يطلع
منو ويوجه الناس ... وتوتي توتي من عبي لعبكم مفلوتي
الشـكارة
الراوي:
فرحان العموري
بزمانو اجتمعوا
تلات حيوانات الجحش والوزي والبطا وتصاحبوا مع بعضن، ونقوا إطعة أرض واتفقوا
أنن يزرعوها سوا شكارة، ويتركوها لوقت الحصاد ويتعاونوا على حصادا ورجادا
ودراسا، ويتوزعوها بيناتهن بالتساوي
.
بعد ما زرعوا
الشكارة تعاهدوا مع بعضن أنو ما حدا يجي لوحدوا عالشكارة، وأنو يجتمعوا تلاتتن
ويجوا سوا يتفقدوها ويشتغلوا فيها وهيك اللي صار، رعوها واعتنوا فيها حتى كبرت
الحنطة وصارت طويلي، وقعدوا يستنوا وقت الحصاد.
قام الجحش غافلن
وراح لوحدو عالشكارا وبدون ما حدا يشوفو، أكل الشكارة كلها وما خلى فيها شي،
ورجع فرحان وشبعان وبطنو مليان، وعمل حالو مالو خبر.
لما صار وقت
الحصاد قلن الجحش ما بدنا نروح نحصد الشكارا ؟؟ قالو: ياللا قوموا. وحملوا عدة
الحصاد والمناجل وراحوا يحصدوا الشكارا، وصلوا لهنيك واطلعوا وإلاّ الأرض بايرا
ما فيها لا عود أخضر ولا يابس.
جن جنونن وصاروا
يبكوا وينوحوا، وكل صار يتهم التاني بأنو هو اللي إجا أكل الشكارا من ورا ضهر
الباقين، وعلقت مقاتلي بيناتهن وراح يدبحوا بعضن. بعدما تعبوا قامت البطا
قالتلن: بدل ما نتقاتل عالفاضي فيه شيخ البير تعو نروح نتحاكم عندو. وافق
الجميع وراحوا لعند البير، وكل واحد منن بدو ينط من فوق البير، واللي أكل
الشكارة راح يوقع بالبير واللي ما أكلها بينفد.
اجت الوزي أول
واحد وقفت على طرف البير وقالت: أنا الوزة أكالة الرزة إن أكلت الشكارة أوقع
بالبيارة . وفرّت وصارت بالطرف التاني من البير
.
أجت البطا بعدها
وقالت: أنا البطا أكالة الحنطا ان كنت أكلت الشكارة أوقع بالبيارة . وفرّت صارت
بالطرف التاني.
إجا دور الجحش
تردّد وما استرجى يقدم صاروا الوزي والبطا يصيحوا عليه حتى تحمى لينط وقال:
أنا الجحيش أكال الحشيش إن كنت أكلت الشكارة أوقع بالبيارة . ونط قام وقع
بالبير.
صار الجحش يصيح
ويستغيث ما حدا يرد عليه، فقالولوا: جزاتك موت كبد لبد ما يدري فيك أحد .
وتركوه وراحوا في حال سبيلن. ضل الجحش يصيح ويعيط لحتى سمعتو الغولي، إجت
فرحاني بهالصيدي اللي صارتلا وبدها تطالعو حتى تأكلو قامت مدّت إيدها ما طالت،
مدّت رجلها ما وصلت، مدّت شعرها وصل لعندو تمسّك بشعرها وطلع وصار واقف على طرف
البير.
إجت الغولي يدها
تاكل الجحش فقالا : لحقاني علي قبل ما تأكليني كان معي خروف واقع بالبير مديلو
شعرك وطالعيه، وأنا بساعدك بيصير عندك بدل الواحد اتنين.
فرحت الغولي
وقربت عالبير حتى تشوف الخروف، وتمدلو شعرها حتى تطالعو، قام الجحش غافلها
ورفسها رفسي قويي، ادركلت ووقعت الغولي وصارت بالبير وقامت تصيح وتعيط وتستغيث
حتى يساعدها الجحش ويطالعها من البير.
قام فل الجحش
وتركها تموت بالبير وراح يفتش عن اصحابوا حتى يصالحن، وهو عما يغني
فرحان بنجاتو.
شـعبان الكسـلان
الراوي: عبد
الرحيم العمر
كان في ولد
كسلان وجبان اسمو شعبان، راح عالضيعة لعند ستو لياكل تين، وبعد ما سلم على ستو
طلع عالبستان وصار ياكل لحتى شبع وملا بطنو، وبدون ما يغسل إيدو وتمو نام تحت
الشجرا، قام عف عليه دبان كتير قام ضربن بكفو العريضة، فقتل وجرح منن وطار
الباقي قام عد اللي قتلن طلعوا مية دباني، واللي جرحن طلعوا مية واللي طاروا
مية. قام علّق لوحة على صدرو كتب عليها " أنا قتلت مية وجرحت مية وهرب مني مية
" .
في أحد الأيام
طلع الملك يتنزه مع حاشيتو على طريق الجبل، لحقن شعبان وحط بجيبتو عصفور وقطعة
جبن، وهني ماشين وقفن عفريت عملاق ضخم وكبير ومنعن من المرور، طلب الملك من
حراسوا يتصدو للعفريت ويخلصن من شرو ما حدا استرجا يواحهو.
شاف الملك شعبان
بين الناس وكان بيكره شوفتو، فراد أنو يتخلّص منو فقاللو: ياللا يا شعبان أنت
بطل قتلت مية وجرحت مية وهرب منك مية، مالنا غيرك اليوم تخلصنا من العفريت.
انتخا شعبان وراح يواجه العفريت وقلبو مقطوع من الخوف ووقف أمام العفريت، اطلع
عليه العفريت لاقاه صغير وضعيف فصار يستهزء فيه، لكن شاف العفريت اللوحة على
صدرو وشو مكتوب عليا فصار يحسبلو ألف حساب
.
قال العفريت
لشعبان تعا لنتبارز إن غلبتني بتمروا وإن غلبتك بترجعوا من محل ما جيتو، وافق
شعبان في الحال. فقالو العملاق: راح نزت حجرتين للسما واللي حجرتو بتوصل أعلى
من التاني بيربح.
ومسك العملاق
بحجر ورماها لفوق بقوة، غابت حتى ما عاد تنشاف بالعين وبعد شوي رجعت عالأرض.
تذكّر شعبان العصفور اللي معو، فمد إيدو على جيبتو وطالع العصفور على أنو حجر
ورماه لفوق، فطار العصفور بالسما وما رجع، فخسر العملاق أول شغلي.
قام العفريت مسك
حجر تاني بإيدو وضغطها بكفّو الضخمي فتفتت وصارت متل التراب، فطالع شعبان قطعة
الجبن على أنها حجر، وضغط عليها بكفّو ففتّتها وسال منها المي. فسلّم له
العفريت واعترف بخسارتو أدام شعبان، وترك الملك وحاشيتو يمرّوا وصار من
القريبين للملك.
عـبدو أكـل الشـرعة
الراوي: أمين
صطوف
كان فيه بزمانو
فلاح مشهور في ديرتو اسمو عبدو، كان يشتغل في البستان بالليل والنهار يفلح
ويزرع ولا يهمو، وبيرجع عالبيت تعبان ونعسان بيفوت مباشرة على بيت الموني،
بيرفع القفاعة وبياكل كل شي موجود تحتها من الأكل.
في يوم من
الأيام جاب لمرتو سختورا وطلب منها تطبخلن السختورا، وراح هو عالبستان يشتغل،
وهي قامت مانها كسلاني شمرت عن زنودها وبلشت تنضف السختورا وتشلوطها عالنار،
وبعدين حشتها بالرز وحطتها عالموقدي وصارت تغليها.
تركت المرا
السختورا عالنار وراحت جابت الشرعة، فكت حبالها وبعدين حطتها بسطل مي حتى
تنقعها، وحطتها تحت القفّاعة وتركتها.
بيرجع مرجوعنا
للسختورا بقت السختورا طول النهار عما تغلي عالنار حتى استوت، عند المسا قعدو
المرا والولاد أكلوا من السختورا لحتى شبعو، وبقي لكن مليان سختورا شالتو المرا
وحطتو تحت القفّاعة جنب الشرعة، وراحت تكمل شغلها، وصار الولاد يفوتو عا بيت
الموني يرفعوا القفّاعة ويسحبوا كرش ومصارين من السختورا حتى قضوا عليها كلها
وما خلوا منها شي.
اجاء عبدو من
البستان تعبان وجوعان، فدخل مباشرة كالعادي على بيت الموني، ورفع القفّاعة
فشاف السطل مليان مصارين غليظة، فصار يطالع منها وياكل بشراهة حتى خلّص على كل
شي بالسطل.
حمد الله وراح
عالجب ليغسل إيديه ويرجع يرتاح شوي، شاف مرتو فسألتو: كيف لقيت السختورا طيبي ؟
قالها: السختورا
طيبي الله يعطيكي العافي بس مانها مستوية معك متل كل مرة، لحتى ضلت قاسي كتير
وناشفي، وما باقي بالمصارين لا حبة رز ولا حبة لحمة ؟؟؟.
استغربت المرا
هالحكي وشكت أنو في إنّ بالموضوع، فراحت ركيض عابيت الموني ورفعت القفاعة اطلعت
تحتها لقت السطل فاضي وما في غير المي، عرفت أنو عبدو أكل الشرعة، وفكرها
مصارين سختورا، رجعت لعند جوزها وقالتلو: صحتين وعوافي بس بكرا اشتري شرعة
جديدي حتى تفلح فيها لأنك يا عبدو أكلت الشرعة
.
ضـحية الكـبّي
الراوي: أمين
صطوف
كان في قديم
الزمان كان فيه فلاح اسمو الأوضح عندو أكتر من مية فدان، يزرعن لوحدو موسم واحد
من الحنطة أوالشعير؛ وكان الأوضح رجال قبضاي طويل وعريض وعضلات قويي، بيشتغل
بالليل وبالنهار وما بيتعب، كان الأوضح بموسم الحصاد يقعد أبل الفجر يكدن
عربايتين وينزل فيّن عالمديني، يعبين حواصيد ويرجع قبل طلوع الشمس، يضلوا
يحصدوا حتى وقت الضهر، فياخدن عالبيت يغدّين وبعدين يركبن بالعربايات ويوصلن
عالمديني، وكان الأوضح يحب بطنو كتير ويحب يطعمي الحواصيد على حسابو، وكان
يعملن غدا يوم طنجرة كبيري مجدّرة برغل مع كيس بصل، ويوم طنجرة كبيري لبنية
حنطة وذرة، مع خبز تنوري بيشهي من طحين القمح المخلوط بطحين الدرة.
وإذا شي مرة رجع
عالبيت وما لقى الغدا جاهز يغضب وتطلع اخلاقو ويفش قهرو بمرتو.
صار آخد أربع
نسوان الله يساعدن ويرحمن كلن قضى علين بسبب تجهيز الغدا وتأخيرو، أول مرا
رفعها فوء رأسو وزتها بالجب طالعوها خالصا، والتاني ربطا بشجرا بأرض الدار وضل
يضربها بالكرباج حتى نفقت، والتالتي قوّصها بالجفت طير دماغها من راسها،
والرابعا مسكها من رجليها ولوّحها وشلفها بالجو، وبقت رجلها بإيدو وهي صارت
بديار الحق.
صار عمرو خمس
وستين سنة، وكبرو اولادو وتجوزو وكل واحد أخد مرتو وسكن لحالو بدار وبقي أبون
وحدو بالدار القديمة.
وحتى لا يبقى
وحدو بدون مرا، وحياة الأرمل صعبي على قول المتل أعزب دهر ولا أرمل شهر، جمع
الرجال اولادو وخبرن أنو بدو يتجوز، فصارو يفتشولو على مرا تتحملو، حتى الله
لقاهن بمرا أرملة عتيقة محنّكة إلها خبرة بالتعامل مع الرجال اسمها أم سعيد،
وبالصدفة كانت أم سعيد متل الأوضح أخدت خمس رجال الله يرحمن، وبقي بنفسا رجال
جديد حتى الله بعتلها الأوضح، والله جمع ووفق اتجوزو على سنّة الله ورسولو،
وكانوا مع بعض متل الكي عالجرح، وعرفت المرا طباع جوزها فكانت تجهزلو اللي
بنفسو قبل ما يحكي ويسأل ويطلب.
في يوم من
الأيام قال الأوضح لمرتو أنا نازل عالسوق اتبضع، شو بتريدي جبلك معي، صفنت شوي
المرا ووصتو يشتري رطل هبرا ورطل حشوي ورطل شحمي، فرح الأوضح على هالوصيي وسال
لعابو وجهّز نفسو لأكل الكبّي من إيد أم سعيد اللي صارت تعرف أنو بطن جوزها
أغلى عندو من كل شي بالدنيا.
رجع الأوضح بعد
العصر محمل عربايتو، وملياني أغراض للأكل والشرب وللبيت، وما نسي يجيب لأم سعيد
قطعة قماش غالي حتى تفصلها وتلبسها عالعيد
.
نزّلت أم سعيد
الأغراض وهي عما ترقص وتزلغط، وبلشت بكل همة ونشاط تجهز عدة الكبي، نقعت البرغل
وترمت اللحمي ودقتها بالجرن مع البرغل وقعدت تطبق الكبّي وتجهزا للشوي، كان
الأوضح مجعوص تحت شجرا، وهو عما يطلع على مرتو وهمتا بالشغل، ومتعجب منها وعما
يقول بنفسو: منين الله بعتلي هالمرا هاي أحسن شغلي بتصرلي بآخر عمري، يظهر الله
رضيان علي.
وراح الأوضح
بنومي هنيي وعند المسا فيقتو أم سعيد، وأعدتو جنب الكانون وصارت تشوي الكبي،
وتناولو القراص ساخني، والكبي مو طيبي وهي نازلي تازة من عالمشواي، وصار الأوضح
ياكل وياكل ما يشبع، ودوبا كانت تلحّقلو أم سعيد شوي.
بقي على هالحال
حتى قضى الأوضح على وقعة الكبي وما بقي غير كام قرص، ما عاد يقدر ياكلن وما
عاد في ببطنو محل ألن، صار الأوضح ينفخ وما عما يقدر يتنفسن، قامت أم سعيد
ناولتو سطل مي فشربو، فزادت الطين بلة واتمدّد عالأرض متل التور المدبوح لا من
تمو ولا من كمو، وبعد شوي صار بطنو ينتفخ، وجحظت عيونو وحالتو بتخوف.
حاولت أم سعيد
تقومو ما قدرت سندتو وقع بين إيديها، قامت ركيض وصاحت على أولادو، لما شافوه
بهالحالي حملوه بالعرباي ونزلوه عالطبيب، ما وصل لعند الطبيب إلاّ كان خالص
رجعوا فيه عالبيت، لما شافتو أم سعيد صارت تبكي وتنوح: يا ويلي يا أوضح، علقتني
فيك وتركتني ورحت شو بدي سوي من بعدك.
عملت أم سعيد
عزا مطنطن لجوزها، وبعد ما خلصت العدي طلعت على قبر جوزها، لتشكلو بالآس
وتناجي روحو
وتقول: حتى تعرف يا أوضح يا سيد الرجال إذا كنت العدل أنا رباطو ورجعت أم سعيد
تفتش عن جوزجديد.
شـمشـون وأبو مـفلح
الراوي: خضير
القاسم
كان فيه رجل
طويل ضخم عضلاتو مفتولي يتنقل بين المدن والقرى ويعيش على ما يقدمه للناس من
عروض وأعمال خارقة تدهش الجمهور، مرة بيخلع المسامير الكبيري من الخشب بسنانو،
ومرة بيشدّ سيارا كبيري بشعر راسو الطويل، وبيرفعها عن الأرض وهي دايرة وما
بتقدر تتحرك شبر، ومرة بيجمعو اتنين وبإيدن مهدات كبيري بيكسروا فيا صخرة على
رأسو، مرة عمل حفلي عرض كبيري وصار الحاضرين يزقفولوا ويهتفولو وعقلن طاير من
افعالو لحتى سموه شمشون الجبار.
بعد ما خلّص
العرض قرب لعندو فلاح بسيط لابس حطّة وعقال وشواربو طويلي، قاللو:
ليش عامل حالك
قبضاي كلشي عملتو ما بيساوى نكلي عند أبو مفلح
...
تعجب شمشون من
هالحكي وسألوا: مين أبو مفلح هادا اللي عما تحكي عنو... ؟
قالو: أبو مفلح
عنتر ضيعة أم الحجر مشهور بالديري بيشيلك أنت والسيارا معك تحت باطو.
أجابو شمشون:
بكرا منشوف صاحبك راح اتحدّاه ونازلو أدام أهل الضيعة، وببين مين فينا عنتر ؟
بات شمشون
الليلة سهران ما غمضلتو عين، وهو عما يفكر بأبو مفلح، وما صار الصبح حتى قام لم
أغراضو بكيس وراح ماشي باتجاه أم الحجر، بعد ساعتين تلاتي وصل على تخوم الضيعة
شاف بطريقو زلمي طويل ضخم شواربو بيوقف عليهن الصقر، ودقنو طويلي عما يفلح
الأرض بالصمد فكرو أنو أبو مفلح قرب لعندو وسألو: بتعرفلي واحد أسمو أبو مفلح ؟
شد الفلاح رسن
الثيران بشدّي وحدي ووقف عن الفلاحا، واطلع على شمشون وزانو من فوق لتحت، وقام
رفع الصمد بإيد وحدي، وصار يحركو ويئشرلو بالهواء، متل اللي عما يئشّر بقضيب
رمان وقال:
دار أبو مفلح
هاي البعيدي أم العلّيي، جنب شجرة التوت الكبيري، بتروح من هون وبتفوت بالزابوق
وبعدين بتلف عاليمين خمسين متر، بعدين بتلفّ عالشمال، وبعد عشر امتار بتلاقي
على إيدك اليمين باب خشب كبير هاي هي دار أبو مفلح. وبعد ما خلّص حكي نزل الصمد
من إيدو وقالوا: فهمت .
انبهت شمشون من
حركات الفلاّح، وتركو وتابع طريقو حتى وصل لعند باب الخشب الكبير، دق الباب
بقوة قرب ينكسر، فتحتلو صبيي حلوي طويلي وملياني، وشايلي تحت باطها كيس مليان
فول رحبت فيه بحرارة، وأهلت وسهلت، سألها عن أبي مفلح جاوبتو: وصلت، بس استنى
لحظة حتى حط الكيس في العلية.
ومتل الغزالي
طلعت الدرج الحجري، رمت الكيس بالعليي ونزلت، دخلتو على غرفة الضيوف الكبيري
حيطانا حجروطين سميكي، وسقفا من الطين والقصب وعواميد خشب ضخمي، أخدت الصبيي
بابوج شمشون، ورفعت عامود من السقف وحطت البابوج تحتو.
بعد شوي وصل أبو
مفلح، وإلاّ هو ذاتو الفلاح اللي قابلو على مشارف الضيعة، سلّم على الضيف ورحّب
فيه وبعد ما تعرف على اسمو ومنين، طلب من الصبيي تحط الغدا للضيف، جابت صيينيي
كبيري مجدّرة برغل وسطل لبن، وعشرين رغيف وكومة بصل
.
اجتمع التلاتي
على الصينيي وبلش الضيف بالأكل، وما أكل كام لقمي حتى وقف، وصار يتفرج على أبو
مفلح شلون عما ياكل، كان أبو مفلح يقطع الرغيف قسمين ويلف النص ويدحشو بتمو،
ويلحقو بكومة مجدّرة وفحل بصل، ويكرع وراه كاسة لبن، وما في عشر دقائق حتى كانت
السفرة نضيفة، وما ترك أبو مفلح وراه شي.
خلصو أكل وقعدو
يشربوا شاي ولما شاف شمشون أنو الضرب عند ابو مفلح مو ضرب اصحاب شرب كاستو وقام
استأذن أبو مفلح ليتيسر على بلدو، أكّد عليه أبو مفلح ينام عندن اليوم ما رضي،
وصمم أنو يرجع لعند أهلو وطلب شمشون بابوجو ما لقاه، فصاح أبو مفلح على أخته:
وين بابوج الضيف ؟ فردّت عليه: تحت بد السقف.
قام أبو مفلح
يدور تحت العواميد، حتى لقى الكندرة فرفع العامود بايد وحدي، وسحب البابوج
وناولو للضيف وصار يعتذر من تصرف أخته، وهو عما يقول: الله يخرب بيتك على
هالشغلي اللي عملتيها مع الضيف. قام شمشون لبس بابوجو بدون ما يحكي ولا كلمي،
وفكحها والهريبي تلتين المراجل، ونسي مشان شو إجا لعند أبو مفلح
.
صـار
غـانم آغـا...؟
الراوي: خضير
القاسم
كان في رجال
فقير ودرويش الحال، اسمو غانم قاعد لا شغلي ولا عملي وما بيلتقى بيبيتو شي
ياكلو هو وأولادو، وعلى أرضية بيتو حصيري عتيقا عما تنسل واصحابو تركوه ونسيوه.
في يوم من
الأيام فطن فيه واحد من اصحابو القديمين اسمو أبو صالح إجا يزورو ويتفقد أحوالو،
ويشرب عندو كاسة شاي، دق الباب بعد شوي فتحلو غانم ورحب فيه ولقا جيتو أد
الدنيا، دخلوعلى غرفة الأعدي وصار يعتذر منو عن حالتو التعباني، وحطلو كرسي قش
صغير يقعد عليه، وبعد السلام والتحية والاستفسارعن الأحوال، سأل غانم ضيفو شو
بيشرب ؟ ألو صاحبو: والله جاي اشرب عندك كاسة شاي.
ألو غانم : تكرم
عينك يا أبو صالح والله جيتك غالي عندي. وصاح غانم على مرتو: ياأم محمد عمليلنا
كاسة شاي. فلم ترد عليه، فصاح مرة ثانية وثالثة، قامت ردت بقهر: إيه سمعت أن
بدك ضرّاب السخن حاجي تصيح وتعيط متل الأرملي المقطوعا.
خجل غانم من
صاحبو، وصار يبرّرلو موقفو وقاللو: يا رجل والله هالنسوان مصيبي يا بتضل راصصن،
يا بس قصرت معن بيتنمردو عليك.
ضحك صاحبو وطيّب
خاطرو وقاللو: هاي حال الدنيا شو بدك تضل شب وتاخد دورك ودور غيرك.
بعد فترة وصلت
الشاي وصب غانم الشاي وقدما لصاحبو وقعدو يتسايرو ويتذكرو أيام زمان، وكل شوي
كان صوت المرا يطلع، وهي عما تلعن وتسب وتشكي وتبكي.
فكّر أبو صالح
شوي وطلعت معو شغلي غريبي قالو: شو رأيك يا غانم تصير آغا وتعيش أفندي، وتخلص
من حالة الفقر والبؤس اللي عايشن؟
ضحك غانم وفكر
أنو صاحبو عما يتمسخرعليه، فكمل صاحبو حديثو وقال: لا تفكر كتير وتستغرب الأمر
بدك العنب وإلاّ الناطور، سمعت في عندك خروف عما تربيه لتضحيه على العيد،
استغني عنو وبلا تضحيه على العيد وادبحلنياه واعزمنا على الغدا، وأنا بكفلك
تصير آغا.
فكر غانم شوي
وهو بين مصدق ومكذب، وقال لصاحبو: الشرط شرط وآخرتو رضا إذا ما ...؟
وما خلاه صاحبو
يكمل كلامو، فقاللو: وإن ما صرت آغا بدفعلك حقو، شو رأيك ؟.
وافق غانم على
هالشرط، وشاف أن يضرب العجيني بالحيط ويستغل الفرصة ما دام مانو خسران شي.
اتفقو على
هالأساس وتاني يوم دبح غانم الخروف وتوكل على الله وما شاور مرتو، وحطها تحت
الأمر الواقع، وأمرا وكأنو أصبح آغا إنا تجهز الخروف وتستعير دست الجيران ومنسف
وشوية برغل وتطبخو عالغدا، ورد خبر على صاحبو أنو الأمور أصبحت جاهزي عالضرب.
عند الضهر حضر
صاحبو ومعو وجهاء البلد، وشيوخا وكلن أفنديي وأغوات، وهني مستغربين ومتعجبين من
عزيمة غانم الفقير على هيك وقعا كبيري.
صار الخروف على
المنسف فوق البرغل الجميع حواليه مجهزين حالن للأكل، وقف أبو صالح وقال:
يا جماهة قبل ما
حدا يمد أيديه على الخروف فيه شرط بسيط، إذا رضيتو فيه بتاكلوا الخروف صحتين
وعوافي على قلبكن، وإن ما رضيتوا فيه، منشيل الخاروف وكل واحد يرجع على بيتو
وبيتغدى عند مرتو.
الكل اطلعوا
بوجه أبو صالح متلهفين يعرفوا شو هو الشرط، وسألوا بصوت واحد: قلنا شو هو
الشرط وخلصنا ونحن موافقين شو ما كان يكون. وكانت شهيتن انفتحت على أكل
الخاروف ولعابن سال وما فين يصبروا.
أجاب أبو صالح:
غانم بدو يصير آغا مقابل هالخروف، شو رأيكن ؟
.
أجاب الجميع
بصوت واحد ودون تردّد: أغوات كتير شو بيصيرإذا زادو واحد ؟ من هاللحظة أصبح
صاحبنا اسمو غانم آغا، وما في حدا أحسن من حدا....
وهجم الجميع على
الخروف، وأكلوه بنهم وشراهة حتى أتوا عليه، ومصمصو عضامو، وبات غانم وأولادو
جوعانين، لكن أصبح اسمو بين الناس غانم آغا أفندي.
الحـيل يقـاوم الحـيل
الراوي: فايز
الصوفي
كان فيه بدوي
وفلاح جيران عايشين متفقين ومبسوطين ومندمجين مع بعض بدون مشاكل وخلافات،
وكان البدوي
عندو ناقة والفلاح عندو فرس، وكانوا حاطينن بزريبي واحدي ومتشاركين سوا على
أكلن وشربن ورعايتن.
ليوم من الأيام
حبلت الفرس وجابت مهر صغير فاختلفو عليه، قال البدوي: إنو ناقتو جابت المهر،
والفلاح قال: إن المهر ابن فرسو.
اختلفوا مع بعض
وزعلوا من بعض وصارت مشاحنات بيناتن، واشتد الخلاف واتطور وصار بدن يتقاتلو على
المهر، ادخل بيناتن أحد الوجهاء ما قدر يحل المشكلي بينن، فقلن ما في غير
تحتكموا للعارفي هو بيحللكن المشكلي، رضيو الجماعة واتفقوا على هالحل وقامو
سافرو لعند العارفي، ودخلو عليه وحكولو مشكلتن وسبب خلافن.
تعجب العارفي
واستغرب الأمر، وفكّر فيه شوي وبعدين طلب منن أنو يستنو للمسا حتى يعطيهن جواب،
وبالليل طلب كل واحد منن لوحدو، واجتمع فيه لمدة ساعة وناموا هديك الليلة
منتظرين جواب العارفي .
عند الصبح جمعن
العارفي وقالن: بعد التفكير والتدبير تبينلي أنو المهر هو لصاحب الناقة وله
الحق فيه، وصاحب الفرس مالو حق فيه.
صاح صاحب الناقة
وحيا العارفي وأشاد بعدلو، أما صاحب الفرس وقف بوجه العارفي وقلو: بس بدي
تفهمني كيف ضيعتلي حقي، وكيف طلع معك أنو الناقة بتخلّف مهر ؟.
صفن العارفي شوي
وقال: اسمع يا أخو العرب لا تستغرب هالنتيجي، طول عمرو إن كان فيه حيل يقاوم
الحيل، الناقة عمرها ما تخلّف خيل، وإن كان ما في حيل ما يقاوم الحيل، ترى
الناقة تخلف خيل والنوب أكتر.
بقـرا أغـلى من المرا ؟
الراوي: خضير
القاسم
كان فيه فلاح
غني لكنو بخيل كتير، وكان عايش هو ومرتو وولادو مستورين الحال، وكان الفلاح ما
بيصرف في البيت إلا الضروري للحياة من أكل وشرب دون زيادة ولو بارا، وكان عما
يربي شوية حيوانات في المزرعة، وبيعتني فيا ويرعاها بنفسو وبكل جهدو، وكانت أهم
حيواناتو الغالي عليه هي بقرة هولنديي بتحلب كام رطل حليب كل مرة، فيبيعن
ويشتري بحقن لوازم البيت
...
في يوم الأيام
ماتت مرتو، حزن عليها وبكي على فراقا، وعملها مأتم كبير واستمر العزا تلات أيام
في اليوم الرابع، عمل وليمي كبيري على روح المرحومي، وعملها ختمية قرآن وانفضّ
العزا على خير، ورجعت الحياة إلى مجاريها، ورجع صاحبنا على شغلو ونسيو المرحومي،
وما بقي منا غير الذكريات الطيبة والله وحده الدايم، باليوم الخامس تقُدم للرجل
الأرمل عروض كتيري للزواج ما في أحسن منها اختار واحدة وتزوج على سنة الله
ورسولو والطيب أفضل من الميت ...
لكن المصايب إذا
كرّت على إنسان ما بتفر، ويظهر أنو قدم مرتو الجديدي سوء عليه، بعد كام شهر
ماتت البقرة الهولنديي الغالي عليه، فحزن عليها حزن عظيم وبكي عليها متل ما بكى
على مرتو، ومرّت الأيام التلاتي والأسبوع والشهر، والحزن ما فارق الرجل، وما
نسي بقرتو الغاليي وفوق هيك اعتزل الناس، وما عاد يشوف حدا ولا حدا يشوفو...
في أحد الأيام
زارو صاحبو قريب إليه، وقعد يحدثو وياخد ويعطي معو يمين وشمال، وفوق وتحت حتى
يطالعو من حالة الحزن اللي هو فيا ما في فايدي، حتى بالأخير يئس منو وحط إيدو
على راس صاحبو وقاللو: بحلفك بالله بس فهمني ليش حزنك على بقرتك أكتر من حزنك
على مرتك؟
أجابو بحسرا
كبيري: ولك يا أخي ما دام حلفتني راح احكيلك الحقيقة، لما ماتت مرتي ما مضى
اليوم الخامس على موتا، إلا وتقدملي خمسي للزواج من أجمل وافضل النساء، لكن لما
ماتت بقرتي مضى على موتها أكتر من شهر ما حدا عرض علي ولا بقرة بدالها ... فهمت
هلق ؟
عـجوز
بدا عـريس
الراوي: محمد
علي الصوفي
كان في بالزمان
شاب آدمي وحباب وابن حلال يعيش مستور الحال، وعندو أم عجوز قضا حياتو ما تجوز
مشانها وصار عمرها أكتر من مية سنة وبعدها عايشي، لكنا قعدت بالأرض وما عاد
تتحرك وكانت تنق كتير، ومحيرتو شلون بدو يرضيها، ما كانت ترضى معو لا بالطلوع
ولا بالنزول، لحتى الله هداه على طريقة عجبتها وارتاحت فيها وبطلت تصيح وتنق،
عمللها مرجوحة وعلّقها بالسقف وركبها فيها، وصار طول الوقت يهزّلها، وهي نائمي
في المرجوحة مبسوطة طول ما المرجوحة عما تهز بس وقفت المرجوحة عن الحركة والهز،
بترجع العجوز عالصياح والولاويل والنق
...
في يوم دق شحّاذ
عالباب، بدو يشحد شوية أكل، ما كان الشب يرد عليه لأنو بيخاف إذا وقف عن هزّ
المرجوحة بتقعد أمو وبترجع لعادتها، لكن الشحاد ما عاد يترك الباب وصار ينق
ويلح بدو أكل
أخيراً حتى يخلص
منو قاللو: تعال استلم هز المرجوحة عني شوية، لبين ما جبلك طلبك عالسريع وأوعا
توقف عن الهز وإلاّ بتقعد العجوز وبتعملنا مشكلة.
عمل الشحاد متل
ما طلب منه الولد وصار يهز المرجوحة، وراح هو عالمطبخ لييجبلو شوية أكل. لما
شاف الشحاذ العجوز صار ويسايرا ويحكيا، ما ترد عليه بس كانت تتطلع وتتبسم،
فانزعج منها الشحاّد وقاللا: والله أنت عجوز نحس عفريتي ما فيك شي مو ناقصك غير
عريس، لو كنت محل ابنك لجبتلك عريس عمرو خمسين بيرجعك صبيي بنت عشرين وبتقومي
متل الحصان ...
رجع الولد
بالأكل وناولو للشحاد، فأخدن ودعالو وراح بحال سبيلو، رجع الولد ليهزّ المرجوحة
لأمو لاقاها زعلاني وحرداني، سألها: خير يا أمي ليش زعلاني.
قالت لو: أنت
ولد عاق ما فيك خير ولا جنس الضمير، والله ما برضى عليك حتى تعمللي متل ما قال
الشحاد.
فسألها: شو قال
الشحاد يا أمي ؟ فقالتلو: ما بعرف بدي متل ما قال الشحاد.
حاول الولد كتير
يعرف منا شوقال الشحاد، ما حكت وأصرت على طلبا، قام الولد طلع بسرعة حتى يلحق
الشحاد ويفتش عليه في الحارة، وقال: والله ما راح إرجع حتى لاقي هالابن الحرام
واعرف شو قال لأمي. وبعد دوارة ساعات لقى الشحاد واقف أدام باب عما يشحد، فمسكو
من رقبتو وجرّو وقاللو: تعا يا ملعون والله ما بتركك لحتى تقلي شو قلت لأمي
العجوز؟ .
أنكر الشحاد
وحلفلو أنو ما قال شي يزعج العجوز، وصار ويدخل عليه حتى يتركو، فمسكوا الولد من
خوانيقووقاللو: بدك تحكيلي شو حكيت مع العجوز من وقت ما فتت لوقت ما طلعت وإلا
بخنقك وبرتاح منك
...
خاف الشحاد على
روحو فحكالو شو حكى مع العجوز من وقت ما فات لحد ما طلع وأنو لازم ابنها يجوزا
عريس عمرو خمسين سنة بترجع صبية من جديد...
ترك الولد
الشحاد وقالو: الله يخرب بيتك على هالمصيبة اللي علقتني فيا، من وين بلاقي لأمي
العجوز عريس عمره خمسين سنة...
رجع الولد
عالبيت مهموم وقعد يفكر ويفتّش عن عريس لأمو العجوز عمره خمسين، وصار كلما لقى
واحد طلبو عريس لأمو، فيوافق ولما يسمع عن حالتها يرفض ويفكحا، وكانوا يقوللو:
أمك بدها قبر ما عريس.
بعد ما يئس رجع
عالبيت تعبان وهلكان وحكا لأمو شو صار معو وقالا: والله يا أمي إذا برمت السند
والهند ما راح لاقيلك عريس عمرو خمسين سنة يرضى يجوزك، حطي عقلك براسك وبلا
شغلة هالعريس. قامت العجوز زورتو زورا كبيري وقالتلو بقهر: ولك ما بتفهم ولا
بتعرف تدبر حالك إذا ما لقيت عريس لأمك أبو الخمسين، جبلا تنين كل واحد بخمس
وعشرين ...
ضـحيّة العـيد
الراوي: محمد
علي الصوفي
كان في بزمانو
رجال فقير الحال اسمو أبو فردوس، بليلة العيد طلع هربان من البيت من طلبات
الاولاد، هادا بدو تياب وهادا بدو كندرا وهادا بدو بنطرون، ومرتو بدا يجبلا شي
ياكلوه عالعيد، ومنين يا حسرا بدو يجبلن، إذا ما في بجيبتو بارا، قال بنفسو
مالو إلاّ يطفش من البيت فطلع، وصار يمشي بالشوارع فمر بطريقو عالمنزول لقى
الناس سهراني دخل عالسكيتي وقعد جنب العتبي، وصار يسمع على حكي وسوالف السهيرا،
وكان كل واحد عما يعد شو جاب لولادو عالعيد، وشو جاب أكل وشرب ولحمي وحلو
عالعيد، فزادت حالتو هم وحزن وحسرا، فقام طفش من المنزول وهو حزين عما يفكر
بهالدنيا وبحالتو ويدعي لربو يفرجها عليه.
وهو ماشي مو
عرفان لوين شاف حالو أدام خربي الضيعة، اللي ما حدا بيسترجي يقرب منها بالليل
لأنا كانت مسكوني، لقى حجرا جنب الخربي قعد عليا والدنيا عتمي، ما بيشوف فيا
الواحد إيدو.
صار أبو فردوس
يطلع عالسما ويلهي حالو بعد النجوم حتى ينسى همومو، وما كان حاسس ولا بذرة خوف،
وشوي سمع صوت حسفي قام يدور بالخربي وقرب لعند الصوت، وإلا معزاي هزيلي نحيفي
ما فيها إلاّ الجلد والعضم، قال بنفسو: يظهر إنها معزاي شاردي الله بعتلي اياها
من السما على هالعيد، على الأقل الاولاد بياكلو شوية لحم ويمصمصو عضاما، صارلن
أكتر من سنة ما داقو طعمة اللحم.
وقام شال
المعزاي وحطها على اكتافو واركيض عالبيت، وصار يمشي من زابوق لزابوق حتى ما حدا
يشوفو، لحتى قرب يوصل البيت انتبه أنو رجلين المعزاي عما يطولو شوي شوي، ولما
وصل عالبيت صارو رجلينا يجرو عالأرض، فعرف شو الحكاي وإن المعزاي هي بسم الله،
فرماها عالأرض ومسكها من خوانيقا وسحب الموس وألها: إن كنتي معزاي وإن كنتي
جنية، وان طولتي رجليكي والاّ ما طولتن، ما راح فك عنك الاولاد بدن يعيدو
وياكلو لحم .
ومد الموس بدو
يدبحا سمع صوت بيئلو: " أنا دخيلك الله يخليك اتركني وشو بدّك بصير
"
وقف أبو فردوس
وألها: ما بتركك إلاّ تعطيني مية ليرة دهب.
وافقت معو فطلب
منها كفيل قالتلو: شيخ الجامع بيكفلني بتروح لعندو عاصلاة الصبح بتاخد المبلغ
المطلوب من عندو.
تركها أبو فردوس
وفات عالبيت وهو بين المكذب ومصدق، وما غمضلتو عين طول الليل، وما سمع الأدان
حتى قام وركيض لعند الشيخ دق الباب فتحلو الشيخ وهو عما يضحك، وبإيدو كيس فيه
مية ليرة دهب، وقالو: بس مية ليرة يا حمار؟ لو طلبت منا كنز قارون لجابتلك اياه.
أخد المصاري
ورجع طاير من الفرح ومر عالسوق ليشتري أغراض العيد لمرتو وأولاده حتى يعيدو.
|