هو أمين فارس أنطون يوسف بن المطران باسيل البجاني، ولد في 23 تشرين
ثاني 1876 في بلدة الفريكة قضاء المتن في جبل لبنان، ولقب بالريحاني لكثرة
شجر الريحان المحيط بمنزله. والده، فارس تاجر حرير ميسور الحال، حاد
الطباع، كريم الخلق، يجسم عقلية اللبناني المتوسط المحافظ على التقاليد.
والدته، أنيسة ابنة جفال البجاني شيخ القرنة الحمراء، تصرف أوقاتها في
العبادة والزهد.
تلقى الريحاني في بلدته الفريكة مبادئ اللغة العربية والفرنسية،
أرسله والده في صيف 1888 مع عمه إلى أمريكا وكان عمره اثنتي عشرة سنة،
وفيها تعلم مبادئ اللغة الإنكليزية، وبرز ميله إلى المطالعة. ثم ترك
المدرسة ليتسلم مهمة المحاسبة في متجر عمه في منهاتن.
اندفع الريحاني إلى المطالعة ليل نهار، فاطلع على أعمال الشعراء
والكتاب أمثال شكسبير وهيجو وسبنسر وهاكسلي وكارليل وآخرين من المعاصرين
والقدامى،وفي عام 1895التحق بفرقة تمثيل محلية بعد أن ولدت فيه المطالعات
ميلاً إلى فن التمثيل، فجال معها ثلاثة أشهر، ثم تركها لأسباب مجهولة لم
تذكر.
وفي عام 1897 التحق بمعهد الحقوق في جامعة نيويورك، واستمر فيه سنة
حيث مرض فأشار عليه الطبيب بالعودة إلى لبنان، فعاد إليه عام 1898، وهناك
درس الإنكليزية في مدرسة أكليريكية، وتعلم اللغة العربية بالمقابل وبدأ في
كتابة المقالات في جريدة (الإصلاح) التي اتخذها منبراً للهجوم على الدولة
العثمانية.
عام 1899 رجع الريحاني إلى أمريكا فاشتغل بالتجارة والأدب، وبدأ في
إصدار الكتب وكان أولها (نبذة عن الثورة الفرنسية)، كما ترجم إلى
الإنكليزية مختارات من شعر الشاعر أبي العلاء المعري، ومنذ ذلك الحين كرس
حياته للكتابة، وفي هذا الإطار تعترف صحيفة (الأوبزرفر) اللندنية بأن (أمين
الريحاني هو أول من أعطى كتباً بالإنجليزية عن البلاد العربية والشرق
الأدنى).
وفي سنة 1904 عاد الريحاني إلى لبنان مروراً بمصر، فزار الخديوي
عباس حلمي، واتصل بأبرز الأدباء والزعماء السياسيين، وباحثهم في أحوال
الشرق العربي الاجتماعية والسياسية والفكرية ووسائل النهوض بها، وفي لبنان
تابع نشاطه الفكري والاجتماعي العاصف والمتعدد الأوجه، وأصبحت صومعته في
قريته (الفريكة) ملتقى عشرات الأدباء من أمثال: محمد كرد علي وبيرو باولي
والأخطل الصغير والشيخ مصطفى الغلاييني وغيرهم، كما كان ينتقل من مدينة إلى
أخرى يلقي الخطب داعياً إلى الحرية ومهاجماً الإقطاع والخنوع والجهل،
ويحاضر في الجامعة الأمريكية في بيروت وفي معاهد أخرى في لبنان وسوريا،
ويكتب وينشر في المجلات والجرائد العربية والإنكليزية.
وفي سنة 1911 قفل أمين الريحاني راجعاً إلى نيويورك ليطبع كتابه
(كتاب خالد)، ومنذ ذلك الحين أصبح يتنقل بين نيويورك وبلدته الفريكة. وأصبح
مرموقاً في كل من أمريكا وإنكلترا وكندا، وكذلك في أوروبا والشرق الأدنى
والبلاد العربية. وفي الحرب العالمية الأولى كان الريحاني أحد أعضاء
(اللجنة السورية ـ اللبنانية) التي مارست نشاطاً سياسياً ضد السيطرة
التركية. فقد اشترك الريحاني سنة 1918 في مؤتمر انعقد في واشنطن من أجل
الحد من التسلح، وزار أوروبا عدة مرات حيث التقى في إحدى زياراته الفيلسوف
(ولز) صاحب النظرية المستقبلية فجرى نقاش بينهما حول الشرق والغرب.
انطلق عام 1922 في رحلته الشهيرة، فزار الحجاز وقابل شريف مكة
الحسين بن علي، ثم زار (لحج) وقابل سلطانها عبد الكريم فضل ، و(الحواشب)
وفيها قابل سلطانها علي بن مانع، وصنعاء حيث التقى إمامها يحيى، ونجداً حيث
اجتمع إلى سلطانها عبد العزيز بن سعود، والكويت فزار فيها شيخها أحمد
الجابر آل الصباح، والبحرين وفيها اجتمع إلى شيخها أحمد بن عيسى، وأخيراً
بغداد حيث قابل الملك فيصل الأول... فكان نتاج هذه الرحلات عدداً كبيراً من
كتب الرحلات والتاريخ بالعربية والإنجليزية.
وخلال سنوات تمتد منذ 1927 ـ 1939، حاضر الريحاني في الولايات
المتحدة الأمريكية حول مخاطر الدور الصهيوني في الوطن العربي، وشن حرباً
دفاعاً عن الحرية والتحرر والحقوق الإنسانية، وقد طلب إليه الحاج أمين
الحسيني أن يشترك في الوفد الفلسطيني لمفاوضة الحكومة البريطانية فاعتذر،
ولما عاد إلى لبنان تصدى للفرنسيين المستعمرين وراح يدعو لتحقيق الاستقلال
فنفي إلى بغداد ولم يعد إلا بعد ضغط كبير من الجاليات العربية في المهاجر.
في عام 1911 جرى اختيار أمين الريحاني عضواً مراسلاً للمجمع العربي
بدمشق، وكان عضواً في جمعية الشعراء الأمريكيين وفي منتدى الصحافة
النيويوركية ونادي المؤلفين الأمريكيين والجمعية الشرقية الأمريكية، كما
اختاره معهد الدراسات العربية في المغرب الأسباني رئيس شرف له.
توفي أمين الريحاني في بيروت يوم 13 أيلول 1940، إثر سقوطه عن دراجة
اعتاد أن يركبها على طرقات الجبل حول بلدته الفريكة. ودفن في بلدته وقد
أقيم له تمثالاً نصب في باحة كلية الآداب في الجامعة اللبنانية.
ترك الريحاني العديد من المؤلفات في العربية والإنكليزية في السياسة
والأدب والشعر والتاريخ والفن. ومنح أمين الريحاني عدة أوسمة هي: ـ وسام
المعارف الأول الإيراني ـ وسام المعارف الأول للمغرب الإسباني ـ وسام
الاستحقاق اللبناني الأول المذهب.
المراجع:
ـ ( رجالات من بلاد العرب)، د. صالح زهر الدين، المركز
العربي للأبحاث والتوثيق، بيروت، الطبعة الأولى 2001، ص(81ـ93).
ـ (أعلام نهضة العرب في القرن العشرين)، جميل عويدات،
الطبعة الأولى 1994، ص(47).
ـ (مجلة تاريخ العرب والعالم)، تصدر عن دار النشر العربية،
1980، العدد 32، ص(33ـ41).
ـ (موسوعة أعلام العرب المبدعين في القرن العشرين)، المؤسسة
العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 2001، ص(471ـ476).
ـ (أمين الريحاني)، عيسى ميخائيل سابا، دار المعارف،
القاهرة، الطبعة الثالثة، ص(25،27ـ29،47).
ـ (خمسة رواد يحاورون العصر)، محمد دكروب، مؤسسة عيبال
للدراسات والنشر، الطبعة الأولى 1992، ص(12،13).
|